بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ: عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في "قرة عيون الموحدين".
(المتن)
قوله: باب قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران/154].
وهذه الآية ذكرها الله تعالى في سياق قوله في ذكر وقعة أحد: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ [آل عمران/154].
يعني أهل الإيمان والثبات والتوكل الصادق، وهم الجازمون بأن الله تعالى ينصر رسوله ﷺ وينجز له مأموله.
(الشرح)
ألقى الله عليهم النعاس أمنةً وثباتًا، ولهذا يقول بعض الصحابة: ألقي النعاس عليه حَتَّى أن ذقنه ليسقط على صدره ويسقط السيف من يديه مرات ويأخذه النعاس، ثبات، أما المنافقون ما يأتيهم النعاس من الهلع والجزع والخوف والذعر ما يأتيهم النعاس: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ [آل عمران/154].
أما المؤمنون أنزل الله في قلوبهم السكينة والثبات فصار ينعس والعدو أمامه الآن والسيف بيده ويسقط السيف مرات، ثباتًا واستقرارًا، وطمأنينة.
(المتن)
ولهذا قال: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ [آل عمران/154]؛ يعني: لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ [آل عمران/154].
كما قال تعالى: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً [الفتح/12].
وهكذا هؤلاء اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة ظنوا أنها الفيصلة، وأن الإسلام قد باد وأهله، وهذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل لهم أمر من الأمور تحصل لهم هذه الأمور الشنيعة.
(الشرح)
والمنافقون أهل ريبٍ وشك، أما المؤمنون ليس عندهم ريب ولا شك، عندهم يقين وطمأنينة.
(المتن)
(الشرح)
يعني: في قوله تعالى: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح/6].
وفي قوله: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا [الفتح/12].
هذا ظن المنافقين، ظنوا أن الرسول ما يرجع ﷺ، وزُين هذا في قلوبهم وأنه ينتهي الإسلام ولا يقوم له قائمة، ويُقتل الرسول والصحابة وينتهي أمر الإسلام، هكذا ظنهم نسأل الله العافية.
(المتن)
(الشرح)
وهؤلاء الجبرية هم الذين يقولون: عن المشيئة مجردة وأن ليس هناك حكم، الذين ينكرون الحكم والطبائع والغرائز والأسباب هم الجبرية من الجهمية والأشاعرة وغيرهم يقولون: يفعل لمشيئة مجردة، يقولون: المشيئة الإلهية تخبط خبط عشوائي وتجمع بين المتفرقات وتفرق بين المتماثلات من غير حكمة ولا سبب، هذا من جهلهم وضلالهم، أنكروا حكمة الله.
(المتن)
(الشرح)
(فيما يختص بنفسه) يعني: يعترض علي الله في نفسه، لماذا لم يُعطى كذا، لماذا لم يُعطى مالًا مثل غيره، لماذا لم يُعطى ولدًا، لماذا لم يوفق لوظيفة، يتهم ربه، ويرى أنه مظلوم وأنه لم يُعطى حقه هذا اعتراض على الله، هذا الظن بالله ظن السوء، وفيما يختص بغيره بعض الناس يعترض على الناس ويقول: هذا ليس بأهل، لماذا يُعطى هذا المال ليس أهلًا هذا وكان الأولى أن يُعطى غيره، هذا بخيل ما يصلح، يعترض على الله، وهذا لمَ يُعطى ولاية هذا ما يصلح للولاية، كما اعترض المشركون وقالوا: وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف/31].
لماذا ينزل القرآن على يتيم؟ لماذا لم ينزل على عظيم الطائف وعظيم مكة المعروفين ولا يعطى لهذا اليتيم، هذا اعتراضهم: وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف/31]؛ كذلك هنا اعتراض المنافقين، يعترضون على الله فيما يختص بأنفسهم وفيما يكون لغيرهم، فليحذر الإنسان من اتهام ربه ولا يلوم نفسه، ويعلم أن ربه حكيم يضع الأشياء مواضعها وأنه قدر ذلك لحكمة، وأن ما أصابه هذا لحكمة بالغة، وأن ما قدره الله فهو خيرٌ له.
(المتن)
(الشرح)
ينبغي أن يكون كذا، ينبغي أن يكون فلان هو الوزير، فلان هو الغني، فلان هو المقدم، وهكذا.
(المتن)
فَإِن تَنجُ مِنها تَنجُ مِن ذِي عَظيمَةٍ | وَإِلاّ فَإِنّي لا إِخالُكَ نَاجِيَاً |
(الشرح)
يعني: لا أظنك، لا إخالك، لا أظنك.
(المتن)
قوله: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح/6].
قال ابن جرير في تفسيره: ويعذب الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح/6]؛ أي الظانين بالله أن لن ينصرك وأهل الإيمان بك على أعدائك، وأن يظهر كلمته فيجعلها العليا على كلمة الكافرين به، وذلك كان السوء من ظنونهم التي ذكرها الله في هذا الموضع.
وقال ابن كثير: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح/6]؛ أي يتهمون الله في حكمه، ويظنون بالرسول ﷺ وأصحابه أن يُقتلوا ويذهبوا بالكلية، ولهذا قال تعالى: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح/6].
قال فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية آل عمران.
(الشرح)
يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ؛ آية الترجمة.
(المتن)
(الشرح)
التي في المنافقين.
(المتن)
(الشرح)
الظنون أنواع كثيرة.
(المتن)
(الشرح)
عرف نفسه وأنه عبد مأمور مدبر، وأنه خلق لعبادة الله، وعرف أسماء الله وصفاته وأنه له الكمال في ذلك وله الحكمة البالغة.