بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأزكى المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد:
فغفر الله لكم شيخنا، يقول الإمام البعلي - رحمه الله تعالى:
(المتن)
الشيخ:
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال المؤلف رحمه الله: (كتاب الصيام).
الصيام في اللغة الإمساك، ومنه يقال للساكت صائم، ومنه قول الله تعالى عن مريم: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا [مريم: 26]، يعني سكوتًا، يعني نذرت، لما أتت به قومها تحمله، قالت: إني صائمة، ساكتة ما أتكلم، وأشارت إليه، فالصوم في اللغة الإمساك، ويقال للساكت صائم.
وشرعًا هو الإمساك عن المفطرات بينة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أو إمساك مخصوص من شخص مخصوص في وقت مخصوص عن أشياء مخصوصة، إمساك مخصوص عن الأكل والشرب...، من شخص مخصوص وهو المكلف، في وقت مخصوص من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، عن أشياء مخصوصة، وهي المفطرات.
وصيام رمضان فريضة عظيمة من فرائض الإسلام، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام، وهو معلوم من الدين بالضرورة، ومما توارثها الأمم، وهي فريضة كتبها الله على الأمم السابقة كما قال الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]، من أنكر وجوب الصوم فإنه يكفر، لأنه أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، وركن من أركان الإسلام، نسأل الله العافية.
ومن أفطر عامدًا متعمدًا عن غير جحود، ففيه خلاف بين أهل العلم، قيل إنه يكفر، قال جمع من أهل العلم إنه يكفر، وقال آخرون: لا يكفر، وإنما يعذر، يكون مرتكبًا جريمة كبيرة، كما قيل في الحج، وقيل في الزكاة أيضًا، فيها الخلاف من ترك الزكاة تهاونًا، أو الصوم أو الحج، قيل بكفره، وقيل بأنه لا يكفر، أما من جحدها، تركها جحودًا فهو كافر بالإجماع، والصواب أنه لا يكفر، لكن يعزر، ويكون فاسقا، ويكون ضعيف الإيمان، يعزره الحاكم، ويلزم بالصيام، وكذلك بالزكاة، وكذلك بالحج، لكن لا يكفر على الصحيح ، إلا إذا ترك الصلاة، الصلاة هي التي تركها كفر، ولو كسلًا أو تهاونًا.
يجب صوم رمضان بواحد من ثلاثة أمور:
الأمر الأول: رؤية الهلال، هلال رمضان.
الأمر الثاني: إكمال شعبان ثلاثين يومًا.
الأمر الثالث: إذا حال دون رؤية الهلال في الثلاثين قتر أو غيم، فلم ير، فإن الناس يصبحون صائمين، يكون الصوم بواحد من ثلاثة أمور، إما برؤية الهلال، وإما إكمال شعبان ثلاثين يومًا، وإما أن يحول دون رؤيته في الثلاثين غيم أو قتر، هذا على المذهب، ورواية عن الإمام أحمد، والصواب أنه لا يصام إذا حال دون رؤيته غيم أو قتر، بل يجب الفطر، ولا يكون الصيام إلا بواحد من أمرين، إما رؤية الهلال، أو إكمال شعبان ثلاثين يومًا، والدليل على ذلك الحديث أن النبي قال: فإن حال دونه غيمٌ أو قَتَرٌ فَاقْدُرُوا لَهُ، وفي رواية: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ، من قال إنه يصام قال: فَاقْدُرُوا لَهُ يعني ضيقوا له، واجعلوه تسعًا وعشرين وصوموا هذا اليوم، وهذا مروي عن ابن عمر، ومروي عن الإمام أحمد وجمع من الصحابة، ومن أهل العلم، من ذلك أن ابن عمر كان يأمر مولاه أن ينظر ليلة الثلاثين، فإن كان صحوًا، ولم ير الهلال أصبح مفطرًا، وإن كان دونه غيم أو قتر أصبح صائمًا، وهذا اجتهاد منه .
والأصح والصواب أنه لا يصام، إلا بأحد أمرين: إما برؤية الهلال، أو بإكمال شعبان ثلاثين يومًا، وأما قوله: فَاقْدُرُوا لَهُ يعني فاحسبوا له، بدليل الرواية الأخرى: فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ، الحديث يقول النبي: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ، وفي رواية: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ، وفي رواية فَاقْدُرُوا لَهُ يعني فاحسبوا له، ومن قال إنه يصام قال: فَاقْدُرُوا لَهُ يعني ضيقوا له، ضيقوا له واجعلوا الشهر تسعًا وعشرين، وصوموا هذا اليوم، والمسألة فيها خلاف، حتى فيه رسائل مؤلفة في هذا، العلماء السابقين في رسالة في الصيام ليلة الثلاثين إذا حال دونه غيم أو قتر، نعم، والخلاف فيها قوي في هذا، نعم.
والمؤلف مشى على هذا، مشى على المذهب أنه يصام، أنه يصام بواحد من ثلاثة أمور: إما لرؤية الهلال، وإما أن يكملوا شعبان ثلاثين يومًا، وإما أن يحول دون رؤيته ليلة الثلاثين غيم أو قتر، نعم.
سائل: (6:14)
الشيخ:
تأخير الصلاة؟ فيه خلاف، لكن لو متعمد يرى جمع من أهل العلم أنه يكفر، إذا أخرها متعمدًا لا ناسيًا، ولا نائمًا نومًا يعذر فيه، ولا متأولًا يرى جمع من المتأخرين، جمع من العلماء أنه يكفر، ولو فريضة واحدة إذا أخرها، لقول النبي ﷺ: مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، رواه البخاري في الصحيح، من الذي يحبط عمله؟ هو الكافر، نعم.
المتن:
الشيخ:
نعم، يقبل العدل في الشهادة، يكفي واحد، إذا أخبر عدل برؤيته للهلال فإن الناس يصومون، لكن لا يفطرون إلا برؤية الهلال أو بشهادة عدلين، أما إذا صاموا بشهادة اثنين فإنهم إذا أكملوا شعبان إلى رمضان ثلاثين يومًا، ولم يروا الهلال أفطروا، نعم.
سائل: (7:11)
الشيخ:
لما جاء في الحديث، جاء في الحديث أنه في رمضان خاصة يقبل فيه شهادة عدل واحد في الصوم، وأما في الفطر فلا يقبل إلا شهادة اثنين، وإذا صاموا بشهادة واحد ولم يروا الهلال، فلا يفطرون، وإن صاموا بشهادة اثنين، ولم يروا الهلال، وأكملوا العدة، عدة رمضان فإنهم يفطرون، نعم.
سائل: (7:41)
الشيخ:
رؤية واحد عند أهل العلم لا يفطرون حتى يروا الهلال، نعم، الحديث في هذا...، نعم.
(المتن)
الشيخ:
رؤيته نهارًا يكون الليلة المقبلة، يرى في النهار بمعنى الليلة المقبلة، هذا فيه نظر، إشكال، تكلم على رؤية الهلال في الليلة المقبلة..؟
الشارح:
أي إذا رؤي الهلال نهار الثلاثين, سواءً قبل الزوال أو بعده فو لليلة المقبلة فلا يمسك في ثلاثي شعبان ولا يفطر إن كان في ثلاثي رمضان, أما إذا رؤي نهار التاسع والعشرين فلم يقل أحد إنه للماضية لما يلزم عليه من كون الشهر ثمانية وعشرين , وغرض المصنف بهذا دفع قول من يقول إنه لليلة الماضية فيجب عليهم الصوم أو يجب عليهم الفطر إذا كانوا في آخر الشهر, والمعنى أنه لا أثر لرؤية الهلال نهاراً وإنما يعتد بالرؤية بعد الغروب ورؤيته نهاراً ممكنة لعارض يعرض في الجو ويقل به ضوء الشمس أو يكون قوي النظر ودليل المسألة ما ورد عن عمر بن الخطاب أنه قال: إذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس عشية .
الشيخ:
العبرة بالرؤية، العبرة برؤية العدلين ليلًا لا نهارًا، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا رؤي في بلد فهي رؤية جميع الناس, لعموم قول النبي ﷺ: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، وهذا خطاب عام لجميع الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، إذا رؤي الهلال في أي بلد، وجب على جميع الأمة في الكرة الأرضية أن يصوموا، جميع المسلمين نعم، هذا هو قول الجمهور.
وقال آخرون من أهل العلم: إن المطالع تختلف، وأن لكل قطر رؤيته، والدليل على هذا حديث ابن عباس أن مولاه كريب قدم من الشام إلى المدينة، فقال كريب لابن عباس: (متى رأيتم الهلال في الشام؟)، في أول الشهر كان في الشام، وفي آخر الشهر كان في المدينة كريب، فقال ابن عباس لكريب: (متى رأيتم الهلال؟) فقال كريب: (رأيناه ليلة الجمعة، فصمنا، وصام معاوية، وصامه الناس)، فقال ابن عباس: (لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومه حتى نرى الهلال، أو نكمل العدة ثلاثين يومًا)، فقال كريب: (أفلا تعملوا برؤية معاوية والناس؟)، قال: (لا، هكذا أمرنا رسول الله ﷺ)، ابن عباس يرى أن المطالع تختلف، فالشام بعيدة عن المدينة، ويمكن أن يرى الهلال في الشام يعني يوم الجمعة، ويرى في المدينة ليلة السبت، وهذا القول الثاني أن القول باختلاف المطالع، وأن لكل أهل بلد رؤيتهم، لكل أهل بلد لكل أهل قطر يعني وما حوله.
والقول الأول هو قول الجمهور، إذا أمكن العمل به فيه لا شك أن فيه قوة للمسلمين، فيه تضامن، وفيه هيبة للمسلمين، هذا إذا أمكن، لكن قد لا يمكن في هذا الزمن، إذا كان الناس اختلفوا، وصار في حكومات متعددة، أو بعض الحكومات بعض الدول تعمل بالحساب، فلا عبرة بالحساب، فلا يمكن، لكن إذا كانوا كلهم يعملون بالرؤية، وأمكن أن يعملوا فهذا قول قوي، وهو قول الجمهور، وإن لم يمكن فإن كل أهل قطر يعملون برؤيتهم الشرعية، نعم.
(المتن)
الشيخ:
ومن رآه وحده ردت شهادته، يصوم لأنه لا عذر له، لأنه قد يكون غير ثقة هو، فلا يقبل قوله، فالناس لا يلزمون بالصوم، لكن هو يلزمه الصوم، لأنه أعلم بنفسه، رآه، متأكد يجب أن يصوم، نعم، عكس الفطر، إذا رأى هلال رمضان وردت شهادته فلا يفطر، بل يفطر مع الناس، يتم الصوم، والفطر يوم يفطرون، فإذا رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته وجب عليه الصوم، وإذا رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته أيضًا وجب عليه الصوم لا يفطر، نعم، قال: (ومن رأى)؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، عكس الفطر، نعم، يؤمر به الصبي الذي، المميز إذا كان يطيق الصوم من باب التمرين والتدريب، كما أنه يمرن في الصلاة يمرن أيضًا كذلك على الصيام، قال ﷺ: مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وكان السلف يأمرون صبيانهم بالصيام إذا كانوا يطيقون تمرينًا، وربما بكى أحدهم من الجوع، فيعطى اللعبة من العهن يتلهى بها حتى يفطروا، فإذا كان يطيق ذلك فلا بأس، وإن كان لا يستطيع فلا، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا صاموا بشهادة اثنين، وتم الشهر ثلاثين يوما، ولم يروه فإنهم يفطرون لأن اثنان عدلان يؤخذ بقولهما، نعم، أما إذا صاموا بشهادة الواحد فلا يفطرون، لاحتمال أنه إيش؟ لاحتمال أنه وهم، نعم.
(المتن)
الشيخ:
إن الصوم يجب على مسلم مكلف قادر، مسلم، الكافر لا يؤمر بالصوم، ولا يصح منه الصوم في حال كفره، بل يؤمر بالتوحيد بالإسلام، فإذا دخل في الإسلام، وشهد لله بالوجدانية، وللنبي ﷺ بالرسالة أمر بالصلاة والصوم، وأما في حال كفره فلا ينفعه الصوم، فلا يصح إلا من مسلم مكلف بالغ عاقل، قادر، أما المريض الذي لا يستطيع، فإنه معفو عنه، وكذلك المقيم، يشترط أن يكون مقيمًا، والمسافر لا يجب عليه الصوم، مسلم، مكلف، قادر، مقيم، غير الحائض والنفساء، الحائض والنفساء لا يجب عليهما الصوم، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، يصح بنية من الليل لحديث حفصة - رضي الله عنها - أن النبي ﷺ قال: مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ، وهذا خاص بصوم الفريضة، صوم الفرض، رمضان والنذر والكفارة والقضاء، أما صوم النفل فلا بأس أن يصوم ولو بعد الفجر، إذا لم يفعل شيئًا من المفطرات له أن يصوم ولو في الضحى، لكن لا يكتب له الأجر إلا من نيته، لما ثبت أن النبي ﷺ دخل على أهله نهارًا فقال: هَلْ عِنْدَكُمْ مِن شَيْءٌ؟، قالوا: لا، قال: فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ، كان لم يأكل ولم يشرب من الفجر، فلا بأس بصوم النفل بنية من النهار ما لم يفعل شيئًا من المفطرات، أما صوم الفرض فلا بد أن يبيته من الليل، سواء كان صوم رمضان، أو قضاء رمضان، أو نذر، أو كفارة، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، لكل يوم، لأن كل يوم عبادة مستقلة، وقيل تكفي نية واحدة للشهر، لأن المسلم ينوي هذا، ومعنى النية يعني إذا كان يعلم أنه سيصوم غدًا من اليل هذه هي النية، نعم، وإنما؟
(المتن)
الشيخ:
بشرط إذا انتفى المفطر مثل الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة لا يصح منها الصوم، نعم، وإيش؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، يعني هذه المفطرات، حيض ونفاس، وردة، والعياذ بالله، إذا تكلم سب الدين، أو سب الله، أو سب الرسول، بطل صومه - نعوذ بالله - كان مرتدا - نعوذ بالله - وعليه أن يعيد هذا الصوم إذا تاب، وكذلك الوضوء إذا كان متوضئًا، بطل وضوؤه إذا تكلم بالردة، نسأل الله السلامة والعافية، لقوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [المائدة: 5]، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، وتعمد ذاك قيئًا، إذا تعمد القيء هذا يبطل به صومه، بأن أدخل أصابعه في حلقه، أو عصر بطنه ليتقيأ، أو شم شيئًا يتقيأ فهذا منافٍ للصوم، مبطل للصوم، أما إذا ذرعه القيء وغلبه بدون اختياره فصومه صحيح على الصحيح، لما رود في الحديث: مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، تعمد ذاكر قيئًا، إذا كان ذاكرًا، أما إذا كان ناسيًا الناسي معفو عنه، نعم، كذلك إذا جامع تعمد الجماع فإنه يفسد صومه، أما إذا جامع ناسيًا فلا يفسد صومه على الصحيح، وقيل: يفسد صومه، قال العلماء يفسد صومه فإنما هذا خاص بالأكل والشرب لقول النبي ﷺ: مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ، وجاء أيضًا في رواية رواها الحاكم، استثناء الجماع أيضًا، وهذا هو الصواب، لأن الناسي معفو عنه لا حيلة فيه، نعم.