بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين؛ أَمَّا بَعْدَ: ...
(المتن)
قَالَ الشيخ عبد الرحمن بْن حسن رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين:
قوله: باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول
أي فقد كفر "وقول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة/65]. الآية" .
قال العماد ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: قال أبو معشر المدني عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: قال رجل من المنافقين: ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عِنْد اللقاء، فرفع ذلك إلى رسول الله ﷺ وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة/65]. فقال: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ؛ إلى قوله مُجْرِمِينَ، وإن رجليه لينسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله ﷺ، وهو متعلق بنسعة ناقة رسول الله ﷺ.
قوله: لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة/66]. أي بهذا المقال الذي استهزأتم به إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ [التوبة/66]. أي لا يعفى عن جميعكم ولا بد من عذاب بعضكم بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة" انتهى.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "وقد أمره الله أن يقول: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة/66]. وقول من يقول: إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولا بقلوبهم لا يصح؛ لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر، فلا يقال قد كفرتم بعد إيمانكم.
(الشرح)
هَذَا كلام عظيم لشيخ الإسلام.
(المتن)
(الشرح)
فدل عَلَى أَنَّهُمْ مؤمنين أولًا ثُمَّ كفروا آخرًا، مؤمنين بالقلب واللسان؛ لِأَنَّهُم لو كَانَوا كفارًا بقلوبهم ومؤمنون بألسنتهم ما قَالَ: قَدْ كفرتم بَعْدَ إيمانكم، ما أثبت لهم الإيمان، فَلَمَّا أثبت الله لهم الكفر بَعْدَ الإيمان دل عَلَى أَنَّهُمْ مؤمنون بقلوبهم وألسنتهم، قَدْ يكون الإيمان عندهم ضعيف.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: ما يكونوا منافقين؛ لِأَنَّ المنافقين كفار.
(المتن)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "وقد أمره الله أن يقول: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة/66]. وقول من يقول: إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولا بقلوبهم لا يصح؛ لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر، فلا يقال قد كفرتم بعد إيمانكم.
فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر، وإن أريد: إنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان، فهم لم يظهروا للناس إلا لخواصهم وهم مع خواصهم ما زالوا كذلك، ولا يدل اللفظ على أنهم ما زالوا منافقين اهـ.
وفيه بيان أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها أو عمل يعمل به، وأشدها خطرًا إرادات القلوب فهي كالبحر الذي لا ساحل له، ومن هذا الباب الاستهزاء بالعلم وأهله وعدم احترامهم لأجله.
(الشرح)
يَعْنِي ينبغي أن يحترس الإنسان من اللسان؛ لِأَنَّ الإنسان قَدْ يكفر بكلمة يخرجها من لسانه، فِيهِ الاحتراز من اللسان، قَدْ يكفر بكلمة يخرجها من اللسان وَقَدْ كَانَ قبل ذَلِكَ مؤمنًا، في الحديث: وَإِنَّ الرجل لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وفي لفظ: يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ.
(المتن)
فيه مسائل:
الأولى: وهي العظيمة: أن من هزل بهذا فهو كافر.
(الشرح)
نعم من هزل بشيء من ذكر الله أو كلام الرسول فَهُوَ كافر.
(المتن)
(الشرح)
كُلّ من فعل ذَلِكَ فالآية تشمله، كائنًا من كان كُلّ من استهزئ أو سخر من ذكر الله أو الْقُرْآن أو الرسول فَهُوَ كافر.
(المتن)
(الشرح)
فرق بين النميمة، النميمة هُوَ الَّذِي ينقل الكلام من شخص إِلَى شخص آخر عَلَى وجه الإفساد، وَأَمَّا النصيحة هُوَ الَّذِي ينصح، يأتي إِلَى الإمام ويخبره بشيء، يأخذ حذره في خطر عَلَى الإسلام وَالْمُسْلِمِين.
وعوف بْن مالك الأشجعي أخبر النَّبِيّ ﷺ وليس هَذَا نميمة بَلْ هَذَا من باب النصيحة، ما فعله عوف بْن مالك حينما نقل الخبر إِلَى النَّبِيّ ﷺ هَذَا من باب النصيحة لله ولرسوله، ليأخذ حذره من هؤلاء.
(المتن)
(الشرح)
الغلظة عَلَى أعداء الله هذا مطلوب والعفو الَّذِي يحبه الله هَذَا العفو إِذَا لَمْ يكن يترتب عَلَى هَذَا العفو ضرر ولا فِيهِ ضرر عَلَى الْمُسْلِمِين فَإِنَّهُ يستحب العفو، قَالَ: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ [المائده/13].
في مكة أمرهم الله بالعفو قبل الهجرة، فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ [الزخرف/89].
(المتن)
(الشرح)
منه هَذَا الَّذِي يعرض بالسخرية بالله وكتابه ورسوله هَذَا عذر لا يقبل من صاحبه، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التوبة والندم وتجديد إسلامه.
بركة.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: لئلا يقال: إن محمد يقتل أصحابه كما في عبد الله بْن أبي، عبد الله بْن أبي منافق رأس الرياء والنبي ﷺ يعلم وَلَمْ يقم عَلَيْهِ وَلَمْ يقتله؛ لِأَنَّه مَعَ الْمُسْلِمِين وينتسب إليهم ويبدو أَنَّهُ أصحابه، وَالنَّاس البعيدون لا يدرون، فَإِذَا قتله قَالُوا: محمد قتل أصحابه، هَذَا بينهم يجاهد معهم ويصلي معهم وقتله، فَهَذِهِ مفسدة فالنبي ﷺ درأ هَذِهِ المفسدة.