بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد ﷺ، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين والحاضرين، نقرأ في كتاب "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" للإمام ابن القيم رحمه الله.
(المتن)
فصل.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ تَفْضِيلُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الذَّكْرِ بِسُبْحَانَ اللَّهِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً.
(الشرح)
سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ كم عدد خلقه؟ ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته فهذه الكلمة العظيمة تفوق قول: سبحان الله، سبحان الله هذه كلمة واحدة، لكن إذا قلت: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ .
قال النبي ﷺ لجويرية لما جلست تسبح ورجع بعد صلاة الفجر، قال: مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قالت: نعم، قال: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
(المتن)
(الشرح)
عَدَدَ خَلْقِهِ؛ لأنه يتصور كم عدد خلقه ولا يُحصيه إلا الله، فيقوم بقلبه هذا التصور، بخلاف إذا قال: سبحان الله، سبحان الله تنزيهًا لله لا بأس، لكن لو قال: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، يتصور كم عدد الخلق وهو يسبح الله بعدد الخلق، ما يحصيهم إلا الله.
ثم يقول: سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ؛ ما يرضيه سبحانه.
سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ؛ العرش العظيم الذي هو أعظم المخلوقات، الكرسي بالنسبة للعرش كحلقة في فلاة، والسموات بالنسبة للكرسي كحلقة في فلاة، كم سعة هذا العرش؟ عظيم لا يعلمه إلا الله.
سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، كم من المداد للكلمات؟ قال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [لقمان/27]. قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [الكهف/109].
المعنى: لو أن ما في البر من شجرة جُعلت أقلام يُكتب بها، والبحر يمده من بعده سبعة أبحر وجُعلت مداد يُكتب به لتكسرت الأقلام ونفذت مياه البحار ولم تنفد كلمات الله، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، تصور حينما تذكر الله: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سبحان الله رِضَا نَفْسِهِ، سبحان الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سبحان الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
الطالب: (...) ؟.
الشيخ: جاء هذا وهذا، جاء: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
وجاء: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سبحان الله رِضَا نَفْسِهِ، سبحان الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سبحان الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
وجاء: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
(المتن)
(الشرح)
الذكر المفرد: سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر؛ هذا ذكر مفرد، الذكر المضاعف: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سبحان الله رِضَا نَفْسِهِ، سبحان الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سبحان الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ هذا ذكر مضاعف.
أو تقول: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، فالذكر المضاعف أفضل؛ لأنه يقوم بقلب الذاكر من تصور هذه الأمور العظيمة.
(المتن)
فَلِهَذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَهَذَا إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَعْرِفَةِ هَذَا الذِّكْرِ وَفِهْمِهِ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُسَبِّحِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ يَتَضَمَّنُ إِنْشَاءً وَإِخْبَارًا تضمن إخبارا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ مِنَ التَّسْبِيحِ عَدَدَ كُلِّ مَخْلُوقٍ كَانَ أَوْ هو كَائِنٍ إِلَى مَا لا نِهَايَةَ لَهُ.
فَتَضَمَّنَ الإخبار عن تنزيهه الرَّبِّ وَتَعْظِيمِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ هَذَا الْعَدَدَ الْعَظِيمَ الَّذِي لا يَبْلُغُهُ الْعَادُونَ وَلا يَحْصِيهِ الْمُحْصُونَ.
(الشرح)
كم عدد خلقه الموجود؟ وعدد ما يخلق في المستقبل، من يُحصي هذا؟! الآدميين، والجن، والإنس، والملائكة، والطيور، والحشرات، والحيتان والسباع، والهوام؛ إلى آخره، كم عددها؟! ما خلقه الله وما سيخلقه في المستقبل: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ما يُحصيه إلا الله ولا يعده العاد لا يعلمه إلا الله .
(المتن)
(الشرح)
يعني تضمن إخبار وإنشاء، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ الموجودين، وإنشاء: أي أنه يسبح الله عدد ما سينشئ في المستقبل، إخبار وإنشاء، إخبار: سبحان الله عدد المخلوقات الحاضرة الآن، وأنا يا الله أسبح عدد المخلوقات التي ستُنشئها في المستقبل.
(المتن)
(الشرح)
الحاضر لا يُحصى، وما يُنشئه الله كذلك لا يُعلم، لا يعلمه إلا الله.
(المتن)
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَرِضَا نَفْسِهِ فَهُوَ يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ عَظِيمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أن يكون المراد تسبيحا هو في الْعَظَمَةُ وَالْجَلالُ مساويا لِرِضَا نَفْسِهِ كَمَا أَنَّهُ فِي الأَوَّلِ مُخَبَّرٌ عَنْ تَسْبِيحٍ مُسَاوٍ لِعَدَدِ خَلْقِهِ وَلا رَيْبَ أَنَّ رِضَا نَفْسِ الرَّبِّ أمرٌ لا نهاية له فِي الْعَظَمَةِ وَالْوَصْفِ وَالتَّسْبِيحُ ثَنَاءٌ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ يَتَضَمَّنُ التَّعْظِيمَ وَالتَّنْزِيهَ.
فَإِذَا كَانَتْ أَوْصَافُ كَمَالِهِ وَنُعُوتُ جَلالِهِ لا نِهَايَةَ لَهَا وَلا غَايَةَ بَلْ هِيَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَجَلُّ كَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِهَا كَذَلِكَ إِذْ هُوَ تَابِعٌ لَهَا إِخْبَارًا وَإِنْشَاءً وَهَذَا الْمَعْنَى يَنْتَظِمُ الْمَعْنَى الأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ.
وَإِذَا كَانَ إِحْسَانُهُ سُبْحَانَهُ وَثَوَابُهُ وَبَرَكَتُهُ وَخَيْرُهُ لا مُنْتَهَى لَهُ وَهُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ رِضَاهُ وَثَمَرَتِهِ فَكَيْفَ بِصِفَةِ الرضا؟
وَفِي الأَثَرِ: "إِذَا بَارَكْتُ لَمْ يَكُنْ لِبَرَكَتِي مُنْتَهَى" فَكَيْفَ بِالصِّفَةِ الَّتِي صَدَرَتْ عَنْهَا الْبَرَكَةُ؟
(الشرح)
صفات وَرِضَا نَفْسِهِ، يعني: أسبح الله تسبيحًا يُرضيه سبحانه؛ رضا نفسه، وإذا رضي الرب بارك وليس لبركته نهاية، يعني: أن هذا التسبيح إذا تأمله الإنسان وما يدل عليه وجد هذا تسبيح عظيم.
(المتن)
وَالرِّضَا يَسْتَلْزِمُ الْمَحَبَّةَ وَالإِحْسَانَ وَالْجُودَ وَالْبِرَّ وَالْعَفْوَ وَالصَّفْحَ وَالْمَغْفِرَةَ والرَحمةُ.
وَالْخلق.
(الشرح)
عَدَدَ خَلْقِهِ.
(المتن)
(الشرح)
علم الخلق وهو قادرٌ عليهم، وله الحكمة البالغة فيهم، من الخلق، والقدرة، والعلم، والرحمة، كل هذا مستلزم لذلك.
(المتن)
وَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي رِضَا نَفْسِهِ وَصِفَةِ خَلْقِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَزِنَةَ عَرْشِهِ فِيهِ إِثْبَاتٌ لِلْعَرْشِ وَإِضَافَتُهُ إِلَى الرَّبِّ وَأَنَّهُ أَثْقَلُ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى الإِطْلاقِ إِذْ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أثقل منه لَوُزِنَ بِهِ التَّسْبِيحُ.
(الشرح)
أثقل المخلوقات هو العرش، وهو سقفها، سقف المخلوقات عرش الرحمن، وهو أثقلها، وأعظمها، نسبة السموات إلى الكرسي كحلقة في فلاة، ونسبة الكرسي ومواضع القدمين للعرش كحلقة في فلاة في صحراء، فما عظمة هذا العرش؟!
نسبة السموات السبع كلها إلى الكرسي كحلقة في فلا، ما تساوي الحلقة في صحراء من الأرض؟! ونسبة الكرسي للعرش كحلقة في فلاة، ما عظمة هذا العرش؟! وزنته وثقله، فتسبح الله زنة هذا العرش.
(المتن)
(الشرح)
بعض الناس يقول: العرش لا ثقيل ولا خفيف، ماذا يصير؟ بين وبين، هذا الحديث يرد عليه ويد على أنه العرش ثقيل، قال: زِنَةَ عَرْشِهِ هذا التسبيح لولا أن العرش ثقيل لما وُزن به التسبيح.
(المتن)
(الشرح)
التضعيف الأول؛ عدد خلقه للكيمة، والثاني للصفة والكيفية سبحان الله رِضَا نَفْسِهِ.
(المتن)
وَالثَّالِثُ لِلْعِظَمِ وَالثُّقْلِ وكبر المِقْدَارِ.
وَقَوْلُهُ: وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ هَذَا يَعُمُّ الأَقْسَامَ الثَّلاثَةَ وَيَشْمَلُهَا فَإِنَّ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ لا نِهَايَةَ لِقَدْرِهِا وَلا لِصِفَتِهِا وَلا لِعَدَدِهِا قَالَ تَعَالَى: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً [الكهف/109].
وقال تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [لقمان/27].
وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ الْبَحْرُ مِدَادًا وَبَعْدُهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ تُمِدُّهُ كُلَّهَا مِدَادًا وَجَمِيعُ أَشْجَارُ الأَرْضِ أَقْلامًا وَهُوَ مَا قَامَ مِنْهَا عَلَى سَاقٍ مِنَ النَّبَاتِ وَالأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ.
(الشرح)
(مِنْهَا عَلَى سَاقٍ) بخلاف المنبطح، فإن ما قام على ساق يسمى شجر، وأما ما لم يقم على ساق كالمنبطح ما يسمى شجر، سواء مثمر أو غير مثمر، يعني: تكون هذه كلها أقلام، لو جُعلت كلها أقلام كم عدد الأشجار؟!
وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ[لقمان/27]؛ يصير مداد لكلمات الله؛ لنفد البحر وتكسرت الأقلام ولم تنفد كلمات الله.
(المتن)
وَتَسْتَمِدُّ بِذَلِكَ الْمِدَادَ لَفَنِيَتِ الْبِحَارُ وَالأَقْلامُ وكلمات الرب لا تفنى وَلا تَنْفَدُ فَـ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
فَأَيْنَ هَذَا مِنْ وَصْفِ مَنْ يَصِفَهُ بِأَنَّهُ مَا تَكَلَّمَ وَلا يَتَكَلَّمُ وَلا يَقُومُ بِهِ كَلامٌ أَصْلا؟
(الشرح)
وهم الجهمية والمعتزلة يقولون: لا يتكلم ولا يقوم به كلام، والأشاعرة يقولون: الكلام معنًا قائم بالنفس، جعلوا الرب كالأبكم، نعوذ بالله، يقولون: ما يتكلم؛ لأنه لو تكلم بالحرف والصوت لصار محل للحوادث، كيف تكلم بالقرآن؟ قالوا: ما تكلم بالقرآن ما سمع جبريل ولا كلمة، لكن الله اضطر جبريل ففهم المعنى القائم بنفسه فعبر بهذا القرآن، هذا عبارة عبر به جبريل، وبعضهم قال: عبر به محمد، وقالت طائفة من الأشاعرة: أخذه جبريل من اللوح المحفوظ ولم يسمع من الله كلمة، نعوذ بالله، والمعتزلة يقولون: القرآن مخلوق، والله تعالى يقول: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً [الكهف/109].
سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ هذا بيان للعدد، وَرِضَا نَفْسِهِ هذه بيان الصفة والكيفية، وَزِنَةَ عَرْشِهِ لبيان الثقل، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ تشمل الجميع الأمور الثلاثة كلها، هذا يدل على عظمة هذه الكلمات: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ من تأمل هذه المعاني عرف معنى قول النبي ﷺ لجويرية: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ.
جلست تسبح من الفجر إلى الضحى، ولما جاء النبي ﷺ قال: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سبحان الله رِضَا نَفْسِهِ سبحان الله زِنَةَ عَرْشِهِ سبحان الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وكررها ثلاث مرات؛ سواء أفردت أو جمعت سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ هذه الكلمات إذا تأملها كما ذكر المؤلف رحمه الله تبين له معنى الحديث.
الطالب: خاصة بالصبح بس ولا في المساء والصباح؟.
الشيخ: هذه مشروعة كل وقت، لكن النبي ﷺ قال لجويرية في الصباح.
الطالب: يذكرونها في أذكار الصباح فقط، أذكار المساء هي ليست موجودة؟.
الشيخ: مشروعة في كل وقت، التسبيح مشروع في الصباح وفي المساء وفي الظهر، في كل وقت، وفي الليل والنهار.
الطالب: لو كررها مئة مرة يا شيخ ؟
الشيخ: هي مطلوبة، لو كررها آلاف.
الطالب: بعضهم يقيدها بالنص يقول ثلاث مرات في الصباح وثلاث في المساء؟.
الشيخ: يُقال ما ورد وبعد ذلك بعدما ينتهي مما ورد فترة يسبح ما شاء، مثل تسبيح أذكار الصلوات يقول: سبحان الله وبحمده ثلاثة وثلاثين ولا تزيد، وبعدما تنتهي وهكذا لك أن تسبح، التسبيح مطلق تسبح ما شئت مئات وآلاف، لكن الشيء المقيد الذي جاء به النص لا تزيد عليه، المقيد بالنصوص تأتي بهذا العدد، ثم بعد ذلك تأتي بالتسبيح الذي تريد.
(المتن)
(الشرح)
هذا الأشاعرة، القول الأول الذين يقولون: هو ما تكلم ولا يُكلم، هؤلاء الجهمية والمعتزلة.
والذي يقول للكلام معنى؛ هم الأشاعرة، ما يقصد بمعنى؟ يعني معنى قائم بنفسه ليس بحرف ولا صوت، مثل ما يقوم العلم بنفسه يقوم الكلام بنفسه، هذا قول الأشاعرة يقولون: المعنى واحد لا يتجزأ ولا يتعدد ولا يتكثر، المعنى واحد لكن العبارة هي اللي تختلف، والمعنى القائم بنفس الرب إن عُبر عنه بالعربية صار قرآن، وإن عُبر عنه العبرانية صارت توراة، وإن عُبر بالسريانية هو الإنجيل، مع أنه واحد كلامه نفسه.
وضربوا لهذا مثل قالوا: مثل الإنسان يسمى أب بالنسبة لأبنائه، ويسمى عم بالنسبة لأبناء أخيه، ويسمى خال بالنسبة لأبناء أخواته، ويسمى جد بالنسبة لأبناء أبنائه وهو واحد، هكذا يقول الأشاعرة، كذلك هذا المعنى قائم بنفسه، هو معنى واحد لا يتعدد ولا يتجزأ، إن عُبر عنه بالعربية فهو قرآن، وإن عُبر عنه العبرانية فهو توراة، وإن عُبر بالسريانية فهو الإنجيل، هذا قول الأشاعرة.
وهذا من أبطل الباطل، هو يكاد يقول: المصحف ما فيه كلام الله، (......) لكن يسمى كلام الله مجازًا لأن كلام الله تأدى به، ولا ما فيه كلام الله وكلام الله ما يُسمع، هذا عبارة عن كلام الله، لكن يسمى كلام الله مجازًا؛ لأنه تأدى به كلام الله، وهذا قولهم، يقولون: نحن إذا قلنا: كلام الله نقد المجاز، عند المناقشة يقولون: كلام الله، لكن عند المناقشة والتدقيق يقولون: مرادنا بكلام الله المجاز لأنه تأدى به كلام الله، ولا كلام الله لا يُسمع، نسأل الله السلامة والعافية.
(المتن)
(الشرح)
هذا قول المعتزلة والجهمية.
(المتن)
(الشرح)
هذا قول الأشاعرة، ما يتجزأ ولا يتكثر ولا يتعدد.
(المتن)
(الشرح)
أنكروا أن يكون حروف وكلمات، سورة وآيات قالوا: كل هذا ليسوا من كلام الله.
(المتن)
(الشرح)
هذا خلاصة الكلام على: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ المقصود أن هذا التسبيح تسبيح عظيم.
(المتن)
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِي هَذَا التَّسْبِيحِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْجَلالِ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَوْ وُزِنَ غَيْرُهُ بِهِ لَوَزَنَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ.
وَهَذَا بَعْضُ مَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِالتَّنْزِيهِ وَالتَّعْظِيمِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِالْحَمْدِ.
(الشرح)
(اقْتِرَانِهِ بِالْحَمْدِ) يعني: سبحان الله وبحمده، هذه اقترن بها. اقتران التسبيح بالحمد
(المتن)
وَهَذَا بَعْضُ مَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِالتَّنْزِيهِ وَالتَّعْظِيمِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِالْحَمْدِ الْمُتَضَمِّنِ لِثَلاثَةِ أُصُولٍ:
أَحَدُهَا: إِثْبَاتُ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَهُ سُبْحَانَهُ، الثاني الثَّنَاءِ عَلَيْهِ الثالث: محبته والرضا به.
(الشرح)
إثبات صفات الكمال لله، والثناء على الله، ومحبة الله، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ قالوا: الباء الحمد مع التسبيح، التسبيح تنزيه، والحمد يتضمن الثناء على الله ووصف الله بصفات الكمال ومحبة الله .
(المتن)
(الشرح)
هذا المهم كونه يستحضر هذا عند التسبيح، يعني ما يكون يسبح وهو غافل مُعرض.
(المتن)
(الشرح)
يعني: تذكر معاني هذا التسبيح وهذا التحميد.
(المتن)
(الشرح)
وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله وبارك على نبينا محمد.