بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:
(المتن)
قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله تعالى في سننه:
باب في إتيان الحائض ومباشرتها.
2165- حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، «أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيت فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله سبحانه وتعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}[البقرة/222] إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء غير النكاح, فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئًا من أمرنا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير، وعباد بن بشر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله إن اليهود تقول: كذا وكذا، أفلا ننكحهن في المحيض، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهما، فظننا أنه لم يجد عليهما».
(الشرح)
قَالَ المؤلف رحمه الله تعالى: (باب في إتيان الحائض ومباشرتها) هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان ما يجوز للرجل من مباشرة زوجته إذا كانت حائضًا وما يُمنع منه, فذكر أحاديث تدل عَلَى أن الرجل له أن يستمتع من زوجته بكل شيء إِلَّا الجماع في الفرج, وأما ما بين السرة إِلَى الركبة فمن العلماء من قَالَ: إنه يَجِبُ عليه أن يأمرها بأن تتزر وأن يباشرها فوق الإزار من السرة إِلَى الركبة ليكون هذا فيهِ احتياط واستدلوا بحديث: «ما يحل للرجل من امرأته؟ قَالَ: ما فوق الأزار».
وقال آخرون من أهل العلم: أَنَّه يجوز له أن يستمتع أيضًا بما تَحْتَ الإزار وأن الممنوع إِنَّمَا هو خصوص الفرج لحديث أنس: «اصنعوا كل شيء إِلَّا النكاح».
وهذا الحديث حديث أنس بْنُ مالك رضي الله عنه أخرجه الإمام مسلم والترمذي, والنسائي وابن ماجة, وهو حديثٌ صحيح وهو يدل عَلَى جواز مؤاكلة الحائض ومشاربتها ومجامعتها في البيت ومباشرة زوجها لها فيما بين السرة والركبة بغير القُبل والدبر, ولو من غير إزار عَلَى الصحيح لقول النَّبِيِّ r: «اصنعوا كل شيء غير النكاح» يَعْنِي: الجماع.
وفيه: أن الإسلام جاء بمخالفة اليهود, فاليهود كَانُوا إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت,. المقصود في البيت؟ يَعْنِي: الغرفة الخاصة, يجعلونها في غرفة خاصة مستقلة ما تجلس معهم ولا تأكل معهم, يحبسونها في غرفة خاصة, فسُأل رسول الله r عن ذلك , فأنزل الله هَذِه الآية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة/222].
واليهود قبيلة معروفة سميت باسم جدها يهودا وهو أحد أولاد يعقوب أخو يوسف الصديق, ومعنى: «لم يجامعوهن في البيوت» يَعْنِي: لم يخالطوهن, ولم يساكنوهن في بيت واحد, {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} أي الحيض, فَقَالَ الله: {قُلْ هُوَ أَذًى} يَعْنِي: قذر, {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} يَعْنِي: اتركوا جماعهن ووطئهن في المحيض وفي وقت الحيض أو مكانه أو زمانه.
والأذى: هو ما يتأذى بِهِ الإنسان, وقول النَّبِيِّ r: «اصنعوا كل شيء» يَعْنِي: المؤاكلة والمشاربة والملامسة والمضاجعة, «غير النكاح» يَعْنِي: غير الجماع, وهذا تفسير للآية وبيان لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا} لِأَنّ الاعتزال شامل للمجانبة.
وقول اليهود: «ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئًا من أمرنا إلا خالفنا فيهِ» يعنون النَّبِيِّ r وعبروا بِهِ بقولهم هذا الرجل من إنكارهم لنبوته r, واحتقارًا له قالوا: هذا الرجل, ما قالوا: رسول الله, وهم يعلمون أَنَّه رسول الله لكنهم قومٌ بهت, «أن يدع» أن يترك, «من أمرنا» يَعْنِي: من أمور ديننا, «إِلَّا خالفنا فيهِ».
«فجاء أسيد بن حضير، وعباد بن بشر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله إن اليهود تقول: كذا وكذا، أفلا ننكحهن في المحيض» يَعْنِي: أفلا نجامع النساء حتى نخالف اليهود, «فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم» تغير وجه رسول الله r بهذا القول لِأَنَّهُ مصادم للآية, والله تعالى يقول: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} وهما يقولان: يا رسول الله أفلا ننكحهن في المحيض؟ فلهذا تغير وجه رسول الله r.
قَالَ الصحابة: «حتى ظننا أن قد وجد عليهما» يَعْنِي: غضب عليهما, «فخرجا» خرجوا من عند رسول الله r خوفًا من الزيادة في الغضب خافا أن ينزل فيهما شيء من الْقُرْآن فخرجا في الحال وابتعدا عن النَّبِيِّ r, «فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» جاءته هدية فور خروجهما من لبن, «فبعث في آثارهما، فظننا أنه لم يجد عليهما»نادهم وأعطاهم من هَذِه الهدية فعرف الصحابة أَنَّه لم يغضب عَلَيْهِمْ ولم يجد في نفسه عليهما, فسقاهما من اللبن فعلم الصحابة أَنَّه لم يغضب عليهما r, وكان r لا ينتقم لنفسه وَإِنَّمَا يغضب إذا اُنتهكت حرمات الله.
(المتن)
2166- حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن جابر بن صبح، قال: سمعت خلاسًا الهجري، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها، تقول: «كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا حائض طامث، فإن أصابه مني شيء غسل مكانه، ولم يعده، وإن أصاب تعني ثوبه منه شيء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه».
(الشرح)
هذا الحديث أخرجه النسائي, والحديث في سنده خلاس الهجري وهو ضعيف لَكِنْ له شواهد تجبره فيكون بهذه الشواهد حسن, وهو دليل عَلَى جواز النوم مع الحائض والاضطجاع معها في لحاف واحد, «الشعار» هو الثوب الذي يلي الجسد, «الدثار» هو الثوب الذي فوقه, ومنه قول النَّبِيِّ r: «الأنصار شعار والناس دثار» يَعْنِي: الأنصار مثل الثوب الذي عَلَى الجسد أخص بِهِ من غيره والناس من ورائهم, هذا فيهِ فضل الأنصار.
قول عائشة: «وأنا حائض طامث» الطامث هي الحائض ففيه تأكيد, «فإن أصابه مني شيء غسل مكانه» يَعْنِي: إن أصاب بدنه, «ولم يعده» لا يتجاوز مكان الدم, «وإن أصاب تعني ثوبه منه شيء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه» يَعْنِي: إذا أصاب الدم بدنه غسل مكانه, وإذا أصاب الثوب غسله وصلى فيهِ, «ولم يعده» لا يتجاوز مكان النجاسة فقط خلاف ما يفعله بعض الموسوسين, بعض الموسوسين إذا أصاب ثوبه نقطة غسل الثوب كله, أو إذا أصاب بدنه نقطة نجاسة اغتسل غُسل كامل؛ هَذِه وسوسة, النَّبِيِّ r يغسل مكان الدم فقط من الثوب ومن البدن ويصلي فيهِ.
(المتن)
2167- حدثنا محمد بن العلاء، ومسدد، قالا: حدثنا حفص، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن خالته ميمونة بنت الحارث، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه وهي حائض أمرها أن تتزر ثم يباشرها».
(الشرح)
هذا الحديث أخرجه البخاري, والحديث دليل عَلَى استحباب اتزار الحائض عند إرادة مباشرة زوجها لها؛ لِأَنّ ذلك أبلغ في اجتناب الأذى, ومعنى الاتزار يَعْنِي: تلبس ثوب يغطي ما بين السرة إِلَى الركبة ثم يباشرها من فوق ويتلذذ بها ويضمها من فوق وهذا أبلغ في اجتناب الفرج, ويجوز له المباشرة فيما تَحْتَ الإزار عَلَى الصحيح إذا ابتعد عَلَى الفرج لحديث أنس السابق: «اصنعوا كل شيء إِلَّا النكاح» أي الجماع.
وهذا هو الجمع بين الحديثين: فحديث أنس يدل عَلَى الجواز وأنه له أن يباشرها ولو لم تضع إزار فيما بين السرة والركبة لَكِنْ يمتنع عن الفرج, وحديث ميمونة هذا محمول عَلَى الأولى والأفضل, وقال بعض العلماء: إن هذا الحديث يدل عَلَى تحريم المباشرة لما تَحْتَ الإزار, لَكِنْ هذا قول مرجوح, فالحديث يدل عَلَى جواز المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القُبل والدبر, وممن ذهب إلى هذا جمعٌ من أهل العلم من التابعين, مجاهد, الشعبي, النخعي, وهو مروي عن الإمام أحمد, ومحمد بْنُ حسن, وأبو ثور وداود وجماعة.
وذهب الإمام مالك وأبو حنيفة إِلَى أن المباشرة فيما بين السرة والركبة حرام, والشافعي له ثلاثة أوجه, والصواب كما سبق: أن الجمع بينهما أَنّ الاتزار أفضل وأحوط وأبلغ في اجتناب الأذى, وَلَكِن لو لم تضع الإزار فلا حرج لحديث أنس السابق: «اصنعوا كل شيء إِلَّا النكاح» فعليه أن يمتنع من الجماع ومن الفرج, وَكَذَلِكَ أيضًا لاجتناب الأذى ألا يصيبه كونها تتزر أبلغ في كونه يجتنب الدم لا يصيب بدنه ولا ثوبه, وَلَكِن لو لم تتزر وأصاب بدنه أو ثوبه يغسل الدم من بدنه أو ثوبه ولا يضره كما فعل النَّبِيِّ r.
(المتن)
باب في كفارة من أتى حائضًا.
2168- حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن شعبة، غيره، عن سعيد، حدثني الحكم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض؟ قال: «يتصدق بدينار، أو بنصف دينار».
(الشرح)
هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله: (في كفارة من أتى حائضًا) أي من جامع زوجته وهي حائض, هذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة, وأخرجه الإمام أحمد, والحديث اختلف العلماء في صحته فمن العلماء من ضعفه وقال: إنه مضطرب, أو مرسل أو موقوف, ومن العلماء من صححه, والصواب: أَنَّه صحيح عند المحققين, وهو دليل عَلَى أن من أتى امرأته وجامعها وهي حائض فعليه مع التوبة الكفارة, فعليه أولًا التوبة: هَذِه أهم شيء, والتوبة معناها: هي التخلي عن هذا الْأَمْرِ فلا يجامعها في المستقبل في الحيض وعليه الندم عَلَى ما مضى والتأسف وعليه العزم ألا يعود لهذا مرةً أخرى, توبةً إِلَى الله عز وجل وخوفًا منه, وعليه مع ذلك الكفارة وهي: «يتصدق بدينار، أو بنصف دينار» مخير, والدينار: مثقال واحد, والجنيه السعودي: ديناران إِلَّا ربع, وهو مثقالين إلا ربع فيكون الدينار أربعة أسباع الجنيه السعودي, فأربعة أسهم من سبعة أسهم.
لو فرضنا أن الجنيه صرفه سبعون ريالًا, يكون الدينار أربعين؛ أربعة أسباع, ونصف الدينار عشرين, ولو فرضنا أن الجنيه سبعمائة يصير الدينار أربعمائة ريال أو نصف دينار مائتين, فهو أربعة أسهم من سبعة, تجعل الجنيه سبعة أسهم والدينار أربعة أسهم.
وذهب بعض العلماء إلى أنه تجب الكفارة وَلَكِن الكفارة غير الدينار, الحسن وسعيد قالا: يُعتق رقبة قياسًا عَلَى من جامع في رمضان, وقال آخرون من أهل العلم: يتصدق بدينار أو بنصف دينار كما دل عليه الحديث, والذين لم يصححوا الحديث قالوا: لا شيء عليه, قالوا: الحديث مرسل أو موقوف, قَالَ بَعْضُهُم: إنه مضطرب, والذمة عَلَى الأصل بريئة فعلى هذا ليس عليه شيء سوى التوبة والاستغفار.
قَالَ: ولا يَجِبُ أن يثبت فيهِ شيء لمسكين ولا غيره إِلَّا بدليل لا مدفع فيهِ ولا مطعن وهذا معدوم في هَذِه المسألة, فالذين لم يصححوا الحديث قالوا: الأصل براءة الذمة وهذا الحديث لا تقوم بِهِ الحجة, وأما من صحح الحديث فَقَالَ: إن عليه الكفارة والأقرب أَنَّه صحيح وأنه عليه الكفارة مع التوبة دينار أو نصف دينار وهذا يرجع إِلَى اختياره هو.
(المتن)
2169- حدثنا عبد السلام بن مطهر، حدثنا جعفر يعني ابن سليمان، عن علي بن الحكم البناني، عن أبي الحسن الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: «إذا أصابها في الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار».
(الشرح)
هذا الحديث أخرجه النسائي, ومعنى قوله: «إذا أصابها» يَعْنِي: إذا جامع زوجته, «في الدم» وفي رواية أخرى: «في إقبال الدم» يَعْنِي: إذا أصابها في أول دم الحيض بفور الدم فعليه دينار عَلَى المجامعة, «وإن أصابها بانقطاع الدم» في آخر الحيض فنصف دينار, قَالَ بَعْضُهُم: الحكمة في اختلاف الكفارة بالإقبال والإدبار أَنَّه في أول الحيض قريب عهد بالجماع فلم يُعذر فشُدد عليه بدينار, بخلاف في آخره خُفف عليه, هذا لو صح الحديث لَكِنْ الحديث ضعيف السند ثم هو أيضًا موقوف عَلَى اِبْن عباس ليس بمرفوعٍ إِلَى النَّبِيِّ r, وعليه فلا يصح التفرقة بين إقبال الدم وإدباره, والصواب: كما دل عليه الحديث السابق حديث اِبْن عباس أن عليه دينار أو نصف دينار سواءٌ في أول الحيض أو في آخره, وأما التفرقة بين أول الحيض وآخره في إقبال الدم وإدباره فهو ضعيف لا تقوم بِهِ حجة.
قَالَ الحافظ شمس الدين اِبْن القيم رحمه الله: وقد تقدم في الصحيحين حديث عائشة رضي الله عنها «كنت أغتسل أنا والنبي r من إناء واحد كلانا جُنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض» قَالَ الشافعي: قَالَ بعض أهل العلم بالقرآن وفي قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة/222]؛ يعني في موضع الحيض.
وكانت الآية محتملة لما قال، ومحتملة اعتزال جميع أبدانهن فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على اعتزال ما تحت الإزار منها، وإباحة ما فوقه.
وحديث أنس هذا ظاهر في أن التحريم إنما وقع على موضع الحيض خاصة، وهو النكاح، وأباح كل ما دونه, وأحاديث الإزار لا تناقضه؛ لأن ذلك أبلغ في اجتناب الأذى وهو أولى.
كما سبق يرى أن هذا محمول عَلَى الاستحباب فالاتزار محمول عَلَى الاستحباب.
وأما حديث معاذ قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقال: ما فوق الإزار، والتعفف عن ذلك أفضل»، ففيه بقية عن سعد الأغطش، وهما ضعيفان, قال عبد الحق : رواه أبو داود ثم قال ورواه أبو داود من طريق حزام بن حكيم، وهو ضعيف، عن عمه: «أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال: لك ما فوق الإزار » قال: ويروى عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره أبو بكر بن أبي شيبة، وليس بقوي.
عَلَى هذا يكون الحديث ضعيف فالعمدة عَلَى حديث أنس: «اصنعوا كل شيء إِلَّا النكاح» رواه مسلم في صحيحه.
قَالَ الحافظ شمس الدين اِبْن القيم رحمه الله: هذا الحديث قد رواه عفان وجماعة عن شعبة موقوفًا، وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي عنه موقوفًا، ثم قال: قيل لشعبة: إنك كنت ترفعه, فذكر ما تقدم.
وقال النسائي بعدما رواه شعبة موقوفًا: قال شعبة: أنا حفظي مرفوع، وقال فلان وفلان: إنه كان لا يرفعه، فقال بعض القوم: يا أبا بسطام، حدثنا بحفظك ودعنا من فلان، فقال: والله ما أحب أني حدثت بهذا أو سكت عن هذا، وأني عمرت في الدنيا عمر نوح في قومه.
وقد روى النسائي من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس: «أن رجلًا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصاب امرأته وهي حائض، فأمره أن يعتق نسمة» وهذا هو حجة بعض العلماء: حسن وجماعة.
وله علتان أشار إليهما النسائي:
إحداهما: أن هذا الحديث يرويه الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن علي بن بذيمة عن ابن جبير عن ابن عباس، واختلف على الوليد، فرواه عنه موسى بن أيوب كذلك، وخالفه محمود بن خالد، فرواه عن الوليد عن عبد الرحمن بن يزيد السلمي، قال النسائي: هو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، ضعيف .
العلة الثانية: الوقف على ابن عباس، ذكره النسائي.
وقال عبد الحق: حديث الكفارة في إتيان الحائض لا يروى بإسناد يحتج به، ولا يصح في إتيان الحائض إلا التحريم .
عَلَى كل حال المسألة فيها خلاف كما سبق فمن العلماء من صححه ومنهم من ضعفه.