شعار الموقع
  1. الصفحة الرئيسية
  2. الدروس العلمية
  3. الحديث وعلومه
  4. كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف
  5. كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف 8 تابع هَلْ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ بِضَابِطٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْظَرَ فِي سَنَدِهِ - أُمُورٍ كُلِّيَةٍ يعرف بِهَا كَوْنُ الْحَدِيثُ مَوْضُوعًا

كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف 8 تابع هَلْ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ بِضَابِطٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْظَرَ فِي سَنَدِهِ - أُمُورٍ كُلِّيَةٍ يعرف بِهَا كَوْنُ الْحَدِيثُ مَوْضُوعًا

00:00
00:00
تحميل
90

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد ﷺ.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين.

نقرأ في كتاب "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" للإمام ابن القيم رحمه الله.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو الْعَلاءِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ "مَنْ كَفَّنَ مَيِّتًا فَإِنَّ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تُصِيبُ كفنه عشر حسنات".

وأبو الْعَلاءِ هَذَا يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ وَلا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنَا السلط بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلاءِ قَالَ الدَّارَقَطْنِيُّ: "يُقَالُ إِنَّ أَبَا الْعَلاءِ هو الْخَفَّافُ الْكُوفِيُّ وَاسْمُهُ خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ" انْتَهَى، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: "هُوَ ضَعِيفٌ خَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَشْرِ سِنِينَ وَكَانَ قَبْلُ ذَلِكَ ثِقَةٌ وَكَانَ فِي تَخْلِيطِهِ كل مَا جاءوا به ويقرؤه" انتهى.

(الشرح)

ما يميز كل ما جاءوا به يقرأه ولا يُقره، يعني هذا الحديث: "مَنْ كَفَّنَ مَيِّتًا فَإِنَّ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تُصِيبُ كفنه عشر حسنات" ضعيف، من كفن مسلم له أجر وله ثواب عند الله لكن تحديده بهذا لكل شعرة عشر حسنات هذا ضعيف رواه أبو العلاء عن نافع، وهو يروي عنه مالم يثبت المؤلف رحمه الله يذكر أحاديث ضعيفة ثم ينقضها.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: "مِنْ صَامَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ" وَهَذَا حَدِيثٌ باطل موضع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

(الشرح)

هذا من أبطل الأحاديث على وجه الأرض لأن يوم العيد لا يجوز صومه، باجماع المسلمين يومان يحرم صومها في السنة وهو عيد الفطر وعيد الأضحى، كذلك أيام التشريق كذلك يحرم صومها إلا صنف واحد من الناس؛ وهو الحاج المتمتع (.....) الذي لم يجد الهدي ولم يصم الأيام الثلاثة قبل العيد فيصوم أيام التشريق، روي في صحيح البخاري عن عائشة أن النبي ﷺ قال: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمنَ إلا لمن لم يجد الهدي».

أما "مِنْ صَامَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ" هذا باطل ومن أبطل الباطل، فالعيد حرامٌ صومه ولا يصح صومه، صومه باطل وحرام.

الطالب: لو كان ليس بحاج؟.

الشيخ: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمنَ إلا لمن لم يجد الهدي» لا يصومه.

الطالب: أربعة أيام؟.

الشيخ: لا، خمسة أيام في السنة يحرم صومها: يوم عيد الفطر، يوم الأضحى، وأيام التشريق، لا يصومها إلا الحاج الذي لم يجد الهدي، مقصوده يُفطر والحمد لله، (.....) قال الرسول ﷺ في الحديث الصحيح: أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَيَّامِ أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لِلَّهِ .

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: "مِنْ صَامَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ" وَهَذَا حَدِيثٌ باطل موضع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

(الشرح)

موضوع يعني مكذوب.

(المتن)

وابن البيلماني يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَالنَّسَائِيُّ: "هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ" وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: "لَيْسَ بِشَيْءٍ".

وَقَالَ الدَّارَقَطْنِيُّ وَالْحُمَيْدِيُّ: "ضَعِيفٌ" وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: "حَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ بنسخة شبيهة بمئة حَدِيثٍ كُلِّهَا مَوْضُوعَةٍ لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ وَلا ذِكْرُهُ إِلا عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبِ".

(الشرح)

يعني: لا يجوز الإنسان يذكر مثل هذه الأحاديث إلا على وجه التنبيه، ينبه الناس أنه حديث باطل.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةَ سِتِّينَ سَنَةً وَهَذَا بَاطِلٌ يَرْوِيهِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَبِيبٌ هذا غير حبيب كَانَ يضع الأَحَادِيثَ.

(الشرح)

يعني ليس كاسمه، بل هو بغيض من جهة وضع الحديث.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ: "مَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةَ سِتِّينَ سَنَةً" وَهَذَا بَاطِلٌ يَرْوِيهِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَبِيبٌ هذا غير حبيب كَانَ يضع الأَحَادِيثَ.

(الشرح)

كذلك الأحاديث التي رويت في صيام رجب اليوم الأول، اليوم الثاني، يوم سبع وعشرين، وأن صيام الأول ستين سنة والثاني كذا، كل هذه الأحاديث موضوعة وبعضها ضعيف جدًا.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ زَكَرِيَّا بْنُ دُوَيْدٍ الْكِنْدِيُّ الْكَذَّابُ الأَشَرُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: "مَنْ دَاوَمَ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى وَلَمْ يَقْطَعْهَا مِنْ عِلَّةٍ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ فِي زَوْرَقٍ مِنْ نُورٍ فِي بَحْرٍ مِنْ نُورٍ حَتَّى نَزُورَ رَبَّ الْعَالَمِينَ".

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مِنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَيْنَهُنَّ بِشَيْءٍ عَدَلْنَ لَهُ عِبَادَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً".

وَعُمَرُ هَذَا قَالَ فِيهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بن معين والدارقطني: "ضعيف" وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: "لا يُسَاوِي حَدِيثُهُ شَيْئًا" وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: "منكر الحديث وضعفه جدًا".

وقال ابن حبان: "لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ إِلا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَالِكٍ وَابْنِ أبي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الثِّقَاتِ".

(الشرح)

قال النبي ﷺ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ نعوذ بالله.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ "مَنْ صَلَّى يَوْمَ الأَحَدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدَ و آمن الرَّسُولُ إِلَى آخِرِهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ حَجَّةٍ وَأَلْفَ عُمْرَةٍ وَأَلْفَ غَزْوَةٍ وَبِكُلِّ رَكْعَةٍ أَلْفَ صَلاةٍ وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ أَلْفَ خَنْدَقٍ" فَقَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهُ مَا أَجْرَأَهُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

(الشرح)

من علامة ضعف الحديث الثواب الكثير في مقابل العمل اليسير، هذا أربع ركعات بألف حجة، وألف غزوة، وبينه وبين النار ألف خندق مقابل أربع ركعات يوم الأحد، يوم الأحد ما فيه فضيلة.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ "مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الأَحَدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مرة و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً أَعْطَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَعَمِلَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ وَيَخْرُجُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قَبْرِهِ وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَيُعْطِيهِ اللَّهُ بِكُلِّ رَكْعَةٍ أَلْفَ مَدِينَةٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أَلْفُ قَصْرٍ مِنْ زَبَرْجَدٍ فِي كُلِّ قَصْرٍ أَلْفُ دَارٍ مِنَ الْيَاقُوتِ فِي كُلِّ دَارٍ أَلْفُ بَيْتٍ مِنَ الْمِسْكِ فِي كُلِّ بَيْتٍ أَلْفُ سَرِيرٍ" وَاسْتَمَرَّ هَذَا الْكَذَّابُ الأَشَرُّ عَلَى الآلاف!.

(الشرح)

على الآلاف، ألف وألف، الأول كان يقول: يوم الأحد، وهذا ليلة الأحد.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ "مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ سِتَّ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الصمد/1] وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ أَلْفِ صِدِّيقٍ وَأَلْفِ عَابِدٍ وَأَلْفِ زَاهِدٍ" فَقَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهُ وَمُخْتَلِقَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْجُوَيْبَارِيِّ الْخَبِيثِ.

(الشرح)

هؤلاء استمروا كل ليلة يضعوا، يأتوا بواحد يوم الثلاثاء، وواحد يوم الأربعاء، وواحد يوم الخميس.

الطالب: أحمد بن عبدالله الجويباري؟.

الشيخ: ما في ترجمة له.

الطالب: لا.

الشيخ: هو كذاب من الكذابين نسأل الله العافية.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ "مَنْ صَلَّى يَوْمَ الاثْنَيْنِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مرة وآية الكرسي مرة وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الصمد/1] مَرَّةً وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق/1] مَرَّةً كُفِّرَتْ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا وَأَعْطَاهُ اللَّهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ فِي جَوْفِ الْقَصْرِ سَبْعَةُ أَبْيَاتٍ طُولُ كُلِّ بَيْتٍ ثَلاثَةُ آلافِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهُ مِثْلُ ذَلِكَ".

وَاسْتَمَرَّ هَذَا الْكَذَّابُ الْخَبِيثُ عَلَى حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِيهِ مِنَ هَذِهِ الْمُجَازَفَاتِ وَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ كَذَّابٌ دجال يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ وَوَضَعَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ أَحَادِيثَ صَلاةِ يَوْمِ الأَحَدِ وَلَيْلَةِ الأَحَدِ وَصَلاةِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ وليلة الاثنين ويوم الثلاثاء وليلة الثُّلاثَاءِ وَهَكَذَا فِي سَائِرِ أَيَّامِ الأُسْبُوعِ وَلَيَالِيهِ.

(الشرح)

نسأل الله العافية، كل ليلة يضعوا فيها أحاديث، مثل بعض الوضاعين الذي يضع في فضائل السور، وضع في فضائل سورة البقرة من قرأها له كذا وكذا من الأجر، ومن قرأها لعمره له كذا، ومن قرأها لسنة له كذا، إلى آخره، فلما سُئل من أين لك هذه الأحاديث؟ قال: هذه أحاديث وضعناها لنرقق بها قلوب العامة لما رأينا الناس انصرفوا إلى فقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق أتينا نريد نصرفهم إلى القرآن.

(المتن)

وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدًا وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا مِنْهُ جُزْءًا يَسِيرًا لِيُعْرَفَ بِهِ أَنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَأَمْثَالَهَا مِمَّا فِيهِ هَذِهِ الْمُجَازَفَاتِ الْقَبِيحَةِ الْبَارِدَةِ كلها كذب على رسول الله ﷺ فَقَدِ اعْتَنَى بِهَا كَثْيرٌ مِنَ الْجُهَّالِ بِالْحَدِيثِ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الزُّهْدِ وَالْفَقْرِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْفِقْهِ.

وَالأَحَادِيثُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَيْهَا ظُلْمَةٌ وَرَكَاكَةٌ وَمُجَازَفَاتٌ بَارِدَةٌ تُنَادِي عَلَى وَضْعِهَا وَاخْتِلاقِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ حَدِيثِ "مَنْ صَلَّى الضُّحَى كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً أُعْطِيَ ثَوَابَ سَبْعِينَ نَبِيًّا".

وَكَأَنَّ هَذَا الْكَذَّابَ الخبيث لم يعلم أَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ ، لَوْ صَلَّى عُمْرَ نُوحٍ لَمْ يُعْطَ ثَوَابَ نَبِيٍّ وَاحِدٍ.

(الشرح)

وهذا يقول: يعطى ثواب سبعين نبي بصلاة الضحى، والناس كلهم ما يصلون إلى ما وصل إليه الأنبياء.

(المتن)

وَكَقَوْلِهِ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِنِيَّةٍ وَحِسْبَةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرَفَعَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ بَيْنَ كُلِّ درجتين مسيرة مئة عام".

(الشرح)

كل شعرة مر عليها الماء.

(المتن)

ومر فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهُ وَهُوَ مِنْ عَمَلِ عُمَرَ بْنِ صُبْحٍ الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ.

فَصْلٌ.

وَنَحْنُ نُنَبِّهُ عَلَى أُمُورٍ كُلِّيَةٍ يعرف بِهَا كَوْنُ الْحَدِيثُ مَوْضُوعًا:

فَمِنْهَا: اشْتِمَالُهُ عَلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْمُجَازَفَاتِ الَّتِي لا يَقُولُ مِثْلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

(الشرح)

يعني: يريد أن ينبه على كليات وقواعد يُعرف بها الحديث الموضوع، منها: المجازفات، المجازفات الكثيرة يعني يكون ثواب كثير في مقابل عمل قليل، مثل يعطى ألف كذا وكذا، ويُعطى مئات الألوف.

(المتن)

وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًا كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَكْذُوبِ: "مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ خَلَقَ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ طَائِرًا لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ لِكُلِّ لِسَانٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لُغَةٍ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَهُ وَمَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا أُعْطِيَ فِي الْجَنَّةِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَدِينَةٍ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ سَبْعُونَ أَلْفَ قَصْرٍ فِي كُلِّ قَصْرٍ سَبْعُونَ أَلْفَ حَوْرَاءَ".

(الشرح)

هذا من المجازفات.

(المتن)

وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْمُجَازَفَاتِ الْبَارِدَةِ الَّتِي لا يَخْلُو حَالُ وَاضِعِهَا مِنَ أحد أمرين إما أن يكون في غاية الجهل والحمق وإما أن يكون زنديقا قصد التنقيص بِالرَّسُولِ ﷺ بإضافة مثل هذه الكلمات إليه.

فَصْلٌ.

وَمِنْهَا: تَكْذِيبُ الْحِسِّ لَهُ كَحَدِيثِ: "الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ".

"وَالْبَاذِنْجَانُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ" قَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهُمَا فَإِنَّ هَذَا لَوْ قَالَهُ بعض جهلة الأَطِبَّاءِ لسخر النَّاسُ مِنْهُ وَلَوْ أُكِلَ الْبَاذِنْجَانُ للحمى والسوداء الغالبة وَكَثِيرٍ مِنَ الأَمْرَاضِ لَمْ يَزِدْهَا إِلا شِدَّةً وَلَوْ أَكَلَهُ فَقِيرٌ لِاسْتَغْنَى لَمْ يُفِدْهُ الْغِنَى أَوْ جَاهِلٌ لِيَتَعَلَّمَ لَمْ يُفِدْهُ الْعِلْمُ.

(الشرح)

قال: "الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ" يقول: لو أكله فقير ما استفاد، ولو أكله عامي يريد يتعلم ما استفاد، ولا استعمله في بعض الأمراض زاد المرض، وهذا الكذاب ينسبه لرسول الله يقول: "الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ"، "وَالْبَاذِنْجَانُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ" والمؤلف قال: لو قاله بعض الأطباء لسخر الناس منه، فكيف يُنسب إلى رسول الله؟ هذا دليل على كذب الحديث أن يكون يخالف الحس ويخالف الواقع ويكذبه الواقع، لو كان "وَالْبَاذِنْجَانُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ" كل واحد يأكل باذنجان ولا يحتاج إلى علاج، هذا يكذبه الواقع والحس.

(المتن)

وَكَذَلِكَ حَدِيثِ "إِذَا عَطَسَ الرَّجُلُ عِنْدَ الْحَدِيثِ فَهُوَ دَلِيلُ صِدْقِ" وهذا وإن صحح بعض الناس سَنَدِهِ فَالْحِسُّ يَشْهَدُ بِوَضْعِهِ لأَنَّا نُشَاهِدُ الْعَطَّاسَ وَالْكَذِابَ يَعْمَلُ عَمَلَهُ ولو عطس مئة أَلْفِ رَجُلٍ عِنْدَ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ بِالْعِطَاسِ وَلَوْ عَطَسُوا عِنْدَ شِهَادَةِ زُورٍ لَمْ تُصَدَّقْ.

(الشرح)

يعني أي حديث إذا شخص يتحدث وعطس يكون صادق، ولو كان شهادة زور، إذا شهد شخص وعطس يعني هذا شهادة حق يعني على هذا الموضوع، وهذا يكذبه الحس والواقع.

الطالب: من العامة لما يأتي يتكلم يقول: إذا أذن المؤذن يكون كلامي حقًا، يعني هو يتكلم الآن وأذن المؤذن، قال: صدقت كلامي حق يعني، أو الآذان وافق كلامي.

الشيخ: هذا كذاب، كلام المؤذن حق نعم، لكن كون الشخص يتكلم وسمع المؤذن لا يدل على صدق هذا الشخص، لكن المؤذن نفسه صادق.

بعض السحرة إذا سمع المؤذن يتكلم كلمات كفرية عند أذان المؤذن، أو يعمل عمله عند أذان المؤذن، قبحهم الله.

(المتن)

وَكَذَلِكَ حَدِيثِ "عَلَيْكُمْ بِالْعَدَسِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ يُرَقِّقُ الْقَلْبَ وقُدِّسَ فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيًّا"، وَقَدْ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ؟ وَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ يَرْوِي عَنْكَ! فَقَالَ: "وَعَنِّي أَيْضًا".

أَرْفَعُ شَيْءٍ فِي الْعَدْسِ أَنَّهُ شَهْوَةُ الْيَهُودِ.

(الشرح)

اليهود طلبوا العدس لما أنزل الله عليهم المن والسلوى قالوا: ملينا من هذا نريد عدس وبصل وثوم، قالوا: وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [البقرة/61].

تسألون الذي هو أدنى وتتركون المن والسلوى! أرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود العدس.

(المتن)

وَلَوْ قُدِّسَ فِيهِ نَبِيٌّ وَاحِدٌ لَكَانَ شِفَاءً مِنَ الأَدْوَاءِ فَكَيْفَ بِسَبْعِينَ نَبِيًّا؟ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَدْنَى وَنَعَى عَلَى مَنِ اخْتَارَهُ عَلَى الْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَهُ قَرِينَ الثَّوْمِ وَالْبَصَلِ أَفَتَرَى أَنْبِيَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُدَّسُوا فِيهِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَالْمِضَارِ الَّتِي فِيهِ مِنْ تهييج السَّوْدَاءِ وَالنَّفْخِ وَالرِّيَاحِ الْغَلِيظَةِ وَضِيقِ النَّفَسِ وَالدَّمِّ الْفَاسِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَضَارِ الْمَحْسُوسَةِ؟!

(الشرح)

يقول: أفترى أنبياء بني إسرائيل قدسوا لهذه المضار، يعني يستنكر.

(المتن)

وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَضْعِ الَّذِينَ اخْتَارُوهُ عَلَى الْمَنِّ وَالسَّلْوَى أَوْ أَشْبَاهُهُمْ.

(الشرح)

يقول: هذا وضع اليهود وأشباههم، يعني اليهود هم الذين اختاروه على المن والسلوى فلابد أن يكونوا هم من وضعوا هذا الحديث وأتباعهم.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ "إن الله خلق السموات وَالأَرْضَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ".

(الشرح)

هذا باطل ومصادم للقرآن، قال الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الفرقان/59].

وهم يقولون: في يوم واحد يوم عاشوراء.

(المتن)

وَحَدِيثِ "اشْرَبُوا عَلَى الطَّعَامِ تَشْبَعُوا".

(الشرح)

وهذا مخالف للصحة، الصحة ألا تشرب على الطعام في الحال ولكن اشرب بعد ذلك.

(المتن)

 فَإِنَّ الشُّرْبَ عَلَى الطَّعَامِ يُفْسِدُهُ وَيَمْنَعُ مِنِ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ وَمِنْ كَمَالِ نُضْجِهِ.

(الشرح)

فلا يستحب الأطباء الشرب على الطعام لأنه يُفسده.

(المتن)

وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ "أَكْذَبُ النَّاسِ الصَّبَّاغُونَ وَالصَّوَّاغُونَ".

(الشرح)

الصباغ: الذي يصبغ.

الصواغون: أهل الصاغة وأهل الذهب.

(المتن)

وَالْحِسُّ يَرُدُّ هَذَا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ فِي غيرهم أضعافه فيهم كالرافضة فَإِنَّهُمْ أَكْذَبُ خَلْقِ اللَّهِ وَالْكُهَّانِ والطرقية.

(الشرح)

 الطرقية: الذي يخطون في الأرض ويضربون بالحصى.

(المتن)

 وِالْمُنَجِّمِينَ.

(الشرح)

هؤلاء أكذب الناس: الكهان، والطرقية، والمنجمين.

(المتن)

وَقَدْ تَأَوَّلُهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّبَّاغِ الَّذِي يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ أَلْفَاظًا تُزَيِّنُهُ، وَالصَّوَّاغُ الَّذِي يَصُوغُ الْحَدِيثَ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَهَذَا تَكَلُّفٌ بَارِدٌ لِتَأْوِيلِ حَدِيثٍ بَاطِلٍ.

(الشرح)

هذا تأويل بعيد، الظاهر الصباغ: هو الذي يصبغ، والصواغ: صائغ الذهب.

وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد