بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمشتمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
(المتن)
يقول الإمام أبو داود رحمه الله في سننه في :
كتاب اللقطة
1709 - حدثنا مسدد، حدثنا خالد يعني الطحان، ح وحدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب المعنى، عن خالد الحذاء، عن أبي العلاء، عن مطرف يعني ابن عبد الله، عن عياض بن حمار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجد لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل، ولا يكتم ولا يغيب فإن وجد صاحبها فليردها عليه، وإلا فهو مال الله عز وجل يؤتيه من يشاء».
(الشرح)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد؛
قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب اللقطة: (حدثنا مسدد، أخبرنا خالد يعني الطحان، ح وحدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب المعنى، عن خالد الحذاء، عن أبي العلاء، عن مطرف يعني ابن عبد الله، عن عياض بن حمار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجد لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل، ولا يكتم ولا يغيب فإن وجد صاحبها فليردها عليه، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء»).
الحديث لا بأس بسنده الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة, والحديث دليل عَلَى وجوب الإشهاد، على وجوب إشهاد عدلين عَلَى اللقطة, وَعَلَى أوصافها, يَعْنِي أوصافها العامة, فَإِن الْأَمْرِ أصله للوجوب. والحديث دليل على وجوب عدلين على اللقطة وعلى أوصافها، يعني أوصافها العامة فإن الأمر أصله للوجوب.
وَقَالَ بعض العلماء: الْأَمْرِ للندب والإرشاد, لعدم ذكر الإشهاد في الأحاديث الصحيحة, قَالُوا: حديث اللقطة وحديث زيد بن خالد الجهني ما فيهما الإشهاد, قَالُوا: فكون الأحاديث الأخرى خلت من الإشهاد إِلَّا في هَذَا الحديث دل عَلَى أن الإشهاد للاستحباب والندب والإرشاد وليس للوجوب.
وأجيب بأن هَذِهِ الزيادة بَعْدَ صحتها يَجِبُ العمل بها, ما دامت زيادة صحيحة يَجِبُ العمل بها فيجب الإشهاد, وَهَذَا هُوَ الحق.
وقوله: (فإن وجد صاحبها فليردها عليه، وإلا فهو مال الله عز وجل يؤتيه من يشاء), الحديث فيه دليل عَلَى أَنَّهُ يحل الانتفاع باللقطة بَعْدَ مرور سنة, سنة التعريف, وَهَذَا مقيد بما سلف من إيجاب الضمان إِذَا جاء طالبها يومًا من الدهر, إِذَا جاء طالبها يومًا من الدهر وعرف أوصافها تدفع إليه, فَإِن لَمْ يأتِ أحد فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضمانها, أَمَّا إِذَا لَمْ يعرفها أخذ اللقطة ولكنه ما عرفها فَهُوَ ظالم بالتقاطها, إِذَا أخذ اللقطة يَجِبُ عَلَيْهِ أن يعرفها سنة, وَإِذَا مرت سنة فَهِيَ له, لكن يضبط أوصافها فَإِن جاء صاحبها يومًا من الدهر دفعها إليه.
أَمَّا إِذَا لَمْ يعرفها أخذها التقطها وَلَمْ يعرفها فَهُوَ ظالم بالتقاطها, فَهُوَ ظالم وضامن فيضمن, ضامن لها عَلَى كُلّ حال؛ لِأَنَّهُ ظالم ما عرفها, فَهُوَ ظالم بالتقاطها وضامن لها, وليس له أن ينتفع بها, بَلْ عَلَيْهِ أن يتصدق بها عَنْ صاحبها, أو ينفقها في المصالح العامة كالمساجد وإصلاح الطرق بالنية عَنْ صاحبها, أو يصرفها في الجهاد بالنية عَنْ صاحبها.
ولهذا قَالَ في الحديث: «من وجد لقطة فليشهد ذوا عدل أو ذوي عدل، ولا يكتم ولا يغيب فإن وجد صاحبها فليردها عليه، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء».
قَالَ الخطابي: هَذَا الْأَمْرِ للتأديب والإرشاد وَذَلِكَ لمعنيين:
أحدهما: لما يتخوفه في العاجل من تسويل الشيطان وانبعاث الرغبة فِيهَا فيدعوه إِلَى الخيانة بَعْدَ الأمانة.
لِأَنَّهُ قَدْ في المستقبل تضعف نفسه ويسول له الشيطان أن يخون ولا يعرفها ويأخذها, فَإِذَا أَشْهَد يكون هَذَا مانعًا له.
وكذلك الأمر الثاني: أَنَّهُ ما يؤمن من حدوث المنية, قَدْ يخترمه الموت فيدعيها ورثته, يدعيها الورثة ويحوزونها في تركته, ولكن إِذَا كَانَ أَشْهَد عليها عرف أَنَّهَا لقطة ليست من التركة.
وقَدْ ذَهَبَ الإمام أحمد وأبو حنيفة إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الإشهاد عَلَى اللقطة وَعَلَى أوصافها, وَهُوَ أحد قولي الشافعي, وَذَهَبَ الإمام المالك وأحد قولي الشافعي إِلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الإشهاد, قَالُوا: لعدم ذكر الإشهاد في الأحاديث الصحيحة فيحمل عَلَى الندب, والمسألة فِيهَا خلاف.
وَقَالَ الأولون: هَذِهِ الزيادة بَعْدَ صحتها يَجِبُ العمل بها يَجِبُ الإشهاد, وما ينافي ذَلِكَ لعدم ذكرها في الأحاديث, فالحق وجوب الإشهاد.
قوله: «ولا يكتم», يَعْنِي أيْ لا يخفي يَعْنِي يعرف ولا يغيب لا يجعلها غائبًا بأن يرسله إِلَى مكان آخر أو الكتمان المتعلق باللقطة التغيب بالضالة, قَالَ: «فَهُوَ مال يؤتيه من يشاء», استدل به الظاهرية عَلَى أَنَّهَا تصير ملكًا للملتقط ولا يضمنها. لقوله: فهو مال الله يؤتيه من يشاء قال الظاهرية إن هذا دليل على أنها تصير ملكًا للملتقط ولا يضمنها ما دام مضى عليها سنة تكون ملكًا له ولا يضمنها, لكن أجيب بأن هَذَا مقيد بالأحاديث الَّتِي فِيهَا وجوب الضمان, قوله: يؤتيه من يشاء المراد أَنَّهُ يحل انتفاعه بها بَعْدَ مرور سنة التعريف. نعم:
أحسن الله إليكم: شيخنا قبل السنة لا يجوز الانتفاع بها قبل السنة؟
لا يجوز لكن إن كانت مثلاً حيوان أو شَيْء يشق يبيعه ويحفظ ثمنه, إِذَا كانت مثلاً شاة يبيعها ويحفظ ثمنها أو يأكلها ويحفظ ثمنها, إِلَّا إِذَا أمكنه أن يجعلها مَعَ غنمه (....) فلا بأس.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1710 - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق؟ فقال: «من أصاب بفيه من غير ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع» وذكر في ضالة الإبل والغنم كما ذكره غيره، قال: وسئل عن اللقطة، فقال: «ما كان منها في طريق الميتاء أو القرية الجامعة فعرفها سنة، فإن جاء طالبها فادفعها إليه، وإن لم يأت فهي لك، وما كان في الخراب يعني ففيها وفي الركاز الخمس».
(الشرح)
هَذَا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة مختصرًا ومطولًا, وَقَالَ الترمذي: حديث حسن, والحديث فِيهِ دليل عَلَى أن المحتاج إِذَا أخذ من الثمر المعلق وأكل بفيه فَهُوَ مباح له, إِذَا كَانَ في البستان وَهُوَ محتاج وَإِذَا نخلة أو شجرة عنب متدلي الثمر في الشارع وأخذ فلا بأس, يأخذ يأكل بفيه, لكن لا يقطع شَيْء يأخذه معه, إِنَّمَا يأكل لحاجته, فهذا لا بأس به.
ولهذا سُئِلَ عَنْ الثمر المعلق قَالَ: «من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عَلَيْهِ»، ففيه دليل عَلَى أن المحتاج إذا أخذ من الثمر المعلق سواء من التمر من النخل من العنب وغيره وأكل بفيه فَإِنَّهُ مباحٌ له.
وَفِيهِ دليل عَلَى أن من أخذ شيئًا من التمر وخرج به قبل أن يأويه الجرين, والجرين ما يحرز فِيهِ التمر, فعليه غرامة وغرامة مثله عقوبة, يغرم مثليه, إِذَا خرج بشيء منه, أخذ من النخل قطع من النخل شَيْء لا يحتاجه أو من العنب أو سرق شيئًا منه, إِذَا أخذه قبل أن يضعه في الجرين, الجرين المكان الَّذِي يحفظ فِيهِ التمر, يحفظ فيه التمر يقال له الجرين فَإِذَا أخذ بشيء من التمر قبل أن يأويه في الجرين, ما ذَهَبَ إِلَى الجرين, الجرين مكان بناية يوضع فِيهَا التمر يحفظ فِيهَا وتغلق, لكن هَذَا أخذ من التمر قبل أن يأويه الجرين, بَعْدَ أن قطع من النخل ووضع في الأرض جاء وأخذ وسرق منه, فهذا عَلَيْهِ غرامته وغرامة مثله عقوبة فيغرم مثليه, فَإِذَا نقدر هَذَا التمر الَّذِي سرق, كَانَ التمر الَّذِي سرق يساوي مائة, نغرمه مائة ومائة, مائتين غرامة مثليه عقوبةً له.
ولهذا قَالَ: (ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة)، يَعْنِي ويؤدب أَيْضًا, يَعْنِي غرامة مثليه عقوبة فيغرم مثليه, وفي الحديث الدليل عَلَى جواز العقوبة بالمال, وَهِيَ مسألة خلافية بين أهل العلم, وَهَذَا الحديث حجة القائلين به, وإليه ذَهَبَ الإمام الشافعي في القديم ثُمَّ رجع عنه.
وَقَالَ بعض العلماء: العقوبة بالمال منسوخ, في الزَّكَاة قَالَ: «إن أخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا», الَّذِي يتأخر عَنْ الزَّكَاة, فهذا دليل عَلَى جواز العقوبة بالمال, قَالَ بعض العلماء: العقوبة بالمال منسوخ, والصواب عدم النسخ, وَقِيلَ: العقوبة في الأبدان لا في الأموال, والصواب الأول.
وَفِيهِ أن الَّذِي يأخذ من التمر زائدًا عَنْ حاجته فَإِنَّهُ يغرم مثليه ويعاقب أَيْضًا, يعاقب ولهذا قَالَ: «فعليه غرامة مثليه والعقوبة».
الحكم الثالث: إِذَا سرق شيئًا منه بَعْدَ أن يؤويه الجرين, بَعْدَمَا وضع التمر في الجرين يحفظ راح ودخل الجرين وفتح الجرين فتح الأبواب وأخذ وسرق سرق من الحرز, فهذا إِذَا سرق شيئًا يبلغ ثمن المجن فَإِنَّهُ تقطع يده, والمجن ثمنه ثلاثة دراهم؛ والمجن ثلاثة دراهم لِأَنَّ النَّبِيّ قطع في ثمن المجن ثلاثة دراهم.
وفي الحديث دليل عَلَى أن من سرق من التمر شيئًا يبلغ ثمن المجن وَهُوَ ثلاثة دراهم بَعْدَ أن يؤويه الجرين فَإِنَّهُ تقطع يده اليمنى من مفصل الكف, يعتبر سارق سرق من الحرز.
وَفِيهِ دليل عَلَى أن الأصل فيما تقطع فِيهِ اليد ثمن المجن وَهُوَ ثلاثة دراهم, بعض العلماء قَالَ: الأصل الدراهم إِذَا سرق ثلاثة دراهم, وَبَعْضُهُمْ قَالَ: الأصل ثمن المجن, والمجن هُوَ الأصل, والمجن للإنسان هُوَ ما يتقي به المقاتل وقع النبال.
والثمر المعلق المراد بالثمر المعلق ما كَانَ معلق في النخل قبل أن يجذ ويجرن, والتمر اسم جامع للرطب واليابس من التمر.
وقوله: «غير متخذ خبنة», الخبنة يقولون عنها هِيَ معطف الإزار وطرف الثوب, أيْ لا يأخذ منه في ثوبه, قَالَ: أخبن الرجل إِذَا خبى شيئًا في خبنة الثوب أو سراويله, والخطابي: الخبنة ما يأخذ الرجل في ثوبه فيرفعه إِلَى فوق, ويقال للرجل إذا رفع ذيله بالشيء قَدْ رفع خبنته, وقوله: «من خرج بشيء منه», فِيهِ دليل عَلَى أَنَّهُ يحرم عَلَيْهِ الخروج بشيء منه؛ لا يخرج بشيء لكن يأكل بنفسه, ولا يأخذ معه.
إذا احتاج إِذَا مر بالبستان وَهُوَ محتاج أكل حاجته ولا يأخذ شَيْء منه معه, فَإِذَا خرج بشيء منه معه هَذَا فِيهِ نصين: إن كَانَ قبل أن يجذ قبل الجذاذ ويأوى الجرين فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الغرامة والعقوبة, وإن كَانَ بَعْدَ إيواء الجرين وبلغ ثمن المجن تقطع يده.
وَقَالَ الخطابي: يشعر أن يكون هَذَا عَلَى سبيل التوعد, فينتهي عَنْ فعل ذَلِكَ, والأصل أَنَّهُ لا واجب عَلَى متلف الشيء أكثر من مثله, يَعْنِي تكون غرامة مثله.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إن هَذَا كَانَ في صدر الإسلام, تقع بعض العقوبات عَلَى الأفعال ثُمَّ نسخ, والصواب أَنَّهُ لَمْ ينسخ.
قَالَ: (إِنَّمَا أسقط القطع عمن سرق التمر المعلق لِأَنَّ حوائط المدينة ليس عليها حيطان, وليس سقوطه عنه من أجل ألا قطع في غير الثمر فَإِنَّهُ مال كسائر الأموال), لكن هَذَا ليس بظاهر.
والمجن هُوَ الترس يسمى مجن لِأَنَّ حامي له أن يستره, وثمن المجن هَذَا معروف أَنَّهُ ربع دينار, هَلْ الأصل المجن وَهُوَ الربع الدينار, أو الأصل الثلاثة دراهم؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: كلهم الأصل, إِذَا سرق سارق ثمن الثلاثة دراهم أو ثمن المجن تقطع يده, والصواب: أن الأصل ثمن المجن.
والمجن ثمنه ربع دينار, فالأصل الذهب ربع دينار إِذَا سرق مقدار قيمة ربع الدينار تقطع يده, وَقَالَ بعض العلماء: هَذَا أو هَذَا, إِذَا سرق مقدار ثمن ربع الدينار أو ثلاثة دراهم, لِأَنَّ ربع الدينار يَعْنِي ثلاثة دراهم, وَهُوَ نصاب السرقة عَنْد الشافعي وجماعة ربع الدينار.
باقي الآن من الحديث قَالَ: (وذكر في ضالة الغنم والإبل كما ذكر غيره), يَعْنِي أن ضالة الغنم تؤخذ وضالة الإبل تترك.
ثُمَّ قَالَ: (وسئل عن اللقطة، فقال: «ما كان منها في طريق الميتاء أو القرية الجامعة فعرفها سنة، فإن جاء طالبها فادفعها إليه، وإن لم يأت فهي لك، وما كان في الخراب ففيها وفي الركاز الخمس»).
في الحديث دليل عَلَى أن اللقطة في الطريق المسلوك أو القرية الجامعة للناس العامرة تعرف سنة, وما كَانَ في الطريق الميتاء, الميتاء أيْ الَّذِي يأتيه النَّاس ويسلكونه, طريق مسلوك, أو القرية الجامعة، القرية الجامعة المسكونة, فَإِذَا وجد لقطة في طريق مسلوك أو في قرية مسكونة فَإِنَّهُ يعرفها سنة.
وفي الحديث دليل عَلَى أن اللقطة في الطريق المسلوك أو القرية الجامعة للناس العامرة تعرف سنة, فَإِن لَمْ يأت صاحبها انتفع بها الملتقط, فَإِن جاء صاحبها يومًا من الدهر دفعها إليه, ولهذا قَالَ: (فَإِن جاء طالبها فادفعها إليه, فَإِن لَمْ يأت فَهِيَ لك).
(وما كان في الخراب يعني ففيها وفي الركاز الخمس), ما كَانَ في الخراب يَعْنِي اللقطة الَّتِي في الخراب العادي الَّذِي لا يعرف له مالك, ما كان في الخراب خراب عادي مكان غير مسلوك ما يمر به النَّاس.
وَكَذَلِكَ الركاز, الركاز كنوز أهل الجاهلية وجد مدفون وليست عَلَيْهِ علامة أهل الإسلام, كنز عَلَيْهِ علامة أهل الجاهلية, أَمَّا إِذَا كَانَ عَلَيْهِ علامة أهل الإسلام فهذا يكون حكمه اللقطة, إِذَا وجد كنز في الأرض إِذَا كَانَ عَلَيْهِ علامة أهل الإسلام يكون حكمه اللقطة, وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ علامة أهل الجاهلية يكون كنز.
ما كَانَ في الخراب يَعْنِي وَفِيهَا وفي الركاز الخمس, فاللقطة في الخراب العادي الَّذِي لا يعرف له مالك, وَكَذَلِكَ الركاز وَهُوَ كنوز أهل الجاهلية أو المعادن أَيْضًا, المعادن مثل الرصاص والحديد, ومثله البترول الآن هُوَ كَذَلِكَ من المعادن, لكن البترول الآن صارت تتولاه الحكومات والدول.
فاللقطة في الخراب العادي وَكَذَلِكَ الركاز فِيهِ الخمس, وسائر المال لواجده, إِذَا وجدت رصاص أو نحاس أو شَيْء من دفن الجاهلية تخرج الخمس زكاة والباقي لك؛ لِأَنَّهُ حصل عَلَيْهِ بدون تعب, ففيه الخمس, أكثر من الزَّكَاة, الزَّكَاة ربع العشر, وَهَذَا تخرج فِيهِ الخمس لِأَنَّهُ جاء إليك بغير تعب.
وقوله: (وذكر ابن عجلان كما ذكر غيره), يَعْنِي ذكر ابن عجلان عَنْ عمرو بن شعيب كما ذكر غيره يَعْنِي غير ابن عجلان, كعبيد الله بن عمر عَنْ ابن شعيب, أو يكون معناه أيْ ذكر عبد الله بن عمرو بن العاص كما ذكر غيره من الصَّحَابَة.
قَالَ ابن عجلان في إسناده: وَسُئِلَ النَّبِيّ عَنْ اللقطة في طريق الميتاء, يَعْنِي الطريق المسلوكة, والقرية الجامعة يَعْنِي النَّاس من المرور والذهاب قرية عامرة يسكنها النَّاس.
قَالَ الخطابي: يريد الخراب العادي الَّذِي لا يعرف له مالك وسبيله سبيل الركاز, فِيهِ الخمس وسائر المال لواجده.
وَأَمَّا الخراب الَّذِي كَانَ عامرًا ملكًا لمالك ثُمَّ خرب فَإِن المال الموجود فِيهِ ملك لصاحبه, لصاحب الخراب, ليس لواجده منه شَيْء, وإن لَمْ يُعلم له صاحب فَهُوَ لقطه, وَهَلْ الركاز الآن وما وجد في الخراب حكمه واحد؟ في الحديث قَالَ: «وما كَانَ في الخراب», يَعْنِي ففيها وفي الركاز الخمس, فرق بين الَّذِي يوجد في الخراب وفي الركاز.
والعلماء تكلموا فِيهَا, قَالَ الإمام الهروي في الغريب: اختلف أهل العراق وأهل الحجاز في تفسير الركاز, قَالَ أهل العراق: هُوَ المعادن, وَقَالَ أهل الحجاز: هُوَ كنوز أهل الجاهلية, يعني اختلفوا في الركاز ما هو الركاز؟ أهل العراق يقولون: هو المعادن وأهل الحجاز قالوا: كنوز أهل الجاهلية وكلٌ تحتمله اللغة, قَالَ في النهاية الركاز عِنْد أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض, وَعِنْد أهل العراق المعادن, والقولان تحتملهما اللغة, والحديث إِنَّمَا جاء في التفسير الأول وَهُوَ كنز الجاهلية, وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه.
وأخرج الحاكم في المستدرك في آخر البيوع من حديث عمرو بن شعيب عَنْ أبيه عَنْ جده عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ في كنز وجده رجل فقال: «إن كنت وجدته في قرية مسكونة أو سبيل ميتاء فعرفه, وإن كنت وجدته في خربة جاهلية أو في قرية غير مسكونة أو غير سبيل ميتاء ففيه وفي الركاز الخمس», انتهى، والحديث سكت عنه, إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَلَمْ أزل أطلب الحجة لسماع شعيب بن محمد عِنْد عبد الله بن عمرو فلم أصل إليها إِلَى هَذَا الوقت.
قَالَ بعض الشراح المتقدمين: عطف الركاز عَلَى الكنز قَالُوا: ما كَانَ في الخراب ففيها وفي الركاز, عطف الركاز عَلَى الكنز دليل عَلَى أن الركاز غير الكنز, وَأَنَّهُ المعدن كما يَقُولُ أهل العراق, وَهُوَ حجة لمخالف الشافعي, والشافعي يَقُولُ: ليس الْأَمْرِ كما قَالَ البعض, وإن كَانَ أهل العلم المتقدمين قَالُوا: بأن حديث عمرو بن شعيب فِيهِ حكم للشيئين:
الأول: ما وجد مدفونًا في الأرض وَهُوَ الركاز.
الثاني: ما وجد عَلَى وجه الأرض في خربة الجاهلية أو في قرية غير مسكونة, أو غير سبيل ميتاء ففيه الخمس.
فها هنا عطف الركاز وَهُوَ المال المدفون عَلَى المال الَّذِي وجد عَلَى وجه الأرض, وَأَمَّا عَنْ حكم المعدن فالحديث ساكت عنه, فلا يكون حجة لأهل العراق, بَلْ الحديث حجة لأهل الحجاز الَّذِين نزل الْقُرْآن بلغتهم.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1711 - حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن الوليد يعني ابن كثير، حدثني عمرو بن شعيب، بإسناده بهذا، قال في ضالة الشاء: قال: «فاجمعها».
(الشرح)
هَذَا الحديث تابع للحديث السابق, حديث عمرو بن شعيب, قوله: (بإسناده), يَعْنِي بإسناده إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الحديث المذكور, لكن قَالَ الوليد بن كثير في ضالة الشاة قال في حكم الشاة الضالة قال: «فاجمعها», أيْ قَالَ الوليد مكان قوله: خذها فاجمعها, وَهُوَ أمر من جمع أي اجمع الشاة الضالة مَعَ شاته, فمعنى قوله: خذها واجمعها واحد المعنى واحد.
نعم: ينبه للفرق بينهما قال لهذا اجمعها وقال خذها والمعنى واحد.
أحسن الله إليكم
(المتن)
1712 - حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، بهذا بإسناده قال في ضالة الغنم: «لك أو لأخيك أو للذئب، خذها قط». وكذا قال فيه أيوب، ويعقوب بن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «فخذها».
(الشرح)
طيب وَهَذَا أَيْضًا تابع للحديث السابق, لكن المؤلف أراد أن يبين, قَالَ: «خذها قط», يشبه أن يكون معنى قط بمعنى حسب وَهُوَ الاكتفاء بالشيء, تقول: قط يَعْنِي حسب, يقال: رأيته قط المعنى أن عبيد الله بن أخنس الراوي عَنْ عمرو بن شعيب ما زاد عَلَى قوله: خذها, كما زاد ابن اسحاق في الرواية الآتية, في الرواية الآتية قَالَ: «حَتَّى يأتيها باغيها», أما عبد الله بن أخنس قَالَ: «خذها قط», ما في زيادة, قَالَ: خذها فقط.
وأَمَّا الرواية الَّتِي بعدها قَالَ: «خذها حَتَّى يأتيها باغيها».
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1713 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، ح وحدثنا ابن العلاء، حدثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، قال في ضالة الشاء: «فاجمعها حتى يأتيها باغيها».
(الشرح)
هنا حديث ابن العلاء عَنْ إدريس قَالَ: «حَتَّى يأتيها باغيها», وعبيد الله بن أخنس قَالَ: «خذها قط», ما زاد قَالَ: خذها فقط, ما زاد عَلَى قوله: خذها كما زاد إسحاق في الرواية, في رواية إسحاق قَالَ: «فاجمعها حتى يأتيها باغيها».
وَكَذَلِكَ قَالَ أيوب، أيوب السختياني ويعقوب بن عطاء كلاهما قَالَ: «فخذها», وما زاد على ذلك واتفق الثلاثة عبيد الله بن أخنس وأيوب السختياني ويعقوب عَلَى عدم الزيادة, وأخرج الشافعي في مسنده من طريق سفيان عَنْ داود عَنْ عمرو بن شعيب عَنْ أبيه عَنْ جده لكن ما ذكر قصة الشاة ولا قصة الإبل, بينما اقتصر عَلَى ذكر الكنز.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1714 - حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن عبيد الله بن مقسم، حدثه عن رجل، عن أبي سعيد الخدري، أن علي بن أبي طالب، وجد دينارا فأتى به فاطمة فسألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «هو رزق الله عز وجل»، فأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكل علي، وفاطمة فلما كان بعد ذلك أتته امرأة تنشد الدينار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا علي أد الدينار».
(الشرح)
الحديث هَذَا ضعيف؛ لِأَنَّ في سنده رجل مبهم مجهول, قَالَ: حدثه عَنْ رجل عَنْ أبي سعيد؛ فَهُوَ ضعيف لِأَنَّ في إسناده مبهم؛ لكن يشهد له الحديثان بعده, بعد الحديث حديثان بعده يشهدان له فيرتقي بهما إِلَى درجة الحسن لغيره فيصلح للاحتجاج.
والحديث دليل عَلَى التقاط الشيء القليل والحقير الَّذِي لا تتبعه همة أوساط النَّاس من دون تعريف, مثل الدينار, الدينار قليل, لكن إِذَا جاء طالبه دفعوه إليه, وَفِيهِ دليل عَلَى جواز التقاط الشيء القليل الحقير الَّذِي لا تتبعه همة أوساط النَّاس من دون تعريف.
ومثلوا له بالعصا, إذا وجد عصا يأخذها إِذَا وجد بيضة يأخذها, تمرة يأخذها, وجد ريال خمسة ريالات وَقَدْ يقال إِلَى عشرة ريالات شَيْء قليل ما تتبعه همة أوساط النَّاس, تعطى للأطفال أحيانًا مثل هَذَا ريال أو خمسة ريال, فهذه ما يحتاج إِلَى تعريف تأخذها وتتملكها, إِنَّمَا الَّذِي تتبعه همة أوساط النَّاس.
همة أوساط النَّاس مثلاً المائة ريال أو خمسمائة ريال تتبعه همة أوساط النَّاس, يطلبونها هَذِهِ هِيَ الَّتِي تعرف, فعلي رضي الله عنه وجد دينارًا فأتى به فاطمة واشترى به طعام, وأكل منه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وجاءت امرأة بَعْدَ ذَلِكَ تطلبه, قالت: الدينار لي, فقال النَّبِيّ: «أدي يا علي الدينار».
فهذا الحقير لو جاء أحد يسأل عنه يعطى إياه، ولو ما جاء أحد فهو لك. نعم:
قوله: (هُوَ رزق الله عز وجل), بعض العلماء قَالُوا: هَذَا معنى التعريف هُوَ رزق الله, يَقُولُ: الظاهر أن هَذَا معنى التعريف, فيؤخذ منه أن تعريف كُلّ شَيْء عَلَى حسبه, أو هُوَ إذن لصاحب الحاجة من غير التعريف لكن بشرط أن يرده إِذَا جاءه مالكه. قاله الشيخ المحدث محمد بن إسحاق والصواب قَالَ: والظاهر أَنَّهُ لَمْ يعرف وَهُوَ مذهب الشافعي أَنَّهُ لا يَجِبُ التعريف في القليل؛ لِأَنَّ الدينار قليل, هَذَا هُوَ الصواب, اختلفوا في حد القليل الذي لا يعرف ما هُوَ؟
قِيلَ: هُوَ ما دون عشرة دراهم, وَقِيلَ: الدينار وما دونه قليل, والصواب: أنه يختلف باختلاف الأحوال, قَدْ يكون الدينار في زمن قليل وفي زمن كثير عَلَى حسب أحوال النَّاس.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1715 - حدثنا الهيثم بن خالد الجهني، حدثنا وكيع، عن سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى العبسي، عن علي رضي الله عنه، «أنه التقط دينارا فاشترى به دقيقًا، فعرفه صاحب الدقيق فرد عليه الدينار فأخذه علي وقطع منه قيراطين فاشترى به لحمًا».
