شعار الموقع

شرح كتاب البيع من التسهيل في الفقه للبعلي 8 بابُ الصُّلحِ

00:00
00:00
تحميل
82

طالب:

أحسن الله إليك، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فغفر الله لك، يقول: باب الصلح، يقول الإمام أبو عبد الله في كتابه التسهيل:

(المتن)

(بابُ الصُّلحِ، يَصِحُّ مَعَ الإقْرَارِ، بأنْ يَهَبَهُ بعضَ دَينِهِ، إنْ لَمْ يكنْ بشرطٍ).

الشيخ:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.

باب الصلح، يصح من الإقرار، يعني إذا كان الإنسان له دين على شخص أقر، هو مقر ولكنه ينازعه في الوفاء، فأراد أن يصالحه بإسقاط بعض دينه، لا بأس، شخص يقول: أنا معترف بأن عندي لك مثلًا ألف، لكنه يماطل ويتأخر، ولا يقضيه دينه، يحتاج إلى مدة، ويحتاج إلى شكاية، فقال: طيب، أنت مقر، أعطني ثمانمائة، وأسقط عنك مائتين، لا بأس، بس في الصلح بينهما، إسقاط بعض الدين، هذا من باب الصلح، وَالصُّلْحُ خَيْرٌ، نعم، يصح مع الإقرار، نعم.

(المتن)

(يَصِحُّ مَعَ الإقْرَارِ، بأنْ يَهَبَهُ بعضَ دَينِهِ، إنْ لَمْ يكنْ بشرطٍ).

الشيخ:

إن لم يكن بشرط، يقول: أنا ما أصالحك حتى تسقط عني، يعني يكون يصالحه بدون شرط، رأى أنه يماطله، وأنه لا يوفيه الآن، فرأى أن يسقط عنه بعض الدين، من باب الصلح، فلا بأس، وهو لم يشترط عليه، إن لم يكن بشرط، نعم.

(المتن)

(مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ).

الشيخ:

نعم، ممن يملك التصرف، صاحب الدين يعني، ما يكون شخصا آخرا، نعم.

(المتن)

(وَمِنْ غَيرهِ إنْ عَجَزَ).

الشيخ:

ومن غيره إن عجز، يعني إن عجز هو، قد يكون غيره مثلًا يصلح بينهما، يشير عليه بإسقاط بعض دينه، نعم.

(المتن)

(وَهُوَ عَلَى بَعْضِه هِبَةٌ أو إبْرَاءٌ).

الشيخ:

نعم، إذا صالحه على بعض دينه هبة أو إبراء، إما أن يقال وهبه عشرين مثلًا، مائتين في الألف على الخمس، أو أبرأه منها، المعنى واحد.

طالب يسأل:

هي الحطيطة؟ يعني شيء من المال مقابل...

الشيخ:

إيه، يسقط عنه بعضه حتى إيش؟ يعطيه بقية دينه، حتى ينتهي النزاع بينه وبينه، يبرئه أو يسقط عنه، أو يهبه بعض حقه، نعم.

(المتن)

(وَهُوَ عَلَى بَعْضِه هِبَةٌ أو إبْرَاءٌ، وَعَلَى غَيرهِ بَيعٌ أو إجارَةٌ).

الشيخ:

على غيره يعني على غير الدين، قال: أنت لي ألف الآن، أعطني الألف وأبيعك مثلًا كذا، أو سلعة، أو أؤجرك بيتي، هذا صلح على بيع، صلح على إجارة، نعم.

(المتن)

(وَلا يَصِحُّ عَمَّا لا يُؤخَذُ العِوضُ عَنْهُ).

الشيخ:

يعني لا يصح الصلح عما لا يؤخذ العوض عنه، الذي ليس له عوض، مثل الكلب، لا يؤخذ العوض عنه، ولا يصح الصلح على كلب، يقول: اقضِ ديني وأعطيك كلبا، الكلب ما يقتنى ولا يكون له عوض، نعم.

طالب:

(4:00)

الشيخ:

حتى ولو كان كلب صيد، لأنه يهدى ولا يباع، نعم.

(المتن)

(وَيَصِحُّ مَعَ الإنْكَارِ).

الشيخ:

يعني يصح الصلح مع الإنكار، نعم.

(المتن)

(إنْ لَمْ يَعْلَمْ أحَدُهُمَا كَذِبَ نَفْسِهِ).

الشيخ:

يصح مع الإنكار، يعني هو منكر دينه، ثم أراد أن يصالحه، قال: أنت منكر، لكن أعطني كذا وكذا، حتى تنتهي الخصومة بيني وبينك، ويصح مع الإنكار إلا إيش؟

(المتن)

قال عفا الله عنك:

(إنْ لَمْ يَعْلَمْ أحَدُهُمَا كَذِبَ نَفْسِهِ).

الشيخ:

يعني كل منهما الآن يعني منكر، ولا يعلم أنه كاذب، ما يعلم كذب نفسه، هذا منكر، هذا يقول: ما لك علي دين، وهذا يقول: لك علي دين، وكل منهما يعتقد، المنكر يعتقد أنه ليس عليه دين، والمطالب يعتقد أن له عليه دين، لكن إذا كان أحدهما يعلم كذب نفسه، فلا يصح الصلح، المنكر يعلم أنه كاذب، وهو يعلم أنه له حق، فلا، أو كذلك الذي يطالب بدين، يعلم أنه ليس له عليه دين، ثم يطالب هذا لا يصح فيه الصلح، نعم.

(المتن)

(فَمَنْ عَلِمَ بَطَلَ في حقّهِ).

الشيخ:

من علم، العالم يبطل حقه، والذي لا يعلم يصح له ذلك، نعم.

(المتن)

(وَهُوَ بَيعٌ فِي حَقِّ المُدَّعِي).

الشيخ:

وهو بيع في حق المدعي، الصلح في حق المدعي يكون كأنه بيع، يعني حكمه حكم البيع، نعم.

(المتن)

(إبْرَاءٌ فِي حَقِّ الآخَرِ).

الشيخ:

نعم، يعني المدعي كأنه بيع، والآخر المنكر إبراء لذمته، نعم.

(المتن)

(وإنَّمَا يَضَعُ خَشَبهُ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ وَشَرِيكِهِ مَعَ الحَاجَةِ إن لَمْ يَضُرَّ بهِ).

الشيخ:

نعم، يعني إذا كان محتاجا وضع الخشبة، لحديث أبي هريرة: لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِهِ، ثم يقول أبو هريرة: (ما لي أراكم معرضين عنها، والله لأرمين بها بين أكتافكم)، قيل لأرمين بها يعني السنة، وقيل لأرمين بها الخشبة.

والحديث فيه نهي الجار من أن يمنع جاره من أن يغرز خشبة على جداره؛ لأنه هذا فيه مصلحة بدون وضع، هذا إذا كان الجدار يتحمل، ولا يخشى عليه من السقوط، لأنه دلت النصوص على هذا: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، إذا كان فيه ضرر فلا، لكن إذا كان بغير ضرر، وإيش يضره الآن كونه يضع خشبة على جداره؟ الجدار يتحمل، وفيه مصلحة بدون مضرة، نعم.

(المتن)

(وَصَاحِبُ العُلُوِّ يَسْتُرُ نَفْسَهُ عَنِ الأسْفَلِ).

الشيخ:

نعم، صاحب العلو يستر نفسه، يعني إذا كان الجار رفع البناء على جاره، فعليه أن يستر نفسه، إذا جعل شباكا أو سطحا، يجعل سترة؛ لأنه هو الرافع، هو الذي رفع البناء، ما يقول لجاره: لا، أنت أعطني مقابلا، أستر الشباك أو أستر السطح، أعطني مقابلا، عليَّ النصف، وعليك النصف، لا، صاحب العلو هو الذي يتحمل؛ لأنه هو الذي رفع البناء نعم.

(المتن)

أحسن الله إليك، قال:

(باب الحجر).

الشيخ:

بركة، نشوف كلام الشارح عنه.

الشارح:

ذكر هنا مسألة - عفا الله عنك - مسألة الصلح على المؤجل ببعضه حالًّا، كأن يكون لزيد على عمرو عشرة آلاف ريال مؤجلة إلى سنة، فجاءه في أثناء السنة، وقال: أعطني ثمانية، وأبرئك عن الباقي، ففيها قولان:

القول الأول: أنه لا يجوز، وهو قول الجمهور، ورواية عن أحمد، وهي الصحيح من المذهب، لأنه إذا أخذ ثمانية آلاف معجلة بدل عشرة مؤجلة، فهذا عين الربا، والدراهم بالدراهم ربا، يجب أن تكون سواء، كما أنه لو حل الأجل، وطلب المدين التأجيل بزيادة، لم يجز اتفاقًا، لأنه ربا فكذا هنا.

الشيخ:

هذا ما فيه إشكال، إذا حل الدين، وقال: أجل، وأعطيك زيادة ما فيه إشكال، لكن المسألة الأولى عكس الربا، هذه يسمونها ضاع وتعجل، إذا كان لك على شخص عشرة آلاف مؤجلة إلى رمضان، فلما جاء جمادى قلت: الآن أنا الفلوس حالة الآن، أنا بعطيك الآن ثمانية، وأسقط عني ألفين، هذا فيه مصلحة للطرفين، هذا ضد الربا، وإن كان عزا للجمهور القول بالمنع، هذه مسألة تسمى ضاع وتعجل، نعم.

الشارح:

القول الثاني: جواز ذلك، وهو قول ابن عباس وإبراهيم النخعي، ورواية عن أحمد، واختار ذلك ابن تيمية وابن القيم والشوكاني، لأن فيه مصلحة للدائن، وهي أنه تعجل قبض حقه، ومصلحة للمدين وهي براءة ذمته وإسقاط بعض الدين عنه، وقد يحتاج صاحب الحق إلى حقه لعذر من الأعذار، ولا دليل على المنع، وليس هذا من الربا.

الشيخ:

بل هي ضد الربا، هذا هو الأرجح، الأرجح الجواز، لأنها ضد الربا، فيه مصلحة للطرفين، هذا يستفيد أن حقه يأتي معجلا، وهذا تبرأ ذمته، وهي ضد الربا، نعم.

الشارح:

قال في قوله: (ويصح مع الإنكار) قال: هذا النوع الثاني من أنواع الصلح على مال، وهو الصلح مع إنكار المدعى عليه، كما إذا ادعى زيد على عمرو عشرة آلاف ريال، أو ادعى عليه سيارة بيده، أو دارًا، فأنكر المدعى عليه هذا الدين أو السيارة أو الدار، وبدلًا من الذهاب إلى المحكمة وطلب البينة أو اليمين، أراد المدعى عليه قطع النزاع وافتداء اليمين، فصالح المدعي على سبعة آلاف ريال، فأخذها زيد، وانتهى ما بينهما، فهذا النوع من الصلح يجوز وهو مذهب الجمهور من المالكية والحنفية والحنابلة، مستدلين بظاهر قوله: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128]، فكل صلح فهو مشروع بظاهر هذا النص، إلا ما خص بدليل، ولعموم الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، ولأن الصلح إنما شرع للحاجة إلى قطع الخصومة والمنازعة، والحاجة الداعية إلى ذلك أولى من الصلح في حال الإقرار، لأن الإقرار مسالمة ومساعدة، فهذا أولى بالجواز.

والقول الثاني: أن الصلح على الإنكار باطل، وهو مذهب الشافعية وابن حزم لقوله ﷺ: الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا، وعند الإنكار لم يستحق المدعي قِبَل المدعَى عليه شيئًا، فإذا أخذ المدعِي من مال المدعَى عليه شيئًا بهذا الصلح، فقد استحل به حرامًا، لأن مال المدعَى عليه حرام.

والقول الأول أرجح، فإن الحاجة داعية إلى هذا النوع من الصلح، فإن المدعي يأخذ عوضًا عن حقه الثابت له في اعتقاده، وهذا مشروع، والمدعَى عليه يؤديه افتداءً لنفسه من الدعوى واليمين، وهذا مشروع أيضًا، إذ المال وقاية الأنفس، ولم يَرد الشرع بتحريم ذلك في موضع.

وأما الاستدلال بحديث الصُّلْحُ جَائِزٌ على المنع، فليس بمستقيم، لأن المراد بالحرام ما كان حرامًا في نفسه، كأن يصالح على خمر ونحوه، لا ما كان ممنوعًا على أحدهما من مال الآخر قَبل الصلح، فإنه ليس بحرام في نفسه، ولا يعد حرامًا إلا بمنعه، فإذا بذله صاحبه كان حلالًا بهذا البذل، ونظير ذلك أن البيع يُحل لكل واحد من المتعاقدين ما كان حرامًا عليه قبله، والصلح بمعنى الهبة، فيُحل للموهوب له ما كان حرامًا عليه، والإسقاط يُحل له ترك أداء ما كان واجبًا عليه.

الشيخ:

لا بأس، طيب، بركة.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد