شعار الموقع

كتاب الإيمان (5) تتمة باب الدليل على أن مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً..

00:00
00:00
تحميل
185

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد , قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى:
( متن )
 

حَدَّثَنَا دَاوُودُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ .وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ .

( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و صلي اللهم و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم , أما بعد :
فإن هذا الحديث فيه بشارة للمؤمن بأن المؤمن لو مات على التوحيد دخل الجنة و قوله من شهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله هذا مقيد بالأحاديث السابقة يعني من شهد بصدق و إخلاص و يقين مناف للشك و الريب و المراد من الشهادة التوحيد و إخلاص العبادة لله كما جاء في الحديث الآخر  تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و فيه الشهادة في حديث عبادة البراءة من مذهب النصارى من شهد أن لا إله إلا الله وحده وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ  الأمة هي أمة الله و في اللفظ الآخر و أن عيسى عبد الله و رسوله و هنا و أن عيسى عبد الله و ابن أمته و أن الجنة حق و النار حق  فيه الإيمان بالجنة و النار و البعث وهذه أصول الإيمان أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ و في رواية أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ المعنى أنه من مات على التوحيد فهو من أهل الجنة لكن من مات على توحيد خالص من البدع و المعاصي دخل الجنة من أول وهلة و إن أصر على بعض المعاصي فهو تحت المشيئة كما قال الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
 
( متن )
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَهْلًا، لِمَ تَبْكِي؟ فَوَاللهِ لَئِنْ اسْتُشْهِدْتُ لَأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لَأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ اسْتَطَعْتُ لَأَنْفَعَنَّكَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا حَدَّثْتُكُمُوهُ، إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ، وَقَدِ اُحِيطَ بِنَفْسِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ .
 
( شرح )
و أخر هذا الحديث خوفا من أن يفتتن الناس كما أخر معاذ ثم أخبر به خروجا من الإثم مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ يعني من شهد بإخلاص و صدق مستيقنا بها قلبه و المراد بالشهادة التوحيد و الإخلاص ليس المراد مجرد النطق لأن الأحاديث تقيد بعضها بعضا كما جاء في الحديث تعبد الله و لا تشرك به شيئا و في الحديث الآخر  من وحد الله و هنا من شهد أن لا إله إلا الله عن إخلاص و صدق و يقين و في الحديث الآخر  غير شاك  و في الحديث الآخر مستيقنا بها قلبه و النصوص تضم بعضها البعض فمن شهد عن إخلاص وصدق و انقياد و أدى حقوق التوحيد و لم يفعل ناقضا من نواقض الإسلام فإن الله يحرمه على النار تحريم دخول إن مات على توحيد خالص من المعاصي و الكبائر أو تحريم خلود إن استحق دخول النار و دخل النار فهو محرم على النار إما تحريم دخول أو تحريم خلود , تحريم دخول إذا مات على توحيد خالص لم يصر فيه على الكبائر أو تحريم خلود إن مات على بعض الكبائر التي أصر عليها مع التوحيد فهو تحت المشيئة فقد يصر على الكبائر مع توحيد و إسلامه و إيمانه و قد يعذب .
 
( مداخلة )
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَتَمَ مَا خَشِيَ الضَّرَرَ فِيهِ وَالْفِتْنَةَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُهُ عَقْلُ كُلِّ وَاحِدٍ وَذَلِكَ فِيمَا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ وَلَا فِيهِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ قَالَ وَمِثْلُ هَذَا عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَثِيرٌ .
 
( شرح )
معاذ لما قال يا معاذ ما حق الله على العباد و ما حق العباد على الله قال أفلا أبشر الناس قال لا تبشرهم فيتكئوا .
 
( متن )
 

حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ .

 
( شرح )
كنت ردف و في لفظ رديف و فيه جواز الركوب على الدابة إن كانت تطيق ذلك و في اللفظ الآخر ( كنت رديف النبي ﷺ على حمار يقال له عقير ) هنا ما بينه و بين الرسول إلا مؤخرة الرحل مؤخرة الرحل معلوم أنه تكون للإبل لكن معروف في الفصحى أنها على الحمار , مؤخرة الرحل إن كان على بعير أما هذه القصة على حمار و المعروف أنه على حمار يقال له عقير و فيه دليل على أنه لا بأس يركب على الدابة اثنين أو ثلاثة إذا كانت تطيق ذلك .
 
( مداخلة )
قَوْلُهُ ( كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ فَاءٍ مَفْتُوحَةٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي الرِّوَايَةِ وَفِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي كُتُبِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّهُ بَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَتْرُوكٌ قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ الْحِمَارُ الَّذِي كَانَ لَهُ ﷺ قِيلَ إِنَّهُ مَاتَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي مَرَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَرَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَإِنَّ مُؤْخِرَةَ الرَّحْلِ تَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ وَلَا تَكُونُ عَلَى حِمَارٍ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا قَضِيَّةً وَاحِدَةً وَأَرَادَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ قَدْرَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
 
( شرح )
لعله هذا و المقصود أنها قصة واحدة إنما العود هذا إنما يكون على الإبل و القصة على حمار يعني ليس بينه شيء يعني أنه ضبط الحديث .
 
( متن )

قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ .

 
( شرح )
يعني مقدار مؤخرة الرحل و إلا فليس هناك مؤخرة لأن المؤخرة تكون على الإبل .
 
( متن )

فَقَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ، وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قلت لبيك رسول الله وسعديك .

 
( شرح )
هذا تأكيد للمبالغة و ليهتم بما يقال له كرره حتى يهتم معاذ و ينتبه و هذا يدل على أنه أمر عظيم قال يا معاذ بن جبل قال لبيك رسول الله و سعديك ثم سار ساعة يعني برهة من الزمن فقال يا معاذ بن جبل قلت لبيك رسول الله و سعديك ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ بن جبل حتى يهتم و يتشوق إلى هذا الأمر العظيم .
 
( متن )

قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟

 
( شرح )
في هذا تشويق آخر و هو أنه أخرجه بصيغة السؤال أتدري ما حق الله على العباد ! و فيه أن العالم له أن يخرج المسألة العلمية على صيغة السؤال حتى ينبه الطلاب و المتعلمين لينتبهوا فهو تشويق آخر , كرر النداء يا معاذ بن جبل ثلاث مرات ثم قال أتدري ما حق الله على العباد ليهتم فقال الله و رسوله أعلم ثم بين له لكن لو أخبره من أول الأمر ما كان وقعه في السمع كما يكون إذا كرر و إذا أخرجه بصورة السؤال .
 
( متن )

 قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

 
( شرح )
و هذا فيه دليل على أن الإنسان إذا سئل في شيء لا يعلمه يقول الله و رسوله علم لأن الرسول عليه الصلاة و السلام ينزل عليه الوحي من الله أما بعد وفاته فيقال الله أعلم لأن الرسول لا يعلم الغيب إذا سئلت عن شيء لا تعلمه تقول الله أعلم أو تقول لا أدري أما في حياة النبي ﷺ فتقول الله و رسوله أعلم لأن الرسول ﷺ ينزل عليه الوحي من الله عز و جل .
 
( متن )

قال قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قالَ: فَإِنَّ حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ..

 
( شرح )
و هذا فيه بيان على حق الله على عباده و أنه التوحيد و الإخلاص و هو أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا و هذا هو الأمر الذي خلق العباد لأجله خلقوا لهذا الأمر العظيم أن يعبدوا الله و لا يشركوا به شيئا قال تعالى و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون و هذا الأمر الذي بعثت به الرسل و أنزلت به الكتب  و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون  و هذا يفسر الحديث السابق من شهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله حرمه الله على النار فسره هنا العبادة المراد العبادة حق الله على العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا  و هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ليس المراد قولها باللسان بل المراد قولها باللسان و اعتقاد معناها بالقلب و قولها عن إخلاص مناف للشرك و صدق مناف للنفاق و يقين مناف للشك و الريب لابد من هذا و في الحديث السابق من شهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله حرمه الله من الناريفسر هذا الحديث أن يعبدوا الله و لا يشركوا به شيئا المراد عبادة الله و نفي الشرك .
 
( متن )

 ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ، وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَلَا يُعَذِّبَهُمْ .

 
( شرح )
هذا حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك إذا فعلوا التوحيد ألا يعذبهم لكن هناك فرق بين الحقين الحق الأول حق إلزام و إيجاب ليس للإنسان الخيرة الحق الثاني حق تفضل و إكرام أوجبه الله على نفسه و لم يوجبه عليه أحد لأنه ليس فوقه أحد سبحانه و تعالى يوجب عليه فهو أوجبه على نفسه تكرما أوجبه على نفسه ألا يعذب من لا يشركه به شيئا أما حق العباد حق إلزام و إيجاب ليس لهم الخيرة فيه لأنهم خلقوا لذلك كما قال الشاعر :

ما للعباد عليه حق واجب كلا و لا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله و إن نعموا فبفضله و هو الكريم الواسع

                          
 ( متن )

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى حِمَارٍ، يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ، قَالَ: فَقَالَ: يَا مُعَاذُ، تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ، قَالَ: لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا .

 
( شرح )

(على حذف حرف الاستفهام يعني أتدري ما حق الله على العباد)
ثم أخبر بها معاذ عند موته خروجا من الإثم إثم الكتمان لأنه فهم من النبي ﷺ أنه ليس المراد المنع و أن المراد وقت دون وقت فلهذا كتمها وقتا ثم أخبر بها عند موته خروجا من الإثم , و لهذا قال بعض أهل العلم أنه لم يكتمها عن الأخيار الذي يزدادون عملا صالحا لكن يكتمها على من يخشى منه أن يغتر و أن يتكل فلهذا أخرها وقت دون وقت ثم عند موته تأثما يعني خروجا من إثم الكتمان و لم يفهم من النبي ﷺ أنه أراد المنع و أنه يكتمها لأن هذا معلوم من النصوص الأخرى بأن الكتمان لا يجوز و أنه يجب تبليغ العلم و لا يجوز للإنسان أن يكتم و لا سيما عند الحاجة و عند السؤال لابد أن يبين الإنسان ما عنده من العلم عند الحاجة و عند السؤال أما إذا لم يكن هناك حاجة فهذا يكون الأمر على السعة أو كان الإنسان عنده تردد هذا ليس له أن يكلم بشيء ليس عنده فيه ضبط .
 
( متن )

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، وَالْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، أَنَّهُمَا سَمِعَا الْأَسْوَدَ بْنَ هِلَالٍ، يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ يُعْبَدَ اللهُ وَلَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، قَالَ: أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَلَا يُعَذِّبَهُمْ .حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذًا، يَقُولُ: دَعَانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَجَبْتُهُ، فَقَال هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى النَّاسِ؟ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ .
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، وَفَزِعْنَا، فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللهِ ﷺ حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا؟ فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ .
 

( شرح )
يعني ساقي ماء يسقي في البستان جدول .
 
( متن )

فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ  وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ  فَاحْتَفَزْتُ كما يحتفز الثعلب، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ .

 
(  شرح )
يعني حفر و دخل في الفتحة و إن كانت صغيرة لكن احتفز يعني حاول أن يدخل و كانت الفتحة غير واسعة فحفر و دخل البستان لأن البستان محكم ليس له أبواب و ليس له منافذ و لا يوجد إلا منفذ الماء هذا فدخل منه .
 
 ( متن )

فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ، قَالَ: اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ .

 
( شرح )
و هذه بشارة عظيمة فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فأعطاه النعلين علامة و فيه أنه لا بد من هذا القيد مستيقنا بها قلبه أما فمن قالها على شك و ريب فلا تنفعه فلابد من اليقين من دون شك و ريب من شهد أن لا إله إلا الله يعني وحد الله المراد التوحيد و الإخلاص عرف بمعناها و عمل بمقتضاها و عبد الله و لم يقع في عمله شرك بشره بالجنة و هذه بشارة عظيمة لأهل التوحيد أن من مات على التوحيد فهو من أهل الجنة لكن هذا مقيد يعني إذا لم يقع في عمله شرك لم يفعل ناقض من نواقض الإسلام و لم يمت على كبيرة فإن مات على ناقض من نواقض الإسلام نقضت هذه الكلمة عليه و من مات على كبيرة فهو موعد له الوعيد الشديد و هو تحت مشيئة الله كما قال النبي ﷺ في الحديث الآخر حديث أبي هريرة الصلاة في وقتها و الجمة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهم إذا اجتنبت الكبائر و قال سبحانه إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كريما هذه بشارة عظيمة و أعطاه النبي ﷺ نعليه علامة و نعلي الرسول ﷺ كل يعرفها و أنه أرسل بهذه البشارة فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ و النعلين علامة على صدقه و أنه ما أتى بشيء من عنده و هذه نعلي الرسول ﷺ الدليل على صدقه أن هذه نعلي الرسول أعطاني النعلين و أمرني بأن أبشر الناس .
 
( مداخلة )
أَمَّا الرَّبِيعُ فَبِفَتْحِ الراء على لفظ الربيع الفصل المعروف والجدول بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ النَّهَرُ الصَّغِيرُ وَجَمْعُ الرَّبِيعِ أَرْبِعَاءُ كَنَبِيٍّ وَأَنْبِيَاءٍ وَقَوْلُهُ بِئْرٍ خَارِجَةٍ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ بِالتَّنْوِينِ فِي بِئْرٍ وَفِي خَارِجَةٍ عَلَى أَنَّ خَارِجَةٍ صِفَةٌ لِبِئْرٍ وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ بِخَطِّ الْحَافِظِ أَبِي عَامِرٍ الْعَبْدَرِيِّ .
 
( متن )
 

فإذا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ  وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ .

( شرح )
يعني يأتي الربيع سابي ماء يأتي من بئر خارجة .
 
( مداخلة )
وَقَوْلُهُ بِئْرٍ خَارِجَةٍ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ بِالتَّنْوِينِ فِي بِئْرٍ وَفِي خَارِجَةٍ عَلَى أَنَّ خَارِجَةٍ صِفَةٌ لِبِئْرٍ وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ عَنِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ بِخَطِّ الْحَافِظِ أَبِي عَامِرٍ الْعَبْدَرِيِّ وَالْأَصْلُ الْمَأْخُوذُ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَذَا وَالثَّانِي مِنْ بِئْرٍ خَارِجة .
 
( شرح )
نعم , و هو جمع نفسه حتى يدخل من هذه الفتحة الصغيرة و احتفزت يعني حفر .
 
( مداخلة )
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَوَاهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا بِالرَّاءِ عَنِ الْعَبْدَرِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ وَسَمِعْنَا عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ الشَّاشِيِّ عَنْ عَبْدِ الْغَافِرِ الْفَارِسِيِّ عَنِ الْجُلُودِيِّ بِالزَّايِ وَهُوَ الصواب .
 
( شرح )
الأقرب فاحتفزت بمعنى أنه حفر ثم احتفز أي جمع نفسه و تضامر حتى يدخل من هذه الفتحة .
 
( مداخلة )
ومعناه تضاممت لِيَسَعَنِي الْمَدْخَلُ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو إِنَّهُ بِالزَّايِ فِي الْأَصْلِ الَّذِي بِخَطِّ أَبِي عَامِرٍ الْعَبْدَرِيِّ وَفِي الْأَصْلِ الْمَأْخُوذِ عَنِ الْجُلُودِيِّ وَإِنَّهَا رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ وَإِنَّ رِوَايَةَ الزَّايِ أَقْرَبُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهُ بِفِعْلِ الثَّعْلَبِ .
 
( متن )

فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ، قَالَ: اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللهِ ﷺ، بَعَثَنِي بِهِمَا مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَخَرَرْتُ لِاسْتِي، فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً، وَرَكِبَنِي عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي، فَقَالَ لي رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ، فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي، قَالَ: ارْجِعْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يَا عُمَرُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ، وَأُمِّي، أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ، مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: فَخَلِّهِمْ .

 
( شرح )
عمر قوي في الحق و نظر إلى المصلحة العامة لما رأى أبو هريرة يبشر الناس بأن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة مستيقنا بها قلبه خشي أن يتكل الناس فأراد أن يرد أبي هريرة عن هذا فلهذا ضربه في صدره ضربة سقط بالخلف على استه و هو مقعده و هو الدبر يقال له است فخررت على استي أي خر على قفاه من قوة الضربة التي ضربها عمر و أراد بذلك أن يرده عن هذا حتى لا يتكل الناس للمصلحة العامة فرجع أبو هريرة للنبي ﷺ و أجهش بالبكاء يعني من باب الشره على عمر لما أقبل عليه بكى فقال مالك يا أبا هريرة فقال إن عمر فعل كذا و كذا ضربني ضربة خررت بها استي و لحقه عمر قوله ركبني عمر يعني لحقه من خلفه ضربه و لحقه فلما جاء للنبي ﷺ قال يا رسول الله أأنت بعثت أبا هريرة يبشر الناس أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ  فقال نعم فقال يا رسول الله بأبي أنت و أمي لا تفعل إذا يتكل الناس خلهم يعملون فقال النبي خلهم , و هذا فيه دليل على أن عمر اجتهد في هذه المسألة و أقره النبي ﷺ على هذا الاجتهاد و إن كان هذا العمل في دفع أبي هريرة حصل فيه بعض المشقة لأن هذا فيه مصلحة عامة للأمة أراد المصلحة العامة قدم المصلحة العامة و إن كان حصل هذا الضرر على أبي هريرة لكن ضرره يسير يغتفر هذا في جنب المصلحة العامة مثل الإبل الآن يسمها الإنسان بالنار و النار تؤذي لكن هذا من باب المصلحة العامة هذه الأذية تنسيم الإبل حينما ينسمها الإنسان بحديدة من النار يحميها تؤذي الإبل لكن أذية خفيفة في جنب المصلحة العامة و كذلك مثل خرق أذن الصبايا البنات الصغر تخرق الأذن هذا يؤذيهم لكن من باب المصلحة لأجل التحلي حتى يجعل في أذنيها القرط من الذهب و ما أشبه ذلك فهو من هذا الباب , فعمر ضرب أبو هريرة حتى سقط إن كان هذا فيه مشقة يسيرة إلا أنها مغتفرة في جنب المصلحة العامة للأمة حتى لا يتكل الناس .
 
( مداخلة )
وَأَمَّا دَفْعُ عُمَرَ لَهُ فَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ سُقُوطَهُ وَإِيذَاءَهُ بَلْ قَصَدَ رَدَّهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ وَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ .
 
( شرح )
ثم أيضا لحقه ما تركه ضربه فلما خرج لحقه كي يبين الحال للنبي ﷺ .
 
( مداخلة )
وَلَيْسَ فِعْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمُرَاجَعَتُهُ النَّبِيَّ ﷺ اعْتِرَاضًا عَلَيْهِ وَرَدًّا لِأَمْرِهِ إِذْ لَيْسَ فيما بعث به أبا هريرة غير تطيب قُلُوبِ الْأُمَّةِ وَبُشْرَاهُمْ فَرَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ كَتْمَ هَذَا أَصْلَحُ لَهُمْ وَأَحْرَى أَنْ لَا يَتَّكِلُوا وَأَنَّهُ أَعْوَدُ عَلَيْهِمْ بِالْخَيْرِ مِنْ مُعَجَّلِ هَذِهِ الْبُشْرَى فَلَمَّا عَرَضَهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ صَوَّبَهُ فِيهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْكَبِيرَ مُطْلَقًا إِذَا رَأَى شَيْئًا وَرَأَى بَعْضُ أَتْبَاعِهِ خِلَافَهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلتَّابِعِ أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَى الْمَتْبُوعِ لِيَنْظُرَ فِيهِ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَا قَالَهُ التَّابِعُ هُوَ الصَّوَابُ رَجَعَ إِلَيْهِ .
 
( شرح )
قوله لم يقصد الأذى صحيح فهو لم يقصد الأذى , هو قصد شيئا من ذلك لكن مغتفر هذا في جلب المصلحة العامة للأمة حصل مشقة لأبي هريرة لذلك أجهش بالبكاء لما أقبل إلى النبي ﷺ من باب الشره على عمر يدفعه هذه الدفعة القوية حتى سقط من خلفه و هو ما فعل شيئا بشر بشارة النبي ﷺ و أعطاه النبي نعليه لكن عمر عنده بعد نظر في هذا و رأى أن المصلحة العامة تقتضي أن  يستمر في البشارة لئلا يتكل الناس فلهذا قال يا رسول الله أفديك بأبي و أمي و فيه التفدية فعمر فدا الرسول ﷺ و الرسول عليه الصلاة و السلام محبته مقدمة على محبة الأبوين و حبة النفس , قال بأبي أنت و أمي لا تبشرهم فيتكلوا خلهم يعملون فقال النبي خلهم , رجع إلى قوله ففيه أنه لا بأس أن يعرض الإنسان على الرئيس و على الكبير بعض المشورة , و هو دفع حتى سقط على استه و الأست مقعده اسم من أسماء الدبر يقال له الاست و منه قصة عمر بن سلمة كان يصلي بأصحابه و كا صغيرا له سبعة سنين و ليس عليه جبة إلا قصيرة قد تبدوا بعض العورة فجاءت امرأة فقالت غطوا عنا است قارئكم يعني مقعده .
 
( مداخلة )
وَأَمَّا قَوْلُهُ لِاسْتِي فَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الدُّبُرِ وَالْمُسْتَحَبُّ فِي مِثْلِ هَذَا الْكِنَايَةُ عَنْ قَبِيحِ الْأَسْمَاءِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ وَالْأَلْفَاظِ الَّتِي تُحَصِّلُ الْغَرَضَ وَلَا يَكُونُ فِي صُورَتِهَا مَا يُسْتَحْيَا مِنَ التَّصْرِيحِ بِحَقِيقَةِ لَفْظِهِ وَبِهَذَا الْأَدَبِ جَاءَ الْقُرْآنُ .
 
( متن )

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: يَا مُعَاذُ قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: يَا مُعَاذُ قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: يَا مُعَاذُ قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ.

 
( شرح )
و هذا مثل الحديث السابق كرره ثلاث مرات يا معاذ بن جبل للتأكيد و المبالغة و الانتباه .
 
( متن )

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهَا فَيَسْتَبْشِرُوا، قَالَ: إِذًا يَتَّكِلُوا، فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذُ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا .

 
( شرح )
قوله مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ يعني من وحد الله المراد التوحيد من شهد عن صدق و إخلاص منافي للشرك و منافي للشك و الريب حرمه الله على النار تحريم دخول إن مات على التوحيد و لم يصر على معصية ولم يصر على كبيرة و إن أصر على كبيرة يكون تحت المشيئة قال أفلا أبشر الناس قال إِذًا يَتَّكِلُوا ثم أخبر بها معاذ عند موته تأثما يعني خروجا من الإثم لأنه فهم من النبي ﷺ أنه يريد أن يؤخر الإخبار وقتا دون وقت , إما أنه فهم منه أن التحريم للتنزيه أو أنه أخبر بها عند موته خروجا من الإثم و عملا بالنصوص الأخرى التي فيها النهي عن الكتمان .
 
( مداخلة )
هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لِلْعُجْمَةِ وَالْعَلَمِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ فروخ اسم بن لِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ﷺ هُوَ أَبُو الْعَجَمِ وَكَذَا نَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ أن فروخ بن لِإِبْرَاهِيمَ .
 
( شرح )
مثل إبراهيم غير مصروف للعلمية و العجمة .
 
( مداخلة )
وَقَدْ نَصَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ .
 
( شرح )
كأن فيه خلاف , و لا يكتم العلم يبين ويخبر وأن المراد به المعنى التوحيد و الإخلاص و عدم الشرك و أن من مات على التوحيد فهو من أهل الجنة إن عاجلا أو آجلا و التفدية قول أفديك بأبي و أمي فيها كلام لأهل العلم أما تفدية الرسول لاشك في هذا أما تفدية الأبوين و المسلمين فلا بأس و فيه نظر .
 
( متن )
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ .
 
( شرح )
محمود بن ربيع هو الصحابي الذي شهد ( 42:25 ) صغير صحاب صغير .
 
( متن )

 قَالَ: حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عِتْبَانَ، فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ، قَالَ: أَصَابَنِي فِي بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ، فَبَعَثْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ فِي مَنْزِلِي، فَأَتَّخِذَهُ مُصَلًّى، قَالَ: فَأَتَى النَّبِيُّ ﷺ، وَمَنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَ وَهُوَ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِي وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ أَسْنَدُوا عُظْمَ ذَلِكَ وَكُبْرَهُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دُخْشُمٍ، قَالُوا: وَدُّوا أَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ، وَدُّوا أَنَّهُ أَصَابَهُ شَرٌّ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ الصَّلَاةَ، وَقَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟، قَالُوا: إِنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي قَلْبِهِ، قَالَ: لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَيَدْخُلَ النَّارَ، أَوْ تَطْعَمَهُ، قَالَ أَنَسِ: فَأَعْجَبَنِي هَذَا الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ لِابْنِي: اكْتُبْهُ فَكَتَبَهُ .

 
( شرح )
و هذا حديث عتبان و في لفظ قال فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله هذا حديث عتبان الذي ساقه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد حديث ابن عتبان فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله و في حديث عتبان أنه أصابه شيء في بصره أي ضعف بصره و جاء إلى النبي ﷺ و قال إني ضعف بصري و بيني و بني المسجد وادي فإذا جاءت السيول منعني ذلك من المجيء للمسجد فأحب يا رسول الله أن تأتي فتصلي في مكان في بيتي أتخذه مصلى قال النبي نعم أفعل فجاء النبي ﷺ و معه أبو بكر وبعض الصحابة و قيل أنه جاء بعد أن تعالى النهار في الضحى و صلى بهم ركعتين فيه دليل أنه لا بأس بصلاة النافلة بعض الأحيان لغير العادة فإذا جاء ضيوف في الضحى و صليتم جماعة فلا بأس بعض الأحيان و فيه أنهم يتحدثون و النبي يصلي بعضهم يصلي و بعضهم يتحدث يتحدثون عن المنافقين و قالوا أن مالك ابن الدخشم منهم و وودوا أن النبي يدعو عليه حتى يهلكه الله فلما انتهى النبي قال مالكم ! قالوا يا رسول الله هذا مالك بن الدخشم من المنافقين قال ألا يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله قالوا بلا يا رسول الله يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله و ليس ذلك في قلبه فقال النبي ﷺ فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله رد و دافع عن هذا الشخص يريد أن يعلموا أن الأصل في المسلم الإسلام و أنه لا ينتقد هذا الأصل إلا بدليل فإذا كان الإنسان ظاهره الإسلام فلا ينبغي رميه بالنفاق إلا بدليل واضح و لهذا لما تحدثوا عن هذا الرجل و قالوا أنه من المنافقين , و في اللفظ الآخر أن النبي ﷺ قال ألا يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله قالوا بلا يا رسول الله لكننا نرى وجهه و إقباله على المنافقين فقال النبي ﷺ فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله و في هذا اللفظ .
 
( متن )

وَقَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟، قَالُوا: إِنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي قَلْبِهِ، قَالَ: لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَيَدْخُلَ النَّارَ، أَوْ تَطْعَمَهُ، قَالَ أَنَسِ: فَأَعْجَبَنِي هَذَا الْحَدِيثَ .

 
( شرح )
لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَيَدْخُلَ النَّارَ، أَوْ تَطْعَمَهُ
 يعني يشهد عن إخلاص و صدق و محبة و يقين و المراد توحيد الله يعني يعبد الله و يوحد الله و لا يشرك به شيئا مثل النصوص الأخرى ليس المراد قولها باللسان من قال باللسان و خالف بالأفعال لا تنفع بإجماع الأئمة من شهد أن لا إله إلا الله و هو يشرك بالله لا تنفعه النصوص يضم بعضها إلى بعض , يعني من قال أن لا إله إلا الله عن توحيد و إخلاص أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و في اللفظ الآخر  إلا أن يوحد الله  و في اللفظ الآخر إلا أن يعبدوا الله و لا يشركوا به شيئا و الفظ الآخر من شهد أن لا إله إلا الله و كفر بما يعبد من دون اللهو في اللفظ الآخر من مات و هو يعلم أن لا إله إلا الله و في اللفظ الآخر من قالها غير شاك حجب عن النار و في اللفظ الآخر من قالها مستيقنا بها قلبه فالنصوص يضم بعضها بعضا و المراد القيود الأخرى التي جاءت في الأحاديث فأعجب أنس هذا الحديث فقال لابنه أكتب هذا الحديث يدل على جواز كتابة الحديث و هذا أمر مجمع عليه استقر عليه و الرسول في أول الأمر منع الصحابة من كتابة الحديث لئلا يختلط بالقران ثم رخص في ذلك .
 
( مداخلة )
وَقَدْ نَصَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى إِيمَانِهِ بَاطِنًا وَبَرَاءَتِهِ مِنَ النِّفَاقِ بِقَوْلِهِ ﷺ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ له بأنه قالها .
 
( شرح )
هذه في رواية البخاري هي التي جاء بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن الله حرم النار على من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه , قالوا الله و رسوله أعلم فأما نحن فنرى وجهه للمنافقين فقال رسول الله ﷺ فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله و فيه أنهم حبسوه على حزيرة قطعة من الشحم يعني أخروه صنعوا له حزيرة هذا في رواية البخاري في نفس القصة هذه و فيه أنه لما دخل النبي قال أين تحب أن أصلي لك أول شيء بدأ بالصلاة فسار إلى مكان فصلى بهم النبي ﷺ فاتخذه مصلى و في هذا الحديث أن النبي ﷺ رخص له بأن يصلي في بيته و فيه حديث أم مكتوم لما قال هل تسمع النداء ! قال : نعم قال : فأجب فإني لا أجد لك رخصا ما الفرق بينهما ! هنا عتبان العذر واضح و هو أنه ضعف بصره و بينه و بين المسجد وادي و السيل إذا سال ما يستطيع أما أم مكتوم ما ذكر شيء غير العمى و العمى ليس عذرا لكل أحد يختلف الناس بعض العميان يستطيع أن يأتي قد يجد من يأتي به من جيرانه و من أقاربه و بعض العميان يدل الطريق فلا يمنعه العمى فلهذا ما رخصه فأما عتبان فالعذر واضح و هو أن بينه و بين المسجد وادي يسيل فلا يستطيع بسبب الوادي , فيختلفوا بعض العميان يحتاج قائد و بعضهم لا يحتاج إلى قائد لكن يجد بعض الجيران المقصود أنه لم يذكر إلا العمى و هذا ليس عذرا على الإطلاق أما عتبان أمره واضح بينه بين المسجد وادي يسيل و هذا خاص بالنبي ﷺ لا يقاس عليه غيره .
 
( متن )

حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ عَمِيَ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: تَعَالَ فَخُطَّ لِي مَسْجِدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَجَاءَ قَوْمُهُ وَنُعِتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ .

 
( شرح )
يعني وصف لهم النعت الوصف .
 
( متن )

يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ .

 
( شرح )
حيث رضي بالله ربا و الرضا يكون في القلب رضي بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد ﷺ فإذا رضي الإنسان بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد ﷺ نبيا و رسولا انشرح صدره و اطمأنت نفسه و انقادت جوارحه بالعمل الصالح فمن رضي بالله ربا و بالإسلام دينا فإنه يذوق حلاوة الإيمان و لذة الإيمان بسبب صحة إيمانه و انشراح صدره و طمأنينة قلبه ثم تنبعث الجوارح بالأعمال لأن القلب هو ملك الأعضاء فإذا اطمأن القلب و حل فيه الرضا و الانشراح انقادت الجوارح بالأعمال .
 
 
 
 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد