شعار الموقع

كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف 1 من بداية الكتاب - أنواع قبول العمل

00:00
00:00
تحميل
158

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله والصلاة والسلام عَلَى نبينا محمد ﷺ اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين، نقرأ كتاب " المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام اِبْن القيم رحمه الله ".

(المتن)

قَالَ الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بْنِ أبي بكر الحنبلي المعروف باِبْن القيم، تغمده الله تعالى برحمته.

فصل

سُئِلْتُ عَنْ حَدِيثِ صَلاةٌ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلاةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا التَّضْعِيفُ؟

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكَ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ لَوْ وُزِنْتُ بِمَا قُلْتُ مُنْذُ اليوم لوزنتهن

وصِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَقُومُ مَقَامَ صِيَامِ الشَّهْرِ.

وَحَدِيثِ مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ.

فَهَذَا السُّؤَالُ اشْتَمَلَ عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلٍ:

(الشرح)

نعم السواك وحديث جويرية وصيام ثلاثة أيام من كُلّ شهر، تضعيف يَعْنِي المراد تضعيفها، صلاة بسواك خير من سبعين، وحديث: صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ يعدل صيام الدهر كله، كُلّ يوم بعشرة أيام.

وكذلك أيضًا حديث جويرية أَنَّهَا كانت جالسة في مسجدها حَتَّى طلعت الشمس، فمر بها النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟. قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.

وكذلك حديث السوق: «أن من دخل السوق قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ... كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ. إِلَى آخره.

فَهَذَا الأحاديث الأربعة كلها تدل عَلَى التضعيف، فما معنى التضعيف؟

الشيخ: العلامة اِبْن القيم رحمه الله المعروف الآن بسعة علمه واطلاعه ومعرفته بتوجيه الأحاديث.

(المتن)

الْمَسْأَلَةُ الأُولَى تَفْضِيلُ الصَّلاةِ بِالسِّوَاكِ عَلَى سَبْعِينَ صَلاةً بِغَيْرِهِ فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

(الشرح)

تكلم الأول عَلَى سنده ثُمَّ تكلم عن متنه.

(المتن)

 فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ حَدِيثٌ لَمْ يَرِوى فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَكِنْ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِمَا وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "إِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ".

(الشرح)

هَذَا من جهة الإسناد صلاةٌ بسِواكٍ أفضلُ مِن سبعينَ صلاةً، يَعْنِي بلا سواك.

(المتن)

وَذَلِكَ أَنَّ مَدَارَهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يُصَرِّحِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ بَلْ قَالَ ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَضل الصَّلاةُ الَّتِي يُسْتَاكُ لَهَا عَلَى الصَّلاةِ الَّتِي لا يُسْتَاكُ لَهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا.

(الشرح)

محمد بْنِ إسحاق ثقة ولكنه مدلس، قَالَ: ذُكر عن الزهري وَلَمْ يقل: سمعت، لَمْ يصرح، تم تدليسه ولهذا قَالَ البيهقي: إسناده ليس بالقوي.

(المتن)

هَكَذَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وابن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ إِلا أَنَّهُ قال: "إن صح الخبر" قَالَ: "إِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُ صِحَّةَ هَذَا الْخَبَرِ لأَنِّي خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمْ يَسْمَعِ الْحَدِيثَ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَإِنَّمَا دَلَسَهُ عَنْهُ.

(الشرح)

هَذَا محمد بْنِ خزيمة يَقُولُ: إن صح الحديث (.....) يَقُولُ: وَإِنَّمَا لا أقول إن صح؛ لأني أخاف أن يكون فِيهِ انقطاع وأن يكون محمد بْنِ إسحاق ما سمع من الزهري؛ لِأَنَّهُ ما صرح قَالَ: ذكر عن الزهري، فابن خزيمة الآن متردد في هَلْ الحديث منقطع أو متصل؟ محتمل، ولهذا قَالَ: إني أخاف.

الطالب: (.....) ما يحكم بصحة الحديث؟

الشيخ: ما يحكم بصحته، يَقُولُ: أخشى أن يكون دلس محمد بْنِ إسحاق؛ لِأَنَّهُ مدلس، وهو كان ثقة؛ لَكِن لو صرح بالسماع انتهى الإشكال، لَكِن إذا لَمْ يصرح بالسماع يُخشى أن يكون دلس؛ لِأَنَّهُ معروف بالتدليس رحمه الله، وهو صاحب المغازي أصحاب السيرة مزيته في السيرة.

(المتن)

 وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَبِي: "إِذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَذَكَرَ فُلانٌ فَلَمْ يَسْمَعْهُ".

(الشرح)

يَعْنِي الإمام أحمد يَقُولُ لابنه عبد الله: إذا قَالَ اِبْن إسحاق وذكر فلان فَإِنَّهُ لَمْ يسمع منه، ما قَالَ سمعت قَالَ ذكر، ذكر فلان، يَعْنِي نقل عن غيره وأن شخص قَالَ له: ذكر فلان كذا، لَكِن ما قَالَ: سمعته يَقُولُ كذا، وكذلك لو قَالَ: عن فلان، هَذَا يعتبر كذلك أيضًا، المدلس إذا قَالَ عن فلان ما يقبل؛ حَتَّى يصرح بالسماع.

(المتن)

 وَقَدْ أَخْرَجَهُ الحاكم فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ: "هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ".

(الشرح)

الحاكم أخرج هَذَا الحديث حديث الصلاة بالسواك تفضل سبعين صلاة، قَالَ: صحيحة عَلَى شرط مسلم، وَلَكِن الحاكم متساهل رحمه الله؛ لِأَنَّهُ كتب مسودة وَلَمْ يبيضها.

(المتن)

وَقَالَ: "هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ" وَلَمْ يَصْنَعِ الْحَاكِمُ شَيْئًا.

(الشرح)

يَعْنِي الحاكم قَالَ: عَلَى شرط مسلم لَكِن ما صنع شيئًا، ما في زيادة فائدة؛ لِأَنَّ هَذِهِ عادة الحاكم، الحاكم قَالَ: صحيح عَلَى شرط مسلم وأحيانًا يَقُولُ: وَلَمْ يخرجاه، وأحيانًا يكون موجود في البخاري، وأحيانًا يكون الحديث موجود في مسلم والبخاري ثُمَّ يَقُولُ: صحيح عَلَى شرط الشيخين وَلَمْ يخرجاه وقد خرجه أحدهما أو خرجاه؛ لِأَنَّهُ رحمه الله ما بيض، سود جعل مسودة وَلَمْ يبيض فحصل له أوهام، تعقبه الذهب رحمه الله في ذَلِكَ.

(المتن)

وَقَالَ: "هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ" وَلَمْ يَصْنَعِ الْحَاكِمُ شَيْئًا.

(الشرح)

ما صنع الحاكم شيئًا؛ لِأَنَّهُ ليس عَلَى شرط مسلم.

(المتن)

فإن مسلم لَمْ يرو في كتابه بهذا الإسناد حديثًا واحدًا.

(الشرح)

يَعْنِي ما روى مسلم في الصحيح عن محمد بْنِ إسحاق قَالَ: وذكر لي عن الزهري أَنَّهُ قَالَ كذا، ما رواه فكيف يلزم الحاكم ويقول: عَلَى شرط مسلم، هو ليس عَلَى شرط مسلم، شرط مسلم الاتصال وَهَذَا ما هُوَ متصل، محمد اِبْن إسحاق ما قَالَ سمعت الزهري، قَالَ: وذكر عن الزهري، هنا انقطاع فليس عَلَى شرط مسلم، ولذلك قَالَ اِبْن القيم: لَمْ يصنع الحاكم شيئًا، يَعْنِي ما حقق هَلْ مسلم أخرجه ولا ما أخرجه، مسلم ما أخرجه بهذا السند.

(المتن)

ولا احتج بابن إسحاق.

(الشرح)

يَعْنِي مسلم ما احتج بابن إسحاق.

(المتن)

وَإِنَّمَا أخرج له في المتابعات والشواهد.

(الشرح)

واضح هَذَا، إذا فرق بين المتابعات والشواهد هَذِهِ لا يعتمد عليها، في الأصول ما أخرجه اِبْن إسحاق؛ لِأَنَّهُ معروف بالتدليس وَإِنَّمَا أخرجه في المتابعات والشواهد من باب التقوية فقط، أَمَّا الأصول فلا يعتمد عليه.

(المتن)

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ فَلا وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ هُوَ الَّذِي شَانَ كِتَابَهُ وَوَضَعَهُ وَجَعَلَ تَصْحِيحَهُ دُونَ تَحْسِينِ غَيْرِهِ.

(الشرح)

يَعْنِي هَذَا وأمثاله هُوَ الَّذِي شان كتاب مستدرك الحاكم وجعله دون غيره؛ لِأَنَّهُ يأتي بسند منقطع ويقول: عَلَى شرط مسلم ما هُوَ عَلَى شرطه، فنزلت مرتبة الحاكم دون غيره.

(المتن)

وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ هُوَ الَّذِي شَانَ كِتَابَهُ وَوَضَعَهُ وَجَعَلَ تَصْحِيحَهُ دُونَ تَحْسِينِ غَيْرِهِ.

(الشرح)

يَعْنِي غيره إذا قَالَ: حسن، أقوى من الحاكم إذا قَالَ: صحيح.

(المتن)

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ مَا يَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَدْلِيسَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ.

(الشرح)

يَقُولُ: يخشى أن يكون اِبْن إسحاق دلس عن الزهري فلم يسمع منه، فلهذا يحكم عليه بالانقطاع.

(المتن)

 وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمُعَاوِيَةُ هَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ.

(الشرح)

يَعْنِي له طريق أخرى الحديث طريق معاوية بْنِ يحيى الصدفي عن الزهري ومعاوية ليس بالقوي.

(المتن)

" وَقَالَ فِي شِعَبِ الإِيمَانِ: "تَفَرَّدَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى وَيُقَالُ إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ أَخَذَهُ مِنْهُ".

(الشرح)

أن البيهقي قَالَ في شعب الإيمان كتاب " شعب الإيمان " .

(المتن)

 تَفَرَّدَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى وَيُقَالُ إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ أَخَذَهُ مِنْهُ، قَالَ: "وَيَرْوِي نَحْوَهُ عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عروة عَنْ عَائِشَةَ وَكِلاهُمَا ضَعِيفٌ".

(الشرح)

عروة بْنِ هشام (..) هشام سمع عائشة أَمَّا عروة، وكلاهما ضعيف لَمَّا فِيهِ من انقطاع.

(المتن)

وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ السِّوَاكِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً قَبْلَ السِّوَاكِ.

(الشرح)

هَذَا اتصل الآن رواية عروة عن أبي الأسود عن عائشة، أَمَّا الرواية الأولى عن عروة عن عائشة منقطعة.

(المتن)

 وَلَكِنَّ الْوَاقِدِيَّ لا يُحْتَجُّ بِهِ.

(الشرح)

لضعفه.

(المتن)

وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ قِيرَاطٍ قال حدثنا فرج بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: صَلاةٌ بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صلاة بغير سواك وَهَذَا الإِسْنَادُ غَيْرُ قَوِيٍّ.

(الشرح)

فرج بين فضالة فِيهِ ضعف فِيهِ لين.

(المتن)

فَهَذَا حَالُ هَذَا الْحَدِيثِ.

(الشرح)

هَذَا الحديث فِيهِ كلام، له طرق كلها فِيهَا ضعف، ويحتمل أن تشد بعضها بعضًا فيكون الحديث حسنًا.

(المتن)

وَإِنْ ثَبَتَ فَلَهُ وَجْهٌ حَسَنٌ.

(الشرح)

يَعْنِي يَقُولُ: الحديث الآن مروي بعدة طرق الآن، رواه محمد بْنِ إسحاق عن الزهري، رواه معاوية الصدفي هَذَا فِيهِ انقطاع، رواه معاوية بْنِ الصدفي أيضًا، وكذلك اِبْن إسحاق أخذ عن معاوية بْنِ الصدفي وفيه ضعف أيضًا، وروي عن عروة عن الأسود عن عائشة، وفي حديث عروة عن عائشة فِيهِ الفرج بْنِ فضالة فِيهِ ضعف أيضًا، ورواه من بعده الواقدي، الواقدي ضعيف، والطرق كلها كُلّ طريق فِيهَا ضعف، فيحتمل أن يُقَال أن الأحاديث يشد بعضها بعضًا ويكون من باب الحسن، ويتحمل أن يكون ضعيفًا، ولذا الشيخ اِبْن القيم تردد، قَالَ: يحتمل أن يكون ثبت؛ لَكِن لو ثبت فله وجه حسن، تأويله يَعْنِي، تأويل الصلاة الَّتِي فِيهَا السواك بسبعين ثلاثة ما تأويلها؟ عَلَى صحة الحديث له تأويل.

(المتن)

 وَهُوَ أَنَّ الصَّلاةَ بِالسِّوَاكِ سُنَّهٌ وَالسِّوَاكُ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ.

وَقَدْ أَكَّدَ النَّبِيُّ ﷺ شَأْنَهُ وَقَالَ: لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ.

وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِّ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ.

وَقَالَ ﷺ: أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنِ التَّمِيمِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السِّوَاكِ فَقَالَ: "مَا زَالَ النَّبِيِّ ﷺ يَأْمُرُنَا بِهِ حَتَى خَشَيْنَا أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِ فِيهِ".

(الشرح)

يَعْنِي ينزل فِيهِ قرآن.

(المتن)

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنِ التَّمِيمِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السِّوَاكِ فَقَالَ: "مَا زَالَ النَّبِيِّ ﷺ يَأْمُرُنَا بِهِ حَتَى خَشَيْنَا أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِ فِيهِ".

(الشرح)

يَعْنِي ينزل فِيهِ قرآن من اهتمام النَّبِيِّ ﷺ وأمره لهم بالسواك.

(المتن)

وَفِي لَفْظٍ: أَمَرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَى خَشَيْتُ أَنْ ينزل علي به وحي.

وَقَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ما لي أَرَاكُمْ تَأْتُونِي قَلْحًا؟ اسْتَاكُوا، لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمِ السِّوَاكَ كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الْوُضُوءَ.

(الشرح)

الحديث هَذَا عليه تعليق؟

الطالب: رواه أحمد.

(المتن)

وَقَالَ: عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ الْحَدِيثَ فَجَعَلَ السِّوَاكَ مِنَ الْفِطْرَةِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَهَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَنا بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ فَلَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ ذلك أَمَرَنا بِالسِّوَاكِ ".

وَقَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تسوك قَامَ يُصَلِّي أَتَاهُ الْمَلَكُ فَقَامَ خَلْفَهُ يَسْتَمِعُ الْقُرْآنَ وَيَدْنُو فَلا يَزَالُ يَسْتَمِعُ وَيَدْنُو حَتَى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ فَلا يَقْرَأُ آيَةً إِلا كَانَتْ فِي جَوْفِ الْمَلَكِ. رواه البزار في مسنده، عن علي عن النَّبِيِّ ﷺ بِهِ ونحوه، وفي سنده فضيل بين سليمان صدوق له خطأ كثير، وَهَذَا الحديث رفعه من أخطاء فضيل، والصواب وقفه.

وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ رَغْبَتِهِ فِي السِّوَاكِ يَسْتَاكُ إِذَا قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ وَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ وإذا صلى.

(الشرح)

نعم إذا قام الليل وإِذَا دخل بيته وإِذَا صلى هَذِهِ المواضع يشرع فِيهَا السواك عِنْدَ الوضوء عِنْدَ المضمضة وعند الصلاة وعند دخول البيت وعند تغير الرائحة؛ وفي جميع الأوقات.

(المتن)

وَاسْتَاكَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي السِّيَاقِ.

(الشرح)

سياق الموت.

الطالب: (.....)؟.

الشيخ: ما ذكر له سند إيش قَالَ عن علي؟.

الطالب: عن علي عن النَّبِيِّ ﷺ بِهِ ونحوه، وفي سنده الفضيل بْنِ سليمان صدوق له خطأ كثير.

الشيخ: عن علي قَالَ إيش في المتن؟.

الطالب: عن علي عن النَّبِيِّ ﷺ.

الشيخ: رفعه إِلَى النَّبِيِّ ﷺ؟

الطالب: (.....) انقطاع؟.

الشيخ: الفضيل ضعيف.

(المتن)

وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ السِّوَاكُ مِنْ أُذُنِ النَّبِيِّ ﷺ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ".

(الشرح)

يَعْنِي سفيان يَقُولُ عن جابر بْنِ عبد الله أن النَّبِيِّ ﷺ كان يضع السواك من أذنه مثل ما يضع الكاتب القلم، الكاتب إذا أراد أن يكتب يضع القلم فوق أذنه، فكذلك النَّبِيِّ ﷺ السواك عَلَى أذنه، إن صح هَذَا السند.

الطالب: رواه البيهقي في الكبرى من طريق الطبراني عن الحضرمي وهُوَ مطين، عن عثمان بْنِ أبي شيبة عن يحيى بْنِ يمان عن سفيان بِهِ، قَالَ الطبراني: رواه عن اِبْن إسحاق سفيان، وهو الثوري، وَلَمْ يروه عن سفيان إِلَّا يحيى، وسُئل أبو زرعة الرازي عن هَذَا الإسناد فَقَالَ: هَذَا وهم، وهم فِيهِ يحيى بْنِ يمان، العلل لابن أبي حاتم.

وَقَالَ الحافظ: إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ اِبْن اسحاق عن أبي سلمة عن زيد بْنِ خالد من فعله في " تلخيص الحبير "، وذهب إِلَى ذَلِكَ البيهقي في سننه.

(المتن)

وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ عَنِ ابْنِ عباس رضي الله تعالى عَنْهُمَا قال: "كان رسول الله ﷺ يُصَلِّي ركعتين ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَسْتَاكُ" وَهَذَا فِي صَلاةِ اللَّيْلِ.

وَلَمَّا بَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَ: "فَقَامَ ﷺ فتوضأ وصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين" الْحَدِيثُ وَكَانَ يَسْتَاكُ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ". متفق عليه

وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: "كَانَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ وَسِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعُ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ لا يَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ إِلا اسْتَنَّ" وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(الشرح)

الآن يسرد الأحاديث الَّتِي في معناه أو في لفظه ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يعلق عليه.

(المتن)

وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ . هَذَا مرسل.

(الشرح)

عن الشعبي هُوَ؟.

الطالب: عن اِبْن شهاب.

الشيخ: نعم اِبْن شهاب الزهري مرسل.

(المتن)

وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عمرو بْنِ حَلْحَلَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: السِّوَاكُ وَاجِبٌ وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.

وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَسِوَاكٌ وَيَمِسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدِرَ عَلَيْهِ.

وَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنُ السِّوَاكِ وَفَضْلِهِ وَحُصُولِ رِضَا الرَّبِّ بِهِ وَإِكْثَارِ النَّبِيِّ ﷺ.

(الشرح)

هَذَا تعليق المؤلف، أعد حديث السواك واجب إيش.

(المتن)

وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عمرو بْنِ حَلْحَلَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: السِّوَاكُ وَاجِبٌ وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.

(الشرح)

وَهَذَا معناه واجب يَعْنِي متأكد كقول العرب حقك عليّ واجب يَعْنِي متأكد، وغسل الجمعة فِيهِ خلاف الجمهور عَلَى أَنَّهُ مستحب، استدلوا بحديث: مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ، لَكِن الحديث هَذَا من رواية الحسن عن سمرة وفيه كلام.

والقول الثاني: أَنَّهُ واجب لما ثبت في صحيح مسلم أن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحتَلِمٍ، أيْ بالغ.

ومن العلماء من قَالَ: إنه واجب عَلَى أهل المهن.

المؤلف يَقُولُ: وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ غُسْلُ الْجُمُعَةِ واجب والسواك والطيب ومن أدلة الجمهور قالوا: إن النَّبِيِّ ﷺ قرن غسل الجمعة بالسواك والطيب، ومن المعلوم أن السواك ليس بواجب، والطيب ليس بواجب فدل عَلَى أن غسل الجمعة ليس بواجب.

(المتن)

وَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنُ السِّوَاكِ وَفَضْلِهِ وَحُصُولِ رِضَا الرَّبِّ بِهِ وَإِكْثَارِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الأُمَّةِ فِيهِ وَمُبَالَغَتِهِ فِيهِ حَتَّى عِنْدَ وَفَاتِهِ وَقَبْضِ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ ﷺ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ تَكُونَ الصَّلاةُ الَّتِي يَسْتَاكُ لَهَا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ سَبْعِينَ صَلاةً.

(الشرح)

كأنه يؤيد يَعْنِي يَقُولُ: المعنى صحيح، أعد.

(المتن)

وَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنُ السِّوَاكِ وَفَضْلِهِ وَحُصُولِ رِضَا الرَّبِّ بِهِ وَإِكْثَارِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الأُمَّةِ فِيهِ وَمُبَالَغَتِهِ فِيهِ حَتَّى عِنْدَ وَفَاتِهِ وَقَبْضِ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ ﷺ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ تَكُونَ الصَّلاةُ الَّتِي اسْتَاك لَهَا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ سَبْعِينَ صَلاةً.

وَإِذَا كَانَ ثَوَابُ السَّبْعِينَ أَكْثَرَ فَلا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ الأَكْثَرُ ثَوَابًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي هو أقل منه.

(الشرح)

يَعْنِي المؤلف يقرر هَذِهِ المسألة، إذا كان العمل أكثر ثوابًا فلا يدل عَلَى أن غيره مِمَّا هُوَ أقل أفضل منه، قَدْ يكون العمل كثير ثوابه كثير؛ وَلَكِنْ غيره أفضل منه، يكون مقبول هَذَا عمل مقبول وإن كان قليلاً وذاك عمله كثير ثوابه كثير ولكنه لا يصل إِلَى درجة القليل المقبول، المؤلف يقرر هَذَا.

(المتن)

وَإِذَا كَانَ ثَوَابُ السَّبْعِينَ أَكْثَرَ فَلا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ.

(الشرح)

ثواب السبعين أكثر يَعْنِي الصلاة الَّتِي بالسواك أفضل من سبعين صلاة، وهل يلزم من ذَلِكَ أن الصلاة إذا كان بالسواك أفضل من سبعين صلاةً ورجل آخر صلى بغير سواك وثوابه صلاة واحدة، فهل يلزم من هَذَا أن تكون صلاة الَّذِي صلى بسواك أفضل من الصلاة الَّتِي صلها بغير سواك؟ هَذَا فِيهِ كثرة الثواب من أجل السواك، وتلك قَدْ يكون فِيهَا القبول أعظم، قبلها الله بسبب كونه وافق فِيهَا السنة وحضر فِيهَا قلبه إِلَى آخره، يَقُولُ: ما يلزم من كثرة الثواب أن يكون أفضل من غيره، العمل الآخر أقل ثوابًا منه.

(المتن)

 فَلا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ الأَكْثَرُ ثَوَابًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي هو أقل منه؛ بل قد يَكُونُ الْعَمَلُ الأَقَلُّ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ الْكَثِيرُ أَكْثَرَ ثَوَابًا.

(الشرح)

أكثر ثوابًا وَلَكِنْ القليل أحب إِلَى الله لموافقته للسنة ولإخلاصه وصدقه مَعَ الله فيكون أحب إِلَى الله من ذَلِكَ العمل الَّذِي ثوابه أكثر.

الطالب: (.....) أحسن عملا؟.

الشيخ: يكون أحسن عملاً وإن لَمْ يكن أكثر عملاً.

(المتن)

وَهَذَا كَمَا فِي الْمُسْنَدِ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: دَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ يَعْنِي فِي الأُضْحِيَةِ.

(الشرح)

العفراء يَعْنِي البياض أفضل من دم سوداوين، دم أضحيتين أكثر ثواب، والعفراء أحب إِلَى الله، فهذه أكثر ثواب وهذه أحب إِلَى الله، فلا يلزم من كثرة الثواب أن يكون أحب إِلَى الله من غيره؛ بل أكثر ثواب لِأَنَّهَا أضحيتين كثرة اللحم وتوزيعها عَلَى الفقراء، والثاني أحب إِلَى الله لموافقته للسنة، لما يحبه الله، اختار الشيء الَّذِي يحبه الله وهي العفراء.

(المتن)

 وَكَذَلِكَ ذَبْحُ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الصَّدَقَةِ بِأَضْعَافِ أَضْعَافِ ثَمَنِهَا وَإِنْ كَثُرَ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ.

(الشرح)

يَعْنِي شخص ذبح أضحية يوم العيد يوم عيد الأضحى ثمنها خمسمائة ريال، وشخص آخر ما ضحى وَلَكِنْ تصدق بثلاثة ألاف ريال أيهما أفضل؟ الَّذِي تصدق بثلاثة ألاف أكثر ثواب، والذي تصدق بالأضحية أحب إِلَى الله، مَعَ أن الَّذِي تصدق بالأضحية أنفق خمسمائة، وذاك تصدق بثلاثة ألاف أضعاف مضاعفة، فَهَذَا أحب إِلَى الله لِأَنَّهُ وافق السنة، لِأَنَّ السنة في هَذَا اليوم يوم العيد الذبح أحب إِلَى الله من الصدقة، فذاك أكثر ثوابًا تصدق بخمسمائة، وخمسمائة، وخمسمائة، وَهَذَا تصدق بخمسمائة وَلَكِنْ هَذَا أحب إِلَى الله لموافقته للسنة.

(المتن)

وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بِتَدَبُّرٍ وَمَعْرِفَةٍ وَتَفَهُّمٍ وَجَمْعِ الْقَلْبِ عَلَيْهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى من قراءة ختمة سردًا وهذا وَإِنْ كَثُرَ ثَوَابُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ.

(الشرح)

يَعْنِي يَقُولُ: شخص قرأ سورة بتدبر وتفهم وجمع قلب وحضوره وشخص ختم القرآن سردًا بدون تدبر أيهما أفضل؟ أيهما أحب إِلَى الله؟ الثاني أحب إِلَى الله، والأول أكثر ثوابًا، الَّذِي ختم القرآن أكثر ثواب، له بكل حرفة حسنة، هَذَا أكثر ثوابًا، والثاني الَّذِي قرأ سورة واحدة بتدبر وحضور قلب وتفهم، ووجدت الحقائق والإيمان أحب إِلَى الله، وإن كان عمله أقل، ومنه الحديث: أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ.

(المتن)

 وَكَذَلِكَ صَلاةُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ الْعَبْدُ فِيهِمَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ وَيُفْرِغُ قَلْبَهُ كُلَّهُ لِلَّهِ فِيهِمَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى من مائتي رَكْعَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كثر ثوابهما عَدَدًا.

(الشرح)

يَعْنِي صلاة ركعتين يقبل فيهما عَلَى الله ويفرغ قلبه من الوسواس ويقبل عَلَى الله أحب إِلَى الله من أن يصلي مائتي ركعة وهو مشغول، قلبه مشغول، هَذَا صلى مائتي ركعة وقلبه مشغول بالوسواس، وَهَذَا صلى ركعتين أقبل فيهما عَلَى الله وفرغ نفسه من الشواغل، وأحضر قلبه، ويناجي ربه، وليس عنده شيء من هموم الدنيا، أيهما أفضل؟ المائتي ركعة أكثر ثواب، كُلّ ركعة لها ثواب وهذه أحب إِلَى الله، الركعتان من مائتي ركعة.

(المتن)

وَمِنْ هَذَا سَبِقَ دِرْهَمٌ مِئَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ رواه النسائي.

وَلِهَذَا قَالَ الصَّحَابَةُ : "إِنَّ اقْتِصَادًا فِي سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنَ اجْتِهَادٍ فِي خِلافِ سَبِيلٍ وَسنة".

(الشرح)

الاقتصاد في سبيل وسنة كونه يعمل عمل قليل موافق السنة أكثر من عمل لا يوافق بِهِ السنة.

الطالب: قَالَ ذَلِكَ عبد الله بْنِ مسعود وأبي بْنِ كعب وأبو الدرداء رضي الله عنهما، كما في السنة لابن نصر المروزي، وفي الاستقامة لشيخ الإسلام اِبْن تيمية.

الشيخ: هَذَا تعليق؟.

الطالب: هَذَا الأثر عن الصحابة.

(المتن)

فَالْعَمَلُ الْيَسِيرُ الْمُوَافِقُ لِمَرْضَاةِ الرَّبِّ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ إِذَا خَلا عَنْ ذَلِكَ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ.

(الشرح)

العمل القليل الموافق للسنة ومرضاة الله أفضل من العمل الكثير الَّذِي يخلو من ذَلِكَ، عمل كثير لَكِن لا يوافق السنة أو لا يوافق ما يرضي الله.

(المتن)

 وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور [الملك/2] .

(الشرح)

وَلَمْ يقل: أكثر عملاً.

(المتن)

وَقَالَ: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الكهف/7] . وقال وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [هود/7] . فهو إنما خلق السموات والأرض والموت والحياة وزين الأرض بما عليها ليبلو عباده أيهم أحسن عملا لا أَكْثَرُ عَمَلا.

وَالأَحْسَنُ هُوَ الأَخْلَصُ وَالأَصْوَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَرْضَاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ دُونَ الأَكْثَرِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ بِالأَرْضَى لَهُ.

(الشرح)

بالعمل الأرضى أيْ العمل الَّذِي يرضيه.

(المتن)

 وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً دُونَ الأَكْثَرِ الَّذِي لا يُرْضِيهِ وَالأَكْثَرُ الَّذِي غَيْرُهُ أَرْضَى لَهُ مِنْهُ وَلِهَذَا يَكُونُ الْعَمَلانِ فِي الصُّورَةِ وَاحِدًا وَبَيْنَهُمَا فِي الْفَضْلِ بَلْ بَيْنَ قَلِيلٍ أَحَدُهُمَا وَكَثِيرُ الآخَرِ فِي الْفَضْلِ أَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.

وَهَذَا الْفَضْلُ يَكُونُ بِحَسَبِ رِضَا الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بالعمل وقبوله له ومحبته له وفرحه به كما يفرح بتوبة التائب أعظم فرح ولا ريب أن تلك التوبة الصادقة أفضل وأحب إلى الله تعالى من أعمال كثير من التطوعات وإن زادت في الكثرة على التوبة.

(الشرح)

نعم التوبة أفضل الأعمال الَّتِي يتطوع بها وإن زاد.

(المتن)

ولهذا كان القبول يختلف ويتفاوت بِحَسَبِ رِضَا الرب سبحانه بالعمل.

(الشرح)

يَعْنِي قبول العمل، القبول يتفاوت بحسب رضا الله وثوابه، فالقبول أنواع.

(المتن)

فَقَبُولٌ: يُوجِبُ رِضَا اللَّهِ بِالْعَمَلِ، وَمُبَاهَاةَ الْمَلائِكَةِ بِهِ، وَتَقْرِيبَ عَبْدِهِ مِنْهُ. وَقَبُولٌ: يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَثْرَةَ الثَّوَابِ وَالْعَطَاءِ فَقَطْ.

(الشرح)

القبول فِيهِ قسم ثالث، قف عَلَى ولهذا كان القبول.

المؤلف سيبين للقبول ثلاثة أقسام:

الأول: قبول إجزاء مثل حديث مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، قَالَ: تقبل بمعنى تصح، يَعْنِي تقبل قبول إجزاء، بمعنى أَنَّهُ لا يعيدها؛ ولكنها مقبولة، بمعنى أَنَّهُ لا يؤمر بإعادتها مثل ما أتى كاهن، هَذَا قبول إجزاء.

وهناك الثاني: قبول ثواب.

والنوع الثالث: قبول رضا ومباهاة.

فالقبول ثلاثة أنواع كما سيبين إن شاء الله قف عَلَى هَذَا.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد