بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين؛ أَمَّا بَعْد: ...
(المتن)
قَالَ الشيخ عبد الرحمن بْن حسن رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين:
قوله: "باب قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة/22].
الند المثل والنظير، وجعل الند لله هو صرف أنواع العبادة أو شيء منها لغير الله كحال عبدة الأوثان الذين يعتقدون فيمن دعوه ورجوه أنه ينفعهم ويدفع عنهم، ويشفع لهم، قال تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة/22].
قال العماد ابن كثير في تفسيره: قال أبو العالية: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة/22].
قال: عدلاء شركاء، وهكذا قال الربيع بن أنس وقتادة والسدي وأبو مالك وإسماعيل بن أبي خالد.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة/22]. أي لا تشركوا بالله شيئا من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون أنه ربكم لا يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم الرسول ﷺ إليه من توحيده هو الْحَقّ الذي لا شك فيه.
وقال مجاهد: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة/22]؛ قال: تعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل.
قوله: "وعن ابن عباس في الآية: " الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل وهو أن تقول: والله وحياتِك يا فلان، وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا لأتانا اللُّصوص ، ولولا البطّ في الدّار لأتانا اللُّصوص وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان لا تجعل فيها فلان هذا كله به شرك "
وهذا من ابن عباس رضي الله عنهما تنبيه بالأدنى من الشرك على الأعلى.
(الشرح)
الطالب: ماذا عن البط؟.
الشيخ: كأن البط يصوت له صوت، يصوت إِذَا جاء أحد.
(المتن)
(الشرح)
لاشك أَنَّهُ كفر دون كفر، هَذَا الأصل من حلف بغير الله كفر أصغر، وَقَدْ يكون كفر أكبر إِذَا اعتقد أن إشراك شيء من العبادة أو عظمه كتعظيم الله صار شرك أكبر، وإلا فالأصل أَنَّهُ شِرْكٌ أصغر.
الطالب: الصواب يا شيخ عن ابن عمر، الحديث مروي عن ابن عمر؟.
الشيخ: وعن من هذا؟.
الطالب: عَنْ عمر، قَالَ في الحاشية في تيسير العزيز الحميد: هكذا وقع في الكتاب وصوابه عَنْ اِبْن عمر كَذَلِكَ أخرجه أحمد وأبي داود والترمذي والحاكم وصححه اِبْن حبان وَقَالَ الزين العراقي في أماليه رجاله ثقات.
(المتن)
(الشرح)
وَهَذَا من فقه اِبْن مسعود ، ولهذا يَقُولُ: " لِأَنَّ أحلف بالله كاذبًا أحب إليَّ من أن أحلف بغيره صادقًا "؛ لِأَنَّ الحلف بالله توحيد، والحلف بغير الله شِرْكٌ، والحلف بالله كاذبًا هَذَا كذب هَذِهِ معصية، وصادقًا هَذَا الصِّدْق مع الصِّدْق، فقارن بين حسنة التوحيد وسيئة الشِّرْك، وسيئة الكذب تقابلها حسنة الصِّدْق، الحلف بغير الله صادق مَعَ حسنة التوحيد، حسنة الصِّدْق لَكِن معها سيئة الشِّرْك، وإذا حلف بالله كاذبًا معها سيئة الكذب لَكِن معها حسنة التوحيد، فلهذا صار قول اِبْن مسعود : " لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا "؛ لِأَنَّ سيئة الشِّرْك أعظم من سيئة الكذب، وحسنة التوحيد أعظم من حسنة الصِّدْق.
(المتن)
(الشرح)
تخريجه تكلم عَلَيْهِ؟.
الطالب: أحسن الله إليك، قَالَ: أخرجه أبو داود في السنن وَهُوَ مخرج في السلسلة الصحيحة.
(المتن)
(الشرح)
نعم لِأَنَّهُ قَالَ: نعوذ بالله وبك، هَذِهِ الواو تقتضي الجمع والتسوية، فلا يسوى المخلوق بالخالق، أَمَّا الفاء فإنها تَأْتِيَ للترتيب، وثم تَأْتِيَ للترتيب والتراخي، فلا بأس بالإتيان بـ ثُمَّ، ما شاء الله ثُمَّ شئت؛ لِأَنَّهَا تَأْتِيَ للترتيب والتراخي، والواو فإنها لمطلق الجمع والتسوية، ولا يسوى بين الخالق والمخلوق.
(المتن)
(الشرح)
كما سبق لِأَنَّ الواو تقتضي التشريك والجمع، ولا يشرك الخالق بالمخلوق، أَمَّا ثُمَّ تَأْتِيَ للترتيب والتراخي، فتكون مشيئة المخلوق بَعْدَ مشيئة الخالق متراخية، ولهذا كره إبراهيم النخعي قول: نعوذ بالله وبك، ويجوز ثُمَّ بك؛ لِأَنَّ ثُمَّ للترتيب والتراخي.
الطالب: الفاء يا شيخ؟.
الشيخ: الفاء تفيد الترتيب بدون تراخي، وثم تفيد الترتيب وتراخي.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: لولا أن يأتي مثل ما جاء في الحديث لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ، الترتيب والتراخي.
الطالب: سبب التحريم؟.
الشيخ: هَذَا اختلف فِيهِ بين العلماء، من العلماء من قَالَ: إن هَذَا كَانَ الجواب عنه نجيب عنه باجوبه الجواب الاول إن هَذَا كَانَ أولًا قبل النهي عَنْ الحلف بغير الله، كَانَ النَّاس في أول الهجرة يحلفون بآبائهم ثُمَّ نهاهم النَّبِيّ قَالَ: لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ.
وَقِيلَ: المراد أَنَّهَا تصحفت عَلَى بعض الرواة، أراد أن يَقُولُ: أفلح والله، تصحفت عَلَيْهِ وأبيك، وَقِيلَ: كلمة انتزعها اللسان من غير قصد، (.....)لَكِن أرجحه الأول، أن هَذَا قبل النهي.
الطالب: كراهة تحريم.
الشيخ: نعم.
(المتن)
(الشرح)
نعم قول: أعوذ بالله ثُمَّ بك، ما شاء الله ثُمَّ شئت هَذَا الحي الحاضر القادر، أَمَّا أن يَقُولُ للميت: أعوذ بالله ثُمَّ بك لا، الميت ليس له قدرة، هَذَا للحي الحاضر، تقول: ما شاء الله ثُمَّ شئت، هَذَا للحي الحاضر، أَمَّا الميت فلا.
الطالب: أحسن الله إليك ما جاء في الحديث الآخر لما قَالَ الرجل للنبي ﷺ ما شاء الله وشئت، قَالَ: أَجَعَلْتَنِي لِلَّهِ نِدًا؟
الشيخ: هَذَا يحمل عَلَى الأكمل، بَلْ ما شاء الله وحده.
تكون الأحوال ثلاثة:
الحال الأول: أن يَقُولُ: ما شاء الله وشئت هَذَا شِرْك.
الثانية: أن يَقُولُ: ما شاء الله ثُمَّ شئت هَذَا جائز.
الثالثة: أن يَقُولُ: ما شاء الله وحده، هَذَا هُوَ الكمال والأفضل.
(المتن)
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية البقرة في الأنداد.
(الشرح)
فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة/22]؛ وأن التنديد نوعان.
(المتن)
(الشرح)
إذًا الآية نزلت في الشِّرْك الأكبر، فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا [البقرة/22]؛ أيْ لا تشركوا بالله الشِّرْك الأكبر، وفسرها اِبْن عباس: بالتنديد بالشِّرْك الأصغر، فالصحابة يستدلون بما نزل الشِّرْك الأكبر عَلَى الشِّرْك الأصغر، مثل ما فعل حذيفة لما رأى رجلاً في يده خيطا من الحمى قطعه وتلا قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف/106].
فالإيمان هُوَ توحيدهم في الربوبية وَالشِّرْك هُوَ الشِّرْك في العبادة، فاستدل بها حذيفة عَلَى الشِّرْك الأصغر، وَهِيَ نزلت في الشِّرْك الأكبر.
(المتن)
(الشرح)
نعم في الحديث: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ.
(المتن)
الطالب: لأنه شرك حلف بغير الله.
(الشرح)
لِأَنَّ الواو تفيد التشريك والجمع وثم تفيد الترتيب والتراخي.
(المتن)
(الشرح)
بركة.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: محمد وأحمد هَذَا من أوصافه، والمصطفى من أوصافه عَلَيْهِ الصلاه السلام، ويحتمل أَنَّهُ من الأسماء المصطفى، أَمَّا محمود لا، أحمد ومحمد والماحي والحاشر والعاقب.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: هَذَا وصف أو يخبر، يخبر عنه بأنه محمود من أوصافه أَنَّهُ محمود.