شعار الموقع

شرح كتاب النكاح من سنن أبي داود_22

00:00
00:00
تحميل
94

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد: 

(المتن) 

قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله: 

بابُ في جامع النكاح. 

2160- حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وعبد الله بن سعيد، قالا: حدثنا أبو خالد يعني سليمان بن حيان، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادمًا، فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرًا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك» قال أبو داود: زاد أبو سعيد: «ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم». 

(الشرح) 

قَالَ المؤلف رحمه الله: (بابُ في جامع النكاح) ثم ذكر حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادمًا، فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرًا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك». 

هذا الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة وسنده لا بأس بِهِ, ورواية عمرو بْنُ شعيب عن أبيه عن جده حسنة مقبولة إذا لم يخالف الثقات ممن هو أوثق منه, وَكَذَلِكَ رواية بهز بْنُ حكيم عن أبيه عن جده فهي من قبيل الحديث الحسن, والحديث دليل عَلَى مشروعية هذا الدعاء: «إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادمًا» والخادم يشمل الأنثى الجارية والذكر وهو العبد. 

فإذا اشترى خادمًا فَإِنَّهُ يُشرع له أن يقول هذا الدعاء: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه» يَعْنِي: المرأة وَكَذَلِكَ الخادم, «وإذا اشترى بعيرًا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك» الذروة يَعْنِي: أعلاه, يقال: ذِروة, ذَروة, ذُروة, معنى: «أسألك خيرها» يَعْنِي: خير ذاتها, «ما جبلتها عليه» يَعْنِي: ما خلقتها وطبعتها عليه من الأخلاق البهية. 

 قال أبو داود: (زاد أبو سعيد) هو عبد الله بْنُ سعيد, «ثم ليأخذ بناصيتها» وهي الشعر في مقدم الرأس يقال له ناصية, ففيه استحباب هذا الدعاء إذا تزوج امرأة وإذا اشترى خادمًا أو اشترى دابة. 

فإن قيل: لو كانت سيارة؟. 

السيارة محل نظر خيرها, لَكِنْ جبلتها عليه هي حديد الآن ليست ذات روح حتى تكون جُبلت عَلَى شيء, لَكِنْ لو قَالَ: اللهم أسألك خيرها وخير ما قدرت, يَعْنِي: يدعو بدعاء حسن من قبيل هذا الدعاء. 

(المتن) 

2161- حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله، قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، ثم إن قُدر أن يكون بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدًا». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم, والترمذي والنسائي وابن ماجة, وفيه: استحباب هذا الذكر عند الجماع, التسمية يقول: «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا» وفيه: دليل عَلَى أن هذا الدعاء سبب في عدم ضرر الولد من الشيطان, فإذا قاله الإنسان عند الجماع لم يضره الشيطان لا في دينه ولا في بدنه, وهذا يقوله إذا جامع امرأته أو لو كانت آمة عنده, «لو أن أحدكم» قيل: لو هَذِه للتمني, مثل قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً}[الشعراء/102]. 

والمعنى: أَنَّه r تمنى ذلك الخير يفعلونه لتحصل لهم السعادة, قوله: «بسم الله» يَعْنِي: مستعينًا بالله وبذكر اسمه, «جنبنا» يَعْنِي: بعد بيننا وجنب الولد, هذا الضرر ظاهر الحديث أَنَّه عام, لقوله: «لم يضره شيطان» لَكِنْ بعض العلماء اختلفوا في الحمل عَلَى عموم الأحوال لِأَنَّهُ ثبت في الحديث الآخر: «أن كل اِبْن آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إِلَّا مريم وابنها» فهذا الطعن نوعٌ من الضرر, ولهذا قَالَ بَعْضُهُم: لم يُسلط عليه من أجل بركة التسمية بل يكون من جملة عباد الله الذين قَالَ الله فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر/42]. 

وقال بَعْضُهُم: المراد لم يصرعه, وقيل: لم يضره في بدنه, وقال اِبْن دقيق العيد: يحتمل أن لا يضره في دينه أيضًا, وَلَكِن العصمة للرسل عَلَيْهِمْ الصلاة والسلام, وقال بَعْضُهُم: المعنى لم يفتنه عن دينه إِلَى الكفر, وعلى كل حال: ظاهر الحديث أَنَّه لا يضره في دينه ولا بدنه. 

(المتن) 

2162- حدثنا هناد، عن وكيع، عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملعون من أتى امرأته في دبرها». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة, والحديث في سنده الحارث بْنُ مخلد عَلَى وزن محمد وهو مجهول الحال كما في التقريب لَكِنْ الحديث له شواهد كثيرة كما ذكر اِبْن القيم رحمه الله, فيرتقي بها إِلَى درجة الحسن لغيره فيكون بشواهده حجة, فالحديث دليل عَلَى تحريم إتيان المرأة في دبرها وأنه من كبائر الذنوب للتوعد عليه باللعن في الحديث, وفي الحديث الآخر: «من أتى امرأة في دبرها فقد كفر» وفي بعضها: «أن الله لا ينظر إليه» وفي بعضها: الحكم عليه باللوطية الصغرى, فهذه النصوص وهذه الشواهد الكثيرة تدل عَلَى تحريم إتيان المرأة ففي دبرها وأنه من كبائر الذنوب؛ لِأَنَّهُ تُوعد عليه باللعن ووصف بكفر من فعله, ووصف ببعض الأحاديث بأن الله لا ينظر إليه, ووصف في بعض الأحاديث بالحكم عليه باللوطية الصغرى. 

الحديث: دليل عَلَى تحريم إتيان النساء في أدبارهن وإلى هذا ذهب عامة العلماء؛ ولأن الأصل تحريم المباشرة إِلَّا ما أحله الله ولم يُحل الله تعالى إِلَّا القُبل, كما في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ}[البقرة/223]. 

وقوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة/222]؛ فأباح موضع الحرث والمطلوب من الحرث نبات الزرع, فكذلك النساء الغرض من إتيانهن طلب النسل لا قضاء الشهوة فقط وهو لا يكون إِلَّا في القُبل, فيحرم ما عدا موضع الحرث, وأما محل الاستماع فيما عدا الفرج فمأخوذ من أدلة أخرى وهو جواز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج. 

ذكر العلماء خلاف الرافضة الإمامية ذهبوا إِلَى جواز إتيان الزوجة والآمة بل والمملوك في الدبر, لَكِنْ الرافضة ليسوا أهلًا لِأَنّ يؤخذ بأقوالهم, وروي عن الشافعي أَنَّه قَالَ: لم يصح في تحليله ولا تحريمه شيء وقياس أَنَّه حلال, وَلَكِن قَالَ الربيع الراوي عن الشافعي: والله الذي لا إله إِلَّا هو لقد نص الشافعي عَلَى تحريمه في ستة كتب, ويقال: إنه كَانَ يقول بحله في القديم, وفي الهدي النبوي عن الشافعي أَنَّه قَالَ: لا أرخص فيهِ بل أنهى عنه, وقال: إن من نقل عن الأئمة إباحته فقد غلط فيهم أفحش الغلط وأقبحه, وَإِنَّمَا الذي أباحوه أن يكون الدبر طريقة للوطء في الفرج, فيطأ من الدبر لا في الدبر, فاشتبه عَلَى السامع. 

(المتن) 

2163- حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابرًا، يقول: «إن اليهود يقولون: إذا جامع الرجل أهله في فرجها من ورائها كان ولده أحول، فأنزل الله سبحانه وتعالى {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}[البقرة/223]». 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم, والترمذي والنسائي وابن ماجة, وهو حديث صحيح, معنى: «إن اليهود يقولون: إذا جامع الرجل أهله في فرجها من ورائها » يَعْنِي: من جهة خلفها, «كان ولده أحول» يَعْنِي: الحاصل بِذَلِكَ الجماع أحول, الحديث فيهِ: دليل عَلَى جواز جماع الرجل زوجته في فرجها من ورائها, وكما تدل عليه الآية في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223].  

لِأَنّ الله كذب اليهود في زعمهم أن الولد يكون أحول, والحول: ظهور البياض في مؤخر العين ويكون السواد من إقبال الحدقة؛ الأنف, قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}[البقرة/223]؛ يَعْنِي: منكوحاتكم ومملوكاتكم حرث لكم, أي مواضع زراعة أولادكم, يَعْنِي: هن لكم بمنزلة الأرض المعدة للزراعة ومحله القبل, فَإِن الدبر موضع الفرث لا موضع الحرث. 

{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]؛ يَعْنِي: كيف شئتم من قيامٍ أو قعود أو اضطجاع أو من ورائها في فرجها, فالمعنى: عَلَى أي هيئة كانت فهي مباحة لكم مفوضة إليكم ولا يترتب عليكم منها ضرر ما دام أَنَّه في مكان واحد وهو الفرج. 

(المتن) 

2164- حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ، حدثني محمد يعني ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «إن ابن عمر والله يغفر له أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلًا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه، وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني، حتى شري أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}[البقرة/223] أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد». 

(الشرح) 

هذا الحديث سكت عنه المنذري وفي سنده محمد بْنُ إسحاق وهو مدلس وقد عنعن, لَكِنْ الحديث له شواهد يكون بها حسنًا لغيره, والحديث يدل عَلَى تحريم الوطء في الدبر؛ لِأَنّ الآية نزلت في إتيان النساء من محل الحرث بالكيفيات المختلفة في عموم الأحوال: مقبلات, مدبرات, مستلقيات, لا في عموم المواضع. 

وأما قول اِبْن عباس: «إن ابن عمر والله يغفر له أوهم» الحامل لابن عباس عَلَى هَذِه التخطية ما روي عن اِبْن عمر عند الدارقطني أن قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]؛ نزلت بالوطء في الدبر, فانكر عليه ذلك وقال: إن اِبْن عمر أوهم, وابن القيم رحمه الله بين أَنّ ما نُقل عن اِبْن عمر غير صحيح, وأنه من نقله توهم. 

قوله: «أوهم» وقع في روايات «أوهب» قَالَ بَعْضُهُم: والصواب أن يقال: وهم الرجل, إذا غلط في شيء, ووهم مفتوحة: إذا ذهب وهمه إِلَى الشيء, وذلك أن اِبْن عباس بلغه عن اِبْن عمر في تأويل الآية شيء خلاف ما كَانَ يذهب إليه اِبْن عباس فَقَالَ: أوهم. 

كَانَ الأوس والخزرج أهل أوثان يعبدون الأوثان, واليهود بجوارهم وكانوا أهل علم, فالأنصار اتقدوا باليهود, قَالَ: «إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب» فكان اليهود بأتون النساء عَلَى حرف, والوثن: ما كَانَ له جثة من الحجارة أو الخشب وغيرها, والصنم: صورة بلا جثة, وقال آخرون: هما سواء. 

«وكانوا يرون لهم فضلًا عليهم في العلم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرًا» كَانَ اليهود لا يجامعون المرأة إِلَّا عَلَى حرف, يَعْنِي: لا يجامعون إِلَّا عَلَى طرف واحد وهي حالة الاستلقاء, فاقتدى بهم الأنصار, وأما قريش فإنهم يتلذذون بالنساء في جميع الحالات, ولهذا قَالَ: «يشرحون النساء شرحا منكرًا» قَالَ الخطابي: الشرح هو البسط, ومنه انشراح الصدر وافتتاحه, ومنه قوله: شرحت المسألة إذا فتحت المغلق منها وبينت المشكل, والمعنى: يكشفونهن, يشرحون النساء شرحا منكرًا، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات. 

قوله: «حتى شري أمرهما» يَعْنِي: ارتفع وعظم, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]؛ يَعْنِي: كيف شئتم مقبلات, مدبرات, مستلقيات, هذا تفسير لمعنى "أنى" يَعْنِي بِذَلِكَ حرثكم, يَعْنِي: موضع الولد وهو القُبل 

قَالَ الخطابي: في الحديث بيان تحريم إتيان النساء في أدبارهن بغير موضع الولد مع ما جاء في النهي في باقي الأخبار, وقال النووي: اتفق العلماء الذين يُقتدى بهم عَلَى تحريم وطء المرأة في دبرها حائضًا كانت أو طاهرًا لأحاديث كثيرة مشهورة, وقال أصحابنا: لا يحل الوطء في الدبر في شيء من الآدميين وغيرهم من الحيوانات في حال من الأحوال. 

اِبْن القيم رحمه الله تكلم عَلَى هذا في تهذيب السنن وسرد الأدلة التي فيها تحريم إتيان النساء في أدبارهن وتكلم عما روي عن اِبْن عمر أَنَّه يبيح إتيان النساء في أدبارهن وقال: هذا غلطٌ عليه, وَإِنَّمَا هو يرى إتيان المرأة في قُبلها من الخلف, فظن بعض الناس أَنَّه يرى جواز إتيان المرأة في دبرها. 

قَالَ اِبْن القيم رحمه الله: هذا الذي أخرجه أبو داود في هذا الباب وقد بقي في الباب أحاديث أخرجه النسائي ونحن نذكرها:  

الْأَوَّل: عَنْ خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِنَّ اللَّه لَا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ» هذا الدليل الأول. 

الثَّانِي: عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ الرَّجُل يَأْتِي اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا قَالَ: «تَلِك اللُّوطِيَّة الصُّغْرَى» رَفَعَهُ هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ عَمْرو وَوَقَفَهُ سُفْيَان عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَج عَنْ عَمْرو وَتَابَعَهُ مَطَر الْوَرَّاق عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب مَوْقُوفًا. 

الثالث: عن كريب عن بن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَنْظُر اللَّه إِلَى رَجُل أَتَى رَجُلًا أَوْ اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا» هَذَا حَدِيث اُخْتُلِفَ فِيهِ فَرَوَاهُ الضَّحَّاك بْن عُثْمَان عَنْ مخرمة بن سليمان عن كريب عن بن عَبَّاس وَرَوَاهُ وَكِيع عَنْ الضَّحَّاك مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ أَبُو خَالِد عَنْهُ مَرْفُوعًا وَصَحَّحَ الْبُسْتِيّ رَفْعه وأبو خالد هو الأحمر. 

الرابع: عن بن الْهَاد عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ». 

الخامس: حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَقَدْ تَقَدَّمَ وَلَهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْظُر اللَّه إِلَى رَجُل أَتَى اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا». 

السَّادِس: عَنْ عَلِيّ بْن طَلْق قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِيّ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَكُون فِي الْبَادِيَة فَيَكُون مِنْ أَحَدنَا الرُّوَيْحَة فقال إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَعْجَازهنَّ». 

السابع: عن بن عَبَّاس قَالَ جَاءَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا رَسُول اللَّه هَلَكْت قَالَ وَمَا الَّذِي أَهْلَكَك قَالَ حَوَّلْت رَحْلِي اللَّيْلَة فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ شَيْئًا» فَأَوْحَى اللَّه إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]. 

يَقُول: أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُر وَالْحَيْضَة قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الْحَاكِم وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ فِي حُكْم الْمَرْفُوع. 

الثَّامِن: عَنْ أَبِي تَمِيمَة الْهُجَيْمِيّ عَنْ أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 

ثم ذكر أبو داود تفسير بن عَبَّاس لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى:{فَأْتُوا حَرْثكُم}  
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخ شَمْس الدِّين وَهَذَا الَّذِي فَسَّرَ به بن عباس فسر به بن عُمَر وَإِنَّمَا وَهِمُوا عَلَيْهِ لَمْ يَهِم هُوَ, يَعْنِي: اِبْن عمر وهموا عليه وهو ما وهم, هو أفتى بأنه يجوز للإنسان أن يأتي امرأته في قُبلها من دبرها, فوهموا عليه وقالوا: إنه يبيح إتيان المرأة في دبرها, هم الذين وهموا عليه وهو لم يهم. 

فَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي النَّصْر أَنَّهُ قَالَ لِنَافِعٍ قَدْ أَكْثَر عَلَيْك الْقَوْل أَنَّك تَقُول عن بن عُمَر إِنَّهُ أَفْتَى بِأَنْ يُؤْتَى النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ, قَالَ نَافِع لَقَدْ كَذَبُوا عَلَيَّ وَلَكِنْ سأخبرك كيف كان الأمر إن بن عُمَر عَرَضَ الْمُصْحَف يَوْمًا وَأَنَا عِنْده حَتَّى بَلَغَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]. 

قَالَ: يَا نَافِع هَلْ تَعْلَم مَا أَمْر هَذِهِ الْآيَة إِنَّا كُنَّا مَعْشَر قُرَيْش نَجْبِي النِّسَاء, يكبها عَلَى وجهها ويجامعها من الخلف في القُبل, فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَدِينَة وَنَكَحْنَا نِسَاء الْأَنْصَار أَرَدْنَا مِنْهُنَّ مِثْل مَا كُنَّا نُرِيد مِنْ نِسَائِنَا فَإِذَا هُنَّ قَدْ كَرِهْنَ ذَلِكَ وَأَعْظَمْنَهُ وَكَانَتْ نِسَاء الْأَنْصَار إِنَّمَا يُؤْتَيْنَ عَلَى جنوبهن فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]؛ فهذا هو الثابت عن بن عُمَر وَلَمْ يُفْهَم عَنْهُ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ غَيْر ذَلِكَ. 

وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم قَالَ قُلْت لِمَالِك إِنَّ عِنْدنَا السَّامِعِ انْتَهَى. 

كَذَا فِي بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحرث بْن يَعْقُوب عَنْ سَعِيد بْن يَسَار قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَر: إِنَّا نَشْتَرِي الْجَوَارِي فَنُحَمِّض لَهُنَّ, قَالَ: وَمَا التَّحْمِيض قَالَ نَأْتِيهِنَّ فِي أدبارهن قال أف أو يعمل هَذَا مُسْلِم فَقَالَ لِي مَالِك: فَأَشْهَد عَلَى رَبِيعَة أَنَّهُ يُحَدِّثنِي عَنْ سَعِيد بْن يَسَار أنه سأل بن عُمَر عَنْهُ, فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ فَقَدْ صح عن بن عُمَر أَنَّهُ فَسَّرَ الْآيَة بِالْإِتْيَانِ فِي الْفَرْج مِنْ نَاحِيَة الدُّبُر وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ نَافِع وَأَخْطَأَ مَنْ أَخْطَأَ عَلَى نَافِع فَتُوُهِّمَ أَنَّ الدُّبُر مَحَلّ لِلْوَطْءِ لَا طَرِيق إِلَى وَطْء الْفَرْج فَكَذَّبَهُمْ نَافِع, وَكَذَلِكَ مَسْأَلَة الْجَوَارِي إن كان قد حفظ عن بن عُمَر أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْإِحْمَاض لَهُنَّ فَإِنَّمَا مُرَاده إِتْيَانهنَّ مِنْ طَرِيق الدُّبُر فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ وطئهن في الدبر وقال: أو يفعل هَذَا مُسْلِم فَهَذَا يُبَيِّن تَصَادُق الرِّوَايَات وَتَوَافُقهَا عَنْهُ. 

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان بْن بِلَال عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا» فَأَنْزَلَ الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]؟. 

قِيلَ: هَذَا غَلَط بِلَا شَكٍّ غَلِطَ فِيهِ سليمان بن بلال أو بن أَبِي أُوَيْس رَاوِيه عَنْهُ وَانْقَلَبَتْ عَلَيْهِ لَفْظَة مِنْ بِلَفْظَةِ فِي وَإِنَّمَا هُوَ أَتَى اِمْرَأَة مِنْ دُبْرهَا وَلَعَلَّ هَذِهِ هِيَ قِصَّة عُمْر بْن الْخُطَّاب بِعَيْنِهَا لَمَا حَوْل رَحْله وَوَجَدَ مِنْ ذُلّك وَجَدَا شَدِيدًا فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَكَتْ» وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَوْ يَكُون بَعْض الرُّوَاة ظَنَّ أَنَّ ذُلّك هُوَ الْوَطْء فِي الدُّبْر فَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ظَنَّهُ مَعَ أَنَّ هُشَام بْن سَعْد قَدْ خَالَفَ سَلِيمَانِ فِي هَذَا فَرَوَاهُ عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار مُرْسَلًا. 

وَاَلَّذِي يُبَيِّن هَذَا وَيَزِيدهُ وُضُوحًا أَنَّ هَذَا الْغَلَط قَدْ عَرَضَ مِثْله لِبَعْضِ الصَّحَابَة حِين أَفْتَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَوَازِ الْوَطْء فِي قُبُلهَا مِنْ دُبُرهَا حَتَّى يُبَيِّن لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا, قَالَ الشَّافِعِيّ: أَخْبَرَنِي عَمِّي قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن السَّائِب عَنْ عَمْرو بْن أُحَيْحَة بْن الْجُلَاح أَوْ عَنْ عَمْرو بْن فُلَان بْن أُحَيْحَة قَالَ الشَّافِعِيّ أَنَا شَكَكْت عَنْ خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ أَوْ إِتْيَان الرَّجُل اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَلَال فَلَمَّا وَلَّى الرِّجَال دَعَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَقَالَ كَيْف قُلْت فِي أَيّ الْخَرِبَتَيْنِ أَوْ فِي أَيّ الْخَرَزَتَيْنِ أَوْ فِي أَيّ الْخُصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرهَا فِي قُبُلهَا فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبُرهَا فِي دبرها فلا إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ». 

قَالَ الشَّافِعِيّ: عَمِّي ثِقَة وَعَبْد اللَّه بْن عَلِيّ ثِقَة وَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّد وَهُوَ عَمّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَنْ الْأَنْصَارِيّ الْمُحَدِّث بِهِ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا, وَخُزَيْمَة مَنْ لَا يَشُكّ عَالِم فِي ثِقَته وَالْأَنْصَارِيّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هُوَ عَمْرو بْن أُحَيْحَة. 

فَوَقَعَ الِاشْتِبَاه فِي كَوْن الدُّبُر طَرِيقًا إِلَى مَوْضِع الْوَطْء أَوْ هُوَ مَأْتَى 
وَاشْتَبَهَ عَلَى مَنْ اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَعْنَى مِنْ بِمَعْنَى فِي فَوَقَعَ الْوَهْم. 

يَعْنِي: أأتوا المرأة في قُبلها من دبرها, وقال بَعْضُهُم: في دبرها, فاشتبه عليه وأبدل في بمن, المعنى: إتيان المرأة في قُبلها من دبرها. 

فإن قيل فما تقولون: فيما رواه البيهقي عن الحاكم حدثنا الأصم قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول سمعت الشافعي يقول ليس فيه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في التحريم والتحليل حديث ثابت, والقياس أنه حلال وقد غلط سفيان في حديث ابن الهاد يريد حديثه عن عمارة بن خزيمة عن أبيه يرفعه: «إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن» ويريد بغلطه أن ابن الهاد قال فيه مرة عن عبيد الله بن عبد الله بن حصين عن هرمي بن عبد الله الواقفي عن خزيمة ثم اختلف فيه عن عبيد الله.  
فقيل عنه عن عبد الملك بن عمرو بن قيس الخطمي عن هرمي عن خزيمة وقيل عن عبد الله بن هرمي فمداره على هرمي بن عبد الله عن خزيمة وليس لعمارة بن خزيمة فيه أصل إلا من حديث ابن عيينة وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ؛ هذا كلام البيهقي. 

قيل: هذه الحكاية مختصرة من مناظرة حكاها الشافعي جرت بينه وبين محمد بن الحسن يكون منه تحريم إتيان غيره فالإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان في القبل محرم بدلالة الكتاب ثم السنة, فذكر حديث عمه ثم قال ولست أرخص به أنهي عنه  
فلعل الشافعي رحمه الله توقف فيه أولًا, ثم لما تبين له التحريم وثبوت الحديث فيه رجع إليه وهو أولى بجلالته ومنصبه وإمامته من أن يناظر على مسألة يعتقد بطلانها يذب بها عن أهل المدينة جدلًا ثم يقول: والقياس حله, ويقول: ليس فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحريم والتحليل حديث ثابت على طريق الجدل بل إن كان ابن عبد الحكم حفظ ذلك عن الشافعي فهو مما قد رجع عنه لما تبين له صريح التحريم  
والله أعلم. 

وفي سياقها دلالة على أنه إنما قصد الذب عن أهل المدينة على طريق الجدل, فأما هو فقد نص في كتاب عشرة النساء على تحريمه هذا جواب البيهقي.  

والشافعي رحمه الله قد صرح في كتبه المصرية بالتحريم واحتج بحديث خزيمة ووثق رواته كما ذكرنا, وقال في الجديد: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]. 

وبين أن موضع الحرث هو موضع الولد وأن الله تعالى أباح الإتيان فيه إلا في وقت الحيض وأنى شئتم بمعنى من أين شئتم, قَالَ: وإباحة الإتيان في موضع الحرث يشبه أن  
يكون غرسًا للزرع. 

وبهذا يتبين أن الأدلة كثيرة في تحريم إتيان المرأة في دبرها وأن ما نُقل عن اِبْن عمر وَكَذَلِكَ ما نُقل عن الشافعي لا يصح إِنَّمَا هو وهم, والشافعي يحتمل أَنَّه توقف أولًا ثم تبين له, وأما اِبْن عمر فَإِنَّهُ توهم فيهِ بعض الرواة فظن أَنَّه يُبيح الإتيان في الدبر وهو إِنَّمَا يُبيح إتيان المرأة في القُبل من جهة الدبر, ويؤخذ من هذا أن هَذِه الأدلة تحريم إتيان المرأة في الدبر, وهذا واضح من الآية قَالَ تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة/223]. 

وهذا هو موضع الحرث وهو القُبل, هذا واضح ودلت الأحاديث عَلَى مفهوم الآية وأنه لا يجوز إتيان غير مكان الحرث وهذا الذي دلت عليه الأدلة الَّتِي ساقها اِبْن القيم رحمه الله.  

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد