بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين؛ أَمَّا بَعْد: ...
(المتن)
قَالَ الشيخ عبد الرحمن بْن حسن في قرة عيون الموحدين:
قوله: " ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه وقول الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل/91]. الآية ".
قال العماد ابن كثير: وهذا مما يأمر الله تعالى به وهو الوفاء بالعهود والمواثيق والمحافظة على الأيمان.
ولهذا قال: وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل/91] .
وهذه الأيمان المراد بها الداخلة في العهود والمواثيق، لا الأيمان الواردة على حث أو منع.
(الشرح)
الأيمان الواردة عَلَى حث يكون الإنسان يحث نفسه ويمنع نفسه، أو يحث غيره ويمنع غيره، هَذِهِ أيمان مطلقة؛ لَكِن المراد الأيمان الداخلة في العهود؛ الَّتِي تكون بينك وبين النَّاس.
(المتن)
قوله: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل/91]. تهديد ووعيد.
قوله: عن "بريدة" هو ابن الحصيب الأسلمي ، وهذا الحديث من رواية ابنه سليمان عنه.
قوله: " كان رسول الله ﷺ إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله تعالى " فيه من الفقه تأمير الأمراء ووصيتهم.
قال الحربي: السرية: الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها، والجيش: ما كان أكثر من ذَلِكَ، وتقوى الله: التحرز من عقوبته بطاعته.
(الشرح)
كان إِذَا أمر أميرًا في مشروع تأمير الأمراء عَلَى السرايا والجيوش، السرية أقل قطعة من الجيش، قَدْ تنطلق من الجيش وَقَدْ تكون وحدها، قَدْ يكون الجيش كبير ثُمَّ ينطلق منه سرايا، سرية هنا وسرية هنا وترجع إليه، فالسرية قَالَ بَعْضُهُمْ: تكون من أربعمائة فأقل والجيش يكون أكثر.
ولي الْأَمْرِ يؤمر أمير عَلَى الجيش ويؤمر أمير عَلَى السرية حَتَّى يرجعوا إليه عِنْد الاختلاف.
(المتن)
قوله: "ومن معه من المسلمين خيرًا " أي ووصاه بمن معه أن يفعل معهم خيرًا من الرفق بهم والإحسان إليهم وخفض الجناح لهم وترك التعاظم عليهم.
قوله: اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ أي اشرعوا في الغزو مستعينين بالله مخلصين له، فتكون الباء في بسم الله للاستعانة بالله والتوكل عليه هنا.
قوله: وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ هذا العموم يشمل جميع أهل الكفر والمحاربين من أهل الكتاب وغيرهم، واستثنى منهم من له عهد، وكذلك الذراري والأولاد والنساء والرهبان فلا يقتلون.
قوله: وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، ، وَلاَ تُمَثِّلُوا الغلول: هو الأخذ من الغنيمة من غير قسمتها. قال تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران/161].
والغدر: نقض العهد. والتمثيل هنا:. التشويه بالقتيل كقطع أنفه وأذنه والعبث به.
(الشرح)
بالقتيل يقطع أذنه أو أنفه، إِذَا قتل قتيل قطع شيء من أطرافه هَذَا منهي عنه.
(المتن)
(الشرح)
الإمام مالك استدل بقوله: عدوك من الْمُشْرِكِينَ، هؤلاء ثلاثة خصال ومنها دفع الجزية، استدل بِذَلِكَ عَلَى أن الجزية تدفع من جميع أصناف الْكَفَرَة، جميع أصناف الْمُشْرِكِينَ، قول: عدوك من الْمُشْرِكِينَ، عام.
والجمهور قَالُوا: إن هَذَا مخصص لأهل الكتاب، قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ [التوبة/29].
قَالَ: من الَّذِينَ أوتوا الكتاب، فالآية مخصص لعموم الحديث، ثُمَّ الحديث في آخره قَالَ: وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ، وأهل الحصون هم أهل الكتاب، فدل عَلَى أَنَّهُ في أهل الكتاب.
(المتن)
(الشرح)
فَأَيَّتَهُنَّ منصوب بأجابوا، يَعْنِي أجابوا أيتهن.
(المتن)
قوله: ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ كذا وقعت الرواية في جميع نسخ كتاب مسلم ثم ادعهم بزيادة ثم.
قوله: ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ.
(الشرح)
يَعْنِي إِذَا أسلموا يؤمرون بالهجرة الانتقال من ديارهم إِلَى ديار الْمُسْلِمِين، فَإِذَا أجابوا وانتقلوا صار لهم ما للمسلمين يعطون من الفيء يعطون من الغنيمة، أَمَّا إِذَا أبوا من الهجرة وجلسوا في بلادهم تجرى عَلَيْهِمْ أحكام الإسلام؛ وَلَكِن لا يعطون من الفيء ولا يعطون من الغنيمة إِلَّا إِذَا شاركوا في الجهاد.
(المتن)
(الشرح)
الأقرب أَنَّهَا إِذَا ظهرت المعاصي تستحب الهجرة، وليست واجبة، الهجرة واجبة من بلاد الشِّرْك إِلَى بلاد الْمُسْلِمِين، أَمَّا من بلد المعاصي مستحبة كما نص عَلَى ذَلِكَ المحققون من أهل العلم، وتجب الهجرة من بلاد الشِّرْك وتستحب الهجرة من بلد المعاصي، إِذَا كانت بلاد مسلمين وَلَكِن كثرت فِيهَا المعاصي ويخشى عَلَى نفسه يستحب الهجرة منها.
(المتن)
نص عليه الفقهاء في كتبهم.
قوله: فَإِنْ هُم أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا يعني أن من أسلم ولم يجاهد ولم يهاجر من البداوة لم يعط من الخمس ولا من الفيء شيء.
(الشرح)
لا يعطى من خمس الغنيمة ولا يعطى من الفيء شيئًا، الفيء ما أخذ من مال الْمُشْرِكِينَ بدون قتال، والغنيمة ما أخذ من مال الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ القتال.
(المتن)
قوله: فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ فيه حجة لمالك وأصحابه والأوزاعي في أخذ الجزية من كل كافر عربيًا كان أو غيره، كتابيًا كان أو غيره.
وقد اختلف في القدر المفروض من الجزية، فقال مالك: أربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهمًا على أهل الوَرِق، وقال الشافعي: دينار على الغني والفقير، وقال أبو حنيفة: على الغني ثمانية وأربعون درهما، والوسط أربعة وعشرون درهما، والفقير اثنا عشر درهما، وهو قول أحمد بن حنبل.
(الشرح)
والصواب أن هَذَا يختلف باختلاف الأحوال والأوقات؛ لِأَنَّ الدينار ما يساوي شيء الآن، لو تقول للمشرك ادفع دينار، إيش يسوي الدينار؟ هَذَا يختلف باختلاف الأحوال والأزمنة، قد يكون الدينار له قيمة في بعض الأزمنة والبعض منها ليس له قيمة، هَذَا يختلف باختلاف الأحوال واختلاف الأمكنة والأزمان، وَهَذَا يقدر من قبل ولي الْأَمْرِ، أو من قبل الحاكم الشرعي، تقدر الجزية فيما ينساب الحال في ذَلِكَ الزَّمَان، وبما يناسب حال كُلّ فردٍ ممن يريد له دفع الجزية .
الفقير من أهل الكتاب الَّذِي يدفع الجزية يقدر له ما يناسبه، والغني له ما يناسبه، إِذَا كَانَ غني من أغنياء الكفار يقدر الجزية أرفع من الفقير، أهل الكتاب منهم الفقير ومنهم الغني، الغني يدفع أكثر من الفقير، والفقير يقدر له ما يناسبه.
(المتن)
(الشرح)
نعم دون النساء ودون غير البالغ، والفقير كَذَلِكَ المعدم الَّذِي ما عنده شيء قَدْ يعفى من الجزية.
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي الزَّكَاة تؤخذ من الكفار الَّذِينَ تَحْتَ رعاية الدولة الإسلامية، تَحْتَ حكمها، أَمَّا إِذَا كَانَ مستقل لا؛ لَكِن يَجِبُ عَلَيْهِ أن يدخل تَحْتَ رعاية الدولة الإسلامية إِذَا كَانَ الْمُسْلِمِين فيهم قوة يدخلوهم تَحْتَ دولتهم، بدفع الجزية فإن أبوا قاتلوهم.
(المتن)
(الشرح)
قف عَلَى هَذَا.