شعار الموقع

شرح كتاب الصوم من سنن أبي داود_6

00:00
00:00
تحميل
84

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين. 

(المتن) 

قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله تعالى:  

باب الصائم يبلع الريق 

2386 - حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن دينار، حدثنا سعد بن أوس العبدي، عن مصدع أبي يحيى، عن عائشة، أن النبي ﷺ كان يقبلها وهو صائم، ويمص لسانها، قال ابن الأعرابي بلغني عن أبي داود أنه قال: هذا الإسناد ليس بصحيح. 

(الشرح) 

قَالَ المؤلف رحمه الله: (باب الصائم يبلع الريق), ثُمَّ ذكر حديث عائشة أن النَّبِيّ كَانَ يقبلها وَهُوَ صائم ويمص لسانها, هَذَا الحديث غير صحيح كما قَالَ المؤلف, قَالَ ابن الأعرابي بلغني عن أبي داود أَنَّهُ قَالَ: هذا الإسناد ليس بصحيح. 

وَهَذَا الحديث في سنده ضعيفان الأول محمد بن دينار الطاحي هَذَا بصري ضعيف, وشيخه سعد بن أوس أَيْضًا لا يحتج به, وهما ضعيفان, وَعَلَى ذَلِكَ فلا حجة في ما دل عَلَيْهِ في جواز مص الصائم لسان زوجته, وأن هَذَا غير مشروع؛ وَلِأَنَّ بَلْع ريق الغير يفطر إجماعًا كما قاله في المرقاة. 

بَعْضُهُمْ قَالَ: أجيب عَلَى تقدير صحة الحديث أَنَّهُ وقعت حالة فعلية, هِيَ محتلمة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يصمه ويبصقه ولا يبتلعه, أو كَانَ يمصه ويلقي جميع ما في فمه في فمها, والواقعة الفعلية إِذَا احتملت لا دليل عليها فِيهَا. 

ولكن نقول: هَذَا لو صح, لكن هَذَا لَمْ يصح فَإِذَا كَانَ الحديث لا يصح فلا حاجة إِلَى التأويل, فالحديث غير صحيح, ولا يشرع مص لسان الزوجة, وَلَمْ يقع من النَّبِيّ هَذَا, وَإِنَّمَا الثابت في الأحاديث القبلة والمباشرة كما سبق في الأحاديث الصحيحة أن النَّبِيّ كَانَ يقبلها وَهُوَ صائم ويباشر وَهُوَ صائم, أَمَّا مص اللسان فلا يثبت؛ لِأَنَّ هَذَا الحديث ضعيف لا يحتج به. 

وكما قَالَ الأعرابي عَنْ أبي داود: هذا الإسناد ليس بصحيح. 

ابن القيم رحمه الله أَيْضًا تكلم عَلَى هَذَا الحديث نقل عَنْ عبد الحق قَالَ: لا تصلح هَذِهِ الزيادة في مص اللسان؛ لأنها من حديث محمد بن دينار عَنْ سعد بن أوس ولا يحتج بهما, فقال ابن العربي: بلغني عَنْ أبي داود أَنَّهُ قَالَ: هذا الحديث ليس بصحيح. 

ثبت في الصحيحين سبق بالأمس معنا كَانَ يقبل وَهُوَ صائم ويباشر وَهُوَ صائم, ما يقال الحديث صحيح بدونها بل يقَالَ الحديث ضعيف بِهَذَا, أما القبلة والمباشرة هَذَا ثبات في الأحاديث الصحيحة ما في إشكال, الكلام في هَذِهِ الزيادة. 

(المتن) 

باب كراهيته للشاب 

2387 - حدثنا نصر بن علي، حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري، أخبرنا إسرائيل، عن أبي العنبس، عن الأغر، عن أبي هريرة، أن رجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم، «فرخص له»، وأتاه آخر، فسأله، «فنهاه»، فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب. 

(الشرح) 

المنذري تكلم أيضا عَنْ الحديث السابق, قَالَ: في سنده محمد بن أبطاح البصري, قَالَ يحيى بن معني: ضعيف, وفي وراية: ليس به بأس ولم يكن له كتاب, وَقَالَ غيره: صدوق. 

وَقَالَ ابن عدي الجرجاني في قوله: «يمص لسانها» في المتن, لا يقوله إِلَّا محمد بن دينار وَهُوَ الَّذِي رواه وفي إسناده أَيْضًا سعد بن أبي وقاص(1), قَالَ ابن معين: بصري ضعيف. 

قوله: (باب كراهيته للشاب), ذكر حديث عَنْ أبي العنبس، عن الأغر، عن أبي هريرة، أن رجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم، «فرخص له»، وأتاه آخر، فسأله، «فنهاه»، فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب. 

والمباشرة معناه اللمس باليد أو التقاء البشرتين, والحديث سكت عنه المنذري, ولكن الحديث ضعيف لجهالة أبي العنبس, كما قَالَ ابن حزم مجهول, والصواب جواز المباشرة للشاب والشيخ, إِذَا كَانَ يملك إربه كما ثبت في الحديث الصحيح في الصحيحين, وكما سبق بالأمس أن النَّبِيّ كَانَ يقبل وَهُوَ صائم ويباشر وَهُوَ صائم وَكَانَ أملكم لإربه. 

التفرقة بين الشاب والشيخ هَذَا ضعيف, هَذَا من أوهام أبي العنبس, ابن القيم رحمه الله أيضا ذكر, قَالَ ابن حزم: فيه أبو العنبس يعني الأغر وأبو العنبس هَذَا مجهول, قَالَ عبد الحق: وَلَمْ نر أحدًا ذكره ولا سماه. 

ورواه البيهقي عَنْ عائشة رضي الله عنها «أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رخص بالقبلة للشيخ وَهُوَ صائم, ونهى عنه الشاب», وَقَالَ الشيخ يملك إربه والشاب تفسد صومه, ورخص فِيهَا ابن عباس للشيخ وكذا للشاب. 

 وسأل فتى عبد الله بن عمر عَنْ القبلة وَهُوَ صائم, فقال: لا, فقال شيخ عنده: لَمْ يحرج النَّاس ويضيق عَلَيْهِمْ, والله ما بِذَلِكَ بأس, قَالَ ابن عمر: أَمَّا أنت فقبل فَلَيْسَ عِنْد استك خير. 

وروي إباحة القبلة عَنْ سعد بن أبي وقاص وَعَنْ عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وَأَمَّا ما روي عَنْ ابن مسعود أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في القبلة قولًا شديدًا يَعْنِي يصوم مكانه, فقال البيهقي: هَذَا محمول عَلَى ما إِذَا أنزل, وهَذَا التفسير من بعض الرواة لا من ابن مسعود والله أعلم. 

وَعَلَى كُلّ حال هَذَا الحديث ضعيف لا يحتج به. 

قَالَ الشيخ الألباني رحمه الله: إسناده حسن صحيح, إسناده حدثنا نصر بن علي حدثنا أبو أحمد يَعْنِي الزبيري قَالَ أخبرنا إسرائيل عَنْ أبي العنبس عَنْ الأغر عَنْ أبي هريرة, قلت: وَهَذَا إسناد حسن عِنْدِي فَإِن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي العنبس فَهُوَ العدوي الكوفي, روى عنه جماعة من الثقات غير إسرائيل. 

منهم شعبة ومسعر وأبو عوانة وذكره ابن حبان في الثقات, وَقَدْ قَالَ عبد الحميد بن صالح البرمجي وَهُوَ صدوق: سألت يونس بن بكير وَهُوَ صدوق أَيْضًا عَنْ اسم أبي العنبس فقال: هُوَ جدي لأمي, واسمه الحارث بن عبيد بن كعب من بن عدي. 

وكأن الحافظ عبد الحق الإشبيلي لَمْ يقف عَلَى هَذَا فقال: لَمْ أجدًا ذكره ولا سماه, والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف ومن طريق يحيى بن زكريا عَنْ إسرائيل به مثله, ثُمَّ أخرج له شاهد من طريق أبان البجلي عَنْ أبي بكر بن حفصٍ عَنْ عائشة مرفوعًا به وزاد وقال: «الشيخ يملك إربه والشاب يفسد صومه». 

قلت: وَهَذَا إسناد لا بأس به في الشواهد فَإِن رجاله كلهم ثقات عَلَى خلاف في أبان هَذَا وَهُوَ ابن عبد الله بن أبي حازم, وثقه جماعة وضعفه آخرون وَقَالَ الحافظ: صدوق في حفظه لين, وله شاهد آخر يرويه ابن لهيعة عَنْ يزيد بن أبي حبيب عَنْ قيصر التجيبي عنْ عبد الله بن عمرو بن العاص قَالَ: فذكره نحوه, وزاد: فنظر بعضنا إِلَى بعض, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَدْ علمت لما نظر بعضكم إِلَى بعض إن الشيخ يملك نفسه», أخرجه أحمد. 

قَالَ الشيخ: وَهَذَا إسناد جيد لولا سوء حفظ ابن لهيعة, ولكنه شاهد جيد, فالحديث بهذه الطرق الثلاثة صحيح عِنْدِي. ا. ه.ـ 

قال الأرنؤوط: إسناده صحيح أبو العنبس وَهُوَ الحارث بن عبيد بن كعب العدوي الكوفي, روى عنه جمع من الثقات ووثقه ابن معين في رواية الدارمي وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار وفي الكبرى من طريق إسرائيل بِهَذَا الإسناد, وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى من طريق أبي بكر بن حفص عَنْ عائشة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «رخص في القبلة للشيخ هُوَ صائم, ونهى عنها للشاب», ورجاله ثقات إِلَّا أن أبا بكر بن حفص وَهُوَ عبد الله بن حفص بن عمرو بن عمر بن سعد بن أبي وقاص لَمْ يسمع من عائشة فيما قاله أبو حاتم, وروى مالك في الموطأ عَنْ زيد بن أسلم عَنْ عطاء بن يسار أن ابن عباس سُئِلَ عَنْ القبلة للصائم فرخص فِيهَا للشيخ وكرهه للشاب. 

وروى ابن أبي شيبة من طريق مجالد عَنْ وبرة قَالَ: جاء رجل إِلَى ابن عمر فقال: أباشر امرأتي وأنا صائم, قَالَ: نعم, فقيل له: يا أبا عبد الرحمن قلت لهذا نعم وقلت لهذا لا, فقال: إن هَذَا شيخ وَهَذَا شاب. ا. ه.ـ 

لو صح فَهُوَ ضعيف من جهة أخرى من جهة شذوذه هُوَ شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة, لو صح السند فَهُوَ ضعيف من جهة شذوذة فالمتن شاذ مخالف الأحاديث الصحيحة, النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صائم ويباشر وَهُوَ صائم, وَلَمْ يقل: هَذَا خاص بي وَهَذَا خاص بالشيخ.  ما فرق فالحديث شاذ, فالضعف لازم له سندًا ومتنًا, أو متنًا, فَإِذَا كَانَ مجهول كَانَ شاذ ضعيف سندًا ومتنًا, وَإِذَا كَانَ سمي وزالت الجهالة فيكون ضعيف من جهة المتن شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة, العمدة عَلَى ما في الصحيحين, أن النَّبِيّ كَانَ يقبل وَهُوَ صائم ويباشر وَهُوَ صائم من دون تفريق, قَالَت عائشة: «وَكَانَ أملكم لإربه» وَلَمْ تقل عائشة إن هَذَا خاص بالشيخ وَكَذَلِكَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. 

(المتن) 

باب فيمن أصبح جنبا في شهر رمضان 

2388 - حدثنا القعنبي، عن مالك، ح وحدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن عبد ربه بن سعيد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة، وأم سلمة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما قالتا: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا»، - قال عبد الله الأذرمي في حديثه - في رمضان من جماع غير احتلام، ثم يصوم "، قال أبو داود: " وما أقل من يقول: هذه الكلمة يعني يصبح جنبًا في رمضان، وإنما الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا وهو صائم ". 

(الشرح) 

هَذَا الحديث في هَذِهِ الترجمة (باب فيمن أصبح جنبًا في شهر رمضان), ترك المؤلف رحمه الله الحكم ليؤخذ من الحديث والجواب: باب من أصبح جنبًا في شهر رمضان فصومه صحيح, لهذا الحديث, حديث عائشة وأم سلمة, كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من جماع غير احتلام ثُمَّ يصوم. 

فَإِذَا طلع الفجر عَلَى الإنسان وَعَلَيْهِ جنابة فَإِنَّهُ يغتسل ويبادر بالاغتسال إِذَا كَانَ رجلاً حَتَّى لا تفوته الجماعة, وإلا فصومه صحيح, ومثله الحائض والنساء إذا طهرت في آخر الليل فإنها تبدأ بالسحور, تتسحر وتمسك ثُمَّ تغتسل ولو بَعْدَ طلوع الفجر وصومها صحيح, وَكَذَلِكَ الجنب إِذَا استيقظ متأخرًا ونائم سواء من جماع أو من احتلام ثُمَّ استيقظ متأخرًا فيبدأ بالسحور يتسحر ثُمَّ يبادر بالاغتسال ليدرك الجماعة إِذَا كَانَ رجلاً وصومه صحيح عَلَى كُلّ حال. 

هَذَا هُوَ ما دل عَلَيْهِ الحديث, فالحديث دل عَلَى صحة صوم من أصبح جنبًا في الفرض وفي النفل, وَهَذَا هُوَ قول الجماهير من الصَّحَابَة والتابعين والعلماء بعدهم, وَهَذَا هُوَ الصواب الَّذِي دل عَلَيْهِ الحديث, والمسألة فِيهَا خلاف لكن ما دل عَلَيْهِ الحديث مقدم, ذَهَبَ بعض العلماء إِلَى إبطال صومه وَأَنَّهُ يبطل صومه وَعَلَيْهِ أن يقضي هَذَا اليوم. 

وَقِيلَ: يصح الصوم في التطوع, في صوم التطوع دون صوم النفل, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يصوم ويقضيه, كُلّ هَذِهِ الأقوال مرجوحة, والصواب هُوَ القول الأول الَّذِي دل عَلَيْهِ الحديث. 

 كَذَلِكَ أَيْضًا بَعْضُهُمْ احتج بما عَلَيْهِ أبو هريرة, قَالَ: كَانَ أبو هريرة يفتي بأنه يبطل صومه وحكي أَيْضًا عَنْ جماعة إن علم بجانبته لَمْ يصح وإلا فيصح. 

وحكي أَيْضًا عَنْ أبي هريرة هذا, قَالَ بَعْضُهُمْ: ثُمَّ ارتفع الخلاف وأجمع العلماء بَعْدَ هؤلاء عَلَى صحته, وحديث أم عائشة وأم سلمة هَذَا حجة عَلَى كُلّ مخالف. 

وابن القيم رحمه الله تكلم أَيْضًا تكلم عَنْ هَذَا الحديث وَقَالَ: اختلف السَّلَف في هَذِهِ المسألة, فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى إبطال صومه إن أصبح جنبًا, واحتجوا بما في صحيح مسلم عَنْ أبي هريرة أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في قصصه: من أدركه الفجر جنبًا فلا يصوم, اختلفت الرواية عن أبي هريرة, المشهور عنه أَنَّهُ لا يصح صومه, وعنه رواية ثانية أَنَّهُ إن علم بجنابته ثُمَّ نام حَتَّى يصبح فَهُوَ مفطر وإن لَمْ يعلم حَتَّى أصبح فهو صائم, روي هَذَا المذهب عَنْ طاوس وعروة والزبير. 

وذهبت طائفة: إِلَى أن الصوم إن كَانَ فرضًا لم يصح, وإن كَانَ نفلاً صح, وروي هَذَا عَنْ إبراهيم النخعي والحسن البصري وَعَنْ أبي هريرة رواية ثالثة أَنَّهُ رجع عَنْ فتاه إِلَى قول الجماعة, وَذَهَبَ الجمهور إِلَى صحة صومه مطلقًا في الفرض والنفل, وَقَالُوا: حديث أبي هريرة منسوخ. 

وفي حديث أبي هريرة فِيهِ كلام, أطال المؤلف رحمه الله في هَذَا, والخلاصة أن أبا هريرة قَالَ: سمع عَنْ بعض الصَّحَابَة وَلَمْ يقل عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنه رجع عن قوله؛ والعمدة عَلَى ما دل عَلَيْهِ الحديث, وَأَمَّا قوله: قَالَ أبو داود ما أقل من يَقُولُ هذه الكلمة, يَعْنِي يصبح جنبا في رمضان, يَعْنِي كلمة في رمضان هَذِهِ قليلة, وَإِنَّمَا الكثير كَانَ يصبح جنبًا وَهُوَ صائم, وَأَمَّا قوله في رمضان قالها قلة من الرواة. 

قَالَ أبو داود: ما أقل من يَقُولُ هَذِهِ الكلمة أني يصبح جنبًا في رمضان, وَإِنَّمَا الحديث أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يصبح جنبًا وَهُوَ صائم, أكثر الروايات كَانَ يصبح جنبًا وَهُوَ صائم, وَأَمَّا في رمضان كلمة في رمضان هَذِهِ قَالَها بعض الرواة, ولهذا قَالَ: ما أقل يَعْنِي تجب, من يَقُولُ هَذِهِ الكلمة المروية في رواية عبد الله الأذرمي من يصبح جنبًا في رمضان, وَهَذِهِ الجملة مشار إليها بقول هَذِهِ الكلمة. 

وغير عبد الله الأذرمي يَقُولُ: يصبح جنبًا من جماع أو احتلام, وَإِنَّمَا الحديث المروي من طرق كثيرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يصبح جنبًا وَهُوَ صائم, وَعَلَى كُلّ حال القول: (وما أقل), يَعْنِي أَنَّهَا قليلة فِيهِ نظر. 

فَإِن هَذِهِ الرواية يَعْنِي قوله: (في رمضان), وتقييد الصوم برمضان قَالَ به أقل القليل من الرواة؛ حَتَّى صارت القلة الرواة في محلة التعجب, يَعْنِي معنى كلام المؤلف أن الرواة الإطلاق, أكثر وأشهر, ورواية التقييد أقل القليل جدًا والأذرمي تفرد بحديث مالك بذكر رمضان, لكن قَالَ المنذري: هَذِهِ الكلمة وقعت في صحيح مسلم وفي كتاب النسائي, وإن كَانت رواية التقييد برمضان بالنسبة إِلَى رواية الإطلاق قليلة, لكن ليست القلة بحيث تفضي إِلَى التعجب, بَلْ رواية التقييد في صحيح مسلم أَيْضًا من طريق الأذرمي وكذا في النسائي, فكيف يقال: إن رواية التقييد قليلة جدًا؟ بَلْ يقال: ما أقل من يَقُولُ هَذِهِ الكلمة, يَعْنِي عَلَى كُلّ حال ما أقل من يَقُولُ هَذِهِ الكلمة؟ يَعْنِي تعجب من القلة, وَعَلَى كُلّ حال هِيَ ثابتة, وكونها محل التعجب فيه نظر. 

قَالَ رحمه الله أي: الألباني: قلت ِإسناده صحيح عَلَى شرط الشيخين دون زيادة الأذرمي, يقصد في رمضان, وَقَدْ أخرجاه بدونها وَكَذَلِكَ ابن خزيمة وابن الجارود ولكنها عِنْد الشيخين من غير طريق الأذرمي. 

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن عبد رَبهِ بن سعيد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة وأم سلمة. 

قال أبو داود- في بعض نسخ الكتاب؛ كما في "عون المعبود"-: " ما أقَل من يقول هذه الكلمة- يعني: " يصبح جنباً في رمضان "-، وإنما الحديث: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصبح جنباً وهو صائم "! 

قلت: كأنه يشير إِلَى أن ذكر رمضان فِيهِ شاذ غير محفوظ لتفرد الأقل به من الرواة, وكأنه يشير إِلَى رواية الأذرمي, وَهَذَا غير مقبول منه في نقده؛ لِأَنَّهُ رواه جمع آخر من الثقات كما يأتي.اهـ. 

(الشرح) 

ليست شاذة ثابتة. 

الحديث الَّذِي أنكره النسائي «أخبرنا قتيبة بن سعيد قَالَ: حدثنا الليث عَنْ بكير عَنْ عبد الملك بن سعيد عَنْ جابر بن عبد الله عَنْ عمر قَالَ: هششت يومًا فقبلت وأنا صائم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: صنعت أمرًا عظيمًا قبلت وأنا صائم, قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم, فقلت: لا بأس بِذَلِكَ, قَالَ رسول صلى الله عليه وسلم: ففيم», قَالَ عبد الرحمن: وَهَذَا حديث منكر وبكير مأمون وعبد الملك بن سعيد رواه غير واحد ولا ندري ممن هَذَا. 

هَذِهِ نكارة النسائي, وذكر أَنَّهَا ذكرت في التحفة وأخرجه أبو داود وأحمد وصححه ابن حبان, سبق الصواب أَنَّهُ ليس بمنكر وَأَنَّهُ لا بأس به. 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد