بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
(المتن)
يقول الإمام أبو داود رحمه الله في سننه: باب زكاة الفضة
الباب الذي قبل هذا اقرأ
باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة
نعم اقرأ هذا
باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة
1607 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجعرور، ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة»، قال الزهري: «لونين من تمر المدينة»، قال أبو داود: وأسنده أيضا أبو الوليد، عن سليمان بن كثير، عن الزهري.
(الشرح)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، هَذَا الحديث رواه النسائي وَهُوَ دليل عَلَى أَنَّهُ لا يجوز إخراج الرديء من التمر في الصدقة الواجبة وَكَذَلِكَ في صدقة النافلة, فَإِن الجعرور ولون الحبيق نوعان من التمر الرديء, والحبيق نسبة إِلَى رجل نسب إليه التمر الحبيق.
ولهذا (قال الزهري: «لونين من تمر المدينة»), ونوعين من التمر الرديء فلا يجوز إخراجهما, لا يجوز للإنسان أن يخرج الرديء وَإِنَّمَا يخرج من الوسط, كما أَنَّهُ لا يخرج الجيد فَلا يخرج الرديء, قَالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}[البقرة/267].
الجعرور ولون الحبيق نوعان من التمر الرديء, ولهذا نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إخراجهما في الصدقة, في الصدقة الواجبة, وكذا في صدقة التطوع ما ينبغي إخراج الرديء.
نعم:
(المتن)
1608 - حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي، حدثنا يحيى يعني القطان، عن عبد الحميد بن جعفر، حدثني صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن عوف بن مالك، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده عصا، وقد علق رجل قنا حشفا، فطعن بالعصا في ذلك القنو، وقال: «لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها»، وقال: «إن رب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة».
(الشرح)
نعم: وَهَذَا فِيهِ أن الرجل علق قنو القنو هُوَ العذق الَّذِي يخرج منه التمر, علقه في المسجد وَكَانُ من عادتهم يعلقون القنو من الرطب والتمر فيأكل المحتاج, هَذَا الرجل علق قنو حشف, والحشف هُوَ اليابس الفاسد من التمر, فالنبي صلى الله عليه وسلم طعنه بالعصا وَقَالَ: «لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأحسن من هذا إن صاحب هذا يأكل الحشف يوم القيامة».
قِيلَ: المعنى أَنَّهُ يثاب ثوابًا يماثل ما تصدق به, وَقِيلَ: إِنَّهُ يأكل الحشف فعلًا يوم القيامة يمثل له ويأكله ولا حول ولا قوة إِلَّا بالله.
وَهُوَ دليل عَلَى أَنَّهُ لا ينبغي للإنسان أن يخرج الرديء, وإنما يخرج الشيء الَّذِي ينتفع به, ولهذا قَالَ تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ }[البقرة/267].
ولا تيمموا الخبيث يعني الرديء, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}[البقرة/267].
أمر بالإنفاق من الطيبات, {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ}؛ يعني الرديء تنفقون منه { وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا}؛ يَعْنِي لو أعطيتم هَذَا الرديء ما تأخذونه إِلَى عَلَى وجه الإغماض والحياء, فكما أنك لا تأخذ هَذَا الرديء إِذَا أعطيته, فكذلك لا تنفقه.
فَهُوَ دليل عَلَى أَنَّهُ لا ينبغي للإنسان أن يتصدق بالرديء الَّذِي لا يستفاد منه, وَإِنَّمَا يتصدق بشيء يفيد, قَالَ تعالى في وصف الأبرار: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}[الإنسان/8]. يطعم الطعام على حبه ينفقه في شَيْء يحبه, قَالَ تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }[آل عمران/92].
فلا ينبغي للإنسان أن يخرج الرديء وإنما يخرج شَيْئًا طيبًا أو وسطًا, ينتفع منه الفقراء, وكما أَنَّهُ إِذَا أعطي الرديء لا يقبله فكذلك لا ينبغي له أن يتصدق به.
نعم:
إذا كان ليس عنده إِلَّا هَذَا النوع هل يَجِبُ عَلَيْهِ الإنفاق؟ أم لا؟
إِذَا كَانَ ليس عنده إِلَّا هَذَا النوع وَالنَّاس بهم حاجة أو يستفاد منه فلا بأس, الجود من الموجود.
إِذَا كَانَ النَّاس بهم حاجة وشدة وَلَمْ يوجد إِلَّا هَذَا لا بأس, لكن إِذَا كَانَ عنده طيب ثُمَّ يخرج الرديء هَذَا هُوَ.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
باب زكاة الفطر
1609 - حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، قالا: حدثنا مروان - قال عبد الله: حدثنا أبو يزيد الخولاني وكان شيخ صدق وكان ابن وهب يروي عنه، حدثنا سيار بن عبد الرحمن - قال محمود: الصدفي - عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات».
(الشرح)
نعم: قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (باب زكاة الفطر), أيْ صدقة الفطر, ذكر المؤلف رحمه الله حديث ابن عباس والحديث أخرجه ابن ماجة والمؤلف له شيخان, قَالَ: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، والثاني عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي.
عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي هُوَ عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي صاحب السنن, شيخ البخاري وشيخ مسلم وشيخ أبي داود, هَذَا هُوَ صاحب السنن, عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي, هُوَ أبو محمد الدارمي صاحب السنن, سنن الدارمي المعروف وَهُوَ شيخ البخاري وشيخ لمسلم وشيخ لأبي داود.
(قالا), يَعْنِي محمود وعبد الله (أخبرنا مروان - قال عبد الله), اللي هُوَ الدارمي (أخبرنا أبو يزيد الخولاني وكان شيخ صدق), يَعْنِي كَانَ أبو يزيد شيخ صدق, إضافة الشيخ إِلَى الصِّدْقُ.
(وكان ابن وهب يروي عنه)، يَعْنِي عَنْ أبي يزيد, وَهَذَا توثيق من الدارمي لأبي يزيد, ثم قال: (أخبرنا سيار بن عبد الرحمن - قال محمود), محمود بن خالد الدمشقي وفي روايته الصدفي, وَلَمْ يقل الصدفي الدارمي, بينما قَالَه: محمود, (عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصيام أو للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين»)، فِيهِ بيان الحكمة من شرعية زكاة الفطر, أن فِيهِا أمران:
الْأَمْرِ الأول: أَنَّهَا طهرة للصائم من اللغو والرفث.
والْأَمْرِ الثاني: طعمة للمساكين؛ حَتَّى يشاركوا إخوانهم الأغنياء في فرحة العيد, ولا يكون لهم حاجة ولا شدة, يكون عندهم طعام يأكلونه في هَذَا اليوم ويشاركون إخوانهم.
فَهِيَ طعمة للمساكين ومن جهة أخرى طهرة للصائم, فالصائم طهرة له من الرفث, والمساكين طعمة لهم.
قَالَ: «من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات», اللغو هُوَ كُلّ ما لا ينعقد عَلَيْهِ القلب من القول من الرفث والفحش من الكلام وغيره, والطعمة هو الطعام الَّذِي يؤكل.
وَفِيهِ دليل عَلَى أن الفطرة زكاة الفطر تصرف للمساكين دون غيرهم من مصارف الزَّكَاة, أَنَّهَا لا تعطى زكاة الفطر للعاملين والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل, وَإِنَّمَا تعطى المساكين خاصة تصرف إِلَى نوع واحد.
وقوله: «من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات», من أداها قبل الصلاة قبل صلاة العيد, تؤدى قبل صلاة العيد, فَهِيَ زكاة مقبولة يَعْنِي المراد بالزكاة هنا الصدقة.
«ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات», يَعْنِي الَّتِي يتصدق بها في سائر الأوقات, وظاهر الحديث أن من أخرجها بَعْدَ الصلاة فإنها قَدْ فات وقتها, تعتبر صدقة من الصدقات وأن وقتها يفوت.
وَذَهَبَ الكثير من العلماء إِلَى أن إخراجها قبل الصلاة صلاة العيد مستحب, وَقَالُوا: إِنَّهُ يجزئ إخراجها إِلَى آخر يوم الفطر, وَأَنَّهَا تكون أداءً, ولكن ظاهر الحديث أَنَّهَا لا تكون أداءً إِلَّا إِذَا أداها قبل الصلاة, ولهذا قَالَ: من أداها قبل الصلاة فَهِيَ زكاة مقبولة ومن أداها بَعْدَ الصلاة فَهِيَ صدقة من الصدقات.
وَأَمَّا تأخيرها عَنْ يوم العيد فَذَهَبَ جمع من العلماء إِلَى أَنَّهُ حرام إِذَا كَانَ متعمدًا, ولهذا قال (.....): إِنَّهُ حرام بالاتفاق لأنها زكاة, ووجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في تأخير الصلاة عَنْ وقتها.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
باب متى تؤدى؟؟
1610 - حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا زهير، حدثنا موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة»، قال: فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين.
(الشرح)
نعم هَذِهِ الترجمة بأن متى تؤدى؟ يَعْنِي ما الوقت الَّذِي تؤدى فِيهِ الزَّكَاة؟ ذكر فِيهِ حديث ابن عمر قَالَ: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة»، يَعْنِي إِلَى صلاة العيد, والحديث صحيح أخرجه الشيخان البخاري ومسلم والترمذي والنسائي دون فعل ابن عمر.
والحديث دليل عَلَى مشروعية إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد وَأَنَّهُ يكره بَعْدَ ذَلِكَ, وَقَالَ ابن حزم: يحرم, وَهُوَ قول قوي.
لا يجوز للإنسان أن يتعمد تأخيرها, الجمهور يَقُولُونَ: يكره تأخيرها إِلَى بَعْدَ العيد, وابن حزم قَالَ: يحرم, وَهُوَ قول قوي لابن حزم, وهو الظاهر وَفِيهَا أن ابن عمر رضي الله عنه يخرجها يعجلها قبل العيد بيوم أو يومين, هَذَا من فعل ابن عمر.
وَأَمَّا إخراجها في الوقت الفاضل هُوَ يوم العيد قبل الصلاة, بَعْدَ صلاة الفجر يوم العيد وقبل صلاة العيد, قَالَ عكرمة رحمه الله: يقدم الرجل زكاة يوم الفطر بين يدي صلاته, فإن الله تعالى قَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى(14)وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}[الأعلى/14-15].
وروى ابن خزيمة عَنْ طريق كثير بن عبد الله عَنْ أبيه عَنْ جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآية فقَالَ: نزلت في زكاة الفطر, والشافعي حمل التقييد الذي قبل صلاة العيد عَلَى الاستحباب, قَالَ: مستحب, واليوم كله وقتٌ للأداء في جميع النهار.
كَانَ ابن عمر يؤديها قبل ذَلِكَ يَعْنِي قبل يوم الفطر بيوم أو يومين, وفي الحديث دليل عَلَى جواز تعجيل زكاة الفطر قبل يوم الفطر بيوم أو يومين كما فعل ابن عمر, والوقت الفاضل هُوَ يوم العيد قبل الصلاة, والجمهور يرون أن تأخيرها عَنْ الصلاة يبقى أداءً لكنه مكروه.
وروي عَنْ الشافعي أَنَّهُ جوز من أول رمضان ومثله أبو حنيفة, وَهَذَا يَعْنِي غريب أَنَّهُ من أول رمضان, قَالَ أحمد: فلا تقدم عَلَى وقت وجوبها إِلَّا بيوم أو يومين, وَذَهَبَ الإمام مالك إِلَى أَنَّهُ لا يجوز التعجيل مطلقًا.
نعم:
في الحديث قَالَ: « من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعدها، فهي صدقة من الصدقات».
نعم:
لكن يا شيخنا : نلاحظ دائمًا أن خطباء العيد دائمًا يتحدثون عَنْ صدقة الفطر في خطبة العيد ألا يكون الوقت انتهى؟
نعم: هم يذكرون بها، وَأَيْضًا يذكرونها قبل العيد أو الجمعة الَّتِي قبلها يذكرون بها, لكن يذكرون بها عَلَى مذهب الجمهور أَنَّهُ مستحب وليس بواجب تذكيرًا لمن نسي.
(المتن)
باب كم يؤدي في صدقة الفطر؟
1611 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا مالك - وقرأه علي مالك أيضًا - عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر قال فيه - فيما قرأه علي مالك - «زكاة الفطر من رمضان صاع من تمر، أو صاع من شعير على كل حر، أو عبد ذكر، أو أنثى من المسلمين».
(الشرح)
نعم: هَذَا الباب لبيان مقدار زكاة الفطر, ذكر حديث ابن عمر, قَالَ: فيما قرأه علي مالك - «زكاة الفطر من رمضان صاع», فِيهِ دليل عَلَى أن زكاة الفطر من رمضان صاع من قوت البلد, صاع من تمر أو صاع من شعير, هَذَا مثال, في حديث أبي سعيد صاع من تمر وصاع من طعام وصاع من شعير وصاع من زبيب وصاع من أقط, كانت هَذِهِ هي الموجودة في زمانهم.
التمر والبر والشعير والأقط والزبيب, قَال العلماء: ومثله أيُّ قوت من قوت البلد, إِذَا كَانَ يقتات في البلد بعير هَذِهِ الخمسة فإنه يخرج منه, كالأرز الآن هُوَ من أفضل قوت البلد, إِذَا أخرج صاعًا من أرز فكذلك, وَإِذَا كَانُوا يقتاتون الدخن أو غيره كَذَلِكَ يخرج منه, إِذَا كَانُوا يقتاتون الزبيب يخرج منه, صاع من قوت البلد, لكن هَذِهِ كانت هِيَ الموجودة عندهم في زمانهم, صاعًا من بر صاع من شعير صاع من زبيب صاع من أقط.
وَهَذَا الحديث فِيهِ دليل عَلَى أن زكاة الفطر صاع(على كل حر، أو عبد ذكر، أو أنثى من الْمُسْلِمِين), فِيهِ أن زكاة الفطر صاعٌ عَلَى كُلّ فرد من أفراد الْمُسْلِمِين, وأن رب الأسرة عَلَيْهِ أن يخرج عَنْ كُلّ فرد من أفراد أسرته, سواء كان من أولاده الذكور والإناث, وزوجته ووالده ووالدته, والخادم أَيْضًا كَذَلِكَ الَّذِي عنده والرقيق, والأجير الَّذِي ينفق عَلَيْهِ, إذا كَانَ ينفق عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يخرج زكاته, وَإِذَا كَانَ لا ينفق عَلَيْهِ فلا, كُلّ من تنفق عَلَيْهِ في رمضان فعليك أن تخرج عنه صدقة الفطر.
وَفِيهِ دليل عَلَى أن صدقة الفطر فرض عَلَى كُلّ واحد من الْمُسْلِمِين ذكر أو أنثى حر أو عبد ولهذا قَالَ: فرض, وَهَذَا الحديث كما سبق أخرجه الشيخان البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
وقوله: «من الْمُسْلِمِين», فِيهِ دليل عَلَى أن غير اَلْمُسْلِم لا يخرج عنه زكاة الفطر لا يزكى عنه الفطر, فيه دليل على أن غير المسلم لا يخرج عنه زكاة الفطر فلو كَانَ عنده كافر عامل أو خادم كافر فلا يخرج عنه زكاة الفطر؛ لأنها لا تطهره وَإِنَّمَا يطهره الإسلام, وَكَذَلِكَ لو كَانَ عنده عبد كافر فلا يخرج عنه زكاة الفطر, سبق في الترمذي أَنَّهُ نقل أقوال العلماء في هَذَا وأن بعض العلماء قَال: يخرج عنه ولو كَانَ كفارًا.
لكن قوله: «من الْمُسْلِمِين», قيد يَدُلَّ عَلَى أن غير اَلْمُسْلِم لا يخرج عنه زكاة الفطر.
وَفِيهِ دليل عَلَى أن صدقة الفطر صاع عَنْ كُلّ واحد وَهُوَ ما يقارب ثلاثة كيلوا تقريبًا إِلَّا ربع أو إِلَّا ثلث, وَإِذَا أخذ ثلاثة كيلوا كَانَ أكمل وأحوط, الصاع النبوي أقل من صاعنا الحاضر بربع تقريبًا, الصاع الَّذِي في نجد كَانَ صاع كبير يقارب صاع وربع, والصاع بالأرطال خمسة أرطال وثلث.
الآن نادر أن يوجد الصاع صار النَّاس يعملون بالكيلو الآن وَهُوَ تقديره الَّذِي لا يتغير أربع حفنات كُلّ حفنة ملء كفي الرجل المتوسط اليدين, الَّذِي يديه ليستا بالكبيرة ولا بالصغيرة.
وَقَدْ نقل ابن المنذر وغيره الإجماع عَلَى أن صدقة الفطر فرض, ولكن الأحناف يَقُولُونَ: بالوجوب دون الفرضية, عَلَى قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب.
وَقَدْ سبق أن قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى/14]؛ قيل إنها نزلت في زكاة الفطر, كما روى ذَلِكَ ابن خزيمة.
أضيفت الزَّكَاة إِلَى الفطر لكونها تجب في الفطر من رمضان, وقد استدل بقوله: زكاة الفطر عَلَى أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر, وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر فلو ولد له ولد بَعْدَ غروب الشمس فلا تجب عَلَيْهِ؛ لأنها قبل الوجوب.
وَقِيلَ: وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد؛ لِأَنَّ الليل ليس محلاً للصوم, وَإِنَّمَا يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بَعْدَ طلوع الفجر, والأول قول الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي في الجديد, وإحدى الروايات عَنْ مالك, والثاني قول أبي حنيفة والليث والشافعي, إِمَّا بغروب الشمس أو طلوع الفجر.
والخلاف في قوله: «من الْمُسْلِمِين», كما سبق الصواب أَنَّهَا قيد, ومن العلماء من قَالَ: إِنَّهَا تخرج حَتَّى عَلَى الكافر.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1612 - حدثنا يحيى بن محمد بن السكن، حدثنا محمد بن جهضم، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا، فذكر بمعنى مالك، زاد: والصغير والكبير، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال أبو داود: رواه عبد الله العمري، عن نافع بإسناده قال: على كل مسلم، ورواه سعيد الجمحي، عن عبيد الله، عن نافع قال فيه: من المسلمين والمشهور، عن عبيد الله ليس فيه من الْمُسْلِمِين.
(الشرح)
نعم وقوله: (بمعنى مالك), يَعْنِي بمعنى حديث مالك السابق, فَإِنَّهُ قَالَ: (حدثنا عبد الله بن مسلمة، أخبرنا مالك عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض قال فيه «زكاة الفطر من رمضان صاع من تمر، أو صاع من شعير على كل حر، أو عبد ذكر، أو أنثى من المسلمين»).
هَذَا معنى قوله بمعنى مالك يَعْنِي بمعنى حديث مالك, (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا فذكر حديث مالك يعني فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاع من تمر، أو صاع من شعير على كل حر، أو عبد ذكر، أو أنثى من المسلمين)، وزاد هنا: «والصغير والكبير», (وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة), أخرجه البخاري والنسائي.
وقوله فيه: «والصغير والكبير», هَذِهِ الزيادة في هَذَا الحديث فِيهِ دليل عَلَى وجوب زكاة الفطر عَلَى الصغير والكبير, وَفِيهِ أَنَّهَا تؤدى قبل الخروج إِلَى الصلاة.
(قال أبو داود: رواه عبد الله العمري، عن نافع بإسناده قال: على كل مسلم)، وَهَذَا الحديث عِنْد الدارقطني, وعبد الله العمري هَذَا المكبر العمري أبو عبد الرحمن ضعيف فِيهِ ضعف.
(ورواه سعيد الجمحي، عن عبيد الله, عن نافع), عبيد الله هَذَا مصغر ثقة,(قال فيه: والمشهور عن عبيد الله ليس فيه من الْمُسْلِمِين), والحديث أخرجه الحاكم.
فعبد الله بن عمر العمري المكبر ضعيف, والمصغر عبيد الله ثقة, فالمكبر رواه قَالَ: «عَلَى كُلّ مسلم», عبيد الله رواه: «ليس فِيهِ من الْمُسْلِمِين», والحديث عِنْد الحاكم.
وَقَالَ المنذري: أخرجه البخاري والنسائي, روى عبد الله مكبر العمري وَهُوَ أبو عبد الرحمن فِيهِ ضعف, حديثه عِنْد الدارقطني بلفظ: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر عَلَى كُلّ مسلم حر أو عبد ذكر أو أنثى صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير».
وَقَالَ: «عَلَى كُلّ مسلم», لكنه ضعيف, وَأَمَّا رواية عبيد الله فَهِيَ أصح, رواها سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عَنْ عبيد الله المصغر, حديثه عِنْد الحاكم بلفظ: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من بر عَلَى كُلّ حر أو عبد ذكر أو أنثى من الْمُسْلِمِين», وصححه, ورواه الدارقطني في سننه من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عَنْ عبيد الله عَنْ نافع, والصحيح هُوَ الأول أيْ المصغر.
والمشهور عَنْ عبيد الله ليس فِيهِ «من الْمُسْلِمِين», في حديث زكاة الفطر ليس فِيهِ لفظ: «من الْمُسْلِمِين», والمعنى أن سعيد الجمحي روى عَنْ عبيد الله فذكر في الحديث لفظ الْمُسْلِمِين, وَأَمَّا غير سعيد مثل رواية عبيد الله مثل عبد الله بن العمري, (.....) لفظ الْمُسْلِمِين.
المقصود أن لفظ مسلم هَذَا جاء في رواية عبد الله العمري المكبر وَهُوَ ضعيف, وَأَمَّا رواية عبيد الله الثقة ليس فِيهَا الْمُسْلِمِين, ولهذا هَذِهِ اللفظة التي فِيهَا الاختلاف رأى بعض العلماء أن زكاة الفطر تخرج عَنْ غير الْمُسْلِمِين حَتَّى غير اَلْمُسْلِم.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1613 - حدثنا مسدد، أن يحيى بن سعيد، وبشر بن المفضل، حدثاهم، عن عبيد الله، ح وحدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان، عن عبيد الله، عن نافع، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، «أنه فرض صدقة الفطر صاعا من شعير، أو تمر، على الصغير والكبير، والحر والمملوك»، زاد موسى: والذكر والأنثى، قال أبو داود: قال فيه أيوب، وعبد الله يعني العمري، في حديثهما عن نافع، ذكر أو أنثى أَيْضًا.
(الشرح)
نعم: وَهَذَا الحديث من رواية عبيد الله عَنْ نافع, وَهُوَ ثقة عبيد الله, قَالَ: « فرض صدقة الفطر صاعًا من شعير، أو تمر، على الصغير والكبير، والحر والمملوك»، زاد موسى: والذكر والأنثى), وَلَمْ يقل من الْمُسْلِمِين, هَذِهِ الرواية رواية الدارقطني.
قوله: (صاعًا من شعير أو تمر), صاعًا منصوب عَلَى التمييز أو أَنَّهُ مفعول ثاني.
و(قال أبو داود: قال فيه أيوب)، يَعْنِي في رواية أيوب (وعبد الله يعني العمري، في حديثهما عن نافع، ذكر أو أنثى أَيْضًا), هَذِهِ رواية أيوب عِنْد الشيخين, يَعْنِي زاد موسى بن إسماعيل الذكر والأنثى وَلَمْ يذكر هَذِهِ اللفظة مسدد, وذكر أيضًا عمر بن عبد الله عن أبيه عن نافع عَنْ ابن عمر.
قَالَ الشارح: واعلم أَنَّهُ قَالَ الترمذي وأبو (....) الرقاشي ومحمد بن وضاح وتبعهم ابن الصلاح: إن مالكًا تفرد بقوله: «من الْمُسْلِمِين», دون أصحاب نافع, وتعقب ذَلِكَ ابن عبد البر فقال: كُلّ الرواة عَنْ مالك قَالُوا: «من الْمُسْلِمِين», إِلَّا قتيبة بن سعيد وحده لَمْ يقلها, قَالَ: وأخطأ من ظن أن مالكًا تفرد بها, لَقَدْ تابعه عليها جماعة عَنْ نافع منهم عمر بن نافع عند البخاري وكثير بن فرقد عند الطحاوي والدارقطني والحاكم وعبيد الله بن عمر, يَعْنِي يَقُولُ: لَمْ يتفرد بها, للرد عَلَى من قَالَ تفرد بها.
نعم:
أحسن الله إليكم:
حدثنا الهيثم بن خالد الجهني، حدثنا حسين بن علي الجعفي.
قف على الحديث هذا، المؤلف رحمه الله أطال في زكاة الفطر.
(.....) هاه هاه (.....)
أي نعم يعني من يوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين (.....) لا بأس نعم