بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ: عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في "قرة عيون الموحدين":
(المتن)
قوله في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْنَّ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.
اختصر المصنف هذا الحديث وتمامه: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ إلى آخره.
قوله: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ أي في دنياك وأخراك، وخص ما ينفع دون ما ليس كذلك مما فيه ضرر أو عدم نفع، وذلك لا يخرج عن الواجب والمستحب والمباح إذا كان نافعًا.
(الشرح)
احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ يعني: من الواجبات والمستحبات والمباحات، كذلك ابتعد عما لا ينفعك مما فيه ضرر أو عدم نفع.
وَاسْتَعِنْ بِاللهِ يعني: اطلب العون من الله.
وَلَا تَعْجَزْنَّ لا تكن عاجزًا وكسل.
وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، هذا من التحسر على القدر، والتحسر على القدر ممنوع، سبق أن لو إن اُستعملت في التحسر على القدر فهذا ممنوع، وإن اُستعملت في الكلام الخير فلا بأس به، فلو هنا لا تستعملها في الاعتراض على القدر والتحسر على ما مضى، فهذا ممنوع، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.
الثاني: تمنى الخير، وهذا لاباس به فال النبي ﷺ (.....) تقل مثلًا: لو علمت درسًا في المسجد لحضرتك، هذا تمني الخير لا بأس به ما يكن ممنوع.
الطالب: أليس ترك المحظور فيه نفي؟.
الشيخ: كيف؟.
الطالب: ترك المعاصي، والآثام والشرك، تركه فيها نفي؟.
الشيخ: إذا سألت الله أن يُبعدك عن المعاصي هذا كسب.
(المتن)
قوله: وَاسْتَعِنْ بِاللهِ؛ لأنه لا يحصل له ذلك إلا إذا كان مستعينًا بالله.
قوله: وَلَا تَعْجَزْنَّنهاه عن العجز؛ لأنه مما يذم به عقلًا وشرعًا، فما أكثر ذلك في الناس، فكم فوت الإنسان على نفسه من الخير وهو يقدر عليه إذا رغب فيه واستعان بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(الشرح)
وَلَا تَعْجَزْنَّ يعني: لا تفشل، يعني لا تتأخر على عمل الخير وأنت قادرٌ عليه، أما إذا كان عاجز ما يستطيع فهو معذور، إذا كانت له نية يُكتب له ما كان يعمله، في الحديث عن ابي موسى الأشعري، يقول النبي ﷺ: إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا فأنت لا يكون عندك كسل وتتكاسل عن العمل وهو قادرٌ عليه، هذا هو المذنوب، أما إذا كان عاجز ما يستطيع هذا معذور، كالمريض.
(المتن)
(الشرح)
يقول: قَدَرُ اللهِ هذا، يعني: هذا قدر الله وما شاء فعله .
(المتن)
لأن أفعاله تعالى إنما تصدر عن حكمة وعلم وفضل وعدل: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف/49].
قوله: فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. أي لما فيها من التأسف على ما فات والحزن فيأثم في ذلك وذلك من عمل الشيطان.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير الآيتين في آل عمران.
(الشرح)
الآية الأولى: يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا [آل عمران/154].
الآية الثانية: الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا [آل عمران/168].
والآيتين فيهما التحسر على ما مضى، والاعتراض على قدر الله فيكون من عمل الشيطان.
(المتن)
(الشرح)
وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ...؛ لأنك حينئذٍ تتحسر على المقدور.
(المتن)
(الشرح)
لأن لو من عمل الشيطان، الشيطان يريد من العبد المعصية، والاعتراض على قضاء الله وقدره، والتحسر، ويثبطه عن فعل الخير.
(المتن)
(الشرح)
الكلام الحسن: قدر الله وما شاء فعل، بدل ما تتحسر على المقدور تتكلم بكلام حسن، قدر الله وما شاء فعل، هذا قدر الله وما شاء فعله وهو الحكيم العليم .
(المتن)
(الشرح)
(الحرص على ما ينفع) يعني: بذل الجهد وفعل الأسباب مع الاستعانة على الله تعالى وطلب العون منه.
(المتن)
(الشرح)
الحرص على فعل الخير والاستعانة بالله، وضده الكسل، يتكاسل ويتأخر على فعل الخير وهو قادر.