شعار الموقع

شرح كتاب النكاح من سنن أبي داود_18

00:00
00:00
تحميل
81

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد: 

(المتن) 

يقول الإمام أبو داود رحمه الله في سننه في كتاب النكاح: 

باب القسم بين النساء. 

2133- حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل». 

(الشرح) 

قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (بابٌ في القسم بين النساء) يَعْنِي: من كَانَ له زوجتان فأكثر فلابد من القسم بين النساء, عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل». 

هذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة, وهو دليل عَلَى وجوب التسوية بين الزوجات, وأنه يحرم الميل إِلَى إحداهن: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما» يَعْنِي: فلم يعدل بينهما بل مال إِلَى إحداهما دون الأخرى, «جاء يوم القيامة وشقه مائل» يَعْنِي: أحد جنبيه وطرفه مائل, فسره بأنه مفلوج, هل الميل يفسر بأنه مفلوج؟ والله تعالى يقول: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}[النساء/129]؛ والمراد: الميل في القسم والإنفاق لا في المحبة لِأَنَّهُ مما لا يملكه العبد. 

والواجب عَلَى من كَانَ عنده عدد من الزوجات العدل بينهن في أمور أربعة: 

في النفقة, في الكسوة, في السكنى, في القسم؛ كل واحدة لها ليلة. 

أما محبة القلب والميل وما ينشأ عن ذلك من الوطء فهذا ليس للإنسان, إِنَّمَا يقسم بينهن في هَذِه الأمور الأربعة, إِلَّا إذا كانت واحدة منهن لا ترغب كانت مريضة وطلبت منه ألا يأتي إليها وإلا فالأصل أن يكون لها قسم ليلة حتى الحائض والنفساء, وكان النَّبِيِّ r يعدل بين أزواجه ويقسم, وقال: «اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» فهذا الذي يملكه: القسم, النفقة, الكسوة, السكنى, والذي لا يملكه هو محبة القلب وما ينشأ عنه من الوطء. 

(المتن) 

2134- حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول: اللهم هذا قسمي، فيما أملك فلا تلمني، فيما تملك، ولا أملك» قال أبو داود: يعني القلب. 

(الشرح) 

يَعْنِي: القلب هو الذي لا يملكه الإنسان, هذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة, وعبد الله بْنُ يزيد الخمطي نسبة إِلَى خطمة وهي فخذ من الأوس, فيهِ: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل» يَعْنِي: يسوي بين نساءه في المبيت, وَكَذَلِكَ في النفقة والكسوة, واستدل بعض العلماء بهذا الحديث عَلَى أن القسم كَانَ واجبًا عَلَى النَّبِيِّ r, وذهب بعض العلماء إِلَى أنه لا يَجِبُ عليه القسم r وأن هذا من خصائصه ولكنه يقسم من باب الندب والاستحباب ولو لم يكن واجبًا عليه, من كرمه r, واستدلوا بقول الله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ}[الأحزاب/51]؛ قالوا: هذا دليل عَلَى أَنَّه لا يَجِبُ عليه القسم. 

قالت عائشة رضي الله عنها لما نزلت هَذِه الآية: «ما أرى ربك إِلَّا يسارع في هواك» ويقول: «اللهم هذا قسمي، فيما أملك» يَعْنِي: فيما أقدر, «فلا تلمني، فيما تملك، ولا أملك» يَعْنِي: من المحبة وميل القلب فَإِنك مقلب القلوب, قال أبو داود: (يعني القلب) هذا تفسير من المؤلف. 

قَالَ الترمذي: يُعنى بِهِ الحب والمودة, كذلك فسره أهل العلم, والحديث دليل عَلَى أن المحبة وميل القلب أمرٌ غير مقدورٍ للعبد بل هو من الله تعالى, ويدل عَلَى ذلك قول الله تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[الأنفال/63].  

وفُسر بِهِ قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال/24].  

(المتن) 

2135- حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد الرحمن يعني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قالت عائشة: «يا ابن أختي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم، من مكثه عندنا، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها, ولقد قالت سودة بنت زمعة: حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها»، قالت: نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها أراه قال: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا}[النساء/128]. 

(الشرح) 

الحديث في سنده عبد الرحمن بْنُ أبي الزناد متكلمٌ فيهِ, والحديث له شواهد وهو دليل عَلَى جواز الدخول عَلَى من لم يكن في يومها من نساءه وأنه لا بأس عند الحاجة أَنَّه يجوز الدخول عَلَى من لم يكن في يومها من نساءه واللمس لها والتقبيل من غير مسيس, وفيه: جواز ترك المرأة يومها لدرتها بإذن زوجها, ولهذا قالت عائشة لعروة: «يا ابن أختي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم، من مكثه عندنا، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها, ولقد قالت سودة بنت زمعة: حين أسنت» يَعْنِي: كبر سنها. 

«وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم» خافت أن يفارقها رسول الله r, قالت: «يا رسول الله، يومي لعائشة» وفيه: جواز ترك المرأة يومها لدرتها بإذن زوجها؛ لأنها كبرت سنها وتريد البقاء عند النَّبِيِّ r وتكون من أزواجه في الآخرة وهي لا حاجة لها في الرجال, «فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها»، قالت: نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها أراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء/128]. 

هَذِه الآية فيها: أن المرأة إذا خشيت أن يطلقها زوجها واصطلحت معه عَلَى أن تُسقط بعض حقها فلا بأس, تسقط مثلًا ليلة مبيت أو نفقة إذا كانت غنية فلا بأس, ومن ذلك ما يتفق عليه بعض الزوجات حتى قبل الزواج يتفق معها عَلَى أن يتزوجها بشرط ألا يكون لها ليلة معينة وَإِنَّمَا يأتيها متى شاء, فتوافق عَلَى هذا لِأَنَّهَا موظفة مثلًا الآن ومشغولة وليس عندها فراغ إِلَّا يوم الخميس والجمعة مثلًا, أو تتفق معه عَلَى أن يأتيها في الأسبوع مرة أو خميس وجمعة أو متى شاء, أو تتفق معه عَلَى أن تسقط النفقة لِأَنَّهَا لها مرتب وهي تريد أن تبقى عند والديها لخدمتهم؛ فلا بأس, قَالَ تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء/128]. 

كذلك إذا أحست أَنَّه سيطلقها وخافت واتفقت معه عَلَى أن تسقط بعض حقه فلا بأس, أما كونه يُكرها ويُلزمها وتكون معها أولاد فيجبرها أن تسقط بعض حقها إلجاءً وهي لا تريد وَلَكِن مضطرة للبقاء لِأَنّ لها أولاد أو أنها فقيرة, فهذا لا يجوز له, إذا كَانَ من غير طواعية منها وانشراح صدر لا يجوز له أن يضرها ويُلجئها إِلَى هذا, هي قد تكون مضطرة ولا تريد إذا تركت أولادها ضاع أولادها ولا تستطيع النفقة, ولا تستطيع البقاء وحدها, فهو يُلجئها ويضطرها فتوافق مكرهة, فهذا حرام عليه ولا يجوز له, لَكِنْ إن كَانَ عن طواعية فلا بأس. 

البارحة سألني واحد يقول: أَنَّه يريد أن يتزوج امرأة وأنه قَالَ لها: أنا سأعطيك النفقة الكثيرة أكثر من الحد اللازم, إِلَّا أني أشترط أن لا يكون لكِ ليلة مخصصة, أتي أي وقت, وهذا قبل أن يعقد معها فوافقت, فهذا ما فيهِ أحد يُكرهها, قبل العقد وافقت عَلَى هذا فلا بأس. 

فإن قيل: الحديث هذا في الصحيحين متفق عليه؟. 

في إسناده عبد الرحمن بْنُ أبي الزناد. 

فإن قيل: هذا من رجال البخاري؟. 

هو متكلم فيهِ, وقد يكون البخاري روى له مقرونًا بغيره, أو انتقى من حديثه ما صح. 

وهذا فيهِ: حُسن خُلق النَّبِيِّ r وأنه كَانَ خير الناس لأهله, المنذري قَالَ: في إسناده عبد الرحمن بْنُ بزاز تكلم فيهِ غير واحد ووثقه الإمام مالك بْنُ أنس واستشهد بِهِ البخاري, وأما هبة سودة يومها لعائشة فهذا أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما؛ أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة, وكان النَّبِيِّ r يقسم لعائشة يومها ويوم سودة. 

الحديث هذا استشهد بِهِ البخاري, يَعْنِي: رواه شاهدًا ولم يخرجه البخاري. 

فإن قيل: هل يجوز للمرأة أن ترجع في هذا اليوم إذا رأت؟. 

الأقرب نعم لها أن ترجع. 

(المتن) 

2136- حدثنا يحيى بن معين، ومحمد بن عيسى المعنى، قالا: حدثنا عباد بن عباد، عن عاصم، عن معاذة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا بعدما نزلت: {تُرجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}[الأحزاب/51] قالت معاذة: فقلت لها: «ما كنت تقولين لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كنت أقول إن كان ذلك إلي لم أوثر أحدًا على نفسي». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم, والنسائي, وفيه أن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا بعدما نزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}[الأحزاب/51]» اُستدل بالآية عَلَى أن القسم ليس بواجب عَلَى النَّبِيِّ r, لِأَنَّهُ جعل المشيئة والاختيار إليه r. 

قالت معاذة: «فقلت لها: ما كنت تقولين لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟» يَعْنِي: إذا استأذنكِ, «قالت: كنت أقول إن كان ذلك إلي لم أوثر أحدًا على نفسي» يَعْنِي: إذا كَانَ الاختيار لي فأنا أرغب في بقاءك يا رسول الله عندي. 

وفي بعض النسخ: «يستأذننا في يوم المرأة» إضافة اليوم للمرأة يَعْنِي: يوم نوبتها, إذا أراد أن يتوجه إِلَى الأخرى, {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ} يَعْنِي: تؤخر وتترك وتبعد عن مضاجعة من تشاء, {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} يَعْنِي: تضمها إليك وتضاجعها, تُرجي: فيها أقوال كما ذكرنا, قيل معناها: تطلق وتُمسك, وقيل معناه: تعتزل من شئت منهن, وتقسم لغيرها, وقيل: تقبل من شئت من الواهبات وترد من شئت. 

قَالَ البغوي: أشهر الأقاويل أَنَّه في القسم بينهن, وذلك أن التسوية بينهن في القسم كَانَ واجبًا عَلَى النَّبِيِّ r فَلَمّا نزلت هَذِه الآية سقط عنه وصار الاختيار إليه فيهن. 

«قالت: كنت أقول إن كان ذلك إلي لم أوثر أحدًا على نفسي» قَالَ النووي رحمه الله: هَذِه منافسة في النَّبِيِّ r ليست لمجرد الاستمتاع ولمطلق العشرة وشهوات النفوس الَّتِي تكون من بعض الناس, بل هي منافسة في أمور الآخرة والقرب من سيد الأولين والآخرين والرغبة فيهِ وفي خدمته ومعاشرته, والاستفادة منه في قضاء حقوقه وحوائجه, وتوقع نزول الرحمة والوحي عليه عندها ونحو ذلك. 

(المتن) 

2137- حدثنا مسدد، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار، حدثني أبو عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى النساء، تعني في مرضه فاجتمعن، فقال: إني لا أستطيع أن أدور بينكن، فإن رأيتن أن تأذن لي فأكون عند عائشة، فعلتن فأذن له». 

(الشرح) 

يزيد بْنُ بابنوس قَالَ الحافظ: مقبول, «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى النساء» يَعْنِي: أرسل إليهن أحدًا في مرضه الذي مات فيهِ, مُرض في بيت عائشة, قَالَ المنذري: يزيد بْنُ بابنوس مجهول, والحافظ يقول مقبول, وذكره البخاري أَنَّه سمع من عائشة وأنه من السبعة الذين قاتلوا عليًا رضي الله عنه, عَلَى كل حال هذا الحديث له شواهد, المقوبل يحتاج إِلَى متابع وشاهد, وإن كَانَ النَّبِيِّ r استأذن نساءه فله شواهد, وأنهم أذن له فبقي في بيت عائشة. 

فإن قيل: يدل عَلَى وجب القسم؟. 

نعم, لَكِنْ قد يقال: إن هذا من باب الاستحباب بَعْدَمَا نزلت الآية, ومن باب تطييب خاطرهن. 

(المتن) 

2138- حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، أخبرنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، أن عروة بن الزبير، حدثه، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها، وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه البخاري والنسائي وابن ماجة وهو حديث صحيح, والحديث دليل عَلَى مشروعية القرعة بين الزوجات إذا أراد الزوج سفرًا وأيتهن خرج سهمها خرج بها, ويقاس عليه القرعة في القسمة بين الشركاء إذا كَانَ هناك شركاء في شيء مشترك ثم قُسم فيُشرع القرعة في تحديد نصيب كل واحد إذا كانت الأنصبة متقاربة وهذا يفعله الناس مثل إذا كانت جذور قُسم لحمها سبعة في الأضاحي أو في غيرها يقسمونها سبعة ثم يأتون بالقرعة تحدد كل شخص يأخذ نصيبه, يأتوا بسبع أعواد هذا لفلان وهذا فلان, ثم يضع العود عَلَى هذا معروف أَنَّه لفلان فيأخذ, هذا من باب تطييب النفوس. 

قوله: «إذا أراد سفرًا» مفهومه أن اختصاص القرعة بحالة السفر وليس عَلَى عمومه, كذلك تستعمل القرعة إذا أراد أن يقسم بين زوجاته بأيهن يبدأ؟ بالقرعة, ولا يبدأ بأيتهن شاء بل يقرع بينهن فيبدأ بالتي خرج لها القرعة إلا إن رضين بشيء فيجوز بلا قرعة, أو رضيت إحداهن بالسفر بدون قرعة فلا بأس. 

قوله: «خرج بها» يَعْنِي: المرأة الَّتِي خرج سهمها, والحديث اُستدل بِهِ عَلَى مشروعية القرعة في القسمة بين الشركاء خلافًا للأحناف والمالكية فإنهم لا يعتبرون القرعة, قَالَ القاضي عياض: هو مشهور عن مالك وأصحابه لِأَنَّهَا من باب الخطر والقمار فلا تُستعمل, لكنه إذا كانت الأشياء متساوية وقسمت فلا بأس, وحُكي عن الحنفية إجازتها, والصواب: أنها لا بأس بها وأنها طيبة لما فيها من تطييب الخواطر, وقياسًا عَلَى فعل النَّبِيِّ r في القسم بين زوجاته وهذا واضح يستعمله الناس وفيه تطييب للخواطر, إذا كانت الأشياء متساوية ثم جُعلت القرعة تحدد لكل واحد يأخذ هذا النصيب, لِأَنَّهُ إذا لم يكن قرعة فَإِنَّهُ متردد من يأخذ هذا ومن يأخذ هذا, فالقرعة تُزيل ما في النفوس. 

فإن قيل: بالنسبة للمساواة في السكنى والنفقة, قد تكون المرأة عندها عيال كثير دون الأخرى؟. 

هذا يراعى, وَكَذَلِكَ النفقة, نفقة المرأة اللي عندها عيال ليست كالتي ليس عندها عيال, فيراعى ذلك كَأن يكون المسكن كبير من أجل الأولاد, والنفقة أكثر من أجل الأولاد؛ هذا معروف. 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد