بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشارح رحمه الله تعالى:
(المتن)
قوله: "باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء" وقول الله تعالى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة/82]؛ أي من الوعيد، والمراد نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء، جمع نوء وهي منازل القمر.
قال أبو السعادات: وهي ثمان وعشرون منزلة ينزل القمر كل ليلة منزلة منها كما قال تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ [يس/39]؛ يسقط في المغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة له مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلتها ذلك الوقت من المشرق وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبونه إلى النجم الساقط ويقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، وإنما سمي نوءا؛ لأنه إذا سقط منها الساقط ناء الطالع بالمشرق أي نهض وطلع.
(الشرح)
لأنه رقيبٌ له، إذا سقط هذا طلع هذا، إذا سقط النجم في المغرب طلع رقيبه في المشرق، ناء يعني: نهض، إذا سقط هذا ناء هذا، يعني: ظهر وطلع.
(المتن)
قوله تعالى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة/82]؛ روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن علي قال: قال رسول الله ﷺ: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ يقول شُكْرُكُمْ، أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ تَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا.
روي ذلك عن علي وابن عباس وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغيرهم وهو قول جمهور المفسرين وبه يظهر وجه استدلال المصنف رحمه الله تعالى بالآية.
وقال ابن القيم: أي تجعلون حظكم من هذا الرزق الذي به حياتكم التكذيب به يعني القرآن.
قال الحسن: تجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن أنكم تكذبون، قال: وخسر عبدٌ لا يكون حظه من القرآن إلا التكذيب.
قوله: "وعن أبي مالك الأشعري" أبو مالك اسمه الحارث الشامي صحابي تفرد عنه بالرواية أبو سلام وفي الصحابة أبو مالك الأشعري اثنان غير هذا.
قوله: أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: ستفعلها هذه الأمة إما مع العلم بتحريمها أو مع الجهل بذلك مع كونها من أعمال الجاهلية، يدل على أنه يجب على كل مسلم أن يجتنبها، والمراد بالجاهلية هنا ما قبل المبعث، وفاعلها آثمٌ يجب أن يُنهى عنها، ومتى وجد الشرك وجدت هذه الأمور المنكرة وغيرها من المنكرات.
قال شيخ الإسلام: أخبر أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم ذما لمن لم يتركه، وهذا يقتضي أن كل ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم فهو مذموم في دين الإسلام، وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لها، ومعلوم أن إضافتها إلى الجاهلية خرج مخرج الذم، وهذا كقوله تعالى: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب/33]؛ فإن في ذلك ذما للتبرج، وذما لحال أهل الجاهلية الأولى، وذلك يقتضي المنع من مشابهتهم في الجملة.
قوله: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ أي التعاظم على الناس بالآباء ومآثرهم وذلك جهل عظيم إذ لا كرم إلا بالتقوى كما قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات/13].
ولأبي داود عن أبي هريرة مرفوعًا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ... الحديث.
قوله: وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ أي الوقوع فيها بالعيب والنقص، ولما عير أبو ذر رجلًا بأمه قال النبي ﷺ: أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ متفق عليه، فدل على أن الطعن في الأنساب من عمل أهل الجاهلية، وأن المسلم قد يكون فيه شيء من هذه الخصال المسماة بجاهلية ويهودية ونصرانية ولا يوجب ذلك كفره ولا فسقه، قاله شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.
قوله: وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ تقدم معناه، فإذا قال قائلهم: مطرنا بنجم كذا وبنوء كذا فلا يخلو، إما أن يعتقد أن له تأثيرًا في نزول المطر، فهذا شرك وكفر لنسبة المطر لغير من أنزله وهو الله وحده، وإما مع إطلاق هذا اللفظ فقد صرح ابن مفلح في "الفروع" بتحريمه، وكذلك صاحب "الإنصاف" ولم يذكرا خلافًا.
قوله: وَالنِّيَاحَةُ أي رفع الصوت بالندب على الميت وضرب الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك، وهي من الكبائر لشدة الوعيد والعقوبة كما في هذا الحديث.
قوله: النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا فيه تنبيه على أن التوبة تكفر الذنب.
قوله: تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ السربال واحد السرابيل وهي الثياب والقُمص، هذه سرابيل أهل النار يعني يلطخن بالقطران حتى يكون اشتعال النار بأجسادهن أعظم، ورائحتهن أنتن، وروي عن ابن عباس أن القطران هو النحاس المذاب.
قوله: وعن زيد بن خالد الجهني صحابي مشهور مات سنة ثمان وستين، وقيل غير ذلك، وله خمس وثمانون سنة.
قوله: صَلَّى لَنَا أي بنا، قال الحافظ: "وفيه إطلاق ذلك مجازا".
قوله: "بالحديبية" بتخفيف يائها وقد تثقل.
قوله: "على إثر" بكسر الهمزة وسكون الثاء المثلثة على المشهور وهو ما يعقب الشيء.
قوله: "سماء" أي مطر.
قوله: "فلما انصرف من صلاته" أي إلى المأمومين.
قوله: هَلْ تَدْرُونَ؟ لفظ استفهام ومعناه التنبيه، وفي النسائي: أَلَمْ تَسْمَعُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمُ اللَّيْلَةَ؟ وفيه إلقاء العالم المسألة على أصحابه ليختبرهم.
قوله: «قالوا: الله ورسوله أعلم» فيه حسن الأدب للمسئول إذا سئل عما لا يعلم أن يكل العلم إلى عالمه، وذلك يجب.
قوله: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي؛ لأنه نسب الفعل إلى فاعله الذي لا يقدر عليه غيره.
قوله: وَكَافِرٌ إذا اعتقد أن للنوء تأثيرا في إنزال المطر، فهذا لأنه شرك في الربوبية والمشرك كافر.
قوله: فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فالفضل والرحمة صفتان لله تعالى.
قوله: "ولهما من حديث ابن عباس معناه، وفيه: قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فأنزل الله تعالى هذه الآية: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [الواقعة/75]؛ إلى قوله: تُكَذِّبُونَ تقدم معناه قريبًا.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية الواقعة.
(الشرح)
يعني: هل شكركم على ما أعطاكم من الخير والنعمة والرزق أنكم تنسبونها إلى غير الله وتقولون من نوء كذا وكذا!.
(المتن)
الثانية: ذكر الأربع من أمر الجاهلية.
الثالثة: ذكر الكفر في بعضها.
(الشرح)
الاستسقاء بالنجوم.
(المتن)
(الشرح)
كفر أصغر وكفر أكبر، هذا هو الصواب الذي عليه الجمهور، والأحناف يقولون: كفرٌ مجازي وكفر حقيقي، فيقولون الكفر الأصغر كفر مجازي، وإلا كان على الكفر الأكبر الحقيقي، وهذا خطأ.
(المتن)
(الشرح)
فمنهم من نسبها إلى الله وأضافها إلى الله وشكر النعمة فهذا مؤمن، ومنهم من نسبها إلى النجم فهذا مشرك.
(المتن)
(الشرح)
أن يتفطن في هذا الموضع في وقت نزول المطر وينسب النعمة إلى الله.
(المتن)
(الشرح)
كذلك يتفطن للإيمان والكفر.
(المتن)
(الشرح)
يعني: قول الناس: لقد صدق نجم كذا وكذا.
(المتن)
(الشرح)
حَتَّى يتأمل الجواب.
بركة.
السائل: بعض الإخوان من مصر في المسألة السابقة في قضية اختلاف التوقيت بين مصر والمملكة ذكر أنه لا فرق بين التوقيتين إلا شيء يسير يعني أعظم ما وصل الفارق بين الصلاتين سبع دقائق فقط وأقله يقول توقيت الظهر في مصر: 11:58 دقيقة، والسعودية 11:57 دقيقة؟.
الشيخ: يعني تختلف حَتَّى المدن في المملكة تختلف، الآن في الظهر عادي ولكن في اختلاف الفجر كبير، التفاوت هذا بين المدن، وكذلك معروف أن مصر فيها أكثر من هذا.
السائل: هو يقول الفرق: 59 دقيقة في الظهر، و55 دقيقة في العصر، والمغرب 56 دقيقة، والعشاء 53 دقيقة،والفجر 52 دقيقة.
الشيخ: عندنا الحدود الشمالية في فرق ساعة الآن تقريبًا هناك في تبوك ساعة كاملة، بينها وبين الرياض تقريبًا، إذا كنا نصلي العشاء تسع يكونون هم عشر، وفي الفجر ساعة.