بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد ﷺ.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين.
نقرأ في كتاب "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" للإمام ابن القيم رحمه الله .
(المتن)
وَسُئِلْتُ: هَلْ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ بِضَابِطٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْظَرَ فِي سَنَدِهِ؟.
فَهَذَا سُؤَالٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ وَإِنَّمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ تَضَلَّعَ فِي مَعْرِفَةِ السَّنَنِ الصَّحِيحَةِ وَاخْتَلَطَتْ بِلَحْمِهِ وَدَمِّهِ وَصَارَ لَهُ فِيهَا مَلَكَةٌ وَصَارَ لَهُ اخْتِصَاصٌ شَدِيدٌ بِمَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ وَمَعْرِفَةِ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهَدْيِهِ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ وَيُخْبِرُ عَنْهُ وَيَدْعُو إِلَيْهِ وَيُحِبُّهُ وَيَكْرَهُهُ وَيُشْرِعُهُ لِلأُمَّةِ بحيث كَأَنَّهُ مُخَالِطٌ لِلرَّسُولِ ﷺ كَوَاحِدٍ مِنَ أَصَحَابِهِ.
فَمِثْلُ هَذَا يَعْرِفُ مِنْ أَحْوَالِ الرَّسُولِ ﷺ وَهَدْيِهِ وَكَلامِهِ وَمَا يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَمَا لا يَجُوزُ مَا لا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مُتَّبِعٍ مَعَ مَتْبُوعِهِ فَإِنَّ لِلأَخَصِّ بِهِ الْحَرِيصَ عَلَى تَتَبُّعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ مِنَ الْعِلْمِ بِهَا وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ مَا يَصِحُّ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ وَمَا لا يَصِحُّ مَا لَيْسَ لِمَنْ لا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهَذَا شَأْنُ الْمُقَلِّدِينَ مَعَ أَئِمَّتِهِمْ يَعْرِفُونَ أَقْوَالَهُمْ وَنُصُوصَهُمْ وَمَذَاهِبَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الشرح)
يعني يقول: هل يمكن معرفة الحديث الموضوع من غير معرفة السند؟ السند يدرس السند على قدره ويعرف الضعيف من الحسن، لكن هل يمكن معرفة عدول السند؟ قال: نعم يمكن هذا للمحدثين الأئمة الذي خبروا السنة وعرفوها، ودرسوها في ليلهم ونهارهم ونشئوا عليها منذ الصغر، وتمرسوا على قراءة الأحاديث حتى اختلطت بدمائهم، صار الواحد يعرف بمجرد ما يقرأ الحديث يعرف هل هذا أسلوب الرسول أو ليس بأسلوبه، ومن قوله أو ليس قوله، هذا خاص بالعلماء الكبار المحدثين أهل الخشية وأهل التقوى وأهل الميراث وطول الخبرة، ما يكون لكل أحد، هذا يمكن بمجرد ما عرف الحديث ولو ما عرف السند يعرف هذا من كلام رسول الله أو ليس من كلامه.
(المتن)
(الشرح)
هذا الحديث موضوع ومن علامات الوضع الثواب الكثير على العمل القليل، الحديث الصحيح: من قال: سبْحَانَ اللَّهِ غُرِسَ اللَّهُ لَهُ نَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ.
مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ غُفِرت ذُنُوبُه وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ هذه الأحاديث الصحيحة، "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ غُرَسَت له مليون نخلة" هذا من علامات الوضع.
(المتن)
وَجَعْفَرٌ هَذَا هُوَ جَعْفَرُ بْنُ جِسْرِ بْنِ فَرْقَدٍ أَبُو سُلَيْمَانَ الْقَصَّابُ الْبَصْرِيُّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: "أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرٌ" وَقَالَ الأَزْدِيُّ: "يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ".
وَأَمَّا أَبُوهُ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعَينٍ: "لا شَيْءَ وَلا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ" وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقَطْنِيُّ: "ضَعِيفٌ" وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: "خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْعَدَالَةِ" وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: "عَامَةُ أَحَادِيثِهِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ".
(الشرح)
المهم هو حديث باطل ولا يصح.
(المتن)
(الشرح)
هذا من الأحاديث الموضوعة المكذوبة.
(المتن)
(الشرح)
لاشك أن هؤلاء كذابين.
الطالب: هم ثلاثة: الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ الْبَلْخِيُّ، سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى، الثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ.
الشيخ: نعم.
الطالب: هم أربعة: أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُوَيْبَارِيِّ، الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ الْبَلْخِيُّ، سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى، الثَّوْرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ.
(المتن)
(الشرح)
الطالب: عندنا يُعَوِر.
الشيخ: نقرأ المتن.
(المتن)
(الشرح)
يُعمِ ولا يُعَوِر؟.
الطالب: ذكر هنا في ميزان الاعتدال الذهبي في ترجمة عباس بن الضحاك لم يُعوَر الهاء، وجاء في الأصل: لم يُقم الهاء، وهذا تحريف عما أُثبت.
"مِنْ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَمْ يُعْمِ الْهَاءَ الَّتِي فِي اللَّهِ تَعَالَى كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ".
الشيخ: ثلاثة ملايين: مليون حسنة، ومليون سيئة تُدفع، ومليون درجة.
(المتن)
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو الْعَلاءِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ "مَنْ كَفَّنَ مَيِّتًا فَإِنَّ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تُصِيبُ كفنه عشر حسنات".
وأبو الْعَلاءِ هَذَا يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ وَلا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا سلط بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلاءِ قَالَ الدَّارَقَطْنِيُّ: "يُقَالُ إِنَّ أَبَا الْعَلاءِ هَذَا الْخَفَّافُ الْكُوفِيُّ وَاسْمُهُ خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ" انْتَهَى، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: "هُوَ ضَعِيفٌ خَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَشْرِ سِنِينَ وَكَانَ قَبْلُ ذَلِكَ ثِقَةٌ وَكَانَ فِي تَخْلِيطِهِ يَحْمِلُ مَا جاءوا به ويقرؤه" انتهى.
(الشرح)
هذا بعض الكذابين يقول: نحن نكذب للرسول ﷺ ما نكذب عليه، فرقٌ بين من كذب له من كذب عليه، هذا كلام باطل، والكذب لا يجوز لا له ولا عليه وكل هذا من التلبيس.