شعار الموقع

شرح كتاب المناسك من سنن أبي داود_13

00:00
00:00
تحميل
56

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين. 

(المتن) 

قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله تعالى وأسكنه الله فسيح جنانه: 

باب الوقوف بعرفة 

1910 - حدثنا هناد، عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكان سائر العرب يقفون بعرفة قالت: فلما جاء الإسلام أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات فيقف بها، ثم يفيض منها فذلك قوله تعالى {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}[البقرة/199]. 

(الشرح) 

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الوقوف بعرفة) عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب ليبين أن الوقوف بعرفة لَابُدَّ منه وَأَنَّهُ ركن من أركان الحج بَلْ هُوَ الركن الأعظم, فمن لَمْ يقف بعرفة من طلوع الشمس يوم عرفة إِلَى طلوع الفجر ليلة العيد فاته الحج, ذكر المؤلف حديث عائشة هذا,وهذا الحديث عائشة حديث صحيح أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي, عائشة قالت: «كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس, وكان سائر العرب يقفون بعرفة», يَعْنِي هَذَا مِمَّا أحدثه الْكُفَّار وغيروا به دين إبراهيم أَنَّهُ كانت قريش يقفون بمزدلفة ولا يقفون بعرفة؛ لِأَنَّ عرفة خارج الحرم. 

ومزدلفة من الحرم, فيقولون: نحن أهل الحرم فلا نتجاوز الحرم, والعرب يقفون بعرفة يتجاوزون, فقريش لهم حج خاص وَهُوَ أن وقوفهم يكون بالمزدلفة, ووقوف سائر العرب بعرفة, من أجل هَذَا فكَانُوا يسمون الحمس أيْ يتحمسون ويتشددون في الدين  بزعمهم, وَكَانَ سائر العرب يقفون عَلَى عرفة. 

«قالت: فلما جاء الإسلام أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات فيقف بها»، وكانت قريش لا تشك أن النَّبِيّ إِذَا حج سوف يقف بمزدلفة,فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم، خالفهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وخالف هدي الْمُشْرِكِينَ, أمر الله نبيه أن يقف يأتي عرفات فيقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله تعالى {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}[البقرة/199]». سائر الناس 

يَعْنِي أفيضوا من عرفة والإفاضة أصلها الدفع في السير, وأصلها الصب, معنى قوله: {من حيث أفاض الناس}[البقرة/199], يَعْنِي عامة النَّاس. 

(المتن) 

باب الخروج إلى منى 

1911 - حدثنا زهير بن حرب قال: أخبرنا الأحوص بن جواب الضبى قال: أخبرنا عمار بن رزيق، عن سليمان الأعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى». 

(الشرح) 

وهذا الحديث أخرجه الترمذي باب الترجمة (باب الخروج إلى منى), الإمام في الفتح يقول(....) ذكر فيه حديث المقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الظهر يوم التروية وهو اليوم الثامن بمنى, وقد صلى الفجر أَيْضًا يوم عرفة بمنى, وَهَذَا الحديث ضعيف لِأَنَّهُ منقطع لأن الحكم لَمْ يسمع من مقسم هَذَا الحديث فيكون موضوعًا. 

لكن الحديث معناه صحيح, فَإِن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات الخميس يوم التروية بمنى, دفع إليها ضحى وصلى فِيهَا الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, فهذا الحديث معناه صحيح صلى الظهر يوم التروية بمنى, وصلى الفجر يوم عرفة بمنى, ودفع إِلَى عرفة بَعْدَ طلوع الشمس. 

فهذا ثابت في الأحاديث الصحيحة, حديث جابر عِنْد مسلم وغيره, وَهَذَا سنة ليس بواجب, البيتوتة بمنى ليلة التاسع وَكَذَلِكَ أَيْضًا البقاء فِيهَا هَذَا من سنن الحج, لكن الواجب البيتوتة بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر هَذَا هُوَ الواجب. 

(المتن) 

1912 - حدثنا أحمد بن إبراهيم،قال أخبرنا إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن عبد العزيز بن رفيع، قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه، قلت: أخبرني بشيء عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية، قال: «بمنى» قلت: أين صلى العصر يوم النفر؟، قال: «بالأبطح»، ثم قال: «افعل كما يفعل أمراؤك». 

(الشرح) 

هَذَا الحديث أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي, وَفِيهِ أن عبد العزيز بن رفيع وَهُوَ من التابعين سأل أنس بن مالك قَالَ: «قلت: أخبرني بشيء عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية، قال: بمنى», اللي هُوَ اليوم الثامن.  

«قلت: فأين صلى العصر يوم النفر؟»، يوم النفر الثاني وهو اليوم الثالث عشر قال: بالأبطح»، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ضربت له قبة هناك فرمى الجمار الثلاث يوم الثالث عشر قبل الصلاة, في حديث الزوال قبل الصلاة حديث عائشة, لكن في اليوم الحادي عشر والثاني عشر يرجع فيصلى بمنى, وفي اليوم الثالث عشر صلى بالأبطح, والأبطح الوادي الذي في البطحاء, ويقال له: المحصب من الحصباء, بين منى ومكة و إلى عهد قريب كان الحجاج يخيمون بها, الآن صارت بنيانات(...) اتصلت الآن بالعزيزية كلها عمائر وشقق, ولهذا كما سيأتي في الأحاديث هل من السنة أن الحاج ينزل بمحصب ليلة يوم الثالث عشر أو ليس بسنة؟ سيأتي في الأحاديث. 

«ثم قال- أنس لعبد العزيز بن رفيع-: افعل كما يفعل أمراؤك», يعني لا تخالفهم إذا نزلوا في الأبطح انزل وإذا ما نزلوا لا تنزل, يعني إن تركوا فاترك إشارة إلى متابعة ولي الأمر و الاحتراز من المخالفة مخالفة الجماعة, وأنه ينبغي للإنسان أن يحرص على عدم الشقاق والخلاف, هذه المسألة سنة ومن ذلك الآن الحجاج كونهم يسألون الآن الكثير من المطوفين يذهبون إلى عرفة ولا يأتون إلى منى, كل هذا مستحب إن تيسر الحمد لله وإن لم يتيسر فليس بواجب. 

وكذلك أَيْضًا نزوله بالأبطح لما كان هناك أبطح, قال له أنس: افعل كما يفعل أمراؤك لا تخالفهم؛ حَتَّى لا يكون هناك شقاق ونزاع؛ لِأَنَّ غاية ما في الْأَمْرِ أَنَّهُ سنة أو مباح, خشي عَلَيْهِ من المخالفة والشقاق, افعل كما يفعل أمراؤك, لكن لو كَانَ واجبا وركنا هَذَا لَابُدَّ من أدائه. 

فَإِن قِيلَ: حَتَّى لو خالف السنة؟ إي نعم؛ لِأَنَّهُ يترتب عَلَيْهِ مفسدة الخلاف والنزاع والشقاق, وَهَذَا النزول في الأبطح فِيهِ خلاف, هَلْ هُوَ مستحب؟ عائشة وجماعة يَقُولُونَ: ليس بسنة ولكنه منزل سمح, نزل فِيهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح له في طريقه إِلَى المدينة, وَقَالَ أنس وجماعة: أَنَّهُ سنة وَأنَّه منزل ينزله الخلفاء. 

(المتن) 

باب الخروج إلى عرفة 

1913 - حدثنا أحمد بن حنبل، قال أخبرنا يعقوب، قال أخبرني أبي، عن ابن إسحاق،قال حدثني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنمرة، وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرًا فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة». 

(الشرح) 

هَذِهِ الترجمة في الخروج إِلَى عرفة متى يكون, الحديث في سنده محمد بن إسحاق ولكن صرح بالتحديث, وَهُوَ ثقة إمام, فزال ما يحذر من تدليسه, قَالَ: «غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم», يَعْنِي ذهب «من منى حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفة»؛ ظاهره أَنَّهُ بَعْدَ صلاة الفجر لكن دلت النصوص عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ طلوع الشمس كما دل عَلَى ذَلِكَ حديث جابر الطويل.  

«حتى أتى عرفة فنزل بنمرة»، عَلَى حدود عرفة وَهِيَ نمرة  الَّتِي فِيهَا المسجد الآن, نزل فِيهَا ضحى ضربت له قبة هناك قَالَ: «وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر», يَعْنِي نزل فِيهَا في الضحى فِيهِ دليل عَلَى استظلال المحرم بالخيمة والسقف, وسقف السيارة والشجرة, ضربت له خيمة استظل بها وجلس؛ حَتَّى زاغت الشمس «حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْد صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجرًا», يَعْنِي مبكرًا «فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة». 

فِيهِ مشروعية الجمع بين الظهر والعصر بعرفة, ومشروعية الخطبة للإمام أو نائبه قبل الصلاة, أَمَّا ما دل عَلَيْهِ هَذَا الحديث من أن الخطبة بَعْدَ الصلاة فهذا وهم من بعض الرواة, أو أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كلم النَّاس بَعْدَ الصلاة فسمى ذَلِكَ الكلام خطبة, وإلا دلت الأحاديث الصحيحة عَلَى أَنَّهُ خطب أولًا عَلَى ناقته بعرنة, ثُمَّ أمر بلال فأذن لصلاة الظهر ثُمَّ قام فصلى الظهر ثُمَّ قام فصلى العصر, ثُمَّ ركب ناقته فدخل عرفة. 

فَهِيَ ثلاثة أماكن نزل بنمرة عَلَى حدود عرفة في الضحى ثُمَّ ركب ناقته لما زالت الشمس وجاء إِلَى بطن الوادي, بطن عرنة وخطب النَّاس خطبة عظيمة, قرر فِيهَا قواعد التوحيد وهدم فِيهَا قواعد الشِّرْك, وبين حرمة الدماء والأموال والأعراض, بين حكم الأزواج عَلَى زوجاتهم وحكم الزوجات عَلَى أزواجهم. 

ثُمَّ صلى الظهر والعصر ثُمَّ ركب ناقته ودفع إِلَى عرفة, ثلاثة أماكن, نزل بنمرة وصلى بعرنة ووقف بعرفة. 

فَإِن قِيلَ: نمرة هَلْ لها وجود الآن أو اندثرت؟ هِيَ الَّتِي فِيهَا المسجد الآن, مقدم المسجد الَّذِي صلى فِيهِ من نمرة ومؤخره من عرفة. 

فَإِن قِيلَ: شيخ الإسلام يَقُولُ: إِنَّهُ هُوَ الجبل الَّذِي عَلَى يمين الداخل بعرفات؟ لا ما هُوَ بجبل, الجبل ما ينزل عَلَيْهِ, قِيلَ: إِنَّهَا كانت قرية أرض هِيَ الآن الَّتِي فِيهَا المسجد ووسع الآن وصار مؤخر المسجد من عرفة ومقدمه من نمرة, يصلي فِيهَا الآن الإمام لكن يخطب في نمرة وَالنَّبِيّ خطب في بطن الوادي. 

(المتن) 

باب الرواح إلى عرفة 

1914 -قال حدثنا أحمد بن حنبل، قال أخبرنا  وكيع، قال أخبرنا نافع بن عمر، عن سعيد بن حسان، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لما أن قتل الحجاج ابن الزبير، أرسل إلى ابن عمر رضي الله عنهما أية ساعة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يروح في هذا اليوم قال: «إذا كان ذلك رحنا» فلما أراد ابن عمر أن يروح، قالوا: لم تزغ الشمس، قال: «أزاغت»، قالوا: لم تزغ أو زاغت، قال: " فلما قالوا: قد زاغت ارتحل ". 

(الشرح) 

(باب الرواح إلى عرفة), يَعْنِي متى يكون الذهاب؟ يَعْنِي للإمام للخطبة والصلاة, ذكر فِيهِ حديث حسان عَنْ ابن عمر قَالَ: «لما أن قتل الحجاج ابن الزبير»، وَذَلِكَ لِأَنَّ عبد الملك بن مروان الخليفة هُوَ الَّذِي وَكل المهمة للحجاج, كَانَ الحجاج أمير العراق, وابن الزبير كَانَ بايعه أهل الحجاز عَلَى مَكَّة والمدينة والطائف, وَكَانَ قَدْ سبق عبد الملك بن مروان, ثُمَّ خرج مروان بن الحكم في الشام توفي وخلفه ابنه عبد الملك وأخذ الشام والعراق وتوسع, ثُمَّ نازع ابن الزبير فجعل يرسل الجيوش لقتاله حَتَّى يخضعه ويأخذ منه إمارة الحجاز, ووكل المهمة إِلَى الحجاج بن يوسف وَكَانَ أمير العراق من قبل عبد الملك بن مروان. 

فجعل يرسل الجيوش إليها وفي النهاية أرسل جيشًا ومعه المنجنيق؛ حَتَّى هدم الكعبة بالمنجنيق, وقتل عبد الله بن الزبير, و صلبه عَلَى خشبة ثلاثة أيام, ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أعيدت الكعبة, وَكَانَ ابن الزبير قَدْ أعاد الكعبة عَلَى ما جاء في الحديث قول النَّبِيّ لعائشة: «لولا أن قومك حديث عهد بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين وأدخلت الحجر», ففعل ابن الزبير هَذَا نقض الكعبة وأدخل الحجر وجعل لها بابًا شرقيا وبابًا غربيا, وجعل يستلم الأركان كلها؛ لأنها صارت عَلَى قواعد إبراهيم. 

فَلَمَّا قتل الحجاج ابن الزبير وهدم الكعبة أعادها عَلَى ما كانت عَلَيْهِ في الجاهلية, فأخرج الحجر وسد الباب الغربي ورفع الباب الشرقي, عَلَى ما كانت عَلَيْهِ الآن. 

جعفر بن منصور الخليفة استفتى الإمام مالك هَلْ يعيدها كما فعل ابن الزبير أو يتركها عَلَى ما هِيَ عَلَيْهِ؟ فتأمل الإمام مالك مدة وأمهل ثُمَّ بَعْدَ قَالَ: أرى أن تتركها كما كانت لا تحرك فِيهَا شَيْئا, قَالَ: أليس ابن الزبير مصيبا وفعل كما جاء في الحديث؟ قَالَ: بلى, ولكن أخشى أن تكون الكعبة ملعبةً للملوك, كُلّ ملك يأتي فهذا يهدم وَهَذَا يبني, وَكَانَ رأي الإمام مالك موفقا فبقيت عَلَى ما كانت عَلَيْهِ عَلَى بناية الحجاج, وبناية الحجاج عَلَى بناية الجاهلية, عَلَى ما كانت عَلَيْهِ في الجاهلية. 

فَلَمَّا كَانَ عبد الملك بن مروان قَالَ للحجاج بن يوسف: أطع عبد الله بن عمر, الَّذِي يقوله لك في الحج اسأله, فجاء الحجاج لعبد الله بن عمر قَالَ: أبا عبد الرحمن متى الرواحل؟ متى خطبة الصلاة؟ فقال: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ رحنا, فلما أراد ابن عمر أن يروح، قالوا: لم تزغ الشمس، قال: «أزاغت»، قالوا: لم تزغ أو زاغت، قال: فلما قالوا: قد زاغت ارتحل». 

وفي البخاري أن ابن عمر جاء عِنْد سرادق الحجاج وَقَالَ: الرواح إن كنت تريد السنة, يَعْنِي عِنْد خيمته, فقال: الآن يا أبا عبد الرحمن؟ قَالَ: نعم الآن, قَالَ: دعني أفيض عَلَى رأسي ماء, اغتسل بسرعة وخرج؛ لِأَنَّ عبد الملك بن مروان قَالَ له: اتبع ابن عمر فاعمل بما يَقُولُ. 

(المتن) 

باب الخطبة على المنبر بعرفة 

1915 - حدثنا هناد، عن ابن أبي زائدة، قال أنبأنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن رجل، من بني ضمرة، عن أبيه، أو عمه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر بعرفة». 

(الشرح) 

هَذَا ضعيف فيهِ رجل مجهول وَهُوَ الَّذِي يروي عنه زيد بن أسلم, في هَذَا الحديث الضعيف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خطب عَلَى المنبر بعرفة, وليس بعرفة منبر في وقت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, وَإِنَّمَا خطب النَّاس عَلَى ناقته, وَهَذَا الحديث ضعيف ما في منبر, خطب عَلَى الناقة. 

(المتن) 

1916 – قال حدثنا مسدد،قال أخبرنا عبد الله بن داود، عن سلمة بن نبيط، عن رجل من الحي، عن أبيه نبيط، أنه «رأى النبي صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفة على بعير أحمر يخطب». 

(الشرح) 

وَهَذَا أَيْضًا ضعيف في سنده مجهول عَنْ رجل من الحي ما يعرف, والوجه أَنَّهُ خطب عَلَى ناقته. 

(المتن) 

1917 -قال حدثنا هناد بن السري، وعثمان بن أبي شيبة، قالا: أخبرنا وكيع، عن عبد المجيد، قال: حدثني العداء بن خالد بن هوذة - قال: هناد، عن عبد المجيد أبي عمرو - قال: حدثني خالد بن العداء بن هوذة - قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عرفة على بعير قائم في الركابين»، قال أبو داود: رواه ابن العلاء، عن وكيع كما قال: هناد. 

(الشرح) 

يَعْنِي حال كون الرحلين متأخرين في الركاب. 

(المتن) 

1918 -قال حدثنا عباس بن عبد العظيم،قال أخبرنا عثمان بن عمر،قال أخبرنا عبد المجيد أبو عمرو، عن العداء بن خالد بمعناه. 

(الشرح) 

هَذَا الحديث سكت عنه المنذري(...) والحديث السابق أخرجه النسائي وابن ماجة. 

(المتن) 

باب موضع الوقوف بعرفة 

1919 - حدثنا ابن نفيل،عبد الله بن محمد بن نفيل قال أخبرنا سفيان، عن عمرو يعني ابن دينار، عن عمرو بن عبد الله بن صفوان، عن يزيد بن شيبان، قال: أتانا ابن مربع الأنصاري ونحن بعرفة في مكان يباعده عمرو عن الإمام فقال: أما إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول لكم: «قفوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم». 

(الشرح) 

هَذَا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة, «مشاعركم», يَعْنِي مواضع نسككم ومواقفكم القديمة فإنها جاءتكم من إرث إبراهيم عَلَيْهِ السلام, ولا تحقروا شأن موقفكم بسبب بعده عَنْ موقف الإمام,والمشاعر جمع المشعر و هُوَ العلم يَعْنِي موضع النسك والعبادة, والمقصود دفع أن يتوهم أن الموقف اختاره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لتطييب خاطرهم أَنَّهُمْ عَلَى إرث أبيهم إبراهيم, يَعْنِي في أيْ مكان يَعْنِي لا تظنوا أَنَّهُ لا يجوز الوقوف إِلَّا في المكان الَّذِي وقف فِيهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, عرفة كلها موقف كما في الحديث. 

فَإِن قِيلَ: قَدْ يسمى بعض أمكان الحل مشعرا  أم  كل حَرمَ مشعر؟ المشعر المعلم موضع النسك والعبادة, ومنه قوله: «خذوا عني مناسككم», مواضع العبادة كلها. 

(المتن) 

باب الدفعة من عرفة 

1920 -قال حدثنا محمد بن كثير،قال أنبأنا سفيان عن الأعمش، ح وحدثنا وهب بن بيان، قال أخبرنا عبيدة، قال أخبرنا سليمان الأعمش المعنى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة وعليه السكينة ورديفه أسامة، فقال: «ياأيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل» قال: فما رأيتها رافعة يديها عادية حتى أتى جمعا، زاد وهب ثم أردف الفضل بن العباس، وقال: «أيها الناس إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل فعليكم بالسكينة» قال: فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى. 

(الشرح) 

قوله: (باب الدفعة من عرفة), ذكر فِيهِ حديث ابن عباس قَالَ: «أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة وعليه السكينة ورديفه أسامة»، يَعْنِي من عرفة إِلَى مزدلفة.  

«وقال: أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل», يَعْنِي ليس بالإسراع, البر ما هُوَ بالإسراع بَلْ هُوَ بالسكينة وأن يفعل المناسك متأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.  

«قال: فما رأيتها رافعة يديها عادية حتى أتى جمعا»، يَعْنِي ما رأيتها مسرعة, وفي هَذَا فضل الصَّحَابَة, وامتثالهم لأمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما قَالَ لهم: «البر ليس بالسرعة», قَالَ: « فما رأيتها رافعة يديها عادية حتى أتى جمعا»، تسرع, ثُمَّ أردف الفضل بن عباس لما وصل إِلَى مزدلفة أردف الفضل بن عباس من مزدلفة إِلَى منى, أردف أسامة من عرفة إِلَى مزدلفة, وأردف الفضل من مزدلفة إِلَى منى. 

ثُمَّ قَالَ: «أيها الناس إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل فعليكم بالسكينة, قال: فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى». 

(المتن)  

1921 -قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس،  قال أخبرنا زهير، ح وحدثنا محمد بن كثير، قال أنبأنا سفيان، وهذا لفظ حديث زهير، قال أخبرنا إبراهيم بن عقبة،قال أخبرني كريب، أنه سأل أسامة بن زيد، قلت: أخبرني كيف فعلتم أو صنعتم عشية ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: جئنا الشعب الذي ينيخ فيه الناس للمعرس فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته، ثم بال، وما قال: زهير أهراق الماء، ثم دعا بالوضوء فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ جدًا، قلت: يا رسول الله، الصلاة، قال: «الصلاة أمامك» قال: فركب حتى قدمنا المزدلفة فأقام المغرب، ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا، حتى أقام العشاء، وصلى، ثم حل الناس، زاد محمد في حديثه قال: قلت: كيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال: ردفه الفضل وانطلقت أنا في سبّاق قريش على رجليّ. 

(الشرح) 

قوله: «عَلَى رجلي», يَعْنِي ماشيًا إِلَى منى, والحديث أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة وَقِيلَ: إن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما جاء الشعب, والشعب هُوَ المكان الطريق في الجبل يقال له الشعب, والمعرس هُوَ موضع التعريس, وَهُوَ المكان الَّذِي ينزل فِيهِ المسافر ليستريح لآخر الليل يقال له: معرس, ويسمي معرس ذي الحليفة عرس به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي نزل به صلى الله عليه وسلم وصلى فِيهِ الصبح, التعريس نزول المسافر في آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة.هذا هو التعريس 

نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة, وَعِنْد مسلم: «جئنا الشعب الَّذِي ينيخ النَّاس فِيهِ للمغرب», فَلَمَّا أتى هَذَا الشعب أناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ثُمَّ بال, «وما قال: زهير أهراق الماء، ثم دعا بالوضوء فتوضأ وضوءًا ليس بالبالغ جدًا»، وسيأتي أَنَّهُ توضأ وضوءًا آخر لما أتى المزدلفة, ويحتمل أَنَّهُ أحدث ثُمَّ توضأ, أو أَنَّهُ توضأ أولًا وَلَمْ يصل فِيهِ ثُمَّ توضأ وضوءًا بالغًا أسبع في الوضوء ثلاثًا والأول مرةً مرة, كما سيأتي. 

وَفِيهِ دليل عَلَى مشروعية تجديد الوضوء, وإن لَمْ يصل بالوضوء الأول, وَأَمَّا أنس قَالَ: لما وصلنا إِلَى المزدلفة ردفه الفضل وَأَمَّا أنا انتقلت في سباق قريش عَلَى رجلي, مشى إِلَى منى عَلَى رجليه, سباق جمع سابق مثل حفاظ جمع حافظ وقراء جمع قارئ, يَعْنِي أَنَّهُ مشى مَعَ السباق على رجليه فَهُوَ شاب مشى عَلَى رجليه؛ حَتَّى وصل إِلَى منى. 

ويستدل من الحديث عَلَى جمع التأخير وَهُوَ إجماع بمزدلفة, وَعِنْد الشافعية والحنابلة أَنَّهُ بسبب السفر, وَعِنْد الحنفية أَنَّهُ بسبب النسك, لكن المسافة ما هِيَ مسافة قصر من مَكَّة إِلَى منى الآن, لكن بَعْضُهُمْ يَقُولُ: مسافة قصر غير محدد, ومن قَالَ: إِنَّهُ نسك هَذَا أوضح ما فِيهِ إشكال, عِنْد الجمع والقصر في منى ومزدلفة وعرفة نسك من مناسك الحج, هَذَا عِنْد المالكية والحنفية, والحنابلة يَقُولُونَ: بسبب السفر, ولهذا قَالُوا: إن أهل مَكَّة يتمون, والصواب أَنَّهُمْ لا يتمون؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى بالحجاج. 

قَالَ الحطابي: فِيهِ دليل عَلَى أَنَّهُ يجوز أن يصلي الحاج المغرب إِذَا أفاض من عرفة ؛ حَتَّى يبلغ مزدلفة, ولو أجزأته في غيرها لأخرها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ وقتها المؤقت. 

هَذَا إِذَا أمكن لكن خشى خروج الوقت يصلي ولو في الطريق. 

فَإِن قِيلَ: لكن قول الخطابي لا يجوز للحاج أن يصلي المغرب والعشاء إِلَّا بمزدلفة؟ ليس بظاهر, هِيَ سنة مؤكدة, لكن لو خشي خروج الوقت يصلي ولا يؤخر, بعض الحجاج ما يصلون إِلَّا الساعة ثلاثة ويصلون بسبب الجهل. 

فَإِن قِيلَ: يَعْنِي بَعْضُهُمْ يصلي بعرفة؟ إِذَا ما تمكن خشي خروج الوقت نعم. 

(المتن) 

1922 - حدثنا أحمد بن حنبل،قال أخبرنا  يحيى بن آدم، قال أخبرنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عياش، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي، قال: ثم أردف أسامة فجعل يعنّق على ناقته والناس يضربون الإبل يمينًا، وشمالًا، لا يلتفت إليهم ويقول: «السكينة أيها الناس» ودفع حين غابت الشمس. 

(الشرح) 

الحديث أخرجه الترمذي قَالَ: «ثم أردف أسامة», يَعْنِي من عرفة «فجعل يعنق», يَعْنِي يمشي العنق وَهُوَ سير بطيء «على ناقته والناس يضربون الإبل يمينًا، وشمالًا»، حتى تسير «لا يلتفت إليهم ويقول: السكينة أيها النَّاس, ودفع حين غابت الشمس». 

خالف هدي الْمُشْرِكِينَ المشركون يدفعون من عرفة إِذَا صارت الشمس عَلَى رؤوس الجبال كعمائم الرجال دفع, فخالفهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم, خالف هديه هدي الْمُشْرِكِينَ, فلم يدفع؛ حَتَّى غابت الشمس وغاب القرص واستحكم غروبها. 

(المتن) 

1923 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه قال: سئل أسامة بن زيد وأنا جالس، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع؟، قال: «كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص». قال هشام: النص فوق العنق ". 

(الشرح) 

وَهَذَا الحديث أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة «كان يسير العنق», يَعْنِي سيرًا بطيئًا «فإذا وجد فجوة نص», والنص يَعْنِي السير السريع أسرع من العنق, هَذَا أسماء للسير, العنق والنص, وَكَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يأخذ بزمام الناقة فتسير عنقًا يَعْنِي سيرًا بطيئًا بسبب الازدحام, فَإِذَا وجد فجوة متسعا أرخى لها الزمام فأسرعت. 

(المتن) 

1924 - حدثنا أحمد بن حنبل، قال أخبرنا يعقوب، قال أخبرنا أبي، عن ابن إسحاق،قال حدثني إبراهيم بن عقبة، عن كريب، مولى عبد الله بن عباس، عن أسامة، قال: «كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم». 

(الشرح) 

يَعْنِي لما غابت الشمس, فالنص يَعْنِي ضربٌ من السير, ولهذا قَالَ: العنق المشي والنص فوق العنق, وَفِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا دفع بَعْدَ غروب الشمس وخالف هدي الْمُشْرِكِينَ. 

(المتن) 

1925 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن موسى بن عقبة، عن كريب، مولى عبد الله بن عباس، عن أسامة بن زيد، أنه سمعه يقول: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب، نزل فبال فتوضأ، ولم يسبغ الوضوء، قلت له: الصلاة، فقال: «الصلاة أمامك» فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها، ولم يصل بينهما شيئًا. 

(الشرح) 

الحديث أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة وَفِيهِ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما جاء الشعب بال وتوضأ وضوءًا ليس بالبالغ, فَلَمَّا وصل مزدلفة توضأ وضوءًا آخر «ثُمَّ أقيمت الصلاة, فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء», للتخفيف عليهم «فصلاها، ولم يصل بينهما شيئًا».يعني بين المغرب والعشاء 

وفي الحديث الآخر قَالَ: «فلم يحلوا؛ حَتَّى أقام العشاء وصلى ثُمَّ حل النَّاس», يَعْنِي لَمْ يحطوا الرحال, أناخ النَّاس في منازلهم وَلَمْ يحلوا ؛ حَتَّى أقاموا العشاء وصلى ثُمَّ حل النَّاس. 

(المتن) 

حدثنا محمد بن المثنى, قَالَ أخبرنا روح بن عبادة, قَالَ أخبرنا زكريا بن إسحاق, قَالَ أنبأنا إبراهيم بن ميسرة, قَالَ أنبأنا يعقوب بن عاصم بن عروة أَنَّهُ سمع الشهيد رضي الله عنه يَقُولُ: أفضت مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فما مست قدماه الأرض حَتَّى أتى جمعًا. 

(الشرح) 

وفي حديث أسامه أَنَّهُ نزل في الطريق وبال وتوضأ, والمثبت مقدم عَلَى المنفى, قوله: (الشهيد), هَذَا خفي عَلَيْهِ «فما مست قدماه الأرض حَتَّى أتى جمعًا», جمعًا يعني مزدلفة, والصواب: أَنَّهُ نزل في الشعب كما سبق في الحديث وبال وتوضأ ثُمَّ ركب ناقته وواصل السير حَتَّى أتى جمعا, جمع اسم من أسماء مزدلفة. 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد