شعار الموقع

شرح كتاب الصوم من سنن أبي داود_10

00:00
00:00
تحميل
67

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى رسول الله, اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين. 

(المتن) 

يقول الإمام أبو داود رحمه الله تعالى في سننه: 

باب اختيار الفطر. 

2407- حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن يعني ابن سعد بن زرارة، عن محمد بن عمرو بن حسن، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى رجلًا يظلل عليه، والزحام عليه، فقال: «ليس من البر الصيام في السفر». 

(الشرح) 

هذا الباب عقده المؤلف لبيان الأدلة الَّتِي استدل بها من اختار الفطر في السفر عَلَى الصيام, فذكر حديث جابر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى رجلًا يظلل عليه) وفي لفظ: «رأى رجلًا قد ظُلل عليه, فَقَالَ: ما هذا؟ قالوا: رجل صائم, قَالَ: ليس من البر الصيام في السفر» الحديث أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم, والنسائي وهو حديث صحيح احتج بِهِ من قَالَ من أهل العلم: إن الفطر أفضل, بل احتج بِهِ من يوجب الفطر في السفر, احتجوا بهذا الحديث وقالوا: إن الفطر كَانَ أخر الأمرين من رسول الله r وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث  من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر اِبْن القيم رحمه الله وساق من أدلتهم وهذا من أدلتهم وقالوا: قد احتجوا أيضًا بحديث دحية الكلبي أَنَّه لما سافر في رمضان وذلك ثلاثة أيام أفطر وأفطر معه الناس. 

واحتجوا أيضًا بأن النَّبِيِّ r أمر بقبول رخصة الفطر في حديث النسائي من حديث جابر: «ليس من البر أن تصوموا في السفر وعليكم برخصة الله الَّتِي رخص لكم فاقبلوها», واحتجوا أيضًا بقوله r في الذين صاموا «أُولَئِكَ العصاة», واحتجوا أيضًا بقول عبد الرحمن بْنُ عوف: «الصائم في السفر كالمفطر في الحضر», واحتجوا أيضًا بأن الله تعالى أمر المسافر بالعدة من أيام أخر, قالوا: فهي فرضه الذي أُمر بِهِ فلا يجوز غيره؛ هَذِه أدلة من قَالَ: بأن الفطر في السفر واجب, وَكَذَلِكَ من قَالَ: الفطر أفضل. 

وَلَكِن الجمهور أجابوا بأن هذا الحديث فيهِ أن هذا الرجل شق عليه الصوم, وإذا شق عليه الصوم في السفر فَإِنَّهُ لاشك أن الفطر أفضل والصوم في حقه مكروه, وقالوا: أن معنى قول: «ليس من البر» ليس من البر الكامل الصيام في السفر, والحديث فيهِ دليل عَلَى كراهة الصوم في السفر ممن كَانَ يشق عليه الصوم, وكذا من أعرض عن قبول الرخصة فَإِنَّهُ يُكره في حقه الصوم؛ أما من لم يشق عليه فلا يُكره بل هو جائز من غير كراهة. 

واختلف العلماء في الأفضل منهما: 

فقالت طائفة: الصوم أفضل لِأَنَّهُ أسرع في براءة الذمة؛ ولأنه أنشط له إذا كَانَ يصوم مع الناس, ولئن لا يكون عليه دينًا. 

وقال آخرون: الفطر أفضل؛ لِأَنّ فيهِ الرخصة. 

وقال آخرون: هما عَلَى حد سواء. 

 عَلَى كل حال هذا محل نظر لأهل العلم, وأجاب العلماء كما ذكر أدلة الموجبين للفطر اللي سبق وذكرها اِبْن القيم أجابوا عنها كلها قالوا: هذا الحديث فيمن يشق عليه الصوم, وقالوا أيضًا: بأن هَذِه الأدلة لا تدل عَلَى تحريم الصوم في السفر. 

قد أخبر أبو سعيد الخدري أَنَّه صام مع النَّبِيِّ r بعد الفتح في السفر, قالوا: وأما قوله: «ليس من البر الصيام في السفر» هذا خرج عَلَى شخص معين رآه رسول الله r قد جهده الصوم فَقَالَ هذا القول, يَعْنِي: ليس من البر أن يجهد الإنسان نفسه حتى يبلغ بها هذا المبلغ وقد فسح الله له في الفطر. 

قوله: «ليس من البر» أي ليس من البر الكامل ليس هو أبر البر, وأما قوله: «إن الفطر كَانَ آخر الأمرين من رسول الله r» فالمراد بِهِ واقعة معينة وهي الفتح, فَإِنَّهُ صام حتى بلغ الكثير ثم أفطر فكان الفطر آخر أمرٍ بِهِ لا أَنَّه حرم الصوم, نظير هذا قول جابر رضي الله عنه: «كَانَ آخر الأمرين من رسول الله r: ترك الوضوء مما مسته النار» هذا في واقعة معينة وهي الطعام أكل منه ثم توضأ وقام للصلاة, وأما قصة دحية الكلبي فهو إِنَّمَا أنكر فيها عَلَى من صام رغبةً عن سنة النَّبِيِّ r وظن أَنَّه لا يجوز له الفطر, ويرى أن مثل هذا قد ارتكب منكرًا هو عاصٍ بصومه. 

وأما قول النَّبِيِّ r: «عليكم برخصة الله الَّتِي رخص لكم فاقبلوها» فهذا يدل عَلَى أن قبول المكلف رخصة الله واجب, وهذا حق؛ لِأَنَّهُ متى لم يقبل الرخصة ردها وهذا عدوان منه ومعصية, وَلَكِن إذا قبلها فَإِن شاء أخذ بها وإن شاء أخذ بالعزيمة. 

وأما قول النبيr : «أُولَئِكَ العصاة» فذلك في واقعة معينة أراد منهم الفطر فخالفه بَعْضُهُم فَقَالَ هذا القول, وأما احتجاجهم بالآية: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة/184]؛ وأن الله أمر المسافر بعدة من أيام أخر فهي فرضه الذي لا يجوز غيره استدلال باطل؛ لِأَنّ الذي أُنزلت عليه هَذِه الآية هو أعلم الخلق بمعناها والمراد منها قد صام بعد نزولها بأعوام في السفر, فمحال أن يكون المراد منها ما ذكره هؤلاء الموجبون.  

وبالجملة: فَإِن هذا الذي أُنزلت عليه r هَذِه الآية فعله يبين المراد منها, عَلَى كل حال هَذِه أدلة الموجبين للفطر, والجواب عنها للجمهور, والصواب في هَذِه المسألة: أن المسافر مخير بين الفطر وبين الصيام سواءٌ كَانَ في رمضان أو في غيره, والصيام أفضل إن لم يشق عليه, أو الفطر أفضل عَلَى قولين لأهل العلم,والقول بأن الصيام أفضل لأنه فيه براءة للذمة واعون له مما جاء في الكلام السابق قول حسن، ومن قال أن الفطر أفضل أخذا بالرخصة قول حسن، أما إذا شق عليه الصوم فَإِنَّهُ يُكره في حقه الصيام كما في هذا الحديث.  

(المتن) 

2408- حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا أبو هلال الراسبي، حدثنا ابن سوادة القشيري، عن أنس بن مالك، رجل من بني عبد الله بن كعب إخوة بني قشير، قال: أغارت علينا خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيت، أو قال: فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يأكل، فقال: «اجلس فأصب من طعامنا هذا»، فقلت: إني صائم، قال: «اجلس أحدثك عن الصلاة، وعن الصيام، إن الله تعالى وضع شطر الصلاة، أو نصف الصلاة والصوم عن المسافر، وعن المرضع، أو الحبلى» والله لقد قالهما جميعًا أو أحدهما، قال: فتلهفت نفسي أن لا أكون أكلت من طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

(الشرح) 

هذا الحديث أخرجه: الترمذي والنسائي وابن ماجة, وهذا حديث أنس بْنُ مالك الكعبي, أنس بْنُ مالك عدد من الصحابة, ماذا قَالَ في التخريج عندك؟. 

الطالب: هذا حديث حسن, وهذا إسناد وُهم فيهِ أبو هلال الراسبي, وهو محمد بْنُ سليم وأسقط من إسناده سوادة بْنُ حنظلة القشيري, وخالفه وهيب بْنُ خالد الثقة فرواه عن عبد الله بْنُ سوادة عن أبيه عن أنس بْنُ مالك الكعبي وأبو هلال الراسبي ضعيف, وسوادة بْنُ حنظلة صدوق حسن الحديث, وكنا قد عددنا رواية وهيب متابعة لرواية أبي هلال في المسند وابن ماجة فيُستدرك من هنا, هذا شعيب الأرنئوط. 

الشيخ: الضعيف يكون حسن بالمتابعة. 

الطالب: ذكر هنا: وأخرجه اِبْن ماجة مختصرًا والترمذي من طريق هلال الراسبي بِهِ وقال الترمذي: حديث حسن, وأخرجه النسائي في الكبرى من طريق وهيب بْنُ خالد بْنُ عبد الله بْنُ سوادة عن أبيه عن أنس بْنُ مالك وهذا إسناد حسن وهو في مسند أحمد. 

الشيخ: ماذا قال عندك؟. 

 الطالب: قَالَ الشيخ الألباني رحمه الله: قلت: إسناده حسن صحيح وقال الترمذي: حديث حسن ولا نعرف لأنس بْنُ مالك غير هذا الحديث يقصد الكعبي وصححه اِبْن خزيمة, قَالَ الشيخ الألباني: إسناده: حدثنا شيبان بْنُ فروخ حدثنا أبو هلال الراسبي، حدثنا ابن سوادة القشيري، عن أنس بن مالك, قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال مسلم, غير أبي هلال الراسبي واسمه محمد بْنُ هلال وهو مختلفٌ فيهِ وقد قَالَ فيهِ الحافظ: صدوقٌ فيهِ لين, وقد خولف في إسناده كما يأتي, والحديث أخرجه البخاري وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه وأحمد والبيهقي من طرق عن أبي هلال بِهِ وقال الترمذي: حديث حسن ولا نعرف لأنس بْنُ مالك هذا عن النَّبِيِّ r غير هذا الحديث الواحد, قلت: وقد خالفه في إسناده وهيب, فَقَالَ: حدثنا عبد الله بْنُ سوادة القشيري عَنْ أَبِيهِ. 

الشيخ: عَلَى كل حال لاشك أن الحديث حسن الآن وأنس بْنُ مالك هذا الكعبي وهو حديث حسن لا بأس بسنده وهو دليل عَلَى أن الحامل والمرضع إذا خافت عَلَى أنفسهما أو الولد فحكمهما حكم المريض؛ لِأَنَّهُ قَالَ: «وعن المرضع والحبلى» دليل عَلَى أن الحامل والمرضع إذا خافت عَلَى أنفسهما أو خافت الولد فحكمهما حكم المريض تقضيان وليس عليهما إطعام وهذا هو الصواب, أما إذا خافت عَلَى الولد أو عَلَى نفسها والولد فإنها تطعم مع القضاء. 

وقال آخرون من أهل العلم: إن الحامل تقضي دون تكفير, والمرضع تقضي وتكفر, فرقوا بينهما, وهذا تفريق لبعض أهل العلم والأقرب ما سبق أن إذا كَانَ الخوف عَلَى النفس أو عَلَى الولد فهي بمثابة المريض ليس عليها إِلَّا القضاء, وإن كَانَ عَلَى النفس والولد فعليهما القضاء إطعام مسكين كل يوم وهذا هو أعدل الأقوال في هذا. 

الطالب: (...)؟.  

الشيخ: لِأَنَّهُ ما لأجل نفسها الآن صار الخوف ليس من أجل نفسها حتى تكون بمثابة المريض. 

ذكر الشارح في هَذِه المسألة قَالَ: الحامل والمرضع تفطران إبقاءً عَلَى الولد ثم يقضيان ويطعمان؛ لان إفطارهما كَانَ من أجل غير أنفسهما, وممن أوجب عَلَى الحامل والمرضع مع القضاء الإطعام مجاهد, والشعبي, وأحمد بْنُ حنبل, قَالَ مالك: الحبلى تقضي ولا تكفر؛ لأنها بمنزلة المريض, والمرضع تقضي وتكفر, قَالَ الحسن وعطاء: يقضيان ولا يطعمان كالمريض وهذا قول الأوزاعي والثوري وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه. 

قوله: «إن الله وضع شطر الصلاة» يَعْنِي: رفع نصف الصلاة الرباعية, المسافر في الظهر يصليها ركعتين. 

قوله: «تلهفت نفسي» يَعْنِي: تأسفت ألا أكون أكلت من طعام النَّبِيِّ r. 

الطالب: قوله: «أغارت علينا خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم» المقصود منه؟. 

الشيخ: كأنها قبل أن يُسلموا, ثم أسلم هو وأتى للنبي r. 

(المتن) 

باب من اختار الصيام. 

2409- حدثنا مؤمل بن الفضل، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، حدثني إسماعيل بن عبيد الله، حدثتني أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته في حر شديد، حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه، أو كفه على رأسه من شدة الحر، ما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة». 

(الشرح) 

هذا الباب: (باب من اختار الصيام) ذكر فيهِ حديث أبي الدرداء قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته في حر شديد، حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه، أو كفه على رأسه من شدة الحر، ما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة». 

الحديث صحيح أخرجه الشيخان وابن ماجة, وهو دليل عَلَى جاوز الصيام في السفر وأنه لا حرج فيهِ سواء كَانَ في رمضان أو في غيره, وفيه: الرد عَلَى من قَالَ إنه لا يصح الصيام في السفر, هذا يُرد بِهِ عَلَى من أنكر الصيام في السفر, هذا في شدة الحر الشديد والنبي r صائم هو وعبد الله بْنُ رواحة وبقية الصحابة أفطروا فدل عَلَى التوسعة ولا بأس بالصيام والإفطار والحمد لله, أم الدرداء الصغرى واسمها هجيمة التابعية, وفي أم الدرداء الكبرى تسمى خيرة الصحابية؛ لِأَنّ أبا الدرداء تزوج امرأتين كلٌ منهما تسمى أم الدرداء. 

زاد مسلم من طريق سعيد بْنُ عبد العزيز: «هذا في شهر رمضان» هذا أيضًا فيهِ الرد عَلَى من قَالَ بأنه لا يصح الصيام في السفر في شهر رمضان, فكان هذا في شهر رمضان وليس في غزوة الفتح؛ لِأَنّ عبد الله بْنُ رواحة المذكور في هذا الحديث أَنَّه كَانَ صائمًا أُستشهد بمؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف, ولا في غزوة بدر لِأَنّ أبا الدرداء لم يكن حينئذٍ أسلم. 

قوله: «وما فينا صائم إِلَّا رسول الله وعبد الله بْنُ رواحة» هذا يؤيد أَنَّه قبل غزوة الفتح؛ لِأَنّ الذين استمروا عَلَى الصيام من الصحابة كَانُوا جماعة, وفي هذا أَنَّه اِبْن رواحة وحده مع النَّبِيِّ r. 

(المتن) 

2410- حدثنا حامد بن يحيى، حدثنا هاشم بن القاسم، ح وحدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا أبو قتيبة المعنى، قالا: حدثنا عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي، حدثني حبيب بن عبد الله قال: سمعت سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي، يحدث عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له حمولة تأوي إلى شبع، فليصم رمضان حيث أدركه». 

(الشرح) 

 

الشيخ: الكلام على التخريج عندك؟ 

الطالب: حبيب بْنُ عبد الله وهو الأزدي اليحمدي وضعفه اِبْن عبد الصمد هاشم بْنُ القاسم هو أبو النضر الليثي, وعقبة بْنُ مُكرم هو العمي وأبو قتيبة هو سن بْنُ قتيبة الشعيري, وأخرجه أبو بكر الجصاص بأحكام الْقُرْآن وابن الأسير في أسد الغابة من طريق المصنف بهذا الإسناد, وأخرجه أحمد في مسنده من طريقه المزي في ترجمة حبيب بْنُ عبد الله الأزدي من تهذيب الكمال, وابن الأسير من طريق أبي النضر هاشم بْنُ القاسم, وأخرجه العقيلي في الضعفاء, والبيهقي في الكبرى, وابن الجوزي في العلل المتناهية, والمزي في ترجمة عبد الصمد بْنُ حبيب من تهذيب الكمال من طريق مسلم بْنُ إبراهيم عن عبد الصمد بْنُ حبيب بِهِ, وقد سقط في مطبوع العقيلي اسم حبيب بْنُ عبد الله من الإسناد, وتحرف فيهِ قوله: «فليصم» أو إلى «فليقم» وانظر ما بعده, والحمولة: كل ما يُركب عليه من إبل أو حمار أو غيرهما, وفي الْقُرْآن قوله جل وعلا: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا}[الأنعام/142]. 

الشيخ: كذلك المخترعات الحديثة الآن. 

الطالب: قَالَ الشيخ الألباني رحمه الله: وفي رواية: «من أدركه رمضان في السفر» قلت: وهذا إسناد ضعيف حبيب بْنُ عبد الله مجهول كما قَالَ الذهبي والعسقلاني, والأزدي مختلفٌ فيهِ, وقال العقيلي في الضعفاء: لا يتابع عليه ولا يُعرف. 

الشيخ: هنا اثنين الآن: حبيب بْنُ عبد الله الأزدي قَالَ: حدثني حبيب بْنُ عبد الله, أيهما المجهول؟. 

 الطالب: الأخير هذا, والأزدي مختلفٌ فيهِ. 

الشيخ: مختلف فيهِ في أي شيء؟. 

الطالب: قَالَ: والأزدي مختلفٌ فيهِ, وقال العقيلي في الضعفاء: لا يتابع عليه ولا يُعرف إِلَّا بِهِ, ولم يعد البخاري هذا الحديث شَيْئًا, وقال اِبْن حزم: حديث ساقط وضعفه الحافظ بْنُ عبد الهدي, قلت: وهذا إسناد ضعيف ذكر إسنادًا آخر: حدثنا حامد بْنُ يحي حدثنا هاشم بْنُ القاسم ح, وحدثنا عقبة بْنُ مُكرم, حدثنا أبو قتيبة, المعنى قَالَ: حدثنا عبد الصمد بْنُ حبيب بْنُ عبد الله الأزدي, حدثنا نصر بْنُ مهاجر, حدثنا عبد الصمد؛ يَعْنِي: اِبْن عبد الوارث, حدثنا عبد الصمد بْنُ حبيب, حدثني حبيب بالرواية الأخرى, قَالَ: وقلت: هذا إسناد ضعيف لما ذكرته آنفًا وهو خلاصة ما أوردته في سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم 985 اللهم إِلَّا قول اِبْن حزم, فقد فاتني أن أذكره هناك وقد أورد الحديث في المحلى. 

الشيخ: ماذا قال المنذري؟ 

الطالب: قَالَ المنذري في إسناده: عبد الصمد بْنُ حبيب الأزدي العودي البصري قَالَ اِبْن لكن ما نسبها قَالَ: اِبْن ليس بِهِ بأس, وقال: أبو حاتم الرازي يُكتب حديثه وليس بالمتروك, وقال يحي: من كبار الضعفاء. 

الشيخ: وقال يحي: من كبار الضعفاء, وقال البخاري: لين الحديث ضعفه أحمد, وقال البخاري أيضًا: عبد الصمد بْنُ حبيب منكر الحديث ذاهب الحديث ولم يعد البخاري هذا الحديث شَيْئًا, قَالَ أبو حاتم الرازي لين الحديث ضعفه أحمد بْنُ حنبل وذكره أبو جعفر العقيلي وقال: لا يُتابع عليه ولا يُعرف إِلَّا بِهِ. 

فعلى كل حال الحديث هذا ضعيف لا يُعول عليه, والحديث استدل بِهِ من عمل بِهِ عَلَى أن من سافر في رمضان وكانت له دابة تؤويه إِلَى شبع؛ يَعْنِي: كَانَ يقدر عَلَى الشبع ولم يلحقه في سفره مشقة ولا عناء فَإِنَّهُ يَجِبُ عليه أن يصوم في سفره ولا يُفطر, استدل بهذا الحديث من قَالَ: أن من سافر في رمضان وكانت له دابة تؤويه إِلَى شبع, يَعْنِي: كَانَ يقدر عَلَى الشبع ولم يلحقه في سفره مشقة ولا عناء فَإِنَّهُ يَجِبُ عليه أن يصوم في سفره ولا يُفطر, لَكِنْ الحديث ضعيف السند منكر المتن وشاذ, الحديث فيهِ علة في السند وعلة في المتن, أما العلة في السند فهو ضعيف السند كما سبق منكر المتن كما ذكر الشراح, عبد الصمد, حبيب الأزدي, وحبيب بْنُ عبد الله المجهول. 

ضعف السند قلنا: لِأَنّ في سنده عبد الصمد بْنُ حبيب الأزدي العودي المصري كما ضعفه أحمد والبخاري وأبو جعفر العقيلي, وأما نكارة المتن فلأن الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة الكثيرة الدالة عَلَى جواز الفطر للمسافر في رمضان حتى ذهب كثير من أهل العلم إِلَى أن الفطر أفضل, والحديث أيضًا مخالف لظاهر الآيات الكريمة: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة/184]؛ فعلى هذا لا يُعول عَلَى مثل هذا الحديث, والحديث اللي بعده كذلك مثله. 

(المتن) 

2411- حدثنا نصر بن المهاجر، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عبد الصمد بن حبيب، قال: حدثني أبي، عن سنان بن سلمة، عن سلمة بن المحبق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدركه رمضان في السفر» فذكر معناه. 

(الشرح) 

يَعْنِي: أَنَّه من كَانَ له شبع, قوله: «إِلَى شبع» يَعْنِي: ما أشبعك, أي يقدر عَلَى الشبع ولم يلحقه في سفره العناء والمشقة فَإِنَّهُ يَجِبُ عليه الفطر, ماذا قَالَ عن سند الحديث هذا؟. 

الطالب: كسابقه. 

الشيخ: فيهِ عبد الصمد بْنُ عبد الحبيب بْنُ عبد الله؟. 

الطالب: قَالَ: أخرجه أبو بكر الجصاص بأحكام الْقُرْآن من طريق المصنف بهذا الإسناد, وأخرجه أحمد في مسنده, والبيهقي من طريق عبد الصمد بْنُ عبد الوارث بهذا الإسناد؛ انظر ما قبله. 

الشيخ: عبد الصمد بْنُ حبيب فيهِ كلام؟. 

الطالب: ابن حزم قَالَ فيهِ في المحلل, نقله عنه الشيخ الألباني قَالَ: حديث ساقط لِأَنّ رواية عبد الصمد بْنُ حبيب وهو مصري لين الحديث عن سنان بْنُ سلمة بْنُ المحبق وهو مجهول. 

الشيخ: فيكون كسابقه ضعيف لا يعول عليه, والعمدة عَلَى الأحاديث الصحيحة. 

الطالب: الضمير يعود إلى الدابة أو إِلَى صاحب الدابة «تأوي إِلَى شبع»؟. 

الشيخ: له ولها أيضًا, يَعْنِي لو كَانَ عنده شبع وَكَذَلِكَ دابته تستطيع ترعى, أما إذا كانت في مكان فيهِ جدب عليه أن يُسرع السير ليبعد عن الجدب, «تأوي» الضمير يعود إليه هو, ويشبه الأمرين كلاهما؛ لِأَنَّهُ لا يستطيع السفر بدون دابته, وَكَذَلِكَ أيضًا إذا كَانَ هو ليس عنده ما يشبعه فنفس الشيء لابد من الأمرين. 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد