المتن:
باب الإمامة
من تصح إمامته
أحق الناس بها السلطان، ثم رب البيت، ثم الراتب، ثم الأقرأ، ثم الأتقى، ثمَّ الحر، ثمَّ البصير، ثمَّ الحاضر، ثم القارع، ولا تصح من كافر ونجس ومحدث يعلمان ذلك.
الشيخ:
بسم الله الحمد لله والصّلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا تصح من كافر) وهذا بالإجماع، بالإجماع أن الصّلاة لا تصح من كافر سواء كان كافرًا مرتدًا أو كافرًا أصليًا، أو كافرًا بناقض من نواقض الإسلام، أو ببدعة تخرجه من الملة، لا تصح من كافر إمام كافر يجمع المسلمين، ومن صلى خلفه يعيد الصّلاة ولو بعد مائة سنة، إذا علم أنّه كافر فلا تصح الصّلاة خلفه بإجماع المسلمين، المشرك الوثني أو اليهودي أو النصراني أو الزنديق والمرتد، كل من فعل مكفرًا لا تصح الصّلاة خلفه، وهذا بالإجماع.
(ولا تصح من كافر ونجس) إذا كان متلبس بالنجاسة ببدنه أو بثوبه فلا تصح صلاته.
(ولا تصح من كافر ونجس ومحدث يعلمان ذلك) كذلك المحدث من غير طهارة ويعلم ذلك فلا تصح صلاته؛ بَلْ إنه لو صلى وهو متعمد فإن بعض أهل العلم يرى أنّه مرتد؛ لأنّه ساخر بربه، كيف يصلي وهو محدث يعلم ذلك! هذا يقع من الناسي أو الجاهل.
الطالب: حكم الصلاة خلف التيجاني؟
الشيخ: التيجاني ننظر إذا كانت بدعته توصل للكفر أم لا توصل! بدعته توصل للكفر؛ التيجاني معروف! لا تصح الصّلاة خلف التيجاني لكفره وضلاله ويجب قضاءها، كل كافر لا تصح الصّلاة خلفه، من صلى خلفه فإنه يقضي.
المتن:
الشيخ:
الأميّ هو الذي لا يحسن الفاتحة، لا يحسن الفاتحة منسوب إلى أمه؛ لأن الأصل أن الأم ليست قارئة، ومثل العرب يسمون بالأميين؛ لأن الغالب عليهم عدم القراءة والكتابة، هو منسوب إلى أمه هو الذي لا يحسن قراءة الفاتحة لا تصح الصّلاة خلفه؛ لأن قراءة الفاتحة ركن، إلَّا بمثله يؤم مثله، إذا كان الكل لا يحسن كلهم أميون يؤمهم واحد منهم، أما أن يؤم أمي قارئ فلا؛ لأن الفاتحة ركن من أركان الإسلام فالذي لا يحسنها لا تصح الصّلاة خلفه.
(ولا أرت) وأرت كذلك الذي يضم الحروف بعضها ببعض، يدغم حرف في حرف فلا يظهر إلَّا حرف واحد لا تصح الصّلاة خلفه؛ لأنّه قد يدغم حروف الفاتحة والفاتحة إذا سقط حرف منها فلا تصح، فالأرت الذي يدغم الحروف بعضها ببعض لا تصح الصّلاة خلفه.
المتن:
الشيخ:
وكذلك الأخرس؛ لأنّه لا يتكلم إلَّا بمثله، إلَّا بمثله وإلَّا لا يكون إمامًا؛ لأنّه لا يتكلم ويقرأ بقلبه؛ ولابُدّ من القراءة باللسان والشفتين تحريك الشفتين، وإن كان معذور فلا يكون إمامًا إلَّا بمثله.
المتن:
الشيخ:
هذا العذر يعني كونه مثلاً لا يستطيع القيام أو لا يستطيع الركوع أو لا يستطيع السجود لا يكون إمامًا؛ بَلْ يكون مأموم، عذره مستمر إلَّا الإمام الراتب، إذا أصابه علة ومرض وصلى جالس لا بأس أن يصلى خلفه.
المتن:
الشيخ:
كل هذا بمثلهم، ولا عاجز عن ركن أو عاجز عن ركوع أو عاجز عن سجود إلَّا بمثلهم، يعني الأرت يصلي بمثله، والأمي يصلي بمثله، والعاجز يصلي بمثله، وقيل تصح خلف العاجز عن الركوع والسجود، وأنّه لا بأس بذلك؛ لأن صلاته في نفسه صحيحة، وليس مثل الأرت وليس مثل الأمي.
المتن:
الشيخ:
الخنثى لا يصلى بالرجال، الخنثى من له عضو ذكر وعضو النساء ولم يتميز، ولم تتميز أنوثته من ذكوريته، فلا يصلي إلَّا بمثله أو بأنثى، وكذلك الأنثى لا تؤم الرجال «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» والإمامة نوع ولاية.
المتن:
الشيخ:
(فلو صلى راتب) يعني الإمام الراتب (جالسًا بعذر يزول تابعوه) لأن النّبيّ ﷺ لما مرض سقط عن فرس له فجحش فصلى بالناس قاعدًا، فلما صلوا وراءه قيامًا أشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا، فلما سلم قال: إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ، وَهُمْ قُعُودٌ، وإِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ. رواه البخاري في الصحيح.
فهذا كان في مرضه الأول في حياته، لما سقط عن الفرس صلى جالسًا فصلوا خلفه جلوسًا فاحتج العلماء بهذا على أن الإمام الراتب إذا كان مريضًا وصلى بالناس فالناس يصلون خلفه جلوسًا أما غير الإمام الراتب فلا يقدم، مريض ما يستطيع القيام ويتقدم هذا ما يكون إمام يكون مأموم.
المتن:
الشيخ:
لو طرأ المرض عليهم، صلى في أول الصّلاة صلى ركعة أو ركعتين قائما ثمَّ طرأ عليه مرض وجلس فإن المأمومين يستمرون قيامًا، والحجة في هذا ما فعله النّبيّ ﷺ في آخر حياته في مرض موته؛ فإن أبا بكر ابتدأ بالصلاة قائمًا فجاء النّبيّ ﷺ وجلس عن يساره وصار إمامًا، صار أبو بكر يقتدى بالنبي ﷺ والنَّاس يقتدون بأبي بكر، فجمع العلماء بين الحديثين بأن الحديث الأول لما مرض وجلس أشار إليهم أن يجلسوا؛ لأنّه ابتدأ الصّلاة جالسًا، فإذا ابتدأ الصّلاة جالسًا يصلون وراءه جلوسًا، وأما في مرض موته فإنه ابتدأ بالصلاة قائمًا، فإذا ابتدأ الصّلاة قائمًا ثمَّ اعتل يصلون قيامًا، وإن ابتدأ الصّلاة جالسًا صلوا جلوسًا، هذا هو الجمع بين الحديثين واختاره البخاري والجماعة وقالوا: إنّما يؤخذ بالآخر فالأخر لأفعال النّبيّ ﷺ.
وقال آخرون من أهل العلم: إنه يجمع بينهما بأن يخير بين الأمرين إن صلى جالسًا فهذا أفضل، وإن جلس قائمًا فله ذلك، ومن العلماء من فصل التفصيل هذا، ومن العلماء من قال: إن جلوسهم خلفه وهو جالس منسوخ، البخاري اختار القول بالنسخ، قال: لأنّه في آخر حياته لم يأمرهم بالجلوس، وفي مرضه الأول أمرهم بالجلوس دَلَّ على أنّه منسوخ.
والقول الثاني: أنّه يجمع بينهما بأنه إذا ابتدأ الصّلاة بالجلوس يجلسوا، وإذا ابتدأ الصّلاة بأنه قائم ثمَّ اعتُل فهم قيام.
والقول الثالث: أنّه يخير بين الأمرين، قوله: فَصَلُّوا جُلُوسًا. هذا الأمر للاستحباب وليس للوجوب، بدليل أنّه أقرهم على الصّلاة قيامًا في آخر حياته، فهذه أقوال أهل العلم في الجمع بين الحديثين.
(فلو صلى راتب جالسا بعذر يزول تابعوه) الراتب يعني الإمام الراتب تابعوه جلوسًا، ومفهومه أن غير الراتب لا يتقدم للإمامه.
(ولو طرأ بها لم يجلسوا) ولو طرأ بها لم يجلسوا كما فعل النّبيّ ﷺ في آخر حياته.
المتن:
الشيخ:
في هذا روايتان:
قيل: تصح.
وقيل: لا تصح.
روايتان للإمام أحمد في هذه المسائل كلها.
المسألة الأولى: وإن أَمّ صبي ببالغ فيه روايتان، المذهب أنّه يصلح صلاة الصبي إمامة الصبي للبالغ، وسُئِلَ النّبيّ ﷺ في حديث فيه أن إمامة الصبي لا تصح.
والقول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد أنها تصح إذا كان الصبي مميز ويحسن الصّلاة ويحسن الوضوء وهذا هو الصواب؛ لأن صلاته في نفسها صحيحة، ومن صحت صلاته صحت إمامته، ولحديث عمرو بن سلمة أنّه كان يتلقى الركبان ويحفظ من القرآن أكثر من غيره، فلما قال النّبيّ ﷺ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤهُمْ لِكتَابِ اللَّهِ، قال: نظروا فلم يجدوا أكثر مني قرآن فقدموني وأنا ابن سبع سنين، وهذا في حياة النّبيّ ﷺ، ولا يقال: إن النّبيّ ﷺ لا يعلم؛ بَلْ يقال: إذا كان النّبيّ ﷺ لا يعلم فالله تعالى يعلم، فلو كان صلاة الصبي غير جائزة لأنزل الله تعالى الوحي على نبيه، هذا هو الصواب بين الروايتين.
(أو متنفل بمفترض) كذلك إذا أم متنفل مفترض المذهب أنها لا تصح؛ لأن الإمام يصلي نافلة والمأموم يصلي فريضة، والفريضة أقوى.
والقول الثاني: أنها تصح وهي الصواب أَيْضًا لقصة معاذ، فإن معاذ كان يصلى مع النّبيّ العشاء الفريضة ثمَّ يذهب إلى قومه في حي من أحياء المدينة فيصلي بهم تلك الصّلاة له نافلة ولهم فريضة دَلَّ على صحة صلاة المتنفل خلف المفترض، فهو يصلي نافلة وهم يصلون فرض.
(أو من يؤدي بمن يقضي) كذلك من يؤدي الصّلاة بمن يقضيها، شخص عليه صلاة الظهر يقضيها وشخص يصلي صلاة الظهر حاضرًا، لا يصلى هذا خلف هذا، والصواب أنها تصح، على الرواية الثانية أنها تصح، الصّلاة خلف من يقضي صلاته ولا حرج.
(أو من يصلي فرضا بآخر) كذلك من يصلي فرض بآخر إمام يصلي العصر والمأموم يصلي الظهر، أو بالعكس، قالوا: لا تصح على الرواية الثانية لأن هذا من الاختلاف على الإمام لقول النّبيّ ﷺ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ.
والقول الثاني: وهي الرواية الثانية أنها تصح وهي الصواب أَيْضًا؛ لأن هذا يُفسد الاختلاف في النية، الاختلاف في لو كانت الصّلاة رباعية وهذه ثلاثية.
(أو أقلف) وهو الذي لم يختن، قالوا: لأنّه يبقى فيها شيء من النجاسة القلفة، هذا فيه خلاف.
والقول الثاني: أن صلاته صحيحة في الرواية الثانية؛ لأن الصّلاة في نفسه صحيحة.
(أو فاسق) يؤم النَّاس وهو فاسق، والفاسق هو الذي أصر على كبيرة وهو فاعل كبيرة أو المداومة على الصغيرة، الفسق هو الخروج على الطاعة، الفاسق هو الذي يفعل الكبيرة، والكبيرة كل ذنب توعد عليه بالنار أو اللعنة أو عذاب في الآخرة أو وجب فيه حد في الدنيا، كالزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين، فالفاسق لا تصح الصّلاة خلفه، وقيل: إذا كان معلن لفسقه، إذا كان معلن لفسقه فلا تصح الصّلاة خلفه.
والرواية الثانية: أنها تصح مع الكراهة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الصواب؛ لأن الصّحابة صلوا خلف الحجاج وكان فاسقًا ظالمًا، وكذلك الثوار الذين قتلوا أمير المؤمنين عثمان لما حضرت الصّلاة أراد بعض الثوار أن يصلي بالناس، هم فساق خرجوا على الخليفة الراشد، فسأل سائل أمير المؤمنين عثمان فقال له: إن أحد الثوار تقدّم حيث أصر أن نصلى خلفه، فقال أمير المؤمنين عثمان : (يا ابن أخي إن الصّلاة من خير ما يفعل النَّاس فإن أحسنوا أحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم) فدل على صلاة الصّلاة خلف الفاسق، والذين منعوا من الصّلاة خلفه يقولون: إنه يجب الإنكار عليه، وإذا صلوا خلفه فيجب أن ينكروا عليه، فالفاسق المعلن للفسق والمبتدع كذلك.
ومن العلماء من خص الفاسق الذي على فسقه والمبتدع الذي يدعو إلى بدعته قالوا: هذا الذي لا تصح الصّلاة خلفه، أما إذا كان فاسق غير معلن أو مبتدع ولا يدعو إلى بدعته فتصح الصّلاة خلفه، الصواب أنها صحيحة، لكن مع الكراهة، الأولى ألا يصلى خلفه، إلَّا إذا كان لا يجد غيره، بأن يكون هو إمام الجمعة أو العيد في بلد لا يوجد فيها جمعة أخرى فيصلى خلفه ولا يصلى وحده، ومن صلى وحده وترك الصفوف فهو مبتدع عند عامة أهل العلم.
وبعضهم أدخل معهم السلطان، الإمام إذا كان السلطان يصلى خلفه ولو كان فاسقًا، وكذلك إذا لم تحصل فتنة، هذا يصلى خلفه بالاتفاق إذا كان إمام المسلمين، أو إمامٌ لا يوجد غيره، يعني إما أن يصلى وحده أو يصلى خلفه، أو تحصل فتنة لو صلى خلفه، في هذه الحالات يصلى خلفه بالاتفاق، ومن ترك الصّلاة خلفه فهو مبتدع عند عامة أهل السنة، محل الخلاف أن يصلى خلف إمام فاسق يوجد غيره في البلد، ولا يحصل فتنة من تخلف الصّلاة عنه، ما في عذر في أنّه يصلى خلفه، هذا هو محل الخلاف، قيل: لا تصح، وقيل: تصح تعاد، وقيل: تكره، والصواب أنها تصح مع الكراهة.
المتن:
الشيخ:
تكره من فأفاء أو تمتام، الفأفاء الذي يكرر الفاء، التمتام الذي يكرر التاء، تاء تاء تاء، فتكره الصّلاة خلفه، مكروهة، لكونه لا يحسن القراءة.
المتن:
الشيخ:
تكره الصّلاة خلف اللحان.
اللحان نوعان:
1- لحنٌ يحيل المعنى هذا لا تصح الصّلاة خلفه، في قراءة الفاتحة خاصة الذي يلحن، كأن يقرأ (أَهدنا الصراط المستقيم)، هذا يغير المعنى صار أَهدنا من الهدية، والآية اهْدِنَا من الهداية، أو يقال: إياكِ نعبد والعياذ بالله يخاطب خطاب الأنثى، هذا لحن يغير المعنى، أو يقول: صراط الذين أنعمتُ نسب النعمة إلى نفسه، هذا لحن يغير المعنى لا تصح الصّلاة خلفه.
2- أما إذا كان لحن لا يغير المعنى فالصلاة خلفه صحيحه كأن يقول: إياك نعبَد، أو يقول: أنعمت عليهُم، أو مالك يومُ الدين، هذا لحن لكن ما يغير المعنى، لكن لا ينبغي أن يقدم إمام.
المتن:
الشيخ:
يعني تكره الصّلاة خلف أن يصلي بنساء أجانب لما يحصل من الفتنة لا رجل معهن، فإذا كان معهن رجال وكن خلفه، أو كان مع النساء محارم لهذا الإمام فتزول الكراهة.
عندك الشرح؟
الطالب: قوله: نساء أجانب لا محرم أو رجل معهن أي يكره أن يؤم رجل بنساء أجانب أي لسن من محارمه، وتعبير المصنف تعبير جيد أحسن من قول بعض الفقهاء وأن يؤم أجنبية؛ لأن هذا خلوة بامرأة واحدة فلا تكفي الكراهة.
الشيخ: نعم هذا لا يجوز أن يصلي بأجنبية يخلوا بها، لكن النساء عدد من النساء هذا يختلف، ما في خلوة.
الطالب: والكراهة في مسألة الباب لما في ذلك من الخلوة بالأجنبيات ومخالطة الوسواس، فإن كن غير أجنبيات أو كن معهن محرم أو رجل فلا كراهة.
الشيخ: نعم إذا كان رجلان وخلفهم نساء أو معهم محارم زالت الكراهة، خشية من الوسواس الذي يرد على النفس، وإنّما الأصل الخلوة بواحدة الخلوة بأجنبية.
الطالب: لأن النساء يشهدن الصّلاة مع رسول الله ﷺ.
الشيخ: وهذا معروف.
المتن:
الشيخ:
تكره الصّلاة في قوم يكرونه إذا كانت الكراهة بحق، كأن يكرهونه لدينه أو لخلقه، أما إذا كان يكرهونه بغير حق من أجل مصالح دنيوية فلا تكره.
المتن:
فصل
يُسن وقوف الجماعة والمرأة خلفه، والواحد عن يمينه.
الشيخ:
نعم (يُسن وقوف الجماعة والمرأة خلفه) خلف الإمام، إذا كانوا جماعة يكونوا خلفه، ولا يكونوا عن يمينه ولا عن شماله إلَّا إذا كان المكان ضيق، والمرأة إذا صلت خلف الرجال ولو كانت وحدها تصلي وحدها صفًا واحدًا ولا تكن مع الرجال، ولو كانوا من محارمها، فالمرأة لا تصاف الرجال.
المتن:
الشيخ:
فالواحد يكون عن يمينه وعن جانبيه عن يمينه وعن شماله جائز؛ لأن هذا فعله عبد الله بن مسعود ولاسيَّما إذا كان المكان ضيق، لكن السنة أن يكونوا خلفه إذا كانوا اثنين فأكثر، وأما إذا كان واحد فيكون عن يمينه.
المتن:
الشيخ:
يعني إذا كان المأموم أمام الإمام صلاته باطلة؛ لأنّه لا يأتم به، وكذلك إذا كان عن يساره، إذا صف عن يساره، الإمام يكون على اليمين والمأموم على اليسار يقول المؤلف: لا تصح، لكن ظاهر الحديث أنّه يديره عن يمينه فتصح الصّلاة، يديره عن يمينه؛ لأن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما لما باتا عند النّبيّ ﷺ وقام النّبيّ ﷺ يصلي في آخر الليل قام عبد الله فتوضأ فجاء وصفّ مع النّبيّ عن يساره فأداره عن يمينه، وفي لفظ أنه أخذه من أذنه، ولم تبطل تكبيرة الإحرام، وكذلك إذا كانوا اثنين يديرهم عن يمينه، لكن لو استمر هل تصح الصّلاة؟ المؤلف يقول: صلاته باطلة، وهذا البطلان فيه نظر، تكلم عليها إذا صلى عن يساره؟
الطالب: قوله: أي وقوف المأموم عن يسار الإمام مبطل لها، سواء كان واحدًا أو أكثر، والمراد مع خلو يمينه، والدَّلِيل حديث ابن عباس رضي الله عنهما ووجه الاستدلال به تقدّم، وهذا هو المشهور عند الإمام أحمد، والقول الثاني صحة الصّلاة عن يسار الإمام لأن الفعل المجرد لا يَدُلّ على الوجوب؛ بَلْ أكثر ما يَدُلّ عليه أن اليمين هو الموقف الشرعي وهذا قول الحنفية والمالكية والشافعية، ورواية عن أحمد، قال في الفروع: وهو أظهر.
الشيخ: إذا صلى عن يساره صلاته صحيحة؛ لأن النّبيّ ﷺ لم يبطل تكبيره، كبر للإحرام ولم يأمره أن يستأنف الصّلاة؛ بَلْ أداره عن يمنيه واستمر في صلاته، دَلَّ على أن صلاته صحيحة.
الطالب: وقال في الإنصاف: وهو الصواب. قال (وعن يسرته أو فذ مبطل)
الشيخ: وكذلك إذا صلى فذًا خلف الصف، لقول النّبيّ ﷺ: لَا صَلَاةَ لِمُنفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ وهذا عام، وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد أنها تصح صلاة الفذ، ولاسيَّما إن لم يجد مكانًا أو تصح للضرورة، والقول الأول أرجح أنها لا تصح لعموم حديث لَا صَلَاةَ لِمُنفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ .
وأما حديث أَلَا دَخَلْتَ مَعَهُمْ أَوِ اجْتَرَرْتَ رَجُلًا رواه أبو داود في السنن فهو حديث ضعيف؛ لأنّه إذا جر رجل تصرف فيه بغير إذنه، ونقله من الصف الفاضل إلى الصف المفضول، وأوجد فرجة في الصف.
الطالب: قول الجمهور أنّه هذا هو الصحيح.
الشيخ: على صحة صلاة الفذ؟
الطالب: نعم، هذا مذهب الجمهور.
الشيخ: أظن هذا فيه نظر.
الطالب: استدلوا بحديث أبي بكرة.
الشيخ: أبي بكر دب دبيب ثمَّ دخل في الصف، ما صلى ركعة.
الطالب: (...25:24)
الشيخ: إن لم يجد صلى عن يمين الإمام، وإلَّا بعض النَّاس لا يعتني فإذا صلى فذًا لا يبالي، ينتظر حتى (...25:34) حتى يكون معذور، يكون معذور في هذه الحالة.
الطالب: (...25:45)
الشيخ: إذا كبر معه قبل أن يسجد أدرك، أبي بكرة ما صلى ركعة، ركع ثمَّ دب و دخل في الصف، فإذا كبر وكبر بجانبه آخر قبل أن يسجد صلاته صحيحة.
الطالب: (...26:16)
الشيخ: على القول الأول ما صحت صلاتهم.
المتن:
الشيخ:
فصلاته يعتبر فذاً، لم يقف معه إلَّا كافر أو محدث يعلمه.
المتن:
الشيخ:
لو صلى مع واحد من هؤلاء يعتبر نفسه فذ ما يعتبر جماعة، ومن صلى معه كافر، كأن صلى معه رافضي وهذا يوجد في الحرم، بعض النَّاس يسأل يقول: عن يمينه رافضي وعن يساره رافضي هل يكون فذ؟ إذا كان في صف ما يكون فذ، لكن يكون فرجة، تكون فرجة عن يمينه وعن يساره، ومن لم يقف معه إلَّا كافر يعني صلى اثنان أحدهما كافر يعتبر نفسه فذ.
(أو محدث يعلمه أو أنثى) وكذلك إذا كان محدث يعلمه فيعتبر فذ، وكذلك الأنثى إذا وقفت في جوار الرجل ما تكون جماعة يكون هو منفرد يعتبر نفسه منفردًا.
(أو صبي فهو فذ) أو صبي على هذا القول، والصواب أن الصبي ما يكون فذًا، الصبي إذا كان يحسن الصّلاة ويحسن الوضوء يكون جماعة؛ لأن الصبي صحت إمامته عمرو بن سلمة في حياة النّبيّ ﷺ ولم ينزل الوحي بإبطالها.
المتن:
الشيخ:
إذا كانوا كلهم عراة يكون الأمام وسطهم للضرورة، ويصلون جلوسًا، يقول: إلَّا إذا كانوا في ظلمة، إذا كانوا في ظلمة ما يراهم أحد يتقدم ظلمة شديدة، وأما إذا كان في النهار يكون الإمام وسطهم، وهم يصلون جلوسًا للعذر، وكذلك النساء إذا صلين جماعة يكون الإمام وسطهم فلا تتقدم، لما ثبت أن النّبيّ ﷺ أمر بعض الصحابيات أن تؤم أهل دارها.
المتن:
الشيخ:
يقدمون في أي شيء؟ يقدمون في الصّلاة، الرجل يكون بجوار الإمام أو يكون خلفه الرجال ثمَّ الصبيان ثمَّ الخنثى ثمَّ المرأة، يكون الرجال خلف الإمام ثمَّ الصبيان ثمَّ الخناثى ثمَّ الأنثى، وكذلك في الجنائز يكون وراء الإمام الرجل ثمَّ من ورائه الصبي، من ورائه الخنثى ثمَّ ورائه الأنثى، كذلك من يلي الإمام في الجنائز وفي الإمامة، الرجال ثمَّ الصبيان ثمَّ الخناثى ثمَّ النساء.
المتن:
الشيخ:
وكذلك القبلة في القبر إذا دفن اثنان فأكثر يكون إلى القبلة الرجل ثمَّ الصبي، إيش قال عليه الشارح قوله ويقدم الرجل ثمَّ الصبي؟
الطالب: يقول عفا الله عنك: المراد بالرجل البالغ بدليل ما بعده، والمعنى أنّه إذا اجتمع رجال وصبيان وخناثى ونساء فإن الذي يقدم ويلي الإمام من المؤمنين الرجال ثمَّ الصبيان ثمَّ الخناثى ثمَّ النساء، ودليل ذلك حديث ابن مسعود أن النّبيّ ﷺ قال: لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثلاثاً. أخرجه مسلم.
وأولى الأحلام هم الرجال البالغون والصبيان ليسوا منهم؛ بَلْ إن المعنى يقتضي أن يتقدم الرجال لكي يخلفوا الإمام إن حدث له حدث في صلاته، ويرجع إلى قولهم إن حدث له سهو؛ ولأنهم أحسن لضبط صفة الصّلاة وحفظها ونقلها، وأما تأخير النساء فلحديث: خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا فهذا يَدُلّ على أنّه ينبغي تأخير النساء عن الرجال، لكن لو حصل من الصبيان لعب وتشويش على المصلين لو جمع بعضها إلى بعض فإنهم يفرقون، فيجعل بين كل صبيين رجلاً فهذا أضبط لهم، ولو لزم منه تأخر بعض الرجال للصف الثاني.
المتن:
باب صلاة أهل الأعذار
صلاة المريض
من عجز عن القيام أو طال مرضه أو لحقه مشقة شديدة صلى قاعدًا.
الشيخ:
نعم هؤلاء يصلون قاعدين لحديث عمران بن حصين: «صل قائمًا فإن تستطيع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» زاد النسائي «فإن لم تستطع فمستلقيًا» المريض الذي لا يستطيع القيام أو يشق عليه القيام ويتجشمه القيام يصلي قاعد، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه الأيمن، فإن عجز صلى مستلقيًا ورجلاه إلى القبلة.
(باب صلاة أهل الأعذار: صلاة المريض: من عجز عن القيام أو طال مرضه أو لحقه مشقة شديدة صلى قاعدًا) نعم من عجز عن القيام أو طال مرضه أو لحقه مشقة شديدة صلى قاعدًا.
المتن:
الشيخ:
لحديث عمران بن حصين السابق (إيماءً) نعم يومئ القاعد يومئ بالركوع ويسجد إن كان يستطيع، وإن كان لا يستطيع السجود يومئ ويكون إيمائه بالسجود أخفض من إيمائه في الركوع، وكذلك من على جنب يومئ برأسه، والمستلقي يومئ.
المتن:
الشيخ:
يعني بعينه، يصلي بطرفه فإن عجز عن الصّلاة بطرفه ولا يحرك طرفه فبقلبه، يقرأ الفاتحة بقلبه ثمَّ يكبر بقلبه؛ لأنها تكبيرة الإحرام، ثمَّ يقرأ الفاتحة بقلبه.
المتن:
الشيخ:
قف على الفصل هذا، لكن شوف كلام الشارح كونه يصلي بطرفه، وبعضهم قال: يصلي بأصبعه، هذا يحتاج إلى دليل.
الطالب: الأعذار جمع عذر بضمٍ فسكون، وهو الحجة التي يقدمها المخالف لرفع اللوم عنه، ويطلق على السبب المبيح للرخصة وهو المراد هنا، وسموا بأهل الأعذار لما قام بهم من الأعذار الآتية من مرض والسفر ونحوهما، وقد ذكر المصنف هنا المريض والمسافر، أما الخائف فله باب مستقل.
قوله: (من عجز عن القيام) أي لم يستطيع أن يصلي قائمًا ولو كهيئة الراكع، أو كان معتمدًا على عصا.
الشيخ: ولو كهيئة الراجع يعني القيام غير مستقيم منحني، فإن كان يستطيع القيام يقوم، ولو كان ما يستقيم استقامة تامة.
الطالب: أو كان معتمدًا على عصًى أو عمودٍ أو جدار.
الشيخ: لا بأس إذا كان مريض معتمد على عصا أو يتكأ على عمود أو جدار فلا بأس.
الطالب: قوله: (أو طال مرضه) أي لو كان القيام يؤدي إلى طول المرض وهو تأخير البرء أو زيادته.
الشيخ: إذا قالوا الأطباء أنت ما تستطيع أن تقوم لو قمت يزيد المرض هذا يؤخر الشفاء يصلي قاعد، إذا كان عاجز ما يستطيع أو يستطيع لكن يزيد مرضه بالقيام أو يتأخر برءه، أو يستطيع لكن في مشقة شديدة، في هذه الحالات الثلاث يصلي قاعدًا.
الطالب: قوله: (أو لحقه مشقة شديدة) أي لو لحقه بالقيام مشقة شديدة كأن يتألم ألمًا شديدًا يؤدي إلى فوات الخشوع وعدم الطمأنينة، وهذا تعبير جيد فهو أحسن من تعبير بعض الفقهاء بقوله: فإن لم يستطع؛ لأن ظاهر هذا أنّه لا يبيح القعود إلَّا العجز وعدم الاستطاعة، وأما المشقة فلا تبيح القعود.
الشيخ: والصواب أنها تبيح، المشقة إذا كان يتجشمها.
الطالب: والصحيح ما مشى عليه المصنف من أن المشقة الشديدة تبيح القعود، وعلى هذا فحد المرض الذي يصلي به المريض قاعدًا أن يخاف مشقة شديدة أو زيادة المرض أو تباطؤ برء، وقيل: إذا لحقه بالقيام مشقة تذهب بخشوعه صلى قاعدًا.
الشيخ: نعم كذلك، للخشوع.
الطالب: لأن الخشوع هو مقصود الصّلاة، وقوله: صلى قاعدًا جواب الشرط، جواب شرط من عجز، وصلاة المريض له أربع مراتب:
الأولى: أن يقدر على القيام.
الثانية: أن يصلي قاعدًا لعموم أدلة رفع الحرج والمشقة، ولقوله ﷺ لعمران بن حصين : «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا» ولم يبين صفة القعود فدل على أنّه كيف قعد جاز، فإن تربع أو افترش أو احتبى جاز، والأفضل أن يكون متربعًا على إليتيه ويكف ساقيه إلى فخذيه لقول عائشة رضي الله عنها: «رأيت النّبيّ ﷺ يصلي متربعًا» ولأن التربع في الغالب أكثر ارتياحًا من الافتراش، وليحسن التفريق بين قعود القيام والقعود الذي فيه محله.
الشيخ: يعني القعود إذا كان في وقت القيام يتربع، وإذا كان في وقت الجلوس بين السجدتين والتشهد يفترش حتى يفرق بينها.
الطالب: فإن قدر على الصّلاة قائمًا منفردًا وجالسًا مع الجماعة فقيل: يخير بينهما، وقيل: الصّلاة في الجماعة أولى، وقيل: يصلي منفردًا قائمًا، قال في الإنصاف: وهو الصواب؛ لأن القيام ركن لا تصح الصّلاة إلَّا به مع القدرة عليه، وهذا قادر والجماعة واجبة تصح الصّلاة بدونها.
والأظهر ما قاله الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله أنّه يحضر الجماعة ويصلي جالسًا؛ لأن مصالح حضور الجماعة ولا يوازنها شيء من المصالح، وأَيْضًا إذا وصل محل الجماعة وصار عاجزًا عن القيام لم يكن واجبًا عليه، وكان الجلوس في حقه بمنزلة القيام في حق القادر، فقد حصل مصالح الجماعة، ولم تفته مصلحة القيام والله أعلم.
قوله: (ثمَّ على جنب) أي فإن عجز عن القيام صلى على جنب، وهذه هي المرتبة الثالثة لحديث عمران.
الشيخ: الثالثة أم الثانية؟
الطالب: يقول الثالثة عفا الله عنك.
الشيخ: نعم الثانية على جنب.
الطالب: لحديث عمران: «فإن لم يستطع فعلى جنب» وإطلاق الحديث يَدُلّ على أنّه مخير بين الجنب الأيمن والأيسر، والأفضل أن يفعل ما هو أيسر له، فإن تساويا فالأيمن أفضل، ويكون وجهه إلى القبلة، وإن لم يكن عنده من يوجهه إلى القبلة صلى على حسب حاله.
الشيخ: كالمريض في المستشفى ما يستطيع أن يوجه السرير، السرير موجه إلى غير القبلة.
قوله: (ثمَّ مستلقيًا) فإن لم يستطع أن يصلي على جنب فإنه يصلي مستلقيًا وهذه المرتبة الرابعة، ويكون على ظهره ورجلاه إلى القبلة؛ لأنّه فيه نوع استقبال؛ ولأن هذا أقرب ما يكون إلى صفة القائم، إذ لو قام تكون القبلة أمامه، ولحديث علي وفيه: «فإن لم يستطع صلى مستلقيًا ورجلاه إلى القبلة» خرجه الدارقطني والبيهقي.
قوله: (إيماءً) هذا عائد إلى المراتب الثلاثة وهي القعود وعلى جنبه والاستلقاء.
الشيخ: قاعد وعلى جنب يومئ بالركوع وبالسجود، القاعد يومئ بالركوع، والسجود إن كان يستطيع السجود سجد، وإن كان لا يستطيع أومأ إيماءً أخفض من الإيماء بالركوع، والذي على جنب معروف أنّه يومئ في الركوع وفي السجود برأسه، وكذلك المستلقي.
الطالب: فإذا صلى الإنسان قاعدًا واستطاع أن يسجد على الأرض سجد، وإلَّا أومأ إيماءً لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ عادى رجلاً من أصحابه مريضًا وأنا معه، فدخل عليه وهو يصلي على عهود، فوضع جبهته على العود فأومأ إليه فطرح العود وأخذ وسادة.
الشيخ: كيف يصلي على عهود؟ يعني جالس، ظاهره أنّه جالس.
الطالب: يصلي على عود فوضع جبهته على العود فأومئ إليه، فطرح العود وأخذ وسادة.
الشيخ: ظاهره أنّه جالس يصلي جالس ثمَّ سجد على العود.
الطالب: فقال رسول الله ﷺ: «دعها عنك إن استطعت أن تسجد على الأرض وإلَّا فأومئ إيماءً واجعل سجودك أخفض من ركوعك».
الشيخ: لا يسجد على وسادة ولا شيء يسجد عليه.
الطالب: فإن كان على جنبه أو مستلقيًا فإن الإيماء يكون بالرأس إلى الصدر؛ لأن الإيماء إلى الأرض فيه نوع التفات عن القبلة، فيومئ برأسه إلى صدره قليلاً للركوع، ويومئ أكثر للسجود.
قوله: (ثمَّ بطرفه) أي إن عجز عن الإيماء برأسه، فإما أن يومئ بطرفه فيغمض عينيه قليلاً للركوع، فإذا قال: سمع الله لمن حمده فتح طرفه، فإذا سجد أغمض أكثر، وهذا هو المذهب استدلالا بحديث: «فإن لم يستطع فأومئ بطرفك» ولكنه حديث ضعيف، ولتعليل وهو أن مناط الصّلاة حصول العقل، فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عنه التكليف بها فيأتي بما يستطيعه.
والقول الثاني: أنّه إذا عجز عن الإيماء برأسه سقطت عنه الصّلاة لعجزه عنها، وهذه رواية عن أحمد وهو قول أبي حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: هذا القول أصح في الدَّلِيل؛ لأن الإيماء بالعين ليس من أعمال الصّلاة، ولا يتميز فيه الركوع من السجود ولا القيام من القعود؛ بَلْ هو من نوع العبث الذي لم يشرعه الله تعالى، وأما الإيماء بالرأس فهو خفضه وهذا بعض ما أمر الله به المصلي.
القول الثالث: تسقط عنه الأفعال لعجزه عنها دون الأقوال لقدرته عليها، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن/16]، وعلى هذا فينوي بقلبه فيكبر ويقرأ ثمَّ ينوي الركوع فيكبر ويسبح، ثمَّ ينوي القيام، ثمَّ يقول: سمع الله لمن حمده إلى آخره، وهذا القول ذكره في الإنصاف.
الشيخ: هذا هو الصواب من يصلي يسقط عنه الإيماء، وقول بأنه تسقط عنه الصّلاة قول مرجوح كما في ذهب إليه شيخ الإسلام، الأقوال الثلاثة: قيل: تسقط عنه الصّلاة مطلقًا، وقيل: يصلي بطرفه، إذا عجز عن الإيماء يعني في الحالات الثلاث القاعد يصلي قاعدًا أو على جنب أو مستلقيًا، ماذا يفعل في الركوع والسجود؟ يومئ برأسه للركوع ويومئ للسجود فيكون أخفض، فإن عجز ففيه أقوال ثلاثة:
قيل: يومئ بطرفه وهذا قول ضعيف.
وقيل: تسقط عنه الصّلاة، وهذا قول ضعيف؛ لأنّه لا تسقط عنه الصّلاة وعقله حاضر.
وقيل: يصلي بقلبه وهذا هو الصحيح، لكن يقرأ إذا كان يستطيع.
القول الثالث؟ وقيل إيش؟
الطالب: القول الثالث: تسقط عنه الأفعال لعجزه عنها دون الأقوال لقدرته عليها، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن/16].
الشيخ: نعم تسقط عنه الأفعال دون الأقوال، يعني الإيماء يسقط عنه، لكن الأقوال قراءة الفاتحة والتكبير ما يسقط عنه، هذا القول الثاني هذا أم الثالث؟
الطالب: هذا الثالث عفا الله عنك.
الشيخ: تسقط عنه الأفعال لعجزه، طيب والثاني.
الطالب: والثاني رواية أحمد وقول أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام أنها تسقط عنه.
الشيخ: تسقط عنه الصّلاة مطلقًا؟
الطالب: مطلقًا.
الشيخ: القول الأول يصلي بطرفه والصواب أنّه تسقط عنه الأفعال إذا كان ما يستطيع، تسقط عنه الأفعال وهذا هو الصحيح، أما القول بأنها تسقط فهذا قول مرجوح؛ لأن عقله معه.
الطالب: وعلى هذا فينوي بقلبه فيكبر ويقرأ ثمَّ ينوي الركوع فيكبر ويسبح، ثمَّ ينوي القيام، و يقول: سمع الله لمن حمده إلى آخره، وهذا القول ذكره في الإنصاف وهو وجيه جدًا.
وأما قول العامة أنّه يومئ بالأصبع فهذا لا أصل له في السنة ولم يقل به أحد من أهل العلم فيما أعلم والله أعلم.
وقوله: (وإن عجز عن القراءة فبقلبه) أي إذا عجز عن تحريك اللسان بالقراءة فإنه يستحضر القراءة بقلبه؛ لأن مناط الصّلاة حصول العقل، فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عنه التكليف بها، فيأتي بما يستطيعه والله أعلم.
الشيخ: إذا عجز عن الصّلاة على هذا يصلي قائمًا، فإن عجز صلى قاعدًا، فإن عجز صلى على جنب، فإن عجز صلى ويومئ، فإن عجز عن الإيماء قيل: يصلي بطرفه وهذا قول مرجوح لحديث ضعيف، وقيل: تسقط عنه الصّلاة وهذا قول ضعيف؛ لأن الصّلاة لا تسقط عنه، وقيل: تسقط عنه الأقوال دون الأفعال وهذا هو الصواب، فإن عجز قال: فصلى بقلبه. إيش؟
الطالب: (وإن عجز عن القراءة فبقلبه) أي إذا عجز عن تحريك اللسان بالقراءة فإنه يستحضر القراءة بقلبه.
الشيخ: ما دام العقل حاضر، يستحضر القراءة حكمه يكون حكم الأخرس في هذه الحالة، الأخرس يقرأ بقلبه.
الطالب: لأن مناط الصّلاة حصول العقل، فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عنه التكليف بها، فيأتي بما يستطيعه.
الشيخ: نعم ويكون حكمه حكم الأخرس.
بركة.
الطالب: (...48:36)
الشيخ: إذا كان متعمد تبطل الصّلاة، أما إذا كان جاهل أو ناسي قد يعذر في هذا، لكن من خلفه ينبهه، معروف أن من زاد في الصّلاة قيامًا أو ركوعًا أو قراءة متعمدًا تبطل الصّلاة، وإن كان جاهلاً أو ناسيًا فإنه يجبره سجود السهو.
الطالب: هو يعلم.
الشيخ: الله أعلم في هذه الحالة لأنّه يعلم هذا.
الطالب: والمأمومين؟
الشيخ: والمأمومين كذلك إذا زادوا وهم يعلمون وتبعوه في الزيادة.