بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين؛ أَمَّا بَعْد: ...
(المتن)
قَالَ الشارح رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين: في باب ماجاء في السحر
قوله: وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة قال: " كتب عمر أن اقتلوا كل ساحر وساحرة قال فقتلنا ثلاث سواحر "هذا الأثر رواه البخاري كما قال المصنف لكن لم يذكر قتل السواحر.
قوله: عن بجالة بفتح الموحدة بعدها جيم ابن عبدة بفتحتين التميمي العنبري بصري ثقة.
قوله: " كتب عمر بن الخطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة "وظاهره أنه يقتل من غير استتابة، وهو كذلك على المشهور عن أحمد، وبه قال مالك؛ لأن علم السحر لا يزول بالتوبة، وعن أحمد يستتاب فإن تاب قبلت توبته: وبه قال الشافعي؛ لأن ذنبه لا يزيد على الشرك والمشرك يستتاب وتقبل توبته، ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم.
(الشرح)
لاشك أن من تاب؛ تاب الله عَلَيْهِ، هَذَا حكم في الدنيا أن يستتاب الساحر، ومذهب جمع من المحققين أن الساحر لا يستتاب بَلْ يقتل، وَكَذَلِكَ من تكررت ردته والزنديق والمستهزئ والساخر بالله وبكتابه وبرسوله، والساب من يسب الله سبحانه، هؤلاء يقتلون من غير استتابة يحكم عَلَيْهِمْ في الدنيا هَذَا الحكم في الدنيا حَتَّى لا يتجرأ النَّاس عَلَى هَذَا الكفر الغليظ ودفعًا لشرهم، وَهَذَا الحكم في الدنيا، وَأَمَّا في الآخرة فأمره إِلَى الله، فَإِن تاب توبة نصوح غفر الله له، يقبل الله توبة الصَّادِقِينَ، أَمَّا الحكم الدنيوي يقتل ولا تقبل توبته، وَقَالَ آخرون من أهل العلم: انه يستتاب فَإِن تاب وإلا قتل كغيرهم من المرتدين.
(المتن)
قوله: وصح عن " حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت "هذا الأثر رواه مالك في الموطأ، وحفصة هي أم المؤمنين بنت عمر بن الخطاب تزوجها النبي ﷺ بعد خنيس بن حذافة وماتت سنة خمس وأربعين.
وقوله: "وكذا صح عن جندب " أشار المصنف بهذا إلى قتل الساحر كما رواه البخاري في تاريخه عن أبي عثمان النهدي قال: كان عند الوليد رجل يلعب فذبح إنسانا وأبان رأسه، فعجبنا فأعاد رأسه، فجاء جندب الأزدي فقتله. ورواه البيهقي في الدلائل مطولًا وفيه: فأمر به الوليد فسجن فذكر القصة بتمامها ولها طرق كثيرة.
(الشرح)
الصحابة ليسوا كغيرهم يستطيعوا أن ينفذوا بأيديهم، لَكِن غيرهم ينظر في المسألة اذا كَانَ يترتب عَلَى هَذَا مفسدة فلا يغير منكر بيده، وَإِنَّمَا يغير باليد هو السلطان ومن له ولاية وأعطي صلاحية، وَأَمَّا من كَانَ عاجزًا فَإِنَّهُ ينكر باللسان والتعليم والنصح والترغيب والترهيب.
(المتن)
قوله: "قال أحمد عن ثلاثة من أصحاب النبي ﷺ " أحمد هو الإمام أحمد بن حنبل أي صح قتل الساحر عن ثلاثة.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة.
(الشرح)
نعم وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة/102].
(المتن)
(الشرح)
في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ...
(المتن)
(الشرح)
قِيلَ: الجبت السحر، وَقِيلَ: إِنَّهُ عام، الطاغوت: كُلّ ما يتجاوز بِهِ العبد الحد.
(المتن)
(الشرح)
نعم قَدْ يكون من الجن وَقَدْ يكون من الإنس، كُلّ من رضي بعبادة غير الله وبالحكم لغير الله، أو دعا إِلَى عبادة غير الله فَهُوَ طاغوت من الجن أو من الإنس.
(المتن)
(الشرح)
وأولهم : الشِّرْك. والثاني: السحر؛ لِأَنَّهُ نوع منه.
