بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشارح رحمه الله تعالى:
(المتن)
(الشرح)
يعني: هذا جاءت كيفيته، يعني اخذ استراق الشياطين السمع وأنهم يركب بعضهم بعضًا كما وصف سفيان يده وحرفها وبدد بين أصابعه هكذا غير متلاصقين حَتَّى يصلون إلى السماء أو إلى السحاب، والله تعالى يتكلم بالأمر، تحدثت به أهل السماء السابعة ثم السماء السادسة حَتَّى يصل إلى أهل السماء الدنيا ثم يتحدث به الملائكة في السحاب، فالشيطان الفوقاني يسمع الكلمة من الملائكة ويلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر لمن تحته حَتَّى تصل إلى الشيطان الأسفل، فيلقيها الشيطان الأسفل هذه الكلمة التي سمعها من السماء في أذن وليه يقرها كر الدجاجة قر قر قر.
فإذا وصلت إلى الكاهن خلط معها مئة كذبة فحدث الناس بهذا الكذب الكثير مئة كذبة وواحدة من السماء وقعت، فإذا وقعت هذه الكلمة المسموعة من السماء صدق الناس الكاهن بهذا الكذب الكثير، وهذا فيه قبول النفس بالشر والباطل، كيف يصدق كل هذه الكذبات من أجل واحدة ولا يكذبونه من اجل الكذب الكثير.
والشهب تلاحق الشياطين وتحرقهم (تحرق الشياطين)، والشيطان الأسفل الذي يلقي الكلمة في أذن وليه تارةً يحرقه الشهاب قبل أن يلقيها في أذن وليه، وتارة يلقيها في أذنه ثم يحرقه الشهاب.
فالشهب تلاحقهم فيموتون ولكن الشياطين يتوالدون بكثرة أكثر من الإنس، في الساعة يتوالد عدد كثير، انظر كيف الشهب تلاحقهم وتحرقهم مع ذلك عددهم كثير، كل إنسان معه قرين، قال: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ. قَالُوا: وَإِيَّاكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ فأسلم يعني: دخل في الإسلام، قرين النبي ﷺ، وروي: فأسلم يعني: فأنا أسلم من شره وإن لم يُسلم هو، هذه كيفية استراقهم السمع.
(المتن)
(الشرح)
يعني: هذا أكثر ما يقع، الجني يعلم شيء مثلًا في طرف البلد أو في البلد الأخرى ويخبر بها الإنس، فيظنوه من الغيب وما هو من الغيب، الجن علمه لأنه سريع التحرك والطيران فهو يعلم ما حدث في البلدة الفلانية أو في طرف البلد ثم يخبر وليه الكاهن ثم الكاهن يخبر الناس فيتعجب الناس كيف حصل هذا، يظنون هذا من الغيب.
والآن وُجدت الوسائل الحديثة الآن الجوالات وصار الآن الناس يعلمون الآن ما يحدث في البلدان فصار العالم كأنه قرية واحدة، في الأول ما كان الناس يعلمون فتأتي الشياطين تخبر أوليائهم بالأحداث التي حدثت في البلد الفلاني أو في طرف البلد.
والناس ما عندهم شيء من المواصلات، ما يعلم إلا أن يأتي واحد من بعيد يركب الإبل مضي عليه كم يوم وأشهر ويخبرهم عما حدث، الآن صار الأحداث والوقائع تُعلم بلحظة واحدة، ما يحدث في الشرق أو في الغرب يعلمه الناس في ساعة واحدة، وهذا يقرب ما جاء في الحديث من أن الدجال إذا ظهر جاء في الحديث: تخابر بِهِ النَّاسَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فكان الأوائل يتعجبون كيف يتخابر الناس به في ساعة واحدة، الآن واضح لنا الآن.
لكن العلماء السابقون ما كانوا يدور في خلدهم مثل هذا الاختراعات الحديثة ولا كانوا يعلمون عنها، ولهذا يُشكل عليهم شيء مما أخبر به النبي ﷺ ويكون للعلماء في ذلك أقوال في هذا.
من ذلك ما جاء في الحديث عن تقارب الزمان، فالعلماء ذكروا ان هذا تقارب زمان بعضهم قال: كذا وقال كذا وقال من نزع البركات، ، وتقارب الزمان صار يُعرف الآن بالوسائل الحديثة، لكن هذا ما كان يدور في خَلد العلماء السابقين مثل هذه الاختراعات الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة.
(المتن)
وأكثر ما يقع في هذه الأمة ما يخبر به الجن مواليهم من الإنس عن الأشياء الغائبة مما يقع في الأرض من الأخبار، فيظنه الجاهل كشفًا وكرامة.
وقد اغتر بذلك كثير من الناس يظنون ذلك المخبر لهم عن الجن وليًا لله وهو من أولياء الشيطان كما قال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ [الأنعام/128].
قوله: عن بعض أزواج النبي ﷺ هي حفصة، ذكره أبو مسعود الثقفي؛ لأنه ذكر هذا الحديث في "الأطراف" في مسندها، قال البغوي: "العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك، وقيل: هو الكاهن والكاهن، هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل: الذي يخبر عما في الضمير".
وقال شيخ الإسلام: "العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم".
وقال أيضًا: "والمنجم يدخل في اسم العراف".
وقال ابن القيم: "من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سموه عائفًا وعرافًا".
(الشرح)
يعني: زجر الطير، من اشتهر بزجر الطير يسموه عائف أو عراف، والعيافة: زجر الطير، كان العرب يزجرون الطير فإذا ذهبت جهة اليمين تيمنوا، وإذا ذهبت جهة الشمال تشائموا، ما عند الطير؟ ما عنده شيء الطير، لكن الجهل، نسأل الله العافية.
السائل: صاحب الاطراف أبو مسعود الثقفي أو الدمشقي، كذا الثقفي؟.
الشيخ: الظاهر الدمشقي.
(المتن)
قوله: لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قال النووي وغيره ما معناه: أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مجزية بسقوط الفرض عنه.
ولا بد من هذا التأويل في هذا الحديث، فإن العلماء متفقون على أنه لا يلزم من أتى العراف إعادة صلاة أربعين ليلة انتهى ملخصًا.
(الشرح)
المراد هنا: ليس له ثواب، لا ثواب له وإن كانت صلاته مجزئة يعني: يسقط عنه الفرض لكن لا ثواب له، نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
قوله: وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: من أتى كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ. رواه أبو داود وفي رواية أبي داود: أو امْرَأَتَهُ قال مسدد: امْرَأَتَهُ حَائِضًا، أَوْ أَتَى امْرَأَةً.
قال مسدد: امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ.
(الشرح)
وهذا وعيد شديد، دليل على أنه من الكبائر، الكبيرة: هي ما تُوعد عليه بالنار أو اللعنة والغضب أو برء منه النبي ﷺ كما برء من الحالقه (.....) أو قال: لَيْسَ مِنَّا أو نفى عن صاحبه الإيمان.
السائل: (.....)؟.
الشيخ: نعم، يخبر عن مغيبات المستقبل أنه سيحدث كذا وكذا، له من الجن من يأتيه يقول: يحصل كذا وكذا.
(المتن)
قوله: وللأربعة والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ هكذا بيض المصنف لاسم الراوي، وقد رواه أحمد والبيهقي والحاكم عن أبي هريرة مرفوعا.
قوله: مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ قال القرطبي المراد بالمنزل: الكتاب والسنة.
قوله: ولأبي يعلي بسند جيد عن ابن مسعود مثله مرفوعًا.
(الشرح)
لأن السنة وحيٌ ثاني، فالسنة لفظها من الرسول ومعناها من الله، قال تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم/4].
بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ فالذي أُنزل على محمد؛ الكتاب والسنة، والحديث القدسي مثل القرآن لفظه ومعناه من الله، والحديث القدسي كذلك لفظه ومعناه من الله، والحديث غير القدسي مثل: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى لفظه من الرسول ﷺ ومعناه من الله، وحي.
(المتن)
(الشرح)
لاشك أن هذه الأحاديث صريحة في كفره، لكن هل هو كفر أكبر، قال بعضهم: كفرٌ أكبر، وقيل: كفرٌ أصغر، ومن العلماء من توقف، والصواب أنه كفر أكبر إذا كان يصدقه في دعوى علم الغيب، إذا صدقه في دعوى علم الغيب فهو كفرٌ أكبر؛ لأنه مكذب لله، أما إذا صدقه في شيء آخر فيما يتعلق بالعلاج أو شيء آخر فهذا محل نظر وتأمل هل هو كفر أكبر أم كفر أصغر.
السائل: (.....)؟.
الشيخ: موقوفًا عليه، يعني: لم يُرفع للنبي ﷺ، يعني: من كلام ابن مسعود.
(المتن)
قوله: لَيْسَ مِنَّا دليل على نفي الإيمان الواجب، وهو لا ينافي ما تقدم من أن الطيرة شرك والكهانة كفر.
قوله: "رواه البزار" هو أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق أبو بكر البزار البصري صاحب المسند الكبير، روى عن ابن المثني وخلق.
(الشرح)
هذا من الأدلة على أن هذا الشيء كبيرة من كبائر الذنوب، مثل: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا هذا من الكبائر.
(المتن)
قوله: "رواه البزار" هو أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق أبو بكر البزار البصري صاحب المسند الكبير، روى عن ابن المثني وخلق. مات سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
قوله: "قال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق"، هذا الأثر رواه الطبراني عن ابن عباس مرفوعا وإسناده ضعيف. قوله: "ما أرى" يجوز فتح الهمزة بمعنى لا أعلم، ويجوز ضمها بمعنى لا أظن.
(الشرح)
ما أُرى يعني: لا أظن، ما أَرى: ما أعلم، "ما أُرى له عند الله من خلاق" يعني: ما أظن له من نصيب، "ما أَرى " ما أعلم له في الآخرة من نصيب.
(المتن)
(الشرح)
مكتوبة في بعض كتب الأطفال: أبجد، هوز، حطي،كلمن، (.....) قرشت، (.....) كذلك أيضًا يُعرف بها وفيات الأئمة مثل: أبجد، الألف:1، الباء: 2، الجيم: 3، الدال: 4.
هوز: الهاء: 5، الواو: 6، الزاي: 7، حَتَّى تصل 10، ثم تنتقل من العشرة إلى العشرين ثم الثلاثين حَتَّى تصل إلى المائة ثم من المائة للمائتين حَتَّى تصل إلى الألف.
ويُحفظ بها وفيات الأئمة الأربعة: فنعمان قا، وطعقٌ لابن مالك، وللشافي درٌ، ورامٌ لابن حنبلي.
نعمان قا؛ ق: 40، والألف: مائة؛ 141.
وطعقٌ لابن مالك؛ الطاء: 9، والعين: 70، والقاف: مئة؛ 179.
وللشافي درٌ؛ الدال: 4، الراء: 200؛ 204.
ورامٌ لابن حنبلي؛ الراء، والألم، والميم، يعني: 241.
فتحفظ بهذه الحروف الوفيات، هذا لا بأس به إذا استعملها لذلك، لكن يستعملها ويدعي بها علم الغيب، يستعملها للتهجي أو ضبط وفيات الأئمة والعلماء فلا بأس بذلك، أما إذا استعملها وادعى بها علم الغيب فهذا هو الممنوع الذي أراده ابن عباس في قوله: "ما أَرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق".
السائل: (.....)؟.
الشيخ: الشرك، هو عبادة غير الله معه، والكفر: هو جحد توحيد الله وحقه.
(المتن)
(الشرح)
ينظرون معناه يعتقدون ليس المراد النظر فقط.
(المتن)
وفيه الحذر من كل علم لا تعلم صحته من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وقد ورد النهي عنها والتحذير من قرب أهلها وسؤالهم وتصديقهم فيما أخبروا به من باطلهم، فما أكثر من يغتر بهذه الأمور.
فيه مسائل:
الأولى: لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
(الشرح)
لأن تصديق الكاهن كفر ولا يجتمع الكفر مع الإيمان.
(المتن)
(الشرح)
لأنه قال: فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ هذا تصريح.
(المتن)
(الشرح)
ومن تُفعل له الكهانة وأنه عليه الوعيد الشديد لانه راضي بذلك.
(المتن)
(الشرح)
يعني تُفعل له الطِيرة.
(المتن)
(الشرح)
يُفعل له السحر.
(المتن)
(الشرح)
يعني: حروف الأبجدية ينظر في النجوم ويدعي أن لها تأثيرًا.
(المتن)
(الشرح)
الكاهن: الذي يخبر عن المستقبل.
العراف: الذي يدعي معرفة الأمور.
وقيل: العراف والكاهن بمعنى واحد.