شعار الموقع

شرح سورة البقرة من مختصر تفسير ابن كثير 72

00:00
00:00
تحميل
106

** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-

يقول الله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }([1])

فهذه الآية الكريمة أطول آية في القرآن العظيم، وقد قال الإمام أبو جعفر.

وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير عن سعيد بن المسيب([2]): أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدَّيْن ([3]) .

فقوله: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين.

هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها؛ ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها، وأضبط للشاهد فيها، وقد نبه على هذا في آخر الآية حيث قال: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا }.

وثبت في الصحيحين عن ابن عباس، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يُسْلفُون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم».

وقوله: { فَاكْتُبُوهُ } أمر منه تعالى بالكتابة للتوثقة والحفظ.

قال ابن جريج: من ادّان فليكتب، ومن ابتاع فليُشْهد.

وقال أبو سعيد، والشعبي، والربيع بن أنس، والحسن، وابن جريج، وابن زيد، وغيرهم (9): كان ذلك واجبًا ثم نسخ بقوله: { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ }.

وقوله: { وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ }.

(التفسير)

هذه الآية الكريمة فيها إرشاد من الله تعالى لعباده إذا تداينوا بالدين أن يكتبوه، وهذه الآية دليل على جواز بيع الأقساط، البيع المقسط، وهو كالإجماع من أهل العلم، كان فيه خلاف قديم ثم انقرض وصار كالإجماع من أهل العلم أن بيع الأقساط جائز سواء كانت أقساط شهرية، أو سنوية.

وكذلك بيع السَّلَم، وبيع السَّلَم هو أن يقدم المال وتؤخر السلعة - والبيع المعروف الآن أنك تقدم المال والسلعة - فتقدم السلعة التي تأخذها، يأخذ المشتري السلعة، والبائع يؤجل دينه، فيكون المشتري أخذ السلعة .

مثال ذلك : السيارة على شخص بخمسين ألف مقسطة أقساط شهرية، فالسيارة استلمها المشتري، والبائع يستفيد من التأجيل؛ لأن بيع التأجيل يزيد عن البيع الحاضر؛ لأنه لو بيعت حاضرة صارت بأربعين أو خمس وثلاثين، فإذا باعها مؤجلة استفاد، فالكل مستفيد، فالمشتري يستفيد من السيارة أو البيت، والبائع يستفيد بالزيادة، وهذا معلوم أن بيع الحاضر ليس كبيع التأجيل.

بعض الناس يقول: كيف يبيع سلعة تساوي ثلاثين أو أربعين بخمسين؟ لأنه لو اشتراها حاضرة لكانت بأربعين، وإذا اشتراها مؤجلة كانت بخمسين، نقول: نعم؛ لأن بيع الحاضر ليس كبيع التأجيل هذا معروف، ولا يمكن لإنسان أن يبيع السلعة مؤجلة إلا بزيادة، وهو داخل في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:283]، فالسلعة معجلة، والثمن مؤجل.

وأما بيع السلم، فهو بالعكس يقدم البائع أو المشتري المال يقدم الدراهم، والسلعة مؤجلة، لكن لا بد أن تكون السلعة موصوفة فتعطيه مثلاً خمسين ألفًا مقدمة لسيارة موصوفة في الذمة بعد سنة أو بعد ستة أشهر صفتها كذا، ولونها كذا، وموديلها كذا، فهذه أوصاف مضبوطة، وتكون بعد سنة.

ومثاله أيضًا: أن تقدم المال مثلاً عشرة آلاف أو عشرين ألفًا مثلاً بأرز بعد سنة أو ستة أشهر أو بتمر نوعه كذا، ووزنه كذا ولا بد أن يحدد، ووقته كذا ولا بد أن يحدد نوع السلعة، ويحدد الوقت والميعاد، ولهذا قدم النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين يقال له: سَلَفٌ وسَلَم، يعني يقدمون المال مقدمًا تعطي مثلاً الفلاح أو غير الفلاح دراهم بتمر إذا جاء وقت جذاذه بعد ستة أشهر مثلاً أو سبعة أشهر، ويكون التمر معروفًا وزنه، وكيله، ومقداره، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم –المدينة وجدهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ»، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَقَالَ: «فَليُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ»([4]) .

الكيل معلوم يعني مائة كيلو من التمر مثلاً يعطيك عشرة آلاف مثلاً بمائة كيلو مثلاً أو بألف كيلو من التمر أو من البر، وكذلك أيضًا يكون الأجل محدد أو بعد سنة أو سنتين أو ستة أشهر أو بالكيلو مثلاً بالوزن بالميزان مائة مثلاً بالوزن أو بالكيل بالصاع مائة صاع أو مائة كيلو، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم»([5]) فكل داخل في الدين، سواء كانت السلعة هي المعجلة، والثمن مؤجل، أو الثمن معجل، والسلعة هي المؤجلة، كل داخل في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:283]، والله تعالى أمر بالكتابة -الكتابة فيها توثقة- وكذلك الإشهاد فإنك تكتب، وتشهد شاهدين، تكتب مبايعة بينك وبين فلان أنه أعطى سيارة بثمن كذا، يؤدى في وقت كذا، أو يؤدى أقساطًا كل سنة كذا، شهد فلان، وفلان.

مسألة: رجل قال: اشتريت سيارة رغبة في المال، وليس لي هدف في السيارة أبدًا.. إنما لأبيعها وأحصل على المال.

وهذه المسألة تسمى مسألة التَّوَرُّق – وصورتها: أنك تشتري السيارة وأنت لا تريد السيارة، وإنما تريد الدراهم، تشتري السيارة، ثم تبيعها، وتأخذ الدراهم لتستفيد بها؛ لتبني بيتًا، أو لتشتري سلعة، أو ليتزوج بها الإنسان، أو لغير ذلك، فهذه تسمى عند العلماء مسألة التورق؛ الوَرِقُ: هو الفِضَّةُ، وذلك أنه يريد الوَرِق، ولا يريد السلع لذاتها، أو يريد الدراهم، جمهور العلماء على الجواز؛ لأنهم قالوا: لا يسع الناس إلا هذا فقد لا يجد من يقرضه، وهو محتاج إلى أن يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها؛ لأنك الآن تشتري مثلاً سيارة بخمسين ألف مؤجلة إلى بعد سنة، ثم تبيعها في الحال بأربعين خسرت عشرة آلاف، ولكنك محتاج إلى الدراهم وهذه تسمى مسألة التورق وكثير من العلماء يجيزها، والجمهور على الجواز، وبعض العلماء يمنع منها ويقولون: هذه أُخَيَّةُ الرِّبَا، وابن عباس يرى المنع ويقول: هذه أخية الربا، دراهم بدراهم؛ حالت بينهم حريرة، وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا يمنعه ، وكذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله– يمنع منها، فهذه مسألة التورق، أما أن يشتري الإنسان السيارة ليستعملها ما فيها شيء.

لكن بعض الناس إذا أراد أن يستدين يذهب إلى شخص ويقول: أريد أن أقترض منك فيقول: حسن أنا أداينك، أشتري منك سيارة، أو أشتري منك من السكر أو أرز اشتريها وأداينك، ثم يذهب إلى المعرض ويشتري له السيارة ويبيعها عليه، أو يشتري له بيتًا ويبيعه عليه، فهذا الشخص ما اشترى السيارة لنفسه، وما اشترى إلا لأجل أن يبيعها بالزيادة فهذا تركه أولى.

لكن الإنسان الذي يريد أن يستفيد بالمداينة الأولى أن يكون عنده سياراته في معرض خاص به، أو يكون عنده بيوت، أو أراض يبيعها بدينها، أما أنه لا يشتريها إلا إذا جاء الشخص مثل معاملة البنوك الآن تأتي للبنك وتريد أن تستدين من البنك وتقول: أريد سيارة، يقولون عندنا سيارة اذهب إلى المعرض الفلاني، واختر سيارة، وهم لا يملكون هذا، وأحيانًا يتساهلون، فيكتب شيك لصاحب المعرض، ويقول: أعطه السيارة الفلانية كذا، ويسجل الدين على الشخص .. فهذا لا ينبغي، وتركه أولى، ولا ينبغي أن تستدين على هذه الطريقة.

إذا احتاج الشخص أن يستدين من شخص عنده السلعة يشتريها من الأول، سواء سيارات، أو أراض، أو غير ذلك.

وإذا أراد الإنسان أن يداين الناس يحضر السيارة عنده يجعلها في معرض له، فإذا جاء أحد قال له: اختر سيارة، أو يكون عنده أراض فيقول اشتر الأرض الفلانية، أو البيت الفلاني، أما أن يشتريها إذا جاء شخص يستدين فيذهب ويشتري، هذا تركه أولى، وإن كان هذا يفعل الآن.

ومسألة التورق فيها خلاف بين أهل العلم، فمسألة التورق وهي شراء السلعة لا لذاتها بل لأجل بيعها، والانتفاع بالدراهم هذه تسمى مسألة التورق سميت بمسألة التورق؛ لأن الإنسان يريد الورق، والورق هي الفضة؛ يعني الدراهم، ولا يريد السلعة، ففيها خلاف، جمهور العلماء على الجواز، ويروى عن الإمام أحمد وجمع من أهل العلم المنع.

والسلم عام، ففي الحديث: «من أسلف في شيء» فهذا عام ، لكن لا بد أن يحدد إذا كان بالكيل أو بالوزن، ويحدد السلعة، وأوصافها، والوقت، ووقت تسليمها فمثلاً إذا كانت سيارة وتعطيه مثلاً خمسين ألف أو مائة ألف للسيارة وتضبطها بالأوصاف، صفتها كذا، ولونها كذا، وموديلها كذا، وماركتها كذا، وهكذا تكون الأوصاف مضبوطة، ويسلمها في وقت كذا.

ولكن يحجزون الآن سيارات، يسلمون المبلغ للمعرض قبل أن تصل السيارة؟ وهذا ما فيه مانع.

المهم أن في السلم: المبلغ يسلم قبل السلعة، لكن لا بد من أن تكون السلعة موصوفة، ومحددة سواء سيارة أو غيرها، ومحدد الوقت الذي تسلم فيه «من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم»، أن تقدم الدراهم، والسلعة تأتيك بعد ستة أشهر، أو بعد سنة.

تنبيه: وإذا كانت السلعة ليست عند التاجر بل في الشركة وأنت تشتريها من التاجر، فلا يجوز له أن يبيعها وهي ما جاءت عنده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبع ما ليس عندك»([6]) يعني إذا كنت تشتري منه سيارة، ثم يذهب هو ويشتري لك سيارة فهذا لا يجوز، أما إذا كنت تشتري منه على سبيل السلم، وتعطيه الدراهم، وتشتري منه سلعة في المستقبل بعد أشهر فلا بأس.

أما ما يفعله بعض الناس تأتي إليه تقول: أعطني السلعة، فيبيع لك السلعة، والسلعة موجودة في السوق، فيبيعها إليك، وهي ليست عنده، وما تملكها، ثم يذهب، ويأخذها، ويعطيك إياها فهذا لا يجوز؛ لأنه باع سلعة لا يملكها يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبع ما ليس عندك».

أما السلم: وهو تقديم الثمن، وتعجيل السلعة فهذا يجوز مع تحديد الأجل، والأوصاف الكاملة للمبيع.

وإذا اشترى سلعة ثم أراد ردها بعد فترة فهذا من الإقالة يعني في حال الاستقالة إذا أراد التاجر يقيله البيع فلا بأس، حتى لو اشتراها المشتري، وأراد أن يردها بعد مدة وقبل التاجر ذلك فلا بأس ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ، أَقَالَ الله عثرته يوم القيامة»([7]) .

وهنا يرد سؤال: من المشاكل القائمة! أنك تشتري السلعة اليوم، ولا يحق لك أنك تبيعها ولا تتصرف فيها إلا من يوم الغد، فيحدث إشكال بسبب أنه يشترى بقيمة معينة، ويوم الغد تنزل قيمة السهم فيحصل إشكال بين المشتري وبين هذا البنك .

والجواب: أن هذا لا يصح، لا بد أن يتسلم المشتري السلعة في الحال التي اشتراها.

وهنا يرد سؤال: إذا اشتريت السيارة من المعرض وبعتها بالتقسيط، هل يشترط أن تكون بحوزتي وأنقلها من المعرض؟

الجواب: نعم، لا بد أن تحوزها وأن تخرجها من المعرض إلى مكانك الخاص؛ يعني إلى بيتك، أو إلى جراجك الخاص؛ ففي الحديث الصحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ابْتَعْتُ زَيْتًا فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لِنَفْسِي، لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ، حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ، «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ»([8]).

وإذا كانت بعض السلع قد لا يستطيع نقلها، فالتسليم يكون بالتخلية، إذا كان الشيء كثيرًا، أو أكوام لا يمكن نقلها، أو يصعب نقلها، فهذا يكون بالتخلية.

وهنا يرد سؤال: هل هناك حكمة في مسألة نقله؟

الجواب: نعم، حتى لا يحصل نزاع، وحتى يستفيد الحامل، فالبيع فيه تحريك للسلع، وفيه استفادة من العدد، بخلاف الربا دراهم تولد دراهم أشخاص معدودين يأكلون أموال الناس، وهم جالسون في عقر دارهم وتأتيهم الأموال، وفيه تعطيل للناس، بخلاف البيع  ففيه الحركة فالكل يستفيد البائع والمشتري والحامل.

*****

** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-

 يقول تعالى: { وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ } أي: بالقسط والحق، ولا يَجُرْ في كتابته على أحد، ولا يكتب إلا ما اتفقوا عليه من غير زيادة ولا نقصان.

وقوله: { وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ } أي: ولا يمتنع من يعرف الكتابة إذا سُئِل أن يكتبَ للناس، ولا ضرورة عليه في ذلك، فكما علمه الله ما لم يكن يعلم، فَلْيتصدق على غيره ممن لا يحسن الكتابة وليكتب، كما جاء في الحديث: «إن من الصدقة أن تعين صانعًا أو تصنع لأخْرَق»([9]).

(التفسير)

الأخرق: الذي لا يحسن الصنعة، والأخرق لا يحسن العمل، أن تتصدق عليه، أو تصنع لأخرق تعين شخصًا لا يستطيع؛ فالأخرق الذي لا يستطيع العمل، فلو وجدتَ إنسانًا متعطلًا لا يستطيع مثلاً أن يَفُك ويُرَكِّب عجلة السيارة، وبعض الناس عنده قدرة، فيقف ويعينه ويساعده فهذا من الصدقة، ومن المعروف أنك تعين أخاك لا سيما إذا كان ليست عنده قدرة، أو لكونه لا خبرة له، أو لكونه كبير السن، أو لغير ذلك من الأسباب فتعينه فهذا من الصدقة، بل وتعطيه ما يحتاج. 

*****

** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-

 وفي الحديث الآخر: «من كتم علمًا يَعْلَمه ألْجِمَ يوم القيامة بلجام من نار»([10]).

وقال مجاهد وعطاء: واجب على الكاتب أن يكتب.

وقوله: { ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ}.

(التفسير)

وهذه الآية فيها وجوب الكتابة {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة:283]؛ لأن الكتابة فيها توثقة، فإذا تبايع الرجلان، ولم يكتبا، فبعد مدة يحصل خلاف في المدة، أو في السلعة، أو في ثمنها، أو في وقت ميعادها، لكن إذا كتب وضبط ففيه توثقة حيث يرجعون للكتابة، ولا سيما إذا شهد على الكتابة شاهدان فتكون السلعة مضبوطة وقتها، وثمنها، ووقت دفع الثمن.

والأصل في الأمر الوجوب؛ ولهذا قال: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة:283]، فتجب الكتابة، ويجب أن تكون الكتابة بالعدل {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} [البقرة:283]كرر الله أمر الكتابة مرتين مما يدل على الوجوب ففيه وجوب الكتابة، ووجوب العدل في الكتابة وأن لا يحيف، ولا يزيد، ولا ينقص.

وفيه: أنه لا يجوز للكاتب أن يمتنع بل عليه أن يتصدق؛ لأن الله تعالى علمه الكتابة، فليتصدق على من لم يعلمه الله الكتابة، فيتصدق على أخيه، ولهذا قال: {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} [البقرة:283] هذا تعليم الله لك، إذن من الصدقة ومن الإحسان أن تكتب، فهذه صدقة، وإحسان.

وقد كان كثير من العرب لا يكتب، وقد يكون الرجل كاتبًا، لكن لا يحسن الكتابة، ولا يحسن كيف يكتب، فعلى من يحسن الكتابة أن يكتب، ويتصدق على أخيه؛ ولهذا أمر الله بالكتابة مرتين، فليكتب بالعدل {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} [البقرة:283].

وأحيانًا يجيء المقترض يقترض القرض الحسن ، والمقرض يستحيي أن يقول اكتب لي، فهل عليه جناح في هذا الأمر؟

الجواب: لا بأس، فهذا من المداينة والإقراض، والإقراض إحسان ليس بيعًا، لكن كونه يكتب هذا أحسن والكتابة لا شك أن  فيها توثقة في الدَّين، لكن المبايعة أشد، والقرض أخف.

وقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}؟

هذا في الحال، يعني إذا كان في الحال إذا اشترى السلعة وسلمها في الحال ما احتاج كتابة، أما إذا كان مؤجلًا فلا بد من الكتابة، هذا إذا عمل فيؤدي الذي اؤتمن أمانته، هذا إذا كان البيع في الحال، كما قال الله تعالى في الآية: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا} [البقرة:282] أما إذا كان مؤجلًا ولو ائتمنه  فبطول المدة قد يحصل نسيان.

*****

** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-

قال الله تعالى: {وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه }  أي: وليملل المدين على الكاتب ما في ذمته من الدين، وليتق الله في ذلك، {ولا يبخس منه شيئا} أي: لا يكتم منه شيئًا، {فإذا كان الذي عليه الحق سفيها } محجورًا عليه بتبذير ونحوه، {أو ضعيفًا} أي: صغيرًا أو مجنونًا {أو لا يستطيع أن يمل هو} إما لِعي أو جهل بموضع صواب ذلك من خطئه. {فيملل وليه بالعدل}.

(التفسير)

هذه الآية فيها أمر الولي بإملاء الدَّين، {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة:283]  فيه أمر من عليه الحق أن يملي الحق من غير زيادة، ولا نقصان {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة:283] فيه أمر مَنْ عَلَيه الحقُّ أن يملي ما عليه من الحق، وأن يتقي الله، ولا يبخس من حق أخيه شيئًا، وهو واجب.

ففي الآية وجوب إملاء المدين على الكاتب دينه، ووجوب تقوى الله، وتحريم البخس من حق صاحبه؛ ولهذا قال سبحانه: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة:283] فهنا ثلاثة أوامر:

الأمر الأول: أن يملي على الكاتب أن يكتب ما عليه من الدين.

والأمر الثاني: عليه أن يتقي الله وألا يغير من الدين.

والأمر الثالث: ألا يبخس منه شيئًا، فإذا كان عليه مائة، فلا يكتب: عليه تسعون -أملاها تسعين- لا يبخس من حق أخيه شيئًا.

ثم بعد ذلك أمر الله تعالى العاجز أن يقوم وليه مقامه، وذلك إذا كان من عليه الحق سفيهًا، أو ضعيفًا، أو عاجزًا عن الإملاء.

فالسفيه: هو المحجور عليه، والضعيف: هو ضعيف العقل لصغره، أو ذهاب عقله، أو لا يستطيع الإملاء لعجزه، وعدم معرفته. فإن وليَّه يقوم مقامه، وليّ المحجور عليه، أو وليّ السفيه، أو وليّ العاجز، يقوم مقامه، فيملي ما عليه من الدين على الكاتب؛ ولهذا قال سبحانه: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:283]، يمل؛ أي: يملل.

وفيه: أن وليه يجب أن يلتزم العدل، أن يكون إملاؤه بالعدل من غير زيادة ولا نقصان، يمل أو يملل بمعنى واحد؛ يعني: يملي على الكاتب الحق.

*****

** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه».

(التفسير)

هذا رواه البخاري في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ»([11]).

وهنا يرد سؤال: إذا مات الرجل ولم يقض دينه، فهل يدخل في حديث: «... يغفر له إلا الدين»؟

الجواب: هذا وإن كان في المجاهد وهو قوله «إلا الدين»، لكن هذا الحديث عام: أن من أخذها ويريد أداءها، فإن الله يؤدي عنه الدين، إن كان له مال، فيقضى الدين من رأس التركة قبل قسمة التركة، وإن لم يكن له مال، فإنه يبقى، إن يسر الله من يقضي عنه فالحمد لله، وإلا فإنه على هذا التفصيل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كان يريد  أداءها أدى الله عنه، وإن كان أتلفها أتلفه الله».

*****

** قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله فيما اختُصِرَ عنه:-

[الأمر بالإشهاد مع الكتابة]

وقوله: { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } أمر بالإشهاد مع الكتابة لزيادة التوثقة، { فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ } وهذا إنما يكون في الأموال وما يقصد به المال، وإنما أقيمت المرأتان مقام الرجل لنقصان عقل المرأة، كما روى مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكُن أكثر أهل النار»، فقالت امرأة منهن جَزلة: وما لنا -يا رسول الله- أكثر أهل النار؟ قال: «تُكْثرْنَ اللعن، وتكفُرْنَ العشير، ما رأيتُ من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لُب منكن». قالت: يا رسول الله، ما نقصان العقل والدين؟ قال: «أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تَعْدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي لا تصلي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين».

وقوله: { مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ }: فيه دلالة على اشتراط العدالة في الشهود.

وقوله: { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا }؛ يعني: المرأتين إذا نسيت الشهادة { فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } أي: يحصل لها ذكرى بما وقع به من الإشهاد.

وقوله: { وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا } قيل: معناه: إذا دعوا للتحمل فعليهم الإجابة، وهو قول قتادة والربيع بن أنس. وهذا كقوله: { وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ } ومن هاهنا استفيد أن تَحَمّل الشهادة فرض كفاية.

وقيل -وهو مذهب الجمهور-: المراد بقوله: { وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا } للأداء؛ لحقيقة قوله: { الشُّهَدَاءُ }، والشاهد حقيقة فيمن تحمَّل، فإذا دعي لأدائها فعليه الإجابة إذا تعينت، وإلا فهو فرض كفاية، والله أعلم.

وقال مجاهد وأبو مِجْلَز، وغير واحد: إذا دعيت لتشهد فأنت بالخيار، وإذا شهدت فدعيت فأجب .

وقد روي عن ابن عباس  رضي الله عنهما والحسن البصري: أنها تعم الحالين: التحَمّل والأداء.

(التفسير)

وهذا الجزء من الآية الكريمة فيه وجوب الشهادة قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:283]، والأصل في الأمر الوجوب.

وقيل: إن الإشهاد مستحب مع الكتابة للتوثقة، فالله تعالى أمر بالكتابة واستشهاد شاهدين قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:283] فيها أن الإشهاد يكون باثنين، أو برجل وامرأتين؛ لأن الرجل يقوم مقام المرأتين، وهذا من نقصان عقلها كما أن من نقصان دينها أنها تمكث الليالي لا تصلي، وتفطر في رمضان، ولكن هذا النقص لا يضرها؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار»، فقالت امرأة منهن جَزْلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير»([12]) .

اللعن: أي السباب، وتكفرن العشير: أي الزوج؛ لأنه معاشر، وزن فعيل، عشير بمعنى معاشر، إذا أحسن إليها الدهر ثم رأت منه شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط، هذا كفران العشير؛ يعني :كفران الجميل لإحسان الزوج.

وأما نقصان الدين، فكونها تفطر في رمضان إذا جاءت العادة، والنِّفاس، وكذلك لا تصلي، لكن هذا النقصان لا يضرها.

وأما قوله: «إنكن أكثر أهل النار» فالنساء أكثر أهل النار، وأكثر أهل الجنة، أكثر أهل النار النساء، وأكثر أهل الجنة النساء.

أما كونها «أكثر أهل النار النساء»؛ فلأنهن يتعرضن للأسباب التي يدخلن بها النار من كثرة اللعن، وكفران العشير.

وأما كون أكثر أهل الجنة النساء؛ فلأن لكل رجل من أهل الجنة زوجتان، وما في الجنة أعزب -أقل واحد له زوجتان- .

وهناك أيضًا من له زوجات كثيرات؛ فلذلك كان النساء أكثر أهل الجنة، مع الحور العين مع النساء المؤمنات في الجنة، فيكون أكثر أهل النار النساء، وأكثر أهل الجنة النساء.

وقوله: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:283]  بين الله تعالى الحكمة قال: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:283] ذكر الحافظ ابن حجر أنها جاءت امرأتان تشهدان عند القاضي، فكأنه شك فأراد أن يفرق بينهما، فقالت امرأة فقيهة: ليس لك ذلك، فقال: لم؟ فقالت: يقول الله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:283] ليس لك أن تفرق بيننا، فلم يفرق بينهما {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:283]  قالت: إذا فرقت كيف تذكر الأخرى صاحبتها؟ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:283]، وهذا في المال، وما يقوم مقامه، أما القصاص فإنه لا بد من شهادة الرجال، وكذلك إقامة حد الزنا لا بد أن يشهد أربعة شهود رجال، وأما ما يكون من خصائص النساء، فتكفي امرأة عدل في الرضاعة مرضعة عدل تكفي واحدة، وكذلك في البكارة والثيوبة تكفي امرأة عدل، وأما المال، وما يقوم مقامه، فشاهدان من رجلان، أو رجل وامرأتان، وقصاص الحدود هذا خاص بالرجال.

 

([1]) قال الشارح -حفظه الله-: هذه أطول آية في القرآن الكريم تسمى آية الدين أطول آية في القرآن الكريم هذه الآية صفحة كاملة من أول الصفحة إلى آخرها آية واحدة، إذا قيل لك: ما أطول آية في القرآن الكريم؟ تقول: آية الدَّين؛ يسمونها آية الدين، هناك بعض الآيات القصيرة يقول: مداهمتان، هذه آية في سورة الرحمن، والآيات منها القصيرة جدًا، ومنها الطويلة، ومنها المتوسطة .

([2]) تفسير الطبري (5/68).

([3]) قال الشارح- حفظه الله-: هذا الحديث سعيد بن المسيب رواه بلاغًا فهو منقطع، والمنقطع ضعيف.

([4]) صحيح البخاري (2240).

([5]) تقدم تخريجه.

([6]) أخرجه ابن ماجه (2187) وأبو داود (3503).

([7]) أخرجه ابن حبان (5029).

([8]) أخرجه أبو داود في السنن (3499).

([9]) صحيح البخاري (2518).

([10]) أخرجه ابن ماجه (264) وأبو داود (3658).

([11]) صحيح البخاري (2387).

([12]) صحيح البخاري (304) و(1462) ومسلم (79).

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد