بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.
فغفر الله لك.
يقول الإمام أبو عبد الله محمد بن علي البعلي الحنبلي- رحمه الله- في كتابه التسهيل:
(المتن)
الشيخ:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.
قال المؤلف - رحمه الله -: ولا يحل المؤجل بفلس ولا بموت إن وثق الورثة الدين، يعني إذا كان الإنسان عليه دين مؤجل، ثم توفي قبل حلول الأجل، فهل يحل الدين، ويأتي الغرماء ويطالبون الورثة بدفع الدين معجل أو لا؟ قال: لا يحل، لا يحل بالموت، بل يبقى على الأجل، ولو توفي، فأنه لا يطالب إلا إذا حل الدين، يطالب الورثة، والدين يقضى من رأس المال قبل قسمة التركة، لا بد من هذا، وإذا ضاقت التركة عن الديون فإنه يبدأ أولاً بما يحتاج إليه الميت من الكفن، وأجرة الغاسل، وأجرة حفر القبر، ثم الدين الذي ما يتعلق بالدين الذي به رهن، وكذلك أيضًا أرش الجناية، ثم بعد ذلك الديون المطلقة، سواء لله أو لآدمي، ثم الوصايا، ثم تقسم التركة، فإذا توفي شخص وعليه دين مؤجل، فإنه يبقى الأجل على حاله، ولا يحل الدين المؤجل بفلس، إن وثق يعني الورثة الدين، أعد، قال: ولا يحل إيش؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا أفلس المدين، وعليه دين مؤجل، فلا يأتي الغرماء ويقولون: أنت أفلست الآن، أعطنا الآن، ولكن لهم أن يطلبوا الحجر عليه، إذا كثرت الديون، وصارت أكثر من ماله، أما التعجيل، فلا يتعجل، يبقى على حاله، وكذلك إذا توفي يبقى على حاله بشرط أن يوثق الورثة الغرماء ديونهم، يعني يوثقونهم بأن يلتزموا لهم بأداء الدين إذا حل، نعم.
(المتن)
قال عفا الله عنك:
الشيخ:
نعم، إذا دفع ماله إلى صبي لم يبلغ الحنث، أو مجنون، أو سفيه، لا يحسن التصرف، فيعتبر متلف لماله، وهو متلف وملوم شرعًا وعقلًا، فلا يجوز للإنسان أن يدفع ماله إلى السفهاء، أو إلى الصغار، قال الله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]، نعم.
ويجب على الإنسان أن يحفظ ماله، المال عصب الحياة، وهو شقيق الروح، المال يقضي به الإنسان حوائجه، ويتصدق به، ويصل به رحمه، وينفق فيه على الجهاد في سبيل الله، وفي المشاريع الخيرية، فالمال ينبغي حفظه، ولا ينبغي إضاعته، نعم، فإذا دفعه إلى صبي، أو مجنون، أو سفيه، صار متلفًا له، وهو ملوم ومذموم عقلًا وشرعًا، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا بلغ الصبي، وكان ماله عند وليه يحفظه، إذا بلغ، وكان مرشدًا لماله، فإنه يدفع إليه ماله، وذلك بعد اختباره، يختبره أولًا قبل أن يدفع إليه المال، يعطيه شيئًا من المال قليل، وينظر تصرفه، فإذا كان تصرفه رشيدا، وهو بالغ، دفع إليه ماله، قال الله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، أمر الله بالابتلاء يعني اختبروهم قبل دفع المال إليهم.
واشترط لدفع أموالهم إليهم شرطين:
الشرط الأول البلوغ.
والشرط الثاني إيناس الرشد.
فإذا كان بالغًا، وآنست منه رشد، فإنه يدفع المال إليه، ولا يحتاج إلى حاكم، لكن يشهد، يشهد عليه شاهدين بأنه دفع ماله حقه إليه، نعم، ولهذا قال الله تعالى في آخر الآية: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا [النساء:6]، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، وإلا، يعني إذا لم يبلغ الحلم، أو بلغ الحلم ولكنه لا يحسن التصرف فيبقى تحت الحجر، حجر أبيه، إذا كان أبوه موجودا، فإن لم يكن موجودا، فيكون تحت وصيه، فإن لم يكن له وصي، يكون تحت نظر الحاكم، وهو القاضي، الحاكم الشرعي، نعم.
حتى يحصل هذان الأمران، البلوغ وإيناس الرشد، نعم، ينفق عليه وليه من هذا المال، وينميه، ويجنبه الأخطار، ويخرج الزكاة من ماله، وينفق على هذا اليتيم أو المحجور عليه، وينمي ماله، ويجنبه الأخطار، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، لا يتصرف في ماله إلا بما فيه حظ للسفيه، أو للصغير، يتصرف بما فيه حظ، إذا رأى أن هذه الجهة التي يضع المال فيها حظ، فيها كسب من غير مخاطرة، فإنه يفعل، وإلا فلا، وذكر العلماء مثالًا هنا، قالوا: لا يجعل مال اليتيم مثلًا يمر بالبحر، خشية أن تغرق السفينة، فيضيع ماله، ومثله يقال الآن في المساهمات الآن، المساهمات خطرة، ما يضع مال اليتيم في المساهمات، المساهمات التي ظهر الآن فسادها، وظهرت خسارتها العظيمة، والآثار التي حصلت بسبب التهور واندفاع الكثير من الناس على غير بصيرة، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، لا يشتري ولي اليتيم لنفسه من ماله، لأنه متهم، متهم بأنه يحيف، فإذا كان مثلًا أراد أن يبيع شيئًا من مال اليتيم، قال: بدل ما أبيع أشتريه أنا، أنا محتاج، لا، أنت متهم، لا تبيع على نفسك ولا تشتري، لا تشتري من مال اليتيم، ولا أيضًا تبيع على اليتيم من مالك، لأنك متهم، وإنما يكون الشراء والبيع مع غيرك، نعم، ولا إيش؟
(المتن)
الشيخ:
إلا الأب استثنى الأب، لأنه كامل الشفقة، والأولى أنه حتى الأب، الأولى أن الأب يتجنب البيع والشراء من نفسه، نعم.
طالب:
حتى لو قدره غيره يا شيخ؟
الشيخ:
ولو قدره غيره، لأنه محل تهمة، نعم
(المتن)
الشيخ:
نعم، يأذن للمميز يختبره، يعطيه شيء من المال قليل، ويقول: تصرف، وينظر لتصرفه، إن كان تصرفه رشيدا، فهذا دليل على أنه رشيد، وإن كان ضيع هذا المال القليل دليل على أنه لم يرشد بعد، إذا أعطاه القليل مرة بعد مرة، وتبين أنه يحسن التصرف دل على أنه رشيد، فيرد عليه ماله، أما إذا أعطاه وضيعه، أو أنفقه في شيء محرم، دل على أنه لا يزال سفيه، وليس برشيد، ولا يعطى ماله، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، لا يأكل ولي اليتيم إلا عند الحاجة، إذا كان محتاجا فإنه يأكل الأقل من حاجته، أو أجرته، فإذا كان مثلًا قال: أنا أتولى مال اليتيم، لكن أنا محتاج، وأتعطل عن أعمالي، أريد، وأنا محتاج، نقول: نعطيك الأقل منك، كم يكفيك؟ قال: يكفيني مثلًا في الشهر مثلًا أربعة آلاف، والأجرة التي يعطيها الناس مثلًا ثلاثة آلاف، نعطيه الأقل، نقول: نعطيك الثلاثة آلاف، لأن هذه هي الأجرة، وبالعكس، إذا كانت الأجرة يعطيها الناس أربعة آلاف، لكنه يكفيه ثلاثة آلاف، نعطيه ثلاثة آلاف، نعطيه الأقل من كفايته، أو من أجرة المثل، قال الله تعالى: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:6]، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، الرشد الصلاح في المال، يعني إذا كان يتصرف تصرف سليم، لا يضيع المال، ولا يتهور في الشراء، فيشتري شيء بقيمة أكثر، ولا يشتري به محرمات، إذا رأى رشده في المال، فهذا يعتبر صلاح، وأما الدين فهذا شيء آخر، حتى ولو كان يعني كان فاسق مثلًا وهو يحسن التصرف، يعطى ماله، لأنه رشيد الآن، ولأنه مسلم، وكونه عنده شيء من المعاصي هذا شيء يتعلق به، بدينه، لكن إذا كان رشيد في المال فإنه يصلح المال، فإنه يعطى ماله، نعم.
(المتن)
الشيخ:
يعني كيف نعرف بلوغ الصبي حتى ندفع إليه ماله؟ نعتبر واحد من عدة أمور:
الأمر الأول: الاحتلام، إذا احتلم في النوم، وخرج منه مني، فهذا يعتبر بالغ، ولو كان ابن عشر سنين، أو اثني عشرة سنة.
والعلامة الثانية: نبات الشعر الخشن حول الفرج.
وإذا لم توجد واحدة من العلامتين، وبلغ خمس عشرة سنة، فهذا يعتبر بلوغ، لقول ابن عمر : «عرضت على النبي ﷺ يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة فأجازني»، وفي رواية (فلم يجزني، ولم ير أني بلغت)، ولما بلغ هذا الحديث عمر بن عبد العزيز قال: (هذا حد بين البلوغ والصغر، هذا حد فاصل)، فإذا احتلم فإنه يعتبر بالغ سواء بلغ خمس عشرة أو لم يبلغ، لو كان ابن عشرة أو اثنا عشر، وكذلك لو أنبت شعرًا خشنًا ولو ابن عشرة أو اثنى عشرة سنة، فإنه يعتبر بالغا، وإذا لم يوجد لا هذا ولا هذا، وبلغ خمس عشرة سنة، فإنه يعتبر بالغا.
وتزيد الجارية البنت علامة رابعة وهي الحيض، إذا حاضت، ولو كانت بنت تسع سنين، فإنها تعتبر بالغ، نعم.
(المتن)
الشيخ:
بركة، نشوف الكلام على العبارة الأولى المؤجل والفلس.
الشارح:
أحسن الله إليك، هنا قال: ولا يحل المؤجل بفلس، ذكر كلامًا، أحسن الله إليك، ثم قال:لكن إن كان مؤجلًا مقابل مصلحة، كأن يكون فيه ربح، فالمذهب أنه يأخذه كله، وقال صاحب الفائق: إن المختار أن يسقط من الربح بمقدار ما سقط من الأجل، فلو باع سلعة تساوي ألفًا بألف ومائتين إلى أجل، ومضى نصف الأجل، وجب ألف ومائة، وسقطت المائة الأخرى مقابل باقي المدة، قال صاحب الإنصاف: هو حسن، وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: وهذا أقرب إلى العدل والصواب.
الشيخ:
نعم، هذا إنصاف، نعم، إن وثقه الورثة؟
الشارح:
قال عفا الله عنك على قوله أيضًا، قال - أحسن الله إليك - في.. إن أوثق الورثة هذا شرط في المسألة الثانية، وهو أنه لا يحل المؤجل بالموت بشرط أن يوثق الورثة الحق برهن يثق به رب الدين، أو كفيل مليء بأقل الأمرين من قيمة التركة أو الدين، لأن الأجل حق للميت، فورث عنه كسائر حقوقه، فلا يحل حتى يحل أجله.
الشيخ:
يعني إذا وثق الورثة يوثقونه برهن، يقولون: نرهنك هذا البيت توثيقًا لدينك هذا البيت رهن حتى يحل الأجل، بدين أو إيش؟
الشارح:
برهن أو كفيل مليء بأقل الأمرين من قيمة التركة أو الدين.
الشيخ:
كفيل مليء، يعني يأتي شخص يكفل، يكفلهم ويكون من الورثة، ويقل: أنا كفيل إذا حل الدين، ولم يقضكم الورثة حقوقكم أنا أقضيكم، نعم، في أقل إيش؟ أق الأمرين إيش؟
الشارح:
من قيمة التركة أو الدين.
الشيخ:
يعني إذا كانت التركة أقل من الدين، فإنه يكفل أقل الأمرين، إن كان الدين أقل يكفله بالدين، وإن كان التركة أقل يكفل بكذا، فإذا كان دينه مثلًا عشرة آلاف، والتركة ثمانية آلاف، يكفل الثمانية آلاف الكفيل، وإذا كان بالعكس الدين ثمانية آلاف، والتركة عشرة آلاف، يكفل الدين كامل، نعم.
الشارح:
قال: وفهم من قوله إن وثق الورثة، أنهم إن لم يوثقوا فإن الدين يحل بالموت لغلبة الضرر، ولا فرق على المذهب بين الدين المؤجل لمصلحة أو لا.
الشيخ:
الظاهر أن فيه قول آخر، إذا كان الدين على إيش؟ لا، هذا ما دام مليء ما فيه إشكال، الكلام إذا كان مقلس، إذا كان مفلس، أو كان مثلًا يخشى ماله قليل، يخشى أن التركة تقسم، ويضيع دينه، نعم.
الشارح:
قال على قوله - أحسن الله إليك - (وإلا فهو تحت حجر الأب، ثم وصية، ثم الحاكم) قال: وظاهر كلامه أن الجد ليس له ولاية، وعن أحمد رواية أن للجد ولاية، فعليها يقدم على الحاكم بلا نزاع، وقدمه بعضهم على الوصي، قال صاحب الإنصاف: وهو الصواب.
الشيخ:
لأن الجد أب، الجد أب، سماه الله أبًا في مواضع من كتابه، نعم، وَاتَّبَعْتُم مِلَّةَ آبَاء إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ [يوسف:38]، سماه أبًا الجد، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك.
(16:56)
الشيخ:
نعم، المرأة نفس العلامات الثلاث تزيد الحيض علامة رابعة.
طالب:
(17:10)
الشيخ:
بلى، المرأة كذلك إذا بلغت رشيدة يدفع لها المال، نعم.
طالب:
(17:22)
الشيخ:
الحكم واحد، لأن المرأة تتصرف في مالها، إذا أحبت توكل هذا شيء آخر ، إذا كانت رشيدة يدفع إليها مالها، حقها، نعم.
طالب:
(17:37)
الشيخ:
لا، المرأة ليست سفيهة، من قال إنها سفيهة، كم امرأة أحسن من كثير من الرجال، نعم.