شعار الموقع
  1. الصفحة الرئيسية
  2. الدروس العلمية
  3. العقيدة
  4. كتاب قرة عيون الموحدين
  5. قرة عيون الموحدين 18 تابع باب قول الله تعالى إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

قرة عيون الموحدين 18 تابع باب قول الله تعالى إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

00:00
00:00
تحميل
78

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين؛ أَمَّا بَعْد: ...

(المتن)

قَالَ الشيخ عبد الرحمن بْن حسن رحمه الله تعالى في شرح كتاب التوحيد:

قوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت/10].الآية.

قال ابن القيم: الناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين: إما أن يقول أحدهم آمنا، وإما أن لا يقول ذلك، بل يستمر على السيئات والكفر، فمن قال آمنا امتحنه ربه وابتلاه. والفتنة: الابتلاء والاختبار، ومن لم يقل آمنا فلا يحسب أنه يعجز الله ويفوته ويسبقه، فلا بد من حصول الألم لكل نفس آمنت، أو رغبت عن الإيمان، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، والمعرض عَنْ الإيمان تحصل له اللذة ابتداء، ثم يصير له الألم الدائم.

(الشرح)

كما قَالَ الله تعالى عَنْ قوم موسى: قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [الأعراف/129]. وَقَالَ: إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف/128].

فالعاقبة لسان الحال للمتقين, لَكِن في أول الْأَمْرِ لَابُدَّ أن يصيبهم شدة ابتلاء وامتحان؛ ثُمَّ تكون العاقبة لهم في آخر الْأَمْرِ في الدنيا والعاقبة الحمد لله في الآخرة.

(المتن)

 والإنسان لا بد أن يعيش مع الناس، والناس لهم تصورات وإرادات، فيطلبون منه أن يوافقهم عليها، وإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه، وإن وافقهم حصل له العذاب تارة منهم وتارة من غيرهم إلى أن قال: فالحزم كل الحزم في الأخذ بما قالت أم المؤمنين لمعاوية رضي الله عنهما : " من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئًا ".

فمن هداه الله وألهمه رشده ووقاه شر نفسه امتنع من الموافقة على فعل المحرم وصبر على عداوتهم، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، كما كانت للرسل وأتباعهم.

ثم أخبر تعالى عن حال الداخل في الإيمان، وأنه إذا أوذي في الله جعل فتنة الناس له هي أذاهم، ونيلهم إياه بالمكروه وهو الألم الذي لا بد أن ينال الرسل وأتباعهم ممن خالفهم جعل ذلك في فراره منه، وتركه السبب الذي يناله به كعذاب الله الذي فر منه المؤمنون بالإيمان.

فالمؤمنون لكمال بصيرتهم فروا من ألم عذاب الله إلى الإيمان، وتحملوا ما فيه من الألم الزائل المفارق عن قريب، وهذا من ضعف بصيرته فر من ألم أعداء الرسل إلى موافقتهم ومتابعتهم، ففر من ألم عذابهم إلى ألم عذاب الله، فجعل ألم فتنة عذاب الناس في الفرار منه بمنزلة عذاب الله، وغبن كل الغبن إذا استجار من الرمضاء بالنار، وفر من ألم ساعة إلى ألم الأبد، وإذا نصر الله جنده وأولياءه، قال: إني كنت معكم والله عليم بما انطوى عليه صدره من النفاق" اهـ.

(الشرح)

ضعيف الإيمان هَذَا لا يصبر عَلَى الشدة ولا يصبر عَلَى الألم, إن أصابه خير اطمئن واستمر عَلَى إيمانه, وإن أصابته فتنة انقلب عَلَى وجهه, كما قَالَ تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ؛ يَعْنِي ارتد خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ  [الحج/11. نعوذ بالله

وقوله: وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ [العنكبوت/10].