(المتن)
(الشرح)
هَذَا هُوَ الصواب لقوله تعالى: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة/102] يعني بتعلم السحر.
وقوله : وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة/102].
(المتن)
(الشرح)
نعم في أصح قول العلماء، وَقِيلَ: يستتاب.
(المتن)
(الشرح)
وجود السحرة في عهد عمر وحفصه من بعده يزداد الشر، لقول النَّبِيّ ﷺ: لَا يَأتِي عَامٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، قَالَ أنس سمعته من النَّبِيّ ﷺ.
(المتن)
(الشرح)
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: لا، التخييل نوع من أنواع السحر، فرق بين السحر الَّذِي فِيهِ اتصال بالشياطين والسحر الَّذِي ليس في اتصال بالشياطين، فالسحر الَّذِي صاحبه يتصل بالشياطين يكون كفر؛ لِأَنَّ الشيطان لا يرضى من الساحر إِلَّا بالكفر، في هناك خدمة متبادلة بين الجن وبين الساحر، فالجني لا يخدم الساحر إِلَّا إِذَا أشرك بالله سجد له وتقرب إليه بما يحبه من البخور وغيره، أو لطخ المصحف بالعذرة أو كتب كتاب بدم الحيض يرضى منه بهذا، إِذَا كفر يرضى منه فيخدمه، والساحر يخدم الجني بالشركيات الَّتِي يفعلها، أَمَّا إِذَا كَانَ السحر عَنْ طريق الأدوية والتخدينات وسقي وأشياء تضر ولا يتصل بالشياطين هَذَا يسمى سحر من جهة اللغة؛ صاحبه مرتكب للكبيرة؛ حيث ِأَنَّهُ أضر بالمسلمين وأكل أموالهم بالباطل، فَإِن استحل ذَلِكَ كفر، إن استحل إيذاء الْمُسْلِمِين وأخذ أموالهم كفر، وإن لَمْ يستحله ارتكب معصية وكبيرة، أَمَّا إِذَا كَانَ يتصل بالشياطين فهذا كافر.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: هَذَا كله من أنواع الدجل والخرافه هَذَا من التخييل، تخييل الساحر منه ما هُوَ خيال ومنه ما هُوَ حقيقة، قَالَ تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه/66].
وَقَالَ: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ [الأعراف/116]؛ تأثير في العيون فقط، هَذَا يسمى سحرا، وله حقيقة فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه، قَالَ تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [الفلق/4].
ولولا أن السحر حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه، فالسحر نوعان: منه ما هُوَ حقيقة ومنه ما هُوَ خيال.
والساحر نوعان:
ساحر متصل بالشياطين هَذَا كافر.
وساحر عَنْ طريق الأدوية والتخدينات وسقي أشياء تضر هَذَا إن استحلها كفر، إن استحل إيذاء الْمُسْلِمِين وأكل أموالهم بالباطل والإضرار بهم كفر، وإن لَمْ يستحل ارتكب محرم وكبيرة.
الطالب: بعض الإخوان الَّذِي يختبرون المساجين لحفظ الْقُرْآن فيشملهم العفو ويكون فيهم سحره، وَيَقُولُونَ: يهزون الْقُرْآن هزًا؛ حَتَّى نحتال عَلَيْهِمْ بطريقة من يقف عَلَى رأسه ويقرأ آية الكرسي، فلا يستطيع أن يقرأ حرفًا؟.
الشيخ: كيف يهز الْقُرْآن هزًا؟ يَعْنِي هزه الجني؟.
الطالب: يَعْنِي بإعانة.
الشيخ: أظن أَنَّهُ بعيد هَذَا الجني ما يقرأ الْقُرْآن، يَعْنِي إِذَا قرأ آية الكرسي وقف؟.
الطالب: نعم، يَقُولُ: إِذَا قرأ آية الكرسي شخص آخر يقف.
الشيخ: هَذَا بعيد ما دام هُوَ يقرأ الْقُرْآن يمكن أن يقرأ آية الكرسي، إِذَا قِيلَ إِنَّهُ جني من الجن الْمُسْلِمِين، هَذَا بعيد، لَكِن عَلَى كُلّ حال لَابُدَّ أن نحتاط في مثل هَذِهِ الامور من التأكد والجزم بهذا، لا يستطيع الإنسان أن يجزم في هَذَا.
