بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين؛ أَمَّا بَعْد: ...
(المتن)
قَالَ الشيخ عبد الرحمن بْن حسن رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين:
(الشرح)
لاشك أن هَذَا الكتاب كتاب عظيم كتاب التوحيد ستة وستين بابًا؛ اشتملت عَلَى أبواب عظيمة بيان التوحيد وأهميته وبيان الشِّرْك وعظمه، ووسائل الشِّرْك والطرق الموصلة إِلَى الشِّرْك، والطرق المقوية للتوحيد إِلَى غير ذَلِكَ مِمَّا اشتمل عَلَيْهِ هَذَا الكتاب العظيم.
(المتن)
(الشرح)
والإطراء هُوَ مجاوزة الحد في المدح والكذب فِيهِ في الأقوال والغلو في الأفعال، فنهاهم عَنْ الإطراء ونهاهم عَنْ الغلو.
(المتن)
وهذا من كمال نصحه للأمة وشفقته عليهم، حذرهم مما يكون ذريعة إلى الغلو فيه.
وقوله: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فأعلى مراتب العبد هاتان الصفتان العبودية الخاصة والرسالة، وللنبي ﷺ أكملها.
(الشرح)
ولهذا وصفه الله في المقامات العظيمة بالعبودية والرسالة، في مقام التحدي، مقام الإسراء، مقام الدعوة، وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [البقرة/23].
وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا [الجن/19].
مقام الإسراء سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء/1].
فالمقامات العظيمة وصف الله نبيه بالعبودية، العبودية الخاصة والرسالة، هَذَا أكمل، أكمل الصفات العبودية الخاصة والرسالة.
(المتن)
(الشرح)
العبودية العامة هَذِهِ شاملة للمؤمن وَالْكَافِر.
العبودية عبوديتين:
عبودية عامة.
وعبودية خاصة.
العبودية العامة شاملة الْمُؤْمِن وَالْكَافِر، بمعناها أن كُلّ مخلوق يأتي معبد يوم القيامة، معبد مدبر تنفذ فِيهِ قدرة الله ومشيئته، الْمُؤْمِن وَالْكَافِر جميعًا، ليس له اختيار في هَذَا، العبودية العامة ما فِيهَا اختيار، كُلّ إنسان معبد مقهور مذلل مصرف مدين محاسب دون اختياره؛ بَلْ كُلّ من في السموات والأرض يأتي يوم القيامة معبد؛ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [مريم/93].
أَمَّا العبودية الخاصة فَهِيَ خاصة بالمؤمنين الَّذِينَ يعبدون الله باختيارهم، والرسول له الكمال في هَذَا، أكمل الْمُؤْمِنِينَ العبودية الخاصة، والرسل أكمل النَّاس في هَذِهِ العبودية الخاصة.
(المتن)
وقد أخبر تعالى أنه وملائكته يصلون عليه، وأمر أمته أن يصلوا عليه ﷺ ، وأثنى عليه بأحسن ثناء وأبلغه، وشرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، فلا يذكر في الأذان والتشهد والخطب، إلا ذكر معه صلوات الله وسلامه عليه.
وأما إطلاق السيد فقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في بدائع الفوائد ما نصه: "اختلف العلماء في جواز إطلاق السيد على البشر فمنعه قوم، ونقل عن مالك، واحتجوا بقول النبي ﷺ لما قيل له: أنت سيدنا، قال: السَّيِّدُ اللَّهُ. وجوزه قوم، واحتجوا بقول النبي ﷺ للأنصار: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ وهذا أصح من الحديث الأول.
قال هؤلاء: السيد أحد ما يضاف إليه، فلا يقال للتميمي: سيد كندة. ولا يقال للملك: سيد البشر، قال: وعلى هذا فلا يجوز أن يطلق على الله هذا الاسم، وفي هذا نظر، فإن السيد إذا أطلق عليه تعالى فهو في منزلة الملك والمولى والرب لا بمعنى الذي يطلق على المخلوق"، انتهى.
قلت: فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في معنى قول الله تعالى: " اللَّهُ الصَّمَدُ: إنه السيد الذي كمل فيه جميع أنواع السؤدد ".
وقال أبو وائل: هو السيد الذي انتهى سؤدده.
(الشرح)
يعني كمل سؤدده والمخلوق له ما يناسبه وإذا أضيف يكون أحسن إِذَا أضيف، ولهذا قَالَ النَّبِيّ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ ، أضاف إليه، ويقال: من سيد بني فلان، أضاف إليه، أما السيد قول: فلان السيد، هَذَا من العلماء من كره ومنهم من أجازه، ومن هنا يتبين تساهل الكثير من النَّاس الآن، كُلّ فلان يَقُولُونَ: يا سيد، أو السيد فلان، إِذَا أراد أن يكتب خطاب السيد فلان بْن فلان هَذَا تساهل، السيد فلان بْن فلان، أو يا سيدي أو أَيُّهَا السادة هَذَا أسهل هَذَا إِذَا أضيف، لَكِن إِذَا أطلق السيد هَذَا هُوَ محل الخلاف، لَكِن إِذَا أضيف سيد بني فلان سيد بني كنده، هَذَا أسهل، لَكِن السيد هَلْ يطلق أو لا يطلق؟ إِذَا أطلق عَلَى الله فله الكمال لاشك أَنَّهُ من أسماء الله، لَكِن هَلْ يطلق عَلَى المخلوق؟ هَذَا الَّذِي ذكر اِبْن القيم الخلاف فِيهِ.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: عَلَى الخلاف في هَذَا القول بالجواز يكون يطلق عَلَى الله وَعَلَى غيره، مثل العزيز ومثل العلي، قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ [يوسف/51]؛ ومن أسماء الله العزيز، فالله تعالى له الكمال في العزة، والمخلوق له ما يناسبه وَكَذَلِكَ السيد، المخلوق له من السيادة ما يناسبه، والله تعالى له الكمال، السيد الَّذِي كمل سؤدده.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: المسألة فِيهَا خلاف، في قبيلة اسمها السيد معروفة هَذِهِ، إِذَا حذفت الأل أو أضيف زال المحذور، إِذَا قَالَ: هَذَا سيد أو سيد بني فلان، لَكِن السيد فقط أل بدون إضافة هَذَا محل النظر، أَمَّا قول: فلانٌ سيد، يَعْنِي سيد مخصوص عَلَى أُناسٍ مخصوصين، أو سيد بني فلان، سيد بني كنده مخصوص، قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ لسعد بْن معاذ أضاف اليه، لَكِن محل الخلاف هُوَ السيد، هَذَا هُوَ محل الخلاف.
الطالب: (.....)؟.
الشيخ: هَذَا بالإضافة سيد، من باب سد الذريعة، قَالَ: قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، يَعْنِي لا يتدرج بكم الشيطان، الآن تقولون شيئًا مباحًا؛ لَكِن يجركم الشيطان إِلَى أن تقولوا شيئًا ممنوعًا، وإلا هُوَ عَلَيْهِ السلام قَالَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا فَخْرَ.
(المتن)
قال: فيه مسائل:
الأولى: تحذير الناس من الغلو.
(الشرح)
والله تعالى حذر من الغلو: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [النساء/171].
(المتن)
(الشرح)
يَقُولُ: السيد الله يَعْنِي، من باب تعظيم الله ومن باب سد الذريعة.
(المتن)
(الشرح)
ما قَالُوا إِلَّا الْحَقّ قَالُوا: يا سيدنا ويا خيرنا، قوله: لَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أيْ لا يتدرج بكم فينقلكم من الْحَقّ إِلَى الباطل.
(المتن)
(الشرح)
نعم منزلته هِيَ العبودية الخاصة والرسالة عَلَيْهِ الصلاة والسلام، فلا يجوز رفعه إِلَى مقام الإلوهية والعبودية.