بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:
كِتَابُ الإِمَامَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ.
بَابٌ فِي التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قال: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، وَابْنِ عَجْلاَنَ وَغَيْرِهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي فَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَآمُرَ فِتْيَانًا فَيَتَخَلَّفُوا إِلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلاَةِ فَيُحَرِّقُونَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يُدْعَى إِلَى عَظْمٍ، إِلَى ثَرِيدٍ أَيْ لأَجَابَ».
قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا خَبَرُ ابْنِ عَجْلاَنَ الَّذِي أَرْسَلَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَإِنَّمَا رَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهم- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَاهُ بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، وَأَبُو عَاصِمٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
القارئ: سنده، قال: صحيح، أخرجه مالك في الموطأ برواية الليث والحميدي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وابن الجارود، وأبو عوانة، وابن حبان، والبيهقي، والبغوي من طريق الأعرج به.
والحديث الذي بعده بالسند، قال: أخرجه ابن الجعد في مسنده، وهو صحيح، وأحمد، والدارمي من طريق ابن عجلان به، انظر ما سبقه عند الحديث.
الشيخ: وفيه دليل على وجوب صلاة الجماعة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- همّ بتحريق بيوت المتخلفين، ولا يهم إلا على ترك واجب، وفي لفظ أظنه عند أحمد أنه قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرّقتها عليهم»، فكونه همّ بأن يُحرق بيوتهم عليهم يدل على وجوب صلاة الجماعة، وما منعه من ذلك إلا وجود النساء والذرية الذين لا تجب عليهم الجماعة.
بَابُ تخوُّف النِّفَاقِ عَلَى تَارِكِ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ بَيِّنٌ نِفَاقُهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ.
الشيخ: نعم، والحديث فيه المسعودي وقد اختلط، ماذا قال عليه؟
طالب: قال: صحيح، أخرجه الطيالسي، وعبد الرزاق، وأحمد، ومسلم، وأبو داوود، والنسائي، وأبو يعلى، وأبو عوانة، والشاشي، وابن حبان، والطبراني في [الكبير].
الشيخ: ما تكلم عن المسعودي.
طالب: لم يتكلم عنه.
الشيخ: قال عن عبد الله بن مسعود في المتن؟ عن عبد الله قال...
قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ بَيِّنٌ نِفَاقُهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ.
وهذا موقوف على عبد الله بن مسعود، موقوف في الصحيح، قال: رأيتنا -يعني معشر الصحابة- وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق بيّن النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، الصحابة كان المريض يؤتى به يُهادى بين اثنين، من حرصهم على صلاة الجماعة، المريض يهادى بين اثنين، يعني يأتي به اثنان، أحدهما يأخذ بيده اليمنى والآخر بيده اليسرى، يُعتّبونه حتى يصل إلى المسجد ويصلي مع الجماعة.
وهذا يدل على عناية الصحابة واهتمامهم بصلاة الجماعة.
وفيه دليل على أن التخلف من صفات المنافقين، المنافقين ليس عندهم إيمان بالله ورسوله، فلا يكون للمسلم أن يتشبه بهم، ولهذا كان أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر؛ لأنه لا يوجد أنوار عندهم فيتخلفون، بخلاف الصلوات الأخرى في النور: الظهر، والعصر، والمغرب، ما يتخلفون؛ لأنهم يخشون، لأن ما عندهم إيمان بالله، وفي صلاة العشاء والفجر التي فيها ظلام يتخلفون.
هذا المنافقون، والمسلم لا ينبغي له أن يتشبه بالمنافقين، فالتخلف عنها من صفات المنافقين، والصحابة من عنايتهم بها كان المريض يؤتى به يهادى حتى يقام في الصف.
طالب: يقال للذي يغيب عن صلاة الفجر، يقال له: أنت منافق؟
الشيخ: لا، يقال تشبه بالمنافقين، يقول: لا تتشبه بالمنافقين.
بَابُ ذِكْرِ أَثْقَلِ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ.
بركة، يقال... قال ابن مسعود: "لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق"، فلا يتخلف إلا منافق، فالذي يتخلف تشبه بالمنافق، ولو لم يكن منهم تشبه بهم، يُخشى، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.