شعار الموقع

شرح كتاب النكاح من سنن أبي داود_21

00:00
00:00
تحميل
78

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد: 

(المتن) 

يقول الإمام أبو داود رحمه الله في سننه: 

باب في وطء السبايا. 

2155- حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن أبي علقمة الهاشمي، عن أبي سعيد الخدري، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين بعثًا إلى أوطاس فلقوا عدوهم فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكأن أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غَشَيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله تعالى في ذلك {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}[النساء/24] أي: فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن». 

(الشرح) 

قَالَ المؤلف رحمه الله: (بابٌ في وطء السبايا) والسبايا: جمع سبية وهي المرأة الَّتِي سُبيت من المشركين, وذلك أن المسلمين في الجهاد إذا قاتلوا الأعداء يأخذون من المشركين سبايا يسبون الرجال والنساء والأطفال, والأطفال والنساء يبقون أرقاء والرجال كما جاء في الْقُرْآن مخيرون بين قتلهم وبين فدائهم وبين المن عَلَيْهِمْ, بعد ذلك قائد الجيش يقسم الغنائم بين المسلمين ومن ذلك السبايا. 

وهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لوطء المرأة المسبية متى يطأها الإنسان, والوطء هو الجماع, يجامع المرأة المسبية من الكفار, ذكر المؤلف حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين بعثًا» يَعْنِي: سرية, «إلى أوطاس» وحنين وادٍ بين مكة والطائف وراء عرفات, أوطاس: كذلك موقع من مكة, «فلقوا عدوهم فقاتلوهم فظهروا عَلَيْهِمْ» يَعْنِي: هَذِه السرية الَّتِي أرسلها النَّبِيِّ r ظهروا عَلَى العدو وقاتلوهم وسبوا منهم سبايا من النساء, فأراد بعض أصحاب النَّبِيِّ r أن يجامع هَذِه السبايا. 

قوله: «فكأن أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غَشَيانهن» يَعْنِي: من وطأهن وجماعهن, «من أجل أزواجهن من المشركين» يَعْنِي: لِأَنّ هَذِه المرأة المسبية لها زوج من المشركين فكيف يجامعها ولها زوج, فأنزل الله تعالى في ذلك {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}[النساء/24] أي: فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن». 

الله تعالى ذكر المحرمات قَالَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ}[النساء/23] ثم قَالَ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء/24]؛ أي: إِلَّا ما أخذتموهن بملك اليمين, وهي النساء المسبيات, فهن حلال لكم لَكِنْ بشرط أن تنقضي عدتها من زوجها المشرك. 

والحديث صحيح أخرجه مسلم والترمذي والنسائي, قوله: «حنين» المصروف إذا أُريد الغزوة, وإذا أُريد القرية والمكان فهو غير مصروف, والمراد بالمحصنات في هَذِه الآية: المزوجات, يَعْنِي: النساء المزوجات حرامٌ عليكم إِلَّا بملك اليمين, فجعل من المحرمات, قَالَ: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء/23-24]؛ كل هَذِه محرمات. 

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ}[النساء/23-24] هكذا ثلاثة عشر محرمات. 

فالمراد من المحصنات في هَذِه الآية المزوجات؛ لِأَنّ كلمة محصنة كلمة مشتركة تأتي بمعنى المزوجات كما في هَذِه الآية, وتأتي بمعنى الحرائر كما في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ}[النساء/25] بمعنى العفيفات, وكما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}[النور/4] أي العفيفات, والمراد بالمحصنات في هَذِه الآية المزوجات, المرأة المزوجة حرام عَلَى غير زوجها إِلَّا إذا سُبيت فَإِنَّهُ ينفسخ نكاحها من زوجها المشرك وتحل لمن ملكها بملك اليمين بعد سبيها, إن كانت حاملًا بوضع الحمل وإن كانت ليس حاملًا فبثلاثة حيضات. 

{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء/24]؛يَعْنِي: بالسبي أو بالشراء فهي حلال, إذا اشترى أمة فهي حلال لمن اشتراها أن يطأها إذا استبرأها بالحيض أو بوضع الحمل, وَكَذَلِكَ إذا سُبيت. 

فالحديث فيهِ دليل عَلَى جواز وطء المسبية إذا انقضت عدتها ولو كانت ذات زوج, بأن تضع حملها إن كانت حاملًا,أو تُستبرأ بحيضة إن كانت حائلًا, أو بمضي شهر إن كانت لا تحيض. 

قَالَ الخطابي في معالم السنن: في الحديث بيان أن الزوجين إذا سُبيا معًا فقد وقعت الفرقة بينهما, كما لو سُبي أحدهما دون الآخر, وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأبو ثور, واحتجوا بأن النَّبِيِّ r قسم السبي وأمر ألا توطأ حامل حتى تضع ولا حائض حتى تحيض, ولم يسأل عن ذات الزوج وغيرها, ولا عمن كانت سُبيت مع الزوج أو وحدها, فدل عَلَى أن الحكم في ذلك واحد. 

وقال أبو حنيفة: إذا سُبيا جميعًا فهما عَلَى نكاحهما وهذا القول الثاني, الشافعي وجماعة يرون بمجرد السبي ينفسخ نكاحها إذا سُبيا جميعًا وأما أبو حنيفة فيرى أنهما يبقيان عَلَى نكاحهما, وقال الأوزاعي: ما كَانَ في المقاصد فهما عَلَى نكاحهما, فَإِن اشتراها رجلٌ فشاء أن يجمع بينهما جمع وإن شاء فرق بينهما واتخذها لنفسه بعد أن يستبرأها بحيضة, وقد تأول اِبْن عباس الآية في الآمة يشتريها ولها زوج فَقَالَ: بيعها طلاقها, وللمشتري اتخاذها لنفسه, قالوا: وهو خلاف أقاويل العلماء, وحديث بريرة يدل عَلَى خلافه؛ انتهى كلام الخطابي. 

عَلَى كل حال: المرأة المسبية ينفسخ نكاحها بالسبي وتُستبرأ بحيضة, أما إذا سُبي هو وزوجته فهذا محل الخلاف؛ والأقرب أَنَّه ينفسخ؛ لِأَنّ الآية عامة. 

فإن قيل: المشتراة كذلك؟. 

كذلك. 

فإن قيل: لو متزوجة من زوج مسلم؟. 

نعم, إِلَّا إذا اشترط أن تبقى عَلَى زوجها, والمقصود استبراء الرحم فإذا أخذها لنفسه واستبرأها بحيضة كفى, وأما العدة لها أحكام: استبراء الرحم, حق الزوج, وحكم أخرى. 

(المتن) 

2156- حدثنا النفيلي، حدثنا مسكين، حدثنا شعبة، عن يزيد بن خمير، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي الدرداء، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة فرأى امرأة مجحًا فقال: لعل صاحبها ألم بها؟ قالوا: نعم، فقال: لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له؟ وكيف يستخدمه وهو لا يحل له؟». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه مسلم بنحوه, وفي هذا الحديث: عن أبي الدرداء، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة فرأى امرأة مجحًا» بضم الميم والجيم وحاء مهملة يَعْنِي: حامل قرب ولادتها, «فقال: لعل صاحبها ألم بها؟» يَعْنِي: جامعها والإلمام كناية عن الوطء, «قالوا: نعم» جامعها وهي حامل, «فقال: لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له؟ وكيف يستخدمه وهو لا يحل له؟». 

يَعْنِي: لقد عزمت وقصدت أن ألعنه وأدعو عليه بالبعد عن الرحمة لعنة تدخل معه في قبره, وتستمر إِلَى ما بعد موته, وَإِنَّمَا هم بلعنه لِأَنَّهُ ألم بأمته الَّتِي يملكها وهي حامل كَانَ تاركًا الاستبراء, ما استبرأها وقد فُرض عليه الاستبراء. 

قوله: «كيف يورثه وهو لا يحل له؟» أي الولد, «وكيف يستخدمه وهو لا يحل له؟» قَالَ النووي رحمه الله: معنى: «كيف يورثه؟» أَنَّه قد يتأخر ولادتها ستة أشهر بحيث يحتمل كون الولد من هذا السابي, ويحتمل أَنَّه كَانَ ممن قبله؛ لِأَنَّهُ جامعها وهي حامل, فعلى تقدير كونه من السابي يكون ولدًا له ويتوارثان, وعلى تقدير كونه من غير السابي لا يتوارثان لعدم القرابة بل له استخدامه لِأَنَّهُ مملوكه, فتدير الحديث أَنَّه قد يستلحقه ويجعله ابنًا له ويورثه مع أَنَّه لا يحل له توريثه لكونه ليس منه, ولا يحل توارثه ومزاحمته لباقي الورثة, وقد يستخدمه استخدام العبيد ويجعله عبدًا يتملكه مع أَنَّه لا يحل له ذلك لكونه منه إذا وضعته لمدة محتملة كونه من كل واحدٍ منهما, فيجب عليه الامتناع من وطأها خوفًا من هذا المحظور؛ انتهى كلام النووي رحمه الله. 

والحديث فيهِ دليل: عَلَى تحريم وطأ المسبية الحامل حتى تضع حتى يُعلم براءة رحمها وأن من وطأها فهو لا يحل له, وقد هم النَّبِيِّ r أن يلعنه لِأَنّ وطئها يفضي إِلَى أحد أمرين مستنكرين: 

 الْأَمْرِ الأول: توريث الولد وهو لا يحل له. 

الْأَمْرِ الثاني: أو استخدامه وهو لا يحل له. 

وفيه: أن هذا من الكبائر؛ لِأَنّ اللعن لا يكون إِلَّا عَلَى كبيرة من كبائر الذنوب. 

اِبْن القيم رحمه الله تكلم عَلَى الحديث هذا, قَالَ: في قوله: «كيف يورثه وهو لا يحل له؟» قولان: 

أحدهما: أن ذلك الحمل قد يكون لزوجها المشرك فلا يحل له استلحاقه وتوريثه. 

الثاني: وقد يكون منه إذا وطئها أن ينفش ما كان في الظاهر حملًا وتعلق منه فيظنه عبده وهو ولده فيستخدمه استخدام العد وينفيه عنه. 

وهذان الوجهان ذكر معناهما المنذري. 

قال ابن القيم:وهذا القول ضعيف فإن النبي r جمع بين إنكار الأمرين استخدامه واستلحاقه وقد جاء كيف يستعبده ويورثه ومعلوم أن استلحاقه واستعباده جمع بين المتناقضين وكذا إذا تفشى الذي هو حملٌ في الظاهر وعلقت منه لا يُتصور فيه الاستلحاق والاستعباد. 

فالصواب القول الثاني وهو أنه إذا وطئها حاملًا صار في الحمل جزء منه فإن الوطء يزيد في تخليقه وهو قد علم أنه عبد له فهو باقٍ على أن يستعبده ويجعله كالمال الموروث عنه فيورثه أي يجعله مالًا موروثًا عنه وقد صار فيه جزء من الأب. 

قال الإمام أحمد: الوطء يزيد في سمعه وبصره. 

وقد صرح النبي r بهذا المعنى في قوله: «لا يحل لرجل أن يسقي ماءه زرع غيره» ومعلوم أن الماء الذي يسقى به الزرع يزيد فيه ويتكون الزرع منه وقد شبه وطء الحامل بساقي الزرع الماء وقد جعل الله تبارك وتعالى محل الوطء حرثًا وشبه النبي r الحمل بالزرع ووطء الحامل بسقي الزرع, وهذا دليل ظاهر جدًا على أنه لا يجوز نكاح الزانية حتى تُعلم براءة رحمها إما بثلاث حيض أو بحيضة والحيضة أقوى؛ لأن الماء الذي من الزنى والحمل وإن يكن له حرمة فلماء الزوج حرمة وهو لا يحل له أن ينفي عنه ما قد يكون من مائه ووطئه 

وقد صار فيه جزء منه, كما لا يحل لواطىء المسبية الحامل ذلك ولا فرق بينهما. 

فلهذا قال الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه: إذا تزوج الأمة وأحبلها ثم ملكها حاملًا أنه إن وطئها صارت أم ولد له تُعتق بموته لأن الولد قد يلحق من مائه الأول والثاني. 

عَلَى كل حال لاشك أن المفسدة عظيمة كونه يجامعها وهي حامل هذا يؤدي إِلَى اختلاط الأنساب, فلهذا النَّبِيِّ r شدد في هذا ولعن من فعل ذلك. 

(المتن) 

2157- حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا شريك، عن قيس بن وهب، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري، ورفعه، أنه قال في سبايا أوطاس: «لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة». 

(الشرح) 

الحديث في سنده شريك القاضي وهو ضعيف لسوء حفظه لما تولى القضاء, لَكِنْ الحديث له شواهد فهو حسن بشواهده ويشهد له الحديث الذي قبله والحديث الذي بعده, فالحديث دليل: عَلَى وجوب استبراء الآمة المسبية إن كانت حاملًا فبوضع الحمل, وإن كانت حائلًا فتحيض بحيضة, أو ليس حاملًا فبشهر: «لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة». 

فإن قيل: هي قد تكون حامل في بداية الحمل ولا تحض الشهر هذا؟. 

يتبين الحمل, إذا كَانَ ينقطع الدم من أجل الحمل. 

(المتن) 

2158- حدثنا النفيلي، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، عن حنش الصنعاني، عن رويفع بن ثابت الأنصاري، قال: قام فينا خطيبًا، قال: «أما إني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوم حنين، قال: لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره» يعني: إتيان الحبالى «ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنمًا حتى يقسم». 

(الشرح) 

الحديث في سنده محمد بْنُ إسحاق وهو ثقة مدلس لكنه صرح بالسماع, قَالَ: حدثني, فزال المحظور من تدليسه؛ لِأَنَّهُ ثقة وإمام وهو صاحب المغازي, والحديث يشهد له الأحاديث الَّتِي قبله وهو دليل عَلَى تحريم وطء المسبية حتى تُستبرأ بوضع الحمل إن كانت حاملًا أو بحيضة إن كانت حائلًا أو بشهر إن كانت لا تحيض. 

 عن رويفع بن ثابت الأنصاري، قال: قام فينا خطيبًا، قال: «أما إني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوم حنين، قال: لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره» يَعْنِي: نطفته, والمراد: محل الزرع لغيره, يَعْنِي: أنه يريد بهذا الكلام إتيان الحبالي, والحبالي: جمع حبلى وهم الحوامل, والمعنى: جماعهن. 

قَالَ الخطابي:شبه النَّبِيِّ r الولد إذا علق بالرحم بالزرع إذا نبت ورسخ في الأرض, ففيه كراهة وطء الحبالي إذا كَانَ الحبل من غير واطئ عَلَى الوجوه كلها. 

قوله: «ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها» يَعْنِي: بحيضة أو بشهر, «ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنمًا حتى يُقسم» المغنم: يَعْنِي شيء من الغنيمة؛ حتى يُقسم بين الغانمين ويؤخذ منه الخمس, وفيه: دليل عَلَى تحريم بيع ما أُخذ من الغنيمة حتى يُقسم بين الغانمين ثم يبيع من أراد نصيبه ما شاء, إذا أخذ نصيبه باعه لَكِنْ قبل أن يُقسم لا يحل له. 

(المتن) 

2159- حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية، عن ابن إسحاق، بهذا الحديث قال: «حتى يستبرئها بحيضة» زاد فيه «بحيضة». وهو وهم من أبي معاوية وهو صحيح في حديث أبي سعيد. زاد «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين، حتى إذا أعجفها ردها فيه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيهِ» قال أبو داود: الحيضة ليست بمحفوظة وهو وهم من أبي معاوية. 

(الشرح) 

هذا الحديث فيهِ زيادة سعيد بْنُ منصور: «بحيضة» يَعْنِي: هذا الحديث والحديث السابق عن اِبْن إسحاق زاد فيهِ: «بحيضة», قَالَ: (وهو وهم من أبي معاوية وهو صحيح في حديث أبي سعيد) يَعْنِي: هذا الحديث لابي معاوية فيهِ وهم الحيض, وَلَكِن في حديث أبي سعيد صحيح, يَعْنِي: كلمة «حتى يستبرئها بحيضة» هَذِه زيادة صحيحة في حديث أبي سعيد وهو الأول, ولكنها في الحديث الآخر وهو حديث أبو معاوية وهم من معاوية. 

والحديث فيهِ تحريم ركوب دابة من فيء المسلمين أو لبس ثوب حتى تُقسم الغنيمة, قد يُستثنى من ذلك إذا احتاج للحرب اللبس يأخذه ثم يرده للغنيمة, أو احتاج إِلَى الأكل وأكل فاكهة أو شيء رطب هذا إن احتاجه في الحال, أما أن يأخذ شَيْئًا له فليس له أن يأخذ شيء حتى يُقسم, قَالَ: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين، حتى إذا أعجفها ردها فيهِ» أعجفها: أضعفها, يركبها من غير حاجة فإذا أضعفها ردها, لَكِنْ لو احتاجها في حال الحرب لا بأس. 

قوله: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيهِ» أخلقه: استعمله وصار خلقًا رده في الفيء, ومفهوم الحديث أن الركوب إذا لم يؤدي إِلَى العجف فلا بأس, لكنه ليس بمراد, لا يجوز أن يركب مطلقًا إِلَّا عند الحاجة, إذا احتاجها للحرب فقط وَكَذَلِكَ الثوب ليس له أن يلبس من غير ضرورة ملجئة, أخلقه: أبلاه, فإذا أبلاه رده في الفيء. 

 قال أبو داود: (الحيضة ليست بمحفوظة وهو وهم من أبي معاوية) يَعْنِي: الحديث الثاني ليس فيهِ حيضة, والحديث الأول ثابتة, وعلى كل حال: لابد أن يستبرئها بحيضة هذا لابد منه حتى يتبين براءة الرحم. 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد