شعار الموقع

شرح كتاب النكاح من سنن أبي داود_5

00:00
00:00
تحميل
80

بسم الله الرحمن الرحيم 

والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله يقول اﻷمام أبو داود في سننه  

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الرحمين 

(المتن) 

يقول الإمام أبو داود رحمه الله تعالى في سننه:  

باب هل يحرم ما دون خمس رضعات 

2062 - حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، أنها قالت: «كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن». 

(الشرح) 

بسم  الرحمن الرحيم لله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي اله وصحبه اما بعد:- 

قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (باب هل يحرم ما دون خمس رضعات), لَمْ يجزم المؤلف رحمه الله بالحكم لوجود الخلاف في هَلْ تحرم ما دون الخمس؟ هَلْ تحرم الثلاث رضعات كما هُوَ قول لبعض العلماء؟ أو هَلْ يحرم مجرد الرضاع مطلقًا ولو رضعة؟ هَذَا قول, أو لَابُدَّ من خمس رضعات؟ 

ولهذا ما جزم المؤلف بحكم قَالَ: (باب هل يحرم ما دون خمس رضعات), ذكر حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن». 

هَذَا حديث صحيح أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة, وقوله: «كَانَ فيما أنزل من الْقُرْآن», من بيانية يَعْنِي كَانَ سابقًا. 

« عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن», هَذَا فِيهِ دليل عَلَى أَنَّهَا كانت تتلى أن خمس رضعات معلومات يحرمن, فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مِمَّا يقرأ في الْقُرْآن يَعْنِي أن نسخها تأخر في آخر حياة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ حَتَّى أَنَّهُ لَمْ يبلغ بعض النَّاس, فكان يقرأها بَعْدَ وفاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ لَمْ يعلم بالناسخ, ثُمَّ لَمْ علم تركها, ترك القراءة المنسوخة. 

توفي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وبعض النَّاس يقرؤوها لِأَنَّهُم لا يعلمون بالناسخ, وفي رواية لمسلم وَهِيَ آية خمس رضعات مِمَّا يقرأ من الْقُرْآن. 

وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّسْخَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ تَأَخَّرَ إِنْزَالُهُ جِدًّا؛ حَتَّى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَيَجْعَلُهَا قُرْآنًا مَتْلُوًّا؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِ عَهْدِه به, فَلَمَّا بَلَغَهُمُ النَّسْخُ تركو ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُتْلَى. 

وَالنَّسْخُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:  

أَحَدُهَا: مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَتِلَاوَتُهُ, مثل هَذِهِ الآية عشر رضعات معلومات نسخت حكمها ولفظها, نسخت العشر بخمس وكانت آية تتلى فنسخت, هَذِهِ نسخ حكمها وتلاوتها. 

وَالثَّانِي: مَا نسخت تلاوته دون حكمه كخمس رضعات, خمس رضعات نسخت تلاوتها وحكمها باقي, ومثله آية كانت في سورة النور (والشيخ والشيخة إِذَا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم), هَذِهِ نسخ لفظها وبقي حكمها, الحكم باقي وَهُوَ أن الثيب الزاني يرجم, لكن لفظ الآية نسخت. 

والثالث: مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَبَقِيَتْ تِلَاوَتُهُ, وَهَذَا كثير وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}[البقرة/240]. 

نسختا الآيات الَّتِي قبلها, {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة/234]. 

فكانت المرأة تتربص بَعْدَ وفاة زوجها حولًا كاملاً ثُمَّ نسخت بالآية الَّتِي قبلها, وَهُوَ أن التربص أربعة أشهر, وكلا الآيتين الناسخة و المنسوخة تتلى, ومثلها آية المصابرة{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}[الأنفال/65]. 

نسختها الآية الَّتِي بعدها: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال/66]. 

فالآية الأولى فِيهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اَلْمُسْلِم أن يقف أمام عشرة في الجهاد, وليس له أن يفر, فيكون عشرون أمام مائتين, نسختها الآية الَّتِي بعدها صار الواحد يصابر اثنين, الواحد يقف أمام اثنين في الجهاد{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال/66]؛ وكلا الآيتين تتلى. 

وَقَدْ استدل بِهَذَا الحديث جمع من أهل العلم من المحققين, وَقَالُوا: إن التحريم في الرضاع لا يكون إِلَّا بخَمْسَ رَضَعَاتٍ, وَهَذَا هُوَ الصواب وَهُوَ المعتمد عِنْد أهل العلم المحققين, وَهُوَ مَذْهَبُ جمع من الصحابه عَائِشَةَ وبن مسعود وعبد الله بن الزبير وعطاء وطاوس وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ  وَاللَّيْثِ ابن سعد والشافعي وأصحابه وَهُوَ رواية عَنْ الإمام أحمد, وَهُوَ المعتمد أن الرضاع المحرم لَابُدَّ أن يكون خمس رضعات. 

والرضعة هِيَ أن يمتص الصبي اللبن ثُمَّ يتركه باختياره, يمص اللبن ويرضع ثُمَّ يتركه باختياره, ويمكن أن تكون في مجلس واحد, ويمكن أن تكون متفرقة. 

القول الثاني لأهل العلم أن الَّذِي يحرم ثلاث رضعات, إِذَا كانت ثلاث رضعات مشبعة تحرم, وفي حديث «لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان»؛ فَإِن مفهومه أن ما زاد عَلَى الرضعتين يحرم, ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَيْضًا أحمد في رواية وإسحاق وأبو عبيد وابن المنذر وجماعة. 

المذهب الثالث: أن الرضاعة يحرم قليه وكثيره ولو رضعة واحدة هَذَا نسب إِلَى الجمهور, قَالَ به مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والليث أن القليل والكثير سواء,نسب هذا الي الجمهور وَهُوَ المشهور عَنْ الإمام أحمد. 

ومن أدلتهم الإطلاق في الآية الكريمة: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء/23].  

تمسكوا بعموم الآية وَكَذَلِكَ بالعموم الوارد في الأخبار والأحاديث الَّتِي فِيهَا أن الرضاع يحرم, قَالُوا: هَذَا دليل عَلَى أن الرضاع يحرم ولو واحدة. 

قَالَ الْحَافِظُ: يقَوِيَ مَذْهَبُ الْجُمْهُور هذا أَنَّ الْأَخْبَارَ اخْتَلَفَتْ فِي الْعَدَدِ, وعَائِشَةُ الَّتِي رَوَتْ ذَلِكَ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهَا فِيمَا يُعْتَبَرُ مِنْ ذَلِكَ, فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وهو مجرد الرضعة, وَأَيْضًا فَقَوْلُ عَشْرِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ, لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيِ الْأُصُولِيِّينَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَالتَّوَاتُرِ, وَالرَّاوِي رَوَى هَذَا عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ لَا خَبَرٌ فَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ قُرْآنًا وَلَا ذَكَرَ الرَّاوِي أَنَّهُ خَبَرٌ لِيُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ. 

لكن هَذَا فِيهِ نظر إِذَا لَمْ تثبت القراءة تعتبر تفسير, المقصود أن الصواب القول الأول أن المعتبر خمسة رضعات, ولكن إذا كَانَ هناك يعني رضاع بين اثنين وَلَمْ يعلم العدد فينبغي أن يجتنب البنت الَّتِي رضعت معه ولا يتزوجها من باب الاحتياط. 

وَمِمَّا يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ قصة المرأة السوداء الَّتِي تزوجها رجل فجاء امرأة سوداء ليلة الزواج وقالت للزوجين, لَقَدْ أرضعتكما, فَذَهَبَ الرجل وكان في مَكَّة إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في المدينة وَقَالَ: يا رسول الله إِنَّهَا زعمت أن زوجتي أختي وَلَمْ تخبرني وَلَمْ أعلم أَنَّهَا أرضعته, فقال: «كيف وَقَدْ قِيلَ», ثُمَّ جاءه من مكان آخر وَقَالَ: يا رسول الله ما أخبرتني ولا أعلمتني, قَالَ: «كيف وَقَدْ قِيلَ», فتركها, يَعْنِي من باب الاحتياط. 

إِذَا قِيلَ: إن بينهما رضاع ولو لَمْ يعلم العدد, ينبغي الاحتياط النساء سواها كثير. 

لكن إِذَا كَانَ بَعْدَ الزواج هَذَا هُوَ الَّذِي لا يترك إِلَّا بشيء واضح أَنّها خمس رضعات, إذا كَانَ بَعْدَ الزواج وَلَمْ يثبت أَنّهَا خمس رضعات فالأصل عدم كونها خمس رضعات. 

وَعَلَى هَذَا يكون فِيهَا أقوال ثلاثة:  

الأولى: خمس رضعات. 

الثانية: ثلاث رضعات. 

الثالث: يحرم الرضاع قليله وكثيره, وَهَذَا الثالث منسوب للجمهورالجمهور علي العمل به قبل الزواج؟ 

الجمهور مطلقًا قبل الزواج أو بعده ويفرق بينهما, إِذَا ثبت ولو رضعة واحدة يفرق ببينهما, لكن عَلَى القول أَنَّهُ لا يحرم إِلَّا خمس رضعات نقول: لا يفرق إِلَّا بَعْدَ ثبوت خمس رضعات (...)ما في داعي أن يقدم علي شئ فيه شك. 

(المتن) 

2063 - حدثنا مسدد بن مسرهد،قال حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحرم المصة ولا المصتان». 

(الشرح) 

وَهَذَا الحديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وَفِيهِ لفظ: «لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان», والمصة الواحدة من المص وَهُوَ أخذ اليسير من الشيء. 

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَصَّةَ وَالْمَصَّتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِهَا حُكْمُ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ وَيَدُلُّ بمفهومه على أن الثلاث الْمَصَّاتِ تَقْتَضِي التَّحْريمَ  وَقَدْ أخذ بمفهوم هذا جمع من أهل العلم. 

(المتن) 

باب في الرضخ عند الفصال 

2064 - حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي،قال حدثنا أبو معاوية، ح وحدثنا ابن العلاء،قال حدثنا ابن إدريس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حجاج بن حجاج، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، ما يذهب عني مذمة الرضاعة؟، قال: «الغرة العبد أو الأمة». قال النفيلي: حجاج بن حجاج الأسلمي وهذا لفظه. 

(الشرح) 

ما تكلم عن الحديث عندك في سند الحديث اﻷلباني ما تكلم عليه؟ضعيف 

ضعيف أم شديد الضعف ما ذكر   

أخرجه النسائي في النكاح في باب حَقّ الرضاع وحرمته, والترمذي في الرضاع باب ما يذهب خدمة الرضاع وَقَالَ: حسن صحيح. 

بس ولا في تحليل له؟الحجاج بن الحجاج اﻷسلمي 

وايضا في متنه نكارة أَيْضًا وغرابة الترجمة (باب في الرضخ عِنْد الفصال), الرضخ يَعْنِي الإعطاء (عِنْد الفصال), الفطام, يَعْنِي إِذَا أرضعت امرأة طفل غير أمه يَعْنِي بأجرة يعطيها أجرة يوميًا, فَإِذَا انتهت الرضاع تمت سنتين يعطيها ايش؟ هدية أو كرامة, والكرامة تكون غرة عبد أو أمة, هَذَا شَيْء كثير, معنى هَذَا أكثر من أجرة الرضاع, العبد يسوى الآف مؤلفة, فتكون الهدية أكثر من أجرة الرضاع, هذا فِيهِ نكارة وَكَذَلِكَ أَيْضًا لجهالة الحجاج بن حجاج يكون ضعيف ضعيف السند, ويكون الرضخ إِذَا أراد أن يعطيها أهدى شيء يَعْنِي مناسب ما اهداها شئ كثير, لكن الرضخ عِنْد الفصال عندما تنتهي المرضعة تم له سنتين أرضعته وفطمته يعطها كرامة ما تيسر, لكن يعطيها عبد, العبد كما يسوى خمسين ألف أو مائة ألف هَذَا شَيْء كثير, أكثر من أجرة الرضاعة. 

  قال: «الغرة العبد أو الأمة», الحديث نعم أخرجه الترمذي والنسائي لكن هنا صارت جهالة الحجاج بن حجاج فيكون ضعيف هنا, فلا يصح الحديث سندًا وفي متنه غرابة؛ لِأَنَّ الغرة ثمنه مرتفع وَهُوَ أعلى مِمَّا تستحقه المرضعة. 

(المتن) 

باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء 

2065 - حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال حدثنا زهير،قال حدثنا داود بن أبي هند، عن عامر، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى». 

(الشرح) 

هَذَا الباب قَالَ: (باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء), المراد بالكراهة هنا كراهة التحريم, يَعْنِي باب ما يحرم أن يجمع بينهن من النساء, ليس المراد كراهة تنزيه,  كراهة تحريم. 

ثُمَّ قَالَ: «لا تنكح المرأة على عمتها»،فهذا يحرم عَلَى الإنسان أن يجمع بين المرأة وعمتها, والحكمة في ذَلِكَ أَنَّهُ يؤدي إِلَى قطيعة الرحم, يكون يجمع بين امرأة وعمتها أو بين امرأة وخالتها. 

«لا تنكح الكبرى على الصغرى»، الكبرى العمة والصغرى بنت أخيها, وَكَذَلِكَ الخالة هِيَ الكبرى والصغرى بنت أختها, فلا يتزوج الصغرى عَلَى الكبرى ولا يتزوج الكبرى عَلَى الصغرى, إِذَا كَانَ معه امرأة فلا يتزوج عليها بنت أخيها, ولا يتزوج عليها عمتها؛ لِأَنَّ هَذَا يؤدي إِلَى قطيعة الرحم؛ لأنها تكون ضراء وتشاركها فيؤدي إِلَى قطيعة الرحم لما بينهن من الغيرة, فلا يتزوج عمتها ولا يتزوج بنت أخيها. 

وَكَذَلِكَ أَيْضًا لا يتزوج خالتها معها ولا بنت أختها؛ لِأَنَّ هَذَا يؤدي إِلَى القطيعة, وقوله: «الكبرى», في الغالب أَنَّهَا تكون أعلى منها سنًا أو رتبة فَهِيَ بمنزلة الأم, والمراد بالكبرى هِيَ العمة والخالة, والصغرى بنت الأخ أو بنت الأخت, سميت صغرى؛ لأنها بمنزلة البنت. 

والحديث فِيهِ دليل عَلَى تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وتحريم الجمع بين المرأة وخالتها في النكاح, وَأَنَّهَا لا تنكح الكبرى عَلَى الصغرى ولا الصغرى عَلَى الكبرى. 

وقَالَ الْمُنْذِرِيُّ:الحديث أخرجه الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. 

(المتن) 

2066 - حدثنا أحمد بن صالح،قال حدثنا عنبسة،قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال أخبرني قبيصة بن ذؤيب، أنه سمع أبا هريرة، يقول: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين المرأة وخالتها، وبين المرأة وعمتها». 

(الشرح) 

وَهَذَا حديث صحيح أخرجه الشيخان البخاري ومسلم والنسائي وَهُوَ فِيهِ تحريم الجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها, وَهَذَا صريح, وَهُوَ يَدُلَّ عَلَى ما دل عَلَيْهِ الحديث السابق. 

(المتن) 

2067 - حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي،قال حدثنا خطاب بن القاسم، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كره أن يجمع بين العمة والخالة، وبين الخالتين والعمتين». 

(الشرح) 

الحديث هَذَا ضعيف؛ لِأَنَّ فِيهِ خصيف, وخصيف ضعيف, ولكن الجمع بين العمة والخالة كما دل عَلَيْهِ الحديث السابق, الجمع بين العمة وبنت أخيها وبين الخالة وبنت أخيها, هَذَا دل عَلَيْهِ الحديث السابق وَالَّذِي قبله, وَكَذَلِكَ في الوطء بملك اليمين, ملك اليمين أَيْضًا كَذَلِكَ إِذَا كَانَ عنده أمة يريد أن يطأها يتسراها واشترى عمتها فلا يطأهما, فلا يطأ الأمة ويطأ عمتها؛ لِأَنَّهُ يؤدي إِلَى القطيعة أَيْضًا, كما أَنَّهُ ممنوع في النكاح فكذلك ممنوع في ملك اليمين. 

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجمع الرجل», وفي آخرها قال ابن شِهَابٍ: فَنَرَى خَالَةَ أَبِيهَا وَعَمَّةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ, خالة الأب وعمة الأب كَذَلِكَ. 

ولهذا قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّهُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا, سَوَاءً كَانَتْ عَمَّةً وَخَالَةً حَقِيقِيَّةً وَهِيَ أُخْتُ الْأَبِ وَأُخْتُ الْأُمِّ أَوْ مَجَازِيَّةً وَهِيَ أُخْتُ أَبِي الْأَبِ وَأَبِي الجد وإن عَلَا حتي اخت الجد. 

سواء أخت الأب أو أخت الجد أو أخت أب الجد مطلقًا, أو كَذَلِكَ 

أُخْتُ أُمِّ الْأُمِّ وأخت أمِّ الْجَدَّةِ, فالحكم واحد, يَعْنِي العمة وإن علت والخالة وأن علت  لا يجمع بني الكبرى والصغرى. 

فَكُلُّهُنَّ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا هَذَا كلام النووي هَذَا مجمع عَلَيْهِ. 

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ: يَجُوزُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء/24]؛ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ خَصُّوا بِهَا الْآيَةَ. 

وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ جَوَازُ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنٌ لِلنَّاسِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. 

وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الوطء بملك اليمنى كَالنِّكَاحِ فَهُوَ حَرَامٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَعِنْدَ الشِّيعَةِ مُبَاحٌ. الشيعة معلوم أَنَّهُمْ يبيحون نكاح المتعة, قَالُوا وَيُبَاحُ أَيْضًا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ- يَعْنِي الشيعة- قَالُوا وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنْ تجمعوا بين الأختين إِنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ. 

وَقَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً هُوَ حَرَامٌ كَالنِّكَاحِ, لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ}[النساء/23]. 

وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ مُخْتَصٌّ بَالنِّكَاحِ لَا يُقْبَلُ بَلْ جَمِيعُ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْآيَةِ مُحَرَّمَاتٌ بَالنِّكَاحِ وَبِمِلْكِ الْيَمِينِ جَمِيعًا. 

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء/24]؛ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ يَحِلُّ وَطْؤُهَا بملك اليمين لانكاحها, فَإِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ وهَذَا الكلام للنووي.  

قَالَ: وَأَمَّا بَاقِي الْأَقَارِبِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ بِنْتَيِ الْعَمَّتَيْنِ وَبِنْتَيِ الْخَالَتَيْنِ وَنَحْوُهُمَا فَجَائِزٌ-يَعْنِي بنات العم يجمع بين بنات العم لا بأس, يَعْنِي يجوز الإنسان أن يتزوج بنت عمه, جاز له أن يجمع بين بنتي العم. قَالَ: إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عن بعض السلف أنه حرمه, دليل الجمهور قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء/24]. 

قَالَ: وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ زَوْجَةِ الرَّجُلِ وَبِنْتِهِ مِنْ غَيْرِهَا فَجَائِزٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ والجمهور, يَعْنِي بين زوجة الرجل وبنته, يَعْنِي شخص مات عَنْ زوجته يجوز للرجل أن يتزوج هَذِهِ المرأة ويتزوج بنته من غيرها من غير الزوجة هَذِهِ. 

قال: وقال الحسن وعكرمة وبن أَبِي لَيْلَى لَا يَجُوزُ, دَلِيلُ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم. 

وقوله هنا: «كره أن يجمع بين العمة والخالة، وبين الخالتين والعمتين», يَعْنِي كره أن يجمع بين العمة والخالة أيْ وبين من هما عمةٌ وخالةٌ لها, فَالظَّرْفُ الثَّانِي مِنْ مَدْخُولِ بَيْنَ مَتْرُوكٌ فِي الْكَلَامِ لِظُهُورِهِ, وَكَذَا قَوْلُهُ بَيْنَ الْخَالَتَيْنِ أَيْ وَبَيْنَ مَنْ هُمَا خَالَتَانِ لَهَا, وَالْمُرَادُ بَالْخَالَتَيْنِ الصَّغِيرَةُ مِمَّنْ هِيَ خَالَةٌ لَهَا, وَالْكَبِيرَةُ مِنْهَا أَوِ الْأَبَوِيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ الْأُمِّ مِنْ أَبٍ وَالْأُمِّيَّةُ وَهِيَ أُخْتُ الْأُمِّ مِنْ أُمٍّ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الْعَمَّتَيْنِ. 

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَالْخَالَتَيْنِ الْخَالَةُ وَمَنْ هِيَ خَالَةٌ لَهَا, أُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ الْخَالَةِ تَغْلِيبًا وَكَذَا الْعَمَّتَيْنِ وَالْكَلَامُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ. 

عَلَى كُلّ حال الحديث هَذَا ضعيف ومعروف الجمع بين العمتين بين المرأة وعمتها, سواء كَانَ أخت الأب أو أخت الجد وإن علت, والخالة سواء أخت الأم أو أخت الجدة وإن علت, وَأَمَّا هَذَا الحديث فَهُوَ ضعيف هذا الحديث فيه ضعف. 

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَتَصْوِيرُ الْعَمَّتَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ أُمَّ رَجُلٍ, وَيَتَزَوَّجَ الْآخَرُ أُمَّهُ, فَيُولَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنَةٌ فَابْنَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَمَّةُ الْأُخْرَى. 

هَذَا تصوير, أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ أُمَّ رَجُلٍ, وَيَتَزَوَّجَ الْآخَرُ أُمَّهُ, كُلّ واحد يتزوج أم الثاني, فَيُولَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنَةٌ فَابْنَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَمَّةُ الْأُخْرَى. 

هَذَا يتزوج أمه وَهَذَا يتزوج أمه كُلّ واحد يتزوج أم الآخر, فيولد لكل منهما ابنة فتكون ابنة كلٌ منهما عمة الأخرى. 

وَتَصْوِيرُ الْخَالَتَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ ابْنَةَ رَجُلٍ وَالْآخَرُ ابْنَتَهُ فَوَلَدَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنَةٌ فَابْنَةُ كُلِّ  مِنْهُمَا خَالَةُ الْأُخْرَى. 

يَعْنِي اثنان كُلّ واحد يتزوج بالآخر, فَإِذَا ولدت لكل واحدة منهما ابنة صارت كُلّ منهما عمة الأخرى. 

واثنان كُلٌ منهما عِنْد ابنة كُلّ واحد تزوج ابنة الآخر, فيولد لهما فتكون كلٌ منهما خالة الأخرى, هَذَا تصوير. 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد