بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام البعلي رحمه الله:
(المتن)
الشيخ:
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف: (كتاب الأطعمة).
الأطعمة جمع طعام، وهو كل ما يقتات ويدخر، وقيل إنه يشمل أيضًا كل مطعوم حتى الماء، قال الله تعالى في قصة داود: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي [البقرة:249]، قال: يحل كل طعام مباح غير مضر، ولا مسكر، اشترط ثلاث شروط في حله.
والأصل في الأطعمة الحل، هذه قاعدة، الأصل في الأطعمة الحل والإباحة، كما أن الأصل في الأبضاع الحرمة، والأصل في الذبائح الحرمة، والمعنى أن الأصل في الأطعمة الحل، أي شيء يكون حلالًا إلا ما دل دليل على تحريمه، وإذا أشكل عليك ترجع إلى الأصل، الأصل في الذبائح الحرمة إلا ما دل الدليل على إباحته، والأصل في الأبضاع الحرمة.
ذكر يحل كل طعام متصف بهذه الأوصاف، غير مضر، وطاهر، غير مضر، ولا مسكر، والطاهر يخرج النجس كالميتة والدم، وغير مضر يخرج السموم القاتلة، وغير مسكر يخرج المسكرات والمفترات وغيرها، وهذا هو كل طعام وكل شراب فيه هذه الأوصاف الثلاثة أنه طاهر وغير مضر، وغير مسكر، فهو حلال، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، وكل حيوان سواء كان بريًّا أو بحريًّا، وهناك الحيوانات البرية وهي كثيرة، كالصيود والدجاج، وجميع الطيور وبهيمة الأنعام، وكذلك الحيوانات البحرية الأصل فيها الحل، أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة:96]، قال عليه الصلاة والسلام: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ.
إلا ما استثني، قال: سوى حشرات، لأنها مستخبثة، سوى حشرات وضفدع وتمساح، نعم، التمساح قيل لأن له ناب، والضفدع كذلك مستخبث، وفيه خلاف على تحريمه، وضفدع وتمساح وإيش؟
(المتن)
الشيخ:
كذلك ما له ناب وما له مخلب، له ناب ويعدو، كالذئب والأسد، والفهد وغيرها، له ناب ويعدو، وكذلك ما له مخلب من الطيور، وجاء في الحديث تحريم كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، والبغل كذلك محرم، لأنه متولد من محلل ومحرم، من حلال وحرام، البغل أبوه من الخيل، وأمه حمارة، فتولد منهما، فكان محرمًا، فاستوجب الحرمة، فالبغل محرم كالحمار.
وأما الخيل فهي حلال، قالت أسماء: (نحرنا على عهد رسول الله ﷺ فرسًا فأكلناه ونحن بالمدينة)، وفي الحديث أن النبي ﷺ حرم لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل، لحوم الخيل حلال، والحمر محرمة، والبغل محرم لأنه متولد من حلال وحرام، فيغلب جانب الحرام، وبغل وحمار، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، وما يأكل جيفًا، ما يأكل الجيف لأنها الميتات، لأنه يكون في بطنه الحرام، ولذلك الجلالة التي تأكل العذرة تحبس حتى يطيب، حتى يزول ما في بطنها، الجلالة من الإبل أو البقر أو الغنم التي تأكل النجاسة والعذرة تحبس، وتعلف طعامًا طيبًا حتى يزول ما فيها، وهذا الذي يأكل الجيف، كل طعامه جيف، يأكل الجيف والميتات هذا محرم، لأن هذا من طبيعته، من طبيعته أنه لا يأكل إلا الجيف، فيبقى، ويكون محرمًا، وأما الجلالة التي تأكل العذرة، وليس من طبيعتها أنها تأكل العذرة، تأكل هذا وهذا، فإذا أكلت النجاسة فإنها تحبس، وتطعم طعامًا طيبًا حتى تزول النجاسة، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نص على تحريمه في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْر ِاللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَاذَكَّيْتُمْ وَمَاذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ [المائدة:3]، هذه نص على تحريمها، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، ما تولد من مباح وغيره مثل البغل، تولد من مباح وغيره، تولد من الخيل ومن الحمر، وقالوا أيضًا مثاله لو نزا كلب على شاة، ثم أتت بولد، فإنه محرم، لأنه متولد من مباح ومحرم، نعم.
طالب:
يعني أنتجت سخلة تشبه الكلب؟
الشيخ:
نعم، أنتجت سخلة سواء تشبه أو لا تشبه، لأن هذه المولود متولد من مباح ومحرم، لأن أمه شاة وأبوه كلب، مثل البغل، البغل متولد من الخيل ومن الحمر، أمه حمارة وأبوه فرس، نعم.
(المتن)
الشيخ:
من اضطر إلى المحرم وإلى الميتة يأكل ما يسد رمقه، ولا يشبع، لأنه إنما أخذه للضرورة، وقال بعض العلماء: له أن يشبع، ومنهم الإمام أحمد، له أن يشبع، لأنه أبيح له، فله أن يشبع، وقيل هذا يختلف، إن كان يرجو أن يحصل على طعام مباح، فلا يشبع، يسد رمقه، وإن كان لا يرجو فله أن يشبع، وأن يتزود، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، كشرب خمر لدفع غصة، يعني إذا غص بالطعام، ولم يجد ما يدفع هذه الغصة، ليس حوله إلا خمر، فله أن يشرب شربة من خمر حتى يدفع الغصة، لئلا يهلك، للضرورة، هذا للضرورة، أما شرب الخمر للعطش، وهو لا يجد غيره فلا، لأنه لا يزيل العطش، وكذلك للتداوي، ليس له أن يستعمل الخمر للتداوي، لما جاء في الحديث أن النبي ﷺ سئل عن الخمر تكون دواءً، فقال: إِنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ، وقال بعض العلماء أيضًا: له أن يشرب إذا اضطر أن يشرب الخمر دفعًا للعطش، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، يقدم المختلف فيه على غيره، يعني التمساح مختلف فيه، وهو من البحر، مما يعيش في البحر، واختلفوا هل هو حلال أو حرام، والميتة هذه محرمة، فإذا وجد ميتة، ووجد تمساحا، ميتة من بهيمة الأنعام، وميتة التمساح، أيهما يأخذ؟ يأخذ التمساح، لأن التمساح بعض العلماء يقول: أنه حلال، وأما الميتة فليس هناك أحد يقول أنه حلال، فالتمساح مختلف فيه، فيقدمها أخذًا بقول من يقول بحلها، وأما الميتة فلا يأخذها، لأنها محرم بالاتفاق، وبعض العلماء يقولون: يقدم المختلف فيه على إيش؟ المتفق عليه، ويقدم إيش؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، على الميتة، هذه متفق على تحريمها، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا مر بثمر، وليس على حائط ولا ناظر، فله أن يأكل، لكن لا يتخذ شيئًا يأخذه معه، يأكل ما يحتاجه، إذا كان ليس عليه حائط، إذا كان عليه حائط، عليه جدار، أو شبك، فلا، لأن صاحبه لما جعل عليه الجدار أو الحائط أو الشبك أراد المنع، وكذلك لو كان له ناظر وحارس، فليس له أن يأخذ إلا بإذن الحارس، أما إذا كان حائط ثمر مر به، وليس له حائط يمنعه ولا حارس، فله أن يأكل ما يحتاجه، لا يأخذ شيئًا منه، لا يتزود، إنما يأكل ما يحتاجه، يحتاج إلى الأكل، يأكل ما يحتاجه، ولا يأخذ معه شيئًا، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، وللمضطر أن يأخذ طعام غيره بقتال، ولو بقتال، إن لم يكن صاحب الطعام محتاج إليه، إن كان محتاج إليه فهو أولى به، لأنه جمع بين الحاجة والملك، هو مالكه، أما إذا لم يكن مالكًا له، وهناك مضطر فيجب عليه أن يبذله له، فإن امتنع فله أخذه بالقوة، لأنه في هذه الحال صار مستحقًّا له، إذا كان مضطر يحتاج للأكل، ويخشى أن يموت، وهذا عنده طعام، ومنعه، فيجب عليه أن يبذله له، فإن امتنع أخذه بالقوة، ولو بالقتال والمدافعة، وقيل لا، ليس إذا كان يحتاج فيه إلى قتال لا، لأنه قد يقتله، ويكون هذا سببًا، فلا يقتله ليستبقي نفسه، إذا احتاج إلى قتال لا، لكن بغير قتال له أن يأخذه بالقوة، لأنه صار مستحقًّا له في هذه الحالة، ويعطيه ثمنه، ثمنه يلزمه ثمنه، يبذله له، ويعطيه ثمنه، لكن إذا امتنع فله أخذه بالقوة، لأنه ليس له أن يستسلم للقتل، وليس لصاحب الطعام أن يتركه يموت، والطعام عنده، بل يجب عليه أن يبذله له، فإذا لم يبذله له أخذه بالقوة وأعطاه ثمنه في المستقبل، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك.
الشيخ:
بركة، شوف كلامه على الضفدع والتمساح، كلام الشارح، قوله ضفدع أو تمساح.
الشارح:
أحسن الله إليك، وقوله (وضفدع وتمساح) بكسر الضاد وسكون الفاء وكسر الدال، وهو من حيوانات الماء، فلا يحل أكله لحديث عبد الرحمن بن عثمان القرشي أن طبيبًا سأل النبي ﷺ عن ضفدع يجعلها في دواء، فنهى عن قتلها، ووجه الدلالة أنها لو كانت حلالًا لما نهى عن قتلها، فيؤخذ منه تحريم أكلها.
الشيخ:
لأن النبي ﷺ نهى عن قتلها، لكن ذكر تخريج الحديث؟
الشارح:
تخريجه، قال أحسن الله إليك: أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.
الشيخ:
لأنه لما نهي عن قتلها الضفدع صارت محرمة، لو كان مباحًا لما نهي عن قتلها، والتمساح لأن له ناب.
الشارح:
أحسن الله إليك، وقوله (وتمساح) بكسر التاء وسكون الميم، وهو حيوان على صورة الضب، وهو من حيوان الماء، وتحريم أكله لأن له نابًا يفترس به، ولأنه يأكل الناس، واقتصر المصنف على الضفدع والتمساح، أما الضفدع فلا خلاف فيه عند الحنابلة، وقد نص عليه أحمد، أما التمساح فتحريمه هو الصحيح من المذهب لما تقدم، وعن أحمد أنه يباح أكله لعموم قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ [المائدة:96]، وظاهر كلام المصنف إباحة الحية، وهو السمك الذي في البحر على هيئة حية.
الشيخ:
نعم، هو عموم الآية يدل على الإباحة، لكن بعض العلماء استثنى مثل التمساح، واستثنى كلب الماء، واستثنى حية الماء، لكن ظاهر الآية والأحاديث العموم، أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ [المائدة:96]، وأنه كل ما في البحر هو حلال، ليس كحيوانات البر.
طالب:
أحسن الله إليك، بالنسبة يا شيخ للعطورات اللي يكون فيها نسبة من الكحول؟
الشيخ:
هذه فيها تفصيل، إن كان نسبة كثيرة بحيث تسكر فهذه لا تحل، يكون نجس، مثل بعضها ثمانين بالمائة أما إذا كانت نسبة يسيرة مستهلكة، فإنها لا تؤثر مثل النجاسة، قطرة البول في الماء الكثير ما تؤثر، إذا كانت نسبة يسيرة، أما إذا كانت نسبة كثيرة مثلا ثمانين بالمائة فهذه تؤثر، مسكرة، وإذا كانت مسكرة فهي نجسة، نعم.
طالب:
يعني يغلب جانب الحرمة لأن بعضها ما يأتي عليه نسبة؟
الشيخ:
يغلب جانب الحرمة إذا كان نسبة كثيرة، وإذا كان نسبة قليلة يغلب جانب الإباحة، نعم.....