شعار الموقع

قرة عيون الموحدين 26 باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

00:00
00:00
تحميل
62

بسم الله الرحمن الرحيم

(المتن)

قوله: "باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ".

أراد المصنف رحمه الله بهذه الترجمة وما بعدها أن العمل لأجل الدنيا كالرياء في بطلان العمل إن استرسل معه، كمن يطلب العلم لتحصيل وظيفة التعليم، كحال أهل المدارس وأئمة المساجد والمجاهدين ونحوهم.

(الشرح)

ما يقصده إمام المسجد لأجل الدنيا، كذلك الجهاد لأجل الدنيا فقط، لكن إن قصد الأمرين هذا وهذا لله والحصول على المال، هذا جاءت الأدلة على أنه يحصل له من الأجر على قدر إخلاصه، مثل ما جاء في الحديث: مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ، إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ، وكذلك أيضًا المجاهد الذي يأخذ معه خادم ويعطيه بعض الأجرة من المغنم.

(المتن)

ممن يقصد بعمله الصالح أمر دنيا، وقد وقع ذلك كثيرًا حتى أن كثيرًا منهم من يحرص على سفر الجهاد لما يحصل له فيه من جهة أمير الجيش واجتماعه به وأمره له ونهيه وقربه منه ونحو ذلك.

(الشرح)

ممكن يكون بقصده شيء آخر وهو إعلاء كلمة الله.

(المتن)

قوله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا [هود/15]؛الآيتين.

قال ابن عباس: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا أي ثوابها، وَزِينَتَهَا أي مالها، نُوَفِّ نوفر، إِلَيْهِمْ ثواب، أَعْمَالَهُمْ بالصحة والسرور في المال والأهل والولد، وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ لا ينقصون ثم نسختها: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لمن نريد [الإسراء/18]؛ الآية. رواه البخاري في ناسخه.

(الشرح)

هذا ليس بنسخ، وسبق أنها تخصيص؛ لأن الآية فيها: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا [هود/15]؛ من أراد الدنيا أعطاه الله الدنيا.

ومثله آية الشورى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا [الشورى/20]؛ مثل هذه الآية من أراد الدنيا أتاه الله.

وآية الإسراء: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [الإسراء/18]؛ لمن أراد الله، بعضهم يطلب الدنيا ما أراد الله، فبعضهم يطلب الدنيا ويُعطي الدنيا وهذا مقيد بما أراد الله، ليس كل من طلب الدنيا يُعطاها، بل بعضهم يلقاه وبعضهم لا يلقاه والدليل آية الإسراء، لكن هذه الآية: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا [هود/15].

وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا [الشورى/20]؛ لكن هذا ليس نسخ.

(المتن)

ثم نسختها: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لمن نريد [الإسراء/18]؛ الآية. رواه البخاري في ناسخه.

(الشرح)

هذا على قول بعض المتقدمين يسمون التخصيص نسخ، أما المتأخرون فلا يسمونه نسخ إلا إذا كان رفع للحكم، أما إذا كان رفع لبعض الحكم هذا يسمى تخصيص، على الاصطلاح، فالمتقدمون يسمون نسخ والمتأخرون يسمونه تخصيص؛ لأن ما نُسخت الآية إنما فيه نسخ لبعض الحكم، من أراد الله.

الطالب: عندي تعليق نقلته من التيسير، يقول: أي قيدتها أو خصصتها، فإن السلف كانوا يسمون التقييد والتخصيص نسخًا وإلا فالآية محكمة.

الشيخ: نعم، (.....)الآية باقية لكن المراد التقييد.

(المتن)

وأخرج ابن جرير بسنده المتصل عن شفي بن ماتع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى العِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ، فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ القُرْآنَ، وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ المَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ: أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ المَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ المَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ المَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: فِي مَاذَا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ: أُمِرْتُ بِالجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ المَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَرِيءٌ , فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. ثم ضرب رسول الله ﷺ على ركبتي فقال: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ.

(الشرح)

الشيخ: رواه مسلم في صحيحه.

الطالب: نعم، عندي تخريج: ورواه أيضًا مسلم في الإمارة باب: من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، والترمذي في الزُهد، والنسائي في الجهاد، وأحمد في المسند.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد