شعار الموقع

شرح كتاب النكاح من سنن أبي داود_9

00:00
00:00
تحميل
71

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد: 

(المتن) 

قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله: بابٌ في الولي.  

2083- حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، أخبرنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها، فنكاحها باطل»، ثلاث مرات «فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له». 

2084- حدثنا القعنبي، حدثنا ابن لهيعة، عن جعفر يعني ابن ربيعة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه. قال أبو داود: جعفر لم يسمع من الزهري كتب إليه. 

(الشرح) 

قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (بابٌ في الولي) يَعْنِي: باب ما جاء في الولي وهل هو شرطٌ في صحة النكاح أو ليس بشرط؟ ولم يجزم المؤلف بالحكم لوجود الخلاف, وإلا لقال: باب في وجوب الولي, أو في أن الولي شرط, والمراد بالولي هو العاصب الذي يتولى عقد النكاح للمرأة, وهو الأقرب في العصبة؛ الأقرب فالأقرب, فيكون ولي المرأة العاصب لها: أبوها, ثم جدها, ثم أب الجد, ثم الابن, اِبْن الابن, الأخ الشقيق, الأخ للأب, ثم العم الشقيق, ثم العم لأب, ثم اِبْن العم الشقيق من العم للأب, فَإِن لم يوجد ولي من هؤلاء فبعد ذلك السلطان الحاكم الشرعي, هذا هو الذي يتولى العقد, وهذا هو مذهب جمهور العلماء وهذا هو الصواب, ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إِلَى أن ذوي الأرحام يكون من الأولياء, والصواب أن ذوي الأرحام ليس من الأولياء. 

ذوي الأرحام مثل الخال, اِبْن الخال, اِبْن العمة, اِبْن الأخت, اِبْن البنت هؤلاء ليسوا من العصبة لا يتولوا العقد ولا يحملون من الدية شيء للعاقلة وليسوا من العاقلة إِنَّمَا هذا مختص بالعصبة؛ فهم الذين يتولون عقد النكاح وهم الذين يحملون ما يلزم القريب من النفقات من الديات العاقلة, دية الخطأ, كذلك النساء ليس لهم مدخل في هذا. 

ذكر المؤلف رحمه الله حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها، فنكاحها باطل، ثلاث مرات» يَعْنِي: نكاحها باطل, باطل, باطل, «فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له». 

هذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة, قَالَ الترمذي: حسن صحيح, وهذا الحديث فيهِ دليل يدل عَلَى أَنَّه لا نكاح إِلَّا بولي, وأن النكاح بدون ولي باطل فلا يصح النكاح ويكون فاسد, وأن الولي شرطٌ في النكاح, وهذا هو مذهب جمهور العلماء وهو الصواب, خلافًا لأبي حنيفة القائل بعدم اشتراطه وصحة النكاح بدون ولي؛ هذا مذهب الأحناف, ويؤيد هذا الحديث أحاديث أخرى فالحديث له شواهد كثيرة منها: 

حديث: «لا تزوج المرأةُ المرأة فَإِن الزانية هي الَّتِي تزوج نفسها». 

والأحناف يرون أن العصبة اللي يتولون أيضًا, العصبة: بشرط الحرية والتكليف, ثم الأم, ثم ذوي الأرحام, ثم الأقرب فالأقرب, ثم الموالاة, ثم القاضي. 

قولها: «أيما امرأة نكحت» أيما: من ألفاظ العموم بسلب الولاية عنهم من غير تخصيص, «بغير إذن مواليها» يَعْنِي: أوليائها, «فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها» يَعْنِي: إذا تزوجت المرأة بدون إذن وليها ودخل بها فالمهر لها, في رواية الترمذي: «فلها المهر بما استحل من فرجها» يكون لها المهر ويُفرق بينهما, «فإن تشاجروا» يَعْنِي: تنازع الأولياء واختلفوا فيما بينهم, والمراد: المنع من العقد دون المشاحاة في السبق إِلَى العقد, «فالسلطان ولي من لا ولي له» يَعْنِي: فيزوجها السلطان؛ لِأَنّ في هَذِه الحالة تشاجروا ومنعوا العقد. 

أما إذا تشاجروا في السبق أيهما الذي يتولى فهذا كأن كَانُوا في مرتبة واحدة, كالإخوة, الأبناء, إخوة أشقاء أيهما الذي يتولى, أو أبناء أيهما الذي يتولى, أو لها عدد من أبناء الإخوة؟ في درجة واحدة, فَإِن السابق إذا سبق أحدهم وعقد فَإِنَّهُ يصح العقد, أما إذا كَانُوا ليسوا في درجة واحدة وليس للعم أن يزوج مع وجود اِبْن الأخ, وليس للأخ أن يزوج مع الابن, وليس للابن أن يزوج مع الأب, لابد من الترتيب في هذا, لَكِنْ إذا كَانُوا في مرتبة واحدة مثل خمسة أبناء لها وسبق أحدهم وزوجها برضاها وبالعقد صح, لَكِنْ إذا تشاجروا في المنع من العقد فَإِن السلطان هو يكون ولي من لا ولي له, إذا امتنعوا من التزويج فكأنه لا ولي لها, فيكون السلطان وليها وإلا فلا ولاية للسلطان مع وجود الولي. 

ومذهب الأحناف منتشر كثيرًا وهذا يوجد في أماكن متعددة من العالم في باكستان, مصر, ويوجد ما يسمى بالزواج العرفي: تأتي المرأة وتتفق مع واحد ويزوجها وتذهب معه, وهذا يوجد كثيرًا تذهب معه وتذهب إِلَى بلد آخر وإذا مضى شهر أو شهرين اتصلت عَلَى أهلها قالت: أنها متزوجة وأنها مبسوطة وأنها كذا وكذا, بدون ولي, وهذا يترتب عليه مفاسد وأمور لا تُحمد عقباها. 

الصواب: ما ذهب إليه جمهور العلماء, والأحاديث في هذا ثابتة وصحيحة والواجب تجديد العقد, إذا حصل نكاح بدون ولي فَإِنَّهُ لابد من تجديد العقد عَلَى الصحيح, نكاح فاسد يكون فيهِ شبهة, إذا جاءت بأولاد يكون شبهة مثل نكاح الشغار وغيره, مضى نكاح شبهة لَكِنْ يُجدد العقد.  

الحديث الثاني أيضًا قال: (حدثنا القعنبي، حدثنا ابن لهيعة، عن جعفر يعني ابن ربيعة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه) وهذا حديث منقطع, قال أبو داود: (جعفر لم يسمع من الزهري كتب إليه) لكنه متابع للذي قبله من الصحابي الواحد, وفي إسناده أيضًا اِبْن لهيعة, وجعفر اِبْن ربيعة أيضًا كذلك لم يسمع من الزهري وهو ضعيف لكنه متابع للحديث السابق. 

(المتن) 

2085- حدثنا محمد بن قدامة بن أعين، حدثنا أبو عبيدة الحداد، عن يونس، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا نكاح إلا بولي». قال أبو داود: وهو يونس، عن أبي بردة، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة, قَالَ أبو داود: يونس لقي أبا بردة. 

(الشرح) 

هذا الحديث لا بأس بسنده عَلَى الصحيح كما قَالَ اِبْن المديني, وفيه: اشتراط الولي في النكاح لهذا قَالَ النَّبِيِّ: «لا نكاح إلا بولي» الحديث من رواية يونس عن أبي بردة، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة, عن أبي موسى, ولها قَالَ أبو داود: (وهو يونس، عن أبي بردة، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة, ويونس لقي أبا بردة) فالطريقان كذلك: 

يونس عن أبي بردة عن أبي موسى, أو عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى, فيكون متصلًا, والحديث فيهِ دليل عَلَى اشتراط الولي, وابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" تكلم عَلَى الحديث هذا وأطال وتكلم عن سنده, نقل عن الترمذي عن سنن أبي موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة قَالَ: سليمان بْنُ موسى ثقة عند أهل الحديث لم يتكلم فيهِ أحد من المتقدمين إِلَّا البخاري وحده فَإِنَّهُ تكلم فيهِ من أجل أحاديث انفرد بها. 

قَالَ الترمذي: وَالْعَمَل عَلَى حَدِيث النَّبِيّ r فِي هَذَا الْبَاب لَا نِكَاح إِلَّا بِوَلِيٍّ, الترمذي رحمه الله واسع العلم في كتابه ويحفظ أيضًا أقوال العلماء, ولهذا قَالَ: وَالْعَمَل عَلَى حَدِيث النَّبِيّ r فِي هَذَا الْبَاب لَا نِكَاح إِلَّا بِوَلِيٍّ عِنْد أَهْل الْعِلْم مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ r مِنْهُمْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَعَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَغَيْرهمْ, وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ فُقَهَاء التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا نِكَاح إِلَّا بِوَلِيٍّ مِنْهُمْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب, وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ, وَشُرَيْح, وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ, عمر بْنُ عبد العزيز, وَبِهَذَا يَقُول سُفْيَان الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ, وَعَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك وَالشَّافِعِيّ, وَأَحْمَد وَإِسْحَاق. 

ذكر رحمه الله أن العلماء كلهم عَلَى العمل بهذا الحديث, الصحابة وَكَذَلِكَ من بعدهم من التابعين, وَكَذَلِكَ الأئمة, قول سفيان, والأوزاعي, اِبْن المبارك, الشافعي وأحمد, وإسحاق, فهذا هو الذي عليه عامة أهل العلم خلافًا للأحناف, فقول الأحناف ضعيف في عدم اشتراط الولي. 

فإن قيل: (...)؟. 

ذكر العلماء الخلاف في اشتراط النكاح, الجمهور عَلَى أَنَّه شرط, وعلى هذا فلا يصح النكاح إذا تُرك, وحكى اِبْن المنذر أَنَّه لا يُعرف عن أحدٌ من الصحابة خلاف ذلك, أما الحنفية فإنهم قالوا: لا يُشترط مطلقًا, من حجة الأحناف احتجوا بحديث اِبْن عباس: «الأيم أحق بنفسها من وليها» وفي لفظ لمسلم: «البنت أحق بنفسها من وليها» قالوا: هذا دليل عَلَى أَنَّه لا يشترط الولي. 

وحديث: «الأيم» يعن: الَّتِي ليس لها زوج, «أحق بنفسها من وليها» وفي لفظ لمسلم: «البنت أحق بنفسها من وليها» قالوا: هذا دليل عَلَى أَنَّه لا يشترط الولي. 

وأُجيب كما قَالَ اِبْن الجوزي في التحقيق: أن المعنى أَنَّه أثبت لها حقًا, وجعلها أحق لِأَنَّهُ ليس للولي أن يجبرها, يَعْنِي: لابد من استئذانها ولابد من أخذ إذنها, «الأيم أحق بنفسها من وليها» يَعْنِي: في الإذن, وَلَكِن الولي هو الذي يتولى العقد وَلَكِن لابد من إذنها, فليس للولي إِلَّا مباشرة العقد ولا يجوز له أن يزوجها إِلَّا بإذنها. 

(المتن) 

2086- حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أم حبيبة، «أنها كانت عند ابن جحش فهلك عنها وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة فزوجها النجاشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندهم». 

(الشرح) 

هذا الحديث حديث أم حبيبة كانت عند اِبْن جحش؛ كَانَ زوجها, واسمه عُبيد الله, أسلمت أم حبيبة قديمًا من مكة وأسلم عُبيد الله وهاجرت للحبشة مع زوجها عُبيد الله, فتنصر زوجها بالحبشة وارتد عن دينه ومات بها وثبتت أم حبيبة عَلَى دينها, بقيت عَلَى إسلامها ففارقها فَلَمّا هلك عُبيد الله زوجها النجاشي ملك الحبشة رسول الله r, لِأَنَّهَا كانت عند أهل الحبشة مقيمة, وقيل: إن الذي عقد عليها هو عثمان بْنُ عفان عن النَّبِيِّ r, وقيل: عقد عليها خالد بْنُ سعيد بْنُ أب العاص بْنُ أمية وأمهرها النجاشي أربعمائة دينار وأولم عليها عثمان لحمًا, وقيل أولم عليها النجاشي, وحملها شرحبيل بْنُ حسنة إِلَى المدينة. 

وهناك قول: أن رسول الله r تزوجها وهي بالمدينة, في اختلاف في الحديث, ورواه مسلم: «أن أبا سفيان طلب من النَّبِيِّ r أن يزوجها فأجابه إِلَى ذلك» فهذا من الأوهام, والصواب: أَنَّه تزوجها بالحبشة وأن النجاشي هو الذي أمهرها وتولى العقد, أما ما رواه مسلم أن أباها طلب من النَّبِيِّ فهذا وهم,ولهذا لما جاء أبو سفيان للمدينة قبل الفتح في الهدنة وجاء أبو سفيان ليشد العقد ودخل عليها طوت فراش النَّبِيِّ r عنه قالت: أنت مشرك. 

ومطابقة الترجمة من قوله: زوجها النجاشي؛ لِأَنّ أباها أبا سفيان لم يكن أسلم في ذلك الوقت وكانت أم حبيبة أسلمت فلم يكن أبو سفيان وليها فزوجها النجاشي لِأَنّ السلطان ولي من لا ولي له, أم حبيبة كَانَ وليها السلطان, وعلى رواية اِبْن سعد: أن خالد بْنُ سعيد بْنُ عاص بْنُ أمية أخ أم حبيبة كَانَ حاضرًا هو الذي تولى أمر النكاح, وهذا الحديث أخرجه النسائي بنحوه, عَلَى هذا يكون الحديث من أدلة وجوب الولي واشتراط الولي في النكاح. 

(المتن) 

باب في العضل. 

2087- حدثنا محمد بن المثنى، حدثني أبو عامر، حدثنا عباد بن راشد، عن الحسن، حدثني معقل بن يسار، قال: «كانت لي أخت تخطب إلي فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه، ثم طلقها طلاقًا له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خُطبت إليَ أتاني يخطبها، فقلت: لا، والله لا أنكحها أبدًا»، قال: ففي نزلت هذه الآية {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}[البقرة/232]الآية، قال: «فكفرت عن يميني فأنكحتها إياه». 

(الشرح) 

وهذا الباب عقده المؤلف (بالعضل) والعضل هو: منع الولي موليته من النكاح, إذا جاءها الكفء, ذكر هذا الحديث لمعقل بْنُ يسار, وهذا الحديث صحيح أخرجه البخاري والترمذي والنسائي, وهو ظاهر في أن العضل يتعلق بالأولياء؛ لِأَنّ الله تعالى خاطب الأولياء قَالَ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة/232].  

فهذا الخطاب موجه للأولياء وظاهرٌ في أن العضل يتعلق بالأولياء, قوله: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي انقضت عدتهن, {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} أي لا تمنعوهن, قال الحافظ: وهذا أصلح دليل على اعتبار الولي وإلا لما كان لعضله معنى, هذا دليل على اشتراط الولي, ولو كان الولي ليس بشرط ما في داعي يخاطب الولي. 

ولأنها لو كان لها أن تزوج نفسها لم تحتج إلى أخيها, ومن كان أمره إليه لا يُقال: أن غيره منعه منه, أخوها رفض يزوجها, لو كان الولي ما يُشترط ليس هناك حاجة إليه تزوج نفسها ولا تحتاج إليه ويكون أمره بيدها. 

ففي هذه القصة: أن معقل بن يسار كانت له أخت تُخطب, قال: «فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه» وهذا دليل عَلَى اشتراط الولي هو الذي أنكحها, «ثم طلقها طلاقًا له رجعة» يَعْنِي طلقة أو طلقتين له رجعة, «ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خُطبت إليَ أتاني يخطبها، فقلت: لا، والله لا أنكحها أبدًا» غضب عليه وقال في تفسير الآية أَنَّه قَالَ: أكرمتك وزوجتك ثم تطلقها والله لا أزوجك إياها أبدًا, فَلَمّا أنزل الله هَذِه الآية: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}[البقرة/232].  

جاء في التفسير أَنَّه قَالَ: سمعًا لربي وطاعة, قال: «فكفرت عن يميني فأنكحتها إياه». 

وهذا دليل واضح عَلَى اشتراط الولي؛ لِأَنَّهُ لو لم يكن هناك شرط لما احتاجت إِلَى وليها ولما احتاجت إِلَى أخيها, صارت تزوج نفسها, ولو كَانَ أمرها بيدها ما يُقال أَنَّه منعها, هنا قَالَ منعها: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} أي لا تمنعوهن, ومن كان أمره بيده لا يُقال أن غيره منعه منه, فدل على اشتراط الولي. 

قال ابن المنذر: لا يُعرف أحدًا من الصحابة خلاف ذلك, ولا يعارض هذا إسناد النكاح إليهن لأن المعنى: أنه يتوقف على إذنهن: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}اُسند خطاب النكاح إليهن لِأَنّ المراد لابد من إذنهن. 

فإن قيل: (...)؟. 

بعد نهاية العدة, صار خاطبًا من الخطاب, إذا طلق الرجل امرأته الطلقة الأولى والثانية وانتهت تصير خاطب من الخطاب إن رضيت هي ووليها يتزوجها بمهر وعقد جديد وإن لم يريدوا يزوجها غيره. 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد