شعار الموقع

شرح كتاب الطلاق من التسهيل في الفقه للبعلي 1 إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ زَوجٍ عَاقِلٍ، مُختَارٍ...

00:00
00:00
تحميل
90

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين، والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد.

قال البعلي – رحمه الله-:

(المتن)

(كتاب الطلاق، إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ زَوجٍ عَاقِلٍ، مُختَارٍ).

الشيخ:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (كتاب الطلاق).

الطلاق في اللغة السراح والمفارقة والمباينة.

وشرعًا حل قيد النكاح أو بعضه من شخص مخصوص، إنما يصح  إيش؟

(المتن)

(إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ زَوجٍ عَاقِلٍ، مُختَارٍ).

الشيخ:

نعم، إنما يصح الطلاق من زوج، فلو طلق والد الزوج أو أخو الزوج فلا تطلق المرأة، لا بد أن يكون المطلق الزوج، (من زوج عاقل) والعاقل هو البالغ العاقل، المكلف هو البالغ العاقل، فلا بد أن يكون عاقلًا، فلو طلق الزوج الصغير الذي لم يبلغ فلا ينفذ طلاقه.

وكذلك لو كان مختل العقل والشعور فلا ينفذ طلاقه، لا بد أن يكون المطلق زوج، وأن يكون بالغًا، وأن يكون عاقلًا، وأن يكون مختارًا أيضًا، فلو أكره وهدد بالسلاح على أن يطلق، فطلق تحت الإلجاء والإكراه، فإن طلاقه لا ينفذ، لأن الله تعالى عذر من تكلم بكلمة الكفر، وكان قلبه مطمئن بالإيمان، وما دونه من باب أولى، قال تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106]، فإذا كان مكره على كلمة الكفر معذور، فمن باب أولى من أكره على الطلاق فإن طلاقه لا ينفذ، نعم، إنما يصح من زوج عاقل بالغ مختار، نعم.

(المتن)

(لا مَنْ زَالَ عَقلُهُ بِمُبَاحٍ).

الشيخ:

نعم، لا من زال عقله بمباح، يعني فإنه معذور، أما من زال عقله بمحرم، مفهومه أن من زال عقله بمحرم فليس بمعذور، كمن شرب المسكر مختارًا.

وهذه مسألة فيها خلاف بين العلماء، والصواب أنه لا ينفذ، حتى ولو زال عقله بمحرم، إنما يقام عليه الحد، ولا يجمع عليه بين عقوبتين، مفارقة زوجته وإقامة الحد عليه، يكفي إقامة الحد عليه، حتى لو ولو كان محرمًا، من زال عقله بمباح أو بمحرم، فلا ينفذ على الصحيح، لا ينفذ طلاقه.

وقيل: إن من شرب المسكر فإنه ينفذ الطلاق عقوبة له، لأنه هو المتسبب، بخلاف من زال عقله بدون اختياره فلا ينفذ طلاقه، هذا على المذهب.

والقول الثاني: أنه لا فرق بينهما، فمن زال عقله فلا يقع طلاقه، وإنما يقام عليه الحد إذا شرب المسكر مختارًا، نعم.

(المتن)

(لا مَنْ زَالَ عَقلُهُ بِمُبَاحٍ، أو إكرَاهٍ بِضَربٍ وَنَحوِهِ بِغَيرِ حَقٍّ).

الشيخ:

نعم، المكره لا ينفذ طلاقه، نعم، كما سبق نعم، لأنه قال: مختار، نعم.

(المتن)

(وَيَملِكُ الحُرُّ ثَلاثًا، وَالعَبدُ طَلقَتَينِ).

الشيخ:

نعم، الحر له ثلاث طلقات، لقول الله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، ثم قال بعد الاثنين: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، دل على أن الحر له ثلاث طلقات، وأما العبد فعلى النصف، والطلقة لا تنصف، فتكمل، فيكون له طلقتان، نعم.

(المتن)

(ويَحرُمُ جَمْعُ الثّلاثِ).

الشيخ:

نعم، يحرم على المطلق أن يجمع الثلاثة، فيقول: أنت طالق بالثلاث، هذا حرام لا يجوز له، وإنما يطلق، السنة أن يطلق طلقة واحدة، هذا هو السنة، أما أن يطلق بالثلاث أو بالمائة، هذا يحرم عليه، ولكن هل يقع؟ الطلاق بالثلاثة أو لا يقع؟ جمهور العلماء على أنه يقع بالثلاثة، لأن عمر  لما تتابع الناس في الطلاق أمضاه عليهم، تعزيرًا وعقوبة لهم، وثبت في صحيح مسلم حديث ابن عباس: (كان الطلاق على عهد رسول الله ﷺ وفي خلافة أبي بكر، وصدر من خلافة عمر، كان طلاق الثلاث واحدة، فلما تتابع الناس الطلاق، أمضاه عمر عليهم، قال عمر: لأمضينه عليهم)، فأمضاه عليهم عقوبة لهم، وأخذ بهذا الأئمة الأربعة، فقالوا: إذا طلق ثلاثًا وقعت الثلاث بكلمة واحدة، أنت طالق بالثلاث، هذا هو مذهب جمهور العلماء والأئمة الأربعة، وعمر أمضاه عليهم من باب التعزير، وإلا فكان على عهد النبي ﷺ الثلاث واحدة.

كما أن شارب الخمر على عهد النبي ﷺ وأبي بكر، وصدر من خلافة عمر يجلد أربعين، بالجريد والنعال والثياب، فلما فسق الناس وعتوا زاد عمر التعزير، واستشار الناس، فقال علي: (أخف الحدود ثمانون)، فأمضاها عليهم ثمانين جلدة تعزيرًا، فإذا طلق بالثلاث فإنه يقع ثلاثًا.

والقول الثاني: أنه لا يقع إلا واحدة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وبعض المحققين، واختاره شيخنا عبد العزيز بن باز - رحمه الله - أنه يطلق الثلاث واحدة، إذا كان بكلمة واحدة، قال: أنت طالق بالثلاث تكون واحدة، لكن إذا كررها، وقال: أنت طالق وطالق وطالق، يقع الثلاث، أو أن قال: أنت طالق فطالق فطالق تقع الثلاثة، أو قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق تقع الثلاثة عند الجماهير، أو قال: أنت مطلقة فمطلقة فمطلقة، يقع عند الجماهير، إلا عند شيخ الإسلام، فإنه لا يقع حتى يراجعها، ثم يطلقها مرة ثانية.

أما إذا قال: أنت طالق طالق طالق بدون واو، بدون فاء، فهذا على حسب نيته، إن قصد التأكيد فهي واحدة، وإن قصد التكرار فهي ثلاثة، إذا قال: أنت طالق طالق طالق، نقول: ما نيتك؟ قال: نيتي التأكيد، واحدة، أما إذا قصد الثلاث فإنه يقع، هذا إذا كان بدون واو، أما إذا قال: أنت طالق وطالق وطالق، أو أنت طالق فطالق فطالق، أو قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، تقع الثلاثة عند الجماهير، نعم.

(المتن)

(وَطَلاقُ مَنْ دَخَلَ بهَا فِي حَيضٍ أو طُهرٍ أصَابَهَا فيهِ ويَقَعُ).

الشيخ:

نعم، يحرم طلاق من أصابها، طلاق الحائض، وكذلك إذا طلقها في طهر جامعها فيه، هذا حرام، ولكن يقع عند جماهير العلماء، فصار الطلاق البدعي المحرم إذا طلقها بالثلاث، هذا بدعي ومحرم ويقع، إذا طلقها في الحيض، محرم ويقع، إذا طلقها في طهر مسها فيه يحرم، يحرم ويقع، جزم البخاري في تراجمه.

وذهب شيخ الإسلام إلى أنه لا يقع، إذا طلقها في حيض، أو في طهر مسها فيه، فلا يقع، لأنه طلق في وقت محرم، وقد قال النبي ﷺ : مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ، وهذا ليس عليه، وقال: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ، والطلاق في الحيض أو في طهر مسها فيه ليس من أمر الله ورسوله فيكون باطلًا، اختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، واختاره سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - والشيخ محمد بن عثيمين أنه لا يقع.

وأما جماهير العلماء فإنه يقع مع الإثم، وهو الذي عليه الفتوى أنه يقع مع الإثم، واختيار البخاري، جزم به البخاري في تراجمه، وهو اختيار الجماهير، وهو الذي عليه الفتوى والمحاكم أنه يقع إذا طلقها في طهر مسها فيه  أو في الحيض، أو في الثلاث تقع ثلاث عند الجماهير، نعم.

طالب:

والطلاق في النفاس؟

الشيخ:

نعم، النفاس نعم، النفاس مثل الحيض.

(المتن)

(وَلا سُنَّةَ وَلا بِدعَةَ لِحَامِلٍ، وآيِسَةٍ، وَصَغِيرةٍ كغير مَدخُولٍ بهَا).

الشيخ:

هذه المطلقات ليس لها سنة ولا بدعة، الحامل، إذا تبين حملها له أن يطلق في أي وقت، ولا يقال له بدعة ولا سنة، جائز، لا بأس، يطلق إذا تبين حملها، وكذلك الآيسة التي لا تحيض، في أي وقت يطلقها، وكذلك إيش؟ الصغيرة التي لم تحض، وكذلك غير المدخول بها، غير المدخول بها إذا طلقها بانت في الحال، إذا طلقها ليس لها عدة، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، فهذه الحامل التي تبين حملها ليس لها سنة ولا بدعة، وكذلك الآيسة التي انقطع دمها في أي وقت يطلقها، وكذلك الصغيرة التي لم تحض، وكذلك غير المدخول بها، نعم، هذه الأربع في أي وقت يطلقها، لكن غير المدخول بها تبين في الحال، وليس لها عدة، نعم.

(المتن)

(وَصَريِحُهُ: الطّلاقُ، والسَّرَاحُ، والفِرَاقُ).

الشيخ:

هذا صريح الطلاق، يعني الطلاق له صريح وله كناية، فالصريح لا يحتاج إلى نية، والكناية يحتاج إلى نية، الصريح مثل أن يقول: طلقتك، أنت مطلقة، تطلقين، طالق، سرحتك، أنت مسرحة، فارقتك، أنت مفارقة، هذا صريح الطلاق، ما تصرف من هذا اللفظ يعتبر صريح، أعد، وصريحه؟

(المتن)

(وَصَريِحُهُ: الطّلاقُ، والسَّرَاحُ، والفِرَاقُ).

الشيخ:

نعم، هذا الصريح، قال: طلقتك، أو سرحتك، أو فارقتك، أو أنت مطلقة، أو مسرحة، أو مفارقة، وما يتصرف منه، هذا صريح لا يحتاج إلى نية، فإذا أتى بهذا اللفظ وقع الطلاق، أما ما عداه فإنه كناية، والكناية تحتاج إلى نية، نعم.

(المتن)

(وَغَيرُهُ كِنَايَةٌ، إن احتَمَلَهُ، ونَوَاهُ، وَقَعَ بِالظَّاهِر ثَلاثٌ).

الشيخ:

نعم، إذا كان يحتمله اللفظ، اللفظ يحتمله الطلاق ونواه، ونوى الطلاق يقع، أما إذا كان لا يحتمله اللفظ أو لم ينوه فلا يقع، والظاهر يقع به ثلاث، وغير الظاهر واحدة، أعد، الظاهر.

(المتن)

(وَغَيرُهُ كِنَايَةٌ، إن احتَمَلَهُ، ونَوَاهُ، وَقَعَ بِالظَّاهِر ثَلاثٌ).

الشيخ:

نعم، وقع بالظاهر ثلاثة، نعم، بالظاهر يعني الكناية إذا كان اللفظ يحتمل الطلاق ونواه، وجعله نوعان نوع ظاهر، ونوع غير ظاهر، فالظاهر يقع به ثلاث، وغير الظاهر يقع به واحدة، نعم.

(المتن)

(وَهِيَ: أَنتِ خالية أو أنت خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وحُرَّةٌ).

الشيخ:

نعم، يعني هذه الألفاظ كناية، أنت: (برية وخلية وبتة، وبتلة، وبائن) هذا فيه يعني فيه خلاف، كلمة بائن هذا قد يقال أنها صريح ، بائن، نعم.

(المتن)

(والحَرَجُ، وبِغَيرِهَا مَا نَوَاهُ).

الشيخ:

والحرج، أيضًا، بغير هذه على حسب النية، إذا كان يحتمل ما نواه، إن نوى ثلاث وقعت الثلاث، وإن نوى واحدة وقع واحدة إذا كان يحتمل اللفظ، نعم.

(المتن)

(وبِغَيرِهَا مَا نَوَاهُ وإلاَّ وَاحِدَةٌ).

الشيخ:

نعم، ما نوى، إن نوى ثلاث فهي ثلاث، وإن لم ينو، واللفظ يحتمله، ثلاث فإنه يكون واحدة، نعم.

(المتن)

(ويُعَلَّقُ بالشَّرطِ كَالعِتقِ بَعدَ النِّكَاحِ).

الشيخ:

نقف على ويعلق بالشرط، كلام الشارح على الصريح، قوله وصريحه؟

الشارح:

قوله أحسن الله إليك: (وصريحه الطلاق، والسراح، والفراق) أي إن ألفاظ الطلاق نوعان: صريح وكناية، فالصريح هو اللفظ الموضوع للطلاق الذي لا يفهم منه غيره، و صريحه ثلاثة ألفاظ، الأول: الطلاق، أي لفظ الطلاق وما تصرف منه ، وهو الماضي كطلقتك، واسم الفاعل طالق، واسم المفعول مطلقة.

الشيخ:

يعني ما تصرف منه، طالق أو قال: تطلقين، أو مطلقة، أو طلقتك، الحكم هو واحد، نعم.

الشارح:

أما الأمر: اطلقي ، و المضارع أطلقك، واسم الفاعل مُطَلِّقة، فلا يقع بها طلاق، لأن ذلك لا دل على الإيقاع، وقوله السراح هذا هو اللفظ الثاني، وهو بفتح السين، وهو الإرسال، يقال: سرحت الماشية إذا أطلقتها فذهبت، وتسريح المرأة تطليقها، قال الله تعالى: وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:28]، وقال تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [البقرة:231].

الشيخ:

طيب، اللفظ الثالث؟

الشارح:

وقوله: (والفراق) هذا اللفظ الثالث لقوله تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِه [النساء:130]، فهذه الألفاظ الثلاثة هي صريح الطلاق؛ لأنها وردت في القرآن بمعنى الفراق بين الزوجين، فتكون صريحة فيه، وهذا ما مشى عليه المصنف، وهو قول الخرقي في مختصره، وهو مذهب الشافعي في المشهور عنه.

والقول الثاني أن صريح الطلاق لفظ الطلاق وحده وما تصرف منه لا غير، وهو المذهب، واختاره ابن حامد من الحنابلة، وقال أبو الخطاب: وهو القوى عندي.

الشيخ:

نعم، القول الثاني خص بالطلاق فقط، طيب، بعده، وما عداه وغيره، (أنت برية)، قوله: وما عداه، إيش اللي بعده؟ اللي هي الكناية.

الشارح:

قال أحسن الله إليك: وقوله (وغيره كناية) أي وغير الصريح كناية، والكناية كل لفظ احتمل ظاهره غير الطلاق، ولا تنحصر ألفاظها، وقوله: (إن احتمله) أي إن احتمل اللفظ الطلاق ودل عليه، والمراد أن الكناية تشبه الصريح، وتدل على معناه، فإن لم يكن كذلك فليس بصريح ولا كناية، نحو قومي واقعدي، وقوله: (ونواه) أي هذا شرط وقوع الطلاق بألفاظ الكناية على المذهب.

الشيخ:

لا بد من النية، أما الصريح فلا يحتاج إلى نية، لو قال لزوجته: طلقتك، ثم قال: ما نويت الطلاق، ما يقبل منه، لأن هذا صحيح، لو قال: أنت برية أو بتلة، وقال: أنا ما نويت الطلاق، نعم، يقبل منه، يدين فيما بينه وبين الله، نعم.

الشارح:

وهو أن ينوي الطلاق نية تقارن اللفظ، لأن لفظ الكناية وضع لما يشابه الطلاق، ويجانسه، فيتعين للطلاق بالنية لإرادته له، فإن لم ينوِ لم ينصرف اللفظ إلى الطلاق، فلا يقع به شيء، لقوله ﷺ : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وعن أحمد يقع بالظاهر من غير نية، اختاره أبو بكر، وقال القاضي: إنه ظاهر كلام أحمد، ونسبه ابن قدامة إلى الإمام مالك، لأنها مستعملة في الطلاق في العرف، فصارت كالصريح.

وقوله: (وقع بالظاهر ثلاث) أي إنه يقع باللفظ الظاهر، والمراد الكناية الظاهرة ثلاث طلقات، وظاهره ولو نوى واحدة، لأنه قول علماء الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر، وأبو هريرة وعلي ، ولأن اللفظ الظاهر يقتضي البينونة في الطلاق،  فوقع ثلاثًا، وهذا هو المذهب، قال صاحب الإنصاف: (وهو من مفردات المذهب)، ونقل الخرقي عن أحمد أنه قال: (أكره أن أفتي به)، وعنه يقع ما نواه، واختاره جماعة منهم أبو الخطاب،  وهو مذهب الشافعي، واستدلوا بقصة ركانة لما طلق امرأته البتة، فأخبر النبي ﷺ بذلك، فقال: مَا أَرَدْتَ بِهَا؟، قال: واحدة، قال: وَاللَّهِ؟ قال: والله، قال: فَهُوَ مَا أَرَدْتَ.

الشيخ:

يعني جعله على نيته، نعم.

الشارح:

ولأن الكنايات مع النية كالصريح، فلم يقع به عند الإطلاق أكثر من واحدة، كقوله أنت طالق.

الشيخ:

نعم، وهذا هو الأقرب، الأقرب أن الكناية ما يقع بها إلا واحدة، نعم.

الشارح:

وقوله: وهي أنت خلية، أي أن ألفاظ الكناية الظاهرة سبعة، أولها: أنت خلية، أي خلية مني، والخلية في الأصل الناقة تطلق من عقالها، ويخلَّى عنها، ويقال للمرأة خلية كناية عن الطلاق، وقوله (برية) أصله (بريئة) بالهمز، لأنه صفة من برئ، أو برأ من الشيء براءة فهو بريء، والأنثى بريئة، ثم خفف..

الشيخ:

بعدها، بعد الألفاظ السبع، وش قال؟

الشارح:

وبغيرها ما نواه، أي يقع بغير الكناية الظاهرة، وهي الكناية الخفية، وما نواه، والكناية الخفية هي التي تكون دلالتها على الطلاق أخفى من الظاهر، نحو: اخرجي، واذهبي، وذوقي، وتجرعي، ونحو ذلك، فيقع بها ما نواه من العدد من واحدة أو أكثر، لأن اللفظ لا دلالة له في العدد، والخفية ليست في معنى الظاهر، فوجب اعتبار النية، فإن لم ينو عددًا، بل نوى الطلاق، وقع طلقة واحدة رجعية في المدخول بها، وإلا بائنة، لأن ذلك هو اليقين.

الشيخ:

نعم.

الشارح:

قوله ويعلق بالشرط.

الشيخ:

بركة، نعم، شيخ الإسلام هو الذي اختاره، إذا قال: طالق وطالق وطالق، تقع الثلاث، نعم...

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد