الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق ابن خزيمة السلمي النيسابوري -رحمه الله تعالى- في كتابه الصحيح:
كِتَابُ الْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ
بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ، وَقَبْلَ الصَّلَاةِ
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا بُنْدَارٌ، جدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ح حدثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ قَالَا: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَخَرَجَ، فَقَالَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم-» وَقَالَ بُنْدَارٌ: «فَقَدْ خَالَفَ أَبَا الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم-».
الشيخ: أخرجه الشيخان؟
القارئ: قال: مسلم ومجموعة من ال...
الشيخ: هذا في مسلم [00:01:54]، والحديث فيه دليل على المنع من الخروج من المسجد بعد الأذان، وأنه لا يجوز لإنسان أن يخرج بعد الأذان إلا لحاجة، كأن يخرج للوضوء، أو كان إمامًا في مسجدٍ آخر، فله أن يخرج، أما بدون حاجة فلا، لأن خروجه وسيلة إلى عدم الرجوع، قد لا يرجع، وقد لا يتمكن من الرجوع إذا خرج، قد ينشغل، ثم أيضًا كذلك كون الخروج من المسجد... المؤذن ينادي حي على الصلاة وهو يخرج، المؤذن يقول هلم على الصلاة وهو يخرج، وهذا مكان الصلاة، فهو مخالف لدعوة المؤذن، فلا يجوز للإنسان..، فيه دليل على أن الخروج بعد الأذان معصية إلا لحاجة لا بد منها، كالوضوء، أو يذهب إلى مسجد آخر، أو ما أشبه ذلك، أو لضرورة لا بد منها.
س: مؤذننا، يؤذن ويخرج، يكون عنده موعد أو كذا، يؤذن ويذهب يصلي في مسجد آخر.
الشيخ: كذلك المؤذن من باب أولى، ليس له أن يخرج إلا لحاجة لا بد منها، إذا أراد الذهاب لمسجد آخر لا يؤذن، يوكل أحد عنه ويذهب حتى لا يقع في المحذور.
س: [00:03:31]
الشيخ: النهي للتحريم، هذا هو الأصل، (قد عصى أبا القاسم)، العصيان محرم.
بَابُ ذِكْرِ أَحَقُّ النَّاسِ بِالْإِمَامَةِ
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حدثنا الْأَعْمَشُ، ح وَحدثنا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، ح وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حدثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حدثنا شُعْبَةُ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، ح وَحدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، حدثنا شُعْبَةُ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، ح وَحدثنا أَبُو عُثْمَانَ، وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قَالَا: حدثنا وَكِيعٌ قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: حدثنا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَقَالَ سَلْمٌ، عَنْ فِطْرٍ، وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ فِي الْهِجْرَةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا».
هَذَا حَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَفِي حَدِيثِ شُعْبَةَ: «أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً» وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ: «أَعْلَمَهُمْ بِالسُّنَّةِ».
وهذا الحديث فيه تقديم الإمامة على هذا الترتيب، يُقدَّم الأقرأ، ثم الأعلم بالسنة، ثم الأقدم في الهجرة، ثم الأكبر سنًا، يعني إذا تساووا في هذه الصفات يُقدم الأقرأ، والأقرأ في زمن النبي-صلى الله عليه وسلم- وعصر الصحابة هو الأعلم بالسنة، كان الصحابة كما قال ابن مسعود وعثمان بن عفان: "كنا إذا تعلمنا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات، لا نجاوزها حتى نتعلم معانيها والعمل بها"، فكان الصحابة الأقرأ هو الأعلم، ثم بعد ذلك وُجد من هو يحفظ القرآن ولكنه عنده نقص في السنة، فاختلف العلماء، هل يُقدم الأقرأ أو الأعلم بالسنة؟
ويقولون إنه إذا كان يعلم فقه الصلاة يُقدم، فإن كان قارئًا لكنه لا يعلم فقه الصلاة يُقدم الأفقه، لأنه قد يحصل له شيءٌ في الصلاة فلا يستطيع أن يعمل بالسنة، فهذا فيه تقديم الأقرأ، ثم الأعلم، ثم الأقدم هجرة، ثم الأكبر سنًّا.
وفي بعض الأحاديث: «ثم أقدمهم سِلمًا»، أي: إسلامًا، «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سلمًا»، يعني إسلامًا، من تقدم إسلامه.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا بُنْدَارٌ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، وَحدثنا بُنْدَارٌ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهِشَامٍ، وحدَثنا بُنْدَارٌ، حدثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ».
وهذا فيه تقديم الأقرأ، فيه أن الجماعة تكون ثلاثة، وجاء ما يدل على أن أقل الجمع اثنان، وإذا كانوا اثنين كذلك يكون الإمام هو الأقرأ، والمأموم هو الأقل، إذا كانوا ثلاثة لا مفهوم له، وكذلك إذا كانوا اثنين أو أربعة فأكثر، فإنه يُقدم الأقرأ كما سبق، ماذا قال على تخريجه؟
القارئ: قال: صحيحٌ، أخرجه الطيالسي وأحمد ومسلم والنسائي، وفي الكبرى له، وأبو عوانة والبيهقي، وأخرجه ابن أبي شيبة وابن حبان وعبد بن حميد والدارمي ومسلم، والبغوي في شرح السنة، وأخرجه أحمد كذلك ومسلم من طريق أبي نضرة عن أبي سعيدٍ به.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حدثنا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِنَحْوِهِ.
بَابُ اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ بِالِازْدِيَادِ مِنْ حِفْظِ الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَسَنَّ مِنْهُ وَأَشْرَفَ
بركة.
القارئ: هنا كلام: قال الخطابي -رحمه الله- في معالم السنن: "وإنما قدَّم القارئ في الذكر لأن عامة الصحابة إذا اعتبرت أحوالهم وجدت أقرأهم أفقههم".
الشيخ: نعم، كان في زمن الصحابة الأقرأ هو الأفقه، لكن فيما بعد وُجد الأقرأ وليس بفقيه.
قال الخطابي -رحمه الله- في معالم السنن: "وإنما قدَّم القارئ في الذكر لأن عامة الصحابة إذا اعتبرت أحوالهم وجدت أقرأهم أفقههم"، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "كان أحدنا إذا حفظ سورةً من القرآن لم يخرج عنها إلى غيرها حتى يحكِم علمها"، فأما غيرهم ممن تأخر بهم الزمان فإن أكثرهم يقرأون القرآن ولا يفقهون، فقراؤهم كثيرٌ، والفقهاء منهم قليل".
الشيخ: إن صدق -رحمه الله- الخطابي، يقول: الصحابة القراء فقهاء، كلهم فقهاء، وأما بعدهم فوُجد من هو قارئ وليس بفقيه.
س: لو وجد قراء أكبر سنًا، وأجمل صوتًا، نقدم الأجمل صوتًا أم الأكبر سنًا؟
الشيخ: يُقدم الأعلم بالسنة، إذا كان لا يعلم فقه صلاته يُقدم الأعلم بالسنة، وإذا كان يعلم فقه صلاته يُقدم الأقرأ.
س: يُقدم الصغير أم الكبير؟
الشيخ: إذا تساووا يُقدم الأكبر، كما في الحديث: «أكبرهم سنًّا» إذا تساووا في الصفات، فإن كان الصغير أكثر صفاتًا وأعلم بالسنة يُقدم الصغير.
س: إذا كانوا لا أحد يعرف أحوال الآخر، من هو الأقدم من هو الأقرأ، هل يُسأل من منكم الأقرأ، فيُقدم؟
الشيخ: نعم، ممكن، يُسأل، يُقال: يتقدم الأقرأ.
س: يا شيخ المرأة إذا قاتلت قتيل؟
الشيخ: المرأة لا تقاتل، والأمة لا تقاتل، ممنوع عنها القتال، ولا تباشر القتال.
س: إذا قتلت دفاعا عن نفسها؟
الشيخ: لا، ليس هذا السبب، [00:13:21] رمح، المرأة كما سبق، [00:13:25] كما قال الجمهور.