شعار الموقع

شرح كتاب البيع من التسهيل في الفقه للبعلي 6 بابُ الرَّهنِ

00:00
00:00
تحميل
101

أحسن الله إليك، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فأحسن الله إليك، يقول الإمام البعلي – رحمه الله تعالى - في كتابه التسهيل في كتاب البيوع:

(المتن)

(بابُ الرَّهنِ، يَصِحُّ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ بَيعُهُ، مَعَ الحَقِّ وَبَعدَهُ).

الشيخ:

نعم، باب الرهن.

الرهن هو توثقة دين بعين، هو أن يوثق دينه بعين، هذا هو الرهن، إذا كان يبيع الإنسان شخص على شخص سيارة مؤجلة، ثمنها مؤجل، فيقول: ارهن لي رهنًا يوثق ديني، أنا بعتك السيارة بخمسين ألفًا مؤجلة إلى سنة، لكن أنا ما أضمن ديني، لا أضمن مالي، هل يأتي أو لا يأتي، أريد رهن، فقال: أرهنك بيتي، هذا البيت، هذا البيت رهن، الرهن هو الحبس، يعني يحبس فلا يباع، فإذا عجز عن الوفاء، فإنه يرفع الأمر إلى الحاكم، والحاكم ينظر، قد يباع البيت، ويوفى منه المدين يأخذ حقه، والباقي يرد على صاحبه.

هذا الدين توثقة دين بعين، يصح في كل عين يجوز بيعها، كل عين يجوز بيعها يصح أن تكون رهن، والتي لا يجوز بيعها لا يصح أن تكون رهن، التي لا يجوز بيعها مثل آلات اللهو، مثل الخمور، والنجاسات، والسموم القاتلة، هذه لا يجوز بيعها، ولا يجوز أن تكون رهن، كل ما يجوز بيعه يصح أن يكون رهنًا.

(بعد الحق وقبله)، بعد الحق يعني بعد ثبوت الحق، بعد ثبوت الدين أو قبله، يقول: أريد أن أبيعك السيارة، لكن أريد أن ترهنني، قبل أن يعقد البيع، فقال طيب، أرهنك سيارتي، أرهنك بيتي، وأحيانًا يكون الرهن بعد الحق، بعد ما يبيع عليه السيارة، يقول: أريد أن ترهنني رهن، نعم، يجوز إيش؟

(المتن)

(يَصِحُّ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ بَيعُهُ).

الشيخ:

كل ما يجوز بيعه، والذي لا يصح بيعه لا يكون رهن، كالنجاسات والخمور، وآلات اللهو والسموم، وغيرها مما لا يجوز بيعه لا يصح أن يكون رهنًا، نعم.

(المتن)

(مَعَ الحَقِّ وَبَعدَهُ).

الشيخ:

مع الحق حينما يعقد البيع، وبعده بعد ما يعقد البيع، نعم.

(المتن)

(لا قَبْلَهُ فِي وَجْهٍ).

الشيخ:

لا قبله في وجه، يعني لا يصح في وجه في المذهب.

والوجه الثاني أنه يصح ولو قبله.

يعني كأننا عندنا ثلاث حالات:

الحالة الأولى أن تكون مع الحق في أثناء البيع.

والحالة الثانية قبل البيع.

والحالة الثالثة تكون بعد البيع.

فالمؤلف يقول: يحوز مع الحق، يعني في أثناء البيع، وهو يعقد البيع، كأن يقول: بعتك هذه السيارة وترهنني هذا البيت، أو بعد الحق يقول: بعتك السيارة، يقول: قبلت، ثم بعد ذلك يقول: أريد أن ترهنني، بعد الحق، وأما قبله فلا في وجه في المذهب، والوجه الثاني أنه حتى ولو بعده ، ولو قبله، نعم.

(المتن)

(بِدَينٍ ثَابِتٍ لازمٍ).

الشيخ:

بدين ثابت لازم، يعني يكون المبيع بيت ثابت لازم مؤجل يعني، أما لو كان بيع حاضر لا يحتاج رهن، يعني اشتريتك هذه السلعة بمائة، وأعطاه المائة في الحال، لا يحتاج رهن، الرهن لا بد أن يكون بدين ثابت لازم في ذمته، نعم.

(المتن)

(وَهُوَ أَمَانَةٌ).

الشيخ:

نعم، وهو الرهن أمانة، في يد المرتهن أو الراهن، نعم.

(المتن)

(وإنَّمَا يَلزَمُ بِالقَبْضِ واسْتِدَامَتِهِ).

الشيخ:

نعم، إنما يلزم بالقبض إذا قبضه فإنه يلزم، وأما قبل القبض فلا يلزم، ولهذا قال تعالى: فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة: 283]،إذا قبضه لزم، أما إذا لم يقبضه فلا يلزم، نعم.

(المتن)

(فَلا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الرّاهِنِ بِغَيرِ عِتْقٍ).

الشيخ:

فلا ينفذ تصرف الراهن، الراهن المدين الذي دفع الرهن توثقة، فلا يجوز أن يتصرف فيه، لا يبيعه أو يشتريه، لأنه مرهون، إلا العتق، إذا كان عبدًا، رهنه عبدًا ثم أعتقه لأن الإسلام يتشوف إلى العتق، نعم، فلا ينفذ.

(المتن)

(فَلا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الرّاهِنِ بِغَيرِ عِتْقٍ، وَتُؤخَذُ قِيمَتُهُ فتُجْعَلَ رَهْنًا).

الشيخ:

هذا إذا أعتقه، فلو قال أريد رهن، فقال أرهنك هذا العبد الذي يملكه، ثم لما رحل، بعد شهر قال: العبد حر لله، أعتقه، ينفذ العتق، لأن الشارع يتشوف إلى العتق، وتؤخذ قيمته المنقولة للراهن الذي رهنه، كم قيمة العبد؟ قال: قيمته عشرة آلاف، نقول: هات عشرة آلاف تكون رهن بدله، وأما لو باعه، قال: أبيع هذا العبد على فلان ، لا ينفذ البيع لأنه مرهون، مرهون لا ينفذ، لكن ينفذ العتق لأن الشارع يتشوف إلى العتق، نعم.

الطالب: (6:30)

الشيخ :

اي نعم، هو يلزم، يلزم أن يجعل القيمة رهنًا مكانه، نعم.

(المتن)

(وَلا يَنْفَكُّ شَيءٌ مِنْهُ إلاَّ بَأَدَاءِ الكُلِّ).

الشيخ:

ولا ينفك شيء من الرهن إلا بأداء الدين كله، يعني لو باع شخصًا سيارة على شخص بعشرة آلاف، أو رهنه عبدًا له، أو رهنه مثلًا شيئًا مجزأً، فلما أعطاه خمسة آلاف، سبعة آلاف، قال: أنا أعطيتك الآن أكثر الدين، أعطني الرهن، يقول: لا، الرهن ما يفك، حتى يوفي الدين كاملًا، لا يفك شيء منه، بإعطاء المشتري البائع، أو بإعطاء المدين شيئًا من دينه، بدفع شيء من دينه، حتى يدفع الدين كاملًا، فيفك الرهن، نعم.

(المتن)

(وَلِلمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْكَبَ وَيَحْلِبَ بِقَدَرِ عَلَفِهِ).

الشيخ:

البائع الذي يستوثق دينه، هذا المرتهن، والراهن الذي دفع الرهن، المرتهن مثلًا صاحب الدين قال: أعطني رهن، فقال أعطيك هذه الدابة، الدابة بعير، ناقة هذه رهن، فهل له المرتهن أن يركب الناقة، أو أن يحلبها ويشرب من لبنها؟ نعم، له أن يركبها، ويشرب بقدر علفها، لأنه ينفق عليها، ويعلفها، فيركب ويشرب من لبنها بقدر النفقة التي ينفقها عليها، نعم، وفي الحديث وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ، نعم.

(المتن)

(وَلَو جَنَى فَالمَجْنِيُّ عَلَيهِ أحَقُّ بِرَقَبَتِهِ).

الشيخ:

نعم، لو جنى هذا العبد على شخص وهو رهين، فالمجني عليه أحق برقبته، المجني عليه يكون أحق برقبته، وإن كان مرهونًا، لكن ها الرهن العبد اعتدى على شخص آخر، وضربه، وحصل شجاج في رأسه، أو قطع عضوًا من أعضائه، يكون هذا في رقبته، يقدم هذا، يؤخذ هذا العبد، ويؤخذ منه بقدر الجناية، يباع ويؤخذ بقدر الجناية، نعم.

(المتن)

(فَلَو فَدَاهُ سَيِّدُهُ فَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ).

الشيخ:

نعم، إذا فداه سيده، دفع الغرامة التي عليه يبقى على رهن، يبقى الرهن لحاله، وإن لم يفده، فإنه يؤخذ العبد ويباع ويسدد من قيمته هذه الجناية التي جناها، نعم.

(المتن)

(وَإنْ جُنِيَ عَلَيهِ فَالخَصْمُ مَالِكُهُ).

الشيخ:

نعم، إن جني عليه، هذا العكس، الصورة الأولى جنى هو، الصورة الثانية جني عليه، جاء إنسان واعتدى على العبد، وأصابه بشيء، فالخصم مالكه، مالكه الذي هو الراهن، هو المخاطب بهذا، هو الذي يطالب بحقه، نعم.

(المتن)

(وَمَا قَبَضَهُ بِسَبَبهِ رَهْنٌ).

الشيخ:

نعم، وما قبض بسبب الرهن رهن، ما قبض من المال، مثلًا جني عليه ثم قبض، ثم سلم، جني على العبد، وسلم لمالكه مائة مقابل الجناية تكون مع الرهن، نعم.

(المتن)

(وَمَا قَبَضَهُ بِسَبَبهِ رَهْنٌ كَنَمَائِهِ، وَكَسْبهِ).

الشيخ:

نعم، كنمائه وكسبه، نمائه النماء المتصل، النماء مثل كما لو كانت أمة ولدت، أو دابة هذا نماء منفصل تبع له، والنماء المتصل كالسمن، وكذلك الكسب كما لو كان يكسب العبد، وله عمل ومهنة، يكون تابع، ما حصل من الكسب تبع للرهن، نعم.

(المتن)

(فَإذَا حَلَّ الدَّينُ فَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنَ الوَفَاءِ أجْبَرَهُ الحَاكِمُ، وَإلاَّ بَاعَهُ وَقَضَى دَينَهُ).

الشيخ:

نعم، فإذا حل الدين مثل الدين المؤجل إلى رمضان، جاء رمضان، فالحاكم الشرعي يجبر المرتهن على دفع الدين، يقول حل الدين الآن، عليك عشرة آلاف، فإن سلم فهذا، وإن لم يسلم فإن الحاكم يتدخل، يبيع العبد، ويسلم من قيمته لصاحب الدين، والباقي يكون للمرتهن، سيد العبد نعم.

كلام الشارح عليه في أوله، نعم

الطالب:

 (12:27)

الشيخ:

هذا نعم، كما ذكر، قد تكون سبب الخلاف، لكن المؤلف مشى على أنه يضاف إليه، نعم.

الطالب:

(12:37)

الشيخ :

ثمار إيش؟ لو كان له، لو رهنه نخلة ثم أثمرت نعم، يكون تابع، هذا من النماء المنفصل، أو دابة وولدت، أو أمة وولدت، يكون تابع للرهن كما مشى عليه المؤلف، وقد يكون المسألة فيها خلاف، نعم.

الطالب :

(13:3)

الشيخ :

المرتهن الذي في يده مقابل النفقة، مقابل الركوب وشرب اللبن، ينفق مقابل شرب اللبن والركوب، نعم.

الطالب :

(13:22)

الشيخ:

نعم، كما هو الآن موجود البنك العقاري يرهن الأرض، نفس الأرض ترهن.

الطالب:

(13:38)

الشيخ:

تبيع إيش؟ هو الآن الأرض سيقيم عليها بناء، مرهونة، ما يبيعها حتى يسدد الدين، نعم.

الشارح:

قوله: (يصح في كل ما يجوز بيعه) أي يصح الرهن إذا كان عينًا في كل ما يجوز بيعه كالدار والسيارة، لأن القصد منه توثقة الدين بالرهن ليتوصل إلى استيفائه من ثمن الشيء المرهون عند تعذر الاستيفاء من الغريم الراهن للعين، وهذا متحقق في كل عين يجوز بيعها، وما لا يصح بيعه كالخمر والكلب والوقف والمجهول لا يصح رهنه لعدم إمكان الاستيفاء منه.

ويستثنى من هذه القاعدة مسألتان، الأولى رهن الثمرة قبل بدو صلاحها، الثانية رهن الزرع قبل اشتداد حبه.

الشيخ:

رهن الثمرة قبل بدو صلاحها، لأن الثمرة قبل بدو صلاحها لا يجوز بيعها، والحب لا يجوز بيعه قبل اشتداده، لكن الرهن يجوز يرهن، يقول: أرهنك النخيل، وهي توها الآن خضرا ، لا بأس ثمرة النخيل، وإن كان بيعها لا يجوز، هذا مستثنى، وكذلك قال أرهنك الزرع، الحبوب التي في الزرع، وهو ما اشتد، يجوز الرهن وإن كان لا يجوز البيع، نعم.

الشارح:

فيصح رهنهما، مع أنه لا يصح بيعهما إلا بشرط القطع في الحال كما تقدم، لأن النهي عن البيع لعدم الأمن من العاهة، والمقصود من رهنهما استيفاء الدين، ولو تلفا لا يفوت حق المرتهن.

الشيخ:

صحيح، لو تلف الرهن حق المرتهن باقي، رهنه مثلًا عبد أو دابة ثم ماتت، هل معناها حقه يسقط؟ لا، حقه باقي، هذا الذي مات هذا رهن، توثقة للدين، والدين باقي.

الطالب:

(16:00)

الشيخ:

لا، ما يلزم إذا كان يعني ما تسبب، لكن الدين باقي في ذمته، نعم.

الشارح:

أحسن الله إليك، مع الحق أي في صلب العقد، بأن يقول: بعتك الدار بمائة ألف إلى شهر ترهنني بها سيارتك هذه، فيقول: اشتريت منك الدار و رهنتك السيارة، وبعده أي بعد وجوب الحق بالإجماع.

قوله: (لا قبله في وجه) أي ولا يجوز الرهن قبل ثبوت الحق، نص عليه في رواية ابن منصور، لأنه وثيقة بحق، فلم يجز قبل ثبوته، ولأن الرهن تابع للحق، فلا يسبقه، كالثمن لا يتقدم البيع، والوجه الثاني: يصح الرهن قبل ثبوت الحق، واختاره أبو الخطاب كأن يقول: رهنتك هذه السيارة بمائة ألف تقرضنيها غدًا، فسلمه السيارة، ثم أقرضه المبلغ فيلزم الرهن.

قوله: (بدين ثابت لازم) لا بد أن يكون الرهن مقابل دين ثابت لازم، ومعنى ثابت أي في الذمة، ولازم أي واجب كقرض وثمن مبيع، وقيمة متلف ونحو ذلك، أو مآله إلى الثبوت، كثمن في مدة خيار، وأجرة دار ونحو ذلك، حتى إنه يصح الرهن على عين مضمونة، كعارية وإن لم تكن دينًا لمشابهتها للدين.

وقوله (بدين ثابت) يخرج غير الثابت، وهو ما يمكن إسقاطه كدين الكتابة، أي إذا كاتب العبد سيده على مبلغ من المال يعتق به، فليس للسيد أن يأخذ رهنًا عليه، لأن المكاتب قد يعجز عن أداء دين الكتابة فينفسخ العقد.

الشيخ:

وقد يعجز نفسه، يعني السيد إذا كاتب عبده قال: أنا أكاتبك على مائة ألف، تعطيني كل سنة مثلا عشر آلاف، عشر سنين، هذا يخلي بينه وبين العمل، قد يعجز نفسه العبد، يقول: خلاص، أنا ما أستطيع، ويرجع عبد، ودين الكتابة غير مستقر، ولهذا ما يقول السيد لعبده أعطني وثيقة، أعطني رهن، لأن الدين غير ثابت، غير مستقر، ثابت لكنه غير مستقر، دين الكتابة ما يكون مستقر، نعم، ويستطيع أن يعجز نفسه، يستطيع، خلاص تعبت، ما أستطيع الشغل، ولا العمل، يرجع عبد إلى سيده، يبقى، وما صرفه سيده، هو وماله لسيده، نعم.

الشارح:

قوله: (وهو أمانة) أي إن الرهن أمانة في يد المرتهن، لحديث سعيد بن المسيب أن رسول الله ﷺ قال: لا يَغْلَقُ الرَّهنُ من صاحبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غنْمُهُ وعليْهِ غُرمُهُ، فإذا تلف الرهن في يد المرتهن بغير قصد منه ولا تفريط فلا شيء عليه، لأنه أمانة في يده كالوديعة، ولأنه لو ضمن الرهن لامتنع الناس من فعله خوفًا من الضمان، وذلك وسيلة إلى تعطيل المداينات والقروض، وفيه ضرر عظيم،

الشيخ:

صحيح، إذا مات الرهن لا يضمن، إذا تلف في يد المرتهن بدون تفريط لا يضمن، ما يضمن المرتهن، ما يقول: مات العبد، قال: خلاص، مات العبد أنا أضمنك إياه، أنا عبدي شاريه بمائة ألف عليك مائة ألف، قال لا أنا ما فرطت، قضاء وقدر ، فلا يضمن، لو كان يضمن ما حد يقبل الرهن، لكن لا يضمن، إذا تلف من غير تعدٍّ ولا تفريط فلا يضمن، نعم.

الشارح:

أحسن الله إليك، فإن تعدى بأن استعمله أو فعل ما لا يسوغ له فعله في الشرع، أو فرط في حفظه بأن لم يضعه في حرز مثله، فإنه يضمن إجماعًا لزوال ائتمانه.

الشيخ:

نعم، لأنه ما صار أمين الآن، إذا فرط أو تعدى، فرط في مال الرهن، بأن وضعه في مكان غير مناسب، حفظه في مكان غير مناسب لحفظه، أو تعدى عليه فإنه يضمن في هذه الحالة، لأنه يعتبر جاني في هذه الحالة، متعدٍ، لكن إذا تلف وهو حفظه بما يقوم به أمثاله، ولم يتعدَّ، هذا قضاء وقدر، ما يضمن، نعم.

الشارح:

قوله: (وإنما يلزم بالقبض واستدامته) أي إنما يلزم الرهن في حق الراهن بقبضه واستدامة القبض، وذلك لأن الرهن عقد إرفاق يفتقر إلى القبول، فافتقر إلى القبض كالقرض، وعلى هذا فإذا أخرجه المرتهن إلى يد الراهن باختياره، زال لزومه، لأنه لم يستدم قبضه.

الشيخ:

يعني إذا مثلًا أرهن سيدٌ عمرًا سيارة، هذه رهن، توثق به ذلك، ثم جاء عمرو وأعطاه السيارة، قال: خذ السيارة، هنا أخرجه باختياره، فلا يضمن، نعم، فإذا إيش؟

الشارح:

فإذا أخرجه المرتهن إلى يد الراهن باختياره زال لزومه.

الشيخ:

نعم، صار ما يلزم في هذه الحالة لما أعطاه إياه، قال: خلاص أنا هذا وصلت السيارة ردها لي مرة أخرى، ما يلزمني أردها عليك، نعم.

الشارح:

لأنه لم يستدم قبضه، وقبض الرهن كقبض المبيع، فإذا رهنه منزلًا سلمه مفاتيحه، وإذا رهنه سيارة سلمها إياه.

وقد استدل العلماء على أن قبض المرهون شرط للزوم الرهن، وأنه إذا لم يقبضه المرتهن فللراهن التصرف فيه، وإبطال الرهن بقوله تعالى: فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة: 283]، أي يقبضها من له الحق، يستوثق بها.

والقول الثاني: أن القبض ليس بشرط، وهو رواية عن أحمد، ونصره بعض الأصحاب، لعموم الأدلة على وجوب الوفاء بالعقود والعهود، ولأن الله تعالى قال: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ [البقرة: 283]، وهذا دليل على أنه إذا حصل الائتمان لم يلزم القبض اكتفاءً بالائتمان عنه.

الشيخ:

نعم، فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ [البقرة: 283]، نعم.

الشارح:

ولهذا أكد الله على المؤتمن أن يؤدي أمانته، حيث أمره بالأداء وبتقوى الله.

وأجابوا عن قوله فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة: 283] بأن الله إنما ذكر القبض في هذه الحال لأن التوثيق لا يحصل إلا به، لأن المتعاقدين في سفر، وليس عندهما كاتب، فلا يكون التوثق إلا بالقبض، وإذا اشترط القبض في حالة معينة لم يلزم أن يكون شرطًا في الأحوال الأخرى التي لا تساويها.

الشيخ:

لأن الأحوال تختلف، فإذا وجب في حال فلا يلزم وجوبه في الحال الأخرى نعم.

الشارح:

وعلى هذا فيلزم الرهن ويبقى، ولو خرج من يد المرتهن إلى يد الراهن، لأن في ذلك مصلحة عظيمة، وفي اشتراط القبض ضرر كبير على بعض ما يرهن، كالمزارع والسيارات ونحو ذلك مما يكون الراهن مضطرًا إلى بقائه في يده، وتحت تصرفه.

الشيخ:

يعني هذا القبض شرط اللزوم فيه خلاف في المسألة، فيه خلاف، قيل شرط، وقيل ليس بشرط، نعم.

الشارح:

قوله: (فلا ينفذ تصرف الراهن بغير عتق) هذا تفريع على ما قبله، أي لا ينفذ تصرف الراهن في الرهن المقبوض ببيع أو إجارة ونحوهما، فإذا باع الراهن الرهن لم يصح العقد إلا إذا أجازه المرتهن، لأن تصرفه فيه يبطل حق المرتهن من الوثيقة.

الشيخ:

نعم، لو أرهنه دابة، أو أرهنه عبدًا، ثم باعه، يقول: لا، لا يجوز البيع إلا إذا وافق المرتهن، لأن بيعه يبطل حقه في التوثقة، نعم.

الشارح:

إلا العتق، فإنه ينفذ فإذا عتق الراهن العبد المرهون عتق، لأنه إعتاق من مالك تام الملك، فنفذ كعتق المستأجر، لكن يأثم الراهن بهذا العتق، لما فيه من إبطال حق المرتهن في الوثيقة.

قال: (وتؤخذ قيمته فتجعل رهنًا) أي تؤخذ قيمة الرهن وهو العبد الذي أعتقه الراهن، لأنه أبطل حق المرتهن من الوثيقة، فأشبه ما لو أتلفه، وتجعل رهنًا مكانه لأنها بدل عنه، وظاهر كلامه أن العتق ينفذ سواء كان موسرًا أو معسرًا، وهذا هو الصحيح من المذهب.

والقول الثاني: لا ينفذ مطلقًا، لما فيه من إبطال حق المسلم، وهو أحد القولين في المذهب.

والقول الثالث: ينفذ عتق الموسر دون المعسر.

الشيخ:

هذا تفصيل.

الشارح:

قوله: (ولا ينفك شيء منه إلا بأداء الكل) ولا ينفك شيء من الرهن إلا بأداء الدين كله.

الشيخ:

القول الثالث إيش؟

الشارح:

الأقوال الثلاثة الماضية، القول الثاني: لا ينفذ مطلقًا، القول الثالث: ينفذ عتق الموسر دون المعسر.

الشيخ:

نعم، يعني إذا أعتق، قيل ينفذ مطلقًا، وقيل: لا ينقذ مطلقًا، وقيل: ينفذ الموسر دون المعسر، نعم.

الشارح:

أحسن الله إليك، قوله: (وللمرتهن أن يركب ويحلب بقدر علفه) أي إذا كان الرهن حيوانًا يحتاج إلى مؤونة، فللمرتهن أن يركب ويحلب بقدر علفه، ولو لم يأذن له المالك، لأنه مأذون فيه شرعًا، وعليه أن يتحرى العدل في الحلب والركوب.

الشيخ:

يعني يركب بالمعروف، فلا يؤذي المركوب، أو يحمله ما لا يطيق، وكذلك الشرب اللبن ما يضره، استئصال اللبن، أو إذا كان له المركوب له ولد أيضًا يضر بولده اللبن، إذا كان الدابة لها ولد يعطيه ما يضر بالولد، بأن يأخذ الحليب، ويضيق عليه، نعم.

الشارح:

وأجزنا الانتفاع بالمحلوب والمركوب لثبوت النص فيهما، فيبقى ما عداهما على المنع، فإذا أذن له جاز الانتفاع، ما لم يكن الدين قرضًا، فإن كان قرضًا لم يجز نص عليه حذرًا من قرض جر نفعًا.

أما مسألة المركوب والمحلوب فهي غير داخلة في القرض الذي جر نفعًا، لأن المعاوضة حاصلة، فإن الركوب والحلب مراعًى فيها النفقة التي يقوم بها المرتهن.

وذهب الجمهور من المالكية والشافعية وأحمد في رواية، إلى أن المرتهن لا ينتفع من الرهن بشيء مطلقًا، لأنه ملك غيره، ولم يأذن له في الانتفاع، والقول الأول أرجح لقوة دليله، ووضوح مأخذه.

وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحديث موافق للقياس لأمرين،

الشيخ:

الذي هو حديث؟ حديث: وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ.

الشارح:

أن نفقة المرهون واجبة على الراهن، فإذا أنفق عليه المرتهن فقد أدى واجبًا عن غيره بغير إذنه فيما له فيه حق.

الثاني: أن الركوب والشرب منفعة رضي بها المنفق عوضًا عن النفقة، وهي صالحة لتكون بدلًا.

الشيخ:

نعم.

طالب:

أحسن الله إليك.

طالب:

إذا كان الرهن سيارة، لو كان الرهن سيارة؟

الشيخ:

نعم، يعني تستعملها ؟ والله، هذه محل نظر، لأنها ليست مثل الدابة، الدابة تحتاج إلى نفقة، وهذه ما تحتاج إلى نفقة، قد يقال تستعمل استعمال خفيف، لأن بقاءها مدة قد يؤثر عليه، فتستعملها استعمالا خفيفا، نعم، وتعمل الذي عليك مقابل استعمالك، نعم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد