بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم أغفر لنا ولشيخينا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
(المتن)
يقول الإمام أبو داود رحمه الله في سننه:
باب في خرص العنب
(....)
1603 - حدثنا عبد العزيز بن السري الناقط، حدثنا بشر بن منصور، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عتاب بن أسيد، قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب، كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبًا، كما تؤخذ زكاة النخل تمرًا». كما تؤخذ زكاة وفي لفظ صدقة والمعنى واحد.
نعم:
1604 - حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، قال حدثنا عبد الله بن نافع، عن محمد بن صالح التمار، عن ابن شهاب، بإسناده ومعناه، قال أبو داود: «سعيد لم يسمع من عتاب شيئًا».
(الشرح)
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (باب في خرص العنب), هَذَا الباب عقده المؤلف رحمه الله لخرص العنب, والباب الَّذِي بعده قَالَ: (باب في الخرص), فيكون هَذَا خاص وذاك عام, هَذَا في خرص العنب خاصة وذاك في الخرص عمومًا العنب وغيره.
باب في خرص العنب ذكر حديث عتاب بن أسيد قَالَ: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب، كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبًا، كما تؤخذ صدقة النخل تمرًا».
وَهَذَا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة, وله طريق أخرى قَالَ: حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي, قال حدثنا عبد الله بن نافع، عن محمد بن صالح التمار، عن ابن شهاب, يَعْنِي عَنْ ابن شهاب عَنْ سعيد بن المسيب عَنْ عتاب بن أسيد بإسناده ومعناه.
قَالَ أبو داود: وسعيد لَمْ يسمع من عتاب شيئًا, يَعْنِي كونه منقطع, سعيد بن المسيب لَمْ يسمع من عتاب, فيكون الحديث منقطع, والحديث في سنده عبد العزيز بن السري الناقط, يقال: الناقد بالدال والناقط, قَالَ عنه في التقريب: مقبول, قال عنه الحافظ في التقريب مقبول والمقبول عَلَى قاعدة الحافظ هُوَ الَّذِي لَمْ يجرح ووثقه واحد أو اثنان ممن يتساهل بالتوثيق كابن حبان, وَهُوَ ضعيف, لكنه يقبل في المتابعات, فَإِن كَانَ له طريق أخرى صار حسن لغيره.
والحديث أَيْضًا في سنده انقطاع فَإِن في سنده سعيد بن المسيب لَمْ يلق عتاب بن أسيد, وَذَلِكَ لِأَنَّ ابن المسيب ولد في خلافة عمر, وعتاب بن أسيد كَانَ أمير مَكَّة توفي في اليوم الَّذِي توفي فِيهِ الصديق رضي الله عنه.
فسعيد بن المسيب ولد في خلافة عمر سنة خمسٍ وعشرين عَلَى المشهور, وَقِيلَ: كَانَ ولد بعد ذلك وعتاب بن أسيد توفي في اليوم الَّذِي توفي فِيهِ الصديق رضي الله عنه فهو لم يسمع عنه وَلَمْ يسمع منه, فيكون منقطع, ولهذا قَالَ المؤلف قَالَ أبو داود: وسعيد لَمْ يسمع من عتاب شيئًا.
لكن الحديث الَّذِي بعده له طريق أخرى للحديث فيجبر الضعف الَّذِي فِيهِ عبد العزيز السري, فيتصل الحديث إِلَى سعيد بن المسيب ويبقى الانقطاع بين ابن المسيب وعتاب, يَعْنِي الضعف الأول الَّذِي في سند عبد العزيز بن السري ينجبر بالطريق الأخرى الَّتِي ذكره بعده, ويبقى الانقطاع بين ابن المسيب وعتاب.
لكن ما دل عَلَيْهِ الحديث من أخذ الزَّكَاة في العنب فهذا مجمع عَلَيْهِ أن الزَّكَاة تؤخذ من العنب, هَذَا مجمع عَلَيْهِ بأن الزَّكَاة تؤخذ من العنب والنصاب في العنب والتمر وسائر الحبوب والثمار خمسة أوسق, والوسق ستون صاعًا وَهِيَ ثلاثمائة صاع من صاع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (أمر أن تخرص العنب), الخرص معناه هُوَ الحزر هُوَ التخمين والتقريب يقال الخرص, حزر, تخمين, وتقريب, ويكون الخرص يعني يأتي الخارص ويقدر التمر عَلَى رؤوس النخل كم يساوي إِذَا يبس وصار تمرًا, فيخرصه يقدر, ويكون هَذَا التقدير بَعْدَ بدو الصلاح, وَهُوَ أن يخرص أن يحزره زبيبًا لا عنبًا (وتمرًا لا رطبًا)؛ يَعْنِي ما يخرص العنب وَإِنَّمَا يخرص زبيب, كم يساوي إِذَا يبس؟ وَكَذَلِكَ التمر ما يخرصه رطب وَإِنَّمَا يخرصه تمرًا إِذَا يبس كم يساوي؟ ثُمَّ تؤخذ الزَّكَاة عَلَى خرصه زبيبًا أو تمرًا.
وفائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال, ولذلك يَجِبُ عَلَيْهِ البينة بدعوى النقص بَعْدَ الخرص, إِذَا خرص وادعى رب المال أَنَّهُ نقص لَابُدَّ من البينة, وضبط حَقّ الفقراء عَلَى المالك, ومطالبة المصدق بقدر ما خرصه, وانتفاع بالمالك بالأكل ونحوه.
يَعْنِي يخرص حتى ينتفع رب المال ويستفيد ويأكل منه ويهدي ويتصدق, إذا فهذا الحديث فِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمر بخرص العنب, وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ, كما يخرص العنب وخرص النخيل وتؤخذ زكاته زبيبًا كما تؤخذ زكاة النخل تمرًا.
ويخرص بَعْدَ بدو الصلاح إِلَّا ظهر في العنب والتمر حلاوة, يقدر الخارص أن هَذَا العنب إِذَا صار زبيبًا كم يكون؟ فَهُوَ حد الزَّكَاة إن بلغ نصابًا.
وصفة الخرص أن يطوف بالشجر وينظر فِيهَا ويرى جميع ثمرتها وَيَقُولُ: خرصها كذا وكذا رطبًا ويجب منه كذا وكذا يابسًا, والنص ورد بخرص النخل والعنب, فهل يقاس عَلَيْهِ غيره؟ قَالَ بعض العلماء: يقاس عَلَيْهِ غيره مِمَّا يمكن ضبطه وإحاطة النظر به.
وَقِيلَ: يقتصر عَلَى النص على محل النص, فلا يخرص إِلا العنب والتمر, وَهُوَ الأقرب لعدم النص عَلَى غيره.
والخارص لَابُدَّ أن يكون عادلًا؛ الخارص يكون واحد والعادل لِأَنَّ الفاسق لا يقبل خبره, وَلَابُدَّ أن يكون عارف؛ لِأَنَّ الجهل بالشيء ليس من أهل الاجتهاد فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يبعث عبد الله بن رواحه وحده يخرص عَلَى أهل خيبر؛ وَلِأَنَّهُ كالحاكم يجتهد ويعمل, فَإِن أصابت الثمرة جائحة بَعْدَ الخرص فقال ابن عبد البر: أجمع من يحفظ عنه العلم أن الخرص إِذَا أصابته جائحة قبل الجذاذ فلا ضمان.
وفائدة الخرص كما سبق الأمن من الخيانة من رب المال, وضبط حَقّ الفقراء عَلَى المالك, ومطالبة المتصدق بقدر ما خرصه وانتفاع بالمالك بالأكل.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
باب في الخرص
1605 - حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن مسعود، قال: جاء سهل بن أبي حثمة، إلى مجلسنا، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خرصتم، فجذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا، أو تجذوا الثلث، فدعوا الربع»، قال أبو داود: «الخارص يدع الثلث للحرفة».
(الشرح)
نعم، هَذَا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي, وَهَذَا عقده المؤلف للخرص عمومًا, والخرص كما سبق هُوَ الحذر والتخمين والتقدير للعنب والتمر, مثلاً يحصى ويعرف مقدار عشره ويثبته عَلَى المالك, ويخرص إِذَا بدا الصلاح حَتَّى يتمكن رب المال من الأكل والبيع ويترك الخارص الثلث أو الربع لرب المال فلا يخرصها, كما دل عَلَيْهِ هَذَا الحديث, لما يعتري الثمار من النقص مِمَّا يأكله الطير أو يتساقط, وما يأكلون هم أو ما يأكله الضيف فإِذَا كَانت الثمار بقدر مثلا إذا كانت الثمار بقدر ثلاثة ألاف فَإِنَّهُ يقدر عَلَيْهِ ألفين, أو ألفين ومائتين وخمسين, وَإِذَا قدر أربعة ألاف فَإِنَّهُ يقدره بثلاثة ألاف.
وفائدة الخرص كما سبق التوسعة عَلَى أرباب الثمار والتخلية بينهم وبينها للتناول منها, وإعطاء الضيف ثُمَّ تخرج الزَّكَاة وقت قطع الثمار, وَهَذَا الحديث قَالَ: «إذا خرصتم، فجذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا، أو تجذوا الثلث، فدعوا الربع»، قال أبو داود: «الخارص يدع الثلث للحرفة».
وَهَذَا الحديث في سنده عبد الرحمن بن مسعود وثقه ابن حبان وَقَالَ في التقريب مقبول, فيكون الحديث ضعيفًا, وَإِذَا وجد له طريق أخرى كَانَ حسنًا لغيره, وَهَذَا فِيهِ أَنَّهُ يدع الثلث أو الربع,
أحسن الله إليكم، باب متى يخرص التمر
معناه أَنَّهُ يدع ثلث الزَّكَاة أو ربعها, قَالَ بَعْضُهُمْ: يتركها للتوسعة قَالَ بَعْضُهُمْ: يترك الثلث أو الربع من العشر يَعْنِي مِمَّا يقدر, وَقِيلَ: أَنَّهُ يترك الثلث من نفس الثمر قبل أن يعشر.
وَقَالَ الشافعي: معناه أن يدع ثلث الزَّكَاة أو ربعها يفرقها هُوَ بنفسه عَلَى أقاربه, وَقَالَ في الفتح: (....) الليث وأحمد وإسحاق وفهم منه أبو عبيدة في كتاب الأموال:أن القدر الَّذِي كَانُوا يأكلونه بحسب احتياجهم إليه, فقال: يترك قَدْر احتياجهم.
وَقَالَ مالك وسفيان: لا يترك لهم شَيْء, وَهُوَ مشهور عَنْ الشافعي, والحديث كما سبق أخرجه الترمذي والنسائي.
وَفِيهِ أن الخارص إِذَا خرص يترك لرب البستان يترك له الثلث أو الربع لما ينوبه من النفقات عَلَى أهله وَعَلَى الضيوف وما يأكله الطير وما يتساقط وما أشبه ذَلِكَ.
نعم:
الحنابلة ما يرون الخرص يَقُولُونَ: ما هُوَ تقدير مضبوط عندهم , لكن إذا ثبت في الحديث الجمهور يَقُولُونَ بالخرص, وَأَمَّا الأحناف يَقُولُونَ: ما في خرص ينكرون الخرص؛ قَالُوا: لِأَنَّهُ يفضي إِلَى الربا, يَعْنِي يؤدي إِلَى الزيادة؛ لِأَنَّ الخارص يخرص بدون تحديد مضبوط, وَإِذَا كَانَ تحديد غير مضبوط إِمَّا يزيد وَإِمَّا ينقص وَهَذَا ربا, هَذَا معنى كلامهم.
لكن يقال لهم: جاءت السُّنَّة بالخرص, يقول هَذَا مستنثى فَلَيْسَ من الربا.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
باب متى يخرص التمر
1606 - حدثنا يحيى بن معين، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرت عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه».
(الشرح)
نعم، هَذِهِ الترجمة متى يؤخذ التمر؟ فيه أن النبي بعث عبد الله بن رواحة يبعثه حين يطيب, قبل أن يؤكل منه, حين يطيب يعني حين يبدأ صلاحه يحمر ويصفر التمر, والعنب يسود, هذا الحديث ضعيف في إسناده رجل مجهول وهو الواسطة بين ابن جريج والزهري, عن ابن جريح قال: أخبرت عن ابن شهاب.
فيه رجل مجهول وهو الواسطة بن ابن جريج والزهري, لكن معناه صحيح, معنى الحديث صحيح وهو أن الخرص يكون حين يطيب الثمر للتوسعة على أرباب الثمار في التناول منها.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة
1607 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجعرور، ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة»، قال الزهري: «لونين من تمر المدينة»، قال أبو داود: وأسنده أيضا أبو الوليد، عن سليمان بن كثير، عن الزهري.
(الشرح)
نعم، فهَذِهِ الترجمة فيما لا يجوز من الثمرة في الصدقة, يَعْنِي الممنوع من الثمر في الزَّكَاة لا يؤخذ في الزَّكَاة, معقود يعني الَّذِي لا يؤخذ في الزَّكَاة من الثمرة, ذكر فِيهِ حديث سهل والحديث أخرجه النسائي وَقَالَ فِيهِ: «نهى رسول الله عن الجعرور، ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة».
فِيهِ دليل عَلَى أَنَّهُ لا يجوز أن تؤخذ في الصدقة الواجبة من هَذَيْنِ النوعين, وَكَذَلِكَ في صدقة التطوع كما قَالَ الله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ }[البقرة/267].
لِأَنَّ الجعرور بضم الجيم وسكون العين المهملة وضم الراء, وسكون الواو بعدها وَهُوَ تمر ردي, (ولون الحبيق), بضم الحاء وفتح الباء بعدها قاف كزبير، تمر زقن وَهُوَ نوع رديء من التمر.
قال هَذَيْنِ النوعين رديئين من التمر, ولهذا نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ الزَّكَاة من هَذَيْنِ النوعين من التمر, لردائتهما لِأَنَّهُ رديء, والله تعالى يَقُولُ: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ }[البقرة/267].
فلا تخرج الزَّكَاة من الرديء وَإِنَّمَا تؤخذ من الوسط لا من العالي مرة ولا من الساقط مرة, فهذا الحديث فِيهِ ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة, فلا يجوز في الصدقة أن يؤخذ تمر الجعرور أو كذلك الحبيق, فالحبيق مصغر بضم الحاء وفتح الباء كزبير عَلَى وزن الزبير, ثمرٌ زقن وَهُوَ نوع رديء من التمر.
فَما نوعان رديئان فلا يؤخذان في الزَّكَاة, لقول الله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ }[البقرة/267].
معنى لونين أيْ نوعين من التمر الرديء, وابن أبي الحقيق اسم رجل فِيهِ دليل عَلَى أَنَّهُ لا يجوز للمالك أن يخرج الرديء عن الجيد الَّذِي وجدت فِيهِ الزَّكَاة, نصًا في التمر وقياسًا في سائر الأجناس الَّتِي تجب فِيهِ الزَّكَاة.
هذا دليل على أنه لا يجوز للمالك أ أن يخرج الرديء عن الجيد الَّذِي وجدت فِيهِ الزَّكَاة, نصًا في التمر وقياسًا في سائر الأجناس الَّتِي تجب فِيهِ الزَّكَاة
وَكَذَلِكَ لا يجوز للمصدق أن يأخذ ذلك وَهُوَ العامل الَّذِي يرسله ولي الْأَمْرِ, لا يجوز له أن يأخذ الرديء إِذَا جاء إِلَى قوم وعليهم زكاة (....) تؤخذ الزَّكَاة وَهَذَا العامل الَّذِي يرسله رب المال فلا يقبل الرديء.
فكما أن صاحب المال لا يخرج الرديء فكَذَلِكَ المصدق العامل لا يأخذ الرديء, قال المؤلف: قَالَ أبو داود: أسنده أَيْضًا أبو الوليد عَنْ سليمان بن كثير عَنْ الزهري, يَعْنِي كما أسنده سفيان بن الحسين عَنْ الزهري وأسنده عبد الجليل بن حميد اليحصبي عَنْ الزهري وروايته عِنْد النسائي, فهؤلاء الثلاثة أفسدوا الحديث عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم .
وَأَمَّا زيادة ابن سعد عَنْ الزهري فجعله من كلام الزهري ورواية ابن (....)
الحديث الثاني تفضل
أحسن الله إليكم
(المتن)
1608 - حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي، حدثنا يحيى يعني القطان، عن عبد الحميد بن جعفر، حدثني صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن عوف بن مالك، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وبيده عصا، وقد علق رجل قنا حشفا، فطعن بالعصا في ذلك القنو، وقال: «لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها»، وقال: «إن رب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة».
(الشرح)
نعم، هَذَا الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة يَقُولُ: (حدثني صالح بن أبي عريب)، بفتح العين المهملة وكسر الراء, صالح بن أبي عريب وثقه ابن حبان, وقوله: (حدثنا نصر بن عاصم), هُوَ نصر بن عاصم الأنطاكي.
وَفِيهِ (أَنَّهُ قَدْ علق رجلٌ قنا حشفا)، علق قنو يعني عذق تمر علقه في المسجد ليؤكل منه, وَكَانُوا يعلقون في المسجد ليأكل منه من يحتاج إليه, وَهَذَا الرجل علق قنا حشفا, والحشف هُوَ اليابس الفاسد من التمر, والقنا هُوَ العذق من الرطب, والقنو بكسر القاف وقنوان وأقناء جمع, وقوله: (فطعن), في القاموس طعنة بالرمح ضربه, النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ضرب هَذَا القنو الَّذِي فِيهِ الحشف ضربه طعنه بالعصا ثُمَّ قَالَ: «لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها»، وقال: «إن رب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة».
وَهَذَا فِيهِ التحذير من إخراج الرديء, والحشفا هُوَ اليابس والفاسد, والقنو وقنوان وأقناء جمعه أقناء وبالفارسة خوشا خربة, هَذِهِ ترجمة القنو بالفارسية.
والمقصود من الحديث أَنَّهُ لا يجوز للإنسان أن يخرج الرديء من الزَّكَاة وَإِنَّمَا يخرج من الوسط, كما أن العامل الَّذِي يرسله ولي الْأَمْرِ لا يأخذ من الجيد وَإِنَّمَا يأخذ من الوسط, لا يأخذ من الشرار ولا من الخيار وَإِنَّمَا يأخذ من الوسط.
نعم:
أحسن الله إليكم باب زكاة الفطر