(الشرح)
نعم: وَهَذَا أَيْضًا يشهد للحديث السابق وَفِيهِ أن عليا رضي الله عنه التقط دينارًا لِأَنَّهُ قليل فاشترى به دقيقًا فعرفه صاحب الدقيق, وصاحب الدقيق كَانَ يهوديًا فعرف عليًا فرد الدينار عَلَيْهِ, فقال: الدينار لك والدقيق لك, يَعْنِي رد أي صاحب الدقيق عَلَى علي الدينار, فأخذه علي فقطع منه قيراطين فاشترى به لحمًا.
رد الدينار عَلَى علي من أجل معرفته به ومنزلة علي عنده, فقطع علي رضي الله عنه منه أيْ من الدينار قيراطين فاشترى به لحمًا, أيْ من المقطوع منه.
وفي الرواية الآتية أَنَّهُ اشترى بدرهم, وَهَذَا الحديث في سنده بلال بن يحيى العبسي روى عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مرسل, وَعَنْ عمر بن الخطاب, وَهُوَ مشهور بالرواية عَنْ حذيفة وَقَالَ: بلغنا حذيفة, في سماعه منه نظر لكنه شاهد للحديث السابق.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1716 - حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي، حدثنا ابن أبي فديك، حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أخبره أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان فقال: ما يبكيهما، ما يبكيكما هل هي بالهاء؟ بالهاء يا شيخ قالت: الجوع فخرج علي فوجد دينارا بالسوق فجاء إلى فاطمة فأخبرها فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقا، فجاء اليهودي فاشترى به فاشترى به دقيقًا نعم فاشترى به دقيقًا فقال اليهودي: أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله، قال: نعم، قال: فخذ دينارك ولك الدقيق، فخرج علي حتى جاء به فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان الجزار فخذ بدرهم لحمًا، فذهب فرهن الدينار بدرهم لحم فجاء به فعجنت ونصبت وخبزت، وأرسلت إلى أبيها فجاءهم، فقالت: يا رسول الله أذكر أذكر لك يعني أذكر لك القصة أذكر لك فإن رأيته لنا حلالًا أكلناه، وأكلت معنا من شأنه كذا، وكذا، فقال: «كلوا باسم الله»، فأكلوا فبينما هم مكانهم، إذا غلام ينشد الله والإسلام الدينار، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعي له، فسأله، فقال: سقط مني في السوق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا علي اذهب إلى الجزار، فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك، أرسل إلي بالدينار، ودرهمك علي " فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه.
(الشرح)
وَهَذَا الحديث شاهد للحديثين السابقين وَهُوَ يَدُلَّ عَلَى جواز التقاط الشيء القليل والحقير من غير تعريف وَأَنَّهُ إِذَا جاء طالبه دفعه إليه, التنيسي نسبة إِلَى تنيس جزيرة في بحر مصر قريبة من البر من الفرما ودمياط, الفرما في الشرقية قَالَ: (حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي)، الزمعي منسوب إِلَى زمعة.
وقول اليهودي: (أنت ختن), ختن هَذَا الرجل يَعْنِي زوج ابنته, الختن زوج ابنته, فَلَمَّا أخذ علي رضي الله عنه الدرهم رهن الدينار, لما ذَهَبَ إِلَى الجزار وأخذ منه لحمًا بدرهم رهن الدينار بالدرهم, علي اشترى لحم بدرهم أقل من الدينار, والجزار طلب رهن أعطاه الدينار, خذ دينار رهن.
فَلَمَّا دفع علي الدينار للجزار وحبسه عنده لعوض درهم من أجل اشتراء اللحم, فاشترى علي رضي الله عنه اللحم من ذَلِكَ القصاب الَّذِي رهن الدينار ووضعه عنده, فجاء باللحم لفاطمة فعجنت الدقيق ونصبت القدر لطبخ اللحم وأرسلت إِلَى أبيها محمد صلى الله عليه وسلم تطلبه من أجل أن يأكل معها.
فقال: فذكرت من شأنه من شأن الطعام كذا وكذا وقصت القصة, قوله: وجاء رجل ينشد الله, يعني: ناشدتك الله وبالله سألتك به مقسمًا عليك, والمعنى أن الغلام جاء ينشد بالله وبالإسلام ويطلب الدينار, فأمر رسول الله بإحضار ذَلِكَ الغلام, وَهَذَا الحديث فِيهِ إسناده موسى بن يعقوب الزمعي, وكنيته أبو محمد اختلفوا فِيهِ, قَالَ أحمد وابن معين: ثقة, وَقَالَ ابن عدي: عِنْدِي لا بأس به ولا بروايته, وقال أبو عبد الرحمن النسائي: ليس بالقوي.
وفي رواية الإمام الشافعي: أَنَّهُ أمره أن يعرفه فلم يعرفه, فأمره أن يأكله؛ لِأَنَّهُ شَيْء قليل, وذكر البيهقي حديث علي هذا من رواية أبي سعيد, وَفِيهِ أن علي أنفقه في الحال وَلَمْ تمض المدة, قَالُوا: والأحاديث في اشتراط المدة في التعريف أكثر وأصح إسنادًا من هاتين الروايتين ولعله إِنَّمَا أنفقه قبل مضي مدة التعريف للضرورة, وفي الحديث ما دل عَلَى ذلك والله أعلم.
الأقرب أَنَّهُ أنفقه لِأَنَّهُ شَيْء قليل كما سبق, وَقَالَ غيره في حديث علي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يأمره بتعريفه, وَقَالَ: فِيهِ إشكال, إذ ما صار إِلَى إسقاط أصل التعريف, ما صار أحد إِلَى إسقاط أصل التعريف, ولعل تأويله أن التعريف ليس له صيغة تعتد به, ومراجعته إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى ملأ من الخلق إعلان به, فهذا يعيد الاكتفاء بالتعريف مرة واحدة, وَهَذَا هُوَ مذهب الظاهرية.
قَدْ ذكرنا أن في رواية الإمام الشافعي أنه أمره أن يعرفه, وذكر بَعْضُهُمْ: أن القليل في اللقطة مقدر بدينار فما دونه, واحتج بحديث علي, وذكر بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنَّهُ لا يَجِبُ تعريف القليل لحديث علي رضي الله عنه هَذَا هُوَ الصواب أن القليل لا يعرف. نعم:
أحسن الله إليكم: لكن يا شيخ كأن الروايتين بينهم خلاف, أن المرة الأولى أَنَّهُ لليهود واليهودي تبرع به لعلي, والرواية التي عندنا
قُلْنَا: الروايات بعضها يشد بعضًا, هَذِهِ الروايات الثلاث يقوي بعضها بعضًا, وإلا كُلّ واحد فِيهِ ضعف, الأول فِيهِ مجهول. وهذا فيه أيضًا الزمعي
نعم:
هَلْ يجوز رهن اللقطة؟ (......)
رهنه لِأَنَّهُ تملكه لِأَنَّهُ شَيْء قليل تملكه صار مالًا له.
لم يجد شيئًا يأكله هذا فيه ما لاقى من الشدة
وَالصَّحَابَة وما لاقوه من الشدة, لاشك أَنَّهَا شدة عظيمة, أبو هريرة راوية الإسلام خمسة ألاف حديث, يكاد يسقط من الجوع, وقف يومًا عَلَى طريقهم وهم يمرون, وجعل يسألهم وهو محتاج ما أكل من مدة, فمر به عمر رضي الله عنه وجعل يستقرأه آية, يَقُولُ: ما هِيَ الآية الفلانية كذا وكذا, يَقُولُ: أنا أستقرأه لعله يفطن لي فاستقرأه ومضى, وَكَذَلِكَ أبو بكر, ثُمَّ مر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فعرف ما في وجهه, فقال: الحق بنا أبا هر, وَكَانَ يسقط من الجوع؛ حَتَّى يضع بعض الصحابة رجله عَلَى رقبته, وما به إِلا الجوع, قَالَت عائشة: ما شبعنا من التمر حَتَّى فتحت خيبر.
يَعْنِي صبروا وأفلحوا نصروا دين الله وأظهروه, نصروا دين الله في شرق الأرض ومغاربها, الدنيا ليست مقياس نعم:
شيخنا: كيف يكون قليل الدينار وهو بدرهم واشترى لحم؟
بجزء منه، صرفه
الدينار اثني عشر درهم والدرهم اشترى لحم إذًا الدينار قيمته كبيرة؟
قيمته كثيرة نعم، ولذلك اختلفوا بَعْضُهُمْ قال لماذا لم يعرفه؟ بعض العلماء كما سبق الاختلاف قد يكون قليل لكن بعيد أن يكون الدينار في زمن الصحابة قليل.
كون الحاجة يا شيخ لعلها الحاجة.
بعضهم قال وذكر الحاجة قَالَ: لعله للحاجة لَمْ يعرفه وَأَنَّهُ ضامن له, ولذلك جاء من ينشده, قَالَ: أعطوني الدينار فأعطي.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1717 - حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا محمد بن شعيب، عن المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير المكي، أنه حدثه، عن جابر بن عبد الله، قال: «رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به». قال أبو داود: رواه النعمان بن عبد السلام، عن المغيرة أبي سلمة، بإسناده، ورواه شبابة، عن مغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: كانوا لم يذكروا النبي صلى الله عليه وسلم.
(الشرح)
نعم: وَهَذَا الحديث أَيْضًا يشهد للحديث السابق بأن الشيء القليل يلتقط, قَالَ: «رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والحبل والسوط وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به».
والحديث في سنده المغيرة بن زياد وَهُوَ متكلم فِيهِ؛ لكن الحديث يشهد له حديث علي السابق في أخذه الدينار, وَيَدُلَّ عَلَى أن العصا والحبل والسوط ونحوهما يلتقطا وينتفع بهما ولا يعرفها, لكن إن جاء طالبه دفعه إليه.
قَالَ بعض العلماء غير البيهقي: في حديث علي لَمْ يأمره النَّبِيّ بتعريفه أي الدينار, قَالُوا: وَفِيهِ إشكال, إذ ما صار أحد إِلَى إسقاط أهل التعريف, ولعل تأويله أن التعريف ليس له صيغة تعتد به, يمكن عرفه, ومراجعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى ملأ من الخلق إعلانٌ به, كأنه أعلن, فهذا يؤيد الاكتفاء بالتعريف مرة واحدة.
قَالَ: وَقَدْ ذكرنا أَنَّهُ في رواية الإمام الشافعي أَنَّهُ أمره أن يعرفه, وذكر بَعْضُهُمْ أن هَذَا قليل, أن القليل في اللقطة مقدر بدينار, يَعْنِي الإشكال أجيب عنه بأن التعريف ليس له صيغة يعتد به, فَهُوَ يعرفه, وكون النَّبِيّ يراجعه عَلَى ملأ من النَّاس وهم يعلمون هَذَا إعلانٌ به.
وجاء في رواية الشافعي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يعرفه, وَقَالَ آخرون من أهل العلم: إن هَذَا إن القليل في اللقطة مقدر بدينار فما دونه واحتج بحديث علي هَذَا, وذكر بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لا يَجِبُ تعريف القليل لحديث علي هَذَا, نعم: وَهَذَا هُوَ الصواب أن القليل لا يعرف.
لكن هناك إشكال الدينار في ذَلِكَ الوقت ليس بقليل الدينار, كَانَ له قيمة, فالقول: على رواية الشافعي أنه لم يعرفه وعلى الرواية الأخرى أن مراجعة النَّبِيّ عَلَى الملأ إعلان, وقوله: «رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه». وأشباهه يَعْنِي مِمَّا يعد قليلاً يلتقطه الرجل ينتفع به, يَعْنِي الحكم فِيهِ أَنَّهُ يلتقط من غير تعريف سنة, وَفِيهِ دليل عَلَى أن القليل لا يعرف.
قَالَ أبو داود: رواه النعمان بن عبد السلام عَنْ المغيرة بن مسلم, المغيرة بن مسلم، (...) أبي سلمة بإسناده, يَعْنِي بإسناده إِلَى أبي زبير المكي عَنْ جابر, ورواه شبابة عَنْ مغيرة بن مسلم عَنْ أبي الزبير.
والحاصل معنا أَنَّهُ روى عَنْ أبو الزبير المكي اثنان: المغيرة بن زياد ومغيرة بن مسلم من أبو سلمة, ومحمد بن شعيب روى عَنْ مغيرة بن زياد عَنْ أبي الزبير عَنْ جابر, بلفظ: «رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم», وروى النعمان بن عبد السلام وشبابة كلاهما عَنْ مغيرة بن مسلم عَنْ أبي الزبير عَنْ جابر من غير ذكر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بلفظ: «كَانُوا لا يرون بأس بالعصا والحبل والسوط». الحديث
قَالَ المنذري: إن بَعْضُهُمْ رواه وَلَمْ يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم وفي إسناده المغيرة بن زياد تكلم فِيهِ غير واحد.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1718 - حدثنا مخلد بن خالد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، أحسبه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها».
(الشرح)
هَذَا حديث مرسل؛ لِأَنَّ عكرمة لَمْ يجزم بسماعه عَنْ أبي هريرة, قَالَ: أحسبه عَنْ أبي هريرة, والحديث شاهد للعقوبة بالمال كما سبق, في من سرق من الثمر المعلق, وَهَذَا الحديث فِيهِ أن من أخذ ضالة الإبل وكتمها وَلَمْ يعرفها وَلَمْ يشهد عليها ففيه إيجاب الغرامة بمثلي قيمتها, أولًا: ضالة الإبل ما تؤخذ, وَهَذَا أخذها وكتمها وَلَمْ يعرفها وَلَمْ يشهد عليها فهذا يَجِبُ عَلَيْهِ الغرامة بمثلي قيمتها, قَالَ: «ضالة الإبل مكتومة غرامتها ومثلها معها».
ضالة الإبل يَعْنِي حكمها «المكتومة», الَّتِي كتمت كتمها الواجد ولَمْ يعرفها ولم يشهد عليها, غرامتها فِيهَا إيجاب الغرامة بمثلي قيمتها.
قَالَ الخطابي: سبيل هَذَا سبيل ما تقدم من ذكره من الوعيد الَّذِي يراد به وقوع الفعل, وَإِنَّمَا هُوَ زجر وردع, وَكَانَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكم به, وإليه ذَهَبَ أحمد بن حنبل وَأَمَّا عامة الفقهاء عَلَى خلافه.
قَالَ المنذري: لَمْ يجزم عكرمة بسماعه من أبي هريرة فَهُوَ مرسل. نعم:
أحسن الله إليكم:
(....) ضالة الغنم إِذَا لَمْ يعرفها هَلْ يغرم مثلها؟ لا, لكن تؤخذ منه يضمنها.
إن شاء الله: بالنسبة لضالة الإبل هَلْ يطردها لأنها أحيانًا تأتي للنار أو بمعية شخص يَجِبُ تركها؟
نعم, يجب تركها قَالَ: «ما لك ولها», اللَّهُمَّ إِلَّا أن يجدها في أرض مسبعة أو في مكان فِيهِ قطاع طريق وإلا فالأصل تركها, فَهِيَ تمشي مسافات بعيدة, وتشرب ما يكفيها لمدة أسبوع تخزن في باطنها ماء يكفيها, فلا حاجة وتأكل وترعى, وأحيانًا هِيَ تعرف بيت صاحبها تَأْتِيَ إليه, وأحيانًا صاحبها يبحث عنها يذهب حَتَّى يجدها فلا داعي إِلَى أخذها.
لكن يا شيخ بعض النَّاس يَقُولُ: هِيَ خلاص تعودت عَلَى إبل هَذَا الشخص, وترعى معها وتمشي وتسرح فيقول: من فترة ما جاءني أحد يسأل عنها ولا شَيْء؟
إِذَا عرفها التعريف الشرعي ولا جاء أحد يتملكها بَعْدَ سنة.
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1719 - حدثنا يزيد بن خالد بن موهب، وأحمد بن صالح، قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو، عن بكير، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن لقطة الحاج». قال أحمد: قال ابن وهب: يعني في لقطة الحاج يتركها حتى يجدها صاحبها، قال ابن موهب، عن عمرو.
(الشرح)
نعم: وَهَذَا الحديث أخرجه الإمام مسلم والنسائي وليس من كلام ابن وهب, والحديث فِيهِ النهي عَنْ لقطة الحرم للتمليك, وَأَنَّهُ لا يجوز أن تأخذ لقطة الحرم للتمليك بَلْ لا يأخذها إِلَّا للحفظ عَلَى صاحبها وليعرفها, اللقطة في الحرم لا يجوز الإنسان يأخذها للتمليك بخلاف غيرها, يأخذها ويعرفها ثُمَّ يملكها بَعْدَ سنة, أَمَّا لقطة الحرم فلا تؤخذ للتملك وَإِنَّمَا تؤخذ للتعريف.
فالحديث فِيهِ النهي عَنْ لقطة الحرم للتمليك بَلْ لا يأخذها إِلَّا للحفظ عَلَى صاحبها وليعرفها, وَفِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عَنْ لقطة الحاج, (قال أحمد: قال ابن وهب: يعني في لقطة الحاج يتركها حتى يجدها صاحبها)،
قوله: (نهى عَنْ لقطة الحاج), يَعْنِي عَنْ التقاط الرجل ما ضاع للحاج, المراد ما ضاع في مَكَّة, لحديث أبي هريرة مرفوع عِنْد الشيخين: «ولا تحل ساقطتها إِلَّا لمنشد», ولحديث ابن عباس مرفوعًا عندهما أَيْضًا بلفظ: «لا تلتقط لقطته», يَعْنِي الحرم أو «لا يلتقط لقطتها إِلَّا من عرفها».
وحمله الجمهور عَلَى أَنَّهُ نهيٌ عَنْ التقاطها للتمليك لا للتعريف بها فَإِنَّهُ يحل, قَالُوا: وَإِنَّمَا خصت لقطة الحاج بِذَلِكَ لإمكان إيصالها إلى أربابها.
والحديث هَذَا حمله الجمهور عَلَى أَنَّهُ نهى عَنْ التقاطها للتمليك لا للتعريف فَإِنَّهُ يحل, إِذَا التقطها للتعريف حل, وإن التقطها للتمليك حرمت عَلَيْهِ, لماذا خصت لقطة الحرم بِذَلِكَ؟ (....) إِنَّمَا اختصت لقطة الحاج بِذَلِكَ لإمكان إيصالها إِلَى أربابها, إن كانت للمكي فظاهر, وإن كانت للآفاقي فلا يخلو في الغالب من وراد إِلَى مَكَّة إليها فَإِذَا عرفها واجدها في كُلّ عام سهل التوصل إِلَى معرفة صاحبها.
وقال ابن بطال وَقَالَ جماعة: هِيَ كغيرها من البلاد, وَإِنَّمَا تختص مَكَّة بالمبالغة في التعريف؛ لِأَنَّ الحاج يرجع إِلَى بلده, قَالَ جماعة منهم الحنفية: كغيرها من البلاد, كيف كغيرها من البلاد؟ الرَّسُوْل خصها, قَالَ: «لا تلتقط لقطتها إِلَّا لمنشد».
لكن قَالَ: تختص مَكَّة بالمبالغة لِأَنَّ الحاج يرجع إِلَى بلده وَقَدْ لا يعود فاحتاج الملتقط إِلَى المبالغة في تعريفها والظاهر القول الأول وأن حديث النهي مقيد بحديث أبي هريرة؛ لِأَنَّهُ لا يحل التقاطها إِلَّا لمنشد.
وَالَّذِي اختصت به لقطة مَكَّة أَنَّهَا لا تلتقط إِلَّا للتعريف بها أبدًا فلا يجوز للتملك, قَالَ: ويحتمل أن هَذَا الحديث في لقطة الحاج مطلقًا في مَكَّة وغيرها؛ لِأَنَّهُ هنا مطلق ولا دليل على تقييده لكونها في مَكَّة.
وَقَالَ ابن ملك: أراد لقطة الحرم بمكة, أيْ لا يحل لأحد تملكها بَعْدَ التعريف بَلْ يَجِبُ عَلَى الملتقط أن يحفظها أبدًا لمالكها وَبِهِ قال الشافعي, وَعِنْد الحنفية لا فرق بين لقطة الحرم وغيره.
قَالَ المؤلف رحمه الله: (قال أحمد بن صالح: قال ابن وهب: يعني في لقطة الحاج يتركها حتى يجدها صاحبها، قال ابن موهب، عن عمرو), قال أحمد بن صالح: قال ابن وهب يَعْنِي في تفسير الحديث يعني في لقطة الحاج يتركها الواجد ولا يأخذها حَتَّى يجدها أي اللقطة صاحبها صاحب اللقطة.
وَقَدْ تعقب عَلَى هَذَا التفسير ابن الهمام من أئمة الحنفية, قَالَ في فتح القدير شرح الهداية: ولا عمل عَلَى هَذَا في هَذَا الزَّمَان لفشوا السرقة في مَكَّة من حوالي الكعبة فضلاً عَنْ المتروك, وَقَالَ في الغاية: وما قاله ابن الهمام حسن جدًا.
قَالَ المؤلف: (قَالَ ابن موهب عَنْ عمرو), قَالَ ابن موهب عَنْ عمرو بصيغة العنعنة وَأَمَّا أحمد بن صالح فقال أنبأنا ابن وهب, وابن وهب قَالَ عَنْ عمرو.
قَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لا تحل لقطتها إِلَّا لمنشد», والصحيح إِذَا وجد لقطة الحرم لَمْ يجز له أن يأخذها إِلَّا للحفظ عَلَى صاحبها وليعرفها بخلاف لقطة سائر البلاد فَإِنَّهُ يجوز التقاطها للتمليك.
ومنهم من قَالَ: إن حكم لقطة مَكَّة كحكم اللقطة في سائر البلاد وهو (....), والصواب أَنَّهَا تختلف, لكن الآن وجد عِنْد باب الصفا مكتب هناك يقبل اللقطة ويعرفونها, فتدفعها إليهم, تدفعها إِلَى اللجنة الآن الموجودة وتبرأ ذمتك.
فأنت إِذَا وجدت لقطة الأولى تركها, إن تركتها أنت والثاني والثالث خلاص يأتي لها صاحبها يعرفها, فَإِن أبيت وأخذتها فيجب عليك أن تعرفها طول عمرك مدى الحياة, وإلا ادفعها إِلَى اللجنة تبرأ ذمتك.
(.....)
في خلاف الرَّسُوْل قَالَ: «إن هَذِا البلد حرمها الله يوم خلق السموات والأرض, محرمة بحرمة الله إِلَى يوم القيامة ثُمَّ قَالَ: ولا تحل لقطتها», فالظاهر أَنَّهُ خاص بمكة, وبعض العلماء قاس عليها وهو اختيار شيخنا سماحة الشيخ ابن باز أنه يقاس عَلَيْه لقطة حَرَّمَ المدينة. نعم:
يا شيخنا: قول النَّبِيّ إني حرمت المدينة؟
نعم: هَذَا تحريم خاص, نعم: أخذًا بالعموم, «إني حرمت المدينة كما حَرَّمَ إبراهيم مَكَّة, وإن دعوت لها بضعف ما دعا».
نعم:
أحسن الله إليكم
(المتن)
1720 - حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا خالد، عن أبي حيان التيمي، عن المنذر بن جرير، قال: كنت مع جرير بالبوازيج فجاء الراعي بالبقر وفيها بقرة ليست منها فقال له جرير: ما هذه؟ قال: لحقت بالبقر لا ندري لمن هي، فقال جرير: أخرجوها، فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يأوي الضالة إلا ضال».
(الشرح)
نعم: (الضال) اسم للحيوان التي ضل عَنْ أهلها كالإبل والبقر, والحديث فِيهِ أن من أخذ الضالة وضمها إِلَى ماله ليذهب بها فَهُوَ ضال غير راشد, غير راشد طريق الحق ما لَمْ يعرفها, والحديث فِيهِ دليل عَلَى أن من أخذ الضالة وضمها إِلَى ماله ليذهب بها ولا يعرفها فَهُوَ ضال غير راشد طريق الحق, ولهذا قَالَ: «سمعت رسول الله يَقُولُ: لا يأوي الضالة إِلَّا ضال».
قوله: (كنت مع جرير بالبوازيج), البوازيج بلدة, بلد قريب إِلَى دجلة, بلد معروف بِهَذَا الاسم بوازيج, الآن بلدة قريبة إلى دجلة موجود بهذا الاسم أو تغير وزاد مسلم: «لا يأوي الضالة إِلَّا ضال ما لَمْ يعرفها», والمعنى أن من أخذها ليذهب بها فَهُوَ ضال, وَأَمَّا من أخذها ليردها أو ليعرفها فلا بأس.
قَالَ الخطابي: ليس هَذَا بمخالف للأخبار الَّتِي جاءت في أخذ اللقطة, وَذَلِكَ أن اسم الضالة لا يقع عَلَى الدراهم والدينار والمتاع, وَإِنَّمَا الضال اسم الحيوان الَّتِي تضل عَنْ أهلها كالإبل والبقر والطير وما في معناها.
فإِذَا وجدها المرء لَمْ يحل له أن يعرض لها ما دامت في حال تمنع نفسها وتستقل بقوتها حَتَّى يأخذها صاحبها.
قَالَ المنذري: الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة وأخرجه مسلم أيضًا من حديث زيد بن خالد الجهني, بلفظ: «من أوى الضالة فَهُوَ ضال ما لَمْ يعرفها».
ولذا قَالَ: أخرجه مسلم في صحيحه من حديث زيد بن خالد الجهني عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من أوى الضالة فَهُوَ ضال ما لَمْ يعرفها».
وأخرجه النسائي ولفظه: «من أخذ لقطةً فَهُوَ ضال ما لَمْ يعرفها».
ابن القيم قَالَ الحافظ يقصد به ابن القيم رحمه الله: وَقَالَ بَعْضُهُمْ الفرق يبن اللقطة في مَكَّة وغيرها يَعْنِي ليس فقط لقطة مَكَّة لا تملك ولقطة غيرها تملك, قَالَ: الفرق بين لقطة مَكَّة وغيرها أن النَّاس يتفرقون من مَكَّة, فلا يمكن تعريف اللقطة في العام مدة العام, فلا يحل لأحد أن يلتقط لقطتها إِلَّا مبادرًا إِلَى تعريفها قبل تفرق النَّاس بخلاف غيرها من البلاد.
ابن القيم ذكر عن بعضهم قال: أن الفرق بين لقطة مَكَّة وغيرها أن النَّاس يتفرقون من مَكَّة, الكل يذهب إِلَى بلده, فلا يمكن تعريف اللقطة في مدة العام, فلا يحل لأحد أن يلتقطها إِلَّا مبادرًا إِلَى تعريفها قبل أن يتفرق النَّاس, وإلا تبقى في مكانها, صاحبا الَّذِي تركها يبحث عنها إن وجدها وإلا سافر, فَإِذا تركتها في مكانها جاء وأخذها.
أَمَّا أن تأخذها وتعرفها مدة العام لا, سافر النَّاس وراحوا, فهذا ابن القيم كأنه يرى هَذَا قَالَ: الفرق بين لقطة مَكَّة وغيرها أن النَّاس يتفرقون من مَكَّة فلا يمكن تعريف اللقطة في العام, فلا يحل لأحد أن يحمل لقطتها إِلَّا مبادرًا إِلَى تعريفها قبل تفرق النَّاس بخلاف غيرها من البلاد والله أعلم.
نعم:
أحسن الله إليكم: كتاب المناسك
نقف.
شيخنا الآن مَعَ انتشار السرقات ما نقول يَجِبُ الآن توصيلها للجنة هَذِهِ عَلَى أساس أَنَّهُمْ معروفون بأن عندهم اللقطة؟
(....)
في مكة أي نعم نحن نرشد بعض، هو أعرف بنفسه إذا كان يعرفها طول العام،
إِذَا كَانَ يعرفها ويقوم مقام اللجنة يقوم ويدور ويتكلم خلاص إِذَا كَانَ عنده استعداد.