بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام عَلَى نبينا محمد ﷺ اللَّهُمَّ اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين.
نقرأ كتاب " المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام اِبْن القيم رحمه الله ".
(المتن)
فصل
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ كَوْنُ صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَعْدُلُ صِيَامَ الشَّهْرِ فَقَدْ ذكر في هَذَا الْحَدِيثُ سَبَبَهُ وَهُوَ أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَهُوَ يَعْدُلُ صِيَامَ الشَّهْرِ غَيْرِ مُضَاعِفٍ لِثَوَابِ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَإِذَا صَامَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَحَافَظَ عَلَى ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ.
(الشرح)
والدليل قوله تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [الأنعام/160]؛ والصيام ثلاثة أيام من كُلّ شهر صيام الشهر؛ لِأَنَّ كُلّ يوم بعشرة أيام وَهَذَا فضل الله.
(المتن)
وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَالَ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.
وَفِي كَوْنِهَا مِنْ شَوَالَ سِرٌّ لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْجُبْرَانِ لِرَمَضَانَ وَتَقْضِي مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي الصَّوْمِ.
(الشرح)
هَذَا سر لطيف، رمضان بعشرة أشهر وستة أيام بشهرين مضاعفة، فَإِذَا صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر، كان كأنه صام السنة كلها، عشرة أيام مضاعفة بعشرة أشهر وستة أيام في شهرين، في سر لطيف ذكره المؤلف وهو.
(المتن)
(الشرح)
كُلّ هَذِهِ تجري مجرى النقص مجرى الجبران، يَعْنِي ترقع ما تخرق منه، وتجري مجرى السنة، مثل السنة، السنة صلاة الفريضة سنة بَعْدَ حوالي،، تجري مجرى السنة ستة أيام كالسنة، كُلّ هَذِهِ من الفوائد فَهِيَ تجري إيش؟.
(المتن)
(الشرح)
كذلك سجدة السهو الَّتِي تكون بَعْدَ الصلوات.
(المتن)
(الشرح)
هُوَ سجد الساجد جبران للصلاة النقص الَّذِي حصل ترك واجب فسجد سجدتين سهو تجبر هَذَا النقص.
(المتن)
(الشرح)
قوله: كصيام الدهر ليس معنى هَذَا أَنَّهُ يجوز صيام الدهر لا، صيام الدهر منهي عنه فِيهِ النهي، وجاء أيضًا الوعيد كما في حديث: مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ أو حصرت عَلَيْهِم، أو كما جاء، هَذَا وعيد شديد فلا يجوز للإنسان صيام الدهر، وَلَكِن نهاية الصيام أن يصوم يومًا ويفطر يومًا نصف الدهر، أَمَّا أن يصوم الدهر كله سرد، فَهَذَا إِمَّا محرم أو مكروه، يَقُولُ النَّبِيِّ: لا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، وفي لفظ : لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ.
فالعلماء منهم من قَالَ إنه للتحريم ومنهم من قَالَ إنه للكراهة الشديدة، هُوَ إِمَّا حرام وإما مكروه، والأقرب أَنَّهُ لا يجوز، الأقرب أَنَّهُ محرم لا يجوز له أن يصوم الدهر كله، وَإِنَّمَا الغاية والنهاية صوم نصف الدهر، لقول النَّبِيِّ ﷺ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا.
(المتن)
وَلِهَذَا جَعَلَ صيام ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ وَصِيَامَ رَمَضَانَ وَإِتْبَاعِهِ بِسِتٍّ مِنْ شَوَالَ يعدل صيام ثلاث مئة وستين يوما وذلك حراما غَيْرُ جَائِزٍ بِالاتِّفَاقِ فَإِنَّهُ وَقَّعَ التَّشْبِيهَ فِي الثَّوَابِ لا عَلَى تقدير كَوْنِهِ مَشْرُوعًا بَلْ وَلا مُمْكِنًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْجِهَادِ فَقَالَ للسائل: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَصُومَ فَلا تُفْطِرُ وَتَقُومُ فَلا تُفْتِرُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: ذَلِكَ مِثْلُ الْمُجَاهِدِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ مُسَاوَاتُهُ لَهُ.
(الشرح)
يَعْنِي المجاهد إذا جاهد في سبيل الله لا يعدله شيء، قَالَ ﷺ ماذا يعدل؟ قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَصُومَ فَلا تُفْطِرُ وَتَقُومُ فَلا تُفْتِرُ؟ قَالَ: لا، قَالَ: أما إنك لو طوقت لما أدركت ذلك أو كما جاء في الحديث.
ليس معنى هَذَا أَنَّهُ يجوز للإنسان أَنَّهُ يصوم ولا يفطر ويقوم ولا يفتر لا، هَذَا من باب التشبيه، التشبيه بالشيء لا يدل عَلَى جوازه.
(المتن)
وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ ﷺ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْضِيلِ الْعَمَلِ الْوَاحِدِ عَلَى أَمْثَالِهِ وَأَضْعَافِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنَّ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ تَعْدُلُ صَلاتُهُ تِلْكَ صَلاةَ مَنْ قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي قَامَ الليل قد صلى تلك الصَّلاتَيْنِ فِي جَمَاعَةٍ أَحْرَزَ الْفَضْلَ الْمُحَقَّقَ وَالْمُقَدَّرَ.
(الشرح)
الفضل المحقق في قيام الليل والمقدر في صلاة الفجر والعشاء في جماعة.
(المتن)
(الشرح)
كان كمن صلاهما في جماعة ونام بمنزله إن صحت صلاة المنفرد، وإن صلاهما وحده كان كمن.
(المتن)
(الشرح)
إن صحت لِأَنَّهُ في خلاف، بعض العلماء قالوا لا تصح صلاة المنفرد، وهو قول شيخ الإسلام اِبْن تيمية، يرى صلاة الجماعة شرطٌ في صحة الصلاة، وهي رواية عن الإمام أحمد، والصواب أَنَّهَا تصح مَعَ الإثم إذا كان يقدر أن يصلي جماعة، وإِذَا كان لا يقدر يكون معذور، إذا صلاها وحده كان بِمَنْزِلَةِ من صلاهما في البيت، يَعْنِي ما صلهما في جماعة، صلى في منزله وقام الليل، صلى هُوَ في جماعة في منزله وَلَمْ يصل في بيته، العبارة فِيهَا غموض.
يَعْنِي يَقُولُ: هَذَا صلى الليل بالفعل ولكنه لَمْ يصل العشاء في جماعة صلاها في البيت، والأول صلى الفجر والعشاء في جماعة وَلَمْ يقم الليل، يَعْنِي صار متساويين، أعد العبارة إن صحت صلاة المنفرد.
(المتن)
(الشرح)
تفاضل ذَلِكَ بعددها وليس بسورها وَإِنَّمَا هُوَ بمتابعة السنة، والتفاضل يكون بموافقة رضا الرب وموافقة شرعه لا بالعدد، إِنَّمَا بالإكمال والإتقان والإخلاص وحضور القلب، هَذَا تفاضل لا بالعدد ولا بالسور، وَإِنَّمَا التفاضل يكون بحسب ما يكون في القلب من حقائق الإيمان والإخلاص والصدق مَعَ الله ومتابعة السنة.
(المتن)
(الشرح)
لاشك أن هَذَا هُوَ التفاضل الإتمام والإكمال والإخلاص وموافقة الرب هَذَا التفاضل لا بالعدد، من صلى ركعتين موافق فِيهَا الشريعة وموافق فِيهَا رضا الرب أفضل من مائة ركعة لا يتابع فِيهَا السنة ولا يوافق فِيهَا رضا الرب.
(المتن)
فصل
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ....
(الشرح)
بركة وفق الله الجميع لطاعته.