(المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى:
وحدثني حرملة بن يحيى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبره قال: حدثنا أبو سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني وحدثني محمد بن حاتم
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد...........
فهذه الأحاديث فيها الأمر بطاعة الأمراء وولاة الأمور وهذه الأحاديث دالة على مادل عليه القرآن الكريم في قوله سبحانه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فيه المراد بأولي الأمر العلماء والأمراء وقيل هم الأمراء وقيل هم العلماء والصوب أنها تشمل الفريقين تشمل العلماء والأمراء وهذه الأحاديث من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني مقيدة للأحاديث التي فيها الأمر بالطاعة في طاعة الله لقوله عليه الصلاة والسلام إنما الطاعة بالمعروف لقوله عليه الصلاة والسلام لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالنصوص يضم بعضها إلى بعض ويقيد بعضها البعض فهذه أحاديث مطلقة تقيد بالأحاديث التي فيها أن الطاعة إنما هي في المعروف ولا تكون في المعصية .
(الشرح)
كما سيأتي في الأحاديث لا ما أطاعوا الله، ولهذا فإن الله سبحانه وتعالى أعاد الفعل في طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يعده في طاعة أولي الأمر في قوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ولم يقل أطيعوا أولي الأمر، لبيان أن أولي الأمر إنما يطاعون في طاعة الله ورسوله، وأعاد الفعل في طاعة الرسول لأن الرسول معصوم لا يأمر إلا بطاعة الله، بخلاف ولي الأمر فإنه قد يأمر بطاعة الله وقد يأمر بمعصية الله فلا يطاع إلا في الطاعة .
(المتن)
وحدثني أبو كامل الجحدري قال: حدثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن أبي علقمة قال حدثني أبو هريرة من فيه إلى في، قال سمعت رسول الله ﷺ "ح" .
وحدثني عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي "ح" وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قالا: حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء سمع أبا علقمة سمع أبا هريرة عن النبي ﷺ نحو حديثهم.
وحدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ بمثل حديثهم.
وحدثني أبو الطاهر قال: أخبرنا ابن وهب عن حيوة أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه قال: سمعت أبا هريرة يقول عن رسول الله ﷺ بذلك وقال: من أطاع الأمير ولم يقل أميري، كذلك في حديث همام عن أبي هريرة .
وحدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد كلاهما عن يعقوب قال: سعيد حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن عن أبي حازم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك وحدثنا أبو بكر.
(الشرح)
نعم يعني في الطاعة عليك السمع والطاعة لولاة الأمور في عسرك ويسرك وأثرة عليك يعني في الشيء في الشيء اللي تكرهه والشيء اللي تحبه وأثرة عليك يعني تفضيل، تفضيل غيرك عليك يعني ولو فضل عليك غيرك، فالإنسان يصبر كما أخبر النبي ﷺ الأنصار وأخبره أنه أنه سيكون سيؤثر عليهم غيرهم قال اصبروا حتى تلقوني على الحوض، فالواجب السمع والطاعة لولاة الأمور في طاعة الله وفي الأمور المباحة في العسر واليسر وفي المنشط والمكره يعني فيما يحبه الإنسان وفيما لا يحبه إلا المعاصي فلا يطاع فيها أحد محد يطاع في المعاصي لا الأمير، الأمير ما يطاع في المعصية، والوالد إذا أمر بمعصية لا يطيعه ولده في المعصية، والزوجة إذا أمرها زوجها بمعصية لا تطيعه، والعبد إذا أمره سيده بمعصية لا يطيعه، لكن ليس معنى ذلك أنه يتمردون عليهم لا، ليس معنى كون الأمير لا يطاع ليس معنى ذلك أنه يخرج عليه ويؤلب الناس عليه لا، لكن لا يطاع في المعصية فقط، وما عداه فإنه يطاع وكذلك الولد لا يتمرد على والده، لكن إذا أمر بمعصية قال: ائتني اشتري دخان وإلا اشتري آلة اللهو وإلا ائتني بالخمر لا يطيعه، ولكن يتلطف معه يقول: يا والدي هذا لا يجوز وهذا محرم ولا يجوز لك أن أطيعك في المعصية، يتلطف معه لكن لا يطيعه في المعصية كذلك الزوجة إذا أمرها زوجها بمعصية لا تطيعه والعبد إذا أمره سيده بمعصية لا أحد يطاع في المعاصي، لكن ليس معنى ذلك أن الإنسان يتمرد عليهم ويخرج عليهم ويؤلب الناس عليهم لا، بل هذه المعصية لا يطاعون فيها فقط .
(المتن)
قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبدالله بن براد الأشعري وأبو كريب قالوا: حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي عمران عن عبدالله بن الصامت عن أبي ذر قال: (إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف)
(الشرح)
نعم وهذا فيه دليل على أن الولاية تثبت لمن غلب الناس بالقوة والسيف، فإذا غلب الناس بقوته وسيفه ثبتت له الولاية وجب السمع له والطاعة، ولو كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف يعني ولو وصل إلى حالة... معلوم أن العبد لا يولى على الناس، لو كان الاختيار لهم، وكذلك الحبشي، لا يولى إلا من وجد فيه الشروط يكون إمام عادل سميع بصير حر قرشي من قريش، _كما وردت الأحاديث كما سبق في الأحاديث السابقة_ إذا وجد فيهم من يقيم الدين فالولاية تكون في قريش، هذا إذا كان الاختيار والانتخاب للمسلمين كما حصل في انتخاب الصحابة لأبي بكر ورثة النبي ﷺ، ولعثمان ولعلي، وكذلك الولاية كانت لقريش لبني أمية وبعدها لبني العباس، ثم بعد ذلك لما سقطت بغداد سنة 656 سقطت الخلافة الإسلامية صار بعد ذلك لم تكن الولاية في قريش صارت الولاية لمن غلب، فالمقصود أن الولاية تثبت بالاختيار والانتخاب وإذا كانت بالاختيار والانتخاب يختار الناس القرشي الحر السميع البصير من له علم وبصيرة، وإذا أيضا عهد ولي الأمر إلى من بعده تثبت لهم بولاية العهد، وإذا غلب الناس بقوته وسيفه ثبتت له الولاية، كما في هذا الحديث قال (أمرني خليلي أن اسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف) معلوم أن العبد والحبشي لا يولى لو كان الاختيار والانتخاب، لكن إذا غلبهم العبد الحبشي بسيفه وجب السمع له والطاعة ولو كان (مجدع الأطراف) يعني مقطوع الأذن أو الأنف أو شيئا من أعضائه يعني لو وصل إلى حالة لا يمكن أن يختار فيها يجب السمع له والطاعة، وذلك لأن السمع والطاعة لولاة الأمور فيه استتباب الأمن وفيه حقن للدماء وفيه جمعٌ للكلمة وفيه القوة أمام الأعداء، بخلاف الخروج على ولاة الأمور فإنه يترتب عليه مفاسد من اختلاف الكلمة واختلال الأمن وتربص الأعداء بهم الدوائر دخول الأعداء انشغالهم وإراقة الدماء واختلال مصالح المسلمين، تختل أحوال المسلمين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليم إلى غير ذلك من المفاسد العظيمة التي تترتب على الخروج على ولاة الأمور .
(المتن)
وحدثناه عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن أبي عمران بهذا الإسناد كما قال: ابن إدريس (عبدا مجدع الأطراف) وحدثنا محمد بن المثنى.
(الشرح)
يعني: ولو كان مجدع الأطراف أصابعه قطعت أصابعه أو شيئا من أذنه أو من أنفه أو شيءٌ من أطرافه لا يمنع من السمع له والطاعة، ما دام استتب له الأمن واجتمع الناس عليه وغلب الناس بقوته وسيفه وسلطانه ثبت له الخلافة .
(المتن)
وحدثناه ابن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر وعبدالرحمن بن مهدي عن شعبة بهذا الإسناد وقال (عبداً حبشياً).
وحدثنا أبو وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ........
(الشرح)
يقول يقودكم بكتاب الله هذا لابد أن يكون مسلم، أما غير المسلم فهذا -كما سيأتي- أنه يجب الخروج عليه مع القدرة بشروط أنه لا يبقى إذا وجد البديل وأُمنت الفتنة، أما إذا لم يوجد بديل ووجدت القدرة فإن الناس سيبقون على ماهم عليه ويطيعونه في طاعة الله .
(المتن)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع بن الجراح عن شعبة بهذا الإسناد وقال (عبداً حبشياً مجدعاً).
وحدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا بهز قال: حدثنا شعبة بهذا الإسناد ولم يذكر حبشياً مجدعاً وزاد أنها سمعت رسول الله ﷺ بمنى أوبعرفات.
وحدثني سلمة بن بن شبيب قال: حدثنا الحسن بن أعين قال: حدثنا معقل قال: عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن حصين عن جدته أم الحصين قال: سمعتها تقول: حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع قالت: فقال رسول الله ﷺ قولا كثيرا ثم سمعته يقول إن أمر عليكم عبدٌ مجدع حسبتها قالت أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا.
قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا ليث عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة
(الشرح)
هذا الحديث يقيد الحديث السابق وهو أن السمع والطاعة إنما تكون في طاعة الله، على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة هذا الحديث قيد، يقيد به الأحاديث السابقة من يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني يعني: في طاعة الله على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، يعني عليه أن يسمع لولاة الأمور في الشيء الذي يحبه والشيء الذي يكرهه وكما سبق في الحديث السابق في المنشط والمكره والعسر واليسر إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع وطاعة إذا قال لك الأمير اشرب الخمر لا تطيعه أو اقتل فلان بغير حق لا تطيعه أو قال لك: تعامل بالربى أو خذ الرشوة لا تطيعه، وكذلك الوالد إذا أمرك بأكل الربى أو شرب الدخان أو شرب الخمر أو شراء المحرمات لا تطيعه، وكذلك الزوجة لا يطيعها، لكن ليس معنى ذلك أنه يخرج عليه إنه لا يخرج عليه لا يطيعه في هذي المعصية بخصوص المعصية لا يطيعه فيها على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة وكذلك الحديث السابق إنما الطاعة في المعروف وقوله عليه الصلاة والسلام لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فهذي النصوص تقيد بها الأحاديث المطلقة في الأمر بالطاعة طاعة ولاة الأمور أو غيرهم .
(المتن)
وحدثناه زهير بن حرب ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى وهو القطان "ح" وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي كلاهما عن عبيد الله بهذا الإسناد مثله.
وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن زبيد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي قال: أن رسول ﷺ بعث جيشا وأمر عليهم رجلا فأوقد ناراً وقال: ادخلوها فأراد ناس أن يدخلوها وقال الآخرون: إنا قد فررنا منها فذكر ذلك لرسول الله ﷺ فقال للذين أرادوا أن يدخلوها : لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة وقال للآخرين: قولا حسنا وقال: لا طاعة في معصية الله عز وجل إنما الطاعة في المعروف
(الشرح)
نعم وهذا مثل الحديث السابق لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف وهذا الرجل يسمى عبدالله بن حذافة السهمي جاءت تسميته، أمره النبي ﷺ على سرية فغضب عليهم في أثناء الطريق -جاء في اللفظ الآخر- أنه قال لهم (اجمعوا لي حطبا فجمعوا له حطبا ثم قال: أججوها ناراً فأججوها نارا،ً ثم قال: ألم يأمر رسول الله بطاعتي قالوا بلى قال ادخلوها) ادخلوا هذه النار فأراد بعضهم أن يدخلها وتنكر ونظر بعضهم إلى بعض وقالوا: إنا إنما هربنا إلى رسول الله خوفاً من النار دخلنا في فكيف ندخلها، فتركوه حتى سكن غضبه فلما قدم على النبي ﷺ أخبروه فقال النبي ﷺ: لو دخلوها ما خرجوا منها لو دخلوها ما خرجوا منها -وفي بهذا لفظ- إلى يوم القيامة يعني: أنه يستمر عذابه لكن هذا من باب الوعيد من باب الوعيد (18:27) من باب الوعيد يعني ارتكبوا معصية ارتكبوا معصية وهذا من باب الوعيد مثل وعيد من أكل مال اليتيم بالنار إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا هنا يقول: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة إنما الطاعة في المعروف لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وليس من المعروف أن الإنسان يقتل نفسه أو يحرق نفسه بالنار لا يطاع في هذا الأمير لا يطاع.
(المتن)
(الشرح)
هذا وعيد يعني :استمروا فيها -في واللفظ الآخر- (إلى يوم القيامة) وهذا من باب الوعيد فيه يعني أنهم ارتكبوا كبيرة .
(المتن)
(الشرح)
لأن من قتل نفسا يكون مرتكب الكبيرة، وهؤلاء مثل يتعبروا قتلوا أنفسهم وأحرقوا أنفسهم بالنار فارتكبوا كبيرة .
(المتن)
(الشرح)
ومعنى (أن لا ننزع الأمر أهله) يعني: لا نخرج على ولاة الأمور ولا نقاتلهم، (بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره) يعني: في الشيء الذي نحبه والشيء الذي لا نحبه (وعلى أن لا ننازع الأمر أهله) يعني لا ننازع ولاة الأمور في الولاية ونخرج عليهم (وعلى أن نقول الحق) يعني: ولو كان مراً ولو كان علينا، وكذلك (وقل على أثرة علينا) يعني: حتى ولو فضل غيرنا علينا ولو منعنا من حقنا، لا يمنعنا هذا من السمع والطاعة لولاة الأمور في الطاعة، -في اللفظ الآخر- (أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم) يعني: ولو ما أعطاكم ولاة الأمور حقكم ولو منعوكم من حقكم فأنتم تسألون الله الذي لكم ولكن يجب عليكم أن تطيعوهم وتؤدون الحق الذي عليكم، تطيعونهم في المعروف وتؤدون الحق الذي عليكم، وكونهم آثروا غيركم عليكم أو منعوكم حقكم هذا تجدونه أمام الله (أسألوا الله الذي لكم) .
(المتن)
وحدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا عبدالعزيز يعني: الدراوردي عن يزيد وهو ابن الهاد عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه قال: حدثني أبي قال: بايعنا رسول الله ﷺ بمثل حديث ابن إدريس.
وحدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب بن مسلم قال: حدثنا عمي عبدالله بن وهب قال: حدثنا عمرو بن الحارث قال: حدثني بكير عن بسر بن سعيد عن جنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا: حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله ﷺ فقال: دعانا رسول الله ﷺ فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان .
(الشرح)
نعم.. وهذا صريح بأنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، ولهذا بين عبادة قال: (بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره) يعني في الشيء الذي يحبه والشيء الذي يكرهه، فاليسر والمنشط هذا الذي يحبه والعسر والمكره لا يحبونه (وعلى أثرة علينا) يعني حتى ولو آثر علينا غيرنا وفضل غيرنا علينا لا يمنعنا ذلك، (وألا ننازع الأمر أهله) يعني على أن أخرج على أن لا نخرج على ولاة الأمور قال (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله في برهان) هذا استثناء (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله برهان) فإنه يجوز لكم منازعتهم منازعتهم والخروج عليهم، دل على أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي والظلم والفسق والجور ولو جاروا ولو ظلموا ولو فسقوا لا يجوز الخروج عليهم إلا إذا وجد الكفر الصريح إلا أن ترو كفراً موصوف بثلاثة أوصاف كفراً بواحاً عندكم من الله في برهان بواحا يعني: واضحا لا لبس فيه عندكم من الله برهان، وإذا كان المسألة فيها شك فلا، وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور والمعاصي الخروج على ولاة الأمور يترتب عليه مفاسد عظيمة من هذه المفاسد اختلال الأمن وإراقة الدماء وتربص الأعداء بهم الدوائر تدخل الأعداء واختلال أحوال الناس المعيشية والاقتصادية والزراعة وتختل الأمور كلها ،وتأتي فتن عظيمة وحروب طاحنة وانقسامات وتفرقات تأتي على الأخضر واليابس، هذه مفاسد عظيمة أي المفاسد عظيمة وإلا مفسدة المعصية، والقاعدة هي أنه إذا وجد مفسدتان لا بد من ارتكاب واحدة منهما نرتكب المفسدة الصغرى لدفع المفسدة الكبرى، فعندنا مفسدتان الآن مفسدة المعصية ومفسدة الخروج على ولاة الأمور الخروج على أمور ولاة الأمور يترتب عليه مفاسد عظيمة إراقة الدماء واختلال الأمن ودخول الأعداء وفتن عظيمة لا حد لها ولا حصر لها تأتي على الأخضر واليابس، وهناك مفسدة وهي المعصية الذي يفعلها ولي الأمر أو الظلم أو الجور أو الفسق هذي معصية صغرى فسوقه على نفسه وفجوره على نفسه وظلمه على نفسه حتى ولو ظلم بعض الناس ولو قتل بعض الناس ولو سجن بعض الناس ولو أخذ مال بعض الناس هذه كلها مفسدة صغرى لا توجب الخروج على ولاة الأمور، إلا إذا وجد الكفر الصريح الواضح فهنا مفسدة الكفر أعظم إذا وجد الكفر الصريح الواضح جاز الخروج بل وجب مع القدرة لقوله (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله في برهان) لكن بشروط أيضا إذا وجد الكفر الصريح جاز الخروج على ولاة الأمور بشروط:
الشرط الأول: وجود البديل المسلم بأن يزال الكافر ويؤتى بدله مسلم، أما إذا كان يزال كافر ويؤتى بعده كافر ما حصل المقصود مثل الحكومات الكافرة والحكم العسكري تنزل حكومة وتأتي حكومة هذه الحكومة كافرة وهذه حكومة كافرة كل حكومات كافرة ما يحصل المقصود لابد يوجد بديل مسلم يزال الكافر ويؤتى بالمسلم.
وثانيا: وجود القدرة مع القدرة والاستطاعة فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ أما إذا كان ما عنده استطاعة فإنما يكون الذي يخرج يقتل ولا يحصل المقصود فلا، لابد من هذا وجود القدرة ووجود البديل المسلم أما إذا لم يوجد القدرة ولم يوجد البديل المسلم فإن الناس يصبرون ويطيعونه في طاعة الله، لقول الله تعالى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ هذا ا لحديث صريح في أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي ولا بالفسق ولا بالجور ولا بالظلم وإنما يجوز الخروج إذا وجد الكفر الموصوف بثلاثة أوصاف: (كفراً بواحاً عندكم من الله في برهان) كفر صريح بواح صريح لا لبس فيه ولا إشكال، (عندكم من الله في برهان)، وفيه هذا الحديث الرد على الخوارج والمعتزلة وأهل البدع والرافضة فإن الخوارج والمعتزلة يرون الخروج على ولاة الأمور بفسق والمعاصي والخوارج والمعتزلة يقول إذا إذا فعل ولي الأمر معصية وجب كفر وجب الخروج عليه بخلعه وقتله وهو مخلد في النار، وكذلك المعتزلة من أصولهم الخمسة عندهم أصول التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل أصل ستروا تحته معناً باطل، فستروا تحت النهي عن المنكر الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي إذا جار وفسد، فإذا الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي هذا من شعار أهل البدع، وكذلك الرافضة يرون أنه لا لا لتبقى الإمامة إلا لإمام معصوم، فإذا لم يكن الإمام معصوم فإنه يجب الخروج عليه تبين بهذا أن الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي إنما هو من شعار أهل بدع وهو مذهب أهل بدع من الخوارج والمعتزلة والروافض، أما أهل السنة والجماعة فلا يجوز الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي إلا إذا وجد الكفر الصريح الواضح مع القدرة ووجود البديل المسلم، ولهذا قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان وفي حديث عوف بن مالك الأشجعي سيأتي قال عليه الصلاة والسلام: خيار أئمتكم يعني ولاة الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم يعني: خيار أئمتكم يعني ولاة الذين تحبونهم تدعون لهم ويدعون لهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ما داموا شرار يتلاعنون قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة فدل على أنهم إذا قضوا الصلاة فلا يجوز الخروج عليهم، ودل بمفهومه على أنهم إذا لم يقيموا الصلاة فهم كفار يجوز الخروج عليهم، وهذا من أدلة من قال بكفر ترك الصلاة، هنا في هذا الحديث لم يجز الخروج إلا عند الكفر البواح وفي الحديث الآخر أجاز الخروج إذا لم يصلوا فدل على أن ترك الصلاة كفر بواح، ثم قال النبي ﷺ في حديث عوف بن مالك الأشجعي : ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يد من طاعة صريح ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة اكره المعصية التي يفعلها وقم بواجب النصح مع القدرة إن استطعت ولكن لا يجوز لك الخروج، تكره المعصية التي يفعلها والنصيحة مبذولة من قبل أهل الحل والعقل وولاة الأمور، ولكن لا يجوز الخروج بالمعاصي فحديث عوف بن مالك الأشجعي صريح وحديث عبادة بن الصامت صريح بأنه لا يجوز الخروج إلا بالكفر الصريح وهو صريح في الرد على الخوارج والمعتزلة والروافض وغيرهم من أهل البدع الذين يجيزون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي، لأنهم يكفرون الناس بالمعاصي، ويرون الخروج ويرون أنه يخرج من الإيمان بالمعصية، والروافض يرون أنه لا إمام إلا الإمام المعصوم .
(السؤال)/ (32:14)
(عفى الله عنك)
أن يكون وجود الكفر البواح شرط ثالث؟
(الجواب)
لا هو شرط واحد لا يجوز الخروج إلا بوجود الكفر الصريح، هذا لا بد منه مع القدرة ووجود البديل مع القدرة ووجود البديل المسلم، في الحديث ثلاثة شروط لابد.
س: (32:32)
إذا وجد الكفر معلوم لا بد من قيام الحجة عليه .
(المتن)
قال: حدثنا إبراهيم عن مسلم قال: حدثني زهير بن حرب قال: حدثنا شبابة قال: حدثني ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: إنما الإمام إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله عز وجل عز وجل وعدل كان له بذلك أجر وإن يأمر بغيره كان عليه منه
(الشرح)
نعم وهذا الحديث فيه بيان فضل ولاة الأمور قال إنما الإمام جُنة يتقى به من ورائه فالإمام جُنة وستر، ولاة الأمور علق الله بهم مصالح يقاتل بهم وتقام بهم الجمعة والجماعة يقام بهم الحج ويقام بهم الجهاد وتأمن بهم السبل وتقام فيهم ويقيمون الحدود وينصرون المظلوم من الظالم، ولهذا جاء في الأدلة في فضل الإمام العادل وأنه أول السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفي هذا الحديث إنما الإمام جُنة والجُنة هي التي الترس الذي يتقي به الفارس وقع النبال وهو جُنة يعني حجاب بينه وبين الناس يقاتل به من ورائه، تؤمن بهم السبل ويدفع شر الأعداء، فإن أمر بطاعة الله فله أجره وإن أمر بمعصية الله فلا يطاع.
الشيخ يطلب من القارئ اعادة قراءة الحديث (أعد الحديث...... (إنما الإمام.. عن من؟)
(المتن)
(الشرح)
يعني حجاب وستر مثل الجُنة التي يتقي بها الفارس وقع النبال يحطه أمامه الترس، فكذلك ولاة الأمور ترس بين الناس وبين الفتن والشرور، هم فهم حجاب وستر يمتنع بهم المظلوم من الظلم ويمتنع بهم من يريد الشر يخاف من إقامة الحد عليه ويخاف من عقوبته .
(المتن)
(الشرح)
يقاتل من ورائه لأنه يقيم الجهاد ويقيم ويعقد الألوية ويقاتل من ورائه ولهذا لا يصلح الناس بدون بدون إمارة ولهذا قال العلماء: ستون سنة بإمام ظالم خير من ليلة واحدة بلا إمام، لو قيل ليلة واحدة للناس يفعل ما يشاء كل يفعل ما شاء ماذا يحصل في هذه الليلة من الفساد، لو قيل ليلة واحدة كل واحد يفعل ماذا يحصل فيها من الفساد وإراقة الدماء وانتهاك الحرمات فكونه ستر بالإمام مع ظلمه مع كونه معه ظلم ومعه فسق ومعه جور أيضا فيه المصالح الأخرى، مع جوره وظلمه في فيه الأمن يستتب والحدود تقام والمظلوم ينصف من ظالم ومن يريد شراً يمتنع من شره ولهذا قال النبي ﷺ إنما الإمام جُنة ستر وحجاب يتقى به من يقاتل من ورائه وتقام به الحدود فإن أمر بطاعة الله فله ثواب وإن أمر بالمعصية فلا يطاع إنما الإمام جُنة.
(المتن)
إنما الإمام جُنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر وإن يأمر بغيره كان عليه منه
(الشرح)
نعم.. إذا أمر بطاعة الله فله أجر وله الثواب وإذا كان عادلاً فأجره عظيم له أجر الأمة كلها، وإذا أمر بالمعصية فعليه وزر ولا يطاع في المعصية الإمام جُنة وكما قال العلماء: إن الله تعالى علق بولاة الأمور مصالح عظيمة مصالح عظيمة كلها علقت بولاة الأمور إقامة الحدود وتأمين السبل وإنصاف المظلوم من الظالم وردع المجرمين وإقامة الحد عليهم وإقامة الحد والجهاد، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة، ولهذا قال النبي ﷺ إنما الإمام جُنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإذا أمر بطاعة الله فله أجره وإذا أمر بمعصية فعليه الوزر ولا يطاع في المعصية .
(المتن)
انتهت المادة الصوتية..