(المتن)
13 - كتاب الطلاق
تفريع أبواب الطلاق
باب فيمن خبب امرأة على زوجها
2175 - حدثنا الحسن بن علي، قال أخبارنا زيد بن الحباب، قال أخبرنا عمار بن رزيق، عن عبد الله بن عيسى، عن عكرمة، عن يحيى بن يعمر، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدًا على سيده».
(الشرح)
وَهَذَا كتاب الطلاق والطلاق إِنَّمَا هُوَ بيد الرجل يَعْنِي طلاق الرجل لامرأته, ومعنى الطلاق في اللغة الترك, أطلق كذا تركه, والتخلية, والمراد هنا تطليق الرجل لامرأته.
قَالَ: (باب فيمن خبب امرأة على زوجها), يَعْنِي أفسدها بأن يزين لها ترك الزوج, والانفصال منه, وَكَذَلِكَ تخبيب الرجل عَلَى امرأته, بأن يزين له طلاق امرأته, كُلّ هَذَا من التخبيب.
وعمار بن رزيق بتقديم الراء, والتخبيب معناه هُوَ الإفساد, خبب يَعْنِي أفسدها وخدعها عَلَى زوجها, أو أفسد الرجل عَلَى امرأته وخدعه بأن يَعْنِي يذكر مساوئ الزوج عِنْد المرأة ويخبب عليها, فِيهِ كذا وبخيل ويفعل كذا؛ حَتَّى يتسبب في طلاقه لها.
أو يذكر عندها محاسن أجنبي وسواء خبب الرجل عَلَى امرأته أو خبب المرأة عَلَى زوجها, هَذَا كله محرم, التخبيب الإفساد والخداع, بأن يفسد المرأة عَلَى زوجها بأن يتكلم عندها بمساوئ الزوج ويمدح أجنبي أمامه؛ حَتَّى تتركه وتطالب بالطلاق أو بالعكس, يخبب الرجل عَلَى امرأته يذكر امرأةً أخرى ويذكر مساوئ للزوجة فِيهَا كذا وكذا, لو تركتها هناك غيرها أحسن منها, بأي نوع من أنواع الإفساد.
وَكَذَلِكَ إفساد العبد عَلَى سيده, يأتي إِلَى العبد ويتكلم في سيده, سيدك كذا وكذا حَتَّى يتمرد عَلَى سيده, أو الأمة تتمرد عَلَى سيدها, وخبب يَعْنِي أفسد.
والحديث لا بأس بسنده وَهُوَ دليل عَلَى الوعيد الشديد عَلَى من أفسد المرأة عَلَى زوجها, وَأَنَّهُ من الكبائر لقوله: «ليس مِنَّا», فدل الحديث عَلَى الوعيد الشديد عَلَى من أفسد المرأة عَلَى زوجها, وَأَنَّهُ من الكبائر لقوله: «ليس مِنَّا».
أو أفسد الزوج عَلَى امرأته المعنى واحد, وَكَذَلِكَ العبد عَلَى سيده, بأن أفسد العبد عَلَى سيده, وإفساد الزوج عَلَى امرأته والجارية عَلَى سيدها فِي معناه, والحديث أخرجه النسائي.
الطالب: (.....)
والمعنى أَيْضًا أن يأتي الأجير وَيَقُولُ: أنت تعمل عِنْد فلان اترك العمل طالب بالزيادة؛ حَتَّى تتركه أو يتركك, أو عندنا عمل أحسن منه, هَذَا لا يجوز حرام عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الأجرة حَقّ اتفق معه فلَابُدَّ أن يؤدي العمل.
(المتن)
باب في المرأة تسأل زوجها طلاق امرأة له
2176 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، ».
(الشرح)
سؤال المرأة زوجها طلاق امرأة له, ذكر في الحديث«لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما قدر لها».
الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم والنسائي وَهُوَ حديث صحيح, وَهُوَ دليل عَلَى تحريم سؤال المرأة الرجل طلاق زوجته لتنكحه, وَهَذَا يفعله بعض النَّاس, فَإِذَا خطب رجل من بعض النَّاس قَالُوا: أنت رجل طيب ونريد أن نزوجك لكن بشرط أن تطلق زوجتك, ما نزوجك حَتَّى تطلقها.
هَذَا حرام عَلَيْهِمْ لا يجوز لهم, بَلْ إِمَّا يزوجوه أو يتركوه, وليس لهم أن يسألوه أن يطلق زوجته الأولى أم أولاده, ولهذا قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها», وفي رواية البخاري: «تستفرغ ما في صحفتها», والصحفة هِيَ الإناء؛ الَّذِي يكون فِيهِ الطعام, وتستفرغ يَعْنِي ينقله من مكان إِلَى مكان, وَهَذَا كناية عَنْ أن يصير لها ما كَانَ يحصل لضرتها من النفقة وغيرها والمتعة.
عبر عنه باستفراغ الصحفة, كناية عن أن يصير إِذَا أمرته بطلاقها فطلقها ثُمَّ تزوجها, صار لها ما كَانَ يحصل لضرتها من النفقة, والصحفة هِيَ الإناء القدر أو الصحن, تستفرغ يَعْنِي تنقله من صحن إِلَى صحن أو من مكان إِلَى مكان.
فَهُوَ كناية عَنْ أن يصير للزوجة الثانية الَّتِي طالبت زوجها طلاقها ثم طلقها وتزوج الثانية فصار لها من النفقة ما كَانَ لضرتها السابقة.
«ولتنكح»، عطف عَلَى تستفرغ وَهُوَ علة للنهي, لتنكح أمر أو لتنكح معطوف عَلَى لتستفرغ, لتستفرغ صحفتها ولتنكح, يَعْنِي لتنكح زوجها.
«لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح زوجها », لا تفعل هَذَا حرام عليها, النهي للتحريم, ليس لها أن تطلب طلاق زوجته السابقة؛ حَتَّى تكون بدلها ولتنكح زوجها ومعه امرأته, أو تنكح غيره.
«فَإِن ما لها ما قدر لها», يَعْنِي ما قدر الله لها سيأتيها, الله تعالى يوصل إِلَى تلك المرأة ما قدر لها من النفقة وغيرها, سواء كانت منفردة أو مَعَ أخرى.
وتنكح بصيغة الْأَمْرِ للمعلوم أو رويت بالمجهول لتُنكح, عطفًا عَلَى قول: «لا تسأل», والمعنى متقارب أَنَّهُ يحرم سؤال المرأة للرجل طلاق زوجته الأولى, ولتنكحه تكون ثانيةً معه أو لتنكح غيره, وَكَذَلِكَ سؤال غيرها لها؛ حَتَّى سؤال غيرها كأبيها أو غيره يَقُولُ: نحن نريد نزوجك لكن بشرط تطلق زوجتك السابقة.
والواجب أحد أمرين:
إِمَّا أن يقبله مَعَ زوجته ويزوجوه.
وَإِمَّا ألا يزوجوه.
أَمَّا أن يشترطوا طلاق الزوجة فهذا حرام عَلَيْهِمْ, فهم بين أحد أمرين إِمَّا أن يزوجوه بدون سؤال أن يطلق زوجته الأولى وَإِمَّا أن يتركوه ويتلمسوا غيره, أَمَّا أن يشترطوا هَذَا فحرام عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ النهي للتحريم.
(المتن)
باب في كراهية الطلاق
2177 - حدثنا أحمد بن يونس، قال أخبرنا معرف، عن محارب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق».
2178 - حدثنا كثير بن عبيد، قال أخبرنا محمد بن خالد، عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق».
(الشرح)
وَهَذِهِ الترجمة في كراهية الطلاق ذكر المؤلف طريقان, الطريق الأول مرسل رواية محارب بن ديثار, فَهُوَ مرسل؛ لِأَنَّ محارب بن ديثار تابعي, والحديث الَّذِي بعده متصل؛ لِأَنَّهُ من رواية محارب بن دثار، عن ابن عمر, والمرسل أصح من المتصل.
ومعرف هَذَا هُوَ ابن واصل السعدي, قوله: «ما أحل الله», ما نافية «شيئًا أبغض إليه من الطلاق», بعضهم استنبط منه أن ليس كُلّ حلال محبوبًا بَلْ ينقسم إِلَى ما هُوَ محبوب وما هُوَ مبغوض.
قَالَ بَعْضُهُمْ: معنى الكراهية أنه مُنْصَرِفٌ إِلَى السَّبَبِ الْجَالِبِ لِلطَّلَاقِ وَهُوَ سُوءُ الْعِشْرَةِ وَقِلَّةُ الْمُوَافَقَةِ الدَّاعِيَةِ لا إِلَى نَفْسِ الطَّلَاقِ, أَمَّا الطلاق فقد أباحه الله تعالى.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ طَلَّقَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا, وَكَانَتْ لِابْنِ عُمَرَ امْرَأَةٌ يُحِبُّهَا وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ صُحْبَتَهُ إِيَّاهَا, فَشَكَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِهِ فقال يا عبد اللَّهِ طَلِّقِ امْرَأَتَكَ فَطَلَّقَهَا.
والحديث فِيهِ دليل عَلَى أن الطلاق مبغوض إِلَى الله تعالى؛ لِأَنَّهُ من طريقين مرسل ومتصل, الحديث فِيهِ دليل عَلَى أن الطلاق مبغوض إِلَى الله وأن تركه أولى, لما فِيهِ من التفريق بين الزوجين وتشتيت الأسرة إِلَّا عِنْد الحاجة إليه.
فالطلاق فِيهِ دليل عَلَى أنه ليس مرغوبًا فِيهِ, بينما ينبغي للإنسان أن يترك الطلاق إِلَّا عِنْد الحاجة إليه, ولهذا قَالَ: «ما أحل الله شيئًا أبغض إليه من الطلاق», وفي اللفظ الآخر: «أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق», والحديث المتصل أخرجه ابن ماجة.
وفي الحديث إثبات صفة البغض لله تعالى, وفي الْقُرْآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}[غافر/10].
والمقت أشد البغض, ففيه إثبات البغض لله U وإثبات المقت كما يليق بجلاله وعظمته, لا يماثل المخلوقين في صفاته.
والحديث دليل عَلَى أن ترك الطلاق أولى إِلَّا عِنْد الحاجة إليه وَأَنَّهُ ليس محبوبًا إِلَى الله U لما فِيهِ من الفراق وتشتيت الأسرة وحصول المفاسد المتعددة.
الطالب: قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه: وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيث مُعَاذ بْن جَبَل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَلَّ اللَّه شَيْئًا أَبْغَض إِلَيْهِ مِنْ الطَّلَاق», وَفِيهِ حُمَيْدُ بْن مَالِك وَهُوَ ضَعِيف.
وَفِي مُسْنَد الْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُطَلَّق النِّسَاء إِلَّا مِنْ رِيبَة إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الذَّوَّاقِينَ وَلَا الذواقات».
الشيخ: كلها ضعيفة لكن يشهد بعضها إِلَى بعض, يقوي بعضها بعضًا, وَهِيَ تدل عَلَى أن ترك الطلاق هُوَ الأولى, وأن ترك الطلاق عِنْد عدم الحاجة إليه مكروه, لما فِيهِ من الفراق وتشتيت الأسرة.
الطالب: (.....)
الشيخ : والنساء كَانَ يصلين مَعَ الرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم في جميع الأوقات, الصلوات الخمس, في الحديث: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خيرٌ لهن», ما كَانَ عندهم محاضرات وندوات مثل هَذَا كَانَ الرَّسُوْل صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي يلقي عَلَيْهِمْ عليه الصلاة والسلام.
كَانُوا يصلينا لصلوات الخمس لكن متلفعات (.....), وكانت المرأة إِذَا لاقت الرجل لاصقت بالجدار ونحن أدركنا هَذَا إِلَى عهد قريب في القرى, في قرى القصيم إِذَا مر الرجل في الشارع ويوجد امرأة لصقت بالجدار؛ حَتَّى يتجاوزها, وأحيانًا يكون الثوب يلصق بالجدار ويتعلق بالجدار من شدة التصاقها به.
الآن تغيرت الأحوال, نزع الحياء من كثير من النساء وخرجت المرأة وصارت الآن يَعْنِي من كثرة الاختلاط صارت ترتدي الثياب القصيرة والضيقة والمكشوفة, تكشف أعضاء جسدها فصارت لا تبالي, صار الرجل الآن هُوَ الَّذِي يلصق بالجدار إِذَا مرت امرأة انعكست الأحوال ولا حول ولا قوة إِلَّا بالله, الواجب عَلَى المرأة الستر والحياء, نسأل الله U التوفيق والسداد.