بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(المتن)
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
باب في غسل الجمعة: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع أخبرنا معاوية عن يحيى أخبرنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبره: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل فقال عمر: أتحتبسون عن الصلاة؟ فقال الرجل: ما هو إلا أن سمعت النداء فتوضأت.
فقال عمر رضي الله عنه: والوضوء أيضًا أو لم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل؟.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فإنا نحمد الله سبحانه وتعالى أن أعادنا إلى مجالس الذكر أسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وهذا هو أول الجزء الثاني من عون المعبود على شرح سنن أبو داود
قول المؤلف رحمه الله تعالى: (باب في غسل الجمعة) يعني: ما حكمه؟ هل هو واجب أو مستحب؟ والمؤلف رحمه الله لم يجزم بالحكم في هذه المسألة؛ لأنها مسألة مختلف فيها بين أهل العلم.
فقد اختلف العلماء في غسل الجمعة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه واجب، فكل من ذهب إلى الجمعة عليه أن يغتسل، واستدلوا بحديث: «غسل الجمعة واجب على كل محتلم»، وهو حديث ثابت وهو قول قوي، وعلى هذا فإن من لم يغتسل يوم الجمعة فإنه يأثم وصلاته صحيحة، ويكون الغسل من طلوع الفجر يوم الجمعة، وأما قبل طلوع الفجر فلا يعتبر؛ لأن اليوم إنما يدخل بطلوع الفجر.
والقول الثاني: وهو قول جمهور العلماء: أن الغسل مستحب وليس بواجب، وستأتي أدلتهم، وعلى هذا إن ترك الغسل فلا يأثم ويكون تاركًا لمستحبًا.
القول الثالث: أنه يجب على أهل المهن والعمال الذين تنبعث منهم الروائح الكريهة، وأما من عداهم فلا يجب عليه، وعلى هذا فإن من كان من أهل المهن ولم يغتسل فيأثم، وإن لم يكن من أهل المهن ولم يغتسل فلا يأثم، وسيأتي في حديث عائشة أن الناس كانوا عمال أنفسهم أي: خدام أنفسهم وكانت تنبعث منهم الروائح فقال صلى الله عليه وسلم: «لو اغتسلتم»، ولهذا لم يجزم المؤلف رحمه الله بحكم، وإنما قال: (باب في غسل الجمعة)، يعني: هل هو مستحب كما قال الجمهور، أو واجب كما قال به فريق من العلماء، أو واجب على أهل المهن؟!
وهذا الحديث فيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يخطب في الناس الجمعة، وكان الأمراء والخلفاء هم الذين يتولون الخطابة في الجمعة والعيدين، فبينما هو يخطب رضي الله عنه إذ دخل رجل من السابقين الأولين وهو عثمان رضي الله عنه، فأنكر عليه عمر رضي الله عنه وقال: أي ساعة هذه يا عثمان؟! يعني: لماذا تأخرت؟! وهذا فيه دليل على أنه ينبغي التبكير إلى الجمعة، ولاسيما للأكابر وأهل الفضل، فقال عثمان رضي الله عنه: ما هو إلا أن سمعت النداء فما زدت على أن توضأت.
فأنكر عليه إنكارًا آخر فقال: (والوضوء أيضًا!) يعني: ما اغتسلت وقد سمعت رسول الله r يقول: «غسل الجمعة واجب على كل محتلم»؟ ثم قال: ولعل عثمان رضي الله عنه انشغل في هذه المرة وتأخر, والحديث بيان بعد عثمان رضي الله عنه عن الرياء، فإنه قال: (ما هو إلا أن سمعت النداء فتوضأت).
وهذا الحديث أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم وأخرجه الترمذي والنسائي من رواية عبد الله بن عمر عن أبيه, وهذا الحديث فيه دليل على أنه ينبغي لأهل العلم والفضل أن يبكروا في المجيء إلى صلاة الجمعة؛ لأنهم قدوة للناس، وفيه أن من تأخر عنها فإنه ينكر عليه، وقد اُستدل به على أن الغسل واجب؛ لأن عمر أنكر على عثمان رضي الله عنه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل» والأصل أن الأمر للوجوب.
ويحتمل أنه ليس بواجب كما قال الجمهور، ويكون قد أنكر عليه لترك السنن والمستحبات، ولاسيما إذا كان المرء من أهل الفضل ومن أهل العلم كـعثمان رضي الله عنه، والحديث من أدلة من قال: بوجوب الغسل؛ لأن الأمر الأصل فيه أنه للوجوب والجمهور صرفوا هذا الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب لأحاديث أخرى، منها: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» ولكن هذا الحديث فيه ضعف، وهناك أدلة أخرى.
(المتن)
حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب عن مالك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم».
(الشرح)
أورد المؤلف حديث أبي سعيد هذا، وهو: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم» وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم، وأخرجه أيضًا النسائي وابن ماجة، وهو من أصح الأحاديث، وهو من أدلة من قال بوجوب الغسل، وهو قول قوي.
وقوله: (محتلم) المراد به: البالغ، يعني: من بلغ سن الاحتلام، وهو الذي تجب عليه الجمعة، أما من لم يبلغ سن الاحتلام فإنه يكون صبيًا، والصبي لا تجب عليه الصلاة، فقوله: (محتلم) يعني: من بلغ سن الاحتلام، وليس المراد من احتلم في النوم وأنزل، فهذا يجب عليه الغسل على كل حال ما فيه خلاف.
وهذا من أدلة من قال بوجوب الغسل، وأما الجمهور فإنهم صرفوا هذا الأمر، وتأولوا هذا الحديث بأن المراد بقوله: (واجب) غسله متأكد ومستحب، كما تقول العرب: إكرامك عليَ واجب، أي: متأكد, ولاشك أن القول بالوجوب قول قوي، فينبغي للمسلم ألا يخل بالغسل.
(المتن)
حدثنا يزيد بن خالد الرملي أخبرنا المفضل يعني ابن فضالة عن عياش بن عباس عن بكير عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل محتلم رواح الجمعة، وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل».
(الشرح)
هذا الحديث حسن وأخرجه النسائي، وهو من أدلة من قال بوجوب الغسل، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل محتلم رواح الجمعة، وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل» يعني: إن بلغ سن الاحتلام فعليه الرواح إلى الجمعة، أي: يلزمه أن يصلي الجمعة، فالرواح هو الذهاب إلى الجمعة، قال: «وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل» والجمهور تأولوا هذا الحديث بأن المراد به: تأكد الاستحباب.
(المتن)
قال أبو داود: إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر أجزأه من غسل الجمعة، وإن أجنب.
(الشرح)
هذا هو الصواب، أنه يكون الاغتسال بعد طلوع الفجر، فإذا اغتسل الإنسان بعد طلوع الفجر أجزأه، أما إذا اغتسل قبل طلوع الفجر فهذا لا يجزئه؛ لأن النهار لم يدخل بعد، فالنهار يكون بعد طلوع الفجر، فإذا اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه عن غسل الجمعة وإن أجنب، يعني: ولو كان عليه جنابة، فإذا كان عليه جنابة واغتسل بعد طلوع الفجر كفاه عن غسل الجمعة، إذ الغسلان يتداخلان، فيكفي غسل الجنابة عن غسل الجمعة.
أما إذا اغتسل قبل طلوع الفجر فلا يكفي، بل لابد من أن يغتسل بعد طلوع الفجر، وكلما تأخر فهو أفضل، فإذا تأخر وكان غسله عند الذهاب إلى الجمعة فهو أفضل.
(المتن)
حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني ح: وحدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قالا: أخبرنا محمد بن سلمة ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد وهذا حديث محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال أبو داود: قال يزيد وعبد العزيز في حديثهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه فلم يتخط أعناق الناس، ومس من طيب إن كان عنده, ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها».
قال: ويقول أبو هريرة: (وزيادة ثلاثة أيام) ويقول: إن الحسنة بعشر أمثالها.
(الشرح)
هذا الحديث في سنده محمد بن إسحاق، وهو ثقة لكنه مدلس إذا لم يصرح بالسماع، لكن الحديث له شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن, وهذا الحديث أخرجه مسلم مختصرًا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة، وهو من أدلة الجمهور القائلين بعدم وجوب الغسل؛ لأنه ليس فيه الأمر بالغسل، وإنما فيه فضل الغسل؛ فإنه قال: «من اغتسل يوم الجمعة»، وفيه فضل الذهاب إلى الجمعة والإتيان بهذه الأمور المذكورة في الحديث: اغتسل, لبس أحسن ثيابه, مس من طيب بيته، وكل هذا دلت عليها أحاديث أخرى صحيحة وقوله: «كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها».
ويقول أبو هريرة: (وزيادة ثلاثة أيام)؛ ويقول: (الحسنة بعشر أمثالها) فيه أنه إذا أتى بهذه الأمور فاغتسل، ثانيًا: ولبس أحسن ثيابه، ثالثًا: وتطيب، رابعًا: ولم يتخط رقاب الناس، خامسًا: وصلى ما قدر له، سادسًا: ثم أنصت للخطبة فإن هذه الأمور كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها وزيادة ثلاثة أيام، هذا القول من قول محمد بن سلمة ويحتمل أن تكون من مقولة أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
قال المنذري: إن أبا هريرة أدرج في الحديث (وزيادة ثلاثة أيام) لكن هذا ليس بجيد؛ لأن الحديث من رواية أبي هريرة وأبي سعيد، وإنما أبو هريرة انفرد دون أبي سعيد برواية: (وزيادة ثلاثة أيام) أما قول المنذري: أنها مدرجة من كلام أبي هريرة فليس بجيد.
ثم إن الآية دلت على هذا أيضًا، وهي قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[الأنعام/160].
(المتن)
قال أبو داود: وحديث محمد بن سلمة أتم، ولم يذكر حماد كلام أبي هريرة.
(الشرح)
يعني: كلام أبو هريرة الأخير وهو قوله: (وزيادة ثلاثة أيام).
(المتن)
حدثنا محمد بن سلمة المرادي, قال: أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال وبكير بن الأشج حدثاه عن أبي بكر بن المنكدر عن عمرو بن سليم الزرقي عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الغسل يوم الجمعة على كل محتلم، والسواك، ويمس من الطيب ما قدر له».
إلا أن بكيرًا لم يذكر عبد الرحمن، وقال في الطيب: (ولو من طيب المرأة).
(الشرح)
وهذا الحديث استدل به من قال: إن غسل الجمعة مستحب، قالوا: لأنه قرن بالسواك والطيب، والسواك والطيب مستحبان وليسا بواجبين, والحديث أخرجه مسلم والنسائي، وأخرجه البخاري أيضًا من رواية عمرو بن سليم الزرقي عن أبي سعيد بنحوه, وقوله: مس, أصله مسس يمسس من باب فرح يفرح, ولهذا قال الجمهور: إن هذا الحديث دليل على أنه مستحب؛ لأنه قرن الغسل بالسواك والطيب.
ومثله الحديث الذي سيأتي وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» لكنه من رواية الحسن عن سمرة، وقد اختلفوا في سماعه من سمرة كما سيأتي وقيل أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وعلى كل حال فالأولى والذي ينبغي للمسلم هو أن يغتسل للجمعة خروجًا من الخلاف، وعملًا بالأحاديث، ورغبةً في الفضل والأجر.
(المتن)
حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي حبي, قال: أخبرنا ابن المبارك عن الأوزاعي, قال: حدثني حسان بن عطية, قال: حدثني أبو الأشعث الصنعاني, قال: حدثني أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها».
(الشرح)
هذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن, والحديث سنده لا بأس به، وهذا الفضل العظيم في قوله: «له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» هذا فضل عظيم؛ لأن هذه الأعمال عظيمة، وفيها جهد ومشقة، وقل من تجتمع فيه، وقد قيل: إن المراد من اللفظتين في قوله: («بكر وابتكر») التأكيد، مثل: («مشى ولم يركب») فمعناهما واحد، وكذلك («غسل واغتسل») فهو تأكيد، وقيل: (غسل) أي: غسل رأسه, (واغتسل) أي: غسل جسده، وقيل: (غسل) أي: غسل غيره بأن جامع زوجته وتسبب في اغتسالها فاغتسلا جميعًا ليكون أملك لنفسه، وأحفظ لبصره، ومن هذا قول العرب: "فحل غسله" إذا أكثر الضراب، فقد قالوا له: غسله بصيغة المبالغة.
فإذا حقق هذه الأوصاف: غسل واغتسل، وبكر ابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع للخطبة ولم يلغ حصل له هذا الأجر العظيم، وهو قوله: «له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» فضلًا من الله تعالى وإحسانًا، والحديث سنده لا بأس.
الطالب: حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي عندي هنا حدثني حبي؟
الشيخ: وحبي: هو لقب محمد بن حاتم الجرجرائي.
(المتن)
حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عبادة بن نسي عن أوس الثقفي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل» وساق نحوه.
(الشرح)
هذا يدل على أن قوله: (من غسل) في حديث أبي الأشعث السابق المراد بها غسل رأسه؛ لأن حديث أوس هذا فسره، فالمراد: غسل رأسه؛ لأنه قال: «من غسل رأسه واغتسل».
(المتن)
حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: أخبرنا ابن وهب قال ابن أبي عقيل: أخبرني أسامة، يعني ابن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظُهرا».
(الشرح)
هذا الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه، وهو عمرو بن شعيب بن عبد الله بن عمرو بن العاص، فأبوه شعيب وجده عبد الله بن عمرو بن العاص، ورواية عمرو لا بأس بها، وهي من قسم الحسن، لكن هذا الحديث في سنده أسامة بن زيد، وأسامة هذا إن كان أسامة بن زيد الليثي فالحديث لا بأس بسنده، لأن أسامة بن زيد الليثي كما في التقريب صدوق يهم، وإن كان أسامة بن زيد بن أسلم فهو ضعيف؛ لأن زيد بن أسلم له ثلاثة أولاد كلهم ضعفاء: أسامة وعبد الله وعبد الرحمن، وأحسنهم عبد الله.
الطالب: أسامة بن زيد بن أسلم العدوي المدني عن أبيه سالم ونافع وعنه ابن المبارك وابن وهب ضعفه أحمد وابن معين, وأما أسامة بن زيد الليثي مولاه أبو زيد المدني عن إبراهيم بن حنين وبعجة الجهني وابن المسيب وطاوس وعنه أبو ضمرة وأبو أسامة وزيد بن الحباب وثقه ابن معين وقال ابن عدي: ليس به بأس.
الشيخ: قال: أخبرني, فجعل بينهما واسطة, وعلى كل حال الحديث فيه الفضل لمن أتى بهذه الأمور يوم الجمعة: اغتسل, ومس من طيب امرأته ولعل من الرجال من يكون عنده طيب, ولبس من صالح ثيابه, ثم لم يتخطى رقاب الناس, ولو يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما, ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا, يعني: فاتته الجمعة وكانت له ظهرًا.
وهذا يدل على التحذير من اللغو والتخطي لرقاب الناس، وذلك أن الواجب الإنصات والاستماع للخطبة، ولو سمع موعظة من خارج المسجد لكان عليه أن يستمع لعله يستفيد، فكيف وهو في المسجد وهو يسمع خطبة الجمعة وهي موعظة الأسبوع؟! ولهذا لما سمعت أم سلمة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول: «أيها الناس» وهو في المسجد وكان عندها ماشطة تمشط شعرها فأرادت أن تستمع لمقالته قالت الماشطة: إنه يقول: «يا أيها الناس» فقالت: كفي! فأنا من الناس.
وقوله: «كانت له ظهرًا» يعني: مثل صلاة الظهر، وهذا إذا فاتته الجمعة، وفيه التحذير من تخطي رقاب الناس وإيذائهم واللغو إذا تكلم الإمام.
الطالب: (....).
الشيخ: ظاهره التحريم وأنه لا يجوز إلا من ضرورة.
(المتن)
حدثنا عثمان بن أبي شيبة أخبرنا محمد بن بشر أخبرنا زكريا أخبرنا مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب العنزي عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنهما أنها حدثته «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت».
(الشرح)
وهذا الحديث ضعيف، في سنده مصعب بن شيبة وهو ضعيف، ولكن الغسل من الجنابة معروف أنه واجب، وكان صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الجمعة، أما الغسل من الحجامة، ومن غسل الميت فليس هناك دليل يدل عليه, ولو صح يكون الاغتسال من الحجامة لأنه لا يؤمن على الغسل, وإذا كان على بدن الميت نجاسة, وقال المنذري: أخرجه في الجنائز، وقال: هذا منسوخ.
وقال البخاري: حديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك.
وقال الإمام أحمد وعلي بن المديني: لا يصح في هذا الباب شيء.
وقال محمد بن يحيى: لا أعلم فيمن غسل ميتًا أن يغتسل حديثًا ثابتًا.
وعلى هذا فالحديث ضعيف؛ ليس هناك دليل واضح على وجوب الغسل على من غسل الميت ولا من الحجامة، أما غسل الجنابة فهذا معروف حكمه من الأدلة، وكذلك غسل يوم الجمعة.
(المتن)
حدثنا محمود بن خالد الدمشقي أخبرنا مروان أخبرنا علي بن حوشب قال: سألت مكحولًا عن هذا القول: (غسل واغتسل) فقال: غسل رأسه وغسل جسده.
(الشرح)
وهذا تفسير لقوله: (غسل واغتسل) أي: غسل رأسه وجسده، وهذا يفسر ما سبق في حديث: «غسل واغتسل» بأن (غسل) بمعنى: غسل رأسه، (واغتسل) غسل جسده، خلافًا لمن قال: إن قوله: (غسل) يعني: غسل زوجته بأن تسبب في غسلها إذا جامعها.
(المتن)
حدثنا محمد بن الوليد الدمشقي أخبرنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز في: (غسل واغتسل) قال: قال سعيد: غسل رأسه وغسل جسده.
(الشرح)
(غسل) بمعنى: غسل رأسه، (واغتسل) غسل جسده.
(المتن)
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر».
(الشرح)
هذا الحديث صحيح أخرجه الشيخان البخاري ومسلم رحمهما الله، وأخرجه الترمذي والنسائي من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بنحوه، وفي الحديث: تفاوت الناس في الأجر على حسب تقدمهم إلى الجمعة، وفيه أن ساعات الجمعة خمس ساعات، وأن الإمام يخرج في الساعة السادسة، والمراد بالساعة جزء من الزمن قد تزيد على الساعة المعروفة وقد تنقص، فهي في الصيف أطول وفي الشتاء أقل، وهي خمس ساعات من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس إلى خروج الإمام، وفي الشتاء قد تكون تلك الساعة أقل من ساعة، وفي الصيف قد تكون ساعة وربع أو ساعة ونصف؛ لأن النهار طويل في الصيف وقصير في الشتاء.
وفيه («أن من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة») يعني: بعيرًا، («ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة») يعني: تقرب بها إلى الله وتصدق بها، («ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن») أي: ذا قرنين؛ لأنه أفضل من غيره، («ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة») ثم يخرج الإمام في الساعة السادسة، («فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر») يستمعون الخطبة.
وجاء في الحديث الآخر: «أن الملائكة يقفون على الأبواب يكتبون الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ليستمعوا الخطبة والذكر».
وقد مر في رواية النسائي زيادة عصفور بعد الدجاجة، حيث قال: «فكأنما قرب عصفورًا»، وفي بعضها زاد بطة فقال: «فكأنما قرب بطة».
وهذا الساعات هي جزء من الزمن تكون بعد طلوع الشمس أو بعد الفجر، خلافًا للإمام مالك رحمه الله، فإنه قال: إن هذه الساعات لحظات تكون بعد الزوال، قال: لأن الرواح إنما يكون بعد الزوال، فقال: إنها خمس لحظات تبدأ من زوال الشمس, وهذا قول ضعيف لا وجه له، والرواح يطلق على النهار كله لاسيما أول النهار.
(المتن)
باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة.
حدثنا مسدد أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الناس مهان أنفسهم، فيروحون إلى الجمعة بهيئتهم، فقيل له: لو اغتسلتم».
(الشرح)
وهذا الحديث أخرجه البخاري وأخرجه مسلم بنحوه، وقد بوب المؤلف عليه بقوله: (باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة) فدل على أن الغسل ليس بواجب، وهذا من أدلة من قال: إن الغسل إنما هو واجب على أهل المهن والعمال الذين تخرج منهم الريح، وفي لفظ البخاري: «كان الناس مهان أنفسهم» أي: خدام أنفسهم «فيروحون إلى الجمعة بهيئتهم» وفي لفظ آخر: تخرج منهم الريح فقيل لهم: «لو اغتسلتم».
فقوله: (لو اغتسلتم) هو للتمني وليس فيه إيجاب، فدل على أنه ليس بواجب، وقد استدل به المؤلف على الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة.
(المتن)
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: أخبرنا عبد العزيز يعني: ابن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة أن ناسًا من أهل العراق جاءوا فقالوا: يا ابن عباس! أترى الغسل يوم الجمعة واجبًا؟ قال: لا، ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبركم كيف بدء الغسل: كان الناس مجهودين، يلبسون الصوف، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقًا مقارب السقف إنما هو عريش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار، وعرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضًا، فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح قال: «أيها الناس! إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا، وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دُهنه وطيبه» قال ابن عباس رضي الله عنهما: ثم جاء الله تعالى ذكره بالخير ولبسوا غير الصوف، وكفوا العمل، ووسع مسجدهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضًا من العرق.
(الشرح)
هذا حديث عكرمة عن ابن عباس، وفيه أن ابن عباس رضي الله عنه يرى أن الغسل ليس بواجب في الجمعة، وأن سبب الوجوب أولًا أن الناس كانوا مجهودين يلبسون الصوف، وكان مسجدهم ضيقًا مقارب السقف، وأن الناس كانوا يأتون في اليوم الحار فيعرق الناس فتخرج منهم الريح ويؤذي بعضهم بعضًا، فلما وجد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أمرهم بالغسل، وأما الآن فإن الناس صاروا يلبسون غير الصوف، ووسعت المساجد ويقال في هذا الزمان: ووجدت المكيفات, وكفوا العمل، صاروا لا يعملون أيضًا، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضًا من العرق فصار ليس بواجب، فهذا قول ابن عباس، ولكن الأحاديث الصحيحة واضحة في وجوب الغسل، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «غسل الجمعة واجب على كل محتلم» وقد تقدم هذا، ولكن هذا اختيار ابن عباس رضي الله عنه, ولكن إنما هذا من كلام ابن عباس وليس مرفوعًا للنبي r, ذكر التخريج؟.
الطالب: وقد أخرجه أحمد وابن خزيمة من طريق عمرو بن أبي عمرو.
الشيخ: وفي هذا الحديث قال: («أيها الناس») ولم يقل: أيها المسلمون، هل يقال أيها الناس أولى من أيها المسلمون؟ ليشمل المنافقين الموجودين في المسجد؛ لأنه قد يكون في المسجد منافقون، وقد يسمعه من هو خارج المسجد، وقد يقال: إن قوله: (أيها المسلمون) يشمل حتى المنافقين؛ لأن تجري عليهم أحكام الإسلام؛ لأنهم ملتزمون بالإسلام ظاهرًا.
الطالب: (....).
الشيخ: وعبد العزيز بن محمد صدوق.
(المتن)
حدثنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فهو أفضل».
(الشرح)
هذا الحديث أخرجه الترمذي, قوله: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيه دليل على استدلال الجمهور على أن الغسل ليس بواجب، لكن الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية الحسن عن سمرة، وقد اختلف في سماع الحسن عن سمرة، فقيل: إنه لم يسمع منه شيئًا، وقيل: إنه سمع حديث العقيقة، ولكن الأولى أنه سمع منه غير حديث العقيقة؛ لأن كلًا منهما كان في البصرة، فيبعد ألا يسمع منه غيره، وفيه أيضًا عنعنة قتادة وإن كان مدلسًا ولم يصرح بالسماع إلا أن تدليسه قليل يحمل على السماع.
وقوله في الحديث: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت) من أدلة الجمهور, وسبق هذا حديث في صحيح مسلم مر حديث أصح من هذا، فيه الاكتفاء بالوضوء يوم الجمعة، واستدل به على أن الغسل مستحب، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء، ولكنه متأكد.
(المتن)
باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل.
حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا سفيان أخبرنا الأغر عن خليفة بن حصين عن جده قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر.
(الشرح)
فهذا الحديث حديث قيس بن عاصم أخرجه الترمذي والنسائي، وفيه أمر الكافر بالغسل إذا أسلم، والأصل في الأمر الوجوب، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم كالإمام أحمد وأبو ثور، وذهب جمهور العلماء إلى أن الأمر للاستحباب، وأنه صرف عن الوجوب إلى الاستحباب، أنه أسلم في عام الفتح جم غفير ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال، ولا أمر مناديًا ينادي بذلك، فدل على أن الأمر للاستحباب.
(المتن)
حدثنا مخلد بن خالد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج قال: أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد أسلمت.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ألق عنك شعر الكفر, يقول: احلق.
قال: وأخبرني آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لآخر معه: ألق عنك شعر الكفر واختتن.
(الشرح)
وهذا الحديث فيه علتان:
إحداهما: قول ابن جريج: (أخبرت عن عثيم) ففيه جهالة الرجل الذي أخبر ابن جريج.
والعلة الثانية: أن عثيمًا اختلف فيه، فقيل عنه كما في التقريب: عثيم بن كليب، وقيل: ابن كثير، فالحديث ضعيف بهذا، فلا دلالة فيه على وجوب حلق شعر الكفر.
أما الاختتان ففيه اختلاف، قيل: سنة، وقيل: واجب، ولكن الأولى أن من أسلم لا يؤمر بالاختتان في الحال لئلا ينفره ذلك عن الإسلام على القول بوجوبه، لكن إذا استقر الإسلام في نفسه وقلبه بعد ذلك يؤمر بالاختتان.
الطالب: (....).
الشيخ: الواجب عند البلوغ, وقد ثبت أن إبراهيم عليه السلام اختتن وهو ابن ثمانين، لكن الأولى أن يختتن قبل ذلك, لكن وهو صغير أولى وأسرع في براءته.
(المتن)
باب: المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها.
حدثنا أحمد بن إبراهيم أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثني أبي قال: حدثتني أم الحسن يعني جدة أبي بكر العدوي عن معاذة قالت: سألت عائشة رضي الله عنها عن الحائض يصيب ثوبها الدم؟ قالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشيء من صفرة، قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعًا لا أغسل لي ثوبًا.
(الشرح)
هذا الحديث فيه أم الحسن، وهي غير معروفة كما في التقريب، فهي مجهولة، والحديث ضعيف، لكن له شواهد تؤيده, وفيه أن دم الحيض إذا أصاب الثوب فإنه يغسل، فإن لم يذهب أثره فلا يضر، وإذا غير بشيء من الصفرة فلا بأس.
وفيه قول عائشة: «ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعًا لا أغسل لي ثوبًا» يبعد أن عائشة تحيض ثلاث حيض في ثلاثة أشهر لا تغسل لها ثوبًا، والأحاديث تدل على أن عرق الحائض وريقها طاهر، وإنما النجاسة في الدم، وأن الدم يغسل، فإن لم يذهب الأثر فلا يضر.
(المتن)
حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا إبراهيم بن نافع قال: سمعت الحسن يعني ابن مسلم يذكر عن مجاهد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: «ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم بلته بريقها ثم قصعته بريقها».
(الشرح)
ومعنى (قصعته) أي: دلكته بريقها، فهي تبله أولًا ثم تدلكه حتى يزول الأثر ثم تغسله بالماء.
(المتن)
حدثنا يعقوب بن إبراهيم, قال: أخبرنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي قال: أخبرنا بكار بن يحيى قال: حدثتني جدتي قالت: دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فسألتها امرأة من قريش عن الصلاة في ثوب الحائض؟ فقالت أم سلمة رضي الله عنها: قد كان يصيبنا الحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلبث إحدانا أيام حيضها ثم تطهر فتنظر الثوب الذي كانت تقلب فيه فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه، وإن لم يكن أصابه شيء تركناه ولم يمنعنا ذلك أن نصلي، وأما الممتشطة فكانت إحدانا تكون ممتشطة، فإذا اغتسلت لم تنقض ذلك ولكنها تحفن على رأسها ثلاث حفنات، فإذا رأت البلل في أصول الشعر دلكته ثم أفاضت على سائر جسدها.
(الشرح)
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن بكار بن يحيى وجدته مجهولان كما في التقريب، لكن معنى الحديث صحيح، وهو أن الحائض إذا أصاب ثوبها شيء من الدم فإنها تغسله وتصلي فيه، وإن لم يكن أصابه شيء صلت فيه.
وأما الممتشطة فإنها لا يجب عليها نقض الشعر في غُسل الحيض، لكن إذا نقضته فهو أفضل, وقد جاء حديث أم سلمة عند الترمذي بلفظ: (أتنقضه بغسل الجنابة) وفي لفظ: (والحيضة؟ قال: لا) والصواب أنه لا يجب النقض وإنما يستحب، وقال بعض العلماء بوجوب النقض، لكن الصواب أنه لا يجب، ولكنه يستحب ويتأكد في الحيض والنفاس؛ لأن مدته تطول، بخلاف الجنابة فإنها تتكرر فلا تحتاج إلى نقض.
وفيه مشروعية الحفن على الرأس ثلاث حفنات, ومعنى (ممتشطة) أي: مضفور شعر رأسها، ولا يلزم من ذلك أن يكون فيه حناء أو غير ذلك, ونقض الشعر ما يلزم أن يكون بالمشط وإنما ممكن بالأصابع انقضي شعرك واغتسلي كما في الحج.
الطالب: (....).
الشيخ: الاستحباب في الحيض والنفاس لأن مدته تطول أما الجنابة تتكرر.
(المتن)
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي أخبرنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «سمعت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصنع إحدانا بثوبها إذا رأت الطهر؟ أتصلي فيه؟ قال: تنظر: فإن رأت فيه دمًا فلتقرصه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم تر، ولتصل فيه».
(الشرح)
فاطمة بنت المنذر هذه هي حفيدة أسماء؛ لأن منذرًا هذا هو ابن عبد الله بن الزبير، فهي حفيدة أسماء.
وفي هذا الحديث أن المرأة إذا رأت الطهر تصلي في ثوبها ولو كان عليها أيام الحيض، وإن رأت فيه دمًا تغسله؛ لقوله: (فلتقرصه بشيء من ماء) يعني: تدلكه بأصابعها بشيء من الماء، وقوله: (ولتنضح ما لم تر) يعني: ما شكت فيه تنضحه وترشه بماء، وإن رأت فيه فإنها تدلكه بأصابعها وتغسله، ولا يضر بقاء أثره.
(المتن)
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت: «سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ قال: إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء ثم لتصل».
(الشرح)
قوله: (فلتقرصه) هو من باب ضرب يضرب، ويصح (تقرُصه) من باب: نصر ينصر، فيصح (تقرُصه) و (تقرِصه)، والقرص معناه: الدلك بالأصابع، يعني: تدلكه بالأصابع حتى تزيل أثر الدم في الثوب، وقوله: (ثم تنضحه بالماء) يعني: تغسله بالماء.
وهذا الحديث أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة, وفيه أن المرأة إذا أصابها الدم من الحيض فإنها تغسل الدم، فتدلكه أولًا بأصابعها، أو تحكه بعود كما سيأتي، أو بضلع، ثم تغسله وتصلي فيه، ولا يُحتاج إلى غسل الثوب كله، ولا تغييره، بل تصلي فيه.
(المتن)
حدثنا مسدد حدثنا حماد، وحدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس، ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل, قال: أخبرنا حماد يعني ابن سلمة عن هشام بهذا المعنى، قال: «حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم انضحيه».
(الشرح)
قوله: (حتيه) يعني: حكيه، تحكه بأصابعها، أو بعود حتى يزول الجِرم، ثم تقرصه وتغسله بالماء، ثم تنضحه وترشه بالماء زيادة في التنظيف، فأولًا: تحكه، ثم تغسله بالماء، ثم ترشه زيادة في التنظيف.
وفيه دليل على أن النجاسة إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات، وهذا قول الجماهير, وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع: ماء الورد، أو ماء الشجر، أو ماء الزعفران، والصواب أن النجاسة إنما تزال بالماء خاصة دون غيره من المائعات، ولهذا أفتى النبي صلى الله عليه وسلم من أصاب ثوبها دم الحيض بأن تغسله بالماء، فقال: «فلتقرصه بشيء من ماء».
(المتن)
حدثنا مسدد حدثنا يحيى يعني ابن سعيد القطان عن سفيان قال: حدثني ثابت الحداد قال: حدثني عدي بن دينار قال: «سمعت أم قيس بنت محصن تقول: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب، قال: حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر».
(الشرح)
قوله: (حكيه بضلْع)ويقال: بضلَع أي: بعود، والمراد ضلع حيوان, وإنما تحكه بضلع حتى تزيل جرم الدم، ثم تغسله بماء وسدر، والغسل بالسدر زيادة في التنظيف، وإلا فإن الماء يكفي.
والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة، وفيه أنها تحكه بضلع، وفي الأحاديث السابقة «تدلكه بأصابعها» وهذا معناه أنها تزيل جرم الدم فتحكه بأصابعها، أو بعود، ثم تغسله بالماء، وأما ما جاء في هذه الرواية وهو: (بماء وسدر) فمن باب زيادة التنظيف، مثل الصابون، فإذا غسلت الدم بالصابون فهو من باب زيادة التنظيف، وإلا فالماء كافٍ.
(المتن)
حدثنا النفيلي حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض، وفيه تصيبها الجنابة، ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها».
(الشرح)
الدرع: هو الثوب، تحيض المرأة فيه، وفيه تصيبها الجنابة، ثم إذا رأت فيه قطرة من دم فإنها تقصعه بريقها أي: تدلكه وتزيله، ثم تغسله بالماء، ولا حاجة إلى تغيير الثوب أو غسله كله.
الطالب: وتعيد الصلاة؟.
الشيخ: وإذا لم تعلم الدم وصلت فيه فالصلاة صحيحة، فإذا صلى الإنسان في ثوب به نجاسة نسيها أو لم يعلم بها إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة ولا تعاد، بخلاف ما إذا صلاها بغير وضوء ثم علم بعد الصلاة، فإنه يتوضأ ويعيد الصلاة؛ لأن هذا من باب الترك للشرط، والوضوء من باب الإيجاد شرط في صحة الصلاة.
(المتن)
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إنه ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال: إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه, فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره.
(الشرح)
هذا الحديث فيه ضعف؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف كما هو معروف لكن له شاهد مرسل ذكره البيهقي فيكون حسنًا، وهو يدل على ما دلت عليه الأحاديث السابقة؛ بأن المرأة إذا كان عليها ثوب تحيض فيه تصلي فيه، فإنها إن رأت فيه دمًا فإنها تغسله، فإن لم يزل أثره فلا يضر, يعني: تعسر إزالته فلا يضر بقاء شيء من لون.
(المتن)
باب الصلاة في الثوب الذي يصيب أهله فيه.
حدثنا عيسى بن حماد المصري أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه؟ فقالت: نعم، إذا لم ير فيه أذى.
(الشرح)
الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة، واستدل به بعضهم على نجاسة المني، والصواب أنه طاهر، كما جاء في الأحاديث الصحيحة أن المني يُغسل رطبًا ويحك اليابس من باب النظافة، وهو طاهر لأنه أصل الإنسان، خلافًا لمن قال بنجاسته، فلو كان نجسًا لما بقي في ثوب النبي صلى الله عليه وسلم يابسًا ثم تحكه عائشة بظفرها ويصلي فيه.
الطالب: معاوية بن حَديج أو حُديج؟.
الشيخ: ومعاوية هو ابن حديج بضم الحاء المهملة.
الطالب: وأما رافع بن خديج فهو صحابي جليل، ومعاوية بن حديج هو الكندي التجيبي المصري الأمير، قال البخاري: له صحبة شهد فتح مصر، وذهبت عينه يوم دنقلة في بلاد النوبة.
الشيخ: بمهملتين الحاء والدال يعني: حُديج.
الطالب: قال البخاري: له صحبة شهد فتح مصر، وذهبت عينه يوم دنقلة في بلاد النوبة وولي غزو المغرب عن أبي ذر وعنه ابنه عبد الرحمن وعلي بن رباح قال ابن يونس مات سنة اثنين وخمسين.
الشيخ: فعلى قول البخاري يكون صحابيًا صغيرًا، روى عن أبي أذر، وعنه ابنه عبد الرحمن وعلي بن رباح, قال ابن يونس: مات سنة اثنتين وخمسين.
الطالب: (....) وكنيته أبو عبد الرحمن، وقد ذكره يعقوب بن سفيان في التابعين، وهناك معاوية بن حديج آخر متأخر، وهو كوفي جعفي، وهو والد أبي خيثمة وأخويه.
الطالب: (....).
الشيخ: الحديث دالٌ على جواز الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه الرجل أهله، وأنه لا حرج في ذلك، وهذا دليل على طهارة المني، فلو أصابه شيء من المني فهو طاهر، وإذا رأى فيه شيئًا غسله من باب النظافة, وكذلك يدل على أن الجماع يكون بالثياب، وأما العري فمنهي عنه.
(المتن)
باب الصلاة في شُعُر النساء.
حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو في لحفنا) قال عبيد الله: شك أبي.
(الشرح)
والشعر: جمع شعار، وهو الثوب الذي يلي الجسد، ويطلق على ما يلتحف به، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «الأنصار شعار والناس دثار»، فالشعار هو الثوب الذي يلبس، والدثار هو الثوب الذي فوقه، فجعل للأنصار خاصية أخص الناس بالنبي.
قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا) هذا من باب الاحتياط، خشية أن يكون أصابه شيء من النجاسة، لكن الأصل السلامة كما سبق في حديث أم حبيبة، وكما في الأحاديث السابقة التي فيها أن المرأة تصلي في الثوب التي تحيض فيه.
(المتن)
حدثنا الحسن بن علي أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد عن هشام عن ابن سيرين عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في ملاحفنا.
(الشرح)
هذا من باب الاحتياط، والملاحف: جمع ملحفة, ويطلق على اللباس الذي فوق اللباس، ويطلق أيضًا على ما يلي الجسد, والمراد: ما يلتحف به, وما ذكر هنا هو من باب الاحتياط خشية أن يكون أصابه شيء من النجاسة, وإذا غلب على الظن سلامته صلى فيه كما سيأتي في الأحاديث التي بعد هذا عملًا بالأصل وهو الطهارة.
(المتن)
قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال: سألت محمدًا عنه فلم يحدثني، وقال: سمعته منذ زمان، ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري أسمعته من ثَبت أو لا؟ فسلوا عنه.
(الشرح)
حمادًا يقول: سمعت ابن أبي صدقة قال: سألت محمدًا يعني ابن سيرين عن هذا الحديث فلم يحدثني، أي أنه اعتذر وقال: سمعته منذ زمان، ولا أدري ممن سمعته، (ولا أدري أسمعته من ثبت) يعني: من عدل ضابط أو لا، (فسلوا عنه) يعني: سلوا عن هذا الحديث غيري من العلماء.
(المتن)
باب في الرخصة في ذلك.
(الشرح)
يعني: باب الرخصة في الصلاة في شعر النساء وملاحفهن، فالباب الأول: في أنه لا يُصلى في شعرهن من باب الاحتياط، وهذا الباب الثاني في بيان الرخصة في الصلاة في شعر النساء ولحوفهن.
(المتن)
حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق الشيباني سمعه من عبد الله بن شداد يحدثه عن ميمونة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط وعلى بعض أزواجه منه وهي حائض وهو يصلي وهو عليه.
(الشرح)
هذا محمول على أن الأصل الطهارة ما لم يُعلم النجاسة، وأحاديث الباب السابقة محمولة على الاحتياط خشية أن يكون فيها شيء.
(المتن)
حدثنا عثمان بن أبي شيبة , قال: أخبرنا وكيع بن الجراح أخبرنا طلحة بن يحيى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعلي مرط لي وعليه بعضه.
(الشرح)
وهذا الحديث أخرجه ابن ماجة ومسلم بمعناه، وفيه أن بدن الحائض وثوبها طاهر ما عدا الدم وموضعه من الدم، وفيه أنه لا بأس بأن يصلي الإنسان وإلى جنبه حائض، أو يكون عليه ثوب بعضه عليه وبعضه على زوجته وهي حائض، والصلاة صحيحة.
(المتن)
باب المني يصيب الثوب.
حدثنا حفص بن عمر عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن همام بن الحارث أنه كان عند عائشة رضي الله عنها فاحتلم فأبصرته جارية لـعائشة رضي الله عنها وهو يغسل أثر الجنابة من ثوبه أو يغسل ثوبه، فأخبرت عائشة فقالت: «لقد رأيتني وأنا أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم» ورواه الأعمش كما رواه الحكم.
(الشرح)
وهذا الحديث أخرجه مسلم، وفيه دليل على طهارة المني وأنه ليس بنجس، والمني أصل الإنسان بدليل أن عائشة كانت تفركه، ولو كان نجسًا لما فركته وهو يابس، ولو كان نجسًا لوجب غسله، ولكن يستحب غسل الرطب، وفرك اليابس من باب النظافة، وإلا فهو طاهر، خلافًا لمن قال بأنه نجس من أهل العلم.
(المتن)
حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد عن حماد عن إبراهيم عن الأسود أن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه».
(الشرح)
هذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة، وهو يدل على ما سبق وهو طهارة المني.
(المتن)
قال أبو داود: وافقه مغيرة وأبو معشر وواصل.
(الشرح)
يعني: وافق حماد.
(المتن)
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي أخبرنا زهير, ح, وحدثنا محمد بن عبيد بن حساب البصري أخبرنا سليم يعني ابن أخضر المعنى والإخبار في حديث سليم قالا: أخبرنا عمرو بن ميمون بن مهران قال: سمعت سليمان بن يسار يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: «إنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ثم أرى فيه بقعة أو بقعًا».
(الشرح)
هذا الحديث أخرجه الشيخان وأصحاب السنن، وفيه: دليل على طهارة المني، وأن عائشة كانت تغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب النظافة ثم ترى أثر البقع فيه، بقع الغسل, يعني: في موضع الغسل، فلم تكن تغسل الثوب كله، بل تغسل المكان الذي فيه البقع فقط, وسبق في الحديث السابق أنها كانت تفرك اليابس، وتغسل الرطب من باب النظافة, وقوله: (والإخبار في حديث سليم) يعني: قال سليم: أخبرنا، وقال زهير: حدثنا.
الطالب: (....).
الشيخ: الصواب أن صلاته صحيحة إذا نسي أو جهل, لكن لو علم وهو في الصلاة لابد يتخلص من النجاسة, وإن استطاع أن يلقي الثوب كما لو كانت غترة أو منديل يلقيه, فإن كان في الثوب الذي يلبسه ولا يستطيع نزعه قطع الصلاة ثم غسله.
الطالب: (....).
الشيخ: تدلكه بيدها حَتَّى يزول الدم المتجسد ثم تغسله بالماء.
الطالب: (....).
الشيخ: الريق هذا من باب التخفيف, تدلكه بأصابعها وريقها ثم تغسله بالماء بعد ذلك.
الطالب: (....).
الشيخ: هذا من باب الاستحباب والنظافة.