بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ: عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في "قرة عيون الموحدين".
(المتن)
قوله: " باب قول الله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف/180]؛ الآية.
أراد رحمه الله تعالى بهذه الترجمة الرد على من يتوسل بذوات الأموات، وأن المشروع هو التوسل بالأسماء والصفات والأعمال الصالحة.
(الشرح)
التوسل بالذات بدعة، بذاته، كأسألك بالنبي بذاته، يتوسل بحرمة فلان بدعة، التوسل بجاه فلان بدعة، التوسل بحق فلان بدعة، هذه من البدع.
(المتن)
(الشرح)
إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا موصفة بأن مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ وله أسماء أخرى ليست موصوفة بهذا الوصف، وليس المراد بالحديث الحصر فإن أسماء الله أكثر من تسعة وتسعين، الدليل عليه الحديث الآخر: اللهم إني أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ يعني هناك أسماء استأثر بها الله في علم الغيب عنده.
(المتن)
وأخرجه الترمذي في جامعه عن الجرجاني عن صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم عن شعيب بسنده مثله وزاد بعد قوله يحب الوتر: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ الغَفَّارُ القَهَّارُ الوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الفَتَّاحُ العَلِيمُ القَابِضُ البَاسِطُ الخَافِضُ الرَّافِعُ المُعِزُّ المُذِلُّ السَّمِيعُ البَصِيرُ الحَكَمُ العَدْلُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ الحَلِيمُ العَظِيمُ الغَفُورُ الشَّكُورُ العَلِيُّ الكَبِيرُ الحَفِيظُ المُقِيتُ الحَسِيبُ الجَلِيلُ الكَرِيمُ الرَّقِيبُ المُجِيبُ الوَاسِعُ الحَكِيمُ الوَدُودُ المَجِيدُ البَاعِثُ الشَّهِيدُ الحَقُّ الوَكِيلُ القَوِيُّ المَتِينُ الوَلِيُّ الحَمِيدُ المُحْصِي المُبْدِئُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ القَادِرُ المُقْتَدِرُ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ الأَوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ الوَالِيَ المُتَعَالِي البَرُّ التَّوَّابُ المُنْتَقِمُ العَفُوُّ الرَّءُوفُ مَالِكُ المُلْكِ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، المُقْسِطُ الجَامِعُ الغَنِيُّ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُورُ.
ثم قال الترمذي: ولا نعلم في كثير من الروايات ذكر الأسماء الحسنى إلا في هذا الحديث، والذي عند بعض الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج، هذا ما ذكره العماد ابن كثير في تفسيره.
(الشرح)
هذا هو الصواب وأن سردها يُدرج في بعض الروايات ليس من كلام النبي ﷺ، ولهذا قال الحافظ في البلوغ والتحقيق: أن سردها يُدرج في بعض الروايات، يعني هذا ليس كلام النبي ﷺ؛ تعدادها.
(المتن)
(الشرح)
والشاهد: أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ. فيه دلال على أن (.....) استأثر به في علم الغيب عنده الأسماء أكثر من تسعة وتسعين، دل على أن الأسماء كثيرة غير منحصرة في تسعة وتسعين حَتَّى قال بعضهم: ان لله ألف اسم.
(المتن)
أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا، وقد أخرجه أبو حاتم وابن حبان في صحيحه.
وقال قتادة في قوله تعالى: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف/180]؛ قال: يشركون. وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: "الإلحاد: التكذيب".
قلت: والشرك تكذيب من المشركين لما أنزله الله في كتابه وبعث به رسوله كما جرى من قريش وغيرهم مع النبي ﷺ وأصحابه، وكما جرى من المشركين من هذه الأمة فلم يأخذوا بالآيات المحكمات في تحريم الشرك والنهي عنه، بل كذبوا بالصدق واعتمدوا على الكذب على الله وعلى كتابه ورسوله ﷺ.
وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد والميل.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وحقيقة الإلحاد فيها الميل بالإشراك والتعطيل والنكران،
وأسماء الرب تعالى كلها أسماء وأوصاف دلت على كماله جل وعلا، والذي عليه أهل السنة والجماعة قاطبة متقدمهم ومتأخرهم إثبات الصفات التي وصف الله بها نفسه، ووصفه بها رسوله ﷺ على ما يليق بجلال الله وعظمته، إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى/11].
وأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحتذى حذوه، فكما أنه يجب العلم بأن لله ذاتً حقيقة لا تشبه شيئًا من ذوات المخلوقين، فله صفات حقيقة لا تشبه شيئًا من صفات المخلوقين، فمن جحد شيئًا مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله ﷺ، أو تأوله على غير ما ظهر من معناه فهو جهمي قد اتبع غير سبيل المؤمنين.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: فائدة جليلة ما يجري صفة أو خبرًا على الرب تعالى أقسام:
أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقولك: ذات وموجود.
الثاني: ما يرجع إلى صفات منعوية كالعليم والقدير والسميع والبصير.
الثالث: ما يرجع إلى أفعاله كالخالق والرازق.
الرابع: التنزيه المحض ولابد من تضمنه ثبوتًا إذ لا كمال في العدم المحض، كالقدوس السلام.
الخامس: ولم يذكره أكثر الناس وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا يختص بصفة معينة، بل دال على معان نحو المجيد العظيم الصمد، فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ولفظه يدل على هذا، فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة، فمنه استمجد المرخ والعقار، وأمجد الناقة: علفها، ومنه: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ [البروج/15]؛ صفة للعرش لسعته وعظمته وشرفه.
وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترنا بطلب الصلاة من الله على رسوله ﷺ كما علمنا ﷺ؛ لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم يقتضيه كما تقول: اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، فهو راجع إلى التوسل إليه بأسمائه وصفاته، وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه.
ومنه الحديث الذي في المسند والترمذي: أَلِظُّوا بِيَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ ومنه: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، فهذا سؤال له وتوسل إليه بحمده وأنه لا إله إلا هو المنان فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته فما أحق ذلك بالإجابة وأعظمه موقعا عند المسئول، وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد.
السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدرٌ زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد، الغفور القدير، الحميد المجيد؛ وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن.
(الشرح)
مثل: النافع الضار، المعطي المانع، الخافض الرافع، القابض الباسط، هذه الأسماء المقترنة لا يُفرد أحدهما عن الآخر، ما تقول الضار وحده، أو المانع وحده، لابد ان تقترن الصفتين.
(المتن)
فإن الغنى صفة كمال والحمد كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر، فله كمال من غنائه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما، وكذلك الغفور القدير، والحميد المجيد، والعزيز الحكيم، فتأمله فإنه من أشرف المعارف.
فيه مسائل:
الأولى: إثبات الأسماء.
(الشرح)
وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف/180].
(المتن)
(الشرح)
وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف/180].
كلها بلغت الحُسن والكمال.
(المتن)
(الشرح)
فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف/180]: التوسل إلى الله بها.
(المتن)
(الشرح)
وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف/180].
(المتن)
(الشرح)
قيل المقصود بانه الشرك (.....)
(المتن)
(الشرح)
سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف/180]؛ هذه تفيد الوعيد.
بركة.