بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد.
(المتن)
قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله تعالى في سننه:
باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئًا
2125 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، قال: أخبرنا عبدة، قال: أخبرنا سعيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطها شيئًا»، قال: ما عندي شيء، قال: «أين درعك الحطمية؟».
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده، ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أما بعد:
قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئًا), يَعْنِي قبل أن يعطيها شيئًا نقدًا, قَالَ: نقدت الدراهم نقدًا, ونقدت الرجل الدراهم بمعنى أعطيته.
وَهَذِهِ الترجمة فِيهَا بيان أن الرجل إِذَا دخل بامرأته فَإِنَّهُ يستحب له أن يعطيها شيئًا وليس ذَلِكَ بواجب.
قوله: «عن ابن عباس، قال: لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطها شيئًا، قال: ما عندي شيء، قال: أين درعك الحطمية؟».
وَهَذَا محمول عَلَى الاستحباب إيناسًا لها وجبرًا لخاطرها؛ لِأَنَّ النكاح صحيح بدون تقديم المهر بالاتفاق, فلو أخر المهر فالنكاح صحيح ولا يلزم أن يكون المهر مقدمًا, فَهُوَ محمول عَلَى الاستحباب, وَهَذَا الحديث أخرجه النسائي وفاطمة هِيَ بنت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ سيدة نساء أهل الْجَنَّةَ تزوجها علي رضي الله عنه في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان, وبنى عليها في ذي الحجة وولدت له الحسن والحسين, ومحسن وزينب ورقية وأم كلثوم, وماتت في المدينة بَعْدَ موت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بستة أشهر, فَهِيَ أول النَّاس لحوقًا به عليه الصلاة والسلام.
ودرع علي الحطمية منسوبة إِلَى الحطم, سميت بِذَلِكَ لأنها تحطم السيوف, وَقِيلَ: منسوبة إِلَى بطن من عبد القيس يقال له حطمة كَانُوا يعملون الدروع.
وفي هَذَا الحديث دليل عَلَى أَنَّهُ يستحب للزوج تقديم شَيْء للزوجة قبل الدخول بها جبرًا لخاطرها, وليس هذا بواجب, جاءت رواية في تعيين ما أعطي علي فاطمة, لكن ليس عليها دليل.
(المتن)
2126 - حدثنا كثير بن عبيد الحمصي، قال: أخبرنا أبو حيوة، عن شعيب يعني ابن أبي حمزة، قال: حدثني غيلان بن أنس، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن رجل، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن عليا رضي الله عنه لما تزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وأراد أن يدخل بها، فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعطيها شيئًا، فقال: يا رسول الله ليس لي شيء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أعطها درعك»، فأعطاها درعه، ثم دخل بها.
2127 - حدثنا كثير يعني ابن عبيد، قال: حدثنا أبو حيوة، عن شعيب، عن غيلان، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
(الشرح)
وَهَذَا الحديث استدل به عَلَى منع الدخول بالمرأة؛ حَتَّى يعطيها شيئًا, لكن الحديث ضعيف في سنده غيلان بن أنس, لَمْ يروى عنه غير الأوزاعي, فَهُوَ مجهول العين, فيكون ضعيفًا, ولو صح فيحمل عَلَى الاستحباب كما سبق في الحديث الأول؛ لِأَنَّ النكاح يصح بدون اشتراط أن يسلم الزوج إِلَى امرأته مهرًا قبل الدخول أو شيئًا وَهَذَا أمر متفق عَلَيْهِ, كما دل عَلَيْهِ حديث عائشة الَّذِي بعده.
ولهذا صح نكاح المفوضة بالاتفاق, والمفوضة هِيَ الَّتِي تتزوج بدون تسمية المهر, فيصح النكاح ويفرض لها مهر المثل, كما قَالَ الله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[البقرة/237].
فَإِن قِيلَ: يَعْنِي يشهد له ما قبله حديث ابن عباس؟ نعم, وما بعده, الحديث الَّذِي بعده ليس فِيهِ غيلان.
(المتن)
2128 - حدثنا محمد بن الصباح البزاز، قال: أخبرنا شريك، عن منصور، عن طلحة، عن خيثمة، عن عائشة، قالت: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئًا». قال أبو داود: وخيثمة، لم يسمع من عائشة.
(الشرح)
وَإِذَا كَانَ لَمْ يسمع فيكون منقطع, مرسل, (ألا أدخل), هَذَا هُوَ الظاهر, كأنه في خلاف لِأَنَّ الشارح أشار إِلَى أَنَّهَا بدون اللام, قَالَ: «أن أدخل», من الإدخال قبل أن يعطيها شَيْئًا فِيهِ أَنَّهُ لا يشترط في صحة النكاح أن يسلم الزوج إِلَى امرأته مهرها قبل الدخول, فَهُوَ شرحها عَلَى أَنَّهُ أن أدخل.
«أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئًا», فيكون دليل عَلَى أن الحديث السابق ليس للوجوب وَإِنَّمَا هُوَ للاستحباب, والحديث أخرجه ابن ماجة والبزاز بزائين؛ لِأَنَّهُ يذكر في القاموس في من أخره راء البزار, وَبَعْضُهُمْ قَالَ: البزار والبزاز, كَذَلِكَ في التقريب أَنَّهُ بالزاي.
قوله: (قال أبو داود: وخيثمة، لم يسمع من عائشة), قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ العبارة لا توجد في جميع النسخ, وَإِنَّمَا وجدت في بعضها, خيثمة هُوَ عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي الكوفي, روى عَنْ أبيه وَعَنْ علي وَعَنْ عائشة وأبي هريرة وجماعة, وَعَنْ إبراهيم والحكم بن عتيبة.
قَالَ الْأَعْمَشُ: وَرِثَ خيثمة مائتي ألف درهما فأنفقها على الفقراء وثقه بن مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ.
(المتن)
2129 - حدثنا محمد بن معمر، قال: أخبرنا محمد بن بكر البرساني، قال: أنبأنا ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت على صداق أو حِبَاء أو عدة، قبل عصمة النكاح، فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح، فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته».
(الشرح)
والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة, ورواية عمرو بن شعيب عَنْ أبيه عَنْ جده فِيهَا كلام لأهل العلم, والأقرب أَنَّهُ حديث حسن.
قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء», يَعْنِي عطية, يسمى عِنْد العرب الحلوان, فالحباء العطية للغير أو للزوج «أو عدة»، يَعْنِي هدية, فَإِذَا نكحت عَلَى صدقة أو حباء, قَالَ: «قبل عصمة النكاح، فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح، فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته».
والحديث دليل عَلَى أن المرأة تستحق جميع ما يذكر في العقد من صداق أو حبا أو عدة قبل النكاح, وما يذكر من بَعْدَ عقد النكاح فَهُوَ لمن جعل له, سواء كَانَ وليًا للمرأة أو غير الولي.
يَعْنِي قبل النكاح يكون لها, وَبَعْدَ العقد يكون لمن أعطيه, فَإِذَا أعطى أباها أو أخاها شَيْئًا, قَالَ: هَذَا لفلان وَهَذَا لفلان, يكون له, ولهذا الحديث فرق بين ما كَانَ قبل النكاح وبعده.
«أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة، قبل عصمة النكاح، فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح، فهو لمن أعطيه»، بَعْدَمَا يتم المهر وينتهي العقد أعطى هدية لوالدها أو لأخيها, أو لخالها أو لأمها تكون له, أَمَّا قبل عقد النكاح فَهُوَ يكون لها الهدية, مثل وقت الخطبة أو وقت العقد كُلّ هَذَا تابع لعقد النكاح, تابع لها.
والحديث دليل عَلَى أن المرأة تستحق جميع ما يذكر في العقد من صداق أو حباء أو هبة وما يذكر بَعْدَ عقد النكاح فَهُوَ لمن جعل له, سواء كَانَ ولي المرأة أو غير ولي أو المرأة نفسها.
وكونه قبل عصمة النكاح يكون لها؛ لِأَنَّهُ وُهب لها قبل العقد الَّذِي شرط فِيهِ لأبيها ما شرط, وليس لأبيها حَقّ إِلَّا برضاها, (وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ), أَيْ وَمَا شُرِطَ مِنْ نَحْوِ هِبَةٍ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَهُوَ حَقٌّ لِمَنْ أُعْطِيَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ: «وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته», هَذَا يؤكد أن العطية تكون لها بَعْدَ عقد النكاح, (وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ) بَالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (عَلَيْهِ الرَّجُلُ) أَيْ لأجله, (ابْنَتُهُ) بَالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ؛ الَّذِي هُوَ أَحَقُّ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى حَذْفِ كَانَ, وَالتَّقْدِيرُ أَحَقُّ مَا أُكْرِمَ لِأَجْلِهِ الرِّجَالُ إِذَا كَانَتِ ابْنَتَهُ (أَوْ أُخْتُهُ) وهذا ظَاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بَالْأَبِ بَلْ كُلُّ وَلِيٍّ كَذَلِكَ.
وَذَهَبَ إِلَى هَذَا التفصيل الَّذِي دل عَلَيْهِ الحديث جماعة من أهل العلم فَهُوَ مروي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَمَالِكٌ.
فَقَالُوا: إِنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا يُذْكَرُ قَبْلَ الْعَقْدِ, وَمَا يُذْكَرُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ جُعِلَ لَهُ سَوَاءً كَانَ وَلِيًّا أَوْ غَيْرَ وَلِيٍّ أَوِ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا, وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَخٍ أَوْ أَبٍ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ لِلْأَبِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْأَبِ مَبْسُوطَةٌ فِي مَالِ الْوَلَدِ.
عَلَى كُلّ حال الحديث فِيهِ تفصيل وَهَذَا التفصيل حسن؛ لِأَنَّهُ قبل عقد النكاح يكون تابع للمهر.
فَإِن قِيلَ: (.....)؟ ذَهَبَ الشافعي إِلَى أن تسوية المهر تكون فاسدة ولها صادق المثل, (.....) الوعد يستحب الوفاء به ولا يَجِبُ.
(المتن)
باب ما يقال للمتزوج
2130 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال أخبرنا عبد العزيز يعني ابن محمد، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج، قال: «بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير».
(الشرح)
وَهَذَا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة, قَالَ الترمذي: حسن صحيح, قوله: « كان إذا رفأ», بتشديد الفاء والهمز أيْ دعا له وهنأه, ففيه مشروعية الدعاء للمتزوج, بقول: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير, وَكَانَ أهل الجاهلية يَقُولُونَ في تهنئتهم في دعاء بالرفاء والبنين, فنهي عنه كراهية لعادة أهل الجاهلية, ولما فِيهِ من التنفير من البنات, قوله: بالرفاء والبنين, وَإِنَّمَا يقال: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير.
أهل الجاهلية يكرهون البنات, ولهذا بَعْضُهُمْ يدفنها وَهِيَ حية, فيقولون: بالرفاء والبنين هَذَا فِيهِ إخراج للبنات, والولد سواء من البنين أو البنات, هُوَ نعمة من الله تعالى على عبده إِذَا أعطاه الولد ومستوي الخلقة, سواء كَانَ ذكرًا أو أنثى.
وفي الحديث: «إِذَا مات ابن آدم انقطع عمله إِلَّا من ثلاث صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له», والولد يشمل الذكر والأنثى, قَدْ يكون الأنثى أحسن من الولد لوالدها, ويوجد هَذَا, يوجد في هَذَا الزَّمَان وفي غيره أن بعض الأولاد الذكور أتعبوا آبائهم وأمهاتهم, والبنات لَمْ يحصلهن شَيْء, بَلْ يحصل منهم الخير والدعاء.
وَعَلَى كُلّ حال الخيار لله U, فالإنسان يحمد ربه ويثني عَلَيْهِ بما أعطاه وليس له أن يتبرم ويتكره من البنات ويتشبه بِأَهْلِ الجاهلية, قَالَ تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[النحل/58-59].
أو في الآية الأخرى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}[الزخرف/17-18].
أصل الرفاء الِالْتِئَامُ وَالِاتِّفَاقُ, مثل إيلاف قريش, الالتئام والاتفاق, الرِّفَاءُ الِالْتِئَامُ وَالْبَرَكَةُ وَالنَّمَاءُ وَهُوَ من قولهم: رفأت الثوب رفأ ورفوته ورفوًا.
ذكر المنذري حديث عقيل, قَالَ ابن القيم رحمه الله: قَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنه عَنْ الْحَسَن, قَالَ: تَزَوَّجَ عُقَيْل بْن أَبِي طَالِب اِمْرَأَة مِنْ بَنِي خَيْثَمٍ فَقِيلَ لَهُ بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ, فَقَالَ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارَكَ اللَّه فِيكُمْ وَبَارَكَ لَكُمْ».
قَالَ ابن القيم: هذا الحديث قَدْ اُضْطُرِبَ فِي سَنَده وَحُكْمه وَاسْم الصَّحَابِيّ رَاوِيه.
في الدرس الماضي كَانَ في قول البخاري وإسناده مجهول, قَالَ: «حدثنا محمد بن بشار، قال أخبرنا بدر بن المحير، قال: أخبرنا شعبة، عن العلاء ابن أخي شعيب الرازي، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن رجل، من بني سليم، قال: خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمامة بنت عبد المطلب فأنكحني من غير أن يتشهد», الإشكال يَقُولُ البخاري إسناده مجهول وَهُوَ صحابي عَنْ رجل من بني سليم.
راجعت في التاريخ الكبير, قَالَ: إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم, قَالَ بدل: حدَّثنا شُعبة، عن العلاء ابن أَخي شُعَيب، عَنْ رجُلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم، عَنْ رجُلٍ من بني سُلَيم، خَطَبتُ إِلَى النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم أُمامَةَ بِنتِ عَبد المُطَّلِبِ، فَأَنكَحَنِي مِن غَيرِ أَن يَتَشَهَّدَ.
وَقَالَ لِي مُحَمد بْنُ عُقبة السَّدُوسِيّ: حدَّثنا حَفص بْنُ عُمَر بْنِ عَامِرٍ السلَميّ، قال: حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبّاد بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبيه، عَن جَدِّه؛ خَطَبتُ إِلَى النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم عَمَّتَهُ، ولَم يَتَشَهَّد.
قال: حَدَّثني مُحَمد، أَبو يَحْيَى، قال: حدَّثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ الكِلابِيّ، قَالَ: حدَّثنا يَزِيدُ، قَالَ مُحَمد: وهو ابن عياض المَدَنِيٌّ، قال: حدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ السلَميّ، عَنْ أَبيه، عَن جَدِّه؛ أَنَّ النَّبيَّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم قَالَ لَهُ: أَلاَ أُنكِحَكَ أُمامَةَ بِنتَ رَبِيعَةَ بنِ الحارِثِ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قال: قَد أَنكَحتُكَها.
قَالَ أَبو عَبد اللهِ: إسناده مجهول.
قَالَ الألباني: وَأَمَّا الحديث الَّذِي رواه إسماعيل بن إبراهيم عَنْ رجل من بني سليم, أخرجه أبو داود والبيهقي فَهُوَ ضعيف من أجل إسماعيل هَذَا فَإِنَّهُ مجهول كما في التقريب, ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ اضطرب عَلَيْهِ فِيهِ كما بين البيهقي وغيره, ولو صح لدل عَلَى جواز الترك أحيانًا لا عَلَى عدم مشروعيته مطلقًا.
في اضطراب في سنده وذكر البخاري أكثر من سند, عَنْ إسماعيل بن إبراهيم عَنْ رجل من بني سليم, كلامهم عَنْ إسماعيل بن إبراهيم, وليس عَلَى الصحابي, يَعْنِي ما في إشكال, عَلَى هَذَا يكون في سقط.
قَالَ بدل: حدَّثنا شُعبة، عن العلاء ابن أَخي شُعَيب، عَنْ رجُلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم، عَنْ رجُلٍ من بني سُلَيم، خَطَبتُ إِلَى النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم, صارت الجهالة ليست في الصحابي, الجهالة فيمن قبل الصحابي, الصحابي ما يتعرض له ما يقال مجهول.
مشكلة الاضطراب بَعْضُهُمْ يروي السند يسقط هَذَا, كونه يسقط هَذَا الرجل هُوَ الَّذِي أوجد الإشكال.
وفي السند الثاني: وَقَالَ لِي مُحَمد بْنُ عُقبة السَّدُوسِيّ: حدَّثنا حَفص بْنُ عُمَر بْنِ عَامِرٍ السلَميّ، قال: حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبّاد بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبيه، عَن جَدِّه؛ خَطَبتُ إِلَى النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم عَمَّتَهُ، ولَم يَتَشَهَّد.
وقال: حَدَّثني مُحَمد، أَبو يَحْيَى، قال: حدَّثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ الكِلابِيّ، قَالَ: حدَّثنا يَزِيدُ، قَالَ مُحَمد: وهو ابن عياض المَدَنِيٌّ، قال: حدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ السلَميّ، عَنْ أَبيه، عَن جَدِّه؛ أَنَّ النَّبيَّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم قَالَ.
قَالَ الألباني في خطبة الحاجة في كتاب الزواج والبخاري ذكره في التاريخ الكبير قَالَ الألباني: وَأَمَّا الحديث الَّذِي رواه إسماعيل بن إبراهيم عَنْ رجل من بني سليم, قَالَ: « خَطَبتُ إِلَى النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم أُمامَةَ بِنتِ عَبد المُطَّلِبِ، فَأَنكَحَنِي مِن غَيرِ أَن يَتَشَهَّدَ», أخرجه أبو داود والبيهقي فَهُوَ ضعيف من أجل إسماعيل هَذَا فَإِنَّهُ مجهول كما في التقريب, ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ اضطرب عَلَيْهِ فِيهِ كما بين البيهقي وغيره, ولو صح لدل عَلَى جواز الترك أحيانًا لا عَلَى عدم المشروعية مطلقًا.
هُوَ مشروع لكن الكلام في الوجوب ليس بواجب, لكن الكلام في أبي داود ما ذكر هنا الاضطراب, قَالَ: أخرجه أبو داود والبيهقي فَهُوَ ضعيف, ولكن ما ذكر الاضطراب عَلَى خلاف عادته, كَانَ الأولى أن يأتي بالسند الثاني.