بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين؛ أما بعد:
قال الشيخ: عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في "قرة عيون الموحدين" في باب ما جاء في منكري القدر.
(المتن)
قوله "وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي" أبو بسر بالسين المهملة والباء المضمومة، ويقال أبو بشر بالشين المعجمة وكسر الباء، وبعضهم صحح الأول، واسمه عبد الله بن أبي فيروز، ولفظ أبي داود قال: لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ، كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ جَبَلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لَدَخَلْتَ النَّارَ، فأتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك، ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت، قال: فحدثني عن النبي ﷺ مثل ذلك " وأخرجه ابن ماجه.
وهذه الأحاديث وما في معناها حجة على نفاة القدر من المعتزلة وغيرهم، ومن مذهبهم تخليد أهل المعاصي في النار، وهذا الذي اعتقدوه من أكبر الكبائر وأعظم البدع، وكثير منهم وافقوا الجهمية في نفي صفات الرب تعالى وتقدس.
(الشرح)
وهذه الأحاديث فيها دليل على وجوب الإيمان بالقدر، وأنه أصلٌ من أصول الإيمان وأن من أنكر القدر فهو كافر؛ لأنه قال: وَلَوْ أَنْفَقْتَ جَبَلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، والذي لا تقبل اعماله هو الكافر، قال الله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ [التوبة/54]؛ فالذي لا تُقبل أعماله هو الكافر، دل على أن منكر القدر كافر؛ لأنه أنكر أصلًا من أصول الإيمان.
وأصول الإيمان الستة:
الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة، ثم الإيمان بالكتب،ثم الإيمان بالرسل، ثم الإيمان باليوم الآخر، ثم الإيمان بالقدر خيره وشره.
هذه أصول الإيمان لا يصح الإيمان إلا بها، جاءت بها الرسل ونزلت بها الكتب وأجمع عليها المسلمون، ولم يجحد شيئًا منها إلا من خرج عن دائرة الإسلام وكان من الكافرين، نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
(الشرح)
نفاة القدر؛ لأنهم يقولون: إن أعمال العباد لم يقدرها الله، ولم يخلقها، والعباد هم الخالقون لأفعالهم، استقلالًا، وأن الله ما أراد أفعال العباد ولا خلقها، فنفوا إرادتها وأن الله ما أراد من العبد أن يفعل المعصية، ما سبقت بها إرادة الله، ولم أيضًا يخلقها، أفعال العباد خاصة، وما سوى أفعال العباد فإنهم يؤمنون بأن الله أرادها وشاءها.
(المتن)
(الشرح)
في نفاة في الصفات قدرية في الأفعال، في الأفعال قدرية والصفات جهمية ومعتزلة، ينفون الصفات ويُثبتون الأسماء، وفي القدر ينفون تقدير الله للمعاصي، وكذلك الطاعات العبد هو الذي يفعل بنفسه الطاعة والمعصية.
(المتن)
فيه مسائل:
الأولى: بيان فرض الإيمان بالقدر.
(الشرح)
وأنه أصل عظيم من أصول الإيمان.
(المتن)
(الشرح)
وهو أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وتؤمن بأن الله قدر الأشياء، علمها وكتبها وشاءها وخلقها.
(المتن)
(الشرح)
وهذا يدل على كفره، على كفر منكري القدر.
(المتن)
(الشرح)
لا يجد حلاوة الإيمان ولذته حَتَّى يؤمن بالقدر.
(المتن)
(الشرح)
أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، فَقَالَ: اكْتُبْ وقيل: إنه أول المخلوقات، والقول الثاني أن أول ما خلق الله العرش، والصواب أن أول المخلوقات هو العرش وأما الأولية في القدر فهي مقيدة بالكتابة، أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، فَقَالَ: اكْتُبْ المعني: أنه قال له: اكتب عند أول خلقه، ذكر العلامة ابن القيم الخلاف في هذا قال:
وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَي القَلَمِ الذِي | كُتِبَ القَضَاءُ بِهِ منَ الدَّيَّانِ |
هَلْ كَانَ قَبْلَ العَرشِ أَوْ هُوَ بَعْدَهُ | قَوْلاَنِ عِنْدَ أَبِي العلاَ الهَمَدَانِي |
وَالحَقُّ أَنَّ العَرشَ قَبْلُ لأَنَّهُ | قَبْلَ الكتابةِ كَانَ ذَا أَرْكَانِ |
قبل أن يكتب القلم والعرش ذو اركان موجود، الحق أن العرش قبله، وأما قوله: أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، فَقَالَ: اكْتُبْ فالأولية مقيدة بالكتابة، والمعنى: قال له اكتب عند أول خلقه، قال له: اكتب، أول ما خلقه.
(المتن)
(الشرح)
وهذا من قدرة الله ، جرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة.
(المتن)
(الشرح)
من لم يؤمن بالقدر تبرأ منه النبي ﷺ، (.....) حديث ابن عمر قال: «إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وانهم برآء مني».
(المتن)
(الشرح)
إذا أشكل عليهم أمر سألوا العلماء وفزعوا إلى اهل العلم.
(المتن)
(الشرح)
لما ساق الحديث زالت الشبهة لأن كل مؤمن يقبل الحديث.