الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله-:
بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فِي الْجَمَاعَةِ وَالْبَيَانِ أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَأَنَّ فَضْلَهَا فِي الْجَمَاعَةِ ضِعْفَيْ فَضْلِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ
أخبرنا أبو طاهر أخبرنا أبو بكر أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أخبرنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ - أَصْلُهُ مَدَنِيٌّ سَكَنَ الْكُوفَةَ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ».
يعني من صلى العشاء في جماعة فكأنه قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة، فكأنما قام الليل كله، ضعفيها.
تخريج الحديث: القارئ: قال: صحيح، أخرجه عبد الرزاق، وأحمد، وعبد بن وحميد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والبزار، وأبو عوانة، وابن حبان، والطبراني في الكبير، والبيهقي، والبغوي.
الشيخ: نعم، فيه فضل صلاة الفجر والعشاء في جماعة كما قال المؤلف، وأن فضل صلاة الفجر ضعفي فضل صلاة العشاء، وذلك لأن صلاة الفجر تكون في آخر الليل في أول النهار، في وقت النوم، بخلاف صلاة العشاء، فإنها في الغالب في وقت اليقظة، فصلاة الفجر فيها مشقة، فإذا جاهد الإنسان نفسه طاعةً لله ولرسوله، وامتثالًا لأمر الله، كان له الأجر مضاعفًا.
س: ليست مُكمِّلة؟
الشيخ: لا، قال: "فكأنما قام الليل كله"، من صلى العشاء كان كمن قام نصف ليلة، ومن صلى الفجر كان كمن قام ليلة كاملة، لو كان نصفها لقال: "فكـأنما قام النصف الآخر"، أو "كأنه أكمل معها قيام ليلة"، الرسول -صلى الله عليه وسلم- أفصح الناس.
بَابُ ذِكْرِ اجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةِ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ
أخبرنا أبو طاهر أخبرنا أبو بكر حدثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْلِهِ ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء: 78] قَالَ: «تَشْهَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ مُجْتَمِعًا فِيهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «أَمْلَيْتُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ، ذِكْرَ اجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةِ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ».
الشيخ: حديث غريبٌ غريبٌ يقول، ما تخريجه؟
تخريج الحديث؟ القارئ قال: الحديث صحيح من حديث أبي هريرة، قال: أخرجه الحاكم من طريق المصنف والترمذي عن أبي هريرة وأبي سعيد مقرونين، ثم قال: لعل استغراب المصنف بسبب أن عليّ المسهر في روايته هذه قرن أبا هريرة بأبي سعيد وغيره، رواه من حديث أبي هريرة، حسن.
الشيخ: قال لعل استغراب ماذا؟
طالب: هو قال: حديثٌ غريبٌ غريب، لكن الغرابة هنا لعلها لاستغراب المصنف -رحمه الله- بسبب أن علي بن مسهر في روايته هذه قرن أبو هريرة بأبي سعيد.
الشيخ: لا يضر إذا كان [00:05:26].
طالب: لكنه حديثٌ صحيح، أخرجه الحاكم من طريق المصنف والترمذي...
الشيخ: الأعظمي تكلم عليه؟
طالب: قال: صحيح البخاري ومسلم، وهداية الرواة، والسنة، والتعليق الرهيب، والترمذي، وأصله موقوفٌ بربط الآية، مرفوعًا مطولًا، ورواه ابن حبان.
الشيخ: نعم، الحديث معروف، لكن الكلام في استغراب المؤلف، ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾[الإسراء:78] يعني: وصلاة الفجر، في الحديث الملائكة يجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ملائكة الليل وملائكة النهار، «يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل وملائكةٌ بالنهار» لكن من غير هذا الطريق.
ففي صلاة الصبح ينزل ملائكة النهار ويصعد ملائكة الليل، وفي صلاة العصر ينزل ملائكة الليل ويصعد ملائكة النهار، ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾[الإسراء:78] يعني: وصلاة الفجر.
سميت صلاة الفجر (قرآن) لأن أطول ما فيها القراءة، ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ يعني صلاة الفجر، ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء: 78] تشهده الملائكة.
أعد الحديث.
بَابُ ذِكْرِ اجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةِ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ
أخبرنا أبو طاهر أخبرنا أبو بكر حدثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْلِهِ ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء: 78] قَالَ: «تَشْهَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ مُجْتَمِعًا فِيهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «أَمْلَيْتُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ، ذِكْرَ اجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةِ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ».
هذا معروف، الحديث، هنا ذكر استغراب المؤلف كونه قرن بينهما هذا لا يدعو للاستغراب.
طالب: الغرابة في السند.
الشيخ: نعم، غرابة السند، لكن لماذا يستغرب الجمع بين الصحابيين، ما المانع؟ ما وجه الاستغراب؟
طالب: يرويه جمعٌ من الصحابة.
الشيخ: المقصود أن الحديث صحيح، وأن الملائكة يجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، هنا الحديث اقتصر على صلاة الفجر، أيضًا في صلاة العصر في الأحاديث الأخرى.
بَابُ ذِكْرِ الْحَضِّ عَلَى شُهُودِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ
بركة.