أما بعد، فغفر الله لك وللسامعين.
يقول الإمام أبو عبد الله محمد بن علي البعلي الحنبلي- رحمه الله- في كتابه التسهيل في كتاب البيع:
(المتن)
الشيخ:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - : (باب اللقيط).
اللقيط هو الطفل المنبوذ، يعني المطروح، يوجد طفل يطرح في الشارع، أو عند أبواب المساجد،يقال له لقيط وليس له أب، لا ينسب إلى أب، ليس له أب شرعي، وإلا هو مولود من ذكر وأنثى، لكن ليس له أب شرعي، كاللقيط ولد الزنا ينبذ، هذا الطفل يسمى لقيط، هذا يؤخذ، ويربى، ولا ينسب إلى أحد، بينما يقال: عطاء الله، أو عبد الله بن عطاء الله، كل الناس عبيد لله، عبد الله، يسمى عبد الله بن عطاء الله، وما أشبه ذلك، يسمى باسم مناسب، هذا يقال له لقيط، وهو الطفل المنبوذ.
وهو مسلم إذا كان البلد فيها مسلمون يولد مثلهم، يحكم بالإسلام، يحكم بإسلامه، ويربى على الإسلام، نعم، يكتب له، يتربى، الطفل تبع لأبويه، ولذلك أولاد الكفار تبع لهم في الدنيا، لكن في الجنة تختلف، إذا ماتوا وهم صغار يختلف الحكم، لكن في الدنيا يحكم لهم بأنهم تبع لآبائهم، إذا مثلًا بيتوا يبيتون معهم، وجاءت الأدلة تدل على أن أولاد الكفار في الجنة، في قصة إبراهيم، وأنه رأى حوله ولدان الناس.
نعم، وهو الطفل المنبوذ، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا وجد في بلد فيه مسلم يولد لمثله يحكم عليه بالإسلام، نعم، مثلًا أن يكون الحي الذي فيه، إن كان في بلد فيه مسلمون وكفار، ووجد في حي يسكنه مسلمون يحكم له بحكم الحي، يقال هذا مسلم، تبع لهم، نعم، وإن ولد في حي نبذ في حي الكفار يكون حكمه حكم الكفار يلتقطونه، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا وجد عنده أو قريبًا منه فله، بعض الأطفال المنبوذ يكون معه، يضعون معه نقود في خرقة وإلا في كذا، مربوطة معه، يكون معه نقود أو قريبًا منه، حوله أو عن يمينه أو شماله، صرة، أو كيس، أو علبة فيها شيء من الذهب أو المال، تكون مال له، ينفق عليه منه، نعم، وهذا يحصل، هذا يوجد بعض الأطفال المنبوذين يكون معهم شيء من المال، يكون إيش؟ وما وجد؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، نفقته منه من هذا المال الذي وجد، فإن لم يكن معه شيء، ينفق عليه من بيت المال، بيت مال المسلمين، لأنه محكوم له بالإسلام، يعني يأخذه أحد الناس ويربيه، وينفق عليه من بيت المال، يجرى له مال، الآن يوجد بيوت يسمونها بيوت إيش؟ بيوت الرعاية، فيها يربى فيها مثل هؤلاء الأطفال، لهم بيوت خاصة، وفيها موظفين، وفيها ناس يعتنون بهم، وينفقون عليهم بيوت الحضانة و يسمونها بيوت إيش؟
الطالب:
دور الرعاية.
الشيخ:
دور الرعاية، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، حضانته لواجده، اللي أخذه والتقطه تكون الحضانة له، إن أحب، وإلا أعطاه غيره، أو أوصله إلى دار الرعاية، الآن يوصل إلى الرعاية في الغالب، وإن أحب أنه يربيه في بيته فله ذلك، يربيه في بيته، بعض الناس وخصوصًا من لا يولد له يأخذون بعض الأطفال ويربونهم، نعم، لكنه لا ينسبه إلى نفسه، ولا يسجله معه في دفتر العائلة ، لا سجل ، لأن هذا فيه تلبيس، في المستقبل يكون يترتب عليه آثار، له آثار الإرث، وكذلك أيضًا يظن بعض أولاده أو بعض البنات أنه أخ لهم ، تنكشف البنات له وهو ليس منهم، نعم، وهذا حصل من بعض الناس، تساهلوا، بعض الناس يسأل أخذ لقيط، ثم نسبه، وسجله باسمه، فصار لبس عظيم، صار أولاده يظنون أنه أخ لهم، وبناته كذلك، صارت النساء تكشفه في المستقبل، وهذا خطأ كبير، نعم، لا يسجل باسمه، نعم.
ها ؟ إذا أرضعه خمس رضعات نعم، صار أخا من الرضاعة، خمس رضعات، نعم.
(المتن)
الشيخ:
لو وجده متنقل، شخص يسافر كثير، وجده، وقال: أنا أقبله، بأخذه، لكن أنا سأسافر، مرة في الشمال، ومرة في الجنوب، مسافر متنقل، نقول: لا، ما يصلح، هذا الطفل ينبغي أن يكون مع إنسان مستقر في البلد، ما هو متنقل، صاحب أسفار، يذهب يمين وشمال، أو قال: أنا سأتجه البادية كذلك أيضًا، إنما يجعل مع واحد يسكن في البلد، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، ومن ادعاه لحق به نسبًا، يعني من ادعاه لأن الشارع يتشوف إلى حفظ الأنساب، فإن ادعاه شخص وأنه له، يلحق به نسبًا، ولكن في الدين لا، قد يكون هذا الذي ادعاه ولحق به ليس بمؤمن، وبعد ذلك ينشأ الطفل على الإسلام، ما يكون تبعًا له في الإسلام، إنما تبعًا له في النسب، يلحق به نسبًا حفظًا لنسبه، لأن الشارع يتشوف إلى حفظ الأنساب.
وأما الدين فلا يلحق به، مثل العبد يعني إذا ولد، أو الحر إذا تزوج أمة، ثم ولد له ولد، يتبع أمه في الحرية والرق، أما في الدين فيتبع خير أبويه دينًا قال العلماء، إذا تزوج حر أمة ولم يشترط أن يكون أولاده أرقاء تبعًا لأمهم، هم تبع لأمهم في الرق، وأما في الدين فيتبع خير أبويه دينًا، إذا كان أبوه مسلم يكون تبعًا لأبيه، لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، نعم، وهو خير الأديان، نعم.
(المتن)
الشيخ:
أي إذا ادعاه جماعة، لا يمكن أن يلحق بالجماعة، لكن يرى القافة، القافة هم الذين يعرفون الشبه، وهذا عند الاشتباه، فيرى للقافة، فإن ألحقته القافة بواحد لحق به، والإسلام يعتبر القافة، الذين يعرفون الشبه، القافة نوعان، قافة يعرفون الشبه، وقافة يعرفون الأثر.
ومن الدلة على هذا أن زيد بن حارثة مولى النبي ﷺ ولد له ولد، أسامة، وكان مخالفًا له في اللون، أحدهما أبيض، والآخر أسود، فكان الناس يطعنون في نسب أسامة، كيف يولد هذا أبيض، وهذا أسود، هذا معناه ليس له، فكان أسامة وزيد كانا نائمين، ملتحفين بقطيفة، وقد بدت أرجلهما، قد غطا رؤوسهما وأجسامهما، وبدت الأرجل، رجلين اثنتين بيض، واثنتين سود، فجاء مجزز المدلجي، وكان معروف من القافة ويعرف الشبه، معروف عند العرب، وهو ما يدري من هؤلاء، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسر النبي ﷺ حتى صار وجهه يتهلل من قول مجزز، ودخل على عائشة وقال: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا، وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ.
فالنبي ﷺ اعتبره، فدل على أن القافة يعتبر قولهم، إذا اشتبهت، إذا كان هناك اشتباه، معلوم أن الفراش هذا مقدم، فإذا كان ولد لفراشه مقدم ، لكن عند الاشتباه، إذا لم يوجد يعني قرينة أقوى منها، أو لا يوجد بينة معروفة شرعًا، مثل الولادة مثل الفراش، فإنه يعتبر قول القافة الذين يعرفون الشبه، فمن ألحقوه به ألحق به، فإن ادعاه جماعة زيد وعمرو وبكر، كل واحد يقول: هذا لي، نأتي بالقافة، نقول: انظروا، فالقافة ينظرون لهذا، ويقولون هذا لهذا، شبهه لهذا، هذا لزيد، أو يقولون لعمرو، فمن ألحقته به القافة فهو له، وهنا يقول المؤلف: حتى لو ألحقوه به كلهم، إيش؟
(المتن)
الشيخ:
ولو بالكل، هذا يعني فيه إشكال هذا، كلام الشارخ فيه، كيف يلحق بالكل، بعده، نعم.
(المتن)
الشيخ:
وميراثه وديته فيء، لو قتل تكون ديته فيء لبيت مال المسلمين، فيء، وكذلك ميراثه إذا توفي وله مال، يكون لبيت مال المسلمين، لأنه ليس له نسب، معروف، لكن إذا تزوج وولد له بعد ذلك يرثه زوجته وأولاده، لكن لو لم يتزوج، أو تزوج ولم يكن له أولاد، فالزوجة تأخذ الربع، والباقي يكون فيء لبيت مال المسلمين، أو لم يتزوج وله مال، ثم مات، يكون ماله فيء لبيت مال المسلمين، أو قتل تكون ديته لبيت المال، ديته ترجع لبيت مال المسلمين، نعم.
طالب:
هذا في حالة عدم الإلحاق؟
الشيخ:
أي نعم، إن كان له نسب خلاص، إذا ثبت نسبه يرثه أقاربه العصبة، نعم.
طالب:
(12:13).
الشيخ:
هذا تعتبر قرينة، هذه تعتبر من القرائن، لكن ما يلحق به النسب، نعم.
(المتن)
الشيخ:
بركة، شوف كلامه على قوله ألحق بالكل.
الشارح:
قال: ولو بالكل، أي وإن ألحقته القافة باثنين فأكثر لحق بهم، ولو إشارة إلى الخلاف، وما ذكره هو المذهب، وقد نص عليه في رواية جماعة لما روى سليمان بن يسار عن عمر في امرأة وطئها رجلان في طهر، فقال القائف: قد اشتركا فيه جميعًا، فجعله عمر بينهما.
والقول الثاني: لا يلحق بأكثر من والد، فإذا ألحقته القافة باثنين، سقط قولهم، ولم يحكم لهما، وهذا قول الشافعي، وهذا القول له حظ من النظر.
الشيخ:
هذا هو الصواب، والصواب ما فيه شك، يعني كيف يلحق باثنين؟ ما يصح الإلحاق باثنين، هذا قول مرجوح وإن كان المذهب، الصواب أنه يلحق بواحد، فلان بن فلان، فلان بن فلانين ما يمكن هذا شرعًا، وإن كان وطئها اثنان، يلحق بواحد، وينسب نسبه لواحد، هذا هو الأرجح والأصوب هنا.
الشارح:
أحسن الله إليك، قال: وهذا القول له حظ من النظر، فإن الطب الحديث لا يثبت ولدًا من رجلين، ولعل مراد الفقهاء الإلحاق بالشبه، بأن يشبه هذا وهذا، فيلحق بهما.
ومفهوم كلام المصنف أنه إن كان لأحدهما بينة قدم بها على غيره، لأنها تظهر الحق وتبينه، وإذا ألحق بهما فإنهما يرثانه ميراث أب واحد، وهو يرثهما ميراث ابن، فإن مات أحدهما فله إرث ابن كامل، كالجدة إذا انفردت أخذت ما تأخذه الجدات، والزوجة كالزوجات.
الشيخ:
هذا مرجوح، القول الثاني أصوب، أنه يلحق بواحد.
الشارح:
عفا الله عنك، من الفوائد قال: ومن ادعاه لحق به نسبًا، قال: فإن ادعته امرأة ففي إلحاقه بها ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يلحق به مطلقًا سواء كانت ذات زوج أم لا، لأن الإقرار به محض مصلحة للطفل لاتصال نسبه، وهذا هو المذهب.
القول الثاني: لا يلحق بها مطلقًا، لأن المرأة لا ينسب إليها، فلا فائدة من إلحاقه بها، ولأنها يمكنها إقامة البينة على الولادة، فلا يقبل قولها بمجرده.
القول الثالث: يلحق بها إلا أن تكون ذات زوج، فلا يلحق بها إلا أن يقر به الزوج، لأن في لحوق النسب بها وهي ذات زوج إلحاقًا للنسب بزوجها، وذلك غير جائز، وذلك أقرب الأقوال.
على أنه يمكن الاستفادة من الطب الحديث عند ادعاء اللقيط، وذلك بتحليل الدم لمعرفة فصيلة دم الطفل، وفصيلة دم من يتنازعون عليه، وقرينة التحليل أقوى وأثبت من قرينة الشبه، واحتمال الخطأ فيها قليل جدًّا.
وقال على قوله لا دينًا..
الشيخ:
وهذا فيه نظر، الشبه اعتبره الشارع، هي الأصل، ولكن لا مانع من اعتبار قرينة الفصيلة، قرينة، قرينة مرجحة، إذا تساوى الأمران تكون قرينة مرجحة، أما أن تعتبر وحدها فلا يظهر، لأن الشارع اعتبر الشبه، هذا اعتبره الشارع الشبه، فلهذا يقدم على الفصيلة، الفصيلة ما تكفي وحدها، ما تكفي الفصيلة ولكنها قرينة مرجحة إذا تساوى الأمران، هذا هو الأقرب نعم.
الشارح:
أحسن الله إليك، قال على قوله (لا دينًا) وإن كان الذي ادعاه كافر لحق به، لأن الكافر يثبت له النكاح والفراش، فيلحق به كالمسلم، لكن يلحقه في النسب لا في الدين، لأن الطفل محكوم بإسلامه كما تقدم، فلا يقبل قول الذمي في كفره، ولا حق له في حضانته، ولا يسلم إليه، لأنه لا ولاية للكافر على المسلم.
وقال أبو ثور: لا يلحق به لأنه محكوم بإسلامه، ويمكن أن يستدل أبو ثور بقوله: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، قال ابن كثير: يمكن أن يستدل به على أنه إذا ادعى نسبه كافر لم يقبل منه إلا ببينة، لأن لما فقدنا أبويه حكمنا بإسلامه تبعًا للدار فلا يعدل عن ذلك إلا ببينة.
انتهى أحسن الله إليك.