هؤلاء المنافقون وضعفاء الإيمان إن جاء نصر وخير قَالُوا: معكم, وإن أصاب الْمُؤْمِنِينَ شدة أو نكسة ارتدوا وأظهروا ما هم فِيهِ من الكفر وصاروا مَعَ الكافرين نسأل الله العافية.

(المتن)

قوله: وعن أبي سعيد مرفوعًا: إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ أَنْ تُرْضِي النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ، وَأَنْ تَذُمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ، إِنَّ رِزْقَ اللهِ لاَ يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلاَ تَرُدُّهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ.

هذا الحديث رواه أبو نعيم في "الحلية" والبيهقي وأعله بمحمد بن مروان السدي، وقال ضعيف، وتمام هذا الحديث: وأنه بحكمته جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضا, وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسُّخْطِ.

قوله: إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ الضعف بفتح وسكون وتضم ضاده مع سكون العين وتحرك عينه مع فتح الضاد: ضد القوة.

(الشرح)

يقال: ضُعْف وضَعْف وضَعَف.

(المتن)

قال ابن مسعود: اليقين الإيمان كله، والصبر نصف الإيمان.

قوله: أَنْ تُرْضِي النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ أي أن تؤثر رضاهم على ما يرضي الله، وذلك إذا لم يقم بقلبه من إعظام الله وإجلاله وهيبته ما يمنعه من إيثار رضى المخلوق بما يجلب له سخط خالقه وربه ومليكه الذي يتصرف في القلب. وبهذا الاعتبار يدخل في نوع من الشرك؛ لأنه آثر رضى المخلوق على رضى الله، وتقرب إليه بما يسخط الله، ولا يسلم من هذا إلا من سلمه الله تعالى.

قوله: وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ أي على ما وصل إليك من أيديهم بأن تضيفه إليهم وتحمدهم عليه، والله تعالى هو الذي كتبه لك وسيره لك، فإذا أراد أمرا قيض له أسبابًا، ولا ينافي هذا حديث: مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ؛ لكون الله ساقه على أيديهم فتدعو لهم أو تكافئهم لحديث مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ.

قوله: وَأَنْ تَذُمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ لأنه لم يقدر لك ما طلبته على أيديهم فلو قدر ساقه إليك. فمن علم أن الله وحده هو المتفرد بالعطاء والمنع بمشيئته وإرادته، وأنه الذي يرزق العبد بسبب وبلا سبب، ومن حيث لا يحتسب لم يسأل حاجته إلا من الله وحده، ولعل ما منع من ذلك يكون خيرًا له، ويحسن الظن بالله سبحانه ولا يرغب إلا إليه ولا يخاف إلا من ذنبه، وقد قرر هذا المعنى في الحديث بقوله: إِنَّ رِزْقَ اللهِ لاَ يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلاَ تَرُدُّهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ.

وقال شيخ الإسلام: اليقين يتضمن القيام بأمر الله تعالى وما وعد الله به أهل طاعته، ويتضمن اليقين بقدر الله وخلقه وتدبيره. فإذا أرضيتهم بسخط الله ولم تكن موقنًا لا بوعده ولا برزقه فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما ميل إلى ما في أيديهم فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم.

وإما ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة، فإنك إذا أرضيت الله نصرك ورزقك وكفاك مؤنتهم.

وإرضاؤهم بما يسخطه، إنما يكون خوفا منهم ورجاء لهم وذلك من ضعف اليقين. وأما إذا لم يقدر لك ما تظن أنهم يفعلونه معك فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم، فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فإذا ذممتهم على ما لم يقدر لك كان ذلك من ضعف يقينك، فلا تخفهم ولا ترجهم ولا تذمهم من جهة نفسك وهواك، ولكن من حمده الله ورسوله منهم فهو المحمود، ومن ذمّه الله ورسوله منهم فهو المذموم، ودل الحديث على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن الأعمال من مسمى الإيمان.

(الشرح)

نعم فِيهِ الرد عَلَى المرجئة الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لا يزيد ولا ينقص بَلْ هُوَ شيء واحد, وأن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان, قف عَلَى هَذَا.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد