أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أزكى الأنبياء وأشرف المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.
فغفر الله لك ولمن يسمع، فإن الإمام أبا عبد الله محمد بن علي يقول في كتابه كتاب التسهيل:
(المتن)
الشيخ:
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (كتاب الزكاة).
الزكاة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي فريضة عظيمة، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، قرن الله تعالى بينها وبين الصلاة في أكثر من ثمانين موضعًا: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة:5]، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11]، أوجبها الله تعالى، فرضها في كتابه، وفرضها النبي ﷺ في سنته، وأرسل العمال يجبون الزكاة ويقبضونها، وأجمع المسلمون على فرضيتها.
والزكاة في اللغة النماء والزيادة، يقال: زكا الزرع إذا نما وزاد، وتطلق على النماء والتطهير والصلاح، والزكاة في الاصطلاح هي حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص، حق مالي واجب من شخص مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.
والزكاة تجب بهذه الشروط، الشروط خمسة، وهي الإسلام، فالكافر لا تجب عليه الزكاة، لماذا؟ لأنها لا تصح منه الزكاة لو أخرجها في حال كفره، لأن الأعمال لا تصح إلا بالتوحيد والإسلام، يؤمر الأول بالإسلام والتوحيد، ثم بعد ذلك يؤمر بالزكاة، ولو أخرجها في حال كفره لم تصح منه، وليس معنى ذلك أنه لا يعاقب عليها يوم القيامة، بل يعاقب عليها يوم القيامة، يعاقب على ترك الإسلام، وعلى ترك الزكاة والصلاة، لكنها لا تصح منه في حال كفره.
الشرط الثاني الحرية، فالعبد الذي يباع ويشترى لا تجب عليه الزكاة لأنه لا مال له، ماله لسيده، وأما المبعض فتجب عليه الزكاة بقدر حريته، إذا كان نصفه حر ونصفه عبد، وملك مائة ألف، خمسين تكون لسيده، وخمسين له، تجب الزكاة عليه بقدر حريته.
والشرط الثالث تمام الملك واستقراره، فإذا كان الملك ليس بتام فلا تجب الزكاة كدين الكتابة، فإن العبد يريد أن يشتري نفسه من سيده، وسيده يخلي بينه وبين العمل، كما اشترت بريرة نفسها من أسيادها بتسع أواق، تدفع كل سنة أوقية، منجمة، ثم اشترتها عائشة، وصبت لهم الأواقي، فهذا الدين دين الكتابة الذي يأخذه السيد من عبده غير مستقر، غير تام الملك، لأنه قد يعجز نفسه، العبد يجلس عن العمل، دين الكتابة الذي على العبد، ما يأخذه السيد يكون ملكًا له، المقصود أنه لا بد من الاستقرار، تمام الملك واستقراره، فإن لم يكن مستقر فلا تجب فيه الزكاة.
والشرط الثاني النصاب، أن يبلغ نصابًا والشرط الرابع أن يبلغ نصابًا.
والشرط الخامس أن يبلغ الحول فيما يشترط له الحول، أما الحبوب والثمار فلا يشترط فيها الحول، وإنما تخرج الزكاة وقت الحصاد، لقول الله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]، المعشرات لا يشترط فيها الحول.
فهذه شروط الزكاة، الإسلام والحرية، وتمام الملك واستقراره، والنصاب وتمام الحول في غير الحبوب والثمار، في غير المعشرات، نعم، أعد.
(المتن)
الشيخ:
هذا الشرط الأول، نعم.
(المتن)
الشيخ:
هذا الشرط الثاني.
(المتن)
الشيخ:
هذا الشرط الثالث، تمام الملك واستقراره، نعم.
(المتن)
الشيخ:
في النعم يعني الإبل، بهيمة الأنعام، الإبل وهي البقر والغنم إذا كانت سائبة، نعم.
(المتن)
الشيخ:
بشرط الحول هذا الرابع، والنصاب الخامس، هذه خمسة شروط، نعم.
(المتن)
الشيخ:
السوم أكثر السنة، يعني إذا كانت الإبل والبقر ترعى في البرية أكثر السنة، أكثر من نصف الحول، تجب فيها الزكاة، زكاة السوم، وأقل النصاب خمس من الإبل، وثلاثين من البقر، وأربعين من الغنم، إذا كان عنده أربع من الإبل ما فيها زكاة إذا كانت ترعى، أو أقل من ثلاثين من البقر، أو أقل من أربعين من الغنم، أما إذا كان له خمس إبل فأكثر، وكانت ترعى من البرية، ترعى من البر أكثر من نصف الحول تجب فيها الزكاة، في خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان كما سيأتي في زكاة بهيمة الأنعام، أما إذا كان يعلفها فليس فيها الزكاة، أما إذا كان أعدها للبيع فهذه فتجب فيها زكاة العروض، عروض التجارة، وإن أعدها للأكل والاقتناء والدر والنسل فليس فيها زكاة، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، عروض التجارة والنقدين يشترط لهما الحول، والتجارة هي التي يعدها للبيع، الأراضي والعقارات والسيارات والأمتعة وغيرها، والآلات إذا أعدها للبيع، تسمى عرض تجارة، إذا مضى عليها سنة، تقوم عند تمام الحول، وتخرج الزكاة، فهي عروض التجارة، وإيش؟ والنقدين، كذلك، وهي الذهب والفضة، وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية، لا بد من تمام الحول بعد بلوغ النصاب، والنصاب في الذهب عشرون مثقالًا، وهو يعادل 11 جنيه ونصف تقريبًا، خمسة وثمانون غرام تقريبًا، وزكاة الفضة قدرت الآن تقارب ستة وخمسين ريال فضة، عربي سعودي، والريال يمكن الآن يعادل أو يباع بعشر ريالات من الأوراق النقدية، اضرب 56 بعشرة تخرج تقريبًا سبعمائة أو ستمائة في هذه الحدود، هذا النصاب، نصاب الفضة، فإذا بلغ النصاب وحال عليه الحول فيه زكاة، لكن الآن من المعلوم أن الإنسان ما يمكن يبقي عنده سبعمائة ريال أو ثمانمائة ريال حول كامل، وهي لا تساوي شيئًا الآن عندنا، قيمتها الآن تعتبر مبلغ زهيد، لكن إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، فإنه يخرج الزكاة ربع العشر، إذا كان عنده هذا المقدار سبعمائة أو ثمانمائة فأكثر وحال عليه الحول يخرج زكاته، نعم.
(المتن)
الشيخ:
الحلي المباح المعد للاستعمال أو معد للعارية لا زكاة فيه، وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة ومذهب الجمهور أنه لا زكاة فيها، قالوا: لأنها الزكاة إنما تجب في الأموال النامية، وهذه ليست نامية، وثانيًا: أنها معدة للاستعمال، فهي بمثابة الفرش والكراسي التي يستعملها، والسيارة التي يستعملها، وذهب الإمام أبو حنيفة وبعض العلماء إلى أن الزكاة تجب فيها، في الحلي المعد للاستعمال، قالوا: لعموم الأدلة، ولأدلة خاصة، عموم الأدلة قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34]، ومن عنده ذهب مستعمل داخل في هذا العموم، فهو عند ذهب وفضة، ولعموم الحديث: مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، قالوا: هذا عام، يشمل صاحب الذهب المستعمل، وكذلك وردت في هذا أدلة خاصة، قصة المرأة التي جاءت إلى النبي ﷺ ومعها ابنتان عليهما مساكتان غليظتان من ذهب، فقال: أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُما؟، قالت: لا، قال:أَتُحِبِّينِ أَنْ يُسَوِّرَك اللَّهُ بِسُوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟، فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله، وكذلك حديث أم سلمة، أنها كانت تخرج زكاة عن بنات، ((عن أوضاح )) لها، قالوا: هذه أدلة خاصة، اختار هذا شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - أخيرًا، وكان سابقًا قديمًا يفتي بالأول، وكذلك الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - وجمع من أهل العلم المحققين اختاروا هذا القول، أن الزكاة تجب في الحلي المعد للاستعمال، أما إذا كان الحلي معد لكونه يأكل منه، تأكل منه، أو معد لا للاستعمال، وإنما أعد لشيء آخر، فهذا تجب فيه، أو معد للأجرة فهذا تجب فيه الزكاة، هذا بالاتفاق، لكن المعد للاستعمال والعارية هذا محل الخلاف، نعم.
(المتن)
الشيخ:
يعني لا بد من النصاب وتمام الحول، يبلغ النصاب، ويحول عليه الحول، لقول النبي ﷺ: لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، نعم.
طالب:
كمن يشتريه ليحتفظ به بس؟
الشيخ:
نعم، عليه الزكاة هذا بالاتفاق، اشتراه ليحفظه حتى إذا احتاج باعه، فيه الزكاة، هذا ما فيه إشكال، نعم.
طالب:
ما الراجح - أحسن الله إليكم - عندكم في مسألة الحلي؟
الشيخ:
والله، القول بإخراج الزكاة قول قوي، في احتياط، بعض الأحاديث قال الشيخ - رحمه الله 0 قال الحافظ ابن حجر إسناده قوي، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، إذا كانت ترعى نصف الحول؟
الشيخ:
لا، لا بد يزيد في أكثر من النصف، إذا كانت ترعى أكثر من النصف يصدق عليها أنها ترعى أكثر الحول، أما إذا كان النصف فأقل، فلا، نعم.
طالب:
(10:56).
الشيخ:
إذا كان يعلفها ما صارت ترعى، لا بد تكون تكتفي أكثر الحول، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، ربح التجارة حوله حول الأصل، فإذا كان عنده عشرة آلاف، يضارب بها، يبيع بها ويشتري، وبدأ الحول من رجب، فلما مضى ستة أشهر كسبت، وصارت عشرين ألف بعد ستة أشهر، يزكيها بعد ستة أشهر، لأن الحول الربح حول الأصل، تابع للأصل، ولو كان الربح ما حصل إلا قبل الحول بشهر واحد، يزكي الجميع، الأصل والربح، ربح التجارة تبع، وكذلك أيضًا نتاج السائمة، إذا كان عنده خمس من الإبل ترعى، إذا حال عليها الحول فيها شاة، فأنتجت قبل أن يحول الحول بشهر، كل واحدة أنتجت، فصارت بدل خمس عشر، فيها شاتان، ولا يشترط النتاج الحول، فحوله تابع لحول الأصل، نتاج السائمة وربح التجارة، حولهما حول الأصل، العبرة برأس المال، والعبرة بالسائمة، بحول السائمة، والنتاج تابع لحول أمهاتهن، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، تجب الزكاة في الحبوب والثمار، وكل ما يكال ويدخر من البر، والتمر، والأرز، والدخن، وغيرها، تجب فيه الزكاة، إذا بلغ النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا، صاع النبي ﷺ، فيكون الوسق ثلاثمائة صاع، إذا كان يكال ويدخر، أما الذي لا يكال ولا يدخر، مثل الفواكه والخضروات فهذه ليس فيها زكاة، لكن ما تحصل من النقود وحال عليها الحول يزكيها، لكن الحبوب والثمار التي تكال وتدخر إذا بلغت النصاب، فإنها تؤدى زكاتها يوم حصادها، لقول الله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]، والنصاب خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا، فتكون الجميع ثلاثمائة صاع بصاع النبي ﷺ، صاع النبي ﷺ أقل من صاعنا، والصاع أربعة أمداد، والمد ملء كفي الرجل المتوسط، أربع حفنات، كل حفنة ملء الكفين المتوسطتين، التي ليستا بالكبيرتين ولا بالصغيرتين، هذا الصاع أربع حفنات، كل حفنة ملء الكفين، الحفنة مد، نعم، في الحبوب والثمار إيش؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا انقطع الحول، أو أبدله بجنسه ليس فيه زكاة، إلا إذا فعل ذلك فرارًا من الزكاة، فعل ذلك فرارًا من الزكاة تجب عليه الزكاة، معاملة بنقيض قصده، ولو بدله ولو أنقصه، أما إذا لم يكن له قصد بالفرار، فإن الحول ينقطع، ولا تجب عليه الزكاة، نعم.
طالب:
(14:51)
الشيخ:
ما فيها، الفاكهة والخضرة ما فيها زكاة، لأن هذه تباع بيومها، ووقتها، ما تحصل من الدراهم من ثمنها إن حال عليه الحول زكاه، وإن أنفقه فليس فيه شيء، نعم.
طالب:
(15:14)
الشيخ:
هذه السائمة التي ترعى من البر أكثر الحول، غير السائمة هذه إن أعدها للبيع والتكسب ففيها الزكاة، تقوم، صارت عروض تجارة، وإن أعدها للاقتناء، للقنية وشرب لبنها، أو الأكل من لحمها، أو للضيوف ليس فيها شيء، نعم.
طالب:
(15:40)
الشيخ:
العنب، إذا ادخر، وصار زبيب، إذا كان للادخار، لا بأس، فيه زكاة، نعم.
(المتن)
الشيخ:
يزكى الدين على مليء وقت قبضه، إذا كان الدين على مليء باذل، يعني يستطيع أن يؤدي الزكاة وقت ما طلبت، فإنك تزكيه المدة التي بقيت عنده، سنة، أو سنتين، أو ثلاث، لأنه مليء باذل، أما إذا كان الدين على معسر أو مماطل، فليس فيه الزكاة إلا إذا قبضته، قال بعض العلماء يزكيه لسنة واحدة، إذا كان لك دين على شخص مماطل، أو معسر، فقير، ما تدري هل يأتيك المال أم لا، وجلس عشر سنوات، ثم أعطاك إياه تستأنف به حولًا جديدًا، وبعض العلماء يقول: تؤدي زكاة سنة واحدة، أما إذا كان على مليء، وجلس عشر سنوات، ومليء متى ما طلبته أعطاك إياه، إذا أعطاك إياه تزكيه عشر سنوات، لأنه كأنه عندك، أو تزكيه كل سنة، ولو كان عنده، نعم، إيش؟ أعد.
(المتن)
الشيخ:
ويمنعها الدين بقدره، يعني إذا كان له دين على شخص عشرة آلاف، وعليه دين لشخص آخر خمسة آلاف، يسقط خمسة آلاف، ويزكي خمسة آلاف، هذا على ما ذهب إليه البعض، والقول الثاني أنه لا يسقط شيئًا من الدين، يزكي ماله وأمواله، ويستعين الله في قضاء دينه، وهذا هو الأحوط.
ومن العلماء من فرق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة، فالأموال الظاهرة تجب فيها الزكاة، ولا تسقط منها شيئًا من الدين، الأموال الظاهرة ما يشاهدها الناس، مثل الحبوب والثمار وبهيمة الأنعام، لأن هذه تتعلق بحقوق الفقراء، والفقراء يشاهدونها، فيزكيها، ولا يسقط شيئًا من الدين، وأما الأموال الباطنة كالذهب والفضة والنقود التي لا يراها الفقراء فيسقط ما عليه من الدين، والأرجح أنه لا يسقط شيئًا من الدين، أنه يزكي ما عنده، ويستعين الله في قضاء دينه، إيش؟ أعد.
(المتن)
الشيخ:
يعني محل وجوب الزكاة، محلها العين، يعني تتعلق بعينها، وقيل تتعلق بالذمة، ثمرة الخلاف إذا قيل محلها العين، إذا تلفت فلا زكاة فيها، لأنها تلفت، إذا تلفت فلا زكاة فيها، ومن قال: محلها الذمة، قال: تجب، لأنها في ذمته، نعم، ومحلها؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، عنه عن الإمام أحمد رواية أنه محلها الذمة، نعم.
(المتن)
الشيخ:
ولو مات أخذت من تركته، إذا مات من عليه زكاة، فإنها تخرج من تركته، لأن هذا من الديون، تخرج الديون التي على الميت قبل قسمة التركة، سواء كانت ديون لله أو لآدمي، فديون الآدميين تقضى قبل قسمة التركة، وتقضى أيضًا ديون الله، إذا كان عليه زكاة، تخرج الزكاة، عليه حج واجب، يخرج، عليه نذر أو كفارة، تخرج، ثم تقسم التركة، وإن مات أخذت من تركته، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم تسقط على الفور، إذا وجبت فلا يجوز تأخيرها إن أمكن ذلك، وإن كانت الأموال ليست عنده، ولا يستطيع بقيت في ذمته حتى يتيسر له، نعم، تجب على الفور، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، لا تسقط الزكاة بتلف المال، لأن محلها الذمة، ومن قال محلها العين تسقط، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، باب زكاة الإبل.
الشيخ:
بركة.
طالب:
أحسن الله إليك.
الشيخ:
كلام الشارح على قوله محلها الذمة والعين، والدين المليء عندك، إذا كان على مليء.
الشارح:
عفا الله عنك، (ويزكى الدين على مليء وقت قبضه)، قال عفا الله عنك: المليء هو الغني المقتدر، ثم ذكر عفا الله عنك: والمعنى أن من كان له دين على شخص غني قادر على دفعه، فإنه يزكيه إذا قبضه، وطاهر كلامه أنه يزكيه لما مضى، لأنه مروي عن بعض الصحابة كعلي، ولأنه يقدر على قبضه والانتفاع به، وما ذكره المصنف هو المذهب، وهو أنه لا يزكيه إلا إذا قبضه، لأن الزكاة تجب عن طريق المواساة، وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به، والقول الثاني أنه يزكيه مع ماله الحاضر في كل حول، وهو رواية عن أحمد، رجحها صاحب الإنصاف، وقد روى أبو عبيد ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وجابر، لأنه بمنزلة ما في يده، وقد تقدم الكلام على ذلك.
الشيخ:
ومحلها العين؟
الشارح:
قال عفا الله عنك: ومحلها العين أي إن محل وجوب الزكاة هي عين المال الذي لو دفع زكاته منه أجزأت، كالذهب والفضة والبقر والغنم، ونحوها، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ [المعارج:24]، وحديث: فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، وفي للظرفية، وهذا هو المذهب، (وعنه الذمة)، هذه رواية أخرى عن الإمام أحمد أن محلها الذمة، أي ذمة المالك، فهي كالدين عليه، وعلى هذا فلا علاقة لها بالمال، بدليل أن المال لو تلف بعد وجوب الزكاة لوجب على المالك أن يؤدي الزكاة، وبدليل جواز إخراجها من غير النصاب، فلم تكن واجبة فيه، واختارها جمع كابن عقيل، وجزم به الخرقي، وأبو الخطاب في الانتصار، حتى قال رواية واحدة، والقول بأنها تجب في عين المال يرد عليه أن صاحبه يمنع من التصرف فيه بالبيع والهبة كالمرهون، وأنه يمتنع الأداء من غيره، وأن الفقراء يملكون جزءًا منه مشاعًا، بحيث يختصون بنمائه، قال الزركشي: وهذه اللوازم باطلة، وإذا بطلت بطل الملزوم، والقول بأنها تجب في الذمة يرد عليه ما لو تلف المال بغير تعد ولا تفريط، مع أن الأظهر أنه ليس عليه زكاة، فالأول أظهر، وهو أن محلها عين المال، لكن لها تعلق بالذمة، فيصح أن يبيع المال أو يهبه، ولكن يضمن الزكاة، لأن هذا التعلق بالمال ليس تعلقًا كاملًا بحيث نقول إنه كالمال الموهوب، بل له تعلق بالذمة، ويستثنى من ذلك عروض التجارة، فإن الزكاة لا تجب في عينها، بل تجب في قيمتها، ولو أخرج الزكاة منها لم يجزئ بل لابد من القيمة على أحد القولين.
الشيخ:
طيب، زكاة الحلي.
الشارح:
ذكر زكاة الدين، أحسن الله إليك، قال: (ويمنعها الدين بقدره)، قال عفا الله عنك: أي بقدر الدين، أي أن الدين يمنع الزكاة، فالذي عليه دين ليس عليه زكاة، قال عفا الله عنك: (بقدره) أي بقدر الدين،فيسقط مقدار الدين ويخصمه من المال كأنه غير مالك له، ثم يزكي الباقي إن بلغ نصابًا، فلو كان عنده عشرة آلاف ريال، وعليه دين خمسة آلاف، زكى الخمسة الباقية، ولو كان عليه تسعة آلاف وتسعمائة، فليس عليه في الباقي زكاة، وهو مائة ريال، لأنها لا تبلغ النصاب.
وهذا هو المذهب، وقول بعض الفقهاء، ولهم دليل وتعليل، أما الدليل فما ورد عن السائب بن يزيد أن عثمان قال وهو يخطب: (هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده، ثم ليزكِّ بقية ماله)، وأما التعليل فهو أن الزكاة إنما وجبت مواساة لذوي الحاجات، والمدين محتاج إلى قضاء دينه كحاجة الفقير أو أشد، وليس من الحكمة تعطيل حاجة المالك لدفع حاجة غيره، والقول الثاني: أن الدين لا يمنع الزكاة، فمن كان عنده نصاب فليزكِّه، ولو كان عليه دين ينقصه أو يستغرقه، استدلالًا بالعمومات الدالة على وجوب الزكاة في كل ما بلغ النصاب، كقوله: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة:103]، ولأن النبي ﷺ كان يبعث عماله لقبض الزكاة، ولم يأمرهم بسؤال أهل الزكاة هل عليهم دين أو لا، مع أن الغالب أن أهل الثمار عليهم ديون السلم، لأنهم كانوا يسلفون في الثمار السنة والسنتين، والقول الثالث أن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، كالنقود وعروض التجارة دون الأموال الظاهرة كالحبوب والثمار والمواشي، وسبب هذا التفريق أن تعلق الزكاة بالظاهرة أوكد لظهورها، وتعلق قلوب الفقراء بها، ولأن السعاة في الأموال الظاهرة يأخذون زكاة ما يجدون، ولا يسألون صاحبها عن الدين، مما يدل على أنه لا يمنع زكاتها.
وهذا القول فيه ضعف، لأن النصوص العامة في الزكاة تشمل الأموال الظاهرة والباطنة، ولأن كون النبي يبعث السعاة ولا يستفصلون دليل على أن الزكاة تتعلق بالمال، ولا فرق فيه بين الظاهرة والباطنة، ثم إن الخفاء والظهور أمر نسبي، ولاسيما في زماننا هذا، فقد أصبحت عروض التجارة من معارض سيارات ومخازن سلع، ودكاكين مجوهرات وغيرها أشهر ظهورًا للفقراء من الأنعام و الزروع.
والقول بأن الدين يمنع وجوب الزكاة قول وجيه في بادئ الأمر، لأنه كما يقول ابن رشد: إنه الأشبه بغرض الشرع، فإن الصدقة لا تشرع إلا عن ظهر غنى، ولا غنى عند مدين محتاج لقضاء دينه الذي قد يعرضه لعقوبة الحبس، مع ما فيه من هم الليل وذل النهار، لكن العمومات تؤيد القول الثاني، والأحوط للمكلف أن يبادر إلى قضاء دينه، ثم يزكي ما بقي، وهذا فيه براءة للذمة من الدين، واحتياط في باب الزكاة، وأما أثر عثمان فلا دلالة فيه، فقد ورد عند أبي شيبة بلفظ: (فليقضه، وزكوا بقية أموالكم)، وعند البيهقي: (فمن كان عليه دين فليقضِ دينه حتى تخلص أموالكم، فتؤدوا منها الزكاة) ففيه الحث على قضاء الدين، ثم أداء الزكاة فيما بقي من المال، وأما كونها وجبت مواساة، فهذه علة مستنبطة، وأوضح منها كون الزكاة عبادة تطهر المال وصاحبه، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ [التوبة:103]، وكونها مواساة، وإن كانت علة وجيهة، لكنها لا تكفي لتخصيص العمومات.
الشيخ:
الأرجح القول الأول أنها تجب مطلقًا، تجب إخراج الزكاة مما عنده، وأما الدين، فهذا أمر خفي، يستعين الله في قضائه، أحسنت...