بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين؛ أَمَّا بَعْد: ...
قَالَ الشيخ عبد الرحمن بْن حسن رحمه الله تعالى في شرح كتاب التوحيد.
(المتن)
قوله: مَنِ التَمَسَ أي طلب، قال شيخ الإسلام: "مَنِ التَمَسَ" وكتبت عائشة رضي الله عنها إلى معاوية رضي الله عنه ويروى أنها رفعته: مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا هذا لفظ المرفوع، ولفظ الموقوف: " من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله عاد حامده من الناس ذامًا "وهذا من أعظم الفقه في الدين، فإن من أرضى الله بسخطهم كان قد اتقاه، وكان عبده الصالح، والله يتولى الصالحين، والله كاف عبده. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق/2-3]. والله يكفيه مؤنة الناس بلا ريب، ومن أرضى النَّاس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا كالظالم الذي يعض على يديه، وأما كون حامده ينقلب ذاما فهذا يقع كثيرًا ويحصل في العاقبة فإن العاقبة للتقوى لا تحصل ابتداء عند أهوائهم. انتهى.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية آل عمران.
(الشرح)
وَهِيَ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران/175]؛ الشيطان يخوف أوليائه، يخوف الْمُؤْمِنِينَ أوليائه وحزبه بتعظيمهم في صدورهم.
(المتن)
(الشرح)
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة/18].
الشاهد: وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ، فِيهِ بيان خشية الله وَأَنَّهَا من الأعمال العظمية الَّتِي تبعث عَلَى العمل الصالح.
(المتن)
(الشرح)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت/10].
هَذَا ضعيف الإيمان، أو المنافق الَّذِي يخاف النَّاس فيجعل أذية النَّاس كعذاب الله؛ فيضعف عَنْ العمل.
(المتن)
(الشرح)
صحيح، لاشك أن اليقين يضعف ويقوى، والإيمان يزيد وينقص، واليقين قوله: إِنَّهُ يضعف اليقين أن ترضي النَّاس بسخط الله، فَإِذَا أرضيت الله بسخط النَّاس قوي اليقين، وإذا أرضيت النَّاس بسخط الله ضعف اليقين، فاليقين يضعف ويقوى.
(المتن)
(الشرح)
نعم إن من ضعف اليقين أن ترضي النَّاس بسخط الله وأن تحمدهم عَلَى رزق الله وأن تذمهم عَلَى ما لَمْ يأتيك الله، هَذِهِ الثلاثة تضعف اليقين.
(المتن)
(الشرح)
لاشك والمراد خوف العبادة خوف السر، هَذَا يَجِبُ إخلاصه لله، فَإِذَا صرفه لله وقع في الشِّرْك، كأن يخاف من الميت أن يقطع رزقه أو يسلط عَلَيْهِ عدوه أو يدخله النَّار أو يحرمه من دخول الْجَنَّةَ هَذَا خوف الشِّرْك، هَذَا خوف العبادة، هَذَا يَجِبُ إخلاصه لله الخوف لله، من خاف من غير الله فقد وقع في الشِّرْك، أَمَّا الخوف الطبيعي كالخوف من العدو أو السبع فيأخذ حذره، الخوف من البرد فيلبس ثياب يستدفأ بها، ويخاف من الجوع فيأكل أو من العطش فيشرب هَذَا خوف طبيعي.
(المتن)
(الشرح)
وأن له الأجر العظيم، العاقبة الحميدة له، فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة/18].
(المتن)
(الشرح)
نعم من ترك الخوف فَإِنَّهُ يسلط عَلَيْهِ المخلوقون ويعد ذامه حامدًا.