بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد.
قال الإمام البعلي رحمه الله في كتابه التسهيل:
(المتن)
الشيخ:
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.
قال المؤلف رحمه الله: باب القسمة.
القِسمة بكسر القاف، ويقال القسم هو الشيء المتفرق، التفريق اسم لتفريق الشيء، ويقال: (قسَم يقسِم قَسمًا) إذا فرز الأشياء، والأجزاء، وتطلق القسمة على النصيب، والمراد تمييز الحقوق وفرز الأجزاء والأنصبة، فرز الأجزاء وتمييز الحقوق.
وهي تنقسم إلى قسمين: قسمة تراض، وقسمة إجبار كما قال المؤلف - رحمه الله - فهي قسمة التراضي هي أن يحصل من القسمة رد يلزم من القسمة رد العوض على أحد الشريكين، رد، تنقص القيمة، فهذه لا بد أن تكون عن تراضٍ منهما، ولها حكم البيع، له الخيار، له خيار المجلس، وله أن يردها إذا كان فيها عيب، وذلك كما لو كان الشيء الذي يقسم، وذلك كما لو كان الشيء المشترك بين الشريكين إذا قسم، فإنه تنقص القيمة، ويحتاج إلى رد عوض لأحدهما، ففي هذه الحالة لا يكون هناك قسمة إلا بعد التراضي، مثل الأرض الصغيرة، إذا قسمها ما يستفاد منها، مفادها قليلة، أو أرض غير متساوية، مثلًا أرض بين شريكين لكن بعضها فيها جبال، مرتفعات، وبعضها متساوية، فهذه قسمها لا بد أن يرد أحدهما على الآخر شيئًا، أو تكون مثلًا لا ينتفع بها إلا قليل، كما لو كان مثل لهذا، كما لو كان شريكان لهما أرض ثمنها ستة آلاف، وهي أربعة وعشرون مترًا مثلًا، وأحدهما له الخمس، والآخر له أربعة أخماس، فإذا قسمها أربع وعشرين متر إذا قسمها يكون صاحب السدس ليس له إلا أربعة أمتار، أربعة أمتار ما يستفاد منها، فهذه لا يجبر، إذا قال اقسم لأن أربع وعشرين متر لا يجبر، إذا امتنع لا يجبر، لا بد من التراضي لأن القسمة فيها ضرر على أحدهما، أو فيها رد عوض، ولا يجبر الإنسان على أن يدفع شيء، فهذه القسمة تكون إيش؟ لا بد عن تراضي، تسمى قسمة تراضي، إذا تراضيا قسما، وإلا فلا، إذا امتنع أحدهما عن القسمة، لا يجبر لما فيه من الضرر.
والنوع الثاني: قسمة إجبار، وهي ما لم يكن هناك ضرر في القسمة، ولم يكن هناك رد لأحدهما، رد عوض من أحدهما على الآخر، كالأراضي الكبيرة، الدكاكين الواسعة، مثلًا أرض بين شخصين مساحتها ألفي متر، قال أحدهما: اقسم، وهي متساوية، فامتنع الثاني، هذا يجبر هنا، هذه قسمة إجبار، اقسم، لأن أنا أتضرر، أنا أريد أتصرف في حقي، أتصرف وأبيع وأشتري، وإذا قسمتها اقسمها نصفين، لك ألف، ولي ألف، ما فيه ضرر، كل واحد يستفيد، هذه تسمى قسمة إجبار، الإجبار الممتنع يجبر، أما الأولى فهي قسمة تراضي إذا كان فيها ضرر في قسمتها، أو يحتاج رد عوض أحدهما يأخذ زيادة، أو يدفع زيادة، فهذه لا يجبر، تسمى قسمة تراض، إن اتفقا فالحمد لله، وإن لم يتفقا وامتنع أحدهما من القسمة، فلا، لا تقسم، بل تبقى الشركة، وتباع جميعًا، ويقتسمان، نعم.
فالأولى قسمة تراضي، حكمها حكم البيع، يكون فيها خيار للإنسان في المجلس، إذا رضي ثم أراد أن يرجع له أن يرجع، له خيار المجلس، وله خيار الشرط أيضًا إذا اشترط، وإذا وجد فيها عيب يردها، حكم البيع، والنوع الثاني قسمة إجبار، هذه فرز، قسمة إفراز يعني فصل حق أحدهما من الآخر، فهذه الثانية يجبر الممتنع، لأنه ليس هناك ضرر، والأولى لا يجبر، نعم، قسمة التراضي لا بد من التراضي بينهما، أعد إذا كان فيها إيش؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، حكمها حكم البيع، تسمى قسمة التراضي، حكمها حكم البيع، لا يقتسمان إلا إذا تراضيا، وإذا امتنع أحدهما فإنه لا يجبر، لما فيه القسمة من الضرر أو دفع شيء من العوض، ولا يلزم الإنسان بأن يدفع شيئًا، نعم.
(المتن)
الشيخ:
وإلا وإن لم يكن هناك ضرر فهي قسمة الإجبار، فيجبر الممتنع على القسمة، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، السؤال هنا يا شيخ - أحسن الله إليك - بالنسبة للقسمة هنا تكون بينهما، أو بطرف ثالث؟
الشيخ:
سيأتي، لهما أن يقسما بينهما، أو يأتيان بطرف ثالث، سيذكر المؤلف - رحمه الله - أو يطلبان من الحاكم يرسل قاسم يرتضيانه، إما يقسمان بأنفسهما، أو يأتيان بقاسم يرتضيانه، أو يطلبان من الحاكم كما سيذر المؤلف، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، لماذا يحبر الممتنع؟ لأنه ما فيه ضرر من القسمة، والذي يطلب القسمة يريد أن يتصرف في حقه، يقول: أريد أن أتصرف في حقي، ما دام ما فيه ضرر، دكاكين مثلًا، أو بيوت، كل واحد يأخذ النصف، وهذا يأخذ النصف، أو أرض واسعة، أو مزرعة عشرة آلاف متر، يقول: اقسمها بيننا، لك خمسة آلاف، ولي خمسة آلاف، يجبر لأنه ما فيه ضرر عليه في قسمتها، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، ولهذا تسمى قسمة إجبار، وهي إفراز حق، كل واحد يفرز حقه من الآخر حتى يتصرف فيه، أما الأولى قسمة التراضي، لأنها إذا قسمت صار فيه ضرر، نقصت القيمة، أو ما يمكن التساوي بينهما، يحتاج إلى أن أحدهما يتحمل شيئًا من المال يعطيه صاحبه، هذه لا تكون إلا عن تراضي نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، لهما أن يقسما لأنفسهما، قال: أنا وإياك، ما نحتاج لأحد، خلاص، نمتر الآن ونقسم، أو يأتيان بقاسم، بشخص مختص يقسم بينهما يتفقان عليه، يعطيانه أجرة، أو يطلبان من الحاكم، القاضي، يعطيهما قاسم، قد يكون عند القاضي من هو مختص بهذا، فالقاضي يعطيهما قاسم، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم،القاسم لا بد أن يكون عدلا، لأنه إذا لم يكن عدلا، ما يوثق به، ويكون عنده معرفة، عنده الخبرة، معرفة بالقسمة، نعم، هذا من شروط القاسم، يكون عدل حتى يوثق به، ويكون أيضًا له معرفة بالقسم، يكون من أهل الاختصاص، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، يعدل السهام، إذا كان فيها نقص، أو فيها كذا، يعدل، هذا من شؤون القاسم، إذا كان فيه تحتاج إلى مثلًا بعضها، إذا قسمها بعضها أرغب من بعض، فيزيد مثلًا في إحداهما حتى تساوي قيمتها قيمة النصف الآخر، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، إذا عدل السهام يأتي بالقرعة، فمن صار له قرعة أخذ، إذا قسم الشريكان أو إذا كانوا شركاء ثلاثة أو أربعة، وهي متساوية، فالخيار لهم، إن اختاروا كل واحد يختار ما يشاء، أو يخير أحدهما الآخر، وتراضيا على ذلك، فلا بأس، وإلا يكون هناك قرعة، يؤتى بقرعة، مثلًا يكتب اسم كل واحد على أيمان، ثلاثة ورق أو أربعة ورق، ثم يؤتى بشخص آخر ما يعرف، ويعطيه أيمانه، ويضع على كل واحدة واحدة، أو تكون مثلًا بدون كتابة، لكن يتفقان هذه مثلًا لفلان، وهذه لفلان، وهذه لفلان، ثم يأتي مثلًا شخص آخر، ويقول ضعها عليه، فيضعها، فمن خرجت له قرعة أخذها، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، تلزم القسمة من الحاكم، إذا كان الذي قسمه هو الحاكم، أو قاسم من عند الحاكم فإنها تلزم، لأن الحاكم هو الحاكم الشرعي، فلا يلزمهم إلا بشيء يرى أن فيه العدل.
والقول الثاني أنه لا يلزم إذا كانت القسمة فيها رد أحد العوضين، رد أحدهما على الآخر عوض، أو غير متساوية، فلا يلزم إلا بالتراضي بينهما، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، يعني إما يلزمه الإجبار بالقرعة، إذا أقرع بينهما خلاص، وكانا متساويين،لزم كل واحد أن يأخذ نصيبه، الإجبار إنما يكون بالقرعة، متى يجبر؟ إذا قسما، وحصلت القرعة بينهما، في هذه الحالة يجبر كل واحد منهما أن يأخذ نصيبه، نعم.
(المتن)
الشيخ:
تلزم من الحاكم مطلقًا، يعني مهما كانت، فيها رد عوض، أو لم يكن فيها رد عوض، على هذا.
والقول الثاني: أنها لا تلزم من الحاكم إلا إذا كان لم يكن هناك ضرر، ولم يكن هناك رد عوض من أحدهما للآخر، نعم، إيش؟
(المتن)
الشيخ:
على المذهب، والقول الثاني لا تلزم، نعم.
(المتن)
الشيخ:
نعم، بالقرعة، يعني إذا قسم ووضع القرعة، هنا يحصل الإجبار، يكون الإجبار، نعم.
(المتن)
الشيخ:
يكفي قاسم واحد، نعم، وإن كانت المسألة تحتاج إلى تقويم وتقدير فإنه يؤتى بقاسم آخر، يكون قاسمان، نعم، وإذا اكتفيا بقاسم واحد، كفى، ويكفي إيش؟
(المتن)
الشيخ:
نعم، يقول: يكفي قاسم واحد إذا كان ما فيه تقدير، القسمة ما فيها تقدير، متساويان، يكفي قاسم واحد، فإن كان مثلًا فيها تقدير، يحتاج إلى تقدير، ويحتاج إلى نظر، فإنه يؤتى بقاسمين حتى يتفق رأيهما على القسمة.
والقول الثاني أنه يكفي قاسم واحد ولو كان فيه تقويم، ما دام ثقة، وعدل وعارف عنده خبرة، يكفي، ولو واحد هو الذي يقوم، يقسم ويقوم، نعم.
طالب:
إذا رضيا في أول الأمر، ثم بعد ذلك ندما؟
الشيخ:
من الذي رضي؟
طالب:
الصاحبان، أحد الشريكين.
الشيخ:
هذا في قسمة التراضي، وإلا قسمة الإجبار. قسمة الإجبار ما فيه، ما يطلب منه الرضا، مثل البيع، إذا كان في مجلس الخيار، أو كان له شرط، فله أن يرجع، وإذا افترقا خلاص، لزم كالبيع، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، تكلم عن الإجبار بالقرعة، أحسن الله إليك كلامًا
الشيخ:
نعم
الشارح:
قال أحسن الله إليك: (وتلزم من الحاكم مطلقًا، والإجبار بالقرعة)، قال: وتلزم قسمة الإجبار بمجرد القرعة بعد تعديل السهام.
الشيخ:
نعم، إذا عدلت السهام، وقسمت، ثم وضع القرعة، لزمت، خلاص، لزم كل واحد يأخذ نصيبه من القرعة التي وقعت عليه.
الشارح:
قال أحسن الله إليك: ولا اعتبار لرضاهما، لأن رضاهما لا يتعين في ابتداء القسمة، فلا يتعين في أثنائها، لأن قرعة قاسم الحاكم بمنزلة حكم الحاكم.
الشيخ:
على كل حال، إذا قرع القاسم، هذا بعد القسمة، وبعد القرعة، خلاص يلزم نعم.
طالب:
أحسن الله إليك،
الشيخ:
بركة، حسنت، والقسمة تكون في الوصايا، وتكون في الأضحية، وتكون في الشركات، وتكون في القضاء، لكن ذكرها في القضاء هنا للحاجة عند التراضي، فالغالب أن المسائل التي ترفع للقضاة تحتاج إلى قسمة، فذكرها هنا، وإلا أيضًا في الأضحية، قد يكون القسمة، في الشركات، كلها يكون فيها قسمة، نعم.
طالب:
لكن لا بد أن يكون خبير يعني في هذا المجال حتى ؟
الشيخ:
القاسم يشترط أن يكون عدلًا عارفًا، ما دام قاسم، ما يأتون بأحد ما عنده خبرة، من الشارع، وإلا يقسمان بأنفسهما، أو يأتيان بقاسم خبير، عنده خبرة، نعم، مع العدالة، نعم.
طالب:
إذا كان فيها جور يا شيخ، أحسن الله إليك، ترجع للحاكم، إذا قسم القاسمان أو القاسم الواحد؟
الشيخ:
كيف فيها جور، هنا اشترط أن يكون عدلا، إذا كان عدل خلاص، الشرط أن يكون عدلًا، كيف يكون جور وهو عدل؟
طالب:
اعتمدوا على أحدهم يعني، اعتمدوا على أحدهم يعني، اعتمدوا على أحد خارج عنهما، عن الشريكان يعني؟
الشيخ:
إيه، يشترط أن يكون عدلا، وما دام العدالة تنافي الجور، ما يختاران إلا عدل، نعم..